قديم 02-08-2011, 07:29 PM
المشاركة 31
ساره الودعاني
كاتبة وأديبة سعودية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

حكاية سنين

عبدالله البردوني


مــــن أيــــن أبــتـدىء الـحـكـاية
ii؟ وأضـــيــع فــــي مــــد الـنـهـايـة
وأعــــــي نــهــايــة دورهــــــا فــتــعـود مــــن بــــدء
iiالــبـدايـه
تـــصـــل الـخـطـيـئـة
iiبـالـخـطـيـئة والـــجـــنــايــة iiبــالــجــنــايـه
مــــن عــهـد مـــن ولـــدوا
iiبـــلا ســـبـــب ومـــاتــوا دون iiغـــايــه
الـمـسـبـلـيـن عـــلـــى
iiالـــذئــاب الــبــيــض اجــنــحـة iiالــرعــايـه
الــنــاســجــيـن
iiعـــروقـــهـــم لــمــواكــب الــطــاعـون iiرايـــــه
مــــــن حـــوّلــوا
iiالـمـسـتـنـقعات الــجــائـعـات الــــــى iiالــنـفـايـه
أنـــصـــاف آلـــهـــة
iiمــطــوقـة بـــأســـلــحــة الـــعـــنــايــه
ووجـــوهـــهـــم
iiكـــالــلافــتــات عـــلـــى مــواخــيــر iiالــغــوايـه
كــــانـــوا مــلــوكــا
iiظــلّــهــم حــــــرم ورقــيــتـهـم iiحــمــايـه
فــلــحــومــنــا
iiلــخــيــولــهـم مـــرعـــى وأعــظـمـنـا iiســقــايـه
وبـــــيـــــادر
iiتــعــطــيــهــم حـــبّـــات أعــيــنـنـا جــبــايــه
والله والإســــــــــلام
iiفـــــــــي أبــواقــهــم بـــعـــض الــدعــايـه
أيـــــــام كـــانـــت لــلــذبــاب عـــلــى الــجــراحـات
iiالــوصــايـه
أيـــــام كــــان الــســل
iiيـأكـلـنـا ولــــيـــس لــــنـــا iiدرايــــــه
وأبــــــي يــعـلـمـنـا
iiالـــضـــلال ويـــــســــأل الله iiالـــهـــدايـــه
ويــعــيــذنــا
iiب((الــمــصـطـفـى)) والــصـالـحـيـن وكــــــل iiآيـــــه
ويـــقــول : اعـــتــادوا
iiالـــطــوى كـــــم عــــادة بــــدأت iiهــوايــه
ويـــعـــود يــشــكــو
iiوالــســعـال يــــرضّ فــــي فــمــه iiالـشـكـايـه

مـن ها هنا ابتدت الروايه ، أين أين مدى الروايه







خُــلــقــت حــواء مـــن ضـــلــع { آدم }

لــذلــك { هـــي } لا تـــشـــعــــر بـــالأمــــن حـــتـــى

يــــضـــع رأســهـــا عــــلـــى صــــدره !!!
قديم 02-08-2011, 07:34 PM
المشاركة 32
ساره الودعاني
كاتبة وأديبة سعودية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي




ii؟

***
أأقــصّــهـا ؟ بــعــضـي iiيــهـيـأنـي وبــــعـــضـــي بـــزدريـــنـــي


وبـرغم إرهـاقي أخـوض مـجاهل الـسر iiالكمين
وظــلالــهــا خــلــفـي iiوقـــدّامــي كـــأمـــســيــة iiالـــطـــعّــيــن


فـأتـيه فـيها كـالتفات الـطيّف لـلطيّف الـحزين
وأعــــافـــهـــا فـــيـــشــدّنــي أرقــــــي ويــعــزفـنـي iiحــنـيـنـي
وتـــزقـــزق الــخــلـجـات
iiفـــــي رأســــــي كــعـصـفـور iiســجــيـن


مـاذا يعاودني ؟ كشعوذة الرؤى ، كصدى اليقين ii؟!

ويـدير كـأسا مـن دم الـذكرى وحـشرجة iiالأنين
فـتـهـيـحـني ، ومـــنــاي iiيــحــفـر فــــي حــريـقـي عــــن iiمـعـيـنـي
والــحــرف يــمــزح فــــي
iiفــمــي والــسـهـد يــلـهـث فــــي iiجـبـيـني


ومــــدى الــسّـرى يـطـفـو iiويــرسـب

فـــــي فــــم الــوهــم الـضّـنـيـن
ويــــمـــد أغــنــيــة iiتـــحـــن الــــى الــصــدى ، ومـــن iiالـرنـيـن


ولـمن ألـحن هـجعة الأشـباح والـرعب الدفين ii؟

لـمواكب الـتاريخ يـرويها الأمـين عـن iiالأمـين
ولأمــــــي الــيــمــنiiالــعــجـوز ولابـــنـــي الــيــمــن iiالــجـنـيـن
كـــانـــت مـــواقـــع iiخـــطـــوه طــيــنـا تــوحّــل فــــوق iiطــيــن









خُــلــقــت حــواء مـــن ضـــلــع { آدم }

لــذلــك { هـــي } لا تـــشـــعــــر بـــالأمــــن حـــتـــى

يــــضـــع رأســهـــا عــــلـــى صــــدره !!!
قديم 02-08-2011, 07:57 PM
المشاركة 33
ساره الودعاني
كاتبة وأديبة سعودية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


*
أتــقــول لــــي ، ومــتــى iiابــتـدت ســخــريــة الـــقـــدر iiالــبـلـيـد؟
والــــــى بــدايــتـهـا
iiأعــــــود عــلــى هــــدى الــحـلـم الــشـريـد
مــنــذ انــحـنـى مـغـنـى
ii((عـلـيّـة)) واســتــكـان حـــمــى ii((الــولــيـد))
واســتــولـد الــســحـب الــحـبـالـى الــــــف ((هـــــارون
iiالــرشــيـد))
حـــتـــى امــتــطـى
ii((جــنـكـيـز)) عــاصــفـة الــصــواهـل iiوالــحــديـد
وهــنــالــك انــتــعـل
ii((الــتــتـار)) مــعــاطــس الــشــمــم iiالــعـنـيـد
وتــمــوكـبـت زمــــــر
iiالـــذّئــاب عـــلـــى دم الــغــنــم iiالــبــديــد
فـاسـتـعـجـم ((الـــضّــاد
)) iiالـمـبـيـن ورايــــــة الــفــتــح iiالــمــجـيـد
أيــــن الــعـروبـة ؟ هــــل
iiهــنــا أنـــفــاس ((قــيــس )) أو ii((لــبـيـد))
أيــــــن الــتـمـاعـات
iiالــســيـوف ودفء رنّــــــــات الــقــصــيــد ii؟
لا هـــــا هــنــا نــــار
iiالــقــرى تـــهـــدى ، ولا عـــبــق iiالــثــريـد


لا مـستعيد ، ولا اخـتيال الشدو في شفتي ii((وحيد))

فـتلامعت أيـدي عـلوج ((الترك)) تومىء من iiبعيد

وتـقول : يـا ريح ابدئي صخبي ، ويا دنيا : iiأعيدي
ونـــمــد تــلـمـس مــــن iiهــنــاك ذوائــــــب الــيــمــن iiالــسـعـيـد
حـــيـــث اخــتــلاجـات
iiالـــغــروب عــلــى الــربــى ، لــفـتـات iiغــيـد
حـــيــث الـــمــزارع
، iiوانــتــظـار الـــجـــوع حـــبّـــات iiالــحـصـيـد


حـيث الصراع على السفاسف ، والزّحام على iiالزهيد

ومـضى الـعبلوج الـيه كالأعصار ، كالسّيل iiالشديد
وبــرغــمــه أدمــــــواiiإلـــــى (( صــنــعـاء)) بــيــدا بــعــد iiبــيــد
فـــتـــثــآبــت iiأبــــوابـــهـــا لـــزحــوف ((أبـــرهــة)) الــجــديـد









خُــلــقــت حــواء مـــن ضـــلــع { آدم }

لــذلــك { هـــي } لا تـــشـــعــــر بـــالأمــــن حـــتـــى

يــــضـــع رأســهـــا عــــلـــى صــــدره !!!
قديم 02-08-2011, 08:02 PM
المشاركة 34
ساره الودعاني
كاتبة وأديبة سعودية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


***

وهــنــا انـحـنـى ((نــقـم)) iiالـصـبـور

وأذعـــنــت كــثــبـان ii(0مـــيــدي))
وتــهــافــت الأجـــــداد ، iiفــاتــكـل الــمــطـيـق عـــلـــى iiالــقــعـيـد
وتـــخــدّ روا بـــروائــح
iiالــمــوتـى وعــــهـــدهـــم iiالــــرغـــيـــد
وكــــمـــا تــقــلّــد أمّ
iiأمّــــــي لـــثــغــة الــطــفــل iiالــولــيــد
راحــــــوا يــعــيــدون الــمــعـاد
عـــن ((الـحـسـين)) وعـــن ii((يــزيـد))
عــــن مــهــر ((عــنـتـرة
)) iiوعـــن صــمـصـامـة الــشــيـخ iiالــزّبــيـدي


عن((شهرزاد)) و((باب خيبر)) و((ابن علوان)) iiلنجيد

وغـذاؤهم زجـل (( الـخفنجي)) والـلحوم بكل iiعيد
ومــصــيـرهـم حـــلـــم عـــلـــى أهــــــداب شــيــطــان iiمـــريـــد
وتــمـلـمـلـوا يـــومـــا
iiوفــــــي نــظــراتـهـم كــــــل iiالــوعــيــد
فــمــحــوا دخـــــان ((الـــتــرك
)) وارتــــدّوا إلـــي الـغـسـق iiالـحـمـيدي
فــتــخـيـروا لــلــحـكـم أوثـــانــا
مـــــــن الـــــــدم والــجــلـيـد
أهـــواءهــم كــمــسـارب
iiالــحـيـات فـــــــي الــــغـــار iiالــمــديــد
أو كــالــمــقــابـر
، iiيــبــتــلـعـن ويــســتــزدن الــــــى iiالــمــزيـد
كـــانـــوا عــبــيــد
iiخــمــولـهـم والــشــعــب عـــبـــدان iiالــعـبـيـد
كـــانـــوا يــعــيــرون
iiالـــمــدى شــرعــيــة الـــذبـــح iiالــمـبـيـد
أو يـــقــتــلــون
iiويـــخـــرجــون يــرحــمّــون عـــلـــى iiالــفـقـيـد
خـــلـــف الـــدخـــان
iiيــمـثـلـون روايـــــة (( الــيــمـن)) iiالــشـهـيـد


***
اتــقــول لــــي ؟ وهــــل انــطـقـت فــــي ذلــــك الــعـهـد الــنـجـوم ii؟
دفـــــــن الــغــبــار
iiهــــــواءه فــتـجـلـمـدت فـــيـــه iiالــغــيـوم
وتـــهـــدج الــــــراوي كـــمـــا
يــســتــعــطـف الام الــفــطــيــم
واجـــتّـــر نــبــرتــه ، وقــــــال وكـــفـــن الـــزمـــن
iiالــسّــهـوم
تــمـشـي الـفـصـول كــمـا
iiيـخـشـخش فـــــي يــــد الــريــح iiالـهـشـيـم
أنّـــــى أصــخــت فــــلا
iiصــــدى يــنــبــي ، ولا يـــوحــي iiنــســيـم
الاّ رفــــــــــات
iiالـــبــائــديــن تــقــيّــأتــهــن iiالـــجـــحــيــم
وعــلــى امــتــداد الــتـيـه
iiيــزعـق وهـــدهــد )) ويــصــيـح ((بــــوم))
وهــــنـــاك كـــانـــت
iiقـــريـــة تــجـثـو كــمــا ارتــكــم iiالــرمـيـم
جـــوعـــى ويـطـبـخـهـا الــهـجـيـر وتــحــتـسـي دمـــهــا
iiالــسّــمـوم
نــســيــت مــواسـمـهـا
iiفــأشــتـت قــــبـــل أن تـــلـــد الـــكـــروم
تــــــروي حــكــايــا الــثــقــوب فــيــسـعـل الـــجـــوّ
iiالــكــلـيـم
ووراء تـــلـــويـــح
iiالــــطــــلاء مــديــنــة جـــرحـــى تــــــؤوم
تــبــيـض مـــــن بــعــد
iiكــمــا يــتــكـلـف الــضــحــك iiالــلـئـيـم


وعـلى الـشوارع تـنعس الذكرى ، ويصفّر iiالوجوم
وعـــلـــى تــجــاعـيـد iiالـــرمــاد يــهــيـنـم الــثــلــج iiالــبــهـيـم
وتـــغـــوّر الــسّــنــة
iiالــعــجـوز وتـــبـــدأ الــســنــة iiالــعــقـيـم
حــــتـــى تـــفــجــر
iiلــيــلــة حــــدث كــمــا قــالــوا : iiعــظـيـم
فــهــوى كــمـا زعــمـوا
ii((الــحـرام)) ونـــــاح ((زمــــزم)) iiو((الـحـطـيـم))









خُــلــقــت حــواء مـــن ضـــلــع { آدم }

لــذلــك { هـــي } لا تـــشـــعــــر بـــالأمــــن حـــتـــى

يــــضـــع رأســهـــا عــــلـــى صــــدره !!!
قديم 02-08-2011, 08:04 PM
المشاركة 35
ساره الودعاني
كاتبة وأديبة سعودية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


***

وهــنــا انـحـنـى ((نــقـم)) iiالـصـبـور

وأذعـــنــت كــثــبـان ii(0مـــيــدي))
وتــهــافــت الأجـــــداد ، iiفــاتــكـل الــمــطـيـق عـــلـــى iiالــقــعـيـد
وتـــخــدّ روا بـــروائــح
iiالــمــوتـى وعــــهـــدهـــم iiالــــرغـــيـــد
وكــــمـــا تــقــلّــد أمّ
iiأمّــــــي لـــثــغــة الــطــفــل iiالــولــيــد
راحــــــوا يــعــيــدون الــمــعـاد
عـــن ((الـحـسـين)) وعـــن ii((يــزيـد))
عــــن مــهــر ((عــنـتـرة
)) iiوعـــن صــمـصـامـة الــشــيـخ iiالــزّبــيـدي


عن((شهرزاد)) و((باب خيبر)) و((ابن علوان)) iiلنجيد

وغـذاؤهم زجـل (( الـخفنجي)) والـلحوم بكل iiعيد
ومــصــيـرهـم حـــلـــم عـــلـــى أهــــــداب شــيــطــان iiمـــريـــد
وتــمـلـمـلـوا يـــومـــا
iiوفــــــي نــظــراتـهـم كــــــل iiالــوعــيــد
فــمــحــوا دخـــــان ((الـــتــرك
)) وارتــــدّوا إلـــي الـغـسـق iiالـحـمـيدي
فــتــخـيـروا لــلــحـكـم أوثـــانــا
مـــــــن الـــــــدم والــجــلـيـد
أهـــواءهــم كــمــسـارب
iiالــحـيـات فـــــــي الــــغـــار iiالــمــديــد
أو كــالــمــقــابـر
، iiيــبــتــلـعـن ويــســتــزدن الــــــى iiالــمــزيـد
كـــانـــوا عــبــيــد
iiخــمــولـهـم والــشــعــب عـــبـــدان iiالــعـبـيـد
كـــانـــوا يــعــيــرون
iiالـــمــدى شــرعــيــة الـــذبـــح iiالــمـبـيـد
أو يـــقــتــلــون
iiويـــخـــرجــون يــرحــمّــون عـــلـــى iiالــفـقـيـد
خـــلـــف الـــدخـــان
iiيــمـثـلـون روايـــــة (( الــيــمـن)) iiالــشـهـيـد


***
اتــقــول لــــي ؟ وهــــل انــطـقـت فــــي ذلــــك الــعـهـد الــنـجـوم ii؟
دفـــــــن الــغــبــار
iiهــــــواءه فــتـجـلـمـدت فـــيـــه iiالــغــيـوم
وتـــهـــدج الــــــراوي كـــمـــا
يــســتــعــطـف الام الــفــطــيــم
واجـــتّـــر نــبــرتــه ، وقــــــال وكـــفـــن الـــزمـــن
iiالــسّــهـوم
تــمـشـي الـفـصـول كــمـا
iiيـخـشـخش فـــــي يــــد الــريــح iiالـهـشـيـم
أنّـــــى أصــخــت فــــلا
iiصــــدى يــنــبــي ، ولا يـــوحــي iiنــســيـم
الاّ رفــــــــــات
iiالـــبــائــديــن تــقــيّــأتــهــن iiالـــجـــحــيــم
وعــلــى امــتــداد الــتـيـه
iiيــزعـق وهـــدهــد )) ويــصــيـح ((بــــوم))
وهــــنـــاك كـــانـــت
iiقـــريـــة تــجـثـو كــمــا ارتــكــم iiالــرمـيـم
جـــوعـــى ويـطـبـخـهـا الــهـجـيـر وتــحــتـسـي دمـــهــا
iiالــسّــمـوم
نــســيــت مــواسـمـهـا
iiفــأشــتـت قــــبـــل أن تـــلـــد الـــكـــروم
تــــــروي حــكــايــا الــثــقــوب فــيــسـعـل الـــجـــوّ
iiالــكــلـيـم
ووراء تـــلـــويـــح
iiالــــطــــلاء مــديــنــة جـــرحـــى تــــــؤوم
تــبــيـض مـــــن بــعــد
iiكــمــا يــتــكـلـف الــضــحــك iiالــلـئـيـم


وعـلى الـشوارع تـنعس الذكرى ، ويصفّر iiالوجوم
وعـــلـــى تــجــاعـيـد iiالـــرمــاد يــهــيـنـم الــثــلــج iiالــبــهـيـم
وتـــغـــوّر الــسّــنــة
iiالــعــجـوز وتـــبـــدأ الــســنــة iiالــعــقـيـم
حــــتـــى تـــفــجــر
iiلــيــلــة حــــدث كــمــا قــالــوا : iiعــظـيـم
فــهــوى كــمـا زعــمـوا
ii((الــحـرام)) ونـــــاح ((زمــــزم)) iiو((الـحـطـيـم))









خُــلــقــت حــواء مـــن ضـــلــع { آدم }

لــذلــك { هـــي } لا تـــشـــعــــر بـــالأمــــن حـــتـــى

يــــضـــع رأســهـــا عــــلـــى صــــدره !!!
قديم 02-08-2011, 08:30 PM
المشاركة 36
ساره الودعاني
كاتبة وأديبة سعودية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


***

من ذا أطلّ ؟ وأجهش الميدان : ((أحمد)) و (الوشاح)

أسـطورة الأشـباح دق ، طـبوله سـاح ، iiوسـاح
يــســطــو ، فـتـعـتـصـر iiالـــربــى يــــــده ، ويــسـبـقـه iiالــصّــبـاح
ويــــــزف أعـــــراس
iiالــفــتـوح الــــــى مــقــاصــره iiالــســفـاح


((عـوج ابن عنق )) شق أنف الشمس منكبه iiالوقاح
الـــجـــنّ بـــعـــض iiجـــنـــوده والـــدّهــر فــــي يــــده iiســــلاح
أو هـــكـــذا نـــبـــح
iiالـــدعـــاة وعـــمّـــم الـــفـــزع iiالــنــبــاح
فــاحـمـرّ مــــن وهــــج
iiالـمـذابـح فــــــي مــلامــحــه iiارتـــيـــاح
واغـــبّـــر بــالــذبــح
iiالــمـسـيـر ومــــــاد بــالــجـثـث iiالـــــرّواح
وســـــرى ، وعــــاد
ii((الـسـنـدبـاد)) ودربــــــه الــــــدم ، iiوالـــنّــواح
خـــمـــس مـــــن الــســنـوات
iiلا لـــيـــل لـــهـــن ولا iiصـــبـــاح
يــبـسـت عــلــى الــسـهـد
iiالـعـيـون وأقـــعـــد الـــزمـــن iiالــكــسـاح
((نـاشـدتـك الإحــسـاس يـــا أقـــلام ii)) واخــــتـــنـــق الـــــصّـــــداح
لـــــم يــنـبـض الــــوادي
iiولــــم يــنــســت لــعــصـفـور iiجـــنــاح


فـتنام الـتاريخ والـتأمت عـلى الـجمر iiالـجراح

لـكن وراء الـسّطح أسـئلة ، يـجدّ بـها iiالـمزاح
أو يــنــطــوي صـــــوت iiالــنــبـي وتـــدّعـــى فـــمــه ((ســـجــاح))
فـــــدوى ((الــزبــيـري
)) iiالــشـريـد وأفـــشـــت الـــوعـــد iiالـــريــاح
وتــنــاقــل الـــجـــوّ
iiالـــصّـــدى فـــزقــى الــتـهـامـس iiوالــطــمـاح


مـاذا تـقول الـريح ؟ فـالغابات تـومىء iiوالبطاح
ويـــحـــدق الـــراعــي فــتـخـبـره مــــراتـــعـــه الــــفـــســـاح
ســتــكــل يـــومــا ((شـــهــرزاد)) ويــســكــت الــسّــمـر iiالــمــبـاح









خُــلــقــت حــواء مـــن ضـــلــع { آدم }

لــذلــك { هـــي } لا تـــشـــعــــر بـــالأمــــن حـــتـــى

يــــضـــع رأســهـــا عــــلـــى صــــدره !!!
قديم 02-08-2011, 08:33 PM
المشاركة 37
ساره الودعاني
كاتبة وأديبة سعودية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



***
فـــــاذا ((الــثــلايـا)) iiوالــبـطـولـة يـــركــلان شـــمــوخ ((صـــالــه))
فــتــضـاءل ((الــفــيـل)) الــمــخـدر وارتــــــدى جـــلــد
ii((الــثـعـالـه))
وكـــمـــوعـــد الــــرؤيــــا
iiأراح الـــجـــنّ ، واطـــــرّح الــجــلالـة
وانـــحـــط تــــــاج
، iiوارتـــقــى تــــاج ، عــمــودا مــــن iiعــمـالـه


مـاذا يرى ((صبر)) ؟ وغاصت ، خلف جفنيه iiالدلاله

وكـما تـميد عـلى شـحوب السجن أروقة iiالملاله

مـضت الليالي الخمس ، أجهل بالمصير من iiالجهاله
فــتـحـسـس الــفــيـل الــمـهـيـض ii، قــــــواه ، وابـــتـــدر iiالــعـجـالـه


وعـلا الجواد ، وموّج الصمصام ، واكتسح iiالضّحاله

والـشـارع الـمشلول يـزمر ، لـلبطولة والسّفاله
وكــمــا انــتـهـى الــشــوط iiايــتـدى يــذكــى الــــدّم الــغـالـي iiمــجـالـه
فــيــمــد عــفــريــت الـــدخـــان
عـــلـــى أشــعــتــه ، ظـــلالـــه
ويـــخــاف أن يـــلــد
ii((الــثــلايـا)) قـــبـــره ، ويــــــرى iiاحــتـمـالـه
فــتـعـسـكـر الاشـــبـــاح فــــــي أهــــــداب عــيــنـيـه
iiخــيــالــه
مــــــن ذا ؟ ويــتــهـم الـــصــدى وتـــديـــن يــمــنــاه
iiشــمــالــه


فـانهار ((شـمشون)) وناه برأسه ، ووعى iiانحلاله
واســتــنــزف الــفــلـكiiالــمـعـطـل عــــــن جــنــاحـيـه iiالــبــطـالـه
وانــســاق يــغــزل كــــل iiحــيــن كــوكــبــا ، ويــديــرهــا iiلــــــه
ويـــشــب نــجـمـا ، لــــم iiيــعــد مــــــن نــبــضــه الا iiثــمــالــه
وهــــنـــا تــلــفّــت iiمـــوعـــد فــــي أعــيــن الــقـمـم iiالـمـشـالـه
وتـــدافـــع الـــزمـــن iiالــكـسـيـح عـــلــى جــنــاح مــــن عــلالــه
وانـــثـــال كــالــريــح الــعــجـول يـــلـــوّن الــفــلــك iiاشــتــعـالـه
وتــســاءلـت عــيــنـاه ، مـــــن iiذا هـــــا هــنــا ؟ فــــرأى iiحــيـالـه
إشــراقــة (( الـعـلـفـى)) iiإطــــراق (( الـــلـــقــيــة)) iiوانـــفــعــالــه
فــرمــى عــلــى زنـديـهـما iiالـجـلّـى واعـــــبـــــاه iiالــــرســـالـــه








خُــلــقــت حــواء مـــن ضـــلــع { آدم }

لــذلــك { هـــي } لا تـــشـــعــــر بـــالأمــــن حـــتـــى

يــــضـــع رأســهـــا عــــلـــى صــــدره !!!
قديم 02-08-2011, 08:37 PM
المشاركة 38
ساره الودعاني
كاتبة وأديبة سعودية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



***
والــــــى الــعــشــي iiتــعــاقــدا واســتــبـطـأا ســـيــر iiالــثــوانـي


ألـسّاعة الـمكسال مـثل الـشعب ، تجهل ما iiتعاني
أيـــكــون مـسـتـشـفى ii((الــحـديـدة)) مـــولـــد الــفــجــر iiالــيــمـانـي
وعــلــى امــتــداد الــيـوم ضـمـهـما
الــــتـــفـــرق والــــتـــدانـــي
يــتــفـرقـان مــــــن
iiالــشــكـوك ولـــلـــمــنــى ، iiيـــتــلاقــيــان
يـــتـــخــوفــان فــيــحــجــمـان ويـــــذكـــــران
iiفـــيـــهـــزأن
هــــل بــحــت بــالـسّـر
iiالـمـخـيف الــــــى فــــــلان أو فــــــلان ii؟
انـــــي أحــــاذر مــــن
iiرأيــــت عــلــى الــطـريـق ومــــن يــرانـي
كــــم طـــال عــمـر الــيـوم
، iiلـــم لا يــخــتــفــي قــــبــــل الأوان ii؟
حــتــى ارتــمــى الـشـفـق
iiالـغـريـب عـــلـــى ســـريـــر iiالـــدخـــان
وكــــــأن هـــدبـــي
iiمــقـلـتـيـه شــــاطـــئـــان iiمـــعـــلّــقــان
نـــظـــرا إلـــيـــه
، iiيــفــتـشـان عــــــن الــصــبــاح ويـــســألان
وكـــمــا أشـــــار
ii((الــهـنـدوانـه)) أبـــديـــا بـــعـــض iiالــتــوانــي
ومـــشـــى الــثــلاثـة
iiشــارعــيـن مــــــن الــمــشـانـق والأمـــانــي


ودعـــى الـنّـفـير ، فــسـار ii((أحــمـد))

ســــيـــر مـــتــهّــم iiمــــــدان
يـــرنـــو ، أيــلــمــح حـــمــرة ii؟ كــــــلا ، وتــلــمــع iiنــجـمـتـان
فــيــمــور داخــــــل
iiشــخــصـه شــخــص غــريــب الــوجـه iiثــانـي
ويـــعـــي ضـــمـــان
iiمـنـجّـمـيـه فــيـسـتـريـح الــــــى iiالــضّــمـان
ودنــــا فــمــاج الــبــاب
iiوانــهــال الــسّــكــون عـــلـــى iiالــمــكـان
مـــــن أيــــن نـبـغـتـه ؟
iiويــمّــم فـــجـــأة ، قـــســـم iiالــغــوانـي
فــتــنــادت الــطّــلـقـات
iiفـــيـــه كـــالــزغــاريــد iiالـــقـــوافـــي
وانـــهـــدّ قـــهّـــار الــبــنــادق كـــالـــجـــدار
iiالأرجـــــوانــــي
أتــــرى حــصــاد الــقـبـر
iiيــرجـع كــالــرّضــيـع بــــــلا iiلـــبـــان
وعـــلـــى يــقــيــن الـــدفــن
iiرد بـنـبـضـتـيـن مــــــن iiالــبــنــان
فـتـطـلـعـت مـــــن كــــل
iiأفــــق تـــســـأل الــشــهــب iiالـــروانــي
كــيــف انـطـفـا الـشـهـب
ii(الـثـلاثـة) فـــــــي ربـــيـــع iiالــعــنـفـوان
وتـــراجــع ((الــبــاهـوت) يــحــرق بــالــمـواجـع وهــــــو
iiفـــانـــي
يــحــيــى ولا يــحــيـى
iiيـــمــوت ولا يـــــمـــــوت بـــــكــــل iiآن
فـتـبـرجـت مــأســاة ((واق الــــواق)) تــــــغـــــدق
iiكـــالـــجــنــان
وتــجــول تــظـفـر مــــن ذوائـبـهـا
غــــروبـــا مــــــن أغـــانـــي
وتـــهـــز نــهـديـهـا اعــتــلاجـات الـــمـــحــبــة
iiوالــــحـــنـــان
فــاخــضــر عــــــام
iiبــالـمـواعـد واحــــتـــمـــالات iiالـــعـــيـــان
وأهــــل عــــام عــسـجـدي
iiالـلـمـح صـــــخـــــريّ iiالــــلـــســـان
فــرمــى الــــى حــلــق الــتــراب بــقــيــة الــبــطــل
iiالــجــبــان
وهــنــا ابــتــدى فــصــل
iiتــــروّى فــــيـــه ابــــــداع الـــزمـــان
مــــــاذا هـــنــا ؟ ((سـبـتـمـبـر)) اشـــــــــواق آلاف
iiالــلــيــالــي
حــــــرق الـعـصـافـيـر
iiالــجــيـاع الــــــى الــبــيــادر والـــغـــلال


بـثّ الـمسامر والـرؤى الـعطشى وأخـيلة iiالخيال
خـــفـــق الــنــوافـذ iiوارتــجــافـات الــــريـــاح عـــلـــى الـــتـــلال
وتــطــلّــع الـــــوادي
iiوأســئــلـة الــنــجــوم إلــــــى iiالــجــبــال
وتــلــهّــف الـــكــأس
iiالــطــريـح الــــــى انـــهـــدالات iiالـــدوالــي
كــــــان احــتــراقــات
iiالإجـــابــة وابــــتـــهـــالات iiالـــــســــؤال
وتــلــفّــت الآتــــــي
، iiالــــــى آثـــــــار أقــــــدام iiالأوالــــــي
عـــشــريــن عـــامـــا
iiقــلــبّــا حــلــبــت بــــــه أمّ iiالــنــضــال


نـسجته مـن شـفق الـمقاصل والجراحات iiالغوالي

حـتى أطـل عـلى عـقاب مـن أسـاطير iiالـمحال
فـــــي كـــــل ريــشــة iiجــانــح مــنــه ((أبــــو زيــــد iiالـهـلالـي))
فــــي الـنـفـخـة الأولــــى
iiرمــــى بــالــعــرش أغـــــوار iiالـــــزوال
وأمــــــال زوبـــعـــة
iiالـــرمــال الــــــى ســـراديـــب iiالـــرمـــال
يــعــطــي الــمــواسـم والــمـحـبـة بــالــيــمــيــن
iiوبـــالــشــمــال
أنــــى مــشـى ، أجــنـى ((الـولـيـد
)) مـــــن الــمـنـى وأجــــدّ iiبــالــي
مــــــوج ســـمــاوي
iiالــنــضـارة شــاطــئــاه مــــــن iiالـــلآلـــي
مــــــاذا هـــنــا ! ((سـبـتـمـبـر
)) أتــقــول لــــي ، أجــلـى iiالـمـجـالي


شــيء وراء تـصـور الـدنـيا وأبـعاد iiالـجمال
فــــــوق احــتــمـالات iiالـــرجــاء وفــــــوق اخـــصـــاب iiالـــنــوال
أتــقــول لــــي ؟ وهــــل
iiانــتـهـى فــــي جــثــة الأمــــس الــنـزوع ii؟


شـاء الـرجوع وسـلّحته الـبيد ،فـانتحر الرجوع

وزوتـه حـفرته وأطـبق فـوق مـرقده iiالـهجوع

وعـلا الـدخان أزقـة الـبترول ، فـانتبه iiالصريع
واهــــتـــاج ثــانــيــة iiفـــمـــد زنـــــوده (( الــنــيـل)) الــضـلـيـع
وأحـــاطـــت الــخــضـراء
iiمـــــن أقـــــــــوى ســــواعــــده iiدروع


وارتــد ظـل الأمـس والـتحم الـتوقع iiوالـوقوع

فـتـنادت الـنيران والـتفت الـمصارع iiوالـجموع

وانـجـرّ عـامان نـجومهما وشـمسهما iiالـنجيع
فـــبــكــل رابــــيـــة إلــــــى لـــحــم ابــنـهـا ظــمــأ iiوجــــوع
وبــــكـــل مــنــعــرج
iiإلــــــى تــمــزيــق اخـــوتـــه iiولــــــوع
فــهــنـالـك انــقــصـفـت
iiيـــــدان وثـــمـــة انــتــثــرت iiضـــلــوع
وهــــنـــاك خــــــرّت فـــمـــه وهـــنــا هـــــوى تــــلّ
iiمــنـبـع


فـلكل شـبر مـن دم الـشهداء ، تـاريخ iiيـضوع
أرأيــــــت حـــيـــث تــسـاقـطـوا كــيــف ازدهــــى الـنـصـر iiالـمـريـع
حــيــث اغـتـلـى الـــوادي
iiولـــف (( عــلــيــا)) الــصــمـت iiالـــجــزوع
رضــــع الــدجــى دمـــه
iiفـأشـمـس قـــبـــل أن يـــعـــد iiالــطــلــوع
حـــيــث الـــتــي (( الــخـمـري
)) iiذا بــالــغـيـم واحـــتــرق iiالــصـقـيـع


حـيث انـطفى ((سـند)) تدلت أنجم ، وعلت iiشموع
حــيــث ارتــمــى (( الـكـبـسـي )) أ iiو رق مــنــجـم ، وشـــــدى ربـــيــع
وأعــــــــــادت
iiالأحـــــــــداث ســيــرتـهـا فـــأرعــدت الـــربــوع


وتـعطش الـميدان فـانفجر الـضحى ودوى iiالهزيع

ومـشت عـلى دمـها الذئاب وغاض في دمه القطيع
حـــتـــى تــــــوارىiiالأمــــــس زغــــــردت الــمــآتـم iiوالـــدمــوع
وهـــفــت أغــانـيـهـا ، iiتـــضــجّ (( لــيــسـلـم الـــشــرف iiالــرفــيـع))
وتـــبـــوح لــلــنـصـر iiانــطــلـق فــمــجـالـك الأبــــــد الــلــمــوع
ولــمــرضــعــي ((ســبــتــمـبـر)) دمــهــم ، لــقــد شــــب الـرضـيـع








خُــلــقــت حــواء مـــن ضـــلــع { آدم }

لــذلــك { هـــي } لا تـــشـــعــــر بـــالأمــــن حـــتـــى

يــــضـــع رأســهـــا عــــلـــى صــــدره !!!
قديم 02-08-2011, 08:39 PM
المشاركة 39
ساره الودعاني
كاتبة وأديبة سعودية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



***
اتــــظـــن رابـــيـــة iiتـــنـــوق الــــــى دم أغـــلـــى يــســيـل ؟


أو مـا ارتـوي عطش الرمال واتخم العدم الأكول ii؟
يــــا لــلأســى ، كــيــف iiاسـتـطـب مــمــاتــه ((الــيــمـن )) iiالــعــيـل


ورنـى الـسؤال الـى الـسؤال وبغتة وجم السؤول
مــــاذا اسـتـجـد فـبـاحـت الأصـــداه ii، وارتـــــجـــــف iiالـــــذهــــول
لـــبّـــى الــــــدّم الــغــالــي
iiدم أغــلــى الــــى الــداعــي iiعــجـول


مـن مـات ؟ واسـتحيا السؤال وأطرق الرد الخجول
أهـــنــا ((الــزبـيـري)) الــمـضـرّج ii؟ بـــــل هـــنــا شـــعــب iiقــتـيـل
وأعــــــادت الــقــمـم
iiالــحـكـايـة واســتــعــادتــهـا iiالـــســـهـــول
مــــــن ذا انـــطـــوى ؟
iiعـــلــم خــيــوط نـسـيـجـه الألــــم iiالـبـتـول
فـــي كـــل خــفـق مـنـه
ii((جـبـريل)) وفـــــــي فــــمـــه iiرســــــول
بـــــدأ الــرعـيـل بــــه
iiالــســرى فــكــبـا وســـــار بــــه iiرعــيــل
وخـــــبـــــا وراء
iiحـــنــيــنــه جــيــل ، واشــــرق فــيــه iiجــيــل


وعـلى الـحراب أتـم أشـواطا ، مـداها المستحيل

وعـلـى مـنى مـيلاده الـثاني تـكاتفت iiالـفلول

لفظ البلى غربان ((واق الواق)) وانثنت (( iiالمغول))

فـاحتز رحـلته الـرصاص الـنذل والـطين العميل
فــغـفـى وصــــدق الــفـجـر iiفــــي نـــظــراتــه ســـحـــر iiبــلــيــل
أتـــقـــول عــاجــلــه الافـــــول
ii؟ فــكــيــف أشــعــلــه الافـــــول ii؟
فــعـلـى الــجـبـال مــــن
iiاســمــه شـــعـــل مــجــنّـحـة iiتـــجـــول
وصــــــدى تــعــنـقـده
iiالـــربــى وهــــــوى تـسـنـبـلـه iiالــحــقـول
وبــــكـــل مـــرمـــى
iiنـــاظـــر مــــن لــمـحـة صــحــو iiغــسـيـل
كـــيـــف انــتــهــى
iiولــخــطـوه فـــــي كـــــل ثــانــيـه هــديــل
هــــو فــــي الــنـهـار
iiالــذكـريـات وفــــي الــدجــى الــحـلـم iiالـكـحـيل
وهــنــا ضــحــى مــــن
iiجــرحــه وهـــنــاك مــــن دمــــه iiأصــيــل
غــــــرب الــشــهـيـد
iiوبــيــنــه والـمـنـتـهـى الــمــوعـود ii((مــيــل))
مــــن ذا يــكــر الــــى مــــداه
ii؟ وقـــــد خـــــلا مــنــه الـسـبـيـل
فــلـيـبـتـهـج دمــــــه
iiالــــــى أبـــعـــاد غــايــتــه iiوصــــــول
أو مـــــا رأى الــشــهـداء كــيــف
ii؟ اخــضــوضـرت بـــهــم iiالــفــصـول
فـــرشــوا ((الـسـعـيـدة
)) iiبـالـربـيـع لــيــهـنـأ الــصــيــف iiالـــبــذول

ومـضوا لـوجهتهم ويبقى الخصب ان مضتiiالسيول







خُــلــقــت حــواء مـــن ضـــلــع { آدم }

لــذلــك { هـــي } لا تـــشـــعــــر بـــالأمــــن حـــتـــى

يــــضـــع رأســهـــا عــــلـــى صــــدره !!!
قديم 02-12-2011, 07:29 PM
المشاركة 40
ساره الودعاني
كاتبة وأديبة سعودية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
البردوني واليمن.. وطن يؤلّفه الكلام.. الأستاذ/ هشام علي بن علي يقول غوته في «الديوان الشرقي» «من يود فهم شاعر ، فليذهب إلى بلاد الشاعر».
ولكن كيف يمكننا فهم شاعر، إذا كان هذا الشاعر متوحداً مع بلاده، لاتراه إلاّ منغرساً في طين الأرض متشحاً برائحة حقولها وأوديتها، بل انك لاترى اليمن إلاّ ووجه الشاعر عبدالله البردوني حاضر أمام عينيك، كأن مرآة اليمن لاتحمل سوى وجه البردوني. كيف نفصل بين الشاعر وبلاده، كيف نفك هذا التوحد والاتصال عند شاعر استثنى مثل هذا الفصل حين، جعل عنوان إحدى قصائده: «إلآ أنا وبلادي»..
هل يمكن أن نخترق هذه الوحدة، وأن نبحث عن الشاعر، الصانع، الكاتب، المؤلف لهذا الوطن، شعراً وكتابة وحلما. الشاعر ينشئ الوجود أو يكتبه إنشاداً، أو أنه يصغي لأصوات الطبيعة ويعيد ترديدها شعراً. أهو الإيحاء الشعري، أم أصوات الجن في وادي عبقر، أم أنها غواية الشعر وسحره، توقظ في النفس حنينا لعنف البدايات والإبداع والتأسيس حينها تختلط الدهشة بالكلام فيسيل الشعر مثل الماء . الشعر تأسيس للوجود بالكلمات الدهشة والتأسيس هماما يجمع الشعر والفلسفة. لهذا طرد أفلاطون الشعراء من جمهوريته؟
قد يبدو هذا التقديم مفرقاً في البعد عن الموضوع فنحن لا نبحث في قضايا الشعر المطلق، وعلاقات الشعر بالوجود أو الفلسفة أو الكينونة والتاريخ. ولكن تعمدت،اختيار هذا المدخل للولوج إلى العالم الشعري للبردوني، أو لتحقيق مقارنة عامة للبردوني تحرر القراءة، من حصار النقد الذي فرض حدوداً ضيقة لفضائه الشعري، أصبحت يوماً إثر آخر، قيداً يعيقنا عن تحقيق قراءة ديناميكية متحررة من عصا الأعمى، الذي تحول من أفق رحب محتمل إلى كومة ضيقة ضئيلة مضيئة في وسط الظلام، لقد حاصرنا البردوني بقيود الطبيعة، ثم اضفنا قيداً إلى قيد، العمى الأيديولوجي أو العشى السياسي الذي لا يملك سوى رؤية أحادية البعد، حرمتنا من لذة القراءة الشاملة لشعر البردوني، القراءة المتحررة من العمى البصري والعمى الايديولوجي أو السياسي..لقد ضاق البردوني بهذا الحصار المفروض عليه، لم يضق بالعمى الذي قدر له، بل ضاق بمحاصرته والنظر المحدود له كشاعر: أعمى، حتى أنه كان يرفض مقارنته بشعراء عظماء مثل أبي العلاء المعري، يرفض أن يكون العمى اساساً للمقارنة. فالشعر أو الإبداع بشكل عام هو اقتحام المجهول بالرؤيا والتجلي، لا بالرؤية، والإبصار. يولد الشعر في لحظة لقاء تحجب الوجود وانكشافه، في لحظة إشراق وتوهج.
كان البردوني متصالحاً مع العمى، لم يكن يعاني منه، اعتاد عليه وتعود على العيش يحس بوجود الأشياء ولا يراها لقد سئل ذات يوم: أيهما تختار البصر أم الشعر؟
سؤال غريب بدون شك، فالبردوني لم يكن مخيراً بين الأمرين لقد اقتحم الشعر حياته كقدر لا يرد، مثلما كان العمى مصيبة داهمته في الصغر، حتى أنه كان يسمع أباه يجمع دائماً بين مصيبتين، عمى ابنه عبدالله ومرض الجمل الوحيد الذي كان يملكه واضطر الى نحره! ورغم هذه الذكرى المؤلمة، لم يصبح العمى عقدة أو جداراً يصده عن مساره. بل على العكس، لم يعد البردوني يقبل أن يقايض الشعر بالبصر، رغم إيمانه بنعمة البصر.
«أنا لا أفضل شعري على رؤية البصر، ولكنني قد ألفت العمى، حتى أصبحت أخاف الإبصار، ولا أظن أنني أعاني العمى لأنني أحس التعويض (بالشعر) هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن الحواس ليست قيماً بشرية، فالفأر أقوى حاسة شم من الإنسان، والغراب احد بصراً من الإنسان، لأن الحواس والغرائز مشتركة (بين الإنسان والحيوان) كما أن العاهات مشتركة بين الناس والحيوانات، وربما نتذكر أن عبقرية الرؤية جعلت مني فيلسوفاً، كما أن عاهة الصمم جعلت من بتهوفن فن موسيقياً عظيماً، كما أن عاهة العمى هي التي أنبتت في المعري مئات العيون الداخلية، لأن السماع بالأذان تقليدي، والرؤية بالعيون الجارحة اعتيادي، أما الرؤية بمواطن القلب، ومواهب العقل فهو اجتياز للموروث والمعتاد، فهذا العمى قد أصبح صديقاً، وجعل من الشعر اكثر التصاقاً بنفسي(1).
والعمى لم يمنح البردوني الحكمة وحدها، لقد أعطاه القدرة على الصبر والتآلف واعتياد الأشياء فمثلما العمى وألفه اصبحت لديه القدرة على التألق مع كثير من الأمور التي يعجز كثير من الناس على اعتيادها. ففي قصيدة «اعتيادات» نكتشف كيف اعتاد الحب واعتاد النسيان.

لم أكن (شهريار) لكن تمادت
عشرة صورتك لي (شهرزادا)
كان حبي لك اعتياداً وإلفا
وسأنساك إلفةً واعتيادا
ليس في هذا الاعتياد أي نقصان في درجات الحب، بل أن الحب يكون في منتهى درجاته حين يغدو إلفة واعتياداً. وكذا يكون النسيان اختياراً صعباً وقاسياً، لكن الإرادة القوية تجعله أمراً مألوفاً.
وهنا ندرك عمق الرفض عند الشاعر عبدالله البردوني فهو لا يرفض لمجرد الرفض، بل أن الرفض يكون خياراً أخيراً بعد أن تنقطع جميع أسباب التآلف والتصالح. وربما نكتشف أهمية هذه الصفة حين نقرأ قصائده السياسية والاجتماعية.
بل أن هذا الرفض المحمول على جناح الصبر والتأني والتآلف، كان يجعل البردوني في ضيق من التأويل الأيديولوجي والسياسي المتعجل لقصائده، حيث أخذوا يحملونها معاني وإشارات لا تحتملها. وميزة الرفض في شعر البردوني الوضوح والمباشرة فالقصيدة السياسية عنده رسالة واضحة، ولعل هذا ما كان يأخذه عليه كثير من النقاد. إلا أن البردوني لم يكن يبني عالماً شعرياً بالكلمات، بل كان يؤلف وطناً، أراده شعرياً جميلاً، وشاءت قوى الطغيان والهيمنة والصراع وميراث العصور أن يكون قاسياً، منشوراً مشطزا مع ذلك، كان البردوني مسكوناً بالأمل كان يصغي دائماً، رغم الفوضى العارمة والخراب المدمر لطرقات الأمل الذي يقرع باب اليمن!

وطن يؤلفه الكلام!
ربما يكون ثمة وهج عبقري أو أنها لحظة إشراق وتجلٍ، كانت كامنة في مخيلة ذلك الفنان الشاب الذي عبَّر في لوحة واحدة، عن تلك الصورة المرآوية التي وحدت اليمن وشاعرها، أصبح وجهه وجه اليمن، وأصبحت صورتها هي صورة الشاعر. فقد رسم في لحظة تداخل مرآوي مدينة صنعاء يفصلها بابها السحري الشهير، باب اليمن، ووجه البردوني الذي يظهر واقفاً خارج الباب، كأنه يحرس وجود المدينة. أو كأنه الوجه الآخر للمدينة داخل المرآة.
قد تكون هذه اللوحة التشكيلية، قراءة بصرية عميقة لشعر البردوني. فصنعاء تتشكل في قصائده واليمن تولد في كل كلمة من كلمات شعره ليس سوى الشعر ما يهب للوطن هذا ما يصرح به البردوني في قصيدة قصيرة بعنوان «لعينيك يا موطني».

لأني رضيع بيان وصرف
أجوع لحرفٍ، وأقتات حرف
لأني ولدت بباب النحاة
أظل أواصل هرفاً بهرف
أنوء بوجه، كأخبار كان
بجنبين من حرف جر وظرف

> > >
أعندي لعينيك يا موطني
سوى الحرف أعطيه سكباً وغرف
أتسألني: كيف اعطيك شعراً
وأنت تؤمَّل، دوراً وجرف
افصل للياء وجهاً بهيجاً
وللميم جيداً، وللنون ظرف
أصوغ قوامك من كل حسن
وأكسوك ضوءاً ولوناً وعرف
يفتتح الشاعر علاقة جديدة بالوطن، أو لنقل إن شعره يصير لحمة هذا الوطن وسداه.. إن التأليف الشعري لا يقتصر على الوصف والتعبير، انه ينشئ إنشاداً؟ ليس كلاماً بل وجهاً وجيداً وجسداً، ثم يكسو هذا الجسد ويضمخه بالعطر والضوء. الكلام يؤلف الوطن ينشئ الشاعر علاقة بين الكلمات والأشياء. في حوار الفرجياس.. يضع افلاطون الكلام مقابل العنف، الفيلسوف مقابل الطاغية هذا هو الشاعر عبدالله البردوني الواقف في وجه حكم الأئمة والحادي لمسار الثورة والتغيير والحرية. إنّ زمن الحرية لا يأتي بزمن معين. الحرية فضاء مفتوح، قلم التاريخ وتؤسسه بل تعيد تشكيله في كل آوان والبردوني الذي يعيد تكوين الوطن كان يعلم علم اليقين أن الرهان الأساس هو رهان الحرية لكي نعيد بناء الوطن والحفاظ على ثورية الثورة، ينبغي أن نكون احراراً هذا هو الصبح المبين، وهذه هي البشارة:
أفقنا على فجر يوم صبي
فيا ضحوات المُنى: اطربي
أتدرين يا شمس ماذا جرى؟
سلبنا الدجى فجرنا المختبي
لكن هذا الفجر الذي انتزعناه من فم الدجى ليس نهاية الطريق، انه البداية. وقد بقى البردوني يرقب هذا المولود بعين ناقدة حريصة وتتكرر وقفاته مع الثورة، لا احياءً للمناسبة، بل تأصيلاً لجذوة نار الثورة، واستمرارها. ففي قصيدة تقرير الى عام 71 «حيث كنا» يكتشف البردوني أن ذلك الفجر ما يزال صبياً، وأن تسعة أعوام من عمر الثورة مرت مثل عام.
غير أنا وبعد تسع طوال
حيث كنا كأنما مر عام
في هذه القصيدة يبين البردوني أن القوى المضادة للثورة، في الداخل والخارج، كانت أقوى من عزائم الثوار، أو أن هؤلاء الذين قاموا بالثورة «قعدوا قبل أن يروا كيف قاموا» لقد اشرنا سابقاً أن الشاعر يدرك أن الحرية ليس لها حدود، ومشكلة ثوار سبتمبر أنهم وقفوا عند حدود اسقاط الحكم الإمامي.
ليس فعل الثورة وحده ما يؤلف الوطن لقد قلنا إن هذا الوطن يؤلفه الشاعر، يعيد تكوينه حرفاً فحرف. وهنا الكلام لا يعكس الواقع وحسب، بل يعيد تشكيل الوطن، يتقمص محنة الشعب، يحكي للعالم مأساته. ولا يبدو الشاعر واقفاً خارج باب اليمن، يصف ما يجري من بعيد، إنه منغرس في رحم الأرض، متوحد معها.
نحن هذي الأرض.. فيها نلتظي
وهي فينا عنفوان واقتتال
من روابي لحمنا هذي الربى
من رُبى أعظمنا هذي الجبال
ولا يكتفي الشاعر بهذا التوحد الجسدي بالأرض، انه يستعيد تجربة التكوين والتغيير والثورة، يفقأ عينيه لكي يرى:
لكي يستهل الصبح من آخر السُّرى
يحن الى الأسنى ويعمى لكي يرى
يبحث الشاعر عن اليمن، يحمل وطنه معه في الغربة، يعيش تجربة السفر دون وداع ودون شوق إلى الرجوع ألم نقل ان الشاعر لا ينفصل عن وطنه، ليس ثمة مسافة فاصلة بين الأرض والجسد يرحل الشاعر ووطنه معاً:
حان أن يقلع الجناحان.. طرنا
حفنة من حصن على صدر قلعه
مقعدي كان وشوشات بلادي
وجه أرضي في أدمعي الف شمعه
ووصلنا.. قطرات مأساة أهلي
من دم القلب دمعة بعد دمعه
يرحل البردوني حاملاً حجارة البلاد ووشوشات الأهالي ودموعهم. جناحا الطائرة يحملان وطناً كاملاً اجتمع في ذات الشاعر:
صرت للموطن المقيم بعيداً
وطناً راحلاً، أفي الأمر بدعه!؟
احتسي موطني لظى، يحتسيني
من فم النار جرعة إثر جرعه
في هواه العظيم أفني وأفنى
والعذاب الكبير اكبر متعه
كل شيء في شعر البردوني مغمور بواقعيته. الكلام هو الوجود والإنشاء. تأليف القصيدة وتأليف الوطن. هذا هو التكوين الشعري ليس ثمة استعارية ولا تشبيه كلمة الوطن هي الوطن ان لفظ «كأن» غير موجود في شعر البردوني فهو يسمي الأشياء، دون أن يراها لا لأنه أعمى ولكن لأن هذا هو الشعر دون لماذا؟ فالوردة تزهر لأنها تزهر هكذا قال هيدجر حسبنا أن ننطق بأشياء الواقع حتى نمسك بها. نعرفها ونتعرف عليها والكلمات ليست صوراً للأشياء، انها جسور للعبور والوصول تحس وجود الأشياء، وليس شرطاً أن تراها أو لنقل انها تراها برؤية القلب، لا رؤية البصر.
لا غرابة اذاً، ان يبحث صنعاني عن صنعاء. رغم هذه البنايات والأسواق والأصوات والبضائع، لا يجد الشاعر مدينته التي فارقها. لا يحس وجودها، لا يراها!
هذي العمارات العوالي ضيعن تجوالي.. مجالي
حولي كأضرحة مزورة بألوان اللآلي
يلمحنني بنواظر الإسمنت. من خلف التعالي
هذي العمارات الكبار الخرس ملأى كالخوالي
أدنو ولا يعرفنني أبكي ولا يسألن:
مالي وأقول من أين الطريق؟ وهن أغبى من سؤالي.
هناك شيء ضائع في المدينة لقد فقدت قلبها. أصبحت صنعاء مدينة بلا قلب. انها لا تعرف ابنها العائد ولا تهتم لبكائه. ضاع الحب من المدينة. غابت عنها العلاقات التي تؤلف بين الناس وتجمعهم. أحقاً أن المدينة القديمة لم تتغير، من حيث بيوتها وشوارعها وأسواقها. لكن الذي تغير هو قلب المدينة وجوهرها تغير الناس وتغيرت العادات والعلاقات الدافئة بينهم. لم يكن الشاعر يسأل عن اسماء الشوارع أو عن الطريق اليها، كان يسأل عن تلك الاشياء الخفية التي تحتجب وراء ظاهر العمران. عن هذا الصمت الذي يحسّه رغم ما يزدحم في الشوارع من فوضى، عن هذا الخلاء الذي يراه في البيوت رغم أنها ملأى. يطوف الشاعر في شوارع المدينة بقلب عاشق، يرى كثيرين ولا يرى أحداً!
هل هذه صنعاء.. ؟ مضت
صنعاء سوى كسر بوالي
خمس من السنوات أحبلت
وجهها الحر «الأزالي».

من أين يا اسمنت امشي؟
ضاعت الدنيا حيالي
بيت ابن اختي في (معمر)
في الفليحي بيت خالي
أين الطريق الى (معمر)؟ يا بناتي يا عيالي
وإلى (الفليحي) يا زحام.. ولا يعي أو يبالي
بالله يا أماه دليني ورقت لابتهالي
قالت الى (النهرين)،
قدّامي وامضي عن شمالي والى (القزالي)
ثم استهدي بصومعة قبالي
من يعرف (النهرين)!.. من أين الطريق الى (القزالي)
من ذا هناك؟ مسافر مثلي يعاني مثل حالي
حشد من العجلات يلهث في السباق وفي التوالي
وهناك (نصرانية) كحصان (مسعود الهلالي)
وهناك مرتزق بلا وجه.. على كتفيه (آلي)
لقد أنكر الشاعر مدينته، رغم معرفته لها بيتاً بيتاً.
انها ساكنة في الذاكرة لا تبرحها. أهو النسيان؟ لعل المشكلة أنه عاد ولم ينس شيئاً. كأنما التقط لها صورة وحفرها في الذاكرة، لم تكن صورة فوتوغرافية، إنها صورة بابعاد أربعة، البعد الرابع هو الحياة الاجتماعية المليئة بالألفة والحب، لقد كان الجميع عائلة واحدة، وحين عاد الى المدينة بعد أعوام، كان أهالي صنعاء قد خرجوا منها..ليس هذا وحسب، لقد جاء الغرباء، ودخلت معهم عادات جديدة وغريبة. هل كان البردوني يبحث عن صنعاء المخزونة في الذاكرة، في نوع من الحنين الى ذلك الماضي والتوق الى عودته. ليس هذا ما يقصده، إنه يبحث عن روح المدينة، يفتش عن علاقاتها المتمزقة، يعجب لوجود المرتزقة المسلحين في شوارعها، للأجانب الذين لا نعرفهم. لا يعبر الشاعر هنا عن رفض الآخر، لكنه يقلق من وجوده لكثرة ما ارتبط وجود الغرباء بالمؤامرات والدسائس.
اليوم (صنعاء) وهي متخمة الديار بلا أهالي
يحتلها السمسار، والغازي، ونصف الرأسمالي
والسائح المشبوه، والداعي وأصناف الجوالي
من ذا هنا؟ (صنعاء) مضت واحتلها كل انحلالي.

إن الشاعر يرفض هذه العلاقات الجديدة التي تتشكل في المدينة، مدينة مليئة بالبشر، لكن بلا أهالي هذه الكلمة أهالي تحيلنا الى الأهل، الى القرابات التي تتكون في المدينة، ليس قرابات عائلية بالضرورة، ولكنها قرابات تنشأ بالحب والتآلف والاجتماع. مدينة صنعاء في رأي البردوني ليس مكاناً يجتمع فيه مجموعة من الناس وهم مضطرون لذلك الاجتماع انها مدينة تأسست على عقد اجتماعي اساسه الحب والايلاف والطمأنينة. اذا غاب هذا العقد، تفقد المدينة ركنها المؤسس، تصبح مكاناً قاسياً، جدراناً صماء لا حياة فيها.. ومدينة مثل هذه ينبغي أن تثور على ساكنيها، وتنتفض على غزاتها:
أمي! أتلقين الغزاة بوجه مضياف مثالي؟
لم لا تعادين العداء..؟ من لا يعادي لا يوالي.
ورغم هذا لا يعود الشاعر من حيث أتى. فالبردوني مسكون بالألم وبالأمل.
من أين أرجع.. أو أمرُّ..؟ هنا سأبحث عن مجالي
ستجد أيام بلا منفى وتشمس يا نضالي!
وأحب فجر ما يهل عليك من أدجى الليالي.
ولكن كيف يمكن للشعر أن يؤلف الوطن، وسط هذا الركام الهائل من الذكريات. هل نتذكر الوطن أم نبنيه؟
هل يتجه الشاعر نحو الماضي أم نحو المستقبل؟
ان الماضي ليس بيت الشاعر الذي يحن اليه، ولا هو الجنة الضائعة التي يفتش عنها. لقد لاحظنا في قصيدة «صنعاني يبحث عن صنعاء» أن ذلك البحث هو بحث عن الهوية، الهوية الوطنية بكل امتلاكها التاريخي والحضاري ليست النوستالوجيا ما يحرك الشاعر، ولكن الاستمرار والتواصل، استمرار الهوية التي تجمع وتوحد وتعيد تكوين العلاقة بين الانسان والمكان، وتمنع تحول المدينة الى غابة من الأسمنت.
إعادة ترتيب الذاكرة ومقاومة النسيان والبحث عن زمن ضائع أو عالم ضائع، هذه أشكال متقاربة لإعادة التأليف والتكوين..وقد كان الحلم هو صبح الشاعر الذي يتداخل مع الذاكرة..حتى حين يفتح الشاعر كتاب التاريخ، يكون المستقبل هو الباعث والدافع لمراجعة التاريخ وقراءته.

الشعر والتاريخ:
يقول أرسطو في «فن الشعر»: إن الشعر اكثر نزوعاً فلسفياً من التاريخ، أي أن الشاعر في رؤيته لأحداث التاريخ ووقائعه أكثر عمقاً من المؤرخ الذي يفرق في علم التاريخ وكتابة حوادثه.
يستكنه الشاعر ما وراء الحوادث، يعيشها ويعبر عنها بمعاناة ومكابرة، يصبح ضمير أمته ولسان قومه.
والكلام ليس عن الشاعر على الإطلاق، ولكن عن ذلك الشاعر المتوحد في هموم شعبه وقضايا مجتمعه البردوني ينتمي إلى هذه الجماعة من الشعراء الذين يعيشون التاريخ وتحدياته، ولا يكتفون بالتأمل والوقوف من بعيد. البردوني هو الضمير الجمعي لليمن، حسب وصف الباحث قادري حيدر الذي يرى أن البردوني «عاش حياته بالطول والعرض حاملاً مشعل الحرية مواجهاً لكل أشكال الطغيان والاستبداد والقمع بكل صنوفها وألوانها حتى آخر لحظة في حياته المليئة بصخب الحياة وعنفها.
عاشها كما لم يعش أحد غيره عاشها ملتحماً بأدق تفاصيل حياة الناس البسطاء، عاش حقائقها ووقائعها كلها، إنه سيرة حياة الوطن وتاريخ شعب، وفي اسمه وكفاحه، شعره وأدبه وفكره يمكننا اختزال تاريخ أمة، إنه التاريخ الحي للوطن.
يبين الأستاذ قادري شرط العلاقة بين الشاعر والتاريخ، هذا الشرط حين يتحقق، يصبح بالإمكان بعده أن نقول أن الشاعر لا يسجل شهادته للتاريخ أو عن التاريخ، ولكنه يحمل ذلك التاريخ على ظهره، أي أنه يحمل مسؤولية ويعبر عن موقف، يكون الحاضر والمستقبل هما الدافع للتفتيش في أوراق التاريخ وتقليبها، وتكون العبرة والاستفادة من دروس التاريخ هي الهدف.!
كان سؤال التاريخ ملازماً للبردوني، انه سؤال الوجود والهوية والكينونة.
وأشعار البردوني التي تمتلئ بأسماء الأماكن والمدن والقرى، تمتلئ ايضاً بذكر الوقائع التاريخية والحوادث والأزمنة. فالبردوني يرسم أطلس البلاد أو جغرافيتها، ويجعل التاريخ بعداً ثالثاً لأحداثيات المكان.. ففي قصيدة (مسافرة بلا مهمة) يظهر وجه البلاد وقد تزيّ بلباس التاريخ، ولا اقول تزين بلباس التاريخ، على نحو ما يقول الفيلسوف هيغل الذي يرى أن الفن هو أعلى أشكال الحياة، لكنه ليس هو الحياة، انه إطار تزييني للتاريخ.
كسر البردوني الإطار التزييني للتاريخ، رمى زجاج القمرية الملون بحجر، رافضاً تلويناتها ونمنماتها التاريخية، فتح نوافذ شعره لضوء الشمس الساطع حتى يصل الى أقبية التاريخ وسراديبه المجهولة.
وحين جاءت ورقة من التاريخ لتسافر في ارض اليمن. رحل الشاعر قبلها ليدلها على خطوط الزمن، التي رسمت ملامحها على الأرض وعلى وجوه الرجال. تبدأ الرحلة مع تلك العروس التي.. امتطت هدهداً وطارت آسيرة، بداية غرائبية للتاريخ، وصورة معكوسة الدلالة. الطيران رمز للحرية، لكن هذه العروس اليمنية تطير لتصبح أسيرة. هذه مأساة اليمن، الداخل والخارج، السد أو المنفى. اجتراح العيش والصبر على المقام أو الهجرة في المنافي. وتمضي القصيدة في سرد للتاريخ يتجاذبه الداخل والخارج. ان تاريخ اليمن لا ينحصر في داخلها، ولكنه يمتد الى الخارج أو أن الخارج يمتد الى الداخل.
ومن تغريبة الأوطان ومنافيها وحتى جحيم الغزو الذي صار رماداً في نجران، قارة، وجعل صحراء اليمن متاهة لجيوش الاسكندر تارة أخرى، وارض الموت والهلاك لجنود الأتراك، وبين هذه المصائر لا ينسى البردوني مصير الشاعر وضاح في قصر أم البنين، حيث مات حلم الشاعر ومات الشاعر بلا ثمن، في صندوق مقفل مليء بالأسرار.
طاف الشاعر تاريخ اليمن، ملاحقاً تلك الورقة المسافرة من أول قصة الهدهد إلى أخر قصة البلاد التي غيّرت اسماءها وطوال رحلة السرد يبدو الألم سيد الأحاسيس وأميرها.
حتى أن حكمة البردوني التي قالها في حضرة ابي تمام «إن طريق الراحة التعب»، هذه الحكمة ليست صحيحة، لكثرة ما توالى علينا من تعب، ونخشى أن يصبح هذا التعب اعتيادياً.
ولئن كان التاريخ غالباً على هذه القصيدة، لكننا نجد البردوني يجاهد للإمساك باللحظة الشعرية، ليس لحظة الابداع وحسب، ولكن لحظة الامساك بالعالم وامتلاك التاريخ. وهذا ما يميز كتابته الشعرية عن كتاباته النثرية. فهذه الكتابات على الرغم من اهميتها، إلا أنها لا تحمل جرأة الشعر وقوة اسئلته انها كتابات مقيدة بتوجيه العقل، على ما فيها من صراحة وشفافية ونقد، وعلى ما تثيره من إزعاج للكثيرين، ممن لا يحبون فتح أعشاش الدبابير التي تملأ تاريخنا. ان البردوني الشاعر، يتحرر من قيود العقل وشروط المنطق، حين يجوس في ظلام الوجود باحثاً في ليل المعنى عن جوهر التاريخ وهذا هو سر الشعرية، حرية حرة كما قال رامبو.
حرية الكشف والاكتشاف. ربما أن هذه الحرية لا تجعل الشاعر مؤرخاً بالمعنى المعروف، لكنها تجعله يحس احساساً عميقاً باتجاهات التاريخ، تجعله تاريخانياً، اذا أمكن القول.
لقد بين اوكتافيو باث «أن كل قصيدة هي محاولة للمصالحة بين التاريخ والشعر لصالح الشعر. ذلك أن الشاعر، حتى عندما يندمج في المجتمع الذي يعيش فيه وعندما يشارك في ما يسمى مجرى العصر، ينشد دوماً، التملص من طغيان التاريخ».
والذي يظهر من قراءة قصائد البردوني التاريخية، أو بالأحرى التي تجنح لقراءة التاريخ وليس سرده، أن الحلم يفيض على الواقع فالشاعر يقدم قراءة أخرى للتاريخ، ليس القراءة الرسمية التي كتبها المؤرخون وتناولوا فيها سير الحكام واعمالهم. البردوني يقدم سيرة الشعب تاريخ الناس والبلاد. ان اهتمامه بالثقافة الشعبية وألوانها الأدبية هو بحث عن التاريخ الغائب، تاريخ الناس الذين دوّنوا تاريخهم حكمة أو شعراً عامياً أو حكايات. أصغى البردوني لأصوات اولئك العابرين السرّيين في التاريخ اليمني، الذين لم يكونوا صامتين ابداً، وكان خطابهم شفاهياً متداولاً بين الناس، هؤلاء العابرون لم تتضمن خطاباتهم الكتابات التاريخية الرسمية كتابات كاتب الدولة أو كاتب السلطان استعاد البردوني ذلك الخطاب المنغرس في ذاكرة التاريخ، والذي يتداوله الناس الى اليوم رغم انه لم يحفظ بين دفتي كتاب، بل حفظه الناس في القلوب والسلوك. ولذلك يعود البردوني لمحاورة علي بن زايد باحثاً عن صنعاء الرؤية ووضوح الفكر، عن الحكمة الطالعة من أقواله وعن الشوق إلى رجعة ذلك الحكيم والحنين إلى زمنه، ذلك الزمن الجميل أو الزمن الذي نتخيله جميلاً:
هل كنتُ في عصر بلا دولة
فوضاه أرقى من نظام المدى
كان يؤدي ما عليه بلا
أمر، ويصبيه تمام الأدا
ولا يصلي، إنما يبتني
من قلبه في قلبه المسجدا
يبدو الشاعر مثالياً في تخيله لذلك الزمن المثالي. كأن الحكمة في نظره لا تأتي في الزمن الصعب. ولذا يظل القلق والتوق الى المستحيل في تجليه وجماله هاجس الشاعر، حتى وهو يرقب تحقق حلمه وحلم اليمنيين في إعادة وحدة الوطن.
عن وحدة الشطرين ماذا، وهل
أفقت من سكرين، كي اشهدا؟
أين أنا، نصفي انطوى في الذي
هنا، ونصفي في الذي زغردا
وربما أصحو على غير من
أماتني سكراً، وما عنقدا
لأنني كنت أُغني، فما
دريتُ من ذا ناح، من غرَّدا
ولا من اهتاج، وقال: التقوا
لكي يقوي الفاسد الأفسدا
أو من أجاب: اثنان من واحد
أقوى، ومن ثنَّى الصدى والندى
من صاح: عرسي وحدتي، من نعى؟
من قال: كنا قبلها أوحدا؟
يقال إن للشعر عالماً ضائعاً وراءه، نظام كان متضمنا فيه لا يمكن الوصول اليه حتى عند عبور الأحلام. يأخذ الشاعر هذا العالم المستحيل على عاتقه، يدرك أنه لا يمكن أن يعود من جديد، ومع ذلك يفكر فيه باعتباره مستقبلاً. إن تحقق الأحلام
يقتطع منها اكتمالها ومثالها، حتى حين عبد اليمانيون القمر، ضاع شيء من نوره وسناه:

وعن (معبد القمر) استخبرت
فقيل أضاع السنا من عبد
وحين يتجسد الحلم أو المثال في شخص حقيقي، يصطفيه الشاعر بصفات تفوق صفات البشر، يجعله متحداً وكل خوارق الطبيعة والأشياء الجميلة فيها:
كفجأة الغيب تهمي
وكالبراكين تزحف
تنثال عيداً، ربيعاً
تمتد مشتى ومصيف
نسغا بي كل جذر
نبضاً الى كل معزف
ولكن «مصطفى» يحمل ايضاً صفات بشرية، ولكنها صفات نادرة يصعب الامساك بها في هذا الزمان. انها صفات قادمة من ممالك الحلم، حيث الاشياء والكلمات واحد لا يتجزأ، وللحق لسان مبين لا يقبل المساومة أو التنازل:

أحرجت من قال: غالي
ومن يقول: تطرف
إن التوسط موتٌ
أقسى، وسموه: ألطف
لأنهم بالتلهي
أرض وللزيف أوصف
وعندك الجبن جبنٌ
ما فيه أجفى وأظرف
وعندك العار أزرى وجها، إذا لاح أطرف
يكسب «مصطفى» صفات خالدة، لا ينكسر ولا يضعف ولا يموت:

قد يقتلونك، تأتي
من آخر القتل أعصف
لأن جذرك أنمى
لأن مجراك أريف
لأن موتك أحيا
من عمر مليون مترف
يصبح «مصطفى» بما يحمل من صفات، تجمع الكل في واحد، وتسمو فوق الأطماع والشرور، يصبح المهدي المنتظر الذي يحقق العدل ويبلغ المثال:

يا «مصطفى». يا كتاباً
من كل قلب تألف
ويا زماناً سيأتي
يمحو الزمان المزيف
إن قراءة البردوني للتاريخ اليمني تحاول دائماً أن تخلق توازناً بين المؤرخ والشاعر، لكنه رغم ما في شخصيته من واقعية، يظل مفتوناً بالحلم، تواقاً الى الفجر الآتي، مسكوناً بالأمل.

خاتمة:
كتب البردوني في دراسة عن «عمارة اليمني» قائلاً:
«لعل من المفيد التنويه أن الإجادة وحدها -مهما بلغت- لا تحقق شهرة مترامية. فلابد أن يصدر عن هذه الإجادة الفنية إثارة اجتماعية ومشاغل فكرية ذات خطورة».
إن البردوني في حديثه عن عمارة يتحدث عن مشاغله ومشاغل شعره وحياته، كان البردوني يحمل اليمن ويحلم بها في آن.
كان يعلن حضوره الدائم في كل تاريخها وآمال ابنائها. كانت قصائده تملأ ذاكرتنا وتخترق وجودنا وتشكل وعينا وثقافتنا.
لقد جعل البردوني الوحدة اليمنية مسألة هوية للإنسان اليمني حين حوّلها من شأن سياسي آني إلى مسألة وجود وامتداد في الزمان وفي المكان. ولهذا الانغراس العميق بالوطن والتاريخ، أصبحت هذه القصيدة «الغزو من الداخل» منشوراً سرياً حمله اليمانيون في منافي الأوطان.

يمانيون في المنفى
ومنفيون في اليمن
جنوبيون في (صنعاء)
شماليون في (عدن)
> > >
يمانيون يا (أروى)
ويا (سيف بن ذي يزن)
ولكنا بزعمكما
بلا يُمن بلا يمن
بلا ماضٍ بلا آتٍ
بلا سر بلا علن
تحولت قضية الوحدة في هذه العقيدة، من هدف سياسي الى شرط هوية ووجود. لأن هذا الوجه المشطر للإنسان اليمني كان يحمل غربته وعوامل نفيه اينما يتوجه في أرض اليمن وخارجها.
كشف البردوني بوهج الشاعر وتجلي الشعر هذه الحقيقة. جعلنا نبصر كم نحن مشوهون ومغتربون عن أنفسنا. هذه الرؤية/ الرؤيا كونت الوطن، أعادت تأليفه، وحدتنا شمالاً وجنوباً، يساراً ويميناً، نبهت الأذهان إلى أن التجزئة هي حصان طرواده الذي يتسلل من خلاله الغزاة إلى الداخل.
قبل الختام، أستعيد ما كتبه الشاعر محمد مهدي الجواهري واصفاً أبا العلاء المعري:

أحللت فيك من الميزات خالدةً
حرية الفكر والحرمان والغضبا
«مجموعةً» قد وجدناهن مفردة
لدى سواك فما أغنيننا إربا
لا أظن الأمر يختلف إذا حوّلنا هذين البيتين لتصبحا وصفاً للشاعر عبدالله البردوني، بل لا أظن الشاعر الجواهري يعارض ولو قدر لنا أن نسأله. فالمشترك بين المعري والبردوني ليس العمى، وهو ما يركز عليه كثيرون، ولكن تلك البصيرة التي نورت بنور العقل وحرية التفكير وقوة النضال، سيرة الرجلين وفكرهما.
ان اجتماع صفات المفكر الحر العقلاني، والمناضل السياسي والفيلسوف الشاعر الذي اقتحم باصرار جمهورية افلاطون، والمثقف -المؤسسة أو المثقف العضوي الذي تفوق على جميع الأحزاب وسما فوق كل الرتب، هذه الصفات مجموعة، تجعلنا ندرك اليوم، كم كنا منشغلين عنه، مقصرين تجاهه، كم كنا أبناء عاقين لا نصغي كغاية لهذا الحكيم الذي حاول أن يقودنا الى يقين الحق وأنوار الفكر، ربما أننا كنا نصغي لصوته الشعري والغنائي، نترنم ونفرح أو نحزن بتلك الايقاعات المنبعثة من أعماق التاريخ، إلا أننا كنا نرجئ تذكره ونؤجل قراءته بطريقة حوارية. لماذا؟
هل كنا مطمئنين لحضوره بيننا. أم أنا كنا نخاف اقتحام محاورة هذا العملاق الواقف في مجرى النهر، نخشى أسئلته وألغازه التي تمنع عبورنا اذا عجزنا عن حل تلك الأسئلة.
(هذا ما كنت أحسه دائماً وأنا أقرأ أسئلة المسابقات الرمضانية التي كان يعدها لصحيفة الثورة في السنوات الأخيرة من حياته!).
كان البردوني في كتاباته وأشعاره، يحفز فينا فكر الاختلاف، يثير في وجوهنا أسئلة الواقع وتعقيدات الفكر لكننا كنا مستسلمين لراحة البال التي تفرز تنابلة كسالى، لا مثقفين فاعلين في المجتمع. ولعلنا اكتشفنا كم كان البردوني غائباً عن وعينا وفكرنا، بعد أن رحل عنا، وتركنا نعاني حرقة الاسئلة ومشقة الحضور الواعي في العصر.
ويمثل البردوني ظاهرة فريدة ونوعية في الثقافة اليمنية، أو في الثقافة العربية بشكل عام اذا جاز لنا القول. ليس لأن شعره كان يشق مساراً استثنائىاً ومتميزاً، جمع عمود الشعر العربي القديم وأعمدة الحداثة الشعرية والفلسفية والمجتمعية، ولا لأن لغته الشعرية التي تستعيد جذور العربية دون تعقيد، وتمتلئ ببلاغة الاستعارة ووضوح العبارة، يقرأها كل الناس لأنها جمعت فصاحة القول وشعبية المعاني. فكان ذلك الشاعر الذي يغني للشعب بعمود الشعر، بعد أن جعل الفصحى لساناً يعبر عن قضايا الانسان العادي وليست برجاً للتعالي والتحذلق.
واللغة وحدها ليست عنوان فرادة البردوني، ثمة مسألة أخرى. لقد استطاع البردوني أن يعوض بالشعر، بالكلام أدواراً عديدة، كانت للأحزاب والمؤسسات والأيديولوجيات. فاليمن عاشت عقوداً من انعدام الاستقرار والفوضى والحروب كانت المؤسسات، رسمية ومدنية، شبه غائبة، وكانت الأحزاب محظورة أو منظورة في الحزب الواحد الحاكم، وكانت الأيديولوجيا تتأرجح بين الحدود القصوى. وفي هذا المناخ المعقد أو الخانق، كان شعر البردوني وفكره قنديل هداية وسفينة نجاة، كان الكلام يعيد النظام لهذه الفوضي، كان الشعر يؤلف الوطن.
كيف نكرم الشاعر عبدالله البردوني؟
سؤال أضعه في ختام هذه الورقة، محاولاً أن ادفع هذه الندوة في اتجاه ابعد من الاحتفالية الواسعة أو الأكاديمية الضيقة، سؤال ليس بجديد، فهو يتكرر في كل عام، في ذكرى وفاة الشاعر، تتعدد الأفكار والاقتراحات، وتتدافع الاتهامات بالإهمال والإلغاء ويبوح كل منا بما يتمناه لتخليد ذكرى هذا الشاعر الذي حمل اليمن في قلبه، عبر عنها وامتزج بها وجداناً وشعراً، اصبح شعره قاموس اليمن، ومفتاحاً للدخول الى بابها الشهير.
اتمنى أن نخرج من هذه الندوة بتوصيات عملية تتوخى إمكان التطبيق ولا تشطح الى حدود المستحيل، وهي الحدود الوحيدة التي تليق به.
أما التكريم الحق فقد ناله البردوني في حياته، ليس تكريماً من سلطة أو حزب أو منظمة، ولكنه تكريم من الشعب.
لقد عاش البردوني في قلوب الناس، وهو يسكن اليوم في ذاكرتهم أستعيد بهذه المناسبة ما قاله الشاعر الراحل محمد سعيد جرادة، حين دعاني مرة لشرب الشاي في مقهى صغير في شارع جانبي في التواهي، فحين اخبرته بأن هنالك مقاهي أخرى اجمل من هذا المقهى، أجاب باعتزاز يكفي أنه يحمل اسم البردوني.
انني اشعر انني اشرب الشاي بصحبته في هذا المكان.
___________________
مراجع:
1) وليد مشوح... الصورة الشعرية عند البردوني ص129
2) لوحة فنان شاب فازت بجائزة رئيس الجمهوية لإبداع الشباب في العام 1999م، قبل وفاة البردوني ببضعة أشهر.
3) قادري أحمد حيدر البردوني (المثقف المؤسسة) ساخراً ص60
4) عبدالله البردوني (عمارة اليمني وأسباب شهرته) مجلة الثقافية يونيو 1997م.
________







خُــلــقــت حــواء مـــن ضـــلــع { آدم }

لــذلــك { هـــي } لا تـــشـــعــــر بـــالأمــــن حـــتـــى

يــــضـــع رأســهـــا عــــلـــى صــــدره !!!

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: {{ شاعر اليمن عبدالله البردوني }}
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أبو تمَّام وعروبةُ اليوم .. للشاعر اليمني عبدالله البردوني ثريا نبوي منبر ديوان العرب 6 09-29-2022 05:24 AM
( أبو تمام وعروبة اليوم ) للشاعر اليمني الأستاذ : عبدالله البردوني فيصل أحمد الجعمي منبر مختارات من الشتات. 1 09-26-2021 04:26 AM
من روائع الشاعر اليمني عبدالله البردوني عبدالله باسودان منبر الحوارات الثقافية العامة 0 06-01-2012 10:32 PM
سيرة شاعر// زامل سعيد فتاح شاعر السبعينيات أميرة الشمري منبر الشعر الشعبي والمحاورات الشعرية. 19 05-07-2011 08:49 AM
<< شاعر الــــــحرب ..محمد عبدالله العوني >> ساره الودعاني منبر الشعر الشعبي والمحاورات الشعرية. 16 01-03-2011 08:19 PM

الساعة الآن 06:12 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.