قديم 12-20-2011, 09:20 AM
المشاركة 161
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يوسف إدريس

لمحة عنه

ولد "يوسف إدريس" لأسرة متوسطة الحال بقريه البيروم مركز فاقوس بمحافظه الشرقيه عام 1927، التحق بالمدارس الحكومية حتى المرحلة الثانوية، ليكمل بعدها مشواره التعليمي بكلية الطب جامعة القاهرة ثم ليتخرج فيها عام 1951.
على هذا فقد عايش في مرحلة الشباب فترة حيوية من تاريخ مصر من جوانبه الثقافية والسياسية والاجتماعية، حيث الانتقال من الملكية بكل ما فيها من متناقضات، إلى الثورة بكل ما حملته من آمال، ثم النكسة وما خلفته من هزائم نفسية وآلام، ثم النصر في 73 بكل ما كان ينطوي عليه من استرداد لعزة وكرامة الشخصية المصرية، ثم الانفتاح وما تبع ذلك من آثار على المجتمع المصري من تخبط وتغير في بنيته الثقافية والنفسية والاجتماعية.. إنه رجل عاش كل هذه التقلبات، ليس كما يعيشها الإنسان العادي، بل كما يعيشها الفنان المبدع الذي تؤثر فيه تفاصيل الأحداث، ويعمل على أن يرصدها ليتمكن من تأثيره عليها، فجاء أدبه معبرا عن كل مرحلة من هذه المراحل، وناطقا برأيه عما يتغير ويحدث حولنا في هذا البلد وما يحدث في أبنائها، ولاسيما أنه كان في مطلع شبابه متأثرا بالفكر الماركسي بكل ما يحمله من هموم اجتماعية.
كان كاتبنا غزير الثقافة واسع الاطلاع بالشكل الذي يصعب معه عند تحديد مصادر ثقافته أن تقول إنه تأثر بأحد الروافد الثقافية بشكل أكبر من الآخر.. حيث اطلع على الأدب العالمي وخاصة الروسي وقرأ لبعض الكتاب الفرنسيين والإنجليز، كما كان له قراءاته في الأدب الآسيوي وقرأ لبعض الكتاب الصينيين والكوريين واليابانيين، وإن كان مما سجله النقاد عليه أنه لم يحفل كثيرا بالتراث الأدبي العربي وإن كان قد اطلع على بعض منه.
هذا من ناحية أدبية وفنية وثقافية عامة ساهمت في تشكيل وعيه العقلي والأدبي، ولعل ممارسته لمهنة الطب وما تنطوي عليه هذه الممارسة من اطلاع على أحوال المرضى في أشد لحظات ضعفهم الإنساني، ومعايشته لأجواء هذه المهنة الإنسانية ما أثر في وعيه الإنساني والوجداني بشكل كبير، مما جعل منه إنسانا شديد الحساسية شديد القرب من الناس شديد القدرة على التعبير عنهم، حتى لتكاد تقول إنه يكتب من داخلهم وليس من داخل نفسه.
بدأ نشر قصصه القصيرة منذ عام 1950، ولكنه أصدر مجموعته القصصية الأولى "أرخص ليالي" عام1954، لتتجلى موهبته في مجموعته القصصية الثانية "جمهورية فرحات" عام1956، الأمر الذي دعا عميد الأدب العربي "طه حسين" لأن يقول: "أجد فيه من المتعة والقوة ودقة الحس ورقة الذوق وصدق الملاحظة وبراعة الأداء مثل ما وجدت في كتابه الأول (أرخص ليالي) على تعمق للحياة وفقه لدقائقها وتسجيل صارم لما يحدث فيها.."
وهي ذات المجموعة التي وصفها أحد النقاد حينها بقوله: "إنها تجمع بين سمات ديستوفسكي وسمات كافكا معا". لم يتوقف إبداع الرجل عند حدود القصة القصيرة والتي صار علما عليها، حتى إنها تكاد تعرف به وترتبط باسمه، لتمتد ثورته الإبداعية لعالمي الرواية والمسرح.
حديث عن الحرية

تمتع "يوسف إدريس" بسمات شخصية كان على رأسها الإقدام والجسارة والجرأة، ولم تختلف صفحات قصصه ورواياته كثيرا عن تلك السمة المميزة لصفحة شخصيته، فاتسمت هي الأخرى بالجسارة، فهو من أصحاب الأقلام الحرة، على الرغم من أنه ظهر في مرحلة تجلّى القمع فيها في أسوأ صوره، من تكميم لأفواه المبدعين، وسحق لآدميتهم، وتشريد الداعين للحرية بطردهم من وظائفهم، أو سجنهم، أو التنكيل بهم.. إلا أنه بين كل هذه الألغام في طريق الكلمة الصادقة الحرة عمل دائما على أن يقول ما يريد وقتما يريد، وبعد أن فرح بالثورة وأخذ بجانب بدايته كطبيب في القصر العيني –حينها- يهتم بكتابة إبداعاته القصصية حتى وصل لأن يكون مسئول القسم الأدبي بمجلة روزاليوسف، سرعان ما بدأ انتقاده لرجال الثورة وسياسة "عبد الناصر"، الأمر الذي أدى به عام 1954 إلى السجن، مما جعله يعتبر نفسه في النهاية لم ينل حريته التي تمكنه من قول كل شيء.. بل بعضا من كل شيء؛ فنراه يتكلم عن هذه الحرية المفقودة ويقول: "إن كل الحرية المتاحة في العالم العربي لا تكفي كاتباً واحداً لممارسة فعل كتابته بالجسارة التي يحلم بها".
وعن هذه النفس الإنسانية المتوقدة داخل يوسف إدريس يقول د. جابر عصفور: "كان "يوسف إدريس" واعياً بالأسباب السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية التي تحول بين المبدعين وممارسة جسارتهم الإبداعية إلى المدى الذي يعصف بالمحرمات التي كادت تشمل كل شيء، والممنوعات التي يتسع مداها بالقدر الذي يتسع به مدى الاستبداد والتسلط مقروناً بالتعصب والتطرف على كل مستوى من المستويات. وأغلب الظن أن "يوسف إدريس" كان واعياً بمعنى من المعاني بالجذور القديمة والأصول الراسخة للقمع في تراثنا، تلك الجذور والأصول التي أودت بحياة الكثيرين من المبدعين على امتداد العصور".
القصة بين الواقعية والعامية

تميزت القصة عند "يوسف إدريس" بالواقعية، حيث أخذ يصور الحياة اليومية ولاسيما للمهمشين من طبقات المجتمع، كما أنه جنح إلى استخدام العامية في قصصه، وإلى استخدام لغة سهلة بسيطة، وكان يرى أن الفصحى لا يمكن أن تعبر عن توجهات الشعب وطموحاته، كما أن الحوار يعد ركنا هاما من أركان القصة عنده، ويمثل جزءا من التطور الدرامي للشخصيات، والتي غالبا ما كانت من البسطاء الذين يصارعون من أجل الصمود أمام مشاق الحياة، ولعل في الظروف التي كان يعيشها الشعب المصري حينها، وضغط الفقر والحرمان من أبسط حقوقه الإنسانية ما يفسر اتجاه كاتبنا نحو هذا النوع من الأبطال في قصصه ومن الأسلوب الذي اتخذه للتعبير عنهم من خلال الحوار والذي جاء لتقريب ما يدور داخل شخصياته من تصعيد نفسي وتصعيد للأحداث.
عمد "يوسف" إلى التكثيف والتركيز في قصصه القصيرة حتى كان يقول عن تعمده هذا المنحى: "إن الهدف الذي أسعى إليه هو أن أكثف في خمس وأربعين كلمة.. أي في جملة واحدة تقريبا- الكمية القصوى الممكنة من الإحساس، باستخدام أقل عدد ممكن من الكلمات". وعليه فقد كان "يوسف إدريس" يعتبر الإيجاز في القصة القصيرة من أهم الخصائص الأسلوبية التي على الكاتب أن يناضل من أجل تحقيقها، وفي ذلك يقول: "فالقصة القصيرة أكثر الأشكال الأدبية إيجازا فعبارة "أهلا حمادة" تشبه القنبلة الذرية في صغرها وفعاليتها ومع ذلك فهذه القنبلة يمكن تصنيعها-فقط-على أيدي أناس ذوي موهبة"

قديم 12-20-2011, 09:21 AM
المشاركة 162
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يوسف إدريس



يوسف إدريس علي أمير القصة العربية، من مواليد 19 مايو 1927م في البيروم الشرقية. مفكر وأديب مصري كبير، قدم للأدب العربى عشرين مجموعة قصصية وخمس روايات وشعر مسرحيات. ترجمت أعماله إلى 24 لغة عالمية منها 65 قصة ترجمت إلى الروسية. كتب عدة مقالات هامة فى الثمانينيات بجريدة الاهرام صدرت فى كتاب فقر الفكر وفكر القصة.
حصل على جائزة الدولة التشجيعية فى الأدب عام 1966م والتشجيعية عام 1991م. هو واحد من أشهر الأطباء الذين تركوا الطب ليمتهنوا الأدب. كان يتلمس الالغام الاجتماعية المحرمة ويتعمد تفجيرها بقلمه وظل يتمتع بحيوية الرفض لكل ما يحد من حرية الانسان فى كل ما يكتب.
جدير بالذكر انّ الاقصوصة في العالم العربي قبل سنوات الخمسين كانت ما تزال في مراحلها وخطواتها الأولى ، ثمّ جاء يوسف إدريس ورسّخها وثبّت أقدامها ونقلها من المحليّة إلى العالميّة. إختار يوسف إدريس مواضيع مسحوبة من حياة الإنسان العربي المهمّش. إدريس خلق أقصوصة عربيّة، بلغة عربيّة مصرية قريبة من لغة الإنسان العادي وبذلك نقلها من برجها العاجي إلى لغة التخاطب اليومي. وبالنسبة لشخصيات قصصه نلمس أنّه ثمّة نمطين من أنماط الشّخصيّة القصصيّة يركز إدريس عليهما وهما على النحو التالي:
1. شخصيّة المرأة باعتبار أنّ المرأة عنصرًا مسحوقًا ومهمّشًا أكثر من غيره، فنذر حياته للدّفاع عنها وللكتابة من أجلها .
2. الشّخصيات الرّجوليّو وهي شخصيّات ،بمعظم الحالات، من قاعدة الهرم، من الشريحة المظاومة في مصر . قشخصياته معظمها تمثيل للإنسان المصري الذي يعيش على هامش الحياة المصرية بكل مستوياتها .
وقد شهد نهج يوسف إدريس في كتابة الفصّة القصيرة تغيّرًا جذريًا، في نهاية الخمسينيات وااوائل الستينيات. فالتصوير الواقعي، البسيط، للحياة كما هي في الطبقات الدنيا من المجتمع الريفي، وفي حواري القاهرة، يتلاشى، ويظهر نمط للقصّة أكثر تعقيدًا. وتدريجيًا، أصبحت المواقف ولاشخصيات أكثر عموميّة وشموليّة، إلى أن قارب نثره تجريد الشعر المطلق . ويشيع جو من التشاؤم، وينغمس أبطال القصص في الاستبطان والاحتدام، ويحل التمثيل الرمزي للموضوعات الأخلاقية والسياسية محل الوصف الخارجي والفعل المتلاحق

قديم 12-20-2011, 09:22 AM
المشاركة 163
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عشرون عاما على رحيل يوسف إدريس

د. أحمد الخميسي - القاهرة -
20 أغسطس 2011
- عدد الزيارات:312
عشرون عاما كاملة انقضت على رحيل يوسف إدريس عن عالمنا في الأول من أغسطس عام 1991 ، رحل عن أربعة وستين عاما فقط ، بعد أن ملأ الدنيا قصصا وحكايات ومسرحيات ومقالات ، وبرحيل يوسف إدريس تحطم الناي العبقري الذي عزف عليه الفلاحون المصريون وفقراء المدن أشجانهم . الفلاحون الذين ظهروا بتردد للمرة الأولي عند أعتاب توفيق الحكيم في روايته عودة الروح ، وفي يوميات نائب في الأرياف ، ثم في كتابه عدالة وفن ، ثم عادوا إلى الظهور في ضيافة يحي حقي ، وطه حسين ، إلى أن فتح لهم يوسف إدريس باب روحه على مصراعيه فدخلوا وجلسوا وأكلوا وشربوا وقالوا ما يشاءون لقلمه وعقله ، وعندما انتزع الموت صاحب البيت من بينهم ، جمع الفلاحون حكاياتهم ومواويلهم وغادروا المكان . ولم يعد يلوح من الفلاحين بعد ذلك سوى أطياف تهرول بشحوب فوق جسر الأدب الجديد .
يتذكر الجميع يوسف إدريس : الفلاح الطويل القامة بوجهه الصريح ونافورة الحماسة التي تعلو بالأفكار الجديدة ، سريع التوهج ، تمتلأ أحاديثه بالصور والإشارات ، وتتدفق منه الموهبة وحب الحياة .
ويعرف الجميع الآن ـ أكثر من أي وقت مضي ـ قيمة ذلك الكاتب العملاق، وفداحة الخسارة التي أصابتنا بموته المبكر . ويذكرنا رحيل يوسف إدريس بما قاله أنطون تشيخوف ذات مرة من أن الموت يوارى نصف الفنان فقط ، أما نصفه الآخر فيظل حيا في إبداعه الذي تركه لنا .
ولد يوسف إدريس في 19 مايو 1927 بإحدى قري الشرقية . وتفتح وعيه على الملاحم الشعبية وحكايات أبي زيد الهلالي والزيناتي خليفة وكانت سلسلة « روايات الجيب » حلقة ثانية من ثقافته خلال سنوات المدرسة . ويحكى يوسف إدريس نفسه أنه كان يقرأ تلك الروايات على ظهر حمار أثناء عودته من المدرسة إلى القرية حتى أنه انهمك ذات يوم في القراءة إلى درجة أن قريته مرت دون أن يلحظها . وعام 1945 التحق وهو في الثامنة عشرة بكلية الطب ، لكن صلته لم تنقطع لا بقريته ولا بالفلاحين . وفي القاهرة أخذ يطلع على الأدب العالمي في ترجماته المتاحة وينهل من الأدب العربي الكلاسيكي . وبعد أن أنهي يوسف إدريس كلية الطب عمل في مستشفى قصر العيني ، وعرف وهو داخل غرفة العمليات بقيام ثورة يوليو 1952.
ولاشك أن إدريس تأثر بكتاب القصة العظام مثل موباسان وتشيخوف وغيرهما ، كما تأثر بمن سبقوه مثل طاهر لاشين ومحمد تيمور ، لكن الحكيم وروايته عودة الروح وكذلك يوميات نائب في الأرياف ترك أثرا خاصا في نفس ووعي إدريس . وفي سنوات كلية الطب أصبح جزءا من الوسط الطلابي الذي كان يغلي بمختلف التيارات السياسية والفكرية ضد الأوضاع القائمة عشية الثورة ، وتخير إدريس التيار الماركسي مع مشاركته النشطة في مختلف الحلقات والتجمعات الأدبية بالجامعة. وفي 1950 ظهرت أولى قصص إدريس في جريدة المصري الوفدية ، حين قدمه عبد الرحمن الخميسي على صفحاتها للمرة الأولى ، وبظهور مجموعته القصصية الأولى « ارخص ليالي » في أغسطس 1954 ذاع اسم يوسف إدريس بسرعة البرق . وكان السر في ذلك أن القصص التي ضمتها تلك المجموعة لم تكن فقط مكتملة النضج من الناحية الفنية ، بل وكانت فتحا جديدا في الأدب المصري والعربي بما انطوت عليه من رؤية جديدة مغايرة للعالم والإنسان . ومع أنه كانت هناك بوادر لشخصية الفلاح المصري في رواية الأرض للشرقاوي وغيرها ، لكن ذلك الفلاح ـ بظهور شخصية « عبد الكريم » في أرخص ليالي ـ دخل بقوة على يدي يوسف إدريس إلى الأدب كشخصية فنية واقعية متعددة الجوانب بعيدة كل البعد عن الطابع المثالي الذي أسبغه عليها الكتاب من قبل .
فى السنوات اللاحقة على الثورة كان إدريس يكتب بسرعة وتدفق وسهولة معجزة وكانت الأفكار والموضوعات تلاحقه بإلهام لا ينقطع ، وكان الكثير من تلك الموضوعات مستمدا من علاقة إدريس التي لم تنقطع بالقرية ، ومن تجربته كطبيب في قصر العيني ، وتجربته داخل الجامعة ، وقدرته الثاقبة على ملاحظة الفقراء في قاع المدينة . وكانت الخمسينات هي فترة الآمال التي قالت عنها لطيفة الزيات : « كنا نحس حينذاك أننا قادرون على تغيير العالم بأسره » . وكانت الواقعية النقدية توطد مواقعها في الأدب المصري مدعومة بفكرة أن الأدب والفن قادران على تغيير الحياة والمجتمع . وفي سنوات قلائل نجح يوسف إدريس في بناء صرح قصة قصيرة مصرية وعربية جديدة ، بالرغم من أن حجر الأساس في القصة القصيرة قد تم وضعه في عشرينات القرن الماضي على يدي الأخوين عيسى وشحاته عبيد ويحيي حقي وطاهر لاشين ثم محمد تيمور الذي دشن اكتمال ذلك الشكل الأدبي بقصته « في القطار» عام 1917 ، لكن ولادة القصة القصيرة لم تكن تعني بعد نموها ونضجها كما وكيفا حتى ظهر يوسف إدريس الذي قدم في عالمه القصصي بانوراما بانوراما ضخمة ومذهلة لفئات المجتمع المصري : الطالب والموظف والفلاح والعامل والمثقف والمقاتل والطبيب والمهندس وفقراء الريف والمدن من النساء والرجال . وبينما اعتادت القصة القصيرة المصرية منذ مولدها الإشارة إلى مأساة « الإنسان الصغير » قام يوسف إدريس بالإشارة بقوة إلى مأساة الواقع التي تخلق المآسي البشرية الصغيرة ، وغير اتجاه السؤال وطبيعته في مجموعاته « أرخص ليالي » و« حادثة شرف » و« أليس كذلك؟ » . وفي رواية « دعاء الكروان » طه حسين الصادرة عام 1934 تقع هنادي الصغيرة في غرام المهندس الوسيم الأعزب المقيم بحكم عمله في الصعيد ، فتتكاتف عليها أمها وخالها ويجهز عليها بطعنة في الخلاء تفزع منها السماء . بعد نحو ربع القرن من صدور رواية طه حسين ، ينشر إدريس عام 1959 رواية « الحرام » ويبدل إدريس اتجاه السؤال، فلم يعد العقاب الذي يحل بالمرأة ناجما عن أشواق القلب المحرمة ، ولكن من وطأة الواقع الاجتماعي الذي دفع « عزيزة » للتفريط في نفسها فقط من أجل الحصول على جذر بطاطا اشتهاه زوجها عامل التراحيل المريض العاجز . الحرام عند إدريس هو الفقر والعوز ، لكن حرام طه حسين هو الحب والشوق المحظورين . وفي الخمسينات واكبت أعمال إدريس الواقع الاجتماعي الذي يفور بآمال الثورة ، فظهرت مسرحياته القصيرة البديعة « ملك القطن » ، و « جمهورية فرحات » ، و« اللحظة الحرجة » ، لكن شعوره الباطني بمقدمات نكسة 1967 وهي تختمر دفعته للسؤال عما إن كان من الممكن : « تنظيم العلاقة بين الإنسان والدولة بحيث لا يقوم المجتمع بقهر الفرد من ناحية وبحيث لا يعيش الفرد عالة على الدولة من ناحية أخرى ؟ ». وجوهر السؤال الذي طرحه إدريس هو : هل يمكن الجمع بين الخبز والحرية ؟ . والواضح أن إدريس لم ير إمكانية لتحقيق ذلك الحلم ، إذ تقول « الفرافير » ( 1964) بوضوح أن خلف كل قيصر قيصرا جديدا ، وفوق كل سيد سيدا آخر ، وأن الاستبداد يمضي في دورة مغلقة أبدية بلا مخرج . وتأكدت تلك الرؤية في « المهزلة الأرضية » 1966 ، و« المخططين » 1969 التي سخرت من فكرة المساواة كمشروع قابل للتحقيق . وكان التعب يحل بالكاتب الكبير شيئا فشيئا ، ففي حوار أدلي به إدريس لمجلة روزا اليوسف عام 1967 اعترف بأنه أصبح يعد نفسه فترة طويلة لكي يدخل إلى حالة الكتابة ، إما بالاستماع للموسيقي أو مطالعة كتاب ، أو حتى بكتابة خطابات لبعض الأصدقاء أو الأقرباء ، وأنه ـ إذا بدأ الكتابة ـ راح يدخن دون توقف ويشرب عددا لا يحصي من فناجين القهوة. وفى السنوات اللاحقة تضاعفت هموم الكاتب الكبير ، وأرقه المرض ، وتضاءلت قدرته السحرية على الكتابة بسهولة وتدفق ، وبالرغم من ذلك توالى صدور أعماله مثل : مجموعة « بيت من لحم » و« مسحوق الهمس » وغيرها في محاولة لاكتشاف وسائل تعبيرية جديدة . وعلى مدى سنوات إبداعه كلها ، لم يكف يوسف إدريس عن اقتحام أهوال المعارك الاجتماعية ، وأذكر أنه حين حدثه البعض عن أهمية تقليص عمله الصحفي لصالح الأدب أنه كتب قائلا : « كيف أكتب ومن حولي ستائر البيت تحترق ؟ » .
لقد أتاحت لي الظروف أن ألتقي بيوسف إدريس مرات عديدة ، ومازلت أذكر بالعرفان أنه منحني شرف تقديمي ككاتب قصة في مجلة الكاتب عام 1967 ، وفي تلك اللقاءات العابرة كنت أشعر أنني أمام إنسان كبير يريد أن يعطي كل خبراته ومشاريعه وأفكاره للآخرين وللحياة . وقد قام إدريس بدور كبير في تقديم عدد كبير من الكتاب اللامعين الآن ، وفي دعمهم ، وفي الدفاع عنهم . وحينما تحل ذكرى رحيله أشعر بكل قلبي أنه لم يرحل عنا ، لكنه يرحل إلينا ، كاتبا عظيما ، شكل ومازال فتحا فكريا وفنيا وإنسانيا يواصل تأثيره بموهبة شربت ألوانها من ينابيع شعبية وديمقراطية عميقة . وما من شيء يمكن تقديمه الآن لذلك الكاتب العملاق أهم من إعادة طبع أعماله كاملة طبعة رخيصة تصبح في متناول الجميع ليعلموا من هو « يوسف إدريس »

قديم 12-20-2011, 09:23 AM
المشاركة 164
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يوسف إدريس

٦ حزيران (يونيو) ٢٠٠٧
اختطفه عالم الأدب من الطب، فهو واحد من أشهر الأطباء الذين تركوا الطب ليمتهنوا الأدب.. عايش تطور التيارات الفكرية والسياسية المختلفة، وتأثر بالفكر الماركسي.. استطاع أن يحقق مصرية القصة القصيرة حتى استحق عن جدارة أن يكون أميراً لها.. انه أديب الأطباء وطبيب الأدباء.. الدكتور يوسف إدريس.
ولد يوسف إدريس 19 مايو عام 1927م في قرية البيروم بمحافظة الشرقية لأسرة من متوسطي المزارعين تضم عددا من المتعلمين الأزهريين، تعلم في المدارس الحكومية والتحق بعد دراسته الثانوية بكلية الطب في جامعة القاهرة التي تخرج منها عام 1951 .
حصل على دبلوم الأمراض النفسية ودبلوم الصحة العامة، عمل في المستشفيات الحكومية وكان مفتشاً صحياً في الدرب الأحمر وهو حي شعبي في القاهرة. بدأ ينشر قصصه القصيرة في الصحف منذ عام 1950، وشارك في تحرير أول مجلة يصدرها الجيش بعد قيام ثورة يوليو وهي مجلة التحرير التي صدرت في سبتمبر 1952.
صدرت مجموعته القصصية الأولى " أرخص ليالي " عام 1954 وقد وضعت هذه المجموعة البداية الفعلية للواقعية المصرية ، ثم ظهرت موهبة إدريس في مجموعته التالية " العسكري الأسود " التي صدرت عام 1955 والتي وصفها أحد النقاد بـ " أنها تجمع بين سمات دستوفسكي وسمات كافكا معا " .
حصل على جائزة عبد الناصر في الآداب عام 1969 ، وجائزة صدام حسين للآداب عام 1988 ، وجائزة الدولة التقديرية عام 1990 . توفى يوسف إدريس في أول أغسطس عام 1991م إثر مرض خبيث.
عالم إدريس القصصي
جذبت قصص يوسف إدريس الأولى الانتباه إلى أن اسمه سيصبح من الأسماء اللامعة في فترة وجيزة وهو ما حدث بالفعل خاصة بعد كتابة قصة " أنشودة الغرباء " والتي نشرت في مجلة " القصة " عام 1950 ، وبعدها تابع نشر قصصه في مجلة " روز اليوسف " ، ثم قدمه عبد الرحمن الخميسي إلى قراء جريدة " المصري" التي كان ينشر فيها قصصه بانتظام، ثم كتب عدة مقالات في مجلة "صباح الخير" ، ثم أصبح من كتاب جريدة " الجمهورية " التي كان يرأس مجلس إداراتها في ذاك الوقت الرئيس الراحل أنور السـادات حيث بدأ بنشر حلقات قـصص "قــاع المدينة " ، " المسـتحيل " و" قبر السلطان " ، وبعدها انطلق يوسف إدريس مؤكدا مكانته كأبرز كتاب القصة القصيرة .
وقد عايش إدريس ظهور وتطور التيارات الفكرية والسياسية الوطنية التي انتعشت في مراحل الاستقلال وتأثر بالفكر الماركسي بعد أن قوي بسبب دور الاتحاد السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية والتحولات السياسية والاجتماعية التي شهدها العالم في ذلك الوقت.
ووفقا للنقاد فإن رؤية إدريس الأدبية والفكرية تستند إلى حساسية فائقة وإدراك نافذ لمظاهر الوجود الإنساني وحقائقه، أكثر مما تستند إلى "معرفة " معلوماتية محدودة، ويجمعون علي أن كتابته تتسم بمعرفة عميقة للواقع الاجتماعي المصري وبأسلوب ساخر تشوبه روح الفكاهة معتمداً على استعمال اللغة العامية في أغلب الحوارات.
ويرى النقاد أن عالم يوسف إدريس القصصي يدور في أكثر ما كتب حول ثالوث واضح الملامح هو: الله، الجنس، السلطة... وقد ظهر هذا الثالوث متبلوراً جلياً في مجموعته الذائعة الصيت (بيت من لحم) ، ولذا فقد اندفعت موهبته بحزم وعمق فنيين لتجسد هذه القضايا، وتصنع منها جواً مصيرياً يرسم مصير الإنسان، ويسيطر على عالمه.
يؤكد سمير عمر إن فكرة القدر ووجود قوة عليا مهيمنة ، برزت بوضوح في رسم شخصيات ومسار قصصٍ كثيرة عند يوسف إدريس ، مثل قصة ( قبر السلطان ) ؛ وقصة ( لأن القيامة لا تقوم ) ؛ وقصة ( أكبر الكبائر ) ؛ وانتصر يوسف إدريس دائما لمأساة الإنسان المسحوق في مجتمع طبقي ظالم ، عبر مهارة فنية في السرد والحوار وإحكام بناء النسيج القصصي.
اندماج حتى البكاء
" أنا علي استعداد علي أن أفعل أي شيء إلا أن امسك القلم مرة أخري وأتحمل مسؤولية تغيير عالم لا يتغير.. وإنسان يزداد بالتغيير سوءا.. وثورات ليت بعضها ما قام .."
عن مخاض الإبداع عند إدريس تقول زوجته رجاء: "حينما يكتب يوسف أجلس أمامه ويقتصر دوري علي إعداد الشاي أو القهوة، وبعد أن يكتب جملة أو جملتين يندمج تماماً ويغيب عن كل ما حوله ويبدأ في التشويح والإشارة ويتمثل الشخوص التي يكتب عنها ويشعر إنها حوله تكلمه وتلمسه ! كتابة المسرح عنده حالة أصعب لأنه يستحضر الحاسة الجماهيرية في نفسه ويستحضر الحالة المسرحية ليبثها في نفس الجماهير، عندما كان يكتب مسرحية الفرافير كان في حالة صعبة جداً ، وقد رأيته بنفسي يقف أمام حوض الاغتسال يشيح بيده ويبكي بدموع حقيقية ".
يوسف يرد علي مهاجميه بالبهلوان
طال يوسف إدريس الكثير من النقد، منه ما تعلق بموقفه من جائزة مجلة حوار التي نالها في عام 1966 وقد وافق عليها ثم سرعان ما تغير موقفه بعد أن ظهر أن تمويلها يتم عبر المنظمة العالمية لحرية الثقافة التابعة لحلف الأطلنطي، مما دفع جمال عبد الناصر لتعويضه عن رفضها بمنحه مبلغ الجائزة.
كذلك علاقته بأنور السادات التي توطدت إبان عمله في جريدة الجمهورية فكان إدريس لسان حال السادات في بعض الكتابات، لكن بمجرد أن كتب مقالات "البحث عن السادات" أخرجه السادات من رحمة السلطة، وخرجت الصحف تقول إن يوسف إدريس ينتحر ويغتال تاريخه، ووصل الأمر إلى حد الاتهام بالعمالة والخيانة، فكتب مسرحيته «البهلوان» من وحي تلك الحملات الصحفية التي تعرض لها والتي جاء بطلها صحفيا يمارس مهام رئيس التحرير نهارا، وفي المساء يمارس ـ سرا ـ عمله كبهلوان في السيرك، مستعينا بالمساحيق والطلاء لإخفاء ملامحه، وفي الحوارات التي جرت بين رئيس التحرير (البهلوان) ومساعده نجده يصرح بأنه في عمله الصحفي ليس أكثر من «بهلوان».
ومن الأحداث المثيرة أيضاً في حياة إدريس هجومه الشديد على نوبل نجيب محفوظ بمجرد أن نالها.وفي إحدى أعدادها ذكرت مجلة "الهلال المصرية" المعركة التي دارت بين يوسف إدريس ومحمد الفيتوري، إذ تسلم إدريس الجائزة عندما كانت 37 ألف دولار، وعندما رست على الفيتوري كانت قد وصلت إلى مائة ألف دولار، وفي حالة من الغضب الشديد هاجم إدريس الفيتوري وهمّ بضربه غيظاً وحنقاً على فارق المبلغ لولا تدخل الروائي السوداني الطيب صالح بينهما.
بينما قال الناقد المصري فاروق عبد القادر إن مقالات الكاتب الراحل يوسف إدريس لا تثبت لنقاش جاد إذ كان يعبر في معظمها عن حساباته ومصالحه اكثر منها عن اقتناعاته الحقيقية.
إدريس ومصرية القصة
اعترف يوسف إدريس في أكثر من حوار، أنه دخل عالم الإبداع القصصي بالمصادفة وأن غريزة الموهبة الفطرية وطموحه دفعاه لتحقيق ما يسمى بـ ( مصرية القصة ) ... وقد أهلته دراسته الطبية وأفقه العلمي وسعة معرفته إلى تشخيص أزمة الركود والجمود التي تعيشها القصة العربية بعامة ، خوفاً عليها من الوصول إلى الطريق المسدود.
نشر إدريس مسرحية " المخططين "1969 التي تناقش بأسلوب الفنتازيا كيف تتحول الأفكار الثورية إلى نظام شمولي بعيد عن الديموقراطية فتصدت لظاهرة استيلاء "جماعة المنتفعين" على الحكم, ومنع أية محاولة لتصحيح الأوضاع وقد كان هذا دليل انتشار ظاهرة عدم الثقة في الأنظمة الحاكمة التي تتشدق بشعارات الحرية والديموقراطية والاشتراكية وهى في غيبة تامة عن هذه المُثل. ولم يُكتب لهذه المسرحية إ لا أن تُعرض ليلة واحدة في العام التالي حيث صدر قرار بإيقاف عرضها في تلك الليلة؛ لكنها عرضت بعد ذلك على مسرح الطليعة عام 1972، وظهر نص" اللحظة الحرجة" الذي حلل فيه حالة أسرة مصرية إبان حرب 1956 وردود فعل أفرادها تجاه الحرب .
أما رواية "البيضاء" فيقول عنها أحمد فضل شبلول "أنها رواية الصراع بين الغرب والشرق، بين الشمال والجنوب، بين التفكير العقلاني والتفكير العاطفي. لقد استطاع يوسف إدريس أن يجسد في عمله هذا كل الصراعات النفسية التي تمر بها الشخصية الرئيسية في الرواية، وهي الدكتور يحيى طبيب ورش عمال السكك الحديدية من خلال علاقته ب "سانتي" تلك الفتاة اليونانية البيضاء التي ترمز إلى الحضارة الغربية في هذه الرواية التي كتبت ونشرت أول مرة في أواخر الخمسينات الميلادية".
أزمة الإبداع تراود الأديب
يذكر اسكندر نعمة أن هناك أزمة فنية وإبداعية سيطرت على حياة يوسف إدريس الأدبية وغلفت أعماله، حتى إنها بدت شكلاً من أشكال الانهيار الفني والفكري مر به الكاتب الكبير، وذلك في أواخر مرحلة السبعينيات وأوائل الثمانينيات... إذ صمت يوسف إدريس عن الإبداع والعطاء صمتاً طويلاً مريباً. ومن المحزن أن هذا الكاتب المبدع راح خلال أخريات فترة الصمت هذه يحاول محاولات يائسة لينقذ سمعته ويسترد موهبته الذائعة الصيت ؛ فقد كتب في أواخر السبعينيات بعض المحاولات القصصية، منها على سبيل المثال قصة (الرجل والنملة) والتي نشرها في مجلة (الدوحة)، لا يكاد القارئ يصدق أنها من إبداع يوسف إدريس، حيث جاءت القصة بعيدة عن الإشراق الباهر الذي ضجت به قصصه القصيرة السابقة.
ويعلل اسكندر نعمة ذلك باعتماد الكاتب الراحل الموهبة، والموهبة الطامحة فحسب، فاضطرب عالمه القصصي على الرغم من النجاح الكبير الذي بلغه، والشأن الرفيع الذي ناله، ودليل هذا الاضطراب التداخل في عالم يوسف إدريس القصصي، بين أجناس أدبية مختلفة ، لقد صمم يوسف إدريس أن يدخل عالم المسرح، فكانت تجربة المسرح عنده على حساب اهتماماته القصصية لفترة غير قصيرة من الزمن، إلا أن أهم مظاهر أزمة يوسف إدريس القصصية تتضح في ممارسته وبنشاط محموم وعزيمة كاملة كتابة المقالة، خاصة بعد أن كرس ذاته ووقته للصحافة والنشر في الدوريات المصرية، والعمل في جريدة (الأهرام) تحديداً ، وقد انساق يوسف إدريس بقوة جارفة لمعالجة أزمة الحرية والحياة الاقتصادية والاجتماعية عربياً ومحلياً، فكان ارتداده لكتابة المقالة السياسية والاجتماعية أحد جوانب الانجراف لمعالجة هذه الأزمة الحضارية والإنسانية. فتوقف عن كتابة القصة وجرفه تيار المقالة السياسية والاجتماعية، فازدادت الأزمة لديه عمقاً ووضوحاً، الأمر الذي مكّن النقاد من الإمساك بتلابيبها، ذلك أن مقالاته كانت في أكثرها مقالات قصصية، فهي مقالة وليست بالمقالة، وقصة وليست بالقصة.
الزواج على طريقة إدريس
"إذا كان الرجل يلعب ببعض أوراقه لعبة العواطف، فالمرأة بكل أوراقها تلعب هذه اللعبة ذاتها" في حوار أجراه معه الدكتور عمرو عبد السميع تحدث الدكتور يوسف إدريس عن قصة زواجه قائلاً: "تزوجت في مرحلة من حياتي أحسست فيها بالوحدة فعلاً ! وفي هذه الظروف قابلت زوجتي وأحسست أنها من الممكن أن تكون رفيقة العمر، أحسست أنني أريد أن اجلس معها وأئتنس بها وأتعرف عليها أصادقها.. فتزوجت!! وقلت لنفسي بهذا الارتباط لا أتزوج! وضعت لافته داخلية مكتوب عليها: "هذا العمل الذي قمت به ليس زواجاً" وإنما أنا أريد أن اعرف هذه الإنسانة معرفة حقيقية وتعرفني هي الأخرى، ولكن مجتمعي يمنعني من أن افعل ذلك إلا بالزواج فتزوجت!! تزوجتها ولكن وضعت في اعتباري أن هذا ليس نهاية المطاف ولكنه محاولة حقيقية للتعرف علي زوجتي! ولذلك مكثنا سنة ونصفاً أو سنتين في خلافات شديدة جداً نتشاجر ونتصالح، فترة اختبار للتوافق ونتيجتها إما أن تكون الانفصال أو الوصول إلى المعرفة الحقيقية التي لا نستطيع بعدها فراقاً ! وهذه الفترة هي ما جعلت زواجي يستمر.
مؤلفاته

مجموعات قصص قصيرة
أرخص ليالي. 1954 وهي أوّل مجموعة قصصية ليوسف إدريس
جمهورية فرحات.(وصلة بنص القصة)
أليس كذلك.
قاع المدينة.
لغة الآي آي. (وصلة بنص القصة)
بيت من لحم 1971.
آخر الدنيا.
البطل.
النداهة.
أنا سلطان قانون الوجود.
حادثة شرف.
مشوار . (وصلة بنص القصة)
أحمد المجلس البلدي. (وصلة بنص القصة)

روايات
العيب 1962.
الحرام 1959.
العسكري الأسود.
البيضاء
مسرحيات
ملك القطن.
المهزلة الأرضية.
الجنس الثالث.
الفرافير 1964.
المخططين.
البهلوان.
اللحظة الحرجة

قديم 12-20-2011, 09:25 AM
المشاركة 165
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يوسف إدريس

سيطرت فكرة على كياني بأكمله ولم أنجح في التخلص منها لفترة غير قليلة وانتابني القلق فكلها شهور وتصبح هذه الحياة وتلك الجامعة مجرد ذكريات . اعترف بأن اليأس بكل ما يصاحبه من توابع كان يفرض نفسه في كل لحظة كلما كنت أتذكر أنها ستمر دون أن تتكرر . قررت أن أعرض ما أكتب هذا العام على أحد أساتذتي لأحدد إن كنت سأتزوج من أول شخص أقابله بعد التخرج وأتفرغ لتربية المواشي والأطفال أم أن لدي ما يستحق أن أدافع عنه ؟ وعرفت على يدي أستاذي كيف تكون الكتابة ومن يوسف إدريس؟
وقدر لي أن استمر معه إلى أن يكلفني بكتابة بحث عن المشكلات التربوية في المجتمع المصري من خلال روايات يوسف إدريس.

ولو أنك رأيت الكواكب تنفجر في الفضاء ، والقمر يغادر السماء ، والشمس تعانق المعانق الماء والأرض تقترب من السماء لأدركت شيئا مما دهاني . لم يعد العالم أبدا كما كان من قبل وتوقفت عن الكتابة تماما حتى اتمكن من العودة للكتابة الخالية من أفكاره ولا زلت حتى الآن لا أملك إلا تمزيق الأوراق كلما أرى تلك الأفكار تعود كل مرة لتحرمني من متعة أن أكون ـ ودون تأثير من أحد ـ أنا.

ولادتــــــــــــــه:
ولد يوسفإدريس في 19 مايو 1927 م في محافظة الشرقية بقرية صغيرة تسمى البيروم، وكان والده ثريا نسبيا وينتمي إلى الطبقة الوسطى الريفية وعلى الرغم من أنه درس لثلاث سنوات في جامعة الأزهر بالقاهرة إلا أنه كان رجلا عصاميا في جوهره قام بالعمل وممارسة العديد من الوظائف حيث عمل لفترة مقاولا في حفر القنوات بتعليمات من وزارة الري إلى أن عهدت إليه بمهمة لا ربح واضح فيها وانهارت أعماله ولم يتسلل معها الإحساس بالفشل إليه فعمل وكيلا لضياع كبيرة وسرعان ما أصبحت خسائر الوظيفة الجديدة تلك ملموسة وأصبح خوفه من الطرد يهدد حياته مما جعله يفكر في وظيفة أكثر استقرارا .
وبعد فترة تمكن من تحمل مسئولية ضيعة تبلغ مساحتها ثمانمائة فدان يملكها صاحب مصانع النسيج الثري " صيدناوي"

قد يجعلنا هذا نربط بشكل أو بآخر بين عمل والده ورواية الحرام والتفتيش والضيعة التي يملكها شخص واحد والكل الذين يعملون لصالحه والصداقات التي تقوم بين كبار الموظفين وحياة الترحال والتنقل التي يعيش فيها العاملون بالتفتيش.

" وقد صادق والد يوسف إدريس عائلة مفتش الضيعة اليوناني الذي لقنه مبادئ استصلاح الأراضي وحينما استوعب التقنية تماما أقام من نفسه خبيرا مستقلا ويقدر يوسف إدريس أن أباه قد استصلح ما لا يقل عن خمسة آلاف فدان خلال حياته ".

وكان الارتباط متبادل بين يوسفإدريس وأبيه كل منها مرتبط بالآخر بشكل مرضي فالابن لم يجد الحنان الذي حرمته أمه إياه إلا عند والده.

ويوسف كان الابن الأول الذي يتخطى طفولته بلا موت فقبل أن يولد يوس فكان الأب لديه عدة بنات من ثلاث زوجات سابقات ولكن أبناءه جميعا ماتوا في المهد ، وعندما تزوج (إدريس علي) أم يوسف كان الأمر المؤسف الذي يفقده أبناءه يكاد أن يكرر نفسه .

فقد مات ابنهما الأول وسقط الثاني ـ وكان يوسف ـ مريضا بصورة حادة عقب مولده وظل والداه شهورا وهم خائفين على حياته ولكنه شفي بعد ذلك وكانت تلك هي نقطة التحول في حياة الأسرة بأكملها إذ أعقب شفاء يوسف مولد ستة أبناء آخرين وبنتين مروا بطفولتهم سالمين دون مشاكل.

طفولتــــــــــــــــــــــــه :
عاش يوسفإدريس طفولة غير مستقرة ولأن هذا العمل يتطلب من الأب الانتقال الدائم من مكان إلى مكان فقد ترك إبنه الأكبر يوسف وقد كان عمره خمس سنوات إلى جدته التي كانت تعيش في البيروم .

ولهذا كان يوسفإدريس يسير كل يوم عدة أميال حتى يصل إلى أقرب مدرسة ابتدائية في فاقوس ولم تكن طفولته في بيت أجداد والديه سعيدة .

كان الطفل الوحيد وسط البالغين وكانت تتم معاملته دائما كواحد منهم ، كانوا ينتظرون منه أن يتصرف كشخص ناضج مسئول وكان العقاب ينتظره إذا ما تصرف بغير ذلك وبالاضافة إلى ذلك فقد عاشت العائلة ظروفا متوترة ويتذكر يوسفأن حلمه الأثير كان أن يرى نفسه في غرفة مزودة بالكهرباء والماء الجاري (1)
وبهذا نجد طفولة يوسفإدريس ضائعة وسط جيل من الكبار يرفض معاملته كسائر الأطفال حيث يقول " فأنا من هؤلاء الذين قضوا طفولة جادة تماما لم يعرف المرح طريقه إليها . رجل رهيب في ثوب طفل.

كل ما اعتقد أني أريده أحرمه على نفسي بل وأنظر إليه وكأنه خطيئة ارتكبتها تجاه الآخرين همي الأكبر كله أن أصنع مثلما يصنع الكبار لأكون كبيرا .. فالطفولة كانت في طفولتنا عيبا ، الانطلاق وحتى ارتكاب الخطأ المطالب والهدايا واللعب كل هذه كانت تهمنا نموت حنينا إليها في أعماقنا ولكننا نموت خوفا أيضا أن نطلبها وإلا أصبحنا عيالا " (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
(1) نبيل فرج ، " يوسفإدريسيتحدث عن تجربته الأدبية " المجلة ، (القاهرة : العدد 169 ، 1971) ص ص 100 ـ 101
(2) ناجي نجيب ، الحلم والحياة في صحبة يوسفإدريس، (القاهرة : دار الهلال ، 1985 ) ص 10

علاقتـــــــــــــه بأمه وجدته :
ويصف يوسفإدريس طفولته بالتعاسة فجدته إمرأة صعبة سلطة اللسان تقرعه على سلوكه بانتظام إذا هفت نفسه إلى مرح الأطفال ، كما يصف والدته بالصلابة وقوة الإرادة والسطوة وإذا ما قارنا بين المرأة الأم والجدة في حياته فإننا نجد أن أمه لم تمنحه الحب فهو يتذكرها كإمرأة عنيدة ذات شخصية مستبدة كتومة فشلت في أن تمنحه اإحساس الأمومي الذي كان يشتاق إليه وبسبب صحتها المعتلة رضع يوسف إدريس من جارة له كانت مسيحية ولم يحظى من أمه بالاهتمام الذي كان يريده ويبدو هذا واضحا في عدد من كتاباته مثل " اليد الكبيرة " (1958) والقديسة حنونة ، (1968) حيث تتم فيهما المقابلة بين قسوة والدة الراوي والحنان الذي تبديه له الجارة وإمرأة مسيحية على التوالي .

" وفي رأي يوسفإدريس أن موقفها المتحفظ والبارد تجاهه كان مسئولا إلى حد كبير عن خرافة خجله واقترابه من النساء بعد ذلك في حياته " (1).

أما إذا اتجهنا لعلاقة يوسفإدريس بجدة أمة التي ربته في البيروم فنجدها خالية أيضا من الإحساس الدافئ فقد كان لها فراخ تلد مثل أمه وكانت تسلخه بلسانها السليط إذا ما أغضبها بأحد تصرفاته الطفولية ولكن تلك المعاملة الخشنة تم تعويضها إلى حد ما بموهبة المرأة العجوز في حكي القصص فقد اعتاد أن يسمع مسلوب الإرادة إلى العديد من القصص المدهشة وحكايات الجنيات المخزونة في ذاكرتها وكانت تلك الخبرة كما يؤكد يوسف إدريس هي التي أججت اهتمامه بالحكايات .

لذا فقد عاش يوسفإدريس طفولة مشتتة قلقة حائرة مليئة بالحرمان والذي كان له بالطبع تأثيره على حياته فيما بعد .

دور الأم فيعلاقته بالمـــــــرأة :
من خلال صورة الأم قد ندرك الكثير عن طبيعة علاقته بالمرأة وكان لذلك تأثيرا كبيرا على كتاباته فيما بعد وأفضل مرجع لذلك هو رواية البيضاء والتي نشرها في سلسلة تحت عنوان الغريب في جريدة الجمهورية في شهري مايو ويونيو عام 1960 ثم نشرها كاملة عام 1970 في بيروت ويشير يوسف إدريس في تقديمه لها بأنه شديد الاعتزاز بهذا الجزء من عمره وعمر بلاده والذاتية هنا تطغى على المحتوى العام ونجد أن المؤلف يتحدث عن نفسه بضمير المنكلم من خلال الراوي . ونرى اهتزاز علاقته بأمه ويظهر حديثه عن نفسه ويؤكد ذاتية الرواية ما يقوله في الروايه على لسان يحيى بطل روايته البيضاء :
" سافرت إلى البلدة إذن وطالعني كل ما أعرف أنه سوف يطالعني ومع هذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
(1) ب . م . كربر شويك ، الإبداع القصصي عند يوسفإدريس، مرجع سابق ص 45

فللقاؤنا بالقرية فرحة كفرحة رؤيتنا لصورنا ونحن أطفال .. وقوبلت بما تعودت أن أقابل به " ص 53
وكالمألوف استقبله أبوه وأخوته بمظاهرة حافلة مرحة ولكن أين الأم من كل هذا ؟

ونجده يبرر غياب ترحيب الأم له بقوله : " دائما افتقد أمي في تلك المظاهرة وأعرف أنها كالعادة غاضبة علي لأي سبب وأنها جالسة متناومة أو متمارضة ولابد لي أن أذهب وأقبل رأسها ، فتنفر مني وأعود فأقبل يدها فتسحبها بوجه صارم تحاول صاحبته أن تمنع أي بادرة انفعال أن ترتسم عليه وأفعل هذا كله بحكم الواجب والعرف والتقاليد وبلا أي رغبة حقيقية في فعله : " فأنا لم أكن حريصا على إرضائها مثلما كانت هي الأخرى غير حريصة على إرضائي ، علاقتنا كانت غريبة في بابها منذ صغري ودونا عن بقية اخوتي فلا هي علاقة حب ولا علاقة كره" ( البيضاء ، ص 53 )

قديم 12-20-2011, 11:25 AM
المشاركة 166
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يوسف إدريس

- ولد يوسف إدريس في 19 مايو 1927 م في محافظة الشرقية بقرية صغيرةتسمى البيروم.
- كان والده ثريا نسبيا وينتمي إلى الطبقة الوسطى الريفية عمل مقاول لكن اعماله انهارت.
- بعد انهيار أعمال والده عمل وكيلا لضياع كبيرة وسرعان ما أصبحت خسائرالوظيفة الجديدة تلك ملموسة وأصبح خوفه من الطرد يهدد حياته مما جعله يفكر في وظيفةأكثر استقرارا.
- بعد فترة تمكن من تحمل مسئولية ضيعة تبلغ مساحتها ثمانمائةفدان يملكها صاحب مصانع النسيج الثري " صيدناوي" وقد بنى يوسف إدريس رواية الحرام على تجربة والده تلك...ضيعة يملكها شخص واحد والكل الذين يعملونلصالحه والصداقات التي تقوم بين كبار الموظفين وحياة الترحال والتنقل التي يعيشفيها العاملون بالتفتيش.
- كان الارتباط متبادل بين يوسف ادريس وأبيه كل منها مرتبط بالآخر بشكلمرضي فالابن لم يجد الحنان الذي حرمته أمه إياه إلا عند والده.
- يوسف كان الابن الأول الذي يتخطى طفولته بلاموت فقبل أن يولد يوسف كان الأبلديه عدة بنات من ثلاث زوجات سابقات ولكن أبناءه جميعا ماتوا في المهد، وعندماتزوج (إدريس علي) أم يوسف كان الأمر المؤسف الذي يفقدهأبناءه يكاد أن يكرر نفسه .
- مات أخ يوسف الأول من أمه وسقط الثاني .
- وكان يوسف عقب مولده مريضا بصورة حادة وظل والداه شهورا وهم خائفين على حياته، ولكنه شفي بعد ذلك وكانت تلك هي نقطة التحولفي حياة الأسرة بأكملها إذ أعقب شفاء يوسف مولد ستة أبناء آخرين وبنتينمروا بطفولتهم سالمين دون مشاكل.
- عاش يوسف ادريس طفولة غيرمستقرة ولأن هذا العمل يتطلب من الأب الانتقال الدائم من مكان إلى مكان فقد تركأبنه الأكبر يوسف وقد كان عمرهخمس سنوات إلى جدته التي كانت تعيش في البيروم .
- ولهذا كان يوسف ادريس يسير كل يومعدة أميال حتى يصل إلى أقرب مدرسة ابتدائية في فاقوسولم تكن طفولته في بيت أجداد والديه سعيدة .
-كان الطفلالوحيد وسط البالغين وكانت تتم معاملته دائما كواحد منهم ، كانوا ينتظرون منه أنيتصرف كشخص ناضج مسئول وكان العقاب ينتظره إذا ما تصرف بغير ذلك وبالإضافة إلى ذلكفقد عاشت العائلة ظروفا متوترة ويتذكر يوسف أن حلمه الأثير كان أن يرى نفسه في غرفة مزودة بالكهرباء والماء الجاري.
- عاش يوسف ادريس طفولةضائعة وسطجيل من الكبار يرفض معاملته كسائر الأطفال حيث يقول " فأنا من هؤلاء الذين قضواطفولة جادة تماما لم يعرف المرح طريقه إليها.
- ويقول " كنت رجل رهيب في ثوب طفل. ..كل ما اعتقدأني أريده أحرمه على نفسي بل وأنظر إليه وكأنه خطيئة ارتكبتها تجاه الآخرين هميالأكبر كله أن أصنع مثلما يصنع الكبار لأكون كبيرا .. فالطفولة كانت في طفولتناعيبا ، الانطلاق وحتى ارتكاب الخطأ المطالب والهدايا واللعب كل هذه كانت تهمنا نموتحنينا إليها في أعماقنا ولكننا نموت خوفا أيضا أن نطلبها وإلا أصبحنا عيالا.
- يصف يوسف ادريس طفولته بالتعاسة فجدته إمرأة صعبة سلطة اللسان تقرعه على سلوكه بانتظام إذا هفت نفسه إلىمرح الأطفال.
- أيضا كان يصف والدته بالصلابة وقوة الإرادة والسطوة وإذا ما قارنا بينالمرأة الأم والجدة في حياته فإننا نجد أن أمه لم تمنحه الحب فهو يتذكرها كامرأةعنيدة، ذات شخصية مستبدة، كتومة، فشلت في أن تمنحه الإحساس الأمومي، الذي كان يشتاق إليه.
- وبسبب صحتها المعتلة رضع يوسف ادريس من جارة لهكانت مسيحية ولم يحظى من أمه بالاهتمام الذي كان يريده ويبدو هذا واضحا في عدد من كتاباته مثل " اليدالكبيرة " (1958) والقديسة حنونة ، (1968) حيث تتم فيهما المقابلة بين قسوة والدةالراوي والحنان الذي تبديه له الجارة وامرأة مسيحية على التوالي .
- في رأي يوسف ادريس أن موقفهاالمتحفظ والبارد تجاهه كان مسئولا إلى حد كبير عن خجله واقترابه من النساءبعد ذلك في حياته .
- أما إذااتجهنا لعلاقة يوسف ادريس بجدته التي ربته في البيروم فنجدها خالية أيضا من الإحساس الدافئ فقد كان لها فراخ تلدمثل أمه وكانت تسلخه بلسانها السليط إذا ما أغضبها بأحد تصرفاته الطفولية.
- لكن تلكالمعاملة الخشنة تم تعويضها إلى حد ما بموهبة المرأة العجوز في حكي القصص فقد اعتادأن يسمع مسلوب الإرادة إلى العديد من القصص المدهشة وحكايات الجنيات المخزونة فيذاكرتها وكانت تلك الخبرة كما يؤكد يوسف ادريس هي التي أججت اهتمامه بالحكايات .
- لقد عاش يوسف ادريس طفولة مشتتةقلقة حائرة مليئة بالحرمان والذي كان له بالطبع تأثيره على حياته فيما بعد .
- في روايته ( البيضاء ) يظهراهتزاز علاقته بأمه .
- كان دائما يفتقد أمه وهي أما غاضبة او أنها جالسة متناومة أومتمارضة.
- يصف علاقته بأمه بقوله " علاقتنا كانت غريبة في بابهامنذ صغري ودونا عن بقية إخوتي فلا هي علاقة حب ولا علاقة كره.


واضح أن يوسف إدريس عاش طفولة بائسة..فهو من مواليد قرية نائية...محرومة من كل مظاهر الرفاهية وسبل العيش...والده تزوج ثلاث نساء قبل أمه لينجب طفلا...ثم تزوج أمه فمات ابنها الأول مثل كل الأولاد الذي ولدوا لنساؤه الأخريات...وسقط الثاني...وكان من المتوقع أن يموت الثالث ( يوسف إدريس ) الذي ظل عقب ولادته مريضا لكنه عاش...الوالد يتعرض لخسارة وتنهار أعماله...ويجبره عمله على الترحال الدائم...فيضطر إلى ترك ابنة الوحيد الناجي بعد كل تلك المحاولات عند جدته وهو في سن الخامسة، لكن بيت الجدة كان قاسيا...فعومل يوسف إدريس على انه رجل وهو في ثياب الأطفال...كل ذلك تم في غياب الأم التي يبدو أنها كانت تعاني من حالة كآبة حادة...فهي إما مريضة وإما تتمارض...وهي حتما غائبة عاطفيا إلى حد أن العلاقة بين يوسف ووالده أصبحت علاقة مرضية، وكان يشعر بأن تلك المرأة التي عملت على إرضاعه ( الجاره المسيحية ) اقرب إليه من أمه.

إذا لقد عاش يوسف ادريس طفولة مشتتة، قلقة، حائرة، مليئة بالحرمان، والالم، والمرض والخوف من الموت، وفي ظل ظروف غيرمستقرة، ومتوترة، فكانت طفولة ضائعة وتعيسة....خاليه من حنان الأم وغياب الأب وقسوة الجدة والظروف.

وذلك كله في ظل ظروف عامة غاية في الصعوبة، والبؤس من حيث الاضطراب السياسي والفقر العام وظروف الحكم التسلطية الصعبة والأطماع الاستعمارية وكل ما يجلبه ذلك من ويلات وآلام ومقاومة.

يتيم اجتماعي.


قديم 12-21-2011, 11:32 AM
المشاركة 167
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وألان مع سر الأفضلية في رواية:
23- ليلة السنوات العشرمحمد صالح الجابريتونس
ملخص قصة فيلم ليلة السنوات العشر

ثلاثة زملاء قدامى منذ أيام الدراسة، هم لمياء، ونجيب، ومروان،يلتقون من جديد بعد عشر سنوات، حيث يعيش الوطن فى حالة اجتماعية متردية، على حافةالانفجار، يروح كل منهم يتحدث عم حدث له طوال السنوات العشر الأخيرة، منهم من عملبالسياسة، ومنهم من لاقى المصاعب العديد. ومنهم من وقف محايداً إزاء مايحدث.(السينما التونسية)

قام بالكتابة : محمود قاسم

نبذة عن رواية ............................................... ليلة السنوات العشـــــــــــــر

تحكي الرواية عن قصة كفاح الشعب التونسي ايام الإستعمار . حوّلت لفيلم سينمائي .

==
وأما ليلة السنوات العشر فكانت معاصرة لأحداث جانفي 1978 وما فيها من تناقض بين الحكومة والمنظمة النقابية وما فيها من أزمات متولدة وبداية لتشكل نوع من الفكر التقدّمي في تونس او لنقل بداية ظهور فكر لا يرى في رموز الاستقلال حقيقة كاملة ولا يرغب في طاعتهم..
إنه تبلور لفكر الرفض السياسي والتمرّد على الروابط الاجتماعية السائدة..

قديم 12-21-2011, 11:33 AM
المشاركة 168
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
محمد الصالح الجابري
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
الأديب محمد الصالح الجابري
تكوينه
درس بمسقط رأسه ثم تحول إلى العاصمة لمواصلة دراسته بالزيتونة حيث أحرز على شهادة التحصيل عام 1961 كما درس ببغداد حيث أحرز على الإجازة وحصل بجامعة الجزائر على الدكتوراه حول محمود بيرم التونسي.
في الألكسو

عمل محمد الصالح الجابري معلما بضاحية الوردية بالعاصمة وأستاذا للتعليم الثانوي بالمنستير ثم ألحق بوزارة الثقافة مديرا لمصلحة الآداب ثم عين مديرا للمركز الثقافي التونسي بطرابلس، وفي سبتمبر 1979 التحق بالألكسو حيث أشرف على إدارة الثقافة إلى أن بلغ سن التقاعد عام 2000 وعين منذ\ذ على رأس مشروع موسوعة أعلام وعلماء العرب والمسلمين التي صدر منها حتى الآن 19 مجلدا.
أعماله

الروايات
القصص
  • إنه الخريف يا حبيبتي 1971
  • الرخ يجول في الرقعة 1980
المسرحيات
  • كيف لا أحب النهار؟ 1979
الدراسات
  • الشعر التونسي المعاصر خلال قرن 1974
  • الشعر التونسي الحديث 1975
  • القصة التونسية نشأتها وروادها 1977
  • أبعد المسافات 1978
  • دراسات في الأدب التونسي 1979
  • يوميات الجهاد الليبي في الصحافة التونسية (الجزء 1 والجزء 2) 1983
  • النشاط العلمي والفكري للمهاجرين الجزائريين بتونس 1983
في الإذاعة

أنتج محمد الصالح الجابري عددا من البرامج الإذاعية لفائدة الإذاعة التونسية ومن أهمها: قصاصات وهو برنامج أسبوعي رجال عاهدوا الله على وهو برنامج ديني. كما بثت التلفزة من إنتاجه مسلسلا تحت عنوان باب الخوخة.
تخليدا له

تخليدا لذكراه أطلق اسمه على نهج محاذ لمدينة الثقافة بالعاصمة التونسية تونس.(نهج محمد صالح الجابري)
المصادر
==
الدكتور محمد صالح الجابري
ولد سنة 1941 بتوزر في "الجريد"
- من أسرة عمالية. اشتغل أبوه في مناجم الفوسفات بالرديف
متحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة الجزائر.
شغل وظيفة بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. يشغل فيها الآن مدير
موسوعة أعلام العلماء العرب و المسلمين .
كاتب وروائي وناقد أدبي.
عمل كاتباً عاماً لرابطة القلم الجديد ،عضو جمعية القصة والرواية، وعضو اتحاد الكتاب التونسيين.
==
الأديب التونســي محمد صالح الجــــــابري
ولد سنة 1941 بتوزر في الجريد .من أسرة عمالية. اشتغل أبوه في مناجم الفوسفات بالرديف.
متحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة الجزائر. شغل وظيفة بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. كاتب وروائي وناقد أدبي.
نشر محاولته الروائية الأولى يوم من أيام زمرا سنة 1968 وقد استمدها من صراعات العمال بالمناجم في عهد الاستعمار ثم مجموعة أنه الخريف يا حبيبتي (تونس 1971) ونال بها الجائزة التشجيعية من وزارة الثقافة. وله كذلك رواية البحر ينشر ألواحه (تونس 1975) ورواية ليلة السنوات العشر (تونس 1982).
-ومن أهم دراساته النقدية: الشعر التونسي المعاصر (تونس 1974) و القصة التونسية نشأتها وروادها (تونس 1975).




قديم 12-21-2011, 11:34 AM
المشاركة 169
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الجابري في قافلة الغياب او طفولتنا التي تموت
ذهب الجابري ، لم تذهب «زمرا» ولا «البحر» ولا الخريف ولم تذهب رواياته يوم من أيام زمرا و»البحر ينشر ألواحه» و»ليلة السنوات العشر»..ستظل شهادة على مراحل عديدة من حياة البلاد... ستظل شهادة على الاستعمار وعلى العقود الأولى للاستقلال بما فيها من براءة ويمكن ان نضع في هذا المجال روايات حليمة والتوت المرّ ومن الضحايا والزيتون لا يموت والشيخ كرامة..
ولعل ما يميّز الجابري عن هؤلاء انه حاول ان يتناول هذه المواضيع بأكثر جرأة من أصحابه فثمة في رواياته نوع من التجاوز للخطاب الروائي لمعاصريه..
نشأ جيلي المعاصر في زمن يتجه الى الانسلاخ عن ذاته والتخلي عن كل القيم والصفحات الجميلة..
وفي ظل نوع من الاحتقار الذي ساهمت فيه أطراف عديدة للرواية التونسية وغرام الأولاد والبنات بنجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس وتوفيق الحكيم وغيرهم..


كنت أبحث عن الروايات التونسية.. بدافع الاطلاع طبعا ولا بدافع النقد.. فكانت ذهنية عنيفة..
كانت رواية «يوم من أيام زمرا» رواية تتحدث عن الكفاح الوطني ضد الاستعمار وتركز خصوصا على النضال النقابي ضد الاحتلال..

لقد كانت روايات الجابري في تلك الفترة من أوائل الروايات التونسية فالرجل من الجيل الأول من الروائيين والكتّاب التونسيين الذين ظهروا بعد الاستقلال. وكانت هذه الروايات قد غلب عليها الطابع الوطني حيث ركزت على الولاء للوطن وللشهداء ومحاولة إنشاء سرد تونسي مقاوم أو محتفي بالمقاومة.
روايات الفارسي والمطوي وبن الحاج نصر والجابري ملاذا لي.. كنت التهم هذه الروايات وأرى فيها ما أرى...


ظلت روايات محمد صالح الجابري في الذاكرة... وظلت عناوينها ومناخاتها مرسومة في الذهن
واليوم... أستفيق مات الجابري... التحق بالفارسي والمطوي والمسعدي وغيرهم... وبدأت طفولتنا تموت... تموت... تموت...ماتت طفولتنا...تغيرت المباني القديمة مات الأهل الكبار الذين كنا نعتزّ بهم ونحبّهم بكل عفوية.. ومات الكتّاب الذين عشقنا أدبهم وترعرعنا في ظله..
مات الجابري
مخلّفا للمكتبة التونسية رصيدا كبيرا.. وتاركا للساحة الكثير من الأعمال الأدبية والنقدية... وبتوقف نبضه يتوقف نبض قلم تونسي هام ومتميّز.


مات الجابري مات شخوص رواياته وماتت الشخوص التي تناظرها في الواقع...
لكن أعماله لن تموت...
فرحمه الله وأسكنه فراديس جنانه...
http://www.alchourouk.com
==
رحيل الجابري
واختار القصاص العربي البارز الجنوب التونسي "مسقط رأسه" كصورة نمطية للمكانالرمزي بقيمه الأصيلة خاصة أثناء الاحتلال الفرنسي له حتى إن صورة هذا الجنوب لازمتحياة هذا الثائر المفعم بالحماسة والأمل .

قديم 12-21-2011, 11:35 AM
المشاركة 170
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
محمد صالح الجابري.. العروبي
كاتب العربي التونسي الدكتور محمد صالح الجابري الراحل، وهو نموذج للكاتب الذي عاش في حالة اشتباك مع قضايا الوطن العربي متجاوزا الاطار المحلي، الي آفاق العمل الثقافي العربي المشترك لأسباب كثيرة من بينها انه وان كان كاتبا تونسيا بامتياز، جاء من عمق الدواخل التونسية في منطقة الجريد ولأسرة عمالية يشتغل ربها عاملا بمصانع الفوسفات، فقد نشأ وتربي منذ صباه تربية عروبية بمعني انه بعد ان نال قسطا من التعليم في بلاده، ذهب للتحصيل الجامعي في بغداد بالعراق، ثم ذهب للدراسات العليا والحصول علي الدكتوراة في جامعة الجزائر، وعاش في الفترة ما بين دراسته في بغداد وتحضيره فيما بعد للدكتوراة في الجزائر، اعواما في مدينة طرابلس بليبيا حيث اسهم في تأسيس المركز الثقافي التونسي الليبي الذي تم انشاء فرع له في العاصمة التونسية وآخر في طرابلس، وبقي لبضعة اعوام مديرا لفرع طرابلس كما انتقل في فترة من فترات عمله الوظيفي مع وزارة الثقافية ليكون ممثلا للطرف التونسي في الدار العربية للكتاب ومقرها الرئيسي طرابلس، ومر قبل حصوله علي درجة الدكتوراة بوظائف في سلك التعليم كمدرس لطلاب المرحلة الثانوية قبل ان يستقر به المقام في العقدين الاخيرين من حياته بالمنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم مديرا عاما لادارة الثقافة ومشرفا علي موسوعة الاعلام، العلماء والادباء العرب والمسلمين وهي الموسوعة التي اصدرت منها المنظمة 19 مجلدا.

الملمح العروبي
هذا هو اذن الجانب العملي العلمي والاداري لحياة الراحل الكبير حيث يتجلي واضحا الملح العروبي في مسيرة حياته الذي كما اسلفت يتجاوز الاطر المحلية الي افق اكثر رحابة واتساعا يشمل باشعاعه المنطقة العربية بأجمعها، ثم نأتي الي سيرته الادبية من خلال ما كرس له حياته من ابداع ودراسات انجزها بقلمه ونشرها باعتبارها من انتاجه الخاص الذي لايقع تحت اطر المؤسسات العلمية الجامعية مثل موسوعة الاعلام، وله في هذا المجال انجاز يضعه في قائمة المبدعين الرواد والباحثين الكبار من ذوي الافق العروبي الافذاذ فهو صاحب اسهام رائد في تأسيس رواية ذات ملامح عربية منذ ان اصدر منذ اكثر من اربعين عاما روايته الاولي من ايام زمرا مسجلا فيها حياة الطبقة العاملة التي تنتمي اليها اسرته والتي اراد توثيق معاناتها من اجل لقمة العيش ونضالها اليومي تحت كابوس الاحتلال الفرنسي بمناطق الجريد التونسي ثم ارفدها براويته الفذة البحر ينشر الواحه التي كانت من بواكير منشورات الدار العربية للكتاب
إنه الخريف

ونشر مابين عامي 1970 و 1980مجموعة من القصص القصيرة التي اسهم بها في تأسيس قصة جديدة وشارك بها في اثراء نادي القصة عبر مجلة قصص التي اصدرها النادي وكان من مؤسسي هذه المجلة ومن مؤسسي هذا النادي ومن المساهمين في ندواته وحواراته الاسبوعية التي تناقش انتاج الاعضاء كما اسهم في ذات الوقت او قبله بقليل في انشاء رابطة القلم الجديد مع صديقه الذي رحل اخيرا شاذلي زوكاروعمل امينا لها لفترة من الوقت وجمع انتاجه في القصة القصيرة التي نشرها في الدوريات والمجلات الادبية من امثال قصص ومجلة الفكر وغيرها في مجموعتين قصصيتين أحدهما انه الخريف يا حبيبتي، والرخ يتجول فوق الرقعة وكانت الاخيرة ايضا من اصدارات الدار العربية للكتاب ثم اصدر في المجال الروائي روايته المسماة ليلة السنوات العشر التي تحولت لشريط سينمائي تم انتاجه عام 1982وهو ابداع يصب في نهر الابداع العربي اداته اللغة العربية وعالمه طبعا عالم اهله في تونس ومكابداتهم وتاريخ عواطفهم وانفعالاتهم الا انه في دراساته وبحوثه التي اخذت هي الاخري جزءا من جهده وانكب اثناء انجازها ،علي البحث والتنقيب والدراسة انكباب الرهبان المسخرين حياتهم في معبد الفكر والادب والثقافة، فهي تسعي لتعميق تلك الوشائج العربية التي كانت هما من هموم الكاتب منذ ان امسك بالقلم وبدأ خطواته البكر في هذا الطريق
يوميات الجهاد

فأصدر سفرين كبيرين عن يوميات الجهاد الليبي في الصحف التونسية ولم يكن جهدا توثيقيا فقط ولكنه كان جهدا يسجل التاريخ من خلال شهود عيان كانوا وقوفا علي ما حدث ولم يكن يكتفي بما تقوله التقارير الاخبارية ولكنه كان معنيا بما تنقله الاقلام في شكل مقالات وتعليقات وبحوث وقصص واشعار وبمثل ما فعل مع هذا التأصيل والتسجيل لتاريخ النضال الليبي ضد المستعمرين فعل ذلك ايضا مع النضال الجزائري ضد المحتلين الفرنسيين مضافا اليه ابعادا فكرية وثقافية من خلال كتابه" النشاط العلمي والفكري للمهاجرين الجزائريين بتونس" وكان بالضرورة وفيا للقطر الذي انتمي اليه وكان موطن اسلافه ومسقط رأسه ومرابع طفولته وصباه تونس فكان مؤرخا للحياة الفكرية والثقافية المعاصرة علي مدي قرن من الزمان ليترك للاجيال زادا ثقافيا ورصيدا معرفيا من خلال كتب مرجعية هي "القصة التونسية نشأتها وروادها "عن تاريخ المدونة القصصية التونسية وكتابين عن تاريخ المدونة الشعرية التونسية هما " الشعر التونسي المعاصر خلال قرن " و"الشعر التونسي الحديث " ثم كتابيه "دراسات في الادب التونسي" و"ابعد المسافات"، دون ان ننسي سفره الكبير الذي اكمل به نقصا في المكتبة العربية عن نابغة الشعر العامي المصري المرحوم محمود بيرم التونسي وهو" بيرم التونسي في تونس " وهو الذي كان موضوع اطروحته لنيل شهادة الدكتوراة.

حصاد فكري
هذا هو حصاد الحياة الفكرية والعلمية للراحل الكريم الدكتور محمد صالح الجابري الذي فجعت بخبر رحيله وحط علي قلبي كأنه الصاعقة، لانني لم اكن قد سمعت بخبر مرضه، ولم اكن اعرفه يشكو داء عضالا ولا اراه دائما الا هاشا بشوشا تعلو الابتسامة وجهه، كثير الترحيب والشرهبة باصدقائه ومحبيه الذين يداومون علي رؤيته في منتديات الجامعة العربية ومنظمتها الثقافية، وقد ربطتني به علاقة علي مدي العقود الاربعة الاخيرة حيث كنت التقي به بانتظام عندما اقام لمدة اعوام في طرابلس وكان طبعا قريبا من نبض الحياة الشعبية الليبية فهو ابن توزر عاصمة منطقة الجريد التي تشترك في التراث مع ليبيا لاختلاط الاصول والجذور فالليبيون ينسبون لباسهم الوطني المسمي الجريدي الي تلك المنطقة وهي منطقة الجريد وكنت شخصيا قد سافرت الي توزر ونفطة لاشاهد بقايا آثار اهلنا الذين سافروا من بلدة قنطرارة في جبل نفوسه هروبا من دولة الاغالبة للاحتماء بالدولة الرستمية التي تتبني المذهب الاباظي وهو مذهب اهل جبل نفوسه وبينهم طبعا اهل قنطرارة وكانت الدولة الرستمية وعاصمتها تاهرت الجزائرية تبسط نفوذها علي الجريد وانشأ هؤلاء الليبيون النفوسيون بلدة هناك بنفس الاسم كانت هي المرجع الديني لاهل الجريد من اتباع المذهب الاباظي ثم عاد اهل قنطرارة لاعادة تأسيس قريتهم الليبية في الصحراء باسم مزدة، وفي الجريد زرت مركز الطريقة الاسمرية وهو زاوية ومسجد ومكان لاقامة الدارسين وحلقات الذكر والتصوف والمدائح التي تتبع سيدي عبد السلام الاسمر صاحب المنارة والروضة في مدينته الاصلية زليتن بليبيا.

وزراء العرب
ولهذا كان محمد صالح الجابري وهو يقيم في طرابلس يشعر شعورا حقيقيا انه بين اهله في هذه المدينة يحل بينهم محل الابن من اسرته، وعندما عاد للعمل في تونس مديرا لادارة الثقافة بالمنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم كنت لا اترك فرصة ازور فيها تونس الا واذهب اليه في مكتبه التقيه واتعرف الي آخر اخباره العلمية والادبية واتجاذب معه اطراف الحديث واستمتع بطرائفه وفكاهاته فقد كان ساخرا كبيرا وصاحب تعليقات عميقة علي الحياة الثقافية وكان آخر هذه اللقاءات منذ ثلاث سنوات عندما ذهبت للمشاركة في فعاليات نادي القصة وزرته اثناء اقامتي هناك في مكتبه وكان آخر ما سمعته منه تساؤلا طرحه في عفوية وهو كيف ترانا في العالم العربي نختار اهل المناصب القيادية في الدولة، متجها لي بالسؤال عما اعرفه عن الآليات التي نختار بها هذه العناصر، وسألته ان كان لسؤاله هدف فقال لي "اعتبره سؤالا عاما وقل لي، لانني اريد ان اعرف اذا ما كنت مخطئا في تقديري" ولانني لم استطع ان امده باجابة شافية فقد شرح لي كيف انه فوجيء منذ ايام باستاذ خامل الذكر لا تميز له ولا اسهام في الفكر والثقافة او حتي في مجال تخصصه، يصبح فجأة وزيرا، وهو ما جعله يفكر في كيف يصبح هؤلاء الوزراء وزراء واستعرض امامي بطريقته الموسوعية كيف ان هناك سياقا في فرنسا هو الذي اوصل اندريه مارلو ومن بعده جاك لانج وغيرهما الي منصب وزير الثقافة وهناك سياق آخر في بريطانيا او ايطاليا او السويد اوصل فلانا او علانا الي ذلك المنصب الذي يقود من خلاله التعليم او السياسة الخارجية او الاقتصاد "ولكنني"يقول الجابري "عجزت عن العثور علي هذا السياق او فهم الاليات التي تجعل فلانا يصبح وزيرا دون فلان، فليت الامر يكون قائما علي الجدارة او قائما علي مجرد ان لهذا الانسان رؤية في هذا المجال، اقتصادا او صناعة او صحة او تعليما او ثقافة او اعلاما، لتقول له الدولة تعالي لتضع هذه الاطروحة او هذه الرؤية موضع التنفيذ".

التزام أخلاقي
كان هذا آخر ما دار بيني وبينه من حديث، ولعل زميلا ثالثا كان حاضرا لما قاله المرحوم الجابري هو الشاعر محمد القابسي الذي كان يشغل مدير مكتب مدير عام منظمة التربية والثقافة والعلوم، ويشهد كل من عرف الراحل الكبير علي مدي التزامه الاخلاقي ومتانة سلوكه المهني والوظيفي وقوة الاحساس بالمسئولية الذي يملكه وسعة ثقافته وموسوعيتها.
بقلم : أحمد إبراهيم الفقيه


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 34 ( الأعضاء 0 والزوار 34)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 11:35 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.