احصائيات

الردود
4

المشاهدات
3702
 
رغد نصيف
من آل منابر ثقافية

رغد نصيف is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
41

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Apr 2015

الاقامة

رقم العضوية
13769
04-11-2015, 11:10 PM
المشاركة 1
04-11-2015, 11:10 PM
المشاركة 1
افتراضي أحلام على حبال المشنقة

(أحلام على حبال المشنقة)
قصة حقيقة كتبتها تلبية لطلب من صاحبها، نزعة التغيير حفزته على أن يحتفظ بتجرته على ورق كي لا يكرر أخطائه و ليلثم جراح و يغير من حاله
القصة بتاريخ 2014
كُتبت بتاريخ شباط 2015



لها ما مد اليراع من شعر و أدب
لها حتى يفنى الحب في قلبي
لها بحجم الوجع المركون في روحي
لها بعدد الكوابيس التي تحاصرني
لها رغم الألم و الدموع
لها عند الفرح و السرور
لها قلبا و قالباً جمعا و تفصيلا
لها ثم لها و لها وحدها حبيبتي.

(1)
أحلام مؤجلة


كنت أملك حفنة أحلام مؤجلة إلى إشعار أخر!

الأيام كالرمل أخذت تنسحب من بين أناملي و أنا أراقبها عن قرب تُرى هل أملك كل شيء؟ أي شيء ربما ما أملكه.. و أنا في غمرة أفكاري التقت نظراتي بنظراتها الباحثة عن حب يغتسل بطهر الدمع يهديها شعاعا من أمل, هي الأمل و كل الشيء الذي كنت أتحدث عنه, معها تحدث المعجزات ينقلب قلبي جنياً يرتل شعره على مسامعها, و صوتي ساعي البريد, الأوصال التي جمعتنا ما أظنها ستقطع يوماً و أن بقعة منفية من هذه الأرض ستشهد حباً كحبنا, هي الحب.

هذا العام لم يكن عادياً و لم يمر كزائر قريب أنه غريب سيأخذ معه ذكريات سنوات من لقاء و حنين و أشواق جمعتها عِقداً أزين بها مخيلة حبيبتي, سأتركها مع السنة الأخيرة من دراستها التي اختارتها لأجلي لأنني طالب للفن, اختارت طريقاً يربطها بي على مدار اليوم فما أكتفت مني يوماً و لا أنا اكتفيت, في يومنا الأخير معاً و أنا أشارف على الحصول على نتيجتي, كنت مشغولاً بها أمشط معها طرقات الكُلية و أحدثها عن مستقبلنا المزهر وقتها ازدحمت الأفكار في عقلي الباطن و ما استطعت أن أخبرها أنها السعادة الأبدية و التفاصيل التي أحلم بها, يبدو على محياها الضجر إلا أن فرحتها بنجاحي طاغية جل ما أتمناه أن أغزل لها من وهج أحلامنا بيتاً زينته عطرها و كفى.


و أنا أوصد أخر أبواب الدراسة و أفتح نافذتي كي أطل على العالم الخارجي, بعيداً عن فرشاتي و ألواني عن كلماتي و أوراقي إلا أني لهول ما رأيت بعدها لم افتح هذه النافذة على أرض الوطن و سمائه. خلف النافذة لم يكن وطني بخير, يتألم بشدة يلقي بروحه على الطرقات تسحقه عجلات السيارات تمر من فوقه أقدام السفاحين و الضحايا و لا أحدهم يشعر بالأخر, كان أشبه بعجوز أولاده ينتظرون وفاته ليفوزوا بالورث الوفير, لم يكن في أيامه الأخيرة مرت به أيام أقسى, من العجب إنهم ينتظرون استسلامه, إلا يعلمون إذا ما مات الوطن شُرد شعبه!!


من المؤلم أن يفتح الرضيع عينيه على فقدان أمه, و هكذا أنا فقدت وطناً و أنا الذي أحضرت معي فرشاتي كي أرسم طائراً حراً, سرعان ما أصابه سهم الواقع و أدماه و لم يبقي في روحي ذرة أمل.


في الصوب الأخر أنتشر مرض حديث الظهور, إلا أنه نسخة مطورة من ترهيب قديم و أخذ يعيث فساداً بلا رقيب, لم يكن يفرق من منارة مسجد و أجراس كنيسة إلا أنه ثابت الخطى متمسك بهلال القبة ظناً منه أنه يُحسن عملا, لم يكن يعلم أنه ينتمي إلى مملكة الشيطان و زاده النار, و كمواطن عراقي كنت أحترق بتلك النيران لم تمس جسدي إلا إنها احتلت طباعي انزعاجي الدائم و رفضي للحال لم تكن باليد حيلة.
كلما خرجت إلى الشوارع سيرة واحدة تجمع الأهالي إلا و هي (تنظيم داعش) و جرائمه البشعة و تغلغله في صفوفنا الغير رصينة, مختصر يعز عليَّ ذكره (الدولة الإسلامية في العراق و الشام) غير أن في لغتنا العربية لا نملك اختصار جملة بأحرف بداية الكلمات أنه نظام له وجود في اللغة الإنكليزية و يا عجبي مما يحدث و سيحدث!!


ممتد بين أحلامي ناصعة البياض تحفها أزهار السلام, و بين واقع منسلخ من جنهم, عزمت الرحيل أن أرحل و لن أعود و قطعت وعداً جريئاً مؤلماً و فورياً, عزمت السفر إلى تركيا و أن تكون محطة لانتقالي إلى بلد أخر لعلني أرى فيه الحياة بيضاء كالثلوج زاهية كألوان قوس قزح.


حجزت التذكرة و حزمت أمتعتي غداً السفر, ليلتها لم أنمْ ألاف الأفكار أحاطتني من ذكريات الطفولة و ضحكات أصدقائي و رحلاتي مع أهلي, إلا أن حماساً غريباً يجتاحني لم يترك للحنين موضعاً يستغله و يطيل مكوثه بين ثنايا الروح, راحل و السلام.


ليلتها حدثت حبيبتي أخبرتها عن أشواقي, سافرنا بأحاديثنا عن أيامنا السابقة و وعدتها أننا سنكون معاً في واقع أجمل, يعز عليها فراقي عدة أيام بحجة السياحة في تركيا فماذا ستفعلين يا حبيبة لو أخبرتك بواقع الأمر و مغزاه, سأخبرك لاحقاً.


صباحاً ودعت أهلي و ذهبت إلى المطار, عدة ساعات من الانتظار مضت سريعاً و أنا هائم بأحلامي, وحده السفر يشعرك بالغربة التحول من حال إلى حال و كانت الطائرة المتجهة إلى تركيا ورقة الحظ بالنسبة لي, على أجنحتها علقت أمنيات عديدة و في عجلاتها سحقت حاضراً لا أتمناه لي و لحبيبتي كنتً أنانياً بعض الشيء بحق وطني, تركته خلفي يحتضر و لم أنظر أبدا, صوبت نظراتي إلى المستقبل.


حطت الطائرة و عيناني تشعان أملا أن القادم أجمل و كأنني وجدت ضالتي, إلا أن سلسلة الصدمات التي تأتي من حيث لا نحتسب هي أخبار القدر الذي نهرب منه فنجده ينتظرنا في الجهة الأخرى لا مهرب من العذاب, قدمت لجوء عن طريق منظمة اللاجئين و كان الرد قاسياً بقسوة الظروف التي أخرجتني من داري حددوا لي موعداً بعد 5 سنوات من الآن و أن أمكث في مدينه تدعى (سامسون) و أستقر إلى وقت إجراء المقابلة.


البدايات مزينة و مليئة بالحماس تتقبل التجربة و المجازفة (سامسون) منطقة ساحلية تطل على البحر الأسود ذات طبيعة جميلة أستقر وضعي مع عدة أشخاص سرعان ما حالت الظروف دون البقاء معهم.


أن تكذب و تثير الشكوك أعلم أنك تصاحب ناراً تفاجئك باحتراق بغير أوانه, حبيبتي اتصلت بي عدة مرات كنا لا نزال على وعد الحب إلا أن شكاً ما تسلل إلى قلبها هذه هي حبيبتي التي اخترتها كيف ظننت أن امراً يخصني يخفى عليها, مستمر في إخبارها أنني سائح هنا و الخلل في حجز تذكرة الطيران و أن الخطوط بين العراق و تركيا تعاني من وعكة لبرهة من الزمن ولا استطيع العودة الآن.




(2)
الرحيل إلى المجهول



وقتها استأجرت شقة مع صديق و عدة أشخاص, شاءت الظروف أن تطرق بالنا فكرة التهريب إلى أوربا بطريقة غير شريعة الطرق المختصرة تستهوي الهواة أمثالنا أصحاب الحماس, لماذا ننتظر و تضيع سنوات من أعمارنا, بدأت بالبحث في متصفحات الإنترنت عن أسماء المهربين و كيفية الوصول إليهم و إلى أين .


ها نحن نرتحل من سامسون إلى إسطنبول (بالباص).. خلال الطريق متعت نظري بالطبيعة بالظروف التي تحيط بنا, وطني ترابي المراس لا شيء من هذا القبيل يحدث فيه, كل شيء في العراق يبث الحُزن, لكنه حزن جميل أروع من الفرح نفسه.


و من محطة أخرى في اسطنبول حجزنا التذاكر إلى (أدرنه) المنطقة الحدودية بين بلغاريا و اليونان, أدرنه كانت غاية بالجمال تتراقص بين الحضارة و التجديد شيء منها أوحى لنا بحياة أخرى و نحن كنا نظنها في المنفى لم تكن جميع الحدود مهجورة كحدود وطني!, أحد الأشخاص معنا جاءه اتصال من عائلته يبلغه العودة شيء من الخوف و التوجس سكن قلبه و أرتحل في تلك اللحظة لم أكن اتأمل إلى أن أكمل هذه الطريق التي اخترتها.


أستقر بنا الأمر في البداية في رحاب فندق قديم جدرانه هشة و كأنه قطعة ستهوى إلى الأرض في أي لحظة, إلا أنه كان يجمع بين السوريين و المهربين الذي يرحلون الأشخاص إلى بلغاريا, اتصلت بوالدتي و أخبرتها أني بحاجة إلى 2500 دولار و أنني حصلت على فيزا رسمية إلى بلغاريا و ليس عن طريق التهريب , مضت عدة أيام و نحن مازلنا على قيد أن تصل عائلة ارتحلت قَبلنا إلا أنهم عادوا معذبين بسبب طبيعة الغابات و تم القبض عليهم من قبل الجيش البلغاري, قررنا بعدها أن نغير مسار رحلتنا الى السفر من خلال البحر عن طريق أزمير, رغم الخوف و الصعوبة إلا أن ما من طريق أخر كان لابد أن نكمل.


بعد أن وصلنا إلى أزمير كنت قد اتفقت مسبقا عن طريق الانترنت مع مهربين اثنين احدهم عراقي والأخر سوري لمواصلة رحلتي إلى اليونان فقابلت أولا المهرب العراقي وبعدها السوري وتم الاتفاق مع الأخير على السفر إلى اليونان عبر البحر أنا و الذين كانوا معي في هذه الرحلة و كان الاستعداد للسفر أن نحضر معنا حقيبة واحدة تحوي جميع أغراضنا أضافه إلى سترات نجاة, فطريق البحر صعب و يكفينا أن نصل بأرواحنا إلى الضفة الأخرى متخلين عن كل شيء.

وحده الانتظار كان له النصيب الأوفر في رحلتي العقيمة التي لم تلد لي فرحة إلى هذه الساعة مذبذب بين القلق و موت المشاعر التي كانت تربطني بحبيبتي, لا لم يكن موتاً كان شيئاً أخر قريب إلى الإهمال و الانشغال, و بعد عدة ساعات أخبرونا تم تأجيل الرحلة إلى يوم أخر, عدنا إلى الفندق و باتت الحياة مجرد فوضى لم أكن أنا ذاتي في تلك الأيام بل شخص محصور بين عملية التهريب و مستقبل مجهول. تم الاتفاق أن ننقل عن طريق (سيارات التكسي).. إلى النقطة القريبة من انطلاق القارب إلى جزيرة يونانية تدعى (كيوس), سارت بنا السيارات بطرق خطرة و سرعة فائقة و كنا على حافة الموت تارة و في منحدرات الحياة و أقساها ألما تارة أخرى.



(3)
البحر من أمامكم
و الظلمات خلفكم


ها نحن نصل إلى جبل و منعطف و كان علينا أن نغادر السيارات و ننزل راجلين في منحدر مخيف, حتى أن شاشة هاتفي تكسرت لأني انزلقت عند النزول من المنحدر نحو الأسفل إلا انه مازال على قيد العمل, أخبرونا أن نغلف أمتعتنا بأكياس كي لا تصاب بالبلل و تتلف, ثم أتت الصدمة أن القارب صغير جداً لا يستوعب أوزاننا, في البداية كنا جميعنا على متنه و يبدو أنه شارف على الغرق ما أن تجاوزنا العشرة أمتار حتى صوب نحونا ضوء قوي ظنناهم الشرطة عدنا من حيث انطلقنا, أتى أحد الذين صوبوا نحونا الضوء ورحل بالقارب ساورنا الشك و بعد أن أتصلنا بالمهرب أخبرنا أنهم لصوص ولا يعرفهم وكانوا قريبين عنا فأخبرنا أن علينا أن نحدثهم و نخبرهم أن بلادنا في حرب ونحن بحاجة هذا القارب, أعدنا القارب و انقسمنا إلى نصفين جماعة تنوي العودة و أخرى المضي قدماً, كنت من الماضين إلى المستقبل كيف لي أن أعود بعد كل هذا.


ما أن قررنا الذهاب بالقارب إلى وجهتنا, مضينا مئة متر ثم قام أحدهم بالضغط على مقبض البنزين لم يحتمل و توقفت الماكنة و توقفنا, ثم حاولنا أعادته للعمل إلا أنه ما لبث حتى أنقطع الخيط و معه قُطع الأمل عدنا نجذف إلى الضفة و استلقينا متعبين متألمين, فإذا بها الشرطة تأتي لتأخذنا, وقتها لم نكن نملك أنا و صديقي أي مستمسكات كنا قد أرسلناها سابقا إلى أهالينا في بغداد وكنت احمل فقط ورقة منظمة اللاجئين مزقتها و رميت بها بسبب خوفي من الشرطة وإنهم لو وجدوها معي سيقومون بحبسي ثم ترحيلي إلى العراق, وها أنا أخلو من كل شيء إلا حلمي.


أخذتنا الشرطة و كنت أعتبر الأمر عادياً, ثم حجزونا في سيارتهم وذهبوا يبحثوا عن المهربين وبعدها بمده زمنيه قليله أتوا ومعهم عدد من الأشخاص كانت لديهم نية الهرب إلى اليونان , قسمونا الشرطة إلى مجاميع واخذوا ينقلونا بسياراتهم وظننا أنهم سيأخذوننا إلى مركز الشرطة فسارت بنا السيارات و نقلونا إلى منطقة مقطوعة بعيده عن البحر و أخبرونا اننا سنمكث هنا حتى الصباح و ثم نعود إلى أزمير .

(4)
الغربة عجوز شمطاء
بذكريات ممسوخة



وقتها كنت غريبا عن نفسي و روحي لم أعد أنا أعرف من أنا و لا مرآتي ترى ذات الوجه التي اعتادته, روحي غريبة كل شيء غريب.


عند عودتنا إلى أزمير قررنا أن نستأجر غرفه في الفندق وان نرتاح بها من صعوبة اليوم الذي مضى .

عادت فكرة التهريب تنمو من جديد كغصن وليد لشجرة أحلامنا, أعدنا الاتفاق مع المهرب العراقي الذي قابلناه أول مره واخبرنا إن الرحلة ستنطلق في مساء اليوم التالي , وفي مساء اليوم التالي سارت بنا السيارات و الطريق لم تكن خطرة إلا إنني فَعلت (gps) برنامج للكشف عن الموضع الذي نحن فيه و النقاط القريبة منا و إذا بها اقرب جزيرة من نقطة الانطلاق هي جزيرة ساموس العسكرية (وهي جزيرة يونانيه عسكريه اخبرونا سابقا أن لا نذهب إليها لأنه يتم فيها الحبس لمده أسبوع أو أكثر للسورين, والعراقيين يتم حبسهم وترحيلهم إلى العراق أما باقي الجزر فتكون بلا حبس ). أتصلنا بالمهرب فأنكر إننا متجهون إلى جزيرة ساموس واخبرنا أننا متجهون إلى جزيرة أخرى.


أكملنا طريقنا مشياً في الظلام و ما بين صعود و نزول و منحدرات و هناك أدركنا إننا فعلا متوجهون إلى جزيرة ساموس فقررنا أن نعود أدراجنا إلا أن جماعه المهرب قاموا بتهديدنا تحت السلاح واخبرونا أننا ذاهبون إلى جزيرة أخرى وسنمكث فيها 4 أيام ولن نطيل المكوث فلم يكن أمامنا إلا المضي قدمنا .


قبل أن ابدأ هذه المرحلة أخبرت حبيبتي بحقيقة الأمراثقلتها الدموع و أنقلب قلبي إلى ملجئ للألم و كأن السماء أمطرت هماً كل شيء شاحب صوتها و حالتي إلا أني أخبرتها إن القادم أفضل و كل ما أفعله من أجلنا و حبنا يستحق كل هذا يستحق روحي مقابلاً له و لها.


كانت الرحلة إلى ساموس مخيفه و دب شيء من الرعب في الأرواح , الخطة كالأتي قارب يتم ملئه بالهواء طوله 7م مكون من 12 حجره وكان عددنا 45 شخص وكان من ضمن الأشخاص نساء وأطفال ويكون السائق شخص من بيننا اخبرنا المهرب عندما نصل إلى المياه الإقليمية اليونانية (ويكون دخولها بعد انطلاقنا بساعة ونصف الساعة ) علينا بثقب الحجرتين من أمام القارب كي يوحى مشهد غرقنا للخفر في المياه الإقليمية اليونانية وحينها ينقلونا إلى اليونان دون أن يقوموا بسحبنا وإرجاعنا إلى الإقليم التركي وتسليمنا إلى خفر السواحل التركي عندما يكون القارب سليم .


البحر يبكي الصخر أن تلاطم أمواجه و عبثه شقي و متعب, أخذنا بسبب شده الظلام وانعكاس أضواء النجوم في البحر نرى أشباحاً, و كأنه البحر خارج الزمن و الحقائق يصور لنا من الحياة اموراً لا تشبه واقعها بين بيوت قائمة عل سراب و جبال صخرية تحدق بنا و سفن أمامنا من العدم, البحر يثير الجنون و به لوعة الضياع.


رحلة كهذه كانت خارج حدود المعقول أنها في حسبان الكوابيس و تلك الأفلام التي إستهوت أصحاب القلوب القوية, وقتها كنت أنا لا اسلم أمري لعيني خدعتني هي الأخرى الكون يتآمر عليَّ, لماذا يحدث كل هذا!


بعد ساعتين من انطلاق القارب رأينا من بعيد شئ يقترب نحونا واختلط الأمر علينا هل هو حقيقة أم سراب شاهدنا وأدركنا إن شيئاً ما يقترب منا أكثر فأكثر و اذا به (بارجة عسكرية يونانية) والأخرى قارب سريع وهو (خفر يوناني) أصبح صراع داخلي يعتمل في أعماقنا بين مؤيد لثقب القارب وبين معارض له , بين عويل النساء و صراخ الأطفال فاقوا البحر بصخبه, قمنا بثقب أغلب الحجرات وكان أكثر مما يتطلب لتمثيل الغرق فقام القارب بالغرق وأصبح البحر يتلاعب بنا بأمواجه و كنا على وشك الغرق والموت بردا وكان وقت الغرق مع بداية ظهور خيوط الفجر .


و أنا يا حسرتي على حالي بين البرد و عمق البحر و التساؤلات و العبث بالأقدار محاط بعواقب وخيمة بمفردات غريبة و بأيام لم أعد لها كل شيء بل عبث بروحي و أوهمتني حتى الأيام التي كنت أنتظرها وجدتها تنتظرني مع هجران جميل.


وصل خفر وكان يحوم حولنا واخذوا يلتقطون لنا الصور, كنت عائما فوق البحر أستقبل الحزن غرقاً و موتاً متشبثاً بغصن ممتد صَورَ لي حياة وردية حينما رأيت العلم اليوناني على قارب خفر السواحل يقربني خطوة نحو حلمي المجهول, حملوا بعدها النساء أولا و الأطفال ثم نحن وأخذونا إلى الجزيرة و في مركز الشرطة تأكدنا أننا على جزيرة ساموس وكانت صدمة موجعة و لا نعلم ما هي الخطوة القادمة ترى هل من خطوة أخرى أم أن الحلم انتهى؟!



(5)
المقابلات مصير أخر


و هم يجهزونا للمقابلة لم أكن أعلم هل هم يجردونا من كل شئ إلا من هوية سأسرقها مستقبلاً, أخذوا الأحزمة و الحقائب والهواتف و كل ما يخصنا كنت لا املك إلا رقماً شاءت الأقدار أن يكون (26) و صديقي رقمه (25) .


المقابلة لغرض فصل المواطن السوري عن غيره, و أخبروني أشخاص أن أدعي أني من (دير الزور) منطقة سورية لهجتها قريبة من لهجتنا العراقية و استحالت الأمور لتستقر أن المقابلة ستتم مع عراقية فتاة دون الثلاث عقود وتأملت فيها الخير, دعوت الله أن يحنن قلبها و تنقذني بل تنقلني إلى مرحلة أخرى.


المقابلة كانت معها تطرح الأسئلة و سقطتُ في الفخ بين لهجة مصرية لأني عشت فتره في مصر وأخرى عراقية ثم ادعاء أني سوري الجنسية, كشفت أمري إلا أن دعواتي استجابت رغم أن كان معها شخص أمريكي يقيم الوضع و لحسن حظي ختمت أسمي بلقب (سوري) و مرت هذه المرحلة على سلام إلى حد ما.



السجون حقيقة الأفلام أخذونا إلى منطقة أخرى و فيها سجن, لم أكن أعلم أن حريتي ستصادر هكذا يا وجع الأيام, سجن يتسع ل 200 سجين و حمل في جوفه 800 كيف له استيعاب كل هذه الأنفاس و الأحزان ما تفطرت جدرانه, ألم يحن قلب أصحابه على كُتل اللحم التي تملأ المكان, لكنه مروض على تقبل الأخر مجرد من المشاعر لو كان له قلب لنبض لأولائك الذين ملئوا جدرانه بالأماني و الأشعار, يحوي على أناس من أقطار شتى أفغانستان و إيران و باكستان و الأغلبية من سوريا. مستلقين على الأرض الخارجية ما من مكان يحتويهم و يستوعب أحزانهم الكُبرى, ترى إلى أين سيأخذهم القدر و أنا ماذا أفعل, البرد تسلل إلى عظامي لم أرتد شيئا يقيني كل هذا و حقيبتي أبتلعها البحر, الأكثر هماً الطعام الذي لا يثبت في الجوف أنه أقل من أن نأكل و أكبر من أن ندعي التعفف, كنا بين ضالتين.


عندما يصبح سماع صوت الأحبة مقيد , تدرك ما هي الحرية في السجن كانت هنالك قاطعين في داخل كل منهما هاتف, اتصلت بحبيبتي و كأن نبضة فرح عادت تسري في قلبها و قلبي طمأنتها و طلبت هاتف أهلي فهاتفي في حوزتهم الان, و كان لابد أن أطمئن عليهم و هكذا أخبرتهم أنني في اليونان و كل شيء بخير.




الأيام في السجن ضيقة مؤلمة و قصيرة مدى طويلة عمر إنها اقرب إلى المرض البطيء في الجسد السليم تفتك به رويدا حتى تسقطه أرضا, أخذ الوقت ينهش في ذاكرتي يعيث فوضى في روحي كل شيء ضدي المكان و الزمان و أصبحت أتحرك كالدمى وفق أوامر تذكر, بعض الأسماء كانت لها حصة وفيرة من الحرية عندما تنطق ثم ينقلون إلى الميناء يبتاعون تذكرة إلى أثنا, حلما هذا كان يراودني و حاجتي إلى الحرية تتضخم.

حان وقت العشاء و معه حدث أمر مريب علمنا فيما بعد أن إيرانيين يدعون أنهم من الأفغان وقد كشف أمرهم فحاولوا الهرب , اليونان لم تكن سوى نقطة عبور جسر الأحلام و وقت استراحة قصير جداً مقارنة بأعمارنا و الاحلام, تمنح إقامة 6 أشهر للسوري و شهر للأفغاني أما العراقي فلا مأوى له سوى العودة إلى الوطن هكذا تحتم الحكومة العراقية و تفرض.



في الليل كانت الحياة تبدو أكثر طرافة وجهها السمح يتصور في ملامح البائسين أمثالنا كانت العاطفة تنمو على أنغام الغناء و أصوات كلها شجن تغني للفرح, ترى أي فرح هذا إلا أنه الزمن كنا نعاتبه و نحتال عليه حتى ينقضي, كنا نثير الصخب في السجن حتى يلفظنا كلمة حرة خارج قضبانه, أخبرونا أن لا نحتج على سوء المعاملة, ظنوا غنائنا احتجاج!! جل ما كان يثير أعصابي و يرهقني بوجود المقابلة الثانية التي تثبت أنني سوري أم عراقي, من الوجع أن تكون جل أمنياتك أن تتخلص من هويتك و كأنها نقمة و كأنها الشيء البخس الذي يربطك بعالم لا تريده لا هو و لا تفاصيله, هنالك شخص كحالتي و تم كشفه و قيل أن الأسئلة على مستوى من الصعوبة أنهم يسألون عن خريطة سوريا و النشيد و المناطق أخذ قلبي ينبض بسرعة و كلي مضطرب لم أكن مستعداً للعودة وكانت مرّ على حبسي 4 أيام.


(6)
يحدث أن تأتي المعجزة عاجزة عن تحقيق أمنياتنا


في اليوم التالي ذاعوا أسمائنا و غرقنا أنا و صديقي وعدد من الأشخاص في أمواج الفرح لا نعرف كيف سنمارس حرياتنا و كيف سيغدو الغد أجمل, أخذتنا سيارات الشرطة وكان وقت الغروب إلى الميناء و كل ظننا أننا سنبحر إلى أثنا أحرار .

يالها من رحلة منكوبة وجدت نفسي على ظهر (بارجة عسكرية) و كأنني أحلم كل شيء من حولي تلاشى لماذا يحدث كل هذا! جميع المجاميع الذين سبقونا محجوزين هنا على متن باخرة كبيرة مع أناس بأجسام ضخمة و أسلحة و نحن لا حول و لا قوة لنا .

ربطوا أيدينا بأيدِ أخرى و لم أكن أملك إلا الامتثال, رفيقي في هذه الرحلة مواطن أفغاني كنا نتقاسم الوجع أم نضاعفه لا أعلم فشعوري قابل للتأويل و كأنه أحجية أو كابوس حل عليّ في ليلة سوداء, جثونا على الأرض و لم تكن رحيمة كأم رؤوم اليوم هي مجرد قطعة صلبة كقلوب من عليها و باردة جداً كأن الحديد تصلب عمقه و أصبح وجوده عديم الرحمة بنا, ما ضرني أن الأفغاني كثير الاستعمال للحمام تبدو عليه أثار مرض السُكري, و الحمامات كانت لا تقل سوء عن كل هذا, متنقلة و كان علي أن أنتظره في كل مرة فهو رفيقي في هذه الرحلة. رفيقي لم يطل الانتظار حتى وضع حذائه تحت رأسه و أتخذه فراشا له, أما أنا أخذت أكابر و أتحايل على المكان و الظرف قاومت الوقت إلا أنني مرهق حد الهلاك كان لابد لي استند على شيء و أن كان مجرد حذاء, ما أن وضعته حتى شعرت أن جسدي رمى بثقله على شيء ما, وقتها كانت أحذيتنا أكثر رأفة بنا من جميع الدول الأوربية و حقوق الإنسان التي لم أذق طعمها لا في وطني و لا هنا, يبدو أنها مجرد فاصل أعلاني ممول سرعان ما يذهب مفعوله و تترك لنا الوحشة تنهش في مخيلتنا و حياتنا الكثير.


سرقتني الأفكار هي الأخرى تتآمر على قلبي و روحي التي أختل توازنها و بدأت تتساقط كأوراق الخريف أمنياتنا كانت الصورة الأخرى لروحي و خسرت الاثنين معاً, خسرت نفسي في كل مرحلة تركت جزء مني يرتاع في حقول الموت حتى فنى و نفيت.


الأسئلة كثيرة إلى أين ماذا يحدث و ما الزمن الذي قضيناه و سنقضيه هنا, فككنا اسر أيدينا دون علمهم شيء من الحرية لامس قلبي و استقر في روحي الفقيرة لكل شيء.

بعد رحلة طويلة لا نعلم سببها و لا نتائجها وصلنا بحدود الغروب, ثم نقلونا بسيارات للشرطة, كأقفاص أحاطت بنا من كل جانب لا نسمع سوى صفير الإنذار و سيارات تعدو خلف بعضها و نحن كمجرمين حق عليهم عذاب السجن و كأننا ارتكبنا جميع معاصي أهل الأرض, و كنت المجرم بحق نفسي و سيد القرار الذي جعلني استقر في هكذا وضع مريب. المناطق المهجورة نفحات من حرية مفقودة في منطقة شبه مهجورة و على أرض مزينة بالحصى أمرونا أن نجلس عليها ما أوجع أن تأمر بالعذاب ثم تنفذ خوفاً من عذاب أخر حتى أنت تجهله, ثم علمنا أننا في أثينا و علينا الانتظار.. ترى ماذا ننتظر؟!


,,وَ أَتَكحلُ بِكَ لأنكَ عَزائيَ الأَسودْ,!!

https://www.facebook.com/pages/Ragha...5084772?ref=hl
قديم 04-11-2015, 11:12 PM
المشاركة 2
رغد نصيف
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي

(7)
تلك مأساة أوجع من أختاها!!


نسأل و تنهال الإجابة كضربة قاضية تلقي بأحلامنا تحت أقدام القدر و نفقدها تباعاً, أخبرونا أننا سنمكث في سجن مخصص للمهاجرين غير الشرعيين و أن المدة ليست بقصيرة, وقتها لم نستوعب أقوالهم أعيانا الطريق بصعوباته و ألامه كنت بحاجة إلى راحة طويلة ثم أتكفل بالتفكير يبدو الأمر يتخذ طريقاً لم أسلكها من قبل و لم أخطط لها.


وزعونا على غرف كل غرفة تحمل في جوفها 4 أشخاص, كنا أنا و وصديقي و شخصين من باكستان, أعارني أحدهم ملابسه و فرحت بها رغم أني لم أرتدي غير ما يخصني كان زياً باكستاني عريضاً و بدوت بغير هيئة, في هذه الرحلة انتحلت عدة شخصيات لقد زرت مدنا و تعرفت بالكثير منهم من الهنود و الباكستانيين منهم من قضى 10 أشهر هنا أقل و أكثر, لكن إلى أين! ما هو مصيرنا يا ترى! وقتها أدركت إني سقطت في فخ و أن أحدهم سيشعل النار و يحرق مصيري و معه أحلامي على رأسها حبيبتي التي شعرت بفقداني لها, اتصلت بها وحدثتها عن مصيري هي بثت الهدوء حاولت جعلي أتقبل الأمر إلا أنها كانت في طور الصدمة و لم نكن على قيد الخير كان الخير بعيد لا جلبه صباح و لا رايته قريب.


بدأت أتعرف على السجناء و أغلب السوريين اتفقوا على رأي واحد أن بغضون أسبوع سنخرج كنت أدور كبندول بين كل هذه الاحتمالات, و عشت بعض الأيام كي اقتل الوقت لعبت الورق و بارزت بطل الشطرنج النيجيري كما ينادونه و بالتأكيد خسرت, تقبل الخسارة بات أمرا سهلاً.

مرَّ أسبوع ولم يحدث شي , وكأننا قطعة أثاث قديمة مرمية على الطرقات ولا يلاحظها احد , تذكرنا منظمة اللاجئين كانت قد ألقت على مسامعنا محاضرة في ساموس و أن احتجنا إلى شيء أن نتصل بهم تحدث معهم أحدنا واخبرونا أن نوكل محامي لنا, كان معنا شخص موكل أمره إلى محامي و ما لبث حتى خرج, و كنا نريد أن نتصل بالمحامي ذاته ليخرجنا من هذه الفوضى و اتفقنا معه خاصة أنا كنت أخشى المقابلة, اخبرني أنه سيساعدني. الذكريات عدوتي أصبحت أتذكر أيامي صور حبيبتي ابتسامتها و أحاديثنا, أهلي, حنين أمي و اجتماع الأقارب كانت طيوفهم تحوم حولي و تخنقني تطالبني العودة, آه يا وطني لمَ كل هذا العناء لو كان فيك الخير الكثير لكنت الآن أتجول في شوارعك, اشتقت لكل شيء لرغيف الخبز للتراب في وطني.

مرت أيام و لم يأتي خبر من المحامي و لا أي خبر, قررنا الاعتصام أننا لن نبقى هنا طويلاً في البداية لم التزم لكنني ألتزمت أخيراً و هم أيضا أخبرونا أن لقاءاتنا ستتم, لا يحق لهم حجز السوريين بسبب الحرب و كنت عراقي إذا علموا بجنسيتي سأغرق في السجن 45 يوم ثم أعود خالي الشعور إلى الوطن يا لها من عودة مشئومة.

(8)
الأخبار السيئة تأتي مسرعة



على حافة الهاوية المقابلة كانت الكابوس الأكبر الذي يهددني في هذه الفترة, الأخبار السيئة تأتي مسرعة و هكذا علمت أننا سنقابل شخص سوري صعب كثير الأسئلة و يدقق كثيراً يسأل عن الشوارع الأزقة, المدارس و المستشفيات وأنا لم أكن أعلم شيئاً , اتصلت بالمحامي لأعلمه بموضوع المقابلة فقام بنقض الاتفاق بعد أن تسلم أتعابه ثم تمركزت دائرة اليأس .

الاختبار ذكاء و أنا كفيل بيه, كنت أمام طريقين بعد ان تم تغير السوري في اليوم التالي وكانت المقابلة مع المصرية أو الرجل الروماني إلا أنني لم أفكر كثيراً حتى اخترت المصرية لما رأيته أن الجانب الأخر متشدد, حدث ما أزاح ارتباكي تشاجرت مع فلسطيني قبل المقابلة, اسود الكون في وجهي و قلت فليحدث ما يحدث. ما إن رأتني حتى قالت لي أنني لست بسوري استندت على الملفات السابقة أخبرتها و كيف علمتِ بهذا! أخبرتني أن أختار أي بلد أخر و أخبرتها كيف أبيع وطني, لامبالاتي المفرطة أقنعت حتى المحلل الذي يجلس بجانبها, أصبحت اكذب, أخبرتها إنني درست الفنون في مصر ثم قررت السفر إلى تركيا
-لماذا لم تدرس في العراق أو لبنان؟
-مصر أم الدنيا و الفن
و أخبرتها عن بعض الأماكن لا يعرفها إلا من توغل في شوارع مصر و كان منها, استفسرت عن المستمسكات أخبرتها أنها في حضرة البحر و لم أعد أملكها

-مع من كنت تسكن؟ (قالت)
-أسكن في شقة مع أصدقائي سوريين (أجبت)

ثم أخذت أدون معلومات عني أني سوري من دير الزور كتبت بعض الأسماء الوهمية مثل شوارع ومستشفيات في دير الزور مع لامبالاة مفرطة حتى و هي تكتب أسمي أخبرتها أن هنالك حرفاً ناقصاً في نهاية الكلمة, ختامها أني سوري و من دير الزور.

خرجت و قلبي يتطاير فرحاً, انجاز عظيم قمت بيه كل هذا و وصديقي مازال في الداخل يبدو أن الروماني كشفه لم يتعرف إلى أي المعلومات حتى النشيد الوطني السوري مع أنه أقام هناك لمدة! مرت الأيام عجاف لا مطر لا الأمل تساقط و لا أنا رأيت ثثباً من النور أبصر من خلاله, حتى أتى خبر بان 12 منا سيتنفسون الصعداء و كنت منهم و اسم صديقي لم يكن موجوداً, ودعته و أخبرته أنه سيخرج قريباً حصلت على أغراضي و إقامة الستة أشهر و زففت الأخبار إلى حبيبتي و أهلي.




أخيرا أنا خارج القضبان لي القدرة على أن أتنفس الهواء بالكمية التي أرغب, أن أغمض عيني و افتحها و السماء السقفي أن اطلب طعاما من الشارع أن أتحدث بلا قيود بلا أوامر, كل شيء قابل للتعويض إلا الحرية إذا اختصرت بحجرة تفتك بالروح و تلقي بها في غياهب الشرود البعيد فتغدو بلا إنسانية, السجون اختراع بشري قاسي.

الشوارع هنا تتسم بالحياة تلك الحياة التي لم أراه في وطني الحب هنا علني, الأزقة مشرعة على الشمس لا شيء يحجب الجمال, غلف السجن مخيلتي باتت النبتات الأرضية تثير في فكري التساؤل!



(9)
هروب أخر


طريق برية تستقبلنا و أخرى عن طريق البحر و أنا بدأت أتحمس اتفقنا مع مهرب جزائري, قضيت ثلاث أيام في حضرة أثينا أتجول في شوارعها استشعر وجودي فيها إلا أنها كانت عجوز تسارعت الأمراض إلى الفوز بها, بين أصحاب الهوى و المخدرات كانت تحتضر حتى بدت لي أبنيتها مهددة بالسقوط في أي لحظة أن تنهار هذه المدينة بمن فيها ذات غضب و تنقلب سعيراً على أصحابها.


بدأت رحلتنا بعد الثلاث أيام العصر تم الحجز بالقطار إلى منطقة تدعى سالونيك تبعد مسافة 600 كيلو عن أثينا بالقرب من الحدود المقدونيا وكان عددنا تقريبا 20 نفراً وكانت هناك رجلا سوريا وزوجته معنا, تحضرنا واجتمعنا الساعة 12 ليلا وانطلق القطار إلى سالونيك القطار كان يضج بنا نحن و السوريين و القلة من اليونان أعيانا السفر بات الوحش القاتل الذي يتناولنا ذات صباح و مساء كوجبة سريعة لغول كبير, لم أعد أحتمل الصور و التنقل و الوجوه الجديدة غربتي كانت بلا حدود لا وطن يحتضنني لا مستقبل ينتظرني بدأت أتشبث بأخر خيوط الأمل قطعت وعداً لنفسي أنني سأصل, وصلنا إلى سالونيك الساعة 6 فجرا وحجزنا في فندق لغاية الساعة 12 ,اتصل بنا المهرب لنجهز أنفسنا ونذهب إلى محطة الباص لننتقل إلى قرية تبعد عن الحدود 30 كيلو وصلنا إلى القرية الساعة الثالثة ظهراً وبدأ مشوار التهريب.


علينا أن نقطع مسافة 30 كم و أكثر إلى الحدود مشيا وبعدها ينقلنا المهرب إلى داخل مقدونيا عبر السيارة ثم نكمل طريقنا راجلين و المبلغ لهذه المهمة 1500 يوروا.


أي شجاعة تدفعك لفعل كل هذا, رحلة على ألواح خشبية منفصلة تربطها خيوط العنكبوت و أمالنا و كان لها أن تسقطنا في أي لحظة و نسلم أرواحنا للموت الذي ينتظرنا في القرب ما يسبقها سرنا على طريق من الحصا سكة قطار كانت ترحب بنا كنا مجرد عابري سبيل و السبيل مفقود مفقود.

بعد إن قطعنا هذه المسافة وأصبحنا على الحدود المقدونيا , حلت علينا غيمة الشرطة المقدونية و تناثرنا كأخر حبات لؤلؤ يربطها خيط رفيع لا يحتمل العناء, ثم فشلنا للمرة التي لم أعدها .

ها أنا اعبر البحور و أضغط على قلبي فأعصره ألما من أجلك حبيبتي يحدث أن أحدث روحي بلا صوت فقط أخبر أعماقي أني لا افعل هذا من أجلي فقط أنه قلب حي و أوصال المحبة مرتبطة بيه .

عدد من المجموعة لم يعودوا و نحن قررنا أن نبيت في الغابة أن نأخذ باص إلى عاصمة مقدونيا في اليوم التالي و هناك لن يستطيعوا أن يعيدونا إلى الحدود اليونانية سنكون بخير, فقدت حقيبتي و أنا أركض عندما ظهرت الشرطة قررت أن أعيدها في اليوم التالي أنا و رفيقي في هذه الرحلة حدث أن نقرر السير في طريق لعله الطريق السليم و أخذنا نعبر طرقاً منها تعود للنفايات و أخرى عادية حتى أستقر بنا الوضع على طريق سريع فمشنا مسافة 50 كيلو متر فوصلنا إلى محطة وقود هناك قررنا أن نبيت من شدة الإعياء و التعب والبرد, و قررنا أن نتخذ المرافق الصحية ملجأً فرشنا الأرض بالمناديل البيضاء و قضينا ليلة لم أكن نفسي سأهبط إلى هذا المستوى لقد رأيت الجحيم.

في الصباح كان علينا العودة إلى البداية من شده التعب سلمنا أنفسنا إلى الشرطة المقدونيا و أرجعونا إلى الحدود و كأنها الطرق تدور بنا ما بالها الأيام تعادينا, عدنا إلى أصدقائنا و أخبرناهم أنا كنا في قبضة الشرطة, استقلنا قطار إلى سالونك ثم اثنا و شقة أستقر فيها 9 من الأشخاص و أنا, قررت أن أتخذ طريقاً أخر و أتفق مع مهرب أخر عن طريق ألبانيا, و كان علي أن أقطع طريقا في الباص إلى منطقة تدعى أنينا, حتى الطقس بدأ يعبر عن غضبه أن الدنيا كانت لعنة على من هم أمثالي كل شيء كان ضدي حتى خرج لي صوت حبيبتي من سماعة الهاتف و تشكلت أمامي حورية من البحار الأسطورية وقتها سافرنا مع الحب رحلة أنعشت حواسي و خلقت لي عالماً وردياً كفيلاً بالعيش.

(10)
مجزرة جماعية و لا موت مَنسي


الوضع المريب أجبرني على العودة إلى أثينا لا قدرة لي على السير في طريق وحدي, مجزرة جماعية و لا موت مَنسي. طريقة أخرى لعلها تنفع, قررنا أن نرحل عن طريق العجلات الهوائية أنا و من معي ابتعناها من أول منطقة في مقدونيا بعد أن عاودنا الطريق مشيا إلى حدود مقدونيا و انطلقنا متفرقين قطعنا طريقاً و مررنا بقرية ومشتنا لمده 5 ساعات ثم ما لبثنا نلتقط أنفاسنا حتى جاورتنا سيارة شرطة تحمل في صندوقها اثنين من الذين كانوا معي يبدو أنهم مروا بمحطة وقود لشراء الماء و تم التبليغ عنهم, لم تسعفني أي حسرة أني أحترق, أحترق هما و جوعاً وخوفاً و قلة حيلة.


الوطن نعمة ندركها عند فقدانها و هذا ما حدث معي أنا الذي خرجت طوعاً, أخذني الشوق إلى دهاليز الذاكرة ها أنا أطوف زقاقاً جمعني بأصحابي و هذه مائدة تعود لأهلي و هذه الابتسامة تعود لحبيبتي كل شيء في عراقي كان جميلاً و لسوء الحظ كان غائباً عن بصري إلا أنني أراه الآن جيداً و كأنني أعيشه لحظة بلحظة.

لنعاود المحاولة, و هكذا كانت الخطة أن نرحل من جديد و راجلين من اثينا بدأ يهاجمني التعب قدماي انزلقت لم تعودان لي, كل شيء فيَّ يصرخ بألم, كنت وحيداً في عين نفسي و العالم أنا وحيد بقيود الوجع على أبواب المرض, حتى أنني تجرأت و أخذت سيجارة من رفيق لي (من الحشيش) مادة مخدرة لعلها تسرق الألم لعلني أفقد شعوري بكل شيء, قررنا أن نستقر في الغابة التي تضج بالحياة مدينة مصغرة و كأنها لعبة و لم أعلم من كان يتحكم بهم إلا أنه القدر لم يكن في صوبي لقد تلاعب بي أيضا. كانت رحلة غريبة في حضرة الغابة و الشرطة وحوش تفترسنا تهدد مصيرنا ما لبثوا حتى فرقوا جمعنا و عدنا لنكمل الطريق حتى أستقر بنا الأمر إلى العودة و فقدنا جزء من أموالنا, رافقني الحظ السيئ يبدو أنه أصبح قريني.

(11)

نيرانُك يابلادي اروعُ من جنات الخلود
فٓفيك رآيتُ الحزنٓ و الفرحٓ و الاملٓ الموعود
فكيفٓ هٓجرتُك وٓعذابُك اجملُ من دول اللجُوء

#صفاء

ها هي قواي تخونني ككل شيء حتى حبيبتي تغيرت نبرة صوتها و أحاديثها يبدو أنها ممتعضة جداً لا بأس سنجتمع و سأحمل معي الرضا, اتصلت بأهلي بالأصحاب و كم اشتهيت عودة تلثم الجراح التي خلفتها في روحي هذه الرحلة, و اتخذت قرار العودة بعد أن خارت قواي كي لا أفقد نفسي حتى أخر رمق.

زرت السفارة العراقية هناك و جميع مستمسكاتِ كانت بين يدي بعد أن بلغت أهلي, و قررت أن أطير إلى اسطنبول ثم العراق.


آه يا وطني ما أعذبك في طريق العودة كان الخيال رفيقي يجلس بجانبي و يبتسم لي ابتسامات متقطعة كنت قد أبحرت في النعيم الذي ينتظرني بين أهلي و حبيبتي ما من فراق أخر و لا غربة تجهض ليال الفرح.


أعددت مفاجأة فحصلت على فاجعة, اتصلت بحبيبتي ما أن وصلت إلى البيت و كان الرد "حمداً لله انك بخير اطمئن قلبي عليك و أرجوك أن لا تتصل مرة أخرى" !! اصطفت علامات التعجب يتلوها الاستفهام من أجلك فعلت كل هذا, من أجلكِ فقط أنا في حالي هذا يبكيني الصخر تعانقني الأرواح الميتة, سرعان ما غادرت روحي مع كلماتها لقد سحقتني في لحظة واحدة.

بعد فترة وجيزة علمت بأمر خطبتها, لم أكن أملك القوة إلا أن ازلل ذاتي و أغلق المنافذ لم يعد يهمني ليل و لا نهار, كل شيء بات روتيناً مملاً و كل الناس أعدائي بعد أن رحلت حبيبتي من سيكون رحيماً بي و يا وجع أيامي بعدكِ, رحلتِ مخلفة في روحي حطام سنوات من عشق لقد كانت مملكة قائمة على عطرك تبثين فيها الحياة الآن تسكنها خفافيش الظلام, السواد يليق بك حبيبتي الألم يليق بي و نلتقي في كابوس تغادريني أنتحب و أسقط أرضا أنني أحتضر, ليته البحر نال من أنفاسي ليتني أوجعت قلبكِ و بات الأمر عادياً و اختاري أي حياة بعدي, لعله البحر بأمواجه و البر بتلاله و خطورته أرحم من فعلكِ الذي اهتز له كياني, إني أحتضر اليوم و كل يوم أنني مازلت على قيد حبك إلا إنني في طريقي إلى النسيان, أعبر ذات الطريق الذي تعبرين.



(12)
لا شيء

القدر لم يكن دوماً عازفاً على وتر الحُلم الذي يطوقنا بل أغلبه كان كافراً بنا و كأننا لا شيء يذكر و أن جل دعواتنا هباء منثورا، و الكثير من الأمال لم تكن سوى كذبة كل يوم و زاد فشلنا الا أننا لا نرى الا على نطاق ضيق جداً لا يتقبل أن الحائط فيه باب ما يتسلل منه النور و تعبر من خلاله وصايا الخير.


هي لم تكن ملاكاً بل فطرتي هي الملاك صدقي زين لي رؤية اخرى بعيدة عن الواقع، بعد رحيلي عنها يبدو أن الضجر طوقها فأتخذت غيري خليلاً ما أوجع أن تُستبدل بأخر و أنت بمرتبة حبيب! الا أنها لم تكن سوى كذبة صالحة للكفر بها حتى اصبح نسيانها واجب.


ها أنا أقترب منها أنوي أن أخطفها من فكي الخوف الا أنها كانت ترتحل الى جوف الحوت و لم تعترف انها كانت من الظالمين، كل شيء بائس قوة تمسكي و أفلاتها لحبل الوصل.


وجدتني هستيريا تقتحم قاعتها تخبرها أنها كاذبة، ترى لماذا نخبر الكاذبين بكذبهم نحن نتخلص منهم و من ذنوبهم لا تقوى أرواحنا على أن تحمل أوزارهم، و بصوت جهور أخبرتها أنني على علم أنها كانت مأساتي بصور عديدة و أنا اريدها و لا أحصل عليها و أنا لا اريدها ما تركتني الا و أنا قوي جداً، ها هو القدر يثبت بصمته في قصتي و كأنني أبنه اليتيم يظهر و يختفي كشبح في حُلم.


من السخرية أن أشعر بالسعادة اليوم بعد أن علمت أنكِ كذبت على قلبي و أنتِ تخبريني أن ابتعد خوفاً من اهلك و أنت تتخذين غيري خليلاً فقط بسبب وصية صديقتكِ، من الألم أن تدافعي عنه و أنا الذي أفنيت العمر من اجلكِ، من القُبح أن تشتكي لدى ادارة الكُلية التي تجمعنا.


ها أنا اليوم اقلب عليكِ الكون و أدعكِ ترتجفين بين كفتي العدل، و ها أنت لا تتكلمين الا قليلاً لا تملكين البرهان و أنا قابلتك ببهتان كنت قد زرعت لك شجرة كاذبة تخبرك أن لدي مستندات أني سأقلب الكون على راسك و لغباء الموقف أنت صدقتني ها هو الكذب ينقلب على الكاذب و ها أنا أخرج بكامل أمالي، ها أنت تعتذرين ما أروع نظرة الانكسار في عينيكِ الا انها لا تفي بالغرض لا تضاهي الفاجعة التي اصابتني بسببك و من اجلك، أنا من أخبرتكِ ان نسيانكِ مستحيل و كوني من بعدكِ لا شيء أصبحت اليوم شخصاً أخر جعلكِ درساً قابلاً للتصفح أن يتعلم منه القوم حكمة و ها أنا اخرج من جرحي لأرى النور من جديد و لحسن الحظ أنني لم أعبر تلك البحار السبع و اصل الى الضفة الاخر أتعلمين ما كان ليحصل سأصل بمفردي و أنتِ هنا تشعرين بالسعادة سأعتصر الماً بعيداً عن أهلي و أصحابي لكنني اليوم معهم و ها أنتِ خارج قوس خارج قلب في قبضة قدر اؤمن بقوته و حسنه.

,,وَ أَتَكحلُ بِكَ لأنكَ عَزائيَ الأَسودْ,!!

https://www.facebook.com/pages/Ragha...5084772?ref=hl
قديم 04-13-2015, 09:56 AM
المشاركة 3
عبير المعموري
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
تحية طيبة أ.رغد
قرأتها حتى النهاية ..سرد شدني حتى السطر الاخير...
كلنا نعيش هذا الواقع..ولكن هل الحل هو ان نرمي انفسنا في احضان التيه والمفاجآة ...ماهذه الاحلام التي تدفعه الى دفع كل هذه الفواتير..
هروب في البحر..ومطاردات دوريات الخفر الحدودي..والسوري يطلع وغيره يبقى..وتحقيقات وترتيب اجوبة..ووالنهاية ماذا؟ غربة اشد مرارة من وطن يمر بظروف قاسية..ولو افترضنا ان الامور تسير على خير مايرام وذهب هذا الشاب بكل يسر الى تلك البلاد الي يقصدها هروبا من واقعه؟..فماذا سيعمل منظف في كراج السيارات..ام حلاق ام سائق اجرة؟....وهو مغترب اي ذل سيلقى الم تأتي هذه الافكار في مخيلته قبل قرار الهروب نحو مصير مجهول..وعاد بعد سلسلة خسائر متتالية..مايلفت النظر هو موقف الحبيبة ان كانت اختارت مصيرها..او نصيبها..ربما تعبت من مغامراته في كل بحر وارض غريبة..ان اختارت نصيبها السؤال:
لماذا لم تخبره انها تخلت عن وجوده في واقعها واستبدلته بأخر؟ هلي يحق لها ذلك الاخفاء..لكي يعود فتصدمه بمرارة تضاف الى رصيده الحافل ....بها..
سرني المكوث في مساحتك الهادفة
دمت بكل الخير
عبير المعموري

حتما..طريقي صعب..ولكنني يقينآ..سأكون!
عبير المعموري
قديم 04-14-2015, 03:04 PM
المشاركة 4
عمرو مصطفى
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تسجيل حضور .. ولي عودة إن شاء الله لإتمام القراءة والرد

قديم 09-28-2015, 06:28 PM
المشاركة 5
فاطمة جلال
مراقبة سابقة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وهذا الحرف يا رغد حري بنا بالمتابعة
يحتاج الى قراءة متأنية
حتى نرى الحرف بعين الواقع


محبتي

تَعَـالَ ...
نَعْـجِن مِـن الحِـرَفِ رَغِيفًـا عَـلَى مَوَائِـدِ الـكَلَامِ ...
وَنَـكْتُب رَسَائِـلَ الحَـنِينِ إِلَى اليَـاسمِينِ ....

تعـالَ...
فمن تشتاق الـروحُ اليـهم ؛ قـــد أوغلـوا فـي الغيـاب !

فاطمة جلال

.....

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أحلام على حبال المشنقة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دب جبال الأطلس أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 2 12-11-2022 08:21 AM
جبال ثبير أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 2 02-15-2022 06:19 AM
معجزة جبال الأنديز أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 2 10-16-2020 06:57 PM
جبال روكي أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 2 07-02-2018 09:21 PM
أحلام صبحي ياسين منبر الشعر العمودي 4 04-02-2011 11:13 PM

الساعة الآن 07:53 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.