قديم 05-30-2012, 02:52 PM
المشاركة 731
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
فرج الحوار
من مواليد حمام سوسة سنة 1954 .
تخرج من كلية الاداب بتونس بشهادة الاجازة في اللغة و الاداب الفرنسية و شهادة الكفاءة في البحث سنة 1991 .
درس في العربية السعودية سنة 1985 الى غاية 1989 .
عاد الى اتدريس في تونس و التحق بكلية الاداب بسوسة بصفته استاذا ملحقا .
كتب الشعر بالفرنسية و الرواية بالعربية و له دراسات في مجال اختصاصه.
عضو اتحاد الكتاب منذ سنة 1993 .
صدر له:
--- الموت و الجرذ و البحر / رواية / دار الجنوب للنشر 1985
--- النفير و القيامة / رواية /دار سيراس 1985 .
--- المؤامرة / رواية / دار المعارف 1992 حصلت على جائزة ابو القاسم الشابي لنفس السنة .
--- الجسد وليمة / رواية / دار تبر الزمان 1999 .
--- طقوس الليل / رواية / دار سحر 2002 .
و بالفرنسية نشر :
Livre sacré de ma détresse antique / poèmes / darsahar 1996
Antar ou ça tourne court / roman/ dar sahar/ 1997 .
Ainsi parlait saint-antonio / roman / dar tebrezzamen / 1998
حصلت على الكومار الذهبي
La sirène / livre commun
La créature des abysses/ roman/ dar sahar 1999
La queue en berne /roman/ recit/ dar tebr ezzamen 2000
Petit / roman / dar elmyzen 2002
و له كتب عديدة تنتظر الصدور



قديم 05-30-2012, 03:48 PM
المشاركة 732
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

سَطْوةُ الفِكْرةفِي "طيُور الشَّارع الكَبير" لهُدى إدريس( ) فرج الحوار كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة

par La romancière Houda Driss, mercredi 19 mai 2010, 09:03 ·
سَطْوةُ الفِكْرة
فِي "طيُور الشَّارع الكَبير" لهُدى إدريس( )
فرج الحوار
كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة

تمهيد
عمَّ يبحث القارئُ في الرِّوايات الَّتي يقرأها؟ لماذا يُتمُّ قراءة بعضها وَيعزف عن إتْمام بعْضهَا الآخرِ؟ مَا معْنى حديث القرَّاء عن الإعجاب وعكسه مُقترنًا بالنُّصوص الرِّوائيَّة؟ هل الإعجاب موقفٌ انطباعيٌّ أم فنيٌّ؟ وهل تثير كلُّ النصوص نفس الانطباع عند كلِّ القرَّاء؟ هذه الأسئلة، وغيرُها مِمَّا لا يتَّسع له هذَا المقامُ، وثيقة الصِّلة بمسألة تلقِّي النَّص الأدبي، وهي تُفيد أوّلا أنَّ عمليَّة التلقِّي هذه هِي عمليَّة مُعقَّدة، وتُفيد ثانِيًا أن هذه العمليَّة تتحدد وفقًا لاعتبارات قيميَّة تَختلف من قارئ إلى آخر، فليس مَا يبحث عنهُ القارئ العاديُّ هو نفسه ما يبحث عنه القارئُ الباحثُ، خاصَّة إذا تعلّق الأمر بروايات حديثة من إنتاج كتَّاب مبتدئين، كما هو الحال مع رواية "طيور الشَّارع الكبير"، موضوع هذه المُداخلة.
في مُقوِّمات الخطاب القيمي
نُشير بدايَةً إلى أنَّه لا وجُود لقارئٍ نَموذجيٍّ يُمكن اعتماد "قراءته" لروايةٍ مّا بدُون تَحفُّظ، وهُو مَا يُفيد أنَّ الاخْتلافَ هُو أساسُ الخطاب النَّقدي عُمومًا، والخطاب القيميٍّ (Discours axiologique) منْه علَى وجْه الخُصوص، لاسيما إذا اقتُصر فِيه علَى الجوانب الذَّوقيَّة، في إطار ما يسمَّى بالنَّقد الانطبَاعِي. وحتَّى عندما يتعلَّق الأمر بالاعتبارات الفنِّيّة الصِّرف، الْمحدِّدة لما اصطُلح على تسمِيَته بأدبيَّة النَّصِّ، فليْسَ يَخْلُو الأمرُ من اخْتلافٍ فِي المواقف والأحْكَام. وقد سبقَ أَن أشرنا إلى أنَّ مسْألة القيمةِ في الخطَاب النَّقدي هِي مسْألةٌ معقَّدة، وأسبابُ ذلكَ كثيرةٌ لا يتَّسع لها هذا المقام، نقف على اثْنينِ منهَا.
أمًّا السَّببُ الأوَّل فَيعُود إلَى أنَّ قيمةَ بعِض النُّصُوص الرِّوائيَّة، وخاصَّة منهَا مَا يَهمُّ النُّصُوص المَرجِعِيَّةَ أو المؤسِّسَةَ، تبدُو كمُعطًى مادِّيٍّ مُتحَقِّق فِي النُّصُوص ذاتِهَا، وعلَى أسَاسِهِ يُتَحدَّث عنْهَا باعتِبَارهَا من روائع الأدب الإنْسَانِيِّ، كما هُو الشَّأن لـ"دون كيشوت"، و"ألف لية وليلة"، أو مؤلَّفات بلْزاك، وفْلُوبير، وزولا، وبْروست، ونجيب محفوظ في العالم العربي. والسَّببُ الثَّانِي يَكمُن فِي طبيعة القيمة نفْسهَا من حيْثُ هِيَ خطابٌ ذاتيٌّ بالأسَاسِ ولو ادَّعى الموضُوعيَّة والحيَاد. فَمَا هي إذن الشُّروط الَّتي يَجبُ أن تتوفَّر فِي النَّص وتَتحدَّد قيمتُه بِمقتضَاها؟ سنُحاول فِي إطَار رَدِّنَا على هذا السُّؤال الإحالة مباشَرة على رواية " طُيُور الشَّارع الكبير"، فَنُشير بدَايَة إلَى أنَّ جنْسَ الكاتب وسنًّه ومهنتَهُ، فِي هذهِ الْحالة بالذَّات (وهيَ من الاعْتبَارات الَّتي لا يلْتفتُ إليْهَا الخطابُ النَّقدي اليوم)، يُمكن أن تَكتسبَ بعض القيمَة في نظَر القَارئِ المُطَّلع على الإنتاج السَّرديِّ التُّونسيِّ المعَاصر. ويزداد هذا الانطباعُ تأكُّدًا بالْمُقارنة بينَ هذه الرِّواية وغيْرها من الرِّوايات الّتي صاغَها كتَّاب هُم، بِفعل الاخْتصَاص والمهنَة، أوثقُ صلةً بِالأدب مِمَّن يَمتَهنُ الطبَّ، أو المحاماةَ كما هُو الحال بالنِّسبة إلى هُدى إدريس.
وأوَّل ما يلفتُ الانتبَاه فِي "طيُور الشارع الكبير"، مِمَّا له صلةٌ بِمَا تقدَّم، جمال الأسلوب (رغم ما اتَّسمت به الرِّواية من مُباشَرة فِي مستَوى المواطن الحواريَّة)، بَل وشعريَّته الواضحة أحيانًا عند حديث الرَّاوي عن هواجس البَطلة "نَجلاء" بصُورة خاصَّة. ولعلّ ذلك يُفسّر بأنَّ الكاتبَة شَاعِرَة بالأسَاس، وبإيمانها بألاّ حُدود بيْن الأجْناس الأدبيَّة الَّتي تُمارسُها. والأمر الثَّاني اللافتُ للنظر فِي الرِّواية، وهُو في تقديرنَا من سماتِهَا الإيجابيَّة البارزةِ، انْحسَارُ الخطابِ الأَخلاقويِّ فيها إلى حدٍّ بعيدٍ، وذلكَ فيمَا يَتعلَّق بمسائِل حسَّاسة جدًّا من قَبيل الخيانة الزَّوجيَّة، والعلاقات المثليَّة، الرِّجاليَّة والنِّسائيَّة منْها علَى حدِّ السَّواء. هذه "الظَّوهر"، الَّتي تُقدَّم عادةً على أنَّها من السُّلوكات الاجتِماعيَّة الشَّاذَّة، تناولتْهَا الرواية باعتِبَارها من الظَّواهر الإنسانيّة الطَّبيعيَّة، ليْسَ بالإمكان التَّعريضُ بِهَا أو تَجريمُهَا لأَنَّ فِي ذلك نيْلاً من الشَّرط الأساسِيِّ الَّذِي ينْهضُ عليه الوجُودُ الإنْسَانيُّ، والمتمثِّلِ فِي الحريَّة. يقول الرَّاوي بِهذا الخُصُوص: "لَم تكُن [نَجلاء] لِتستوعب في تلكَ الفترةِ القصيرةِ كُنه علاقته [شقيقِها] بأكرم. لَيسَ من السَّهل أن تفهم سرَّ ذلك العشقِ الَّذي يَجمع بينَ شَخصينِ من نفس الجنسِ، والَّذي يُسمَّى في مجتمعنا، وحتَّى في المجتمعاتِ الغربيَّة، "شُذوذا". كان الأهمُّ لديْها أن يَكون شقيقُها سعيدًا( )". وهكذَا توصَّل الرَّاوي إلى قَناعَةٍ مفَادهاأنَّ الْحرامَ ليْسَ في مَا دأب المجتمعُ على إدانته عرفا وقانُونًا على أنّه "مرض مُعد خطيرٍ"( ) أو باعتبَاره مِمَّا يقَعُ في مَجال "الحرام والانحراف"( ). وهِو بذلكَ يُغلِّب الهامشَ على القاعدةِ ويَقلبُ سُلَّم القيم رأسًا علَى عقِبٍ إذ يُقَرِّر أنَّ القيَم السّائدةَ لا تَخرُج عن دائرةِ "النِّفاق الاجتِماعي"( ).
وأهمُّ ما فِي هذا الموقف أنَّه يُشكّكُ فِي مُسلَّمةِ "الجنْس"، الَّتي تنْبنِي، فِي المنظُور التَّقليديِّ، على مُعطياتٍ بيُولُوجيَّة ثابتَةٍ، وتُحيلُ بِذلكَ عَلَى مفاهيم "الْجنْدر" (Gender) و"الكوير" (Queer)( ) الَّتي تتحدَّد بِمُقتضاهَا الهويَّة الجنسيَّة للكَائنِ البَشَرِيِّ، فيُمكنُ التَّأكِيدُ علَى أساسهَا أنَّ كلَّ من لهُ مظهَرُ الرَّجل ليْسَ رجُلاً بالضَّرورة، وكلَّ من لهُ مظهَر المرأة ليْسَ امْرأةً بالضَّرُورة، كمَا هُو الحَالُ فِي الرِّوايةِ مَعَ "أَكْرم" وَسُندس".
ووجهُ الطَّرافةِ فِي هذا الموضُوع بالذَّات أنَّ السُّلوك الَّذِي يُصَنَّفُ "في بلدٍ عربيٍّ مُسلم" كسُلُوكٍ منافٍ "لتعاليم الدِّين والخلُق الحميد"( )، ويُحرم مُتعَاطِيهِ تبعًا لذلكَ من حقِّ الوجُود والكلام، يَتحوَّل في رواية هدى إدريس إلى اسْتحقاق قانُونيٍّ يُجاهرُ به المتعَاطُون لهُ عَلَنًا ويُناضلُون من أجل إقراره وإضفاءِ الشَّرعيَّة عليه. هَذَا هُو علَى الأقَلِّ ما يُسْتشَفُّ من حديثِ "أكرم" لوالدته، إذ يقُول مُخاطبًا "نَجلاء": "حَاولتُ أن أجعَلها تُدركُ بأنَّ ذاك هُو قدري وأنَّني سعيدٌ به، وأنَّ سعادتي لن تكتمل إلاَّ إذا رضيت عنِّي وقبلت باخْتلافي"( ). ويَندرجُ في هذا السِّياق نفسِه حديثُ نجلاء عن "العادةِ السريَّة"، وهيَ، في المنظور التَّقليدي، من السُّلوكاتِ الذَّميمَةِ باعتبارهَا مُنافيَة للقَواعد الأخلاقيَّة والصحِّيَّة، فتقُول مُسَفِّهةً هَذَا الرَّأيَ، مُتحدِّثةً عن زميلٍ لَها ضبطته يُمارسُ هَذا الفعل في مكتبه: "لستُ من مُعارضي مُمارسَة الرِّجال والنِّساء لتلك العادة، الَّتي أثبت العلم فوائدها النَّفسيَّة، ولكن ألم يكن من الأجدر أن يُمارسها في بيته؟"( ).
نَخلُص مِمَّا تَقدَّم إلى أنَّ إيمان الرَّاوي بالاختلاف كَمبدإ مؤسِّسٍ للتَّوازن الفيزيُولوجي والنَّفسي، يُناقِضُ جذريًّا المنظُور التَّقليدِيَّ الَّذي يُكرِّس، إلى حدِّ التَّقديس أحيَانًا ومن مُنطلقَاتٍ غيبيَّةٍ خارجَة عن نطاقِ السُّؤال والمُناقشة، سُلُوكاتٍ مُعيَّنة تُقدَّم علَى أنَّها مِمَّا يُحتِّمُه النِّظام الطَّبيعِيُّ، أو من المورُوثات الَّتي باتت بِمنزلة الحقائق الأزلية.
وفِي هذا السِّيَاق بالذَّات يتنزَّل حديثُ نجلاء عن علاقتِها بوالدهَا إذ تُشَكِّكُ فِي كونه، كما يقتضيه العُرف السَّائد، مثال "الاستقامة والأخلاق"( )، وَيتنزّل أيضا حديثها عن مُؤسَّسة الزّواج والطَّلاق فَتتساءلُ بِهذا الخُصُوص: "هل ينبغِي أن تسيل الدِّماء [...] حتَّى يُصبح قَرار الطَّلاق مشْرُوعًا ومُبرَّرًا؟"( )، أو عنْدما تُصَرِّح مُخاطبَة عشيقَها أنَّهَا "رافضَةٌ لمبدإ الزَّواج ثانية" وأنَّ عَلاقتهُما الحُرَّةَ "جميلَة ومُريحة جسديًّا وروحيًّا" لكليهما( )ِ، وَعن الحُبِّ كَمُمارسَةٍ تَسلُّطيَّة تسْتهدفُ امتهَانَ المرأةِ بصُورةٍ أساسيَّةٍ، فتُشيرُ فِي هذا الصَّدَد إلَى أنَّ بعضَ النِّساءِ يُمارسْنِ معَ أزْواجِهِنَّ "باسْم الحبِّ السَّفر اليوميَّ في دهاليز القهْرِ والإذلال والعبُوديَّة"( ).
رواية الفكرة
بِناء علَى ما تقدَّم يُمكنُنا القولُ إنَّ رواية هُدى إدريس، رغم انْتصَارهَا الظَّاهر لِقضايا المرأة، وتركيزها على أوضَاعهَا ومكانتِها فِي مُجتمعٍ "مَا زالَ يُرسِّخ دُونيَّة المرأة" بسبب انشداده المرضيِّ إلى قيَم الماضي البعيد، لاَ تَتنزَّل فِي إطار مَا يُسَمَّى بالأَدبِ النِّسْويِّ (Féministe). صَحيح أنَّ هَذهِ الروايَة تُدِينُ بشَكْل واضح كلُّ الممارسَات الهَادفة إلى الحطِّ من شَخْصِ المرأةِ، لاَ بصِفَتِها ممَارسَاتٍ ذُكُوريَّةٍ ولكن بصفتِها مُمَارساتٍ اجتمَاعِيّةً بالأساس، مُركِّزة على المُحافظة الَّتي تبلُغ "درجةَ التَّخلُّف"( )، وَصَحيحٌ أنَّها تُدينُ النَّظرةَ النَّمطيَّة الَّتي تَختزلُ المرأة في دَوْريْ زوْجة طيِّعةٍ وفيَّة و"طاهيَةٍ مُمتَازةٍ"( )، وصَحيح أنَّ بطلة الرِّواية "تُحَاربُ من أجل حرِّيَّة المرأة وحقِّها في امتلاكِ جسدها ومصيرها"( )، وتَسعَى إلى إقرار حقَائِق بديهيَّة من قبيل أنلَيْسَ "جسد المرأة فقط [هُو الَّذي] يُثِيرُ الشَّهوة"( )، داحضَةً بِذلكَ لَعْنَة الفتنةِ الَّتِي تُلْحَقُ بِالمَرأةِ وبِمقتضَاها حُكم بنفيِهَا مادِّيًا ورمزيًّا من الفضاءِ الاجتماعي، وهِيَ تَرُوم أيْضًا تَحريك سواكن فكْر المَرْأةِ "القَانع بلُقمةِ المُسلَّمات"( ) خَاصَّةً أنَّ الظُّرُوفَ مهيّأة لِذلكَ إذا ما اعتبَرنا "السِّنينَ الضّوئيَّة الَّتي اختزلتهَا المرأة التُّونُسيَّة من عُمر الكفاح بفضْل أَفكاره [الطَّاهر الحدَّاد] الثَّوريَّة"( )؛ كُلُّ هذا صحيحٌ وَيُؤكِّدُ الطَّابعَ النِّضَالِيَّ النِّسْوِيَّ للرِّوَايَةِ، ولَكنَّ انْحيَازَ الرواية الكَاملَ واللاَّمشْرُوطَ لقِيمِ الحرِّيَّة والانْعتاقِ، ونبْذَهَا لمنطقِ الإقصاءِ والإدانة تَحت مُبرِّراتٍ أخلاقيَّةٍ ودينيَّةٍ واهيَةٍ، يَجْعلُ منهَا دُسْتُور الحريَّةِ والاخْتِلاف بامْتِيَازٍ، تُريدُ الحريَّة للجميع لأَنَّهُ لاَ معْنَى لوجَع "المرْءِ [الفرْدِ أو الجنْسِ] أَمَامَ أوجَاعِ الإنْسَانيَّة"( ).
هَذا الوله الحارق، الًَّذِي لا يُهَادن إطلاقًا، هُو ما أضفَى على النَّصِّ طَابَعَهُ الانتِهَاكِيَّ (Transgressif) وجعَلَهُ يَقطعُ الصلة نِهائِيًّا بذهنيَّةِ التَّقْديسِ والقَدريَّة، وذلك انطلاقا من مبدإ يُقرِّر بِكلِّ وُضوح أنْ لا شَيْءَ ولاَ أحدَ فَوْقَ النَّقد والْمُحاسبَةِ. أمَّا التَّسَامُح الَّذي يتعاملُ بِهِ الرَّاوي معَ مظَاهِر الاختلافِ، الموْسُومةِ تقليديًّا بالشَّاذة، فَمَردُّهَا فِي اعتِبَارنَا إلَى نَظْرةٍ مُغَايرةٍ للْكائنِ البَشرِيِّ وبِمكامِن العتْمة فيهِ (La part maudite)، وهِيَ نظْرةٌ تُؤدِّي حتْمًا إِلَى مُراجَعاتٍ قيميّةٍ جِذْريَّةٍ، وخاصَّةً لِمقُولَتيْ الخَيْر والشَّرِّ الَّلتيْن تَحْكُمان منظُومة القيمِ الاجتماعيَّةِ، وتُحوِّلان الحيَاة فِيه إلَى "مَسرحيَّة هَزليَّة – دراميَّةٍ يعيشُها النَّاسُ" يَخشَى فيها كُلُّ أحدٍ الآخَرَ، وَيَتَوجَّسُ "خيفَةً مِنْ ردِّ فعلِهِ"، فَيُعدِّلُ كُلُّ واحِد تصرُفاته وخِياراتِه المصيريَّةَ عَلَى هَوى الآخَرِ، لأنَّ "الآخر غُول [و]الآخر مُفزع". والنَّتِيجةُ الحتْمِيَّةُ لِهَذَا الخَوفِ الهَوَسِيِّ منَ الآخَر، يضِيفُ الرَّاوِي، هيَ أنَّنَا لاَ "نعيشُ الحيَاة خالصَةً" وأنَّ وجودنا لاَ "يكون ملكًا لَنَا"، وإنَّما يُضْحِي "وُجودا افتراضيًّا نعيشُه بوكالَةٍ، بتفْويضٍ منَ الآخرين"( ).
خاتمة
بناءً علَى ما تَقَدَّم يُمكنُ القَول إنَّ روايَة "طيور الشَّارع الكبير"، بغضِّ النَّظر عمَّا قد يكون اعتَراهَا من هناتٍ فنِّيَّة باعتبَارهَا باكُورة إنتاجِ كَاتبتِهَا، هِي روايَة مُهمَّة من دُون أدنَى شكٍّ لأنَّها تُصوِّر بدقَّة تناقضات المجتمع التُّونسيِّ الرّاهن الَّتِي ستُفضي حتْمًا إلى تَحوُّلاتٍ جذريَّة فِي مستَوى القيَم الضَّابطةِ لَهُ. والرِّوايَة بِهذا الاعتبَارِ روايَة منشَدَّة بتصْمِيمٍ واقْتِنَاع إلَى المُسْتقْبلِ، مُرَاهِنَة عَلَيه، وَهِي لِنفْسِ هَذا السَّبَب تَتَنزَّلُ فِي صُلْبِ الْحداثَةِ. وَالطَّريفُ فِي الأمْرِ أَن يَصْدح صَوْتُ امْرأةٍ بِحقِيقة أن لا وُجُودَ خارج التَّاريخ وأنَّ لكُلِّ زمان قيمَهُ، فِي مجتمعٍ لاَ يَزَالُ يُنكرُ حقَّ المرأة فِي الوُجُود والكلام. وقَد يَكُونُ منَ المُفيدِ أنْ نُؤكِّدَ، أُسْوةً بالأبِ جون فونْتَان عندمَا كتبَ مُنوِّهًا بِروايَة "طرشْقانة" لِمسعُودة بُوبكر، أنَّه ليْسَ مِمَّا يُثيرُ الدَّهشَة أنْ تَكُونَ الْمَرْأة هِيَ أَوَّلَ مَنْ يتَجَرَّأُ عَلَى انْتِهَاكِ الْمُحرَّمِ"( ). والمَرأةُ، إذ تضْطلعُ بِهذا الدَّور فِي المجتمعَاتِ العَربيَّة الإسلاميَّةِ، إنَّمَا تَتولاَّه من مُنطلقِ أنَّهَا الرَّمْز الأبْرز للذَّاتِ المُنسحقةِ المبتُورةِ، فَهِي لِذلكَ "تُؤمنُ بِحريَّة الآخَر وتَحْتَرمُ الاخْتِلافَ"( ) لأنَّ هَذا الإيمَانَ هُو سبيلُهَا الوحيدُ إلَى الوُجُود والتَّحَقُّقِ

قديم 05-30-2012, 03:51 PM
المشاركة 733
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
العوامل الحياتية التي أثرت في تكوين الروائي فرج الحوار:

المعلومات عن فرج الحوار شحيحه جدا ولا تتوفر تفاصيل عن حياته وخاصة فترة الطفولة. يشد الانتباه ان اول مؤلفاته رواية جاءت بعنوان"الموت و الجرذ و البحر" الصادرة عام 1985 ، ونجده في اهداؤه رواية الصغير لامه يتحدث عن الظلمة وطموحة لرؤية شروق الشمس ويعدها بأن الشمس سوف تشرق
" و أطمح لرؤية شروق الشمس أخيرا ...
و سوف تشرق الشمس يا أم الزين
سوف تشرق ...".

و أعدك بذلك ...


وربما ان في ذلك دلالة على صعوبة الحياة التي عاشها فرج الحوار ووالدته حتى يقدم لها ذلك الوعد...لكن ليس لدينا خيار الا ان نعتبره مجهول الطفولة.

مجهول الطفولة.

قديم 05-31-2012, 08:19 AM
المشاركة 734
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
95- المعلم علي عبد الكريم غلاب المغرب

رواية «المعلم علي» لعبد الكريم غلاب ..

٢ تموز (يوليو) ٢٠١١بقلم محمد رشد


مقاربة شكلانية
على سبيل التقديم:
"أما عبد الكريم غلاب فهو أبرز روائيي المغرب، لأنه كاتب قومي، ومناضل وطني من صفوف حزب الاستقلال، وقصاص وروائي تعبر رواياته عن زخم الحياة العربية وعن حركة النضال الوطني والاجتماعي في المغرب."
الناقد المصري أحمد محمد عطية.
على سبيل التوضيح:
هذه المحاولة كانت في الأصل إعدادا لتحليل مؤلف كان مقررا في برنامج مادة اللغة العربية للسنة النهائية في التعليم الثانوي التأهيلي المغربي في ثمانينيات وبداية تسعينيات القرن الماضي.
دراسة الرواية
لعبة البناء:
إذا كان (شلوفسكي/Chklovsky) قد فرق في البناء القصصي بين نوعين:بناء حلقي: ينغلق فيه حدث ما بمجرد انتهائه.
بناء ذو المراقي: يظل فيه الحدث مفتوحا في نهايته على حدث أو أحداث أخرى.
فإن إمعان النظر في بناء رواية "المعلم علي" سيجعلنا نصل إلى أن بناءها ينتمي إلى النوعين السابقين معا: فهو حلقي حين نلاحظ تتابع مجموعة من الوحدات التي تكاد كل واحدة فيها فعلا مغلقا: (وحدة العمل في الطاحونة، وحدة العمل في دار الدبغ، وحدة العمل في معمل النسيج). وهو كذلك بناء ذو مراقي على مستوى المحكي جملة، إذ نلاحظ أن الوحدة الواحدة لاتستنفذ بحث "علي".
لكن ما الذي يعمل – في إطار هذا البناء المزدوج- على تماسك المحكي في الرواية؟ نلاحظ في رواية "المعلم علي" أن تماسك المحكي يتم بواسطة "المكان"، أي مكان الأحداث، و أعني به مدينة فاس، ويمكن ملاحظة الأوضاع التي يتجلى فيها المكان أداة ربط:المكان في البداية لا يطرح عائقا يذكر باستثناء الإعاقة الطبيعية التي لا تحفز "علي" على التغيير بالقدر الذي سيحدث فيما بعد.
حين يصبح المكان عائقا و سببا في الخروج من وحدة إلى أخرى: ترك المطحنة للعمل في دار الدبغ، ثم الفرار من دار الدبغ للعمل بالمعمل.حين يتحول المكان إلى وضع إيجابي، خصوصا في الوحدة الثالثة حيث يصبح المكان فاعلا في التغيير.
من كل ما سلف، نستنتج أن الوحدات الثلاث التي تستغرق بحث "علي" قد احتاجت في ترابطها إلى وجود المكان، فكان المكان. و يمكن أن تكون قصته وحدة رابعة.
لعبة الوحدات:
يُقصد هنا بالوحدات تركيبا حكائيا يتوفر على معنى مكتمل، و على استقلال نسبي، و يمكن اعتبار الوحدة أشبه بقصة قصيرة تندرج في سياق قصة أعم و أشمل.تأسيسا على هذا الطرح يمكن أن نقف داخل رواية "المعلم علي" على ثلاث وحدات حكائية تسبقها وحدة تمهيدية هي وحدة العرض (L’expose):
العرض:
يمكن اعتبار الفصل الأول من الرواية و الذي تجري أحداثه في غرفة أسرة "علي"، وحدة تمهيدية هي العرض، و ذلك لأن محتواه يعمل على إدراج محتويات جزئية سيقع تطويرها خلال الوحدات التالية.
إن المحتويات ترجع إلى مشكل "التوتر" الذي يعتري "علي" كما ترجع إلى الشخصيات التي سنجدها بعد ذلك مفصلة أو هي تتطور.
غير أن هذه الوحدة التمهيدية لا يجب أن ندركها كوحدة مستقلة عن الوحدة الأساسية التي ستتلوها، و هذه خاصية من خصائص العرض، حيث تغرس فيه العناصر الحكائية الأساسية التي سيتم تعهدها بعد ذلك في مجمل الرواية.
الوحدة الأولى: (وحدة العمل في المطحنة):
و يمكن الوقوف على بدايتها في "العرض" لكن بدايتها الحقيقية لا يصرح بها الكاتب في الرواية، و يمكن أن نسجل أن هذه الوحدة تتألف من عنصرين هما:ممارسة العمل.
الانقطاع عن العمل.
إننا إذن بصدد وحدة مغلقة تتوفر على فعل كامل، بمعنى محدد بالنسبة للسياق العام للرواية، و لو أننا تأملنا حالة "علي" لوجدنا أن الطابع المسيطر على شخصيته/ نفسيته، هو طابع التوتر، هذا التوتر الناتج عن عدم الرضى بما هو معيش، و التطلع إلى حالة أفضل، هذا التوتر هو الذي سيرافق "علي" خلال الوحدات الآتية.
الوحدة الثانية: (وحدة العمل في دار الدبغ):
و يمكن أن نميز بداخلها عدة عناصر مكونة نذكر منها:
عنصر الصداقة.
عنصر الصراع.
بداية التدرج نحو كسب الوعي النقابي.
في هذه الوحدة يتكون "علي" كشخصية (إشكالية) حين ينمو "التوتر" و يتحقق التناقض و لو مبدئيا في وعي "علي" بين مالكين (الحاج عبد القادر...) و مستخدمين (عمال: علي و الحياني...)، إلا أن هذا التناقض لن يتضح بشكل جلي إلا في الوحدة الثالثة.الوحدة الثالثة: (وحدة العمل في المعمل):
وهذه الوحدة تستغرق القسم الأخير من الرواية، و يمكن – بناء على سياق الرواية- أن ندمج فيها لحظة السجن، فنجد عندئذ أن هذه الوحدة المتميزة يمكن أن نقف بداخلها على عناصر أو لحظات هي:
العمل في المعمل.
العمل النقابي.
السجن.
الوعي النقابي.
إن هذه الوحدة هي التي يمكن تسميتها بالوحدة/ الخلاصة، لأنه فيها يحكم عبد الكريم غلاب على نهاية روايته وفق ما يناسب توجهه السياسي و موقفه الإيديولوجي، فيحُدُّ من (إشكالية) البطل و يفرض حلا يرى فيه انسجاما مع الواقع، لكن أي واقع هو؟
تمشيا مع ما سبق يمكن وضع تشجير لهذه الوحدات كما يلي:

قديم 05-31-2012, 08:20 AM
المشاركة 735
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
صفة التنقل في الرواية:
يعتبر التنقل تقنية من التقنيات التي استعملت دائما في الحكايات، و يمكن إرجاع هذه التقنية إلى أسلوب الرحلة، و ما يمكن التعبير من خلاله عن تبدل الأوضاع، و تجذر المشاهد و ظهور الشخصيات، فكل حكاية، كما يقول (ميشيل بوتور M.Butor)" يجب أن تعتبر رحلة و اكتشافا، و يمكن القول فيما يتعلق بهذا الموضوع أن كل أدب خيالي يستقي مواضيعه من هذا المعين، و كل رواية إنما تقص علينا خبر رحلة ما".
فالرواية من الناحية النظرية هي وصف لعملية البحث و خروج للبطل من أجل استكشاف عالمه الخاص. و من هنا كان السفر حافزا مهما من حوافز الرواية، فالسفر بهذا المعنى هو تنقل من اجل البحث، نظرا لأن الانتقال يكون دائما مدفوعا بدوافع الرغبة في الاكتشاف و التوصل إلى المجهول.
وإذا ما رجعنا إلى رواية "المعلم علي" فإننا لن نجد سفرا بالمعنى الحقيقي للكلمة، و إنما سنجد تحركات داخل فضاء مدينة فاس، و سنجد تحديدا نوعين من التنقلات:تنقلات فعلية.
تنقلات ذات خاصية مجازية.
و على العموم، فإن مجموع هذه التنقلات يمكن تصنيفه إلى ثلاثة مستويات:الانتقال على مستوى الأمكنة: يترسخ لدى قارئ الرواية انطباع واضح بالقلق و التوتر اللذين يميزان شخصية "علي" و ذلك من خلال تعدد تنقلاته المكانية، إذ نجده يتنقل من مكان إلى آخر:
(المنزل المطحنة دار الدبغ المعمل السجن)
و الملاحظ أن هذه التنقلات تتميز بكونها تنقلات غير تلقائية، و إنما نزولا عند رغبة العيش، إلا أن التنقل من دار الدبغ إلى المعمل يشكل بداية لحدث نوعي بالنسبة لِـ"علي" هو بداية التمرس بالعمل/ الوعي النقابي الشيء الذي سيؤدي به مرغما إلى أن يعيش تجربة السجن التي ستخلق منه إضافة إلى مناضل نقابي، منظرا للعمل النقابي و السياسي. فالتنقل على مستوى الأمكنة داخل الرواية، يمثل تدرجا من حالة الوعي السلبي المضطرب نحو حالة الوعي الإيجابي، و يمكن تجسيد ذلك عن طريق الشكل الآتي:
المطحنة دار الدبغ المعمل السجن تأسيس النقابة.
وعي سلبي وعي مضطرب وعي نقابي وعي سياسي إحراز الاستقلال.
الانتقال على مستوى العلاقات: رغم الصفة القارة لعلاقات "علي" بأمه و إخوته، فإننا سنجد بصدد علاقاته العملية تبدلا يعكس القلق و التوتر المميزين لشخصيته، و أول مظهر لهذا التوتر هو تركه المعلم التدلاوي و اشتغاله عند المعلم عبد القادر الذي سيضطر لتركه هو الآخر للالتحاق بعمله الجديد في المعمل حيث سيتصل بالعمال المغاربة و الفرنسيين، ثم في السجن الذي سيتعرف فيه على نوع آخر من الناس هم المناضلون النقابيون. و أهم ما يميز علاقات "علي" هو علاقته المتميز بكل من الحياني و عبد العزيز، فالأول يمثل تتميما لشخصية علي / المناضل. أما الثاني فيمثل عقل علي/ المناضل، فإذا كان علي يفتقد الوعي النقابي و السياسي، فإن هذا الزاد سيصله من عبد العزيز، و يمكن رصد حالتين لـ "علي" قبل اتصاله بعبد العزيز و بعده:
ما قبل اتصال علي بعبد العزيز
ما بعد اتصال علي بعبد العزيز
علي التمرد
انفعال و انعدام المنهجية في النضال.
علي الثورة.
دراسة و اكتساب المنهجية في النضال النقابي و السياسي الانتقال على مستوى التعبير:
يمكن ملاحظة أن سلوك (علي) يتدحرج تدريجيا وبصورة حاسمة من حالة القبول بالواقع كما هو إلى حالة الدخول في صراع مع هذا الواقع. فبعدما كانت لغة (علي) لغة بسيطة، تتسم بالخضوع والقبول ــ ولو ظاهريا ــ بالوقع على عِلاَّتِهِ:
" ــ صباح الخير آسيدي المعلم...
ــ أمي تقرئك التحية، وتسأل عن صحتك..." ( ص.44 و45).
فإن هذه اللغة هي التي سنجدها بشكل مختلف ومتطور نسبيا حين يتكون لدى (علي) ذلك الوعي الجنيني/ النقابي، فيتداخل الآخر (الجماعة) والذات، حين تدرك هذه الأخيرة همومها كجزء من هموم الجماعة (الطبقة):
" ــ أ صحيح أننا لو اتحدنا لما استطاع المعلم عبد القادر أن يطردني... ؟" (ص.186)هذا هو السؤال الذي يكشف عن بداية تخلخل البنية الفكرية الاستسلامية التي سيطرت على (علي) والتي ستتطور أكثر فيما بعد، حين نجده مثلا يقول:
" ــ لو كنا مسلحين بالنقابة لتحَمَّلَتْ مسؤولية القيادة." (ص.308)
" ــ لِمَ لانُكَوِّنُ نقابة مستقلة عن نقابتهم." (ص. 309)
إن هذا التعبير يزيح الستار عن اكتساب وعي نقابي، سيتطور بعد ذلك إلى وعي سياسي بعد فترة السجن:
" ــ لا تضطرب فالسجن أُسِّسَ للرجال، وقد تكون كاكثر الذين تراهم هنا مظلوماً.
ــ كلنا مظلومين، ولكنا نتقبل الظلم بقلب مليء بالأمل، ومن الخير لك ألا تغتم فتفقد الأمل، فستضاعف من مدة سجنك من حيث لاتشعر." (ص. 342) " ــ منذ الآن يجب أن ننصرف عن الطريق المسدودة إلى الطريق المفتوحة: إلى تكوين جماهير الاستقلاليين." (ص.376)
" ــ ولكن، لأن أعمل على تكوين مناضل استقلالي يحقق الاستقلال والنقابة خير من أن أنفق جهدا من جهدي في تكوين نقابي يبحث عن النقابة فلا يجد." (ص. 377) الراوي ووجهة النظر:
قد نجد مرادفات لمصطلح وجهة النظر ( POINT DE VUE) في النصوص النظرية الخاصة بالسرديات مثل: مصطلح (رؤية / VISION) ويستعمله ( ج. بويون / J.POUILLON)، وكذا مصطلح ( التبئير/ FOCALISASION) ويستعمله (ج. جينيت / G. GENETTE). والمعروف أن هناك ثلاثة أشكال لوجهة النظر هي:
الرؤية من خارج أو التبئير الخارجي: وفي إطارها يمنع الراوي عن نفسه التسرب إلى ضمائر الشخصيات، إنه يدعي الجهل بالمحركات والنوايا، ولهذا تتقلص شخصياته إلى خواصها الجسدية أو سلوكاتها.
الرؤية المصاحبة (مع) أو التبئير الداخلي: حيث يتطابق الراوي مع شخصية من شخصيات الحكاية فيرى بعينها الناس أو أفعالهم.
الرؤية من خلف أو انعدام التبئير: وهنا يكون الراوي عليما (OMNISCIENT)، إنه متفرج ذو حظوة بالغة، نظرا لأنه يعرف بصفة تامة الأفكار السرية أو الأفعال المستترة للشخصيات، ويمكنه أن يخبر بها القارئ، وهذا النوع من الرؤية هو المستعمل في الرواية التقليدية.
ويمكن القول بأن رواية ( المعلم علي) تنتمي إلى الرؤية من خلف، لأن الراوي يبدو عارفا بعالمه معرفة تامة، وهي معرفة متعلقة بتفاصيل الأحداث، كما أنها معرفة متعلقة بما يجري حتى في أذهان أبطال الرواية، ويمكن أن نلاحظ هذه المعرفة المزدوجة في النموذج التالي:
معرفة على مستوى الظاهر" كان الجنرال مضطربا وهو يستقبل نواب جمعية أصحاب العمل مع نواب النقابة ... ولكنه كان يجلس إلى مكتبه ... يبحث أوراقا بين يديه في اضطراب.معرفة على مستوى الباطن لم يكن يقرأها أو يبحث عن شيء فيها. وإنما كان يشغل يديه وهو يفكر قبل أن يبدأ حديثا لايدري بعد كيف يوجهه. كان يستعين على التفكير بالتدخين." (ص. 362 ـ 363)
إن الراوي هو الشخصية المتخيلة التي نتلقى من خلالها السرد، ويقسم ( توماشيفسكي) الراوي إلى نوعين:
الراوي الذاتي (NARATEUR SUBJECTIF): ويمكن أن ندرج ضمنه مجموع النصوص الروائية التي يستعمل فيها الراوي ضمير المتكلم، والتي تتميز بكونها لاتروى إلا من زاوية رؤيته هو بحيث يكون شاهدا، أو أحد الشخصيات. وفي هذا الصدد يقتصر سرده على الأحداث التي شارك فيها أو المعلومات التي توصل بها عن طريق مصدر معلوم، أو يكون هو البطل، وهكذا تتركز الأحداث حوله مما يسهل عليه مهمة حكايتها.
الراوي الموضوعي (NARATEUR OBJECTIF): ويجوز أن ندرج ضمنه الراوي الذي يستعمل ضمير الغائب. وهو راوٍ يتميز بقدرة خارقة " على التحرك في جميع الاتجاهات" كما يقول (ألان غوب غرييه) عن (بلزاك).
وإذا كانت وضعية النوع الأول من الرواة تسمح بتفسير الطرق التي يستقي منها الراوي مصادر ما يحكيه، فإن وضعية الثاني تعمل على تجاوز ذلك نظرا لأن علاقته بالأحداث و الشخصيات لايمكن إدراكها.
أما فيما يخص رواية (المعلم علي) فإننا نجد بأن أحداثها تُروى بضمير الغائب، مما يجعل الراوي في هذه الرواية راويا موضوعيا، لكن ما سمات الراوي الموضوعي في رواية (المعلم علي) ؟ لقد أكد الكاتب باستعماله ضمير الغائب، أنه سيقدم تفسيرا لجميع الوقائع، فما على القارئ إلا أن يتابع الأحداث لمعرفة الحلول، لأن حريته في التأويل والاجتهاد من أجل معرفة الأحداث تكاد تنعدم.
إن استخدام ضمير الغائب ما هو إلا إيهام بالموضوعية، وإنما هو في حقيقته يتجه نحو صيغة وثوقية تضيق الخناق حول القارئ فلا تُقهمه إلا ما أرادت أن يَفهمَه.
الشخصيات في رواية (المعلم علي) :
يقصد بالشخصية في التحليلات الشكلية ظهور اسم علم، أو ما يعادل هذا الإسم، في النص بحيث يحدث ظهوره ما يشبه الفجوة في عملية القراءة. وهذه الفجوة إما أن تمتلئ بالمعنى أو لاتمتلئ. فإذا كان الإسم أو مايقابله قابلين للامتلاء فإنهما إما أن يمتلآ دفعة واحدة كما كان يحدث في روايات (ق 19) أو أن يمتلآ بصورة تدريجية إلى غاية انتهاء الرواية، ويحدث الامتلاء المذكور في شكلين:
امتلاء عن طريق التراكم، حيث كل فعل يقع يعمل على ظهور صفة جديدة تنضاف إلى الصفات الأخرى الخاصة بالشخصية التي أنجزت الفعل.
امتلاء عن طريق العلاقات بين شخصين أو مجموعة من الشخصيات، تتنوع هذه العلاقات بحسب الأغراض التي يراها الكاتب مناسبة للرواية.
إذا استطعنا استخلاص لائحة تامة بالشخصيات التي تتوفر عليها رواية (المعلم علي) لاحظنا التنوع التالي:
وجود شخصيات تظهر على مستوى ما يُحْكى من قِبل الراوي: ونعني بذلك الشخصيات التي تقوم بأعمال هامة أو ثانوية في سيرورة الحكاية، نمثل لها بكل من : علي / الحياني / فاطمة / وكذلك عبد العزيز...
أوضاع شخصيات أخرى تتمركز أهميتها في مستوى الكتابة أو طريقة الحكي: وهذه الشخصيات لاتقوم بأعمال في سيرورة الحكاية، ولكنها تعمل على إبراز بعض الأجواء المتعلقة ببعض التطورات ويمكننا أن نضرب مثلا على ذلك بشخصيات إخوة (علي): عيشة / كنزة / الجيلالي.
شخصيات تذكر بأسمائها كاملة، مثل علي وعبد العزيز، غير أن هذه الوضعية لاتدل على أهمية الشخصية، ذلك أن : الحاج عبد الله أو السي الحسن، يذكران باسميهما دون أن يكون لهما دور على مستوى ما يُحْكى.
شخصيات يتكرر ظهورها على امتداد فصول الرواية مثل (علي)، وشخصيات لاتظهر إلا بضع مرات أو أقل من ذلك، مثل : للا خدوج / عمي اللمطي / قدور...
من خلال هذه الملاحظات نستطيع أن نتبين التنوع الكبير لأساليب تقديم الشخصيات في رواية (المعلم علي)، هذا التنوع يضعنا أمام صعوبة تصنيف كل شخصيات الرواية أو على الأقل المهم منها. وهذه الصعوبة تدفعنا إلى اختيار تصنيف يهتم بنوع الأعمال التي تؤديها هذه الشخصيات إما على مستوى المحكي (ما يُحكى)، أو على مستوى الحكي (طريقة حكي ما يحدث):المعيار الأول: اعتبار عمل الشخصية على مستوى المحكي: ويمكن أن نلاحظ في هذا الإطار:شخصيات تبادر بالقيام بأفعال مستقلة أو أفعال ناتجة عن تطورها السيكولوجي، مثل:علي: في مراحله الأولى قبل أن يتصل بعبد العزيز.
عبد العزيز: في المرحلة الثانية حين أصبح هو العقل المدبر والموجه للجماعة فلا تعمل إلا بناءً على تعاليمه.
شخصيات لاتقوم بأعمال مستقلة، وإنما يترتب سلوكها مباشرة عن علاقتها بالنوع السابق من الشخصيات، ولهذا نلاحظ ضعف صفتها السيكولوجية، ونمثل لها بــ :
علي: بعد اتصاله بعبد العزيز، إذ أصبح الأول فاقدا لمبادرة بذاته.الحياني: على اعتبار أنه هو وعلي يأتمران بأوامر عبد العزيز.المعيار الثاني: اعتبار فعل الشخصية على مستوى صيغة الحكي، وفي هذا الصدد يمكن تبين الأنماط التالية:

قديم 05-31-2012, 08:20 AM
المشاركة 736
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشخصية ذات الوظيفة الواصلة: ويمكن اعتبار الراوي شخصية مركزية تستقل وحدها بهذه الوضعية.
الشخصيات ذات الوظيفة التكميلية: ونقصد بها ظهور الشخصية لمجرد إحداث الأثر الواقعي للمحكي أو للتأكيد على الأثر، ومن أمثلة هذا النوع يمكن ذكر إخوة علي: (عيشة وكنزة والجيلالي)، لأنها تظهر حجم أسرته وبالتالي عمق مأساته. وكذلك شخصية (فاطمة ــ أم علي ــ)، التي تشتغل غسالة ثياب . كل هذه الشخصيات تظهر مركز علي الاجتماعي.الشخصيات التي تقوم بإحداث الأثر الثقافي: ويمكن تمييز شخصية عبد العزيز في هذا الإطار كمُحْدِثٍ للوعي ومُطَوِّرٍ للثقافة السياسية والنقابية.
الشخصيات ذات الوظيفة الميثولوجية: ونقصد بهذه الوظيفة إحالة بعض الشخصيات في مستوى صيغة الحكي على قصص دينية أو حضارية قديمة، ويمكن أن نذكر مثالا لهذه الشخصية: مولاي ادريس.
على أن تصنيف الشخصيات الذي قمنا به لايوضح الجانب الأهم في شخصياتالرواية، ألا وهو جانب العلاقات بين الشخصيات. ذلك أن هذه الرواية إنما تقوم كشبكة متداخلة من العلاقات بين الشخصيات، يتوازى بعضها ويتعارض الآخر ويتكامل الثالث.التوازي: وفي هذا الصدد نجد أن العلاقة بين بغض الشخصيات تتوازى دون أن تتشابه رغم أن وضعية هذه الشخصيات قد تكون متجانسة أو لاتكون.
علي
الحياني
عمل في دار الدبغ
عمل في معمل النسيج
دخل السجن
عمل في دار الدبغ
عمل في معمل الصابون
دخل السجن
التعارض: هذه التقنية يمكن أن تتجلى في العلاقة بين شخصيتين أو أكثر سواء على مستوى صفات هاتين الشخصيتين أو محكيهما:
عبد العزيز
الجنرال
متفهم / هادئ / يوجه المستغَلِّين / ينظر من أجل النقابة والاستقلال...سلطوي / مضطرب / يوجه المستغِلِّين / ينظر من أجل الاستغلال والاستعمار...التكامل: ولتبرز هذه التقنية على مستوى خصائص الشخصيات أو صفاتها أو آرائها أو سيرورتها ةفي محكي معين، وإنما تتجلى في المنظور العام للرواية، وفي هذا الإطار نجد التكامل فيما بين شخصيتي:
الحياني وعلي عبد العزيز
وعي سلبي مضطرب
وعي إيجابي تابث

قديم 05-31-2012, 08:21 AM
المشاركة 737
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
1. عبد الكريم غلاب والواقعية التاريخية والحياتية


محمد معتصم.
عبد الكريم غلاب والواقعية التاريخية والحياتية.

عبد الكريم غـلاب

كغيرها، استطاعت الرواية المغربية أن تحقق لنفسها تراكما كميا ونوعيا. واستطاعت أن تؤسس استمرارها وتحولها، أي تاريخها. فبعد محاولات الاقتباس والترجمة الخجولين والمتعثرين. وبعد محاولات الاستناد إلى الأشكال التعبيرية التقليدية كالمقامة والمقالة. خرجت الرواية المغربية إلى مرحلة التحقق الفعلي، متى كان ذلك؟ يرى الأستاذ أحمد اليابوري أن ذلك بدأ مع الرواية السيرة للتهامي الوزاني "الزاوية". إلا أن الرواية، في رأيي وهو لا يختلف عن آراء أخرى، قد بدأت خطواتها الثانية والناضجة مع تجربتين مختلفتين: الأولى لعبد المجيد بن جلون في سيرته "في الطفولة"، والثانية لعبد الكريم غلاب في روايته "دفنا الماضي".

أول صلة لي برواية "دفنا الماضي" تعود إلى مرحلة الدراسة الثانوية. وقتها كانت صلتنا –نحن الطلاب- متقطعة ومختزلة. لأن الدروس كانت تركز على بعض الجوانب وتهمل أخرى. ولأن المناهج المتبعة وقتها لم تكن بالغنى الذي تعرفه الدراسة النقدية اليوم –دراسة السرد عموما. ولأن المدرسة المغربية لم تكن قد انفتحت على الدرس النقدي الحديث كما في الجامعات وظلت في الغالب تقليدية.
وتباعدت صلتنا بها لأن بعض الدراسات الموازية لرواية "دفنا الماضي" ركزت على بعض الجوانب التي لا علاقة لها بجمالية السرد، ولا بالفتوحات التي ابتدرتها هذه الرواية.

لكن الصلة الحقيقية مع هذا العمل جاءت فيما بعد، عندما بدأ تفكيري في الرواية المغربية والبحث فيها ولها عن ثوابت وركائزتجنسها وتبحث في تربتها الأصلية، وعن جذور ممكنة. ولم يكن ممكنا إغفال روايتي المبدع عبد الكريم غلاب "دفنا الماضي" و "المعلم علي"، وروايات أخرى ك "الطيبون" لمبارك ربيع، وروايتي "الغربة واليتيم" لعبد الله العروي، و"الزاوية" للتهامي الوزاني، و"النار والاختيار" لخناثة بنونة، ورواية "جيل الظمأ" لمحمد عزيز الحبابي،،،. وروايات أخرى تختلف من حيث الشكل والهدف والأسلوب والمضامين. مثل روايات محمد زفزاف وأحمد المديني، ومحمد عز الدين التازي، ومحمد برادة، والميلودي شغموم، وإدريس بلمليح، ثم روايات أحمد التوفيق الذي ظهر مؤخرا وبزخم واسترسال.

أعلنت الرواية المغربية عن منطلقها الحقيقي والفعلي من خلال رواية "دفنا الماضي". ومن خلال الرواية نفسها أعلن المبدع عبد الكريم غلاب عن قدراته الإبداعية وطاقته التخييلية، وعن إمكانياته في رصد التحولات الاجتماعية وسبر أغوار الإنسان المغربي لفترة الاستقلال وما قبلها، وتحديد طبائعه وميوله.
ما يمكن الانتباه إليه في هذه التجربة والتي أراها شكلت خطوات المبدع عبد الكريم غلاب في درب الإبداع الواقعية التاريخية والحياتية. وتتجلى في رصد حركة الواقع العام واليومي المعيش. والقدرة على وصف الشخصيات والتحكم في طبائعها وميولاتها وغرائزها. والتحكم في تسلسل الأفعال والأحداث وتماسكها وترابطها.

إن واقعية الرواية التاريخية تظهر بمعنى آخر في اعتماد البناء على مفهومين نقديين وإجرائيين هما: الترابط والتطور.

= الترابــط:

يُقْصَدُ من الترابط إجلاء العلاقة القائمة بين الأفعال والأحداث سواء في تسلسلها المتعاقب من البسيط إلى المركب (المعقد) ثم العودة إلى البسيط. أي من البداية إلى الذروة إلى النهاية والحل. أو في تركيباتها المختلفة والمتعددة كالتراجع والتقدم المتعثر والبناءات المنكسرة. ولابدَّ في الترابط من تحقيق انسجام بين أجزاء الرواية وأحداثها. حتى لا يبدو أي أثر للتفكك والخلل. لأن في هذه الحالة إثبات لإمكانات المبدع وقدراته على خلق عوالم متخيلة أو محاكية للواقع. لأن الرواية تمثيل للحياة اليومية المعيشة.

= التطــور:

تحافظ رواية "دفنا الماضي" على البناء الأول للحكايات والرواية بحيث تتقدم الأحداث انطلاقا من مبدأ التطور والتنامي. من خلال تتبُّعِ الشخصية في مراحل متنوعة؛ مراحلها الحياتية وتطورها على مستوى الحالات النفسية والوضعية الاجتماعية.

تعتبر رواية "المعلم علي" نموذجا دالا على الواقعية الحياتية. فإذا كانت الرواية السابقة "دفنا الماضي" تتمثل "جيل القنطرة" باسترجاع الأحداث التاريخية وبناء القصة عليها. فإن رواية "المعلم علي" انتقلت إلى الواقعية الحياتية وعملية. فظهر بها مفهوم النقابة والعمل النقابي ومفهوم القانون والحقوق الخاصة بالعمال والحقوق العامة التي تشمل بقية الفئات في المجتمع. وظهرت مفاهيم أخرى كالربح والإنتاج والعامل ورب العمل/المعمل والإضراب والصراع. والدفاع عن العمال والخروج بالعمل النقابي إلى العمل السياسي المناهض للمستعمر والمستغِلِّ. وهو ما سيدفع عبد العزيز (شخصية الرواية) أن يشرح ويبين:" مهمة النقابة الدفاع عن مصالح العمال.. هكذا يفهمها زملاؤكم الأجانب، ولكنها عندكم رسالة لإنقاذ إنسانية الإنسان فيكم". ص (320، المعلم علي).

إلا أنه مفهوم النقابة يستأثر بالأحداث الصاخبة ويفرض تصوره المخالف لما هو عليه في الغرب وينخرط في عملية التحرير والمقاومة.

2/

في "شروخ في المرايا" نقف على نقط للائتلاف وأخرى للاختلاف بينها وبين ما جاء في الروايتين السابقتين. على مستوى البناء أو التقنية الكتابية فيبدو أن الائتلاف متحققٌ. أما على مستوى الموضوعات فهناك بعض الاختلاف.

للمرآة دلالة قوية الآن في الآداب تحليلا وإبداعا. والمعروف أنها تعكس حقيقة الشيء الظاهر. إذا ما توفرت لها الشروط الضرورية وهي الضوء والشيء المنظور إليه والمنعكس على المرآة والعين التي ترى إلى الشيء. وتعد المرآة في الأدب معادلا للذات فهي إمكانية وتقنية كتابية يلجأ إليها المبدع من أجل توليد آخَرِ الذات ومعادله. هاته الحالة تصادفنا في رواية "شروخ في المرايا" حيث تكتشف الشخصية في النهاية معادلها على صفحة ماء النهر الرقراق، من فوق الجسر الفاصل/الرابط بين المدينتين. فتتخلص منه. وما يمكن ملاحظته في هذه المقابلة؛ أن العمل ينبني على فكرة جوهرية متعلقة بالشخصية المحورية. تعلن تلك الفكرة عن تعدد وجود الإنسان، فهناك وجود ممكن مرغوب في تحقيقه وهناك وجود كائن مرفوض يطمح إلى تغييره وتجاوزه.

يقول النص في الصفحة الأخيرة، وبعد جرد الموضوعات التي انبنت عليها أجزاء الرواية: "تعاقبت المرايا على الصفحة الرقراقة في مجرى النهر العجوز المتكاسل، تجلت آخر المرايا ناصعة باهرة. تعاظمت ... اقتربت من عيني (...) تجلى فيها وجه لا أعرفه، لم يكن لي صديقا ولا رفيقا، خصما ولا عدوا".
" ... كان أشعث أغبر شاحبا بادي العياء والتعب والملل والاشمئزاز والإحباط".
" تسلحتُ بكل شجاعتي. جمعتُ كل ما عاش في ضميري من ماضٍ، ومن حاضر، من مستقبل ... تلاشت المرآة الصافية وأنا ألقي بين أمواج الوحل، ومياه النهر تجرفه بتؤدة نحو البحر ...". ص (159).

لعل في هذه الخاتمة ما يفسر معنى الشرخ. ذلك الذي يصيب النفس ويشعرها بالهبوط والإحباط تجاه كل ما يقع.

تتأسس الكتابة عند المبدع عبد الكريم غلاب على الفكر، التَّفَكُّرِ في الأشياء، في الإنسان ومصيره والتاريخ وتقلباته، ومفهوم الحرية، والقانون، والعدالة، والأخلاق. والتفكير في قضايا كبرى ومفاهيم ومقولات عليا غالبا ما تنحو جهة التراجيديا. خصوصا وأن المفكِّرَ لا يجد نفسه بعيدا عن الموضوعات التي يطرحها بل يتشَرَّبُها كيانهُ وتصبح قضيته الخصوصية ويتلخص في كيانه كل الوجود.
وما الشخصية المحورية إلاَّ مرآة تعكس لنا ما يجري وما يحدث في عالمنا من تحولات وكيف تؤثر في الإنسان. ولهذا نسأل في العمل الروائي عن الشخصيات التي استفادت إيجابا عن المرحلة والشخصيات التي انعكس عليها التحول سلبا فضمتها دروب التيه والضياع. فلا نجد إلا شخصية واحدة استطاعت أن تعلن سعادتها وفرحها بما وصلت إليه. وهي الطالبة ذات العينين الخضراوين. والتي ترفض أن ترتبط حياتها بحياة محامٍ. فصمدت إلى أن حصلت على شهادة دكتوراه كي تلقن الطلبة في الجامعة ما لا يفيدهم في شيء. لأن الجامعة عقيمة.
أما الشخصيات السالبة فمتعددة بدءا من الراوي الشخصية إلى ذات العينين السوداوين والطالب الشيوعي المتطرف والحقوقي الذي يحلم بالهجرة في سبيل الله وهو لا يملك جواز سفر. والمحامي الذي يقتات على مشاكل الناس وهفوات وفجوات القانون. والأب الذي يطمع في الاستمرار وتشعب غصون شجرة السلالة/العائلة. والأم الخضوع المستسلمة.

تبدأ الرواية بالحديث عن الولادتين:الطبيعية والحصول على شهادة الإجازة في الحقوق. وتنتهي بتلاشي المرآة الصافية، آخر المرايا. وهذا النوع من البداية والنهاية يحصر التفكير في الجانب المفجع، أي التفكير الوجودي القلِقِ. لهذا فالشخصيات الإيجابية تعلن عن تصالحها الذاتي مع المحيط، وتكيفها مع تحولات المرحلة. أما الشخصيات السالبة فهي تصارع من أجل أن تكون. إنها شخصيات جامعية اكتوت بلفح السهر والحفظ وبنء الأحلام الوردية الجميلة والرغبة في المساهمة في الحياة العامة لكنها تفاجأ بالنتيجة الصاعقة:غياب العمل وتحطم الأحلام على صخرة الواقع. بذلك تفقد الجامعة أو على الأصح الشهادة الجامعية كل قيمة. كيف ذلك؟ يتجسم هذا في الموقف الذي قررته الشخصية المحورية (الراوي) في لحظة إشراق أو لحظة يأس عارم. جاء في النص:" لم أترك النار تلسع أصابعي هذه المرة. كانت هي بين أصابع اليد اليمنى ورقة، مجرد ورقة، شَقِيتُ من أجلها سنوات، سهرت الليالي، حملت الهم بالنهار، حملت أخلاقا مزعجة بالليل. ها هي ذي بين إصبعي: ورقة، مجرد ورقة ستلامس وهج الوقيدة لتقبلها قُبْلةً حرى أبدية، وتستحيل، آه … استحالت؛ رمادا مورقا فاقعا في رماديته. تحول نفثه ذرات لا تقوى على الصمود في وجه هبة ريح ينفثها صدر ضاع فيه الأمل". ص (34.33).

هذا نموذج فقط على الإحباط لكن هناك موضوعات أخرى عالجها العمل الروائي واتخذها مرتكزا ودليلا على فساد الأمكنة والناس والأحلام والمقولات. كموضوعة الحب والزواج والعمل والانتماء، والتاريخ والقانون، والأخلاق، والعدالة. إنها بحق رواية حياة، رواية مرحلة حياتية صعبة وانعطاف خطير يتغذى على ضحاياه. أولئك المسكونين بالحلم والتغيير والمساهمة في البناء العام: بناء الذات والوجود الخاص.

البنــاء والموضوعات.

ليست الرواية رصدا لتحولات المرحلة فحسب ولا عرضٌ لحالة وجودية قلقة ومضطربة حائرة بين وجودها ومصيرها بين ما هي عليه وما تريد أن تكون عليه. بل الرواية بناء ولغة أيضا.

تنبني الرواية في مسارها العام على التراتبية الزمنية. لأنها تلتزم بالمقدمة/البداية وتصعد بالأحداث والحالات النفسية للشخصية نحو الذروة ثم تنتهي إلى حل. وذلك في تناسق وترابط وانسجام فلا يحس القارئ بالتفكك أو الانكسار.
ولهذا البناء العام أثر على البناءات الصغرى المتعلقة ببناء المحتوى في كل جزء من أجزاء الرواية وبناء الشخصيات، والبناء الخارجي للأجزاء.

على مستوى تراتبية الموضوعات والتي تتحول بعد التأمل والحوار إلى مقولات فكرية قد أفرغت من محتوياتها، حسب رؤية الراوي [وهو طالب مجازٌ في الحقوق، لم يعثر على ضالته فأصيب بالخيبة] ... أقول على مستوى ترتيب الموضوعات نجد الرواية تحتفي بما يلي:
موضوعة الحب. حيث يتحول الحب من مشاعر إنسانية متبادلة ومدعومة باتجاهات النزوع والميول الخاصة والمشتركة بين الطرفين المتحابين، إلى نوع من الاستلاب. لأن المُحِبَّ يفقد السيطرة على نزوعه ويفقد التحكم في رغباته وينقاد طواعية لما تمليه عليه استيهاماته. ويتحول عند بعض الشخصيات إلى قيمة اجتماعية مدروسة قبْلاً. وهو ما أثر في الراوي واسترجعه بمرارة خلال مسار الرواية. أقصد فتاة الكلية ذات العينين الخضراوين.
وعن هذه الموضوعة تتولد موضوعة الزواج. فإذا كانت المرأة سلطة فإن الزواج أكبر خطأ في ظل شروط المرحلة القلقة والمضطربة حيث أُفْرغتْ كل المقولات من محتوياتها. لأن في رفض الزواج رفض للاستمرار، ورفض للمشاركة في الإنجاب والتكاثر دون اختيار. واتباع نهج الآباء بشكل تقليدي بدون رأي أو رؤية خاصة ذاتية.

هناك أيضا موضوعة الاعتقاد، يطرح من خلالها الراوي-وعبر سجال فكري عابث حينا وجاد آخر- ما يهيمن على الفكر في المرحلة القلقة الحالية. وقد اختار لها نموذجين من طلاب الكلية: الأول كرس حياته للشيوعية، الدين الجديد الذي ينبغي أن يتحقق في العالم بأسره وألا ينحصر فقط في بعض البلاد الشرقية والغربية. والثاني كرس حياته للهجرة في سبيل الله لإحلال الإيمان محل الكفر في المعمور. لكنهما معا يصطدمان بالفشل. ولذلك يُرْجِعُ الأول فشله إلى ماركس الذي لم يفكر في تجاوز البحر. ويكتشف الثاني أن الهجرة لا يمكنها التحقق لأنه لا يملك جواز سفر. إلا أنهما يأبيان الاعتراف بذلك الفشل الذريع.

موضوعة الإعلام، السلطة الرابعة، تأخذ نصيبا من النقاش في الرواية، وطبعا فالراوي ينطلق من نقطة واحدة وينظر إلى الوجود والموجودات بعين واحدة فلا يرى في الجرائد غير الكلام المرتجل والخائف وكأن الرقيب ما يزال قيد الحياة يمارس سلطته بل تسلطه. وعن الإعلام تولَّدَتْ موضوعة السياسة والوطنية والتحرير. وكذلك موضوعة الهجرة إلى البلاد المتقدمة من أجل تحسين شروط العيش أو البحث عن عمل يسد رمق الجوع.

سيجرب الراوي الإيمان الصوفي لعل بارقة أمل تسطع على كتفيه. لكن لا أمل! والاطمئنان اللحظي الوحيد الذي شعر به الراوي يتمثل في عالم الأموات. في اليوم الذي قضاه في المقبرة. يقول مؤكدا شعوره :" وجودي بينهم؟ معهم؟ ". ص (139).

ينبني حكي الموضوعات على مستويين: مستوى عام ومهيمن، وهو السرد الذاتي. ومستوى ثان، وهو السرد الغيري.
يتكلف الراوي الشخصية بلملمة أطراف الحكاية ما دام هو محورها. وقد وظف لهذه الغاية تقنيات كتابية متعددةً ومتنوعة. كلها ساهمت في إبراز محتوى الأفكار المطروحة (للنقاش) والأحداث المرصودة في الحياة العامة للمرحلة. منها: البوح والتأمل والشرود والاستذكار والاسترجاع والاعتراف.
أما السرد الغيري، ونقصد به إشراك الشخصيات الأخرى في بناء النص بأصواتها الدالة عليها موقفا ورؤية فقد استعان المؤلِّفُ بالتقنيات الكتابية الأكثر انتشارا كالحوار. وهو يغطي مساحات مهمة من العمل الروائي. وكالسجال فيما يتعلق بمحتوى القضايا الكبرى المثارة أعلاه.

لا تختلف لغة "شروخ في المرايا" عن اللغة في الروايتين الهامتين السالفتي الذكر: "دفنا الماضي" و "المعلم علي". لأنها لغة فكر وبالتالي فهي تحاجج. ولغة المحاجة لغة تقريرية سليمة محور تركيزها الإفهام، وتوصيل المعلومات وتوضيح المعنى. كما أن لغة الرواية تستثمر ثقافة صاحبها –الراوي- فتطعِّمُ الأسلوب ببعض الآيات القرآنية وبعض الأمثال الشعبية والعربية الفصيحة، وببعض الأبيات الشعرية. وهذا الذي وقفنا عليه في موضع آخر خصصناه لمجموعة الكاتب القصصية "هذا الوجه أعرفه".

تلتزم رواية "شروخ في المرايا" بالنهج الذي اختطه المبدع عبد الكريم غلاب لنفسه منذ العمل الثاني "دفنا الماضي" في مساره الإبداعي. وهو بذلك يشكل البداية الحقيقية للرواية المغربية وجدعا تفرعت منه غصون أخرى تكتب وفق تصورات مختلفة سواء على مستوى الشكل (الخطاب) أو على مستوى المحتوى (القصة). وهي أشكال كتابية تتعايش فيما بينها من أجل تلميع سماء الرواية المغربية المعاصرة والحديثة.


محمد معتصم الناقد الأدبي.
الدار البيضاء. المغرب.
25/03/1996م.

قديم 05-31-2012, 08:21 AM
المشاركة 738
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عبد الكريم غلاب.. «المعلم علي» وزيرا في إصلاح الإدارة

حين طالب أوفقير بشنق علال الفاسي في ساحة عمومية

نعمان الهاشمي
قد يكون الرجل الوحيد، الذي لا يريد أن يرتبط اسمه بوزارة، قدر ارتباطه بالفكر والأدب والصحافة، هو عبد الكريم غلاب، الذي ربما كانيفكر في أي شيء إلا أن يصبح يوما ما وزيرا منتدبا لدى الوزير الأول، يقلب ملفات الإصلاح الإداري. إذ كان مفهوما أن يتربع على عرش وزارة الثقافة، هو الرجل الذي مكث طويلا يقود اتحاد كتاب المغرب في فترات أشد حرجا وصعوبة، في سياق صراع الثقافة والسلطة.

كان منطقيا كذلك أن يتم تعيينه وزيرا للإعلام، بحكم أنه لم يمارس مهنة غير الصحافة، مع أنه كان أقرب إلى صديقه في الطفولة، الكاتب المبدع عبد المجيد بنجلون، كما الشاعر عبد الكريم بن ثابت. وقد استطاع، في غضون تطورات تلك الممارسة، التي اتسمت بالحرص الشديد على المهنية والموضوعية، ولو أنها كانت ترجح المنطلقات الحزبية، أن يفرض مدرسة في الصحافة المغربية، يصح نعتها بـ»مدرسة العلم»، يوم كانت المنبر الوحيد الذي يستقطب الكفاءات والأصوات، في انفتاح يعود الفضل في جانبه الثقافي إلى عبد الكريم غلاب، على الرغم مما عرف عنه من تغليب النزعة الحزبية، باعتباره قياديا بارزا في حزب الاستقلال وأحد رموزه الفكرية، بعد الراحل علال الفاسي وعبد العزيز بن إدريس وعبد الخالق الطريس.

هل كان خطأ أنه استسلم للانتماء الحزبي يوم اقتضت ضرورات سياسية أن ينتقل حزب الاستقلال إلى الواجهة الحكومية بعد انتخابات 1977، وقبِل في غضون ذلك بمنصب الوزير المنتدب؟ أم أنه كان يطلب ذلك المنصب الاعتباري ليسجل ضمن مساره السياسي والثقافي، مع أنه لم يكن في حاجة لأن يركب سيارة الوزارة أو يقبع في مكتبها أو يدير ملفاتها.
لقد كان غلاب أكبر من كل الوزراء، إذ سطر من مكتبه في الطابق الثاني في مقر «العلم» في شارع علال بن عبد الله افتتاحية نارية تهدد بإسقاط حكومات وتتوق إلى فرض الخيار الذي كان يتبنى الدفاع عنه، أي الديمقراطية والتعادلية، غير أنه رغب في إضافة صفة إلى سجله الحافل بالعطاءات الفكرية والإبداعية والإعلامية، والتي يشهد بها حتى خصومه السياسيون، فالرجل كان منسجما مع نفسه وقناعاته، وظل صوتا خالصا للالتزامات التي ندر نفسه للدفاع عنها.
غضب الملك الحسن الثاني، يوما، جراء افتتاحيات «العلم» وأقسم بأغلظ الأيمان أنه سيأتي يوم تكسر فيه الأقلام ويجف فيه الحبر، فقد كان أكثر ما يزعجه في تلك الفترة أن يجاري حزب الاستقلال، الذي صوت لفائدة دستور 1962، طروحات الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الذي كان قد انشق من رحمه، وكان يعتبر وجود علال الفاسي في زعامة الاستقلال تجسيدا لصوت الحكمة، إلا أن عبد الكريم غلاب كان، إلى جانب محمد الدويري، يعكس ميولا في التصعيد، ويتحدث بلغة أكثر انتقادا. لكنه حين يواجه خيارا بين صدور «العلم» أو حجبها نتيجة قرار الرقيب، كان يهتم بعدم حرمان القراء، الذين ينتظرون صدور الصحيفة في اليوم الموالي.
أحيانا كان غلاب يعمد إلى تغليف كلماته النارية بتوابل تساعد في هضم نبراته شديدة المرارة، وأحيانا يفضل الإقرار بأن عدد أمس حجزته الرقابة، ولم يكن من حق الصحافة في تلك الأيام أن تكشف شيئا مما أزعج الرقيب، الذي كان يحتمي داخل مكتب في وزارة الأنباء.
حكى الراحل بوعزة الحافر، الموظف السابق في وزارة الأنباء، أن أشد ما كان يؤثر في نفسه أن يرفع تقريرا شفويا في غالب الأحيان يفيد بأن عددي «العلم» أو «لوبنيون» غير قابلين للصدور، غير أنه كان مضطرا للقيام بذلك، وكان يردد أحيانا «أفضل أن أضع شارة الرقيب من أن أترك قوات الأمن تفعل ذلك بغلظة». غير أن عبد الكريم غلاب عاين بأم عينيه كيف أن قوات الجنرال محمد أوفقير وزير الداخلية اقتحمت مبنى مطبعة الرسالة وكسرت آلات الطبع من أجل ألا تعاود الاشتغال مرة أخرى، وقد تطلب الأمر القيام بإصلاح آلة السحب في وقت احتجبت فيه صحافة حزب الاستقلال عن الصدور شهرا كاملا أو ما يقارب ذلك.
غير أن صاحب «الأبواب السبعة»، روايته الشهيرة، سيجد نفسه يوما رفقة مدير «لوبنيون»، المحامي محمد برادة، يدلف أبواب سبعة من نوع آخر، تختلف عن أبواب وأقواس مدينة فاس، فقد اقتيد الرجلان إلى سجن لعلو في أكتوبر 1969، بتهمة نشر أنباء مخلة بالأمن العام.
كان الراحل علال الفاسي هو من كتب افتتاحية بعنوان «سيادة الشعب لا يتصرف فيها» تنتقد نتائج مفاوضات جرت مع الجزائر في موضوع ترسيم الحدود، غير أن غلاب تمسك بأن الموقف يعكس التزامات حزب الاستقلال، ولم يمض أكثر من عام على ذلك الحدث حتى غيب الموت الزعيم عبد الخالق الطريس.
وقتذاك، تأثر علال الفاسي كثيرا وقال ما يفيد إن الأقدار الإلهية اختارت الطريس إلى جوارها كي لا يعاني مما يحدث في قضايا تطال الحدود المغربيةـ الجزائرية، لذلك سارع الجنرال أوفقير إلى المطالبة برأس علال الفاسي وشنقه في ساحة عمومية، غير أن المفاجأة ستكون إسناد منصب أول سفير مغربي في نواكشط إلى قاسم الزهير، المدير السابق لجريدة «العلم»، إذ كان الحسن الثاني يتحدث في كثير من الأحيان بلغة الإشارات.
عندما كان عبد الكريم غلاب يقيم في القاهرة، كان من بين القلائل الذين يتحلقون حول الدائرة الصغيرة التي يجمعها الزعيم عبد الكريم الخطابي تحت لواء مكتب تحرير المغرب العربي. وقد أثرت هذه التجربة في مسار حياته، إلى جانب الدور الذي اضطلع به صاحب «نداء القاهرة»، علال الفاسي، لذلك وجد غلاب نفسه ينجذب أكثر إلى التاريخ، فكتب عن الحركة الوطنية، فكرا وتاريخا، وسخر قلمه لشرح سيادة حزب الاستقلال، تماما كما حول الرواية المغربية إلى حلقات متواصلة في رصد الواقع المغربي، خصوصا مدينة فاس التي عاش بها طفولته، كما كتب في القصة القصيرة والنقد، وربما أن العالم الوحيد الذي لم يطرقه يوما هو الشعر، بالرغم من أنه كتب في نقد الشعر والإبداع.
وقد كان حين تتعبه الكتابة الجادة في الافتتاحيات والسجالات الفكرية والأدبية وفنون الإبداع ينحو في اتجاه السخرية التي كانت تجد مجالاتها في عمود يومي أطلق عليه اسم «مع الشعب» يعرض فيه مشاكل المواطنين وقضاياهم. لكن تلك الكتابات ستجلب عليه المزيد من المتاعب، خصوصا حين كتب يوما ينتقد استفحال ظاهرة الإجرام والسرقة التي تفشت كثيرا. فالرجل الذي كان يعيش «مع الشعب» في رصد مشاكله وطموحاته، كانت له حياة أخرى أقل مدعاة للقلق، لكنه كان يفرق بين التزامه الفكري والسياسي وبين حياته الخاصة، إذ كان يمارس هوايته المفضلة في مسالك الغولف أو يسافر بعيدا عن هموم الشعب، أو يقتطع من وقته بعضا منه للانشغال بأمور أخرى، مع أنه كان شبه زاهد في مسائل عديدة.
لم يهزم غلاب على رأس اتحاد كتاب المغرب، الذي قاده خلال ولايات عدة، سوى نزعة الاصطفاف السياسي، فقد كان رئيسا للجميع، واستطاع بعد الدكتور محمد عزيز الحبابي، الذي كان يراهن على البعد الإقليمي للاتحاد، عندما كان ينعت باتحاد كتاب المغرب العربي، أن يجعل منه إطارا ثقافيا فوق الاعتبارات الحزبية، لكن تطورات سياسية وثقافية حتمت انتقال المسؤولية إلى الدكتور محمد برادة، الذي لم يكن يخفي ولاءه للاتحاد الاشتراكي.
كانت صحيفة «المحرر» قد بدأت في منافسة الوجود الكاسح لصحافة حزب الاستقلال، وتراجع نفوذ الملحق الثقافي الذي كانت تصدره «العلم»، برعاية الكاتب الصحفي عبد الجبار السحيمي، فأصبح لـ»المحرر» ملحقها الثقافي، الذي استقطب كذلك الكثير من الأقلام والأسماء. غير أن عبد الكريم غلاب سيكون له الدور المؤثر في النقابة الوطنية للصحافة، التي حاربت على واجهات عدة لتكريس حرية الرأي والتعبير وإلغاء الرقابة المسبقة على الصحافة. وحين انتقلت هذه الأخيرة إلى طبعة جديدة جمعت بين مدراء الصحف والمحررين، كان غلاب يكتفي بموقعه، خصوصا حين تولى المسؤولية خلفه في «العلم» محمد العربي المساري، الذي عمل من أجل انفتاح أكبر لصحيفة الحزب، ولم يكن يتجاوز الإطار العام الذي رسمه غلاب بقلمه وإدارته وسلطته المعنوية.
لعل الأمين العام لحزب الاستقلال محمد بوستة كان أكثر حماسا لإسناد منصب وزاري إلى عبد الكريم غلاب، وقد تردد، وقتذاك، أن الملك الراحل الحسن الثاني كان وراء فكرة تولي الدكتور سعيد بلبشير وزارة الثقافة، خلفا لوزير الدولة الحاج محمد اباحنيني، وبالتالي فإن تعيين غلاب وزيرا منتدبا لدى الوزير الأول كان يراد من ورائه نوع من الإرضاء، أكثر مما كان يهم تدبير القطاع الذي أسند إليه.
سيأتي لاحقا وزير استقلالي آخر إلى قطاع الوظيفة العمومية، في شخص القيادي البارز في الحزب محمد الخليفة، وسيكون من بين مهامه أن ينفض الغبار عن الخلاصات التي كان قد أقرها الوزير غلاب، الذي اضطر إلى العودة إلى مسقط وجوده «العلم»، بعد خروج الاستقلال إلى المعارضة.
وبالرغم من أن غلاب كثيرا ما صنفه خصومه بأنه كان يدعم تيار محمد الدويري داخل حزب علال الفاسي، فإنه أقفل الباب وانسحب حين واجه ممارسات لم يقبلها من طرف الزعيم النقابي عبد الرزاق أفيلال. كان ذلك بمثابة عودة الضمير المهني والأخلاقي، لكن غلاب على امتداد ولايات تشريعية، خاض فيها منافسات انتخابية محتشمة في الدار البيضاء وسلا، لم يكن يحبذ المواجهات داخل البرلمان، فقد كان رجل فكر وليس رجل ميدان، ولم يحدث أن رفع صوته في مواجهة أي قضية، باستثناء كتاباته التي كان يعتبرها صوتا آخر لبرلمان دائم.
في المرة الأولى، ترشح غلاب للبرلمان تحت مبرر أن سكان دائرة انتخابية في الدار البيضاء تمنوا عليه ذلك، مع أنه لم يقطن الدار البيضاء أبدا، على عكس شقيقه الطاهر، الذي عرف بأسطوله في النقل الذي جاء منه شاب اسمه كريم غلاب، ليصبح مسؤولا عن شبكة الطريق السيار ثم وزيرا للنقل والتجهيز.
وفي مرة لاحقة، اختار غلاب الذهاب إلى مدينة سلا لتجريب حظه، غير أنه ترك لخطباء الحزب أمثال محمد الخليفة ومحمد الوفا وعبد الحق التازي، وقبلهم عبد الخالق الطريس، أن يكونوا رؤساء الفريق التعادلي، واكتفى دائما بدوره منظرا وصاحب تحليل، إذ كان يدبج البيانات ويشرح المواقف ويصارع عبر القلم وحده.
مثل توفيق الحكيم وطه حسين، كان غلاب يغلق عليه مكتبه في «العلم» ويقتطع من وقته ما بين مراجعة المواضيع وكتابة الافتتاحية، زمنا آخر يخصه للإبداع، ذلك أن غالبية رواياته وقصصه تولدت من داخل مكتبه في «العلم»، وإن كان الراجح أنه كان يعيد قراءة الأحداث والإبداعات في مكتب آخر في إقامته، ثم يسرح بنظره في نهاية الأسبوع في مسالك الغولف.
وحين لم يعد لاعبا ـ تردد أنه كان يتقن هوايته ـ أصبح يفضل المشي ويتأمل في صورة بلد منحه الشيء الكثير. وقد اضطر إلى اعتزال السياسة، لكن لم يتخل أبدا عن الكتابة، لأنه لا يقدر على تغيير هويته كاتبا قبل أن يكون سياسيا أو وزيرا.

قديم 05-31-2012, 08:22 AM
المشاركة 739
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عبد الكريم أحمد غلاّب 1919م-
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

ولد الروائي والكاتب القصصي عبد الكريم غلاب في مدينة فاس بالمغرب. دخل في طفولته مدرسة الكتاب لحفظ القرآن ثم مدرسة سيدي بناني بفاس وانتقل من بعد إلى كلية القرويين بفاس أيضا حيث أكمل علومه المتوسطة والثانوية. التحق بكلية الآداب في جامعة القاهرة بمصر ونال إجازة جامعية في الآداب.
علّم في مطلع حياته في المدارس المصرية والمغربية ثم عمل في الصحافة الأدبية. عيّن في وزارة الخارجية المغربية في أواسط القرن الماضي وأصبح وزيراً في الحكومة المغربية عام 1981. عضو في حزب الاستقلال. شغل مراكز مهمة في اتحاد الصحفيين العرب ورئس اتحاد كتاب المغرب وأصبح عضواً في أكاديمية المملكة المغربية والمؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسة (بيت الحكمة).
يتحدر غلاب من عائلة برجوازية. كان أبوه تاجراً أسهم في تاسيس المدارس الحرة لأن التعليم الرسمي التي كانت تشرف عليه الإدارة الفرنسية لم يستجب لحاجات الشعب وتطلعاته.
أسس في القاهرة أثناء دراسته الجامعية، مع عدد من الطلاب المغاربة رابطة الدفاع عن المغرب ضمت مغاربة من تونس والجزائر ثم كوّن معهم "مكتب المغرب العربي" هدفه المطالبة باستقلال الدول المغاربية والمطالبة بتحرير بعض القادة الذين سجنتهم السلطات الفرنسية المستعمرة. وعمل لدى عودته إلى المغرب أستاذاً وصحفياً ومناضلاً فدخل السجن ثلاث مرات.
عاد بعد استقلال المغرب سنة 1956 إلى الصحافة ودخل السلك الخارجي ولكنه استقال بعد مدة قصيرة ليعاود عمله في الصحافة حيث عمل فيها أكثر من ربع قرن. وكان خلال هذه المدة يؤلف وينشر ويلقي المحاضرات في البلدان العربية وكندا والولايات المتحدة.
خاض الانتخابات لأول مرة سنة 1977 في مدينة الدار البيضاء ففاز وعين وزيراً. على أنه لم يهمل عمله الثقافي في خلال هذه المدة فأضاف إلى كتابة القصة والرواية والبحث النقدي، البحث التاريخي المتعلق بتاريخ الحركات الوطنية والبحث القانوني والدستوري والديمقراطي.
- لغلاب خمس روايات منها: سبعة أبواب 1965 وهي سيرة ذاتية عن تجربته بالسجن، دفتا الماضي 1966، صباح ويزحف في الليل 1984.
- وثلاث قصص هي: مات قرير العين 1965، الأرض حبيبتي 1971، وأخرجها من الجنة 1977. وعشر دراسات أدبية وفكرية بينها: صراع المذهب والعقيدة في القرآن 1977، ملامح من شخصية علال الفاسي 1974، الفكر العربي بين الاستلاب وتأكيد الذات 1977. ودراسات تاريخية وسياسية بينها: دفاع عن الديمقراطية 1966، معركتنا العربية في مواجهة الاستعمار والصهيونية 1967، تاريخ الحركة الوطنية بالمغرب 1976، الفكر التقدمي في الإيديولوجية التعادلية 1979، سلطة المؤسسات بين الشعب والحكم 1987 وسواها.
من أشهر مؤلفاته:
  • المعلم علي
  • دفنا الماضي
  • شروخ في المرايا
  • شخصية عزالدين بقشا
  • من اللغة إلى الفكر
  • نبضات فكر
  • سبعة أبواب
  • رسالة الفكر
  • مع الأدب والأدباء
  • مع الشعب في البرلمان
  • الماهدون...الخالدون
  • في الإصلاح القروي
  • صحفي في أمريكا
  • هذا هو الدستور
  • في الفكر السياسي
  • سفر إلى طنجة
[عدل] وصلات خارجية

مقابلة وثائقية مع عبد الكريم غلاب / قناة العربية

قديم 05-31-2012, 08:22 AM
المشاركة 740
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عبد الكريم أحمد غلاّب
ولد سنة 1919 بمدينة فاس. تابع دراسته بالقرويين، ثم التحق بالقاهرة حيث حصل على الإجازة في الأدب العربي من جامعتها، كما ساهم في تأسيس مكتب المغرب العربي. اشتغل بالصحافة منذ سنة 1948 بتوليه تحرير مجلة " رسالة المغرب" عمل بوزارة الخارجية سنة 1956، كما عين سنة 1983 وزيرا . يشتغل حاليا مديرا لجريدة "العلم".
ساهم عبد الكريم غلاب في تأسيس اتحاد كتاب المغرب وانتخب عضوا في « لجنة الكتابة» المنبثقة عن المؤتمر الأول 1961 ثم رئيسا للاتحاد خلال الفترة الممتدة من سنة 1968 إلى 1976، كما انه عضو في أكاديمية المملكة المغربية وفي المجتمع العلمي العراقي. تتوزع أعماله بين الرواية، القصة القصيرة، الدراسة الأدبية والسياسية.
له مجموعة من الأعمال المنشورة:
- الاستقلالية: عقيدة ومذهب وبرنامج، الدار البيضاء, مطبعة الأندلس، 1960، 167ص.
- هذا هو الدستور، الرباط، مطبعة الرسالة، 1962.
- نبضات فكر: مقالات، بيروت: مطبعة دار العلم للملايين، 1961، 166ص.
- في الثقافة والأدب، الدار البيضاء: مطبعة الأطلس، 1964، 180 ص.
- سبعة أبواب: رواية/ تقديم محمد مندور، القاهرة، دار المعارف بمصر، 1965، 204 ص.
- مات قرير العين: قصص، الدار البيضاء، دار الكتاب، 1965، 195ص.
- دفاع عن الديمقراطية: بحث تاريخي تحليلي، المحمدية، مطبعة فضالة، 1967، 229 ص. (سلسلة الجهاد الأكبر، 2).
- دفنا الماضي: رواية، بيروت، منشورات المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع، 1966، 408ص. (جائزة المغرب لسنة 1968).
- رسالة الفكر، تونس، الدار التونسية، 1968.
- الأرض حبيبتي: قصص، بيروت، منشورات دار الآداب، 1971، 143ص.
- المعلم علي: رواية، بيروت، منشورات المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع، 1971.
- من مكة إلى موسكو، الدار البيضاء، دار الكتاب، 1971.
- دفاع عن فن القول، الدار البيضاء، دار الفكر المغربي، 1972.
- صراع المذهب والعقيدة في القرآن، بيروت، دار الكتاب اللبناني، 1973.
- ملامح من شخصية علال الفاسي، الرباط، مطبعة الرسالة، 1974.
- مع الأدب والأدباء، الدار البيضاء، دار الكتاب، 1974.
- الثقافة والفكر في مواجهة التحدي، الدار البيضاء، دار الثقافة، 1976. أخرجها من الجنة: قصص، طرابلس، تونس، الدار العربية للكتاب، 1977.
- الفكر العربي بين الاستلاب وتأكيد الذات، طرابلس، تونس، الدار العربية للكتاب، 1977.
- التطور الدستوري والنيابي في المغرب: من سنة 1908 إلى سنة 1977، الدار البيضاء: مطبعة شركة الطبع والنشر، 1978.
- المنظور الاستقلالي للسياسة الوطنية الاقتصادية والاجتماعية، الرباط، حزب الاستقلال، 1979، 44ص، ( سلسلة لجنة الإعلام والعلاقات الخارجية، رقم 14).
- الفكر التقدمي في الإيديولجيا التعادلية، الرباط، مطبعة الرسالة، 1980.
- الوضع الاقتصادي والمالي في المغرب، الرباط، لجنة الإعلام والعلاقات لحزب الاستقلال، 1981.
- أحمد بناني فقيد الأدب والوطنية / عبد الكبير الفاسي، محمد الفاسي، أبو بكر القادري، وعبد الكريم غلاب، الرباط، مطبعة الرسالة، 1981.
- عالم شاعر الحمراء، الدار البيضاء، دار الثقافة، 1981.
- مع الشعب في البرلمان، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، 1983.
- تاريخ الحركة الوطنية بالمغرب: من نهاية حرب الريف إلى بناء الجدار السادس في الصحراء، الرباط، مطبعة الرسالة، 1987، ج1، 462ص؛ ج2.
- سلطة المؤسسات بين الشعب والحكم، البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، 1987.
- مجتمع المؤمنين من هدي القرآن: تفسير الدلالة لآيات تكوين المجتمع، البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، 1988.
- وعاد الزورق إلى النبع: رواية، تونس، الدار العربية للكتاب، 1988.
- في الثقافة الإسلامية والآداب القرآنية، الرباط، منشورات جريدة العلم، 1992، (سلسلة عيون الأحاديث، 1).
- في الفكر السياسي، البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، 1992، 301ص. (سلسلة عيون الأحاديث، 2).
- الماهدون… الخالدون، الرباط، منشورات جريدة العلم، 1992.
- معركتنا العربية في مواجهة الاستعمار / محمد العربي المساري، عبد الجبار السحيمي وعبد الكريم غلاب، الرباط، مطبعة الرسالة، 1967.
- في الإصلاح القروي 1961.
- صحفي في أمريكا، 1992.
- شخصية محمد الخامس.
- من اللغة إلى الفكر


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 30 ( الأعضاء 0 والزوار 30)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 10:47 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.