احصائيات

الردود
6

المشاهدات
1614
 
محمد فتحي المقداد
كاتب سـوري مُتألــق

اوسمتي


محمد فتحي المقداد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
650

+التقييم
0.12

تاريخ التسجيل
Sep 2009

الاقامة

رقم العضوية
7788
04-15-2020, 11:48 PM
المشاركة 1
04-15-2020, 11:48 PM
المشاركة 1
افتراضي كاسندرا (قصة قصيرة)
[justify](أدب العزلة في زمن الكورونا)

[center]
كاسندرا
قصة قصيرة

بقلم الروائي – محمد فتحي المقداد

تآكلت آثار النّاس على دروب هذه المدينة العامرة بعد إطلاق صفّارة الإنذار؛ فهل انشّقت الأرض عنهم.. وابتلعتهم في مثل ساعات الذّروة؟. على مدار أيّام أفتقدُ الضّجيج، قبل ذلك كنتُ أتمنّى توقّفه للحظات من اللّيل؛ لأنعم بنوم هادئ ترتاح فيه أعصابي المُرهقة على الدوام. هل المدينة كرهتنا..!! عاقبتنا؛ فحرمتنا جميع مرافقها..!!؟.
رَهَبُوتُ المقابر المُظلمة نشر أوشحته على المكان، كأنّ الأموات توازعوها آخِذًا كلّ حصّته منها وذهب. عبر النّافذة تسترسل نظراتي بعيدًا في اللّا شيء المجهول. خِلْتُ لحظتي هذه مُتدثّرة بالموت الأسود في عينيّ. ظنونٌ تساورني بفرحة الطّريق من عابره، من أثقالهم وأحمالهم.. من صراخهم وزعيقهم.. كآبة اللّصوص بتعطّل نشاطاتهم. البيوت يحرسها أهلها. دوريّات الشّرطة لا تترك زاوية، ولا مُفترقًا إلّا آخذين موقعهم فيه. سيّاراتهم تجوب الأنحاء بحثًا عن مخالفي الأوامر.
بساط الذكريات يأخذني على متن أثيره، إلى ما قبل بداية الألفيّة الثانية بسنوات، أيّام موضة المسلسلات المكسيكيّة، هوَسٌ غير طبيعيّ اجتاح المُجتمع بمعظم فئاته العمريّ. خلوّ الشّوارع أمر لفتَ انتباهي آنذاك. ما الذي يحدُث يا جماعة الخير، قالوا:
-"كاسندرا".
-"ومن هذه الكاسندرا؟".
اكتسبت شعبيّة طاغية، مُنافسة للمسلسلات البدويّة الأقدم (رأس غليص -ووضحة وابن عجلان)، هذا الأشهر التي تعلقّت بها قلوبنا، بفارغ الصّبر كنّا ننتظر موعد البثّ، أيّامها كان التلفزيون بالأسود والأبيض، وليس من العيب أن يذهب الجيران وأهل الحارة، لمن كان عندهم هذا الجهاز السّحري بكلّ أريحيّة ببساطة وبلا تعقيد، الذي غيّر أنماط حياتنا، كان ثورة اجتماعيّة حقيقيّة. تعادل ثورة تقنيّات الموبايلات مع مطلع القرن الواحد والعشرين.
من المُضحك المُبكي اختلاف مواعيد السّفر المقرّرة والمؤكّدة، بعد انتهاء إجازتي السنويّة أثناء عملي في (أبو ظبي)، تزامنت مع عودة المُدرّسين في آخر الشّهر الثّامن إلى وظائفهم على نفس الرّحلة، وافتتاح معرض دمشق. لأمر تقنيّ خارج عن سيطرة مكتب السّفريّات في درعا، طال انتظارنا من العاشرة صباحًا إلى الحادية عشر ليلًا حتى انطلقنا.
كثرة التُساؤلات الضّجرة، تآكل صبر المسافرين جميعًا.. التأفّف لا ينفعنا، خيارنا الصّبر ، في لحظة أضحكتنا رغم مرارة قهرنا، وتعب أجسامنا غير الطبيعيّ. أحد المُدرّسين سائلًا موظّف المكتب قبل الرابعة عصرًا:
-"متى سيأتي الباص..!!؟".
-"أخبرونا أن الباص انطلق من دمشق إلينا".
-"يعني إذا ذهبنا وحضرنا كاسندرا، ورجعنا يكون قد وصل!!؟".
انقلبت الحالة إلى نشوة عارمة استفقنا على كلام ولغط عمّ صالة المكتب الواسعة وخارجها، موضة التلفزيونات في المكاتب المحلّات لم تن قد انتشرت وقتها.
شاب هناك في طرف الطرف المُقابل، تنحنح بصوت عالٍ، نبّهنا إليه، قال:
-"سأخبركم أنّه في أحد القُرى - تباعد الوقت أنساني اسمها-الجنازة تركوها في المسجد، وحدّد المؤّذن الموعد الصّلاة عليها، بعد انتهاء كاسندرا".
تبدّد السّأم والملل، بانطلاقنا في حكايا لم تكُن لتخطر على بالنا. أحاديث جانبيّة ألهتنا ساعة من الزّمن. ونعود نجترّ إرهاقنا حتّى مجيء الحافلة. صفّارة الإنذار في السّادسة مساء من كلّ يوم، صارت تسترعي انتباهي لمعاينة السّاعة لابتداء منع الخروج، ولزوم البيوت؛ تستعيدني إلى بداية الحرب في سوريّة 2011. الشّوارع في بصرى بعد كانت تخلو من العابرين. انتشار الخوف على نطاقات واسعة، انقطاع الكهرباء أرجعنا إلى العصور الحجريّة. فلا وسائل تسلية أبدًا، استحالت التلفزيونات والموبايلات والهواتف الأرضيّة أدوات لا حياة فيها، مثل أموات فارقت أجسادهم الأرواح. تنقلب المدينة ليلًا إلى ساحة رعب مرتعًا للأشباح.
في إربد. فارغة إلّا من أعمدة الشّوارع تنير الطّرقات، وصفير سيّارات الدّفاع المدني أو النّجدة، يُرسل لي رسالة اطمئنان أنّ شيئًا هناك في الخارج يتحرّك، أو ضجيج سيّارة يمتلك سائقها تصريح خروج.
حصار مُرفّه بأدواته مع الأنترنت، شعوري الدّائم بضيق يكتم أنفاسي، حركاتي محدودة، خدر مفاصلي أمام الحاسوب الشّخصيّ لساعات ما بعد منتصف اللّيل، اختلال مواعيد النّوم والطعام والخروج إلى الحمّام. آخر عهدي بالموبايل قبل النّوم، وأوّل عناق لي معه بتفتّح عينيّ في الصّباح.

عمّان - الأردنّ
15 \ 4 \ 2020




[/justify]


قديم 04-18-2020, 03:06 PM
المشاركة 2
محمد فتحي المقداد
كاتب سـوري مُتألــق

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: كاسندرا (قصة قصيرة)
الأسئلة كثيرة والأجوبة تفوق التساؤلات
وما زلنا في طور رصد ظواهر اجتماعية
غزت مجتمعنا ..
تحياتي

قديم 04-27-2020, 03:23 AM
المشاركة 3
العنود العلي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: كاسندرا (قصة قصيرة)
"سأخبركم أنّه في أحد القُرى - تباعد الوقت أنساني اسمها-الجنازة تركوها في المسجد، وحدّد المؤّذن الموعد الصّلاة عليها، بعد انتهاء كاسندرا"
عجيب أمر العرب .. وويل لهم من شر قد اقترب
عاطفتهم اللامبررة تجعلهم يقترفون محظور الموت
ويؤجلون جنازة من أجل مسلسل مدبلج ولا يبذلونها
على بعضهم البعض كي يجتمعوا على قب رجل واحد
ابتسمت لقصة كاسندرا وكدت أن أبكي حزنا
شكرا لليراع أستاذي .. مع فائق التقدير

وحيدة كالقمر
قديم 04-27-2020, 03:33 AM
المشاركة 4
محمد فتحي المقداد
كاتب سـوري مُتألــق

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: كاسندرا (قصة قصيرة)
"سأخبركم أنّه في أحد القُرى - تباعد الوقت أنساني اسمها-الجنازة تركوها في المسجد، وحدّد المؤّذن الموعد الصّلاة عليها، بعد انتهاء كاسندرا"
عجيب أمر العرب .. وويل لهم من شر قد اقترب
عاطفتهم اللامبررة تجعلهم يقترفون محظور الموت
ويؤجلون جنازة من أجل مسلسل مدبلج ولا يبذلونها
على بعضهم البعض كي يجتمعوا على قب رجل واحد
ابتسمت لقصة كاسندرا وكدت أن أبكي حزنا
شكرا لليراع أستاذي .. مع فائق التقدير
الأستاذة العنود
أسعد الله اوقاتك بالخير
لو رجعنا قليلا لمفهوم ابن خلدون في تطور الأمم
وقيام الدول وزوالها. هناك المنتصر الغالب.. وهناك
المهزوم الملغوب.. فالمنتصر يفرض شروطه.. في كل شأن
الأمم المهزومة تقلد الأمم المتقدمة في كل شيء.. اعتبارا
من اللباس وطريقة المأكل والمشرب وأشكال الحياة المختلفة
وهذا المسلسل المكسيكي هو جزء من موضوع الغزو الثقافي
الذي اجتاحنا على كل الأصعدة والمستويات..
كما اجتاحتنا المطاعم الأمريكية وقصّات الشعر والألببسة الممزقة
على الرّكب والأقدام .. والمظاهر الغريبة لشبابنا وبناتنا..
وهذا ليس مخفيا أو في عالم آخر.. بل هو بيننا في مينة عربية..
ومن تجول في شوارع أي منها شرقا وغربا.. سيرى.....!!!
تحياتي وتقديري
وكل عام وأنت بخير يارب

قديم 04-28-2020, 11:47 PM
المشاركة 5
محمد فتحي المقداد
كاتب سـوري مُتألــق

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: كاسندرا (قصة قصيرة)
أصاب السوريين حمّى اسمها كاسندرا..
فظهرت فساتين للبنات وألعاب وحملت
محلات أسماءها لتجارية باسم كاسندرا
بافعل وقتها أصبحت ظاهرة.. تستحق
الدراسات الاجتماعية ..
تحياتي

قديم 04-29-2020, 02:27 AM
المشاركة 6
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: كاسندرا (قصة قصيرة)
"سأخبركم أنّه في أحد القُرى - تباعد الوقت أنساني اسمها-الجنازة تركوها في المسجد، وحدّد المؤّذن الموعد الصّلاة عليها، بعد انتهاء كاسندرا"
عجيب أمر العرب .. وويل لهم من شر قد اقترب
عاطفتهم اللامبررة تجعلهم يقترفون محظور الموت
ويؤجلون جنازة من أجل مسلسل مدبلج ولا يبذلونها
على بعضهم البعض كي يجتمعوا على قلب رجل واحد
ابتسمت لقصة كاسندرا وكدت أن أبكي حزنا
شكرا لليراع أستاذي .. مع فائق التقدير
بصراحة لا أستطيع أن أكتب رداً أقوى من هذا الرد
أحسنت يا العنود .. أوافقك ِ في كل كلمة
وأرجو أخي محمد فتحي أن تعتبر هذا ردي أيضاً مع إضافة بسيطة وهي سردك الممتع الذي أمتعني
تحية واحترام لكما

قديم 04-29-2020, 12:07 PM
المشاركة 7
محمد فتحي المقداد
كاتب سـوري مُتألــق

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: كاسندرا (قصة قصيرة)
بصراحة لا أستطيع أن أكتب رداً أقوى من هذا الرد
أحسنت يا العنود .. أوافقك ِ في كل كلمة
وأرجو أخي محمد فتحي أن تعتبر هذا ردي أيضاً مع إضافة بسيطة وهي سردك الممتع الذي أمتعني
تحية واحترام لكما
استاذة ناريمان
مرورك اضافة مهمة واثراء للموضوع
واعادة طرحة للقراءة والنقاش
كل عام وانت بخير وصحة وسلامة يارب نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: كاسندرا (قصة قصيرة)
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصص قصيرة مسعدة مسفر منبر القصص والروايات والمسرح . 4 12-21-2020 08:55 AM
مشروع قصة قصيرة كل اسبوع - شارك معنا في كتابة قصة قصيرة كل اسبوع ايوب صابر منبر القصص والروايات والمسرح . 156 08-22-2018 02:54 PM
قصص قصيرة عبدالحكيم ياسين منبر القصص والروايات والمسرح . 12 01-16-2015 07:29 PM
قصص قصيرة جدا خا لد عبد اللطيف منبر القصص والروايات والمسرح . 6 09-01-2011 12:51 AM
بعث - قصة قصيرة ايوب صابر منبر القصص والروايات والمسرح . 16 08-07-2011 11:50 PM

الساعة الآن 02:51 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.