قديم 10-21-2010, 03:35 PM
المشاركة 41
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ،،


قراءة في قصيدة الشاعر عمر ابو غريبة " الصورة النازفة - 5



عراقُ ألمْ يُتخمْ من القتلِ والِغٌ وقد فاض بالأشلاءِ فمٌّ ومنخرُ

عراقي الذي منه العروقُ شواخِبٌ ونهري الذي من دورةِ الدمِ أحمرُ

ألمْ تنطفئْ لابنِ الزنا منك شهوةٌ فما زال يحتزُّ الرقابَ وينحرُ

ألمْ يتجشَّاْ من دمائك فاسقٌ يعبُّ دمَ الأطفالِ رطلاً ويسكرُ



وفي هذا المقطع يتساءل الشاعر، وعلى لسان الأم الثكلى، وهو يتحسر على العراق وما آل إليه من وضع ومآسي: إلى متى يظل القتل والغلو فيك يا عراق؟ وقد اُتخمت به، أي القتل، وفُضت بالأشلاء التي تراكمت حتى كادت أن تصل إلى الأفواه والأنوف وهي صورة من صور يوم القيامة.


ويصف الشاعر العراق هنا وكأنه شخص قطعت عروقه فنزف الدم منه، لاحظ هنا استخدام كلمة شواخب، أي ينزف بشدة كأوداج الذبيحة عندما تُذبح لكنه ينزف دما قانيا حتى تحولت أنهاره دجلة والفرات إلى اللون الأحمر القاني بل أصبحت اشد حمرة من لون دورة الدم وهو كناية عن عظم ما تم إراقته من دماء من أبناء العراق وهي صورة أخرى من صور آخر الزمان.


ويتساءل الشاعر من جديد وعلى لسان الأم أيضا ويوجه سؤاله للعراق العظيم هذه المرة مستنكرا ما يحدث هناك: الم يكتف أولاد الزنا بهذه الأعداد التي قتلوها منك يا عراق؟ الم يشبعوا شهواتهم بالقتل؟ ألهذا السبب هم مستمرون في اجتزاز الرقاب ونحر الناس؟ ويستمر الشاعر في طرح الأسئلة مستنكرا ما يجري هناك: الم يصب هذا القاتل ابن الزنا بالتخمة من دماءك يا عراق بل من دماء أطفالك وهو يعب منها ويسكر؟


فيا معشرَ الأذنابِ عبّوا جيوبَكم من النفلِ والأسلابِ والقَوْدِ وانفِروا
بكَم بعتمُ حزنَ الثكالى ودمعةً سفحنَ تساوي كلَّ نفطٍ يُكرَّرُ
أمرتزقٌ من لحمِنا وصِغارِنا ببخسِ دنانيرٍ على القتلِ تُؤجَرُ
خذوا نفطَكم عني إلى غيرِ رجعةٍ ونحُّوا مُداكم عن دمي وتقهقروا
وعرشكم الهاري على جثتي وهى فروموا بمالِ النفطِ شعباً لتشتروا
وَلدنا وأرضعنا دُمىً تقذفونها بأقدامكم كي تستجمّوا وتسمروا



وهنا يتحول الشاعر لمهاجمة أذناب المحتل ونسمع صوت الأم من جديد فيخاطبهم مقرعا لهم..الم تكتفوا أيها الأذناب؟ الم تعبوا جيوبكم من السرقات والأنفال أي غنائم الحرب؟ الم تكتفوا بما حصلتم عليه مقابل خدماتكم القذرة ومن بينها القوادة؟ ويتوجه بالسؤال لهم مستنكرا أفعالهم: بكم بعتم أيها القُواد حزن الثكالى ودمعهن المسفوح والذي يعادل في قيمته كل النفط المكرر؟
ويتساءل الشاعر على لسان الأم أيضا من جديد مستنكرا أيعقل أن تكونوا مرتزقة تعملون في خدمة المحتل وانتم من لحمنا ودمنا!؟ أيعقل أن تكونوا من لحمنا ودمنا وانتم تعملون بابخس الأجور لتقتلوا وتدمروا؟

ويتوجه إليهم الشاعر مقرعا لهم... خذوا أيها المرتزقة الأوغاد النفط كله وارحلوا إلى غير رجعه ولكن توقفوا عن القتل وكفوا أيديكم التي تقطع أوصال أبناء العراق...ولا تظنوا أيها الأوغاد أن بإمكانكم شراء الشعب بأموال النفط التي سرقتموها.

وفي البيت التالي نعود لنسمع صوت الأم وهو يجلجل إذ تتوجه بالسؤال لإذناب المحتل فتسأل وتقول مستنكرة: أيها الأذناب الأوغاد هل ولدنا فلذات أكبادنا وأرضعناهم وقمنا على تربيتهم لكي تأتوا انتم لتتقاذفوهم بإقدامكم كالدمى وكأنكم في حفلة سمر واستجمام!؟

وقد أبدع الشاعر هنا من جديد في الوصف والتصوير إذ ربط ما يجري في العراق من أهوال وقتل وسكف دماء بأهوال وصور يوم القيامة فمن ناحية اصطبغ لون نهري دجلة والفرات بلون الدم وفاضت ارض العراق ولكن ليس بالعرق كما يحدث يوم القيامة وإنما بالجثث هذه المرة.

ثم ينتقل الشاعر ليستنكر بأشد العبارات وأقساها ما يقوم به أذناب المحتل من دور قذر حيث باعوا أنفسهم وعملوا مرتزقه عند المحتل وقاموا بكل أعمال القتل والقوادة والسرقات وسفكوا الدماء من اجل أن يعبوا جيوبهم من هذه الأعمال القذرة ومن أموال النفط . وما زال الشاعر يستنكر على هذه الفئة أعمالها ويقرعهم ويستنكر عليهم أن يكونوا من أبناء العراق وقد عاثوا فسادا فيه إلى حد أنهم يتقاذفون الأطفال بإقدامهم كمثل الدمى إذا أرادوا أن يتسامروا ويستجموا. فيقول لهم خذوا أيها الأذناب النفط ولكن ارحلوا وكفوا أيديكم عن أطفال العراق.

يتبع،،

قديم 10-21-2010, 07:53 PM
المشاركة 42
عمر ابو غريبة
شاعر وأديب أردني
  • غير موجود
افتراضي
تابع ،،


قراءة في قصيدة الشاعر عمر ابو غريبة " الصورة النازفة - 5



عراقُ ألمْ يُتخمْ من القتلِ والِغٌ وقد فاض بالأشلاءِ فمٌّ ومنخرُ

عراقي الذي منه العروقُ شواخِبٌ ونهري الذي من دورةِ الدمِ أحمرُ

ألمْ تنطفئْ لابنِ الزنا منك شهوةٌ فما زال يحتزُّ الرقابَ وينحرُ

ألمْ يتجشَّاْ من دمائك فاسقٌ يعبُّ دمَ الأطفالِ رطلاً ويسكرُ



وفي هذا المقطع يتساءل الشاعر، وعلى لسان الأم الثكلى، وهو يتحسر على العراق وما آل إليه من وضع ومآسي: إلى متى يظل القتل والغلو فيك يا عراق؟ وقد اُتخمت به، أي القتل، وفُضت بالأشلاء التي تراكمت حتى كادت أن تصل إلى الأفواه والأنوف وهي صورة من صور يوم القيامة.


ويصف الشاعر العراق هنا وكأنه شخص قطعت عروقه فنزف الدم منه، لاحظ هنا استخدام كلمة شواخب، أي ينزف بشدة كأوداج الذبيحة عندما تُذبح لكنه ينزف دما قانيا حتى تحولت أنهاره دجلة والفرات إلى اللون الأحمر القاني بل أصبحت اشد حمرة من لون دورة الدم وهو كناية عن عظم ما تم إراقته من دماء من أبناء العراق وهي صورة أخرى من صور آخر الزمان.


ويتساءل الشاعر من جديد وعلى لسان الأم أيضا ويوجه سؤاله للعراق العظيم هذه المرة مستنكرا ما يحدث هناك: الم يكتف أولاد الزنا بهذه الأعداد التي قتلوها منك يا عراق؟ الم يشبعوا شهواتهم بالقتل؟ ألهذا السبب هم مستمرون في اجتزاز الرقاب ونحر الناس؟ ويستمر الشاعر في طرح الأسئلة مستنكرا ما يجري هناك: الم يصب هذا القاتل ابن الزنا بالتخمة من دماءك يا عراق بل من دماء أطفالك وهو يعب منها ويسكر؟


فيا معشرَ الأذنابِ عبّوا جيوبَكم من النفلِ والأسلابِ والقَوْدِ وانفِروا
بكَم بعتمُ حزنَ الثكالى ودمعةً سفحنَ تساوي كلَّ نفطٍ يُكرَّرُ
أمرتزقٌ من لحمِنا وصِغارِنا ببخسِ دنانيرٍ على القتلِ تُؤجَرُ
خذوا نفطَكم عني إلى غيرِ رجعةٍ ونحُّوا مُداكم عن دمي وتقهقروا
وعرشكم الهاري على جثتي وهى فروموا بمالِ النفطِ شعباً لتشتروا
وَلدنا وأرضعنا دُمىً تقذفونها بأقدامكم كي تستجمّوا وتسمروا



وهنا يتحول الشاعر لمهاجمة أذناب المحتل ونسمع صوت الأم من جديد فيخاطبهم مقرعا لهم..الم تكتفوا أيها الأذناب؟ الم تعبوا جيوبكم من السرقات والأنفال أي غنائم الحرب؟ الم تكتفوا بما حصلتم عليه مقابل خدماتكم القذرة ومن بينها القوادة؟ ويتوجه بالسؤال لهم مستنكرا أفعالهم: بكم بعتم أيها القُواد حزن الثكالى ودمعهن المسفوح والذي يعادل في قيمته كل النفط المكرر؟
ويتساءل الشاعر على لسان الأم أيضا من جديد مستنكرا أيعقل أن تكونوا مرتزقة تعملون في خدمة المحتل وانتم من لحمنا ودمنا!؟ أيعقل أن تكونوا من لحمنا ودمنا وانتم تعملون بابخس الأجور لتقتلوا وتدمروا؟

ويتوجه إليهم الشاعر مقرعا لهم... خذوا أيها المرتزقة الأوغاد النفط كله وارحلوا إلى غير رجعه ولكن توقفوا عن القتل وكفوا أيديكم التي تقطع أوصال أبناء العراق...ولا تظنوا أيها الأوغاد أن بإمكانكم شراء الشعب بأموال النفط التي سرقتموها.

وفي البيت التالي نعود لنسمع صوت الأم وهو يجلجل إذ تتوجه بالسؤال لإذناب المحتل فتسأل وتقول مستنكرة: أيها الأذناب الأوغاد هل ولدنا فلذات أكبادنا وأرضعناهم وقمنا على تربيتهم لكي تأتوا انتم لتتقاذفوهم بإقدامكم كالدمى وكأنكم في حفلة سمر واستجمام!؟

وقد أبدع الشاعر هنا من جديد في الوصف والتصوير إذ ربط ما يجري في العراق من أهوال وقتل وسكف دماء بأهوال وصور يوم القيامة فمن ناحية اصطبغ لون نهري دجلة والفرات بلون الدم وفاضت ارض العراق ولكن ليس بالعرق كما يحدث يوم القيامة وإنما بالجثث هذه المرة.

ثم ينتقل الشاعر ليستنكر بأشد العبارات وأقساها ما يقوم به أذناب المحتل من دور قذر حيث باعوا أنفسهم وعملوا مرتزقه عند المحتل وقاموا بكل أعمال القتل والقوادة والسرقات وسفكوا الدماء من اجل أن يعبوا جيوبهم من هذه الأعمال القذرة ومن أموال النفط . وما زال الشاعر يستنكر على هذه الفئة أعمالها ويقرعهم ويستنكر عليهم أن يكونوا من أبناء العراق وقد عاثوا فسادا فيه إلى حد أنهم يتقاذفون الأطفال بإقدامهم كمثل الدمى إذا أرادوا أن يتسامروا ويستجموا. فيقول لهم خذوا أيها الأذناب النفط ولكن ارحلوا وكفوا أيديكم عن أطفال العراق.

يتبع،،
أخي الأستاذ الأديب الناقد أيوب صابر
هو ما قلت فهذا الكم من الحزن الهائل عند تلك الأم الثكلى كان لا بد أن ينفجر في وجه القتلة وربما كان الغضب والانفعال قد أثرا على فنية الأبيات.
أعتز بنقدكم أيما اعتزاز
أستاذي الكريم

قديم 10-28-2010, 12:11 PM
المشاركة 43
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وما يُطرب الأوغادَ في لهوِهم سوى ذبيحٍ من الأوداجِ والحلق يشخرُ
وصرخةِ رَوعٍ من صبيٍّ مفزَّعٍ تغشّاهُ موتٌ بالفجاءةِ يجأرُ
فيا شِسعَ بسطارِ الغُزاةِ تطامنوا صَغاراً وأنتم بالصَّغارةِ أجدرُ
وبيعوا دمائي ما استطعتم وقَوِّدوا فهيهات أنْ يرقى العبيدُ ويكبروا
وأنى لكم أن تكبروا يا حثالةً من الخزيِ في كاساتِه تتقعَّرُ

ويا ظلَّ محتلٍّ تطاول خلفَهُ إذا اعتدلتْ شمسُ الظهيرةِ يقصرُ

دمُ ابني وآلاف الدماءِ روافدٌ لدجلةَ تجتاح الغُثاءَ وتعبرُ
وصرختُه المكتومةُ الآنَ رَجعُها يزلزلكم بالرعبِ فاللهُ أكبرُ

ويستمر الشاعر في شتم الأوغاد أذناب المحتل وتقريعهم وذلك على لسان الأم التي تتساءل مستنكرة وهل يُطرِبُ هؤلاء الأوغاد، سوى صوت شخير من يذبحونهم من نحورهم والأوداج؟بل هل يطربهم سوى صرخة طفل مرعوب وفي حالة فزع شديد من هول الموت الذي جاءه يزأر فجأة؟ وهو طبعا ما أصاب ابن هذه الأم الثكلى المسجى على اللوح يتنازعه الموت.
وتصرخ الأم ويصرخ الشاعر هنا وعلى وقع هذا الألم الفظيع الذي أصاب الطفل وعلى ذلك الواقع المرير الذي صنعه أولئك الأوغاد بأيديهم " أيا نعال بساطير الغزاة"، وهو تقريع وتحقير شديد لهم لا مثل له، اعلموا إنكم ستبقون صغار كما انتم أيها الصغار، وهذا في الواقع هو حالكم وما يلائمكم...اقتلوا من شئتم من الصغار أيها الصغار في نفوسكم، وبيعوا دمائي وبيعوا النفط واعملوا في القِوادة.. فهذه هي منزلتكم وهذا هو شأنكم أيها العبيد يا خدم المحتل فانتم ستبقون عبيدا ولن تكبروا أبدا.

ويتساءل الشاعر على لسان الأم مستنكرا ومستهجنا " أنى لكم يا حثالة أن تكبورا ؟" وهو إمعان في الشتم والسب والتجريح والوصف بأقبح الصفات كونهم أوغاد عبيد وخدم المحتل، ويتساءل من جديد "أنى لكم أن تكبروا وقد أصابكم الخزي على أفعالكم المشينة؟

أنى لكم أن تكبروا انتم يا ظل المحتل فلستم سوى أقزام؟ تتطاولون بوجوده فقط لكنكم تقصرون بهزيمته، وذلك إذا ما اعتلت شمس الظهيرة كبد السماء، وفي هذا البيت نبوءة للشاعر يرى فيها بأن الفجر قادم لا محالة والانتصار محقق وان النجاح في طرد المحتل الغاشم سيمحق عملاؤه وعبيده هؤلاء الأوغاد الأقزام أيضا. وقد شبه الشاعر الانتصار القادم بالشمس التي إذا ما سطعت تلاشى خدم المحتل وزال شأنهم، ذلك الانتصار الذي سيتحقق لا محالة لان دماء هذا الطفل وآلا لاف مثله أصبحت تشكل روافد من الدم لنهر دجلة الذي تحول إلى نهر جارف من الدم سيجرف في طريقة الأعداء والجبناء الأوغاد أذناب المحتل..
كما أن رجع وصدى صرخات هؤلاء الأطفال المدوية سوف تزلزل أذناب المحتل وتوقع الرعب في قلوبهم فيتحقق الانتصار وفي هذه أيضا توظيف بارع للموروث الثقافي..

ونجد هنا أن الشاعر إذ يستشعر هذا الانتصار القريب والمحقق يصرخ صائحا ..الله اكبر..الله اكبر. ..فيتزلزل الكون... فكيف بالمحتل وأذنابه؟؟

صورة نازفة وقصيدة اشد نزفا وشاعر ينزف شعرا عبقريا في قدرته على التصوير والتأثير..
-------

الاستاذ الشاعر ابو غريبه

لم يكن الابحار في متون هذه القصيدة النازفة سهلا ففيها تم تكبير صورة الحدث النازفة والذي قمت أنت بوضعه تحت المجهر المكبر فتفتح عيوننا على الم لم يسبق له مثيل... وكان الغوص في اعماق هذه القصيدة اشبه بالغوص في بحر من الدم والالم والدموع الساخنة...

لكن لعل هذه الصرخة المدوية وهذا الالم الذي اصابنا وهذا الغضب البركاني المزلزل يساهم في انقاذ ولو طفل واحد على الاقل في اي مكان من على هذا الكوكب..الذي نجد فيه الاطفال يصطفون مشاريع للموت القريب.

قديم 10-28-2010, 10:23 PM
المشاركة 44
عمر ابو غريبة
شاعر وأديب أردني
  • غير موجود
افتراضي
وما يُطرب الأوغادَ في لهوِهم سوى ذبيحٍ من الأوداجِ والحلق يشخرُ
وصرخةِ رَوعٍ من صبيٍّ مفزَّعٍ تغشّاهُ موتٌ بالفجاءةِ يجأرُ
فيا شِسعَ بسطارِ الغُزاةِ تطامنوا صَغاراً وأنتم بالصَّغارةِ أجدرُ
وبيعوا دمائي ما استطعتم وقَوِّدوا فهيهات أنْ يرقى العبيدُ ويكبروا
وأنى لكم أن تكبروا يا حثالةً من الخزيِ في كاساتِه تتقعَّرُ

ويا ظلَّ محتلٍّ تطاول خلفَهُ إذا اعتدلتْ شمسُ الظهيرةِ يقصرُ

دمُ ابني وآلاف الدماءِ روافدٌ لدجلةَ تجتاح الغُثاءَ وتعبرُ
وصرختُه المكتومةُ الآنَ رَجعُها يزلزلكم بالرعبِ فاللهُ أكبرُ

ويستمر الشاعر في شتم الأوغاد أذناب المحتل وتقريعهم وذلك على لسان الأم التي تتساءل مستنكرة وهل يُطرِبُ هؤلاء الأوغاد، سوى صوت شخير من يذبحونهم من نحورهم والأوداج؟بل هل يطربهم سوى صرخة طفل مرعوب وفي حالة فزع شديد من هول الموت الذي جاءه يزأر فجأة؟ وهو طبعا ما أصاب ابن هذه الأم الثكلى المسجى على اللوح يتنازعه الموت.
وتصرخ الأم ويصرخ الشاعر هنا وعلى وقع هذا الألم الفظيع الذي أصاب الطفل وعلى ذلك الواقع المرير الذي صنعه أولئك الأوغاد بأيديهم " أيا نعال بساطير الغزاة"، وهو تقريع وتحقير شديد لهم لا مثل له، اعلموا إنكم ستبقون صغار كما انتم أيها الصغار، وهذا في الواقع هو حالكم وما يلائمكم...اقتلوا من شئتم من الصغار أيها الصغار في نفوسكم، وبيعوا دمائي وبيعوا النفط واعملوا في القِوادة.. فهذه هي منزلتكم وهذا هو شأنكم أيها العبيد يا خدم المحتل فانتم ستبقون عبيدا ولن تكبروا أبدا.

ويتساءل الشاعر على لسان الأم مستنكرا ومستهجنا " أنى لكم يا حثالة أن تكبورا ؟" وهو إمعان في الشتم والسب والتجريح والوصف بأقبح الصفات كونهم أوغاد عبيد وخدم المحتل، ويتساءل من جديد "أنى لكم أن تكبروا وقد أصابكم الخزي على أفعالكم المشينة؟

أنى لكم أن تكبروا انتم يا ظل المحتل فلستم سوى أقزام؟ تتطاولون بوجوده فقط لكنكم تقصرون بهزيمته، وذلك إذا ما اعتلت شمس الظهيرة كبد السماء، وفي هذا البيت نبوءة للشاعر يرى فيها بأن الفجر قادم لا محالة والانتصار محقق وان النجاح في طرد المحتل الغاشم سيمحق عملاؤه وعبيده هؤلاء الأوغاد الأقزام أيضا. وقد شبه الشاعر الانتصار القادم بالشمس التي إذا ما سطعت تلاشى خدم المحتل وزال شأنهم، ذلك الانتصار الذي سيتحقق لا محالة لان دماء هذا الطفل وآلا لاف مثله أصبحت تشكل روافد من الدم لنهر دجلة الذي تحول إلى نهر جارف من الدم سيجرف في طريقة الأعداء والجبناء الأوغاد أذناب المحتل..
كما أن رجع وصدى صرخات هؤلاء الأطفال المدوية سوف تزلزل أذناب المحتل وتوقع الرعب في قلوبهم فيتحقق الانتصار وفي هذه أيضا توظيف بارع للموروث الثقافي..

ونجد هنا أن الشاعر إذ يستشعر هذا الانتصار القريب والمحقق يصرخ صائحا ..الله اكبر..الله اكبر. ..فيتزلزل الكون... فكيف بالمحتل وأذنابه؟؟

صورة نازفة وقصيدة اشد نزفا وشاعر ينزف شعرا عبقريا في قدرته على التصوير والتأثير..
-------

الاستاذ الشاعر ابو غريبه

لم يكن الابحار في متون هذه القصيدة النازفة سهلا ففيها تم تكبير صورة الحدث النازفة والذي قمت أنت بوضعه تحت المجهر المكبر فتفتح عيوننا على الم لم يسبق له مثيل... وكان الغوص في اعماق هذه القصيدة اشبه بالغوص في بحر من الدم والالم والدموع الساخنة...

لكن لعل هذه الصرخة المدوية وهذا الالم الذي اصابنا وهذا الغضب البركاني المزلزل يساهم في انقاذ ولو طفل واحد على الاقل في اي مكان من على هذا الكوكب..الذي نجد فيه الاطفال يصطفون مشاريع للموت القريب.
الأستاذ الأديب الناقد أيوب صابر
جهد خارق بذلتَه يا سيدي في تشريح هذا النص.واظن كلمة تشريح مناسبة هنا فالصورة اصلا ملتقطة في مشرحة والدم والجثث والأشلاء متناثرة فيها حتى طفحت بها القصيدة.
أعترف لك باني لم أعد لقراءة القصيدة بعد نشرها بل إنني في نظمها عندما وصلت الى البيت الأخير قلت يكفي وليكن خاتمة فلم أعد قادرا على التقمص والغضب والحزن الذي يشق الحلق بسكينه
فلك الله فقد عانيت أكثر مني بست مرات وأنت تستقرئ النص في كل مرة لتكتب إضاءتك وشهادتك المرهفة فيه
ولعمري إنك لأشجع مني واقوى تحملا.
امتناني العميق وعرفاني الكبير لقلمك المبدع
مودتي وتقديري
سيدي

قديم 10-29-2010, 11:39 AM
المشاركة 45
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ ابو غريبه

الصحيح انني لم استطع اكمال تشريح النص في مرة واحدة فلجأت الى تجزأته الى ستة اجزاء لاتمكن من استعاب الالم والذي لا شك تضاعف في القصيدة مئات لا بل آلاف المرات...فأنت كنت تنظر الى صورة واحدة نازفه لكنك صنعت من الصورة فلم وثائقي تملؤه صور الالم والموت والحزن والدموع والدم...نازف بكل هذه الموجعات... ويكون الوجع شديدا جدا لا يطاق حينما يكون الحديث عن طفل يتخطفه الموت نشاهده وهو ينزف دما قانيا وام تصارع الموت وهو يطل من عيني طفلها فتحتضنه بقوة وتتمرغ بدمه وتفتديه والدموع منهمرة كنهر دجلة على وجنتيها...

قديم 09-28-2012, 09:49 PM
المشاركة 46
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اين انت يا استاذ ابو غريبة؟ في الوقت الذي كنت متواجد فيه كان الشعر مزدهر هنا؟


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الصورة النازفة (مجرد طفل عراقي)
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تراث عراقي رأيت مليحة كالغصن مالت يجرد لحظها. اعزاز العدناني المقهى 0 05-07-2022 07:06 PM
من وحي الصورة 2 حسين الأقرع منبر الشعر العمودي 8 11-28-2021 09:25 PM
بوح الصورة سها فتال منبر الفنون. 10 01-01-2012 10:07 PM

الساعة الآن 01:25 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.