بدايةً أتقدمُ وبقلبٍ متألمٍ بصادقِ العزاء وعميقِ المواساة لأخواننا الأقباط , أسألُ الله أن يجبرَ كسرهم وأن يطببَّ جراحهم وأن يَربطَ على قلوبهم ..
ووالله إن مُصابهم مُصابنا وإن أحزانهم أحزاننا وأوجاعهم أوجاعنا ..
بين يدي الموضوع :
مازلتُ – حتى اللحظة – أذكرُ المَشهدَ الذي جَلسَ فيه جورج سيدهم - شفاه الله – في مسرحية ( المتزوجون ) مع نجاح الموجي ( وكيل وزارة التربية والتعليم ) – يرحمه الله ويغفر له - , وفي لحظة مللٍ ويأسٍ سألَ جورج صبي الجَزار نجاح عن سياسة الوفاق .. , فعدلَ نجاحُ طاقيته وقال بثقةٍ غريبةٍ : والله يابخت من وفق راسين بالحلال !!!
فمال نحوه جورج وقال له : دي سياسة أمك !!!!!
....
حتى لايستحيلُ الوفاق نِفاقاً ..
لاأظنُ أن مُسلماً حقيقياً عاقلاً مُتَبِعاً للإسلام الحَقِ إلا وقد آلمه ماتعرضَ له أخوتنا الأقباط في الإسكندرية عندما تعرضت كنيسة القديسينِ لعملٍ إرهابي سافلٍ وحقير , وأنه سيرفضُ تماماً هذا العَملَ ومايدور في فلكهِ ومايُشبهه من أعمالٍ حمقاء غبية تافهة سافلة , وذلك لأربعةِ أسبابٍ :
1- سببٌ إنساني :
فالمسلمُ هو في النهاية إنسانٌ يشتركُ مع كُلِ البَشرِ في احترام الأخلاقيات الإنسانية والتي لاتحتاجُ من صاحبها أن يَعتَنِقَ ديناً مُعيناً فقط يكفيه أن يكون إنساناً فحسب ليلتزِمَ بها ويحترمها , وليس قَتلُ الأبرياء وترويع الآمنين عملاً إنسانياً تحتَ أي ظَرفٍ من الظروف ولامُبررَ له البتة ..
2- سبب كونه مُسلماً :
فالإسلامُ بكلِ التعاليمِ الرائعة العظيمة التي جاء بها مَنعَ منعاَ باتاً أي عَملٍ فيه إفسادٌ أو غدرٌ أو ظلمٌ أو اعتداء تحت أي مُسمى كان , بل أنه أمرَ بالتسامحِ ونَشرِ ثقافة الحُب والتعايش السلمي المُنضبط بضوابط شرعية دقيقةٍ تكفلُ لكلِ الأطيافِ حياةً كريمة ً تُعطي كُلَ ذي حَقٍ حَقه ..
3- خصوصية أهلِ الكِتابِ عموماً :
أمرَ الإسلامُ أتباعه باحترامِ أهلِ الكَتابِ والإحسان إليهم وحتى بالتحاور الراقي والجدالِ المؤدب المُنضبط بتعبيرِ القرآن الكريم { بالتي هي أحسن } , ولم يأمرُ بالإساءة إليهم أو الاستخفاف بهم أو حتى المساس برموزهم الدينية , بل أنه ضَمِنَ لهم حقوقهم كاملةً لدرجةٍ أن الشارعَ قد عَينَّ محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ضامناً شرعياً وخَصيماً ضَدَ من ظلمَ أهل الكِتاب يومَ القيامة ... , كُلِ ذلك وأكثر مالم يكن هناك ظروفاً خاصةً تَفرضُ احتياطاتٍ خاصةً في حالِ الكتابي المُحارب وهذه أيضاً مضبوطةٌ بضوابط شرعية دقيقة وللغاية ..
فكيف يقومُ مسلمٌ بعد كُلِ هذا بعملٍ قذرٍ كهذا العمل ؟!!!!
4- خًصوصية الأقباطِ خصوصاً :
مامن مُسلمٍ لديه الحَدَ الأدنى من المعرفة الإسلامية إلا وهو يعرفُ للأقباط حقهم وينزلهم منزلهم امتثالاً لأمره صلى الله عليه سولم بأن نستوصي بالأقباطِ خيراً لأن لهم رَحِماً يبلغُ حتى هاجر أم اسماعيل عليهما السلام ويمتدُ حتى مارية القبطية عليها السلام ..
كُلِ هذه الأسباب مُجتمعةً تَجعلُ عَقَلَ أي عاقلٍ مُنصفٍ يستبعدُ تماماً أن تقفَ أيدٍ مُسلمةٍ نظيفةٍ طاهرة بماء الوضوء خَلفَ هذا العَملِ الغادرِ القذرِ الكريه ..
وأعجبُ – وحُقَ لي ذلك – من أن أصابعَ الاتهامِ في أي عَملٍ من هذا النوع تمتدُ وبشكلٍ دراماتيكي غريب نحو الإسلامَ وأهله حتى قَبلَ أن تنتهي التحقيقات وفي كَثيرٍ من الأحيان حتى أن قبلَ أن يصلَ الانفجارُ لحرفِ الميم في (( بوووووم )) !!!!!!!
*** قد يُخبرنا البعضُ تطوعاً أنه – وفي كَثيرٍ من الحالاتِ – أسفرتْ التحقيقاتُ عن أن مُسلمين هم من دبَرَ وخَطط لعملٍ إرهابي ما ..
ونقولُ له حَقاً نَطقتَ أيها الكريم ونرجوك أن لاتَعجل علينا وأن تُمهلنا نُخبرِك اليقينَ , أيها الكَريم هاتْ طِفلاً صغيراً وأجلسه تحت ( لمبةٍ ) مُضاءة وأميك بيدك – ودون علم الطفلِ – بزرٍ خاصٍ بهذه ( اللمبة ) , وأطلب من الطفلِ أن ينظُرَ نحو ( اللمبة ) وأن يأمرها بالاشتعالِ واضغط أنت الزِرَ في يدك لتُشعِلَ ( اللمبة ) ثم أطلب منه أن يأمرها بالانطفاء وقم أنت بذلك بواسطة الزِرِ الذي في يدك ...
كَرر هذا العمل مراتٍ عديدة .. , ثم أنظر أي اعتقادٍ راسخٍ تكون عند الطفل !!!
صارَ الطفلُ يعتقدُ بما لايدعَ مجالاً للشكِ أنه هو - وبأمرٍ منه - من يُشعلُ ( اللمبة ) ويطفئها !!!
هذا هو بالتحديد مايحدثُ لكثيرٍ من المُغررِ بهم ومن الذين تعرضت أدمغتهم – إن وجِدت أساساً – لعبث الحاقدين المُفسدين الذين لاينتمون للإنسانية بصلةٍ ناهيك عن أنهم ينتمون لدينٍ مُعينٍ .. , وصدق من قال : الإرهابُ لادين له ..!!!
هذه مجموعة ضالةٌ مُفسدة مرقت من الدين كما تَمرقُ الرمية , يفسدون ويخربون ويدمرون ويعتدون ويضرون الإسلامَ وأهله قبل أي شيء آخر وهم يحسبون أنهم يحسنون صُنعاً ...
حتى نحن – كمسلمين – لم نسلمْ منهم ومن تخريبهم وغدرهم وإفسادهم وقد ذُقنا منهم الأمرين فِكرياً للفئة التي صارَ القلمَ عندها أصبع متفجراتٍ تُلقيه على أي فِكرٍ نظيفٍ مستنيرٍ لتحيله رُكاماً أو للأخرى التي ترى الكونَ كلهم كافرٌ فاسقٌ يستحقُ القَتلَ إلا هم وسادتهم الذين حولوهم إلى الآت قتلٍ تَعملُ بسائلِ الدم !!!
وابحث – رجوتك – وستجدُ أنه مامن مُسلمٍ عاقلٍ مُنصفٍ إلا وهو ينبذهم ويرفضهم ويحاربهم , أفانحملُ نحن وزرهم ؟!!!
أنحاسبُ على عضوٍ فاسدٍ منا بترناه وتبرينا منه منذ زمنٍ بعيد ؟!!!
إن كانت الإجابةُ : نعم , فأرجوكم حاسبوا نوحاً عليه السلام على ابنه ( كنعان ) الذي فَضلَ كومة أحجارٍ واهية على جبالِ الحقِ والخيرِ والنور والنجاة ...
ثم - ورجوتكم – كم هي عَددُ الأعمالِ الإرهابية التي ثَبتَ حقاً وبالدليلِ الذي لايقبلُ الشكَ أن من يقفَ خلفها مسلمون ؟!!
مُعظمُ الأعمالِ الإرهابية لم يُبت فيها حتى اللحظة , وإن حَدثَ وصدرَ اتهامٍ للمسلمين فهو اتهامٌ واهٍ لايستطيعُ الصمودَ أمام التفنيد والتمحيص وأمام فلسفة { قُل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } ..
وبذلك يكون العددُ قليلاً نادراً والنادرُ من بابِ الشاذ والشاذُ مما لاحُكمَ له ..
فكيف – بربكم – صارَ كُلٍ عَملٍ إرهابي قد تقفُ خَلفه كلابُ الشيطانِ ( الموساد ) أو أي جهة مريضةٍ حاقدةٍ مُختلةٍ أخرى يُلصقُ مُباشرةً بالمسلمين ؟!!!!
عذراً ياكرام فِعلكمُ هذا هو أيضاً إرهابٌ لامُبرر له ...
لن أخوض َ أكثر في هذا الأمر لأن ماأريدُ قوله هو الأهمُ وبكثير :
أتمنى من بعض أخواتنا الأقباط – جبر الله كسرهم - عدمَ مُحاولة استغلالِ هذا العَملِ الإرهابي الخَسيس لتمرير مايُسمى بالملفِ القبطي من سَمِ خياطِ هذا الاعتداء السافرِ المقيت ..
لأن خَلطَ الأوراقِ لن يكونَ في صالحِ الجميعِ وسوف يوصلُ الحقيرَ الذي رَغِبَ بيده أوبيد الجاهلِ ( كما في قصة اللمبة والطفل ) أن يُمزقَ المُجتمعَ المصري الرائع المتآلف المتماسك والذي ضربَ ومازالَ يضربُ أروعَ الأمثلة الحية في الصبرِ والاحتمال والشجاعة والتعايش السلمي الرائع المُنضبط ..
فتأجيجُ الجماهيرَ القبطية ودفعهم دفعاً نحو أتون الصراعِ القبطي الإسلامي لن يكون في صالحِ مِصرَ على الإطلاق , ولن يصب إلا في مَصلحةٍ مُعسكراتٍ أُخرى تُحاول تمرير أجندتها الخاصة عبرَ مثلِ هذه الأعمال التي تُثيرُ الفتنة الطائفية لتُهلك المجتمع المصري وتجعلُ من مِصرَ جسماً مُتهالكاً لايستطيعُ النهوضَ أبداً ..
مصرُ مُستهدفة لأنها عامود الصمود الإسلامي في المنطقة , فإذا انهارت انهار البقية لامحالة ..
فنرجوكم إن كنتمُ صادقين في حُبكم لِمصر وحريصين كُلَ الحَرصِ على مصلحة مَصر العليا – نرجوكم – أن لا تسمحوا لبعضكم أن يستغلَ هذه الحادثة ليسوقكم سوقاً ومصر معكم نحو منطقةٍ ستؤذي مِصر أولاً ثم ستؤذي المُسلمين ثم سيأتي الدورُ عليكم وحينها لن ينفعَ نائحٌ نوحه ( أُكِلتُ يوم أُكِلَ الثورُ الأبيض ) ...
كلمةً لابُدَ منها :
الوفاقُ بمعناه الرائع النظيف هو مبدأ إسلامي أصيل مانفك الإسلامُ يدعو إليه ويحثُ عليه ويأمر به في كل تشريعاته الرائعة الحكيمة الإنسانية , ويكفي من أرادَ نظرة سريعة نحو تاريخنا الإسلامي المُشرفُ العظيم ليعلم صِدق ماأقول ..
ولكن أن يصلَ الوفاقُ إلى مَنطقة العقيدة فهذا أمرٌ خطيرٌ لاصبرَ عليه ولاسكوت عنه تحت أي ظرفٍ من الظروف ..
وقد أعلنها الإسلامُ صراحة عندما حَدد المناطق العقيدة التي لايصحُ فيها – وبأي حالٍ من الأحوالِ – الوفاق ..
فقال عَز من قائل :
{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ }
ويحقُ لنا الوفاق في أُطرِ العقيدة العامة كما أشارَ سبحانه وتعالى حين قال :
{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }
أما أكثرَ من ذلك فهو مرفوضٌ تماماً ( كالصلاة الجماعية في دور عِبادة الأقباط والتي يدعو إليها البعض } , فهذا قد يكون ضغطاً شديداً على المسلمين وقد يولدُ انفجاراً شديداً , وقد يدفعُ بعض الظرفاء للقول تهكماً : نحتاجُ لانفجارٍ أمام مَسجدٍ لنوازن الكفة !!!!
فأرجو من كُلِ مُسلمٍ مُحترمٍ لدينه وعقيدته ألا ينساقَ خَلفَ مثل هذه التُرهات والتي يُرادُ بها كَسَر عُنقِ اعتداد المُسلم بعقيدته والتي تُميزه عن غيره ..
وأكررُ رجائي للأخوة الأقباط بأن لا يُحمِلوا الأمرَ أكثرَ مما يحتمل وأن يجعلوا حَقاً لكُلِ حادثةٍ حديث كما أن للمسلمين لكلِ وقتٍ آذان ..
وأن يقلبوا الطاولةَ على من يُريد الإضرار بِمصر وأهل مصر , وأن يستمروا بمتابعة مطالبهم واستحصال حقوقهم المدنية وغيرها عبر الطرائقِ السليمة والمتمدنة والعقلانية ولكم عَهِدنا في الأقباطِ خيراً وحِكمةً وحُسن إدارة للأمورِ ( وإن كنتُ أعتبَ على قداسة البابا شنودة في لقاءٍ تلفزيوني له إصراره – وبشكلٍ غريب- على فَتحِ الملفِ القبطي في ظلِ هذا الظرف الذي أضر بمسلمي مصر قبل أقباطها !!! ) ..
خِتاماً :
ماحدث في الإسكندرية عَبر تعبيراً صارخاً عن فلتانٍ أمني كبير , ولكم كنتُ أتمنى من فخامة الرئيس – حفظه الله – أن يُبادر بإقالة وزير الداخلية على الفور وأن يٌقيلَ كُل الرموز الأمنية في مدينة الإسكندرية , لأن ماحدث هو أمرٌ خَطيرٌ بكل المقاييس ..
ولأني أعلمُ تماماً مايمرُ به الرئيس – حفظه الله – من موجاتٍ عارمةٍ تُريدُ لنظامِ مصر الرئاسي أن يتغيرَ نحو مايروه هم الأفضل والأحسن , فإنني أظنُ أن فخامةَ الرئيس قد ينظرُ لمطلبي إقالة وزير الداخلية ورموز الأمن في الإسكندرية نظرة استهجان وأن يميلَ نحوي قائلاً :
دي سياسة أمك !!!!
.
.
.
مسلمون وأقباط هم جميعهم نبض مصر الحقيقي ..
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
دي سياسة أمك ...
01-06-2011, 11:41 AM
