احصائيات

الردود
1

المشاهدات
1102
 
غادة باكير
من آل منابر ثقافية

غادة باكير is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
6

+التقييم
0.00

تاريخ التسجيل
Mar 2013

الاقامة

رقم العضوية
12026
07-14-2019, 12:28 AM
المشاركة 1
07-14-2019, 12:28 AM
المشاركة 1
افتراضي المشفى خارج الخدمة بحضرة الموت
الموت في سوريا لا يشبه الموت في أي مكان آخر في العالم. هنا للموت لون آخر وطعم غريب وخصوصية، تتميز طرقه وأساليبه ووحشيته.
تنوعت أقنعته التي يرتديها، فتارة هو جلاد في معتقل، وتارة هو غاز يخنق الحياة وأخرى هو رعب في هيئة صواريخ مدمرة ومرعبة. وهو البطل دائماً على المسرح السوري اليومي، والضحايا شعب قد أنهكته الحرب بسنواتها الطويلة.
مقومات الحياة تتوقف في سراقب يوماً بعد آخر، هذا التوقف طال كل جانب حتى المشافي، مما يضطر الناس للبحث عن بدائل للتمسك بالحياة . عدد المشافي التي تتوقف عن الخدمة نتيجة للقصف الذي يطالها من الطيران في ازدياد، وهذا سبب لجوء الناس للمناطق المجاورة، ولكن الموت يطاردهم أينما ذهبوا.
في المشفى الوطني في معرة النعمان، كانت المواجهة المرعبة بين الموت وماهر الذي اصطحب والده ذو الثمانين عاماً للمشفى، بسبب الجلطة الدماغية التي تعرض لها.
لم يكن ماهر يعلم أنه سيواجه أقسى تجربة في حياته. بعد وصولهما إلى لمشفى في صبيحة يوم الأحد الثاني من نيسان/أبريل، وإدخال الوالد إلى غرفة الإنعاش وهو بين الحياة والموت، تعرضت المشفى في نفس اليوم عند الساعة الثامنة مساء لأربع غارات جوية.
يقول ماهر: “تم إدخال والدي إلى غرفة العناية المشددة، وكنت قلقاً جداً على حالته التي تتدهور، لم أكن أعلم أنني سأعيش لحظات ستكون بمثابة رعب أقسى من الموت، كان المشفى مكتظاً بالمرضى والمرافقين، ولم يكن هنالك ما ينذر بالخطر إلى أن حدث انفجار عنيف هز أرجاء المكان”.
ويضيف محاولاً التقاط أنفاسه وكأنه يعيش الحالة مجدداً: “بدأت حالة من الذعر والفوضى تسيطر على الناس، والكل يصرخ لقد ضربت الطائرة المشفى، حالة من الذعر والارتباك تسيطر على الناس، طلب مني أحد الأطباء النزول للقبو، فقلت له: والدي في غرفة الإنعاش، ولكنه قال لا تقلق انزل أنت، وقد انتقلت حالة الذعر لي، فركضت نحو القبو، كان هنالك العديد من الناس أطفالاً ونساء وشيوخ”.
يتابع ماهر قائلاً: “أقسى مشهد شاهدته، كان لامرأة أخرجوها من غرفة المخاض حيث كانت تجرى لها عملية قيصرية. كانت تنحني بألم واضعة يدها على بطنها ومازالت تنزف، وإحدى الممرضات تحمل طفلها ودم المخاض على جسده”.
ويشير ماهر إلى أنه شاهد “شيخاً يزحف على الأرض محاولاً الوصول للقبو، ومع سقوط الصاروخ الثالث، عدت مسرعاً لغرفة الإنعاش، كان والدي في حالة إغماء، وما زالت الخراطيم تحوط جسده، وفي الغرفة الأخرى عدد من الأطفال في الحاضنات والأطباء يقفون إلى جوارهم عاجزين لا يعرفون ماذا عساهم يفعلون، والغارات ما زالت مستمرة”.
يقول ماهر: “طلبت من أحد الممرضين أن يزيل الخراطيم عن جسد والدي لأنني سأنزله للقبو، ثم حملته على ظهري، وتوجهت مسرعاً باتجاه القبو، أتعثر بالركام الذي ملأ المشفى، وأثناء نزولي وقبل أن أصل للقبو، سقط الصاروخ الرابع على سقف المشفى واخترق الأسقف ليسقط أمام القبو، وجميع من كان بالمشفى كانوا بداخله”.
يسدّ ماهر أذنيه بكفّيه يخشى أن يسترجع أصوات البكاء والصراخ والدعاء وتطاير النوافذ والأجهزة الطبية المدمرة وقطع الأسقف المستعارة والغبار الذي أفقده القدرة على التنفس يومها.
يقول ماهر: “كان ما يحدث أقسى من أهوال يوم القيامة. الموت يتجول بوحشية بين الناس، ولا أتخيل أنني سأنسى ما عايشته في هذا اليوم، ووجوه الناس الصفراء وهم يلتقطون أنفاسهم بعد كل صاروخ، منتظرين الموت بين لحظة وأخرى”.
حين أعلن المرصد مغادرة الطيران الروسي للأجواء، كانت فرق الإنقاذ وسيارات الإسعاف من كل منطقة حول المعرة قد أصبحت على باب المشفى المدمر، وبدأت عملية إخلاء المشفى من المرضى.
خرج ماهر مع والده في سيارة الإسعاف باتجاه مشفى إدلب، والوالد ما زال في غيبوبته، وفور وصولهما سقط ماهر على الأرض منهاراً من هول ما عايشه. تم إدخال والده لغرفة الإنعاش، وتقديم المساعدة الطبية لماهر.
يختم ماهر روايته قائلاً: “هذا المشفى كان الأمل لكثير من الناس، فهو مجهز بأحدث الأجهزة ولكن للأسف كل ذلك تم تدميره في لحظات لكنني خلتها سنوات من الذعر وأصبح الآن خارج الخدمة”.


قديم 07-14-2019, 02:30 PM
المشاركة 2
حسام الدين بهي الدين ريشو
مشرف منبر بـــوح المشـاعـر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: المشفى خارج الخدمة بحضرة الموت
سرد
تمكن من لغته
وقصة فيها عظة وعبرة
تحيات تليق


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: المشفى خارج الخدمة بحضرة الموت
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
جاري حسين الأقرع منبر القصص والروايات والمسرح . 1 04-16-2023 12:14 PM
اوجاع ليلة الدخلة _ قصة قصيرة ايوب صابر منبر القصص والروايات والمسرح . 17 03-18-2017 09:27 PM
من على شرفة المشفى مريم جبران عودة منبر قصيدة النثر 9 02-14-2011 06:27 PM
اختصار جارح لوجع ابتسام السيد منبر البوح الهادئ 6 11-12-2010 04:12 PM

الساعة الآن 12:39 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.