احصائيات

الردود
4

المشاهدات
3215
 
ريمه الخاني
المثقفون العـرب

اوسمتي


ريمه الخاني is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
146

+التقييم
0.02

تاريخ التسجيل
Oct 2006

الاقامة

رقم العضوية
2043
12-23-2014, 05:11 PM
المشاركة 1
12-23-2014, 05:11 PM
المشاركة 1
افتراضي الخروج من الشرنقة...
الخروج من الشرنقة...
أحكمت خناقها على جسده المنهك... بدأ تنفسه يتصاعد ويقصر مداه...يشعر أنه سيموت بعد قليل...
مازال يدفعها بكلتا يديه.. لا يريد الاستسلام أبدا, يحاول تمزيقها بقوة لهفته لاستمرار حياته...نعم من المؤسف أن يموت الان.
لقد ضاقت عليه تلك الشرنقة مؤخرا ...يخشى أن تخور قواه فجأة ...يراوح بين قدميه ويتكئ على الأخرى ويعيد المحاولة من جديد...
يحاول الاستراحة بين الفينة والفينة لئلا ينتهي الأوكسجين فيها.. فقد باتت رائحة الهواء فيها مقززة.
مازالت تستعصي عليه , ويزداد جدارها صلابة...إنه يقرضها بأسنانه.. يجب أن يعيش, نعم يجب أن يعيش.
يبحث عن نقاط ضعف في جدارها ليقضم أكثر...فينفد للخارج...
هل كل الشرانق هكذا؟, كيف صار فيها أصلا؟!!!,سؤال لا جواب له, لقد تأخر في اتخاذ قرار الهجوم والخروج...
انفرج ثقب فيها فجأة من غير توقع...أصابه الذهول.. هل حقا سأرى السماء والشمس من جديد؟...
عندما انفرجت عنه قليلا وهومازال يتمتم بأدعية حفظها منذ صغره....يسجد ويتمتم...يكرر ويعيد ما كان في الذاكرة.. ينبش فيها عله يجد تعويذة أقوى مفعولا...
تنفرج أكثر...يسجد.. يتضرع بحسنات أعماله...يعيد الكرة.. يسقط من رباعيته سناّ!! , يصرخ ألما...
يمسكه بكلتا يديه حزينا.. يضعه في جيبه..
-سوف يعيد سنه لمكانه عندما تتحسن الظروف...يحاول تكسير جدارها بأظافره.. يتكسر شيئا منها...
يرفس بقدميه ما تبقى من عزم له حتى تنفرج الفرجة أكثر.. يتذكر والده عندما هجر الناس قائلا:

-كلنا غرباء في هذا المكان...لكننا سنعيش.. سنعيش بطريقة ما...
لقد خربوا مكان معيشتهم و ما عرفوا كيف يبنون البلاد كما يجب , عاشوا على ما تبقى لهم من خيرات ونسوا كيف كانوا يرفعون منتوجها قديما ...لقد كان طرأ عيب في تفكيرهم ما استطاعوا إصلاحه أبدا...لقد تراجعوا حتى باتوا يتهمون العالم في ذلك.
إن المكابرة على العيوب كمن تأقلم على الظمأ طويلا...هل سيطيب له العيش وهل سيعيش سويا؟, وهل سيعمل دماغه بجدوى؟.
أي مكان هذا الذي كان يذكره والدي؟.. مؤكد ليست تلك الشرنقة ,فقد كان عالمه أوسع وأجمل.. كيف أفاق فجأة ليجد نفسه هنا؟.
يجلس متربعا يبكي حزينا لما آل إليه أمره, يخشى أن تكون قواه قد خارت...يتساءل محتارا:
-كيف وصلت لهذه لمرحلة الحرجة ؟, من نسج شرنقتي؟, من وضعني فيها؟, كيف حصل وأنا حي؟...
كف حصل وعيناي مفتحتان؟.
تخونه الذاكرة فهو لا يتذكر فعلا كيف حصل ...تقفز لذاكرته عبارة والده:
-كل ذنب يذنبه ابن آدم ويقترفه ينسج خيطا في مشنقته...
هل هذه هي المشنقة إذن؟.. هي لا تحاصر رقبتي؟!!..هي تحاصرني جميعا..

ينهض من جديد...تزداد الفرجة اتساعا ...يحاول الخروج...ومرارا.. وتكرارا...ينجح رويدا رويدا ..
لكنها تشد على خاصرته قليلا ...يدفع جسده بكلتا يديه فينقذف خارجا ويرتمي على الأرض...ينظر خلفه فيراها مكسرة ممزقة.
-أين أنا؟
جميل أن ينقذ المرء نفسه بنفسه...فرب منقذ هو في واقع الأمر غير منقذ...
يشتم رائحة حريق بائت...خطوات ترج الأرض تحت وطأتها وتهتز...ينظر حوله فلا يرى آدميين...
يفاجئه رأس مقطوع يمشي وحده.. يبتسم له ويمضي...
يتلفت فزعا.. ما هذا؟.
.فيراه يمضي دون أن يلتفت...أيادي تمشي وحدها...بعينين مزورتين...تنظر إليه ضاحكة وتمضي...
وقلوب تنزف دما على قارعة الطريق...قد تحررت الأعضاء منها...وطريق يغوص فيه ما به من قرار...
فيحاول المرور فيه بحذر...
يركض فزعا عندما تبدأ الرؤوس بلحاقه...تصرخ تنادي:
-مازال حيا...
يركض نحو اللا شيء...مازالت الجبال قائمة على أصولها...يركض نحوها...يتسلق صخورها بعيدا عن هجوم الرؤوس المقطوعة...تلحقها الأطراف صارخة:
-مازال حيا...
يقع مرات وتقرضه أسنانها....يحاول الفرار بنفسه.. متسائلا:
-ما هذا الذي أراه؟, هل هذه بلادي فعلا؟.
يرددون:
-مازال حيا...
يبكي.. يكاد ينهار...تمنى لو رأى ظل أحد يعرفه من قريب.. فيضمه كما كان.. يشكو له حاله, يقول له كلمة رفق واحد...
يدخل كهفا وقد أدمته كثرة الهجوم...يهدأ عندما يضع صخرة في فوهة الكهف...فيسده.
يتذكر كلمة والده:
-السكون موت...
ينظر حوله فزعا.. لا يرى شيئا سوى كائنات ميتة...في الأرض...
إلى من يلجأ؟, أليس الله هو الله؟...ينظر إلى الأعلى...يتدلى فوق رأسه العنكبوت...
يحاول النوم... فهو منهك حتى الثمالة , فلا يستطيع ,تتشكل خيوط رقيقة حول رقبته...يدفعها بعيدا عنه.. لكنها تتشكل رغما عنه.. كغزل البنات الطفولي , بلا لون و لا رائحة .. لا بل كخيوط عنكبوتي تريد إعدامه.
يشعر بالجوع يحرق معدته...تصطدم بصخرة الكهف أصوات هوجاء...ترجه , تنادي..
-مازال حيا...
يخرج القرآن من جوفه مرتلا...كان قد حفظه صغيرا...
أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ..
يتخذها تعويذة...يكررها...يشعر بالراحة...ينام...ليستفيق على صوت نقر تقوم بها يداه ليخرج من شرنقته من جديد...
ريمه الخاني 29-5-2014
نشرت لأول مرة في موقع ديفيان آرت الغربي مترجمة ومجلة فكر الخليجية.


قديم 12-29-2014, 05:01 PM
المشاركة 2
زياد القنطار
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
هذا النص لكثرة زوايا الرؤية فيه ,أجدني مع كل عودة أتفنن في إسقاطه من جديد على تفصيل من تفاصيل واقعنا ,حتى يصبح الواقع بكل تفاصيله ماثلاً ولكل تفصيل به شرنقته التي نجاهد أن نخرج منها لتضعنا في نواة شرنقة أخرى .
اجتراح بين المعالم لحالة التخبط من عمق رمزية الدلالات .استنهضت الأسئلة فإذا بالإجابات فاغرة الفم بعيونها الزائغة المسكونة بالحيرة الأبدية .
الأستاذة ريمه الخاني ....مازلنا نرتجل الأمان والطمأنينة ومازل الخوف باسماً ساخراً عجزنا .
تحية وتقدير لحرفك ..دام الألق ودام توقد حرفك ...خالص الاحترام والتقدير


هبْني نقداً أهبك حرفاً
قديم 12-29-2014, 08:01 PM
المشاركة 3
فاطمة جلال
مراقبة سابقة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
[tabletext="width:70%;"]

الأديبة والكاتبة القديرة ريمه الخاني
هذه القصة تندرج تحت نص قصصي بدرجة امتياز تتابع الحدث وطريقة السرد تجعل القارئ يلهث وراء الحرف
لعله يدرك السطر الأخير لتهدأ روحة ويستكين وما يلبث أن يعيد القراءة مرات ومرات ليتطلع على ما وراء الحرف من بلاغة وما يحمل من فكر ثاقب

رائع أديبتنا

وأتمنى لك التوفيق


[/tabletext]

تَعَـالَ ...
نَعْـجِن مِـن الحِـرَفِ رَغِيفًـا عَـلَى مَوَائِـدِ الـكَلَامِ ...
وَنَـكْتُب رَسَائِـلَ الحَـنِينِ إِلَى اليَـاسمِينِ ....

تعـالَ...
فمن تشتاق الـروحُ اليـهم ؛ قـــد أوغلـوا فـي الغيـاب !

فاطمة جلال

.....
قديم 03-18-2016, 06:51 AM
المشاركة 4
ريمه الخاني
المثقفون العـرب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هذا النص لكثرة زوايا الرؤية فيه ,أجدني مع كل عودة أتفنن في إسقاطه من جديد على تفصيل من تفاصيل واقعنا ,حتى يصبح الواقع بكل تفاصيله ماثلاً ولكل تفصيل به شرنقته التي نجاهد أن نخرج منها لتضعنا في نواة شرنقة أخرى .
اجتراح بين المعالم لحالة التخبط من عمق رمزية الدلالات .استنهضت الأسئلة فإذا بالإجابات فاغرة الفم بعيونها الزائغة المسكونة بالحيرة الأبدية .
الأستاذة ريمه الخاني ....مازلنا نرتجل الأمان والطمأنينة ومازل الخوف باسماً ساخراً عجزنا .
تحية وتقدير لحرفك ..دام الألق ودام توقد حرفك ...خالص الاحترام والتقدير

صدقت بما كتبت...
سرني حضورك المتألق وردك الموفق والذي يظهر قراءة متانية للنص.
دمت بخير وتوفيق.

قديم 03-18-2016, 06:52 AM
المشاركة 5
ريمه الخاني
المثقفون العـرب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
[tabletext="width:70%;"]

الأديبة والكاتبة القديرة ريمه الخاني
هذه القصة تندرج تحت نص قصصي بدرجة امتياز تتابع الحدث وطريقة السرد تجعل القارئ يلهث وراء الحرف
لعله يدرك السطر الأخير لتهدأ روحة ويستكين وما يلبث أن يعيد القراءة مرات ومرات ليتطلع على ما وراء الحرف من بلاغة وما يحمل من فكر ثاقب

رائع أديبتنا

وأتمنى لك التوفيق


[/tabletext]
يسرني حضورك عزيزتنا ورائعتنا.
دمت بألق دوما.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الخروج من الشرنقة...
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الخروج ياسر السعيد الششتاوي منبر الشعر العمودي 10 12-05-2020 10:32 PM
دعاء الخروج من البيت د محمد رأفت عثمان منبر الحوارات الثقافية العامة 0 11-21-2015 07:17 AM
الخروج من الحذاء .. ( قصة قصيرة )* محمد فتحي المقداد منبر القصص والروايات والمسرح . 2 09-20-2015 11:41 AM
مسيرة أعوام من الجروح!! منال الشايع منبر البوح الهادئ 10 02-14-2011 08:54 PM

الساعة الآن 05:34 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.