منبر الدراسات التربويةكل مايتعلق بالشئون التربوية والاجتماعية .
أهلا وسهلا بك إلى منتديات منابر ثقافية.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.
كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
الاعتكاف في رمضان خاصة في العشر الأخير.
عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ،عَنْ أَبِيهِ،قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: " مَنِ اعْتَكَفَ عَشْرًا فِي رَمَضَانَ كَانَ كَحَجَّتَيْنِ وَعُمْرَتَيْنِ ".رواه البيهقي.
وعَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِىِّ - r- أَنَّ النَّبِىَّ - r- كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ،ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ .
آداء زكاة الفطر وهي واجبة على كل فرد من المسلمين صغيرا وكبيرا،ذكرا وأنثى،وتصح من أول شهر رمضان فهي تجبر ما وقع أثناء الصيام من زلات وهفوات،وسبب لقبول الصيام ورفعه إلى مرتبة الرضا،ويتذكر فيها الفقراء والمحتاجين من الأرحام والجيران والمقربين.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ -r- زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاَةِ فَهِىَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَهِىَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ. رواه أبو داود .
بلوغ أعلى درجات الصوم،بالتشبه بالملائكة الكرام،الذين لا يأكلون ولا يشربون،ولا يشتغلون إلا بعبادة ربهم وامتثال أوامره،والقربة من جنابه الكريم. قال بعض العلماء: للصوم ثلاث درجات: أولها،كف البطن والفرج عن المفطرات،وثانيها: كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام،وثالثها: صوم القلب عن الأخلاق الدنيئة والأفكار الدنيوية،وكفه عما سوى الله عز وجل بالكلية.وبذلك يتحقق الحديث الشريف.عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - r- قَالَ « كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ،إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِى،وَأَنَا أَجْزِى بِهِ،وَلَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ » رواه البخاري .
قالَ العلامة الإمام ابن القيم رحمه الله: حبسُ النفس عن الشهواتِ وفِطامها عن المألوفات وتعديلُ قوّتها الشهوانيّة لتستعدَّ لطلَب ما فيه غايةُ سعادتها ونعيمها ولقَبول ما تزكو به مما فيهِ حياتها الأبديّة،ويكسِر الجوعُ والظّمَأ مِن حِدّتها وسَورتها ويذكِّرها بحالِ الأكبادِ الجائعة من المساكينِ،وتُضيَّق مجارِي الشيطان من العبدِ بتضييق مجاري الطّعام والشّراب،وتُحبَس قوَى الأعضاء عن استرسَالها لحكمِ الطبيعة فيها يضرُّها في معاشِها ومعادِها،ويُسكَّن كلّ عضوٍ منها وكلّ قوّةٍ عن جماحه وتُلجَم بلجامه،فهو لِجام المتّقين وجُنّة المحارِبين ورياضة الأبرارِ والمقرَّبين،وهو لربّ العالمين من بين سائِر الأعمال؛ فإنّ الصائمَ إنما يترُك شهوتَه وطعامَه وشرابه من أجلِ معبودِه،فهو تركُ محبوباتِ النّفس وتلذُّذاتها إيثارًا لمحبّة الله ومرضاتِه،وهو سِرّ بين العبدِ وربّه لا يطَّلع عليه سواه،والعِبادُ قد يطّلِعون مِنه على تركِ المفطّرات الظّاهرة،وأمّا كونه ترك طعامَه وشرابَه وشهوتَه من أجلِ معبودِه فهو أمرٌ لا يطَّلع عليه بشرٌ،وتلك حقيقةُ الصوم "
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،أَنّ رَسُولَ اللَّهِ rقَالَ:"مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلا فِضَّةٍ لا يُؤَدِّي حَقَّهَا،إلا جُعِلَتْ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ ثُمَّ أُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ،فَتُكْوَى بِهَا جَبْهَتُهُ وَظَهْرُهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفِ سَنَةٍ،حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ،فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ،وَإِمَّا إِلَى النَّارِ،وَمَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ لا يُؤَدِّي حَقَّهَا،وَمِنْ حَقِّهَا حِلابُهَا يَوْمَ وَرْدِهَا،إلا أُتِيَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يَفْقِدُ مِنْهَا فَصِيلا وَاحِدًا،فَيُبْطَحُ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ،تَطَأَهُ بِأَخْفَافِهَا،وَتَعَضُّهُ بِأَفْوَاهِهَا،كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ آخِرُهَا مَرَّ عَلَيْهِ أَوَّلُهَا فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفِ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ،وَمَا مِنْ صَاحِبِ بَقَرٍ وَلا غَنَمٍ لا يُؤَدِّي حَقَّهَا،إلا أُتِيَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ،ثُمَّ يُبْطَحُ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ،لَيْسَ فِيهَا عَضْبَاءُ وَلا مَكْسُورَةُ الْقَرْنِ،فَتَطَؤُهُ بِأَظْلافِهَا وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا،فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفِ سَنَةٍ،كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ آخِرُهَا مَرَّ عَلَيْهِ أَوَّلُهَا حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ،فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ"
جبينه وجنبه وظهره:إنما خص هذه الأعضاء بالذكر من بين سائر الأعضاء ؛ لأن السائل متى تعرض للطلب من البخيل،أول ما يبدو منه من آثار الكراهية والمنع،أنه يُقَطِّب في وجهه،ويكلح ويجمع أساريره فيتجعد جبينه،ثم إن كرر الطلب ناء بجانبه عنه،ومال عن جهته،وتركه جانبا،فإن استمر الطلب ولاه ظهره،واستقبل جهة أخرى،وهي النهاية في الرد،والغاية في المنع الدال على كراهيته للعطاء والبذل،وهذا دأب مانعي البر والإحسان،وعادة البخلاء بالرفد والعطاء،فلذلك خص هذه الأعضاء بالكي.
يوم وردها:أي يوم ترد الماء،فيسقي من لبنها من حضره من المحتاجين إليه،وهذا على سبيل الندب والفضل،لا الوجوب.
بقاع قرقر:القاع:[ المكان] المستوي من الأرض،الواسع،والقرقر:الأملس.
عقصاء:العقصاء:الشاة الملتوية القرنين،وإنما ذكرها لأن العقصاء لا تؤلم بنطحها،كما يؤلم غير العقصاء.
جلحاء:الجلحاء :الشاة التي لا قرن لها.
عضباء:العضباء:الشاة المكسورة القرن.
بأظلافها:الظلف للشاة كالحافر للفرس.
وزر:الوزر:الثقل والإثم.
طيلها:الطيل والطول:الحبل.
فاستنت:الاستنان :الجري.
شرفا:الشرف:الشوط والمدَى.
تغنيّا:استغناء بها عن الطلب لما في أيدي الناس.
في ظهورها:أما حق ظهورها:فهو أن يحمل عليها منقطعا،ويشهد له قوله في موضع آخر:«وأن يفقر ظهرها» وأما حق «رقابها» فقيل:أراد به الإحسان إليها. وقيل:أراد به الحمل عليها،فعبر بالرقبة عن الذات.
نواء:النواء:المعاداة،يقال:ناوأت الرجل مناوأة،أي:عاديته.
الفاذة:النادرة الواحدة،والفذ:الواحد.
يعار:اليعار:صوت الشاة،وقد يعرت الشاة تيعر يعارا بالضم.
رغاء:الرغاء للإبل كاليعار للشاة.
شجاعا أقرع:الشجاع:الحية،والأقرع:صفته بطول العمر،ذلك أنه لطول عمره قد امَّرق شعرُ رأسه،فهو أخبث له وأشد شرّا.
زبيبتان:الزبيبتان هما الزبدتان في الشدقين. يقال:تكلم فلان حتى زبب شدقاه،أي:خرج الزبد عليهما،ومنها الحية ذو الزبيبتين. وقيل:هما النكتتان السوداوان فوق عينيه.
بلهزمتيه:اللهزمتان:عظمان ناتئان في اللحيين تحت الأذنين،ويقال:هما مُضيغتان عليتان تحتهما.
أشَرا:الأشر:البطر.
بذخا:البذخ بفتح الذال:التطاول والفخر.
الثلة:[ بفتح الثاء] الجماعة الكثيرة من الضأن،قال الجوهري:ولا يقال للمعزى الكثيرة:ثلة،ولكن حيلة - بفتح الحاء - فإذا اجتمعت الضأن والمعزى وكثرتا،قيل لهما:ثلة،والجمع ثِلل،مثل بدرة وبدر.
تمنح الغزيرة:المنحة:العطية،والغزيرة:الكثيرة اللبن والدر. والمنيحة:الناقة أو الشاة تعار لينتفع بلبنها وتعاد.
وتفقر الظهر:إفقار الظهر:إعارته ليركب،والفقار:خرزات الظهر.
وتطرق الفحل:إطراق الفحل:إعارته للضراب،طرق الفحل الناقة:إذا ضربها.
نجدتها:النجدة:الشدة.
ورسلها:والرسل - بالكسر - الهِينة والتأني. قال الجوهري:يقال:افعل كذا وكذا على رسلك - بالكسر - أي اتئد فيه،كما يقال:على هينتك. قال:ومنه الحديث «إلا من أعطى في نجدتها ورسلها» يريد:الشدة والرخاء. يقول:يعطي وهي سمان حسان يشتد على مالكها إخراجها،فتلك نجدتها،ويعطي في «رسلها» وهي مهازيل مقاربة. وقال الأزهري نحوه،وهذا لفظه:المعنى:إلا من أعطى في إبله ما يشق عليها عطاؤه،فيكون نجدة عليه،أي:شدة،أو يعطي ما يهون عليه عطاؤه منها،فيعطي في رسلها وهي مهازيل مقاربة. وقال:إلى ما يعطي مستهينا به على رسله. قال الأزهري:وقال بعضهم:في رسلها:أي بطيب نفس منه. قال:والرسل في غير هذا:اللبن.
قلت:ويجوز أن يكون المعني بالشدة والرخاء غير هذا التقدير،فيريد بالشدة:القحط والجدب،وأنه إذا أخرج حقها في سنة الجدب والضيق كان ذلك شاقّا،لأنه إجحاف به وتضييق على نفسه،ويريد بالرخاء: السعة والخصب،وحينئذ يسهل عليه إخراج حقها،لكثرة ما يبقى له،ويكون المراد بالرسل:اللبن،وإنما سماه يسيرا ؛ لأن اللبن يكثر بسبب الخصب،ولذلك قيل:«يا رسول الله،وما نجدتها ورسلها ؟» قال:عسرها ويسرها،فهذا الرجل يعطي حقها في حال الجدب والضيق،وهو المراد [ بالعسر،وفي حال الخصب والسعة،وهو المراد] باليسر،،والله أعلم.
كأغذ ما كانت:أغذ:أسرع،والإغذاذ:الإسراع في السير.
وأبشره:البشارة:الحسن والجمال،ورجل بشير،أي:جميل،وامرأة بشيرة [ أي:جميلة]،وفلان أبشر من فلان،وقد ذكرنا أن قوله:«كأغذ ما كانت» من الإغذاذ،ورأيت الخطابي قد ذكر الحديث قال: فتأتي كأكثر ما كانت وأعده وأبشره،ولم يذكر لها غريبا ولا شرحا،فلو كانت من الإغذاذ لشرحها كعادته،وتركُ شرحها يوهم أنها بالعين بالمهملة من العدد،أي:أكثر عددا،فلذلك لم يشرحها،والله أعلم.
وليس للإنسان من هذه الدنيا إلا أكلة أو لبسة يفنيها ويبليها ولا يبقى له إلا ما ادّخره عند ربه.
فعن شَدَّادَ بْنِ عَبْدِ اللهِ،قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ،يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: " يَا ابْنَ آدَمَ،إِنَّكَ إِنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ،وَإِنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ،وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ،وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ،وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،فَذَكَرَ حَدِيثًا،ثُمَّ قَالَ:وَلَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ rأَمَرَ أَنْ تُذْبَحَ شَاةٌ فَيَقْسِمَهَا بَيْنَ الْجِيرَانِ،قَالَ:فَذَبَحْتُهَا فَقَسَمْتُهَا بَيْنَ الْجِيرَانِ،وَرَفَعْتُ الذِّرَاعَ إِلَى النَّبِيِّ r،كَانَ أَحَبَّ الشَّاةِ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ،فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ rقَالَتْ عَائِشَةُ:مَا بَقِيَ عِنْدَنَا إِلا الذِّرَاعُ،قَالَ:كُلُّهَا بَقِيَ إِلا الذِّرَاعَ."
وعن قَتَادَةَ،قَالَ:سَمِعْتُ مُطَرِّفًا،يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ،قَالَ:انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ rوَهُوَ يَقْرَأُ:{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر:]،قَالَ:يَقُولُ ابْنُ آدَمَ:مَا لِي مَا لِي،وَإِنَّمَا لَكَ مِنْ مَالِكَ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ،أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ،أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ.
وعَنْ مُوَرَّقٍ الْعِجْلِيّ،قَالَ:قرَأَ رَسُولُ اللهِ r: {أَلْهَاكُمَ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمَ الْمَقَابِرَ} قَالَ:فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: لَيْسَ لَك مِنْ مَالِكِ إِلاَّ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ،أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ،أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ.
وهذه جملة من آداب الزكاة:
إخراج الزكاة خالصة لوجه الله واحتساب الصدقات عند الله وحده ورجاء ثوابه ومرضاته.
قال تعالى:{ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21) } الليل 17-21.
وَهَذِهِ سَيَنْجُو مِنَ العَذَابِ فِيهَا الإِنْسَانُ المُؤْمِنُ التَّقِيُّ الصَّالِحُ،الذِي خَافَ رَبَّهُ،وَخَشَعَتْ نَفْسُهُ لَهُ.الذِي يُنْفِقُ مَالَهُ فِي وُجُوهِ البِرِّ وَالخَيْرِ طَالِباً بِذَلِكَ طَهَارَةَ نَفْسِهِ،وَالفَوْزَ بِرضْوَانِ رَبِّهِ .وَهُوَ لاَ يَبْذُلُ مَالَهُ رَدّاً لِجَمِيلٍ أُسْلِفَ إِلَيهِ وَأُسْدِيَ .وَإِنَّمَا فَعَلَ مَا فَعَلَ مِنْ إِنْفَاقِ المَالِ،ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ رَبِّهِ،وَطَلَباً لِمَثُوبَتِهِ وَحْدَهُ.( وَهَذِهِ الآيَة نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ) .وَلَسَوْفَ يُرضِي اللهُ بِثَوَابِهِ العَظِيمِ مَنْ بَذَلَ مَالَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ رَبِّهِ .
العلم بأن الزكاة حق مفروض للفقير،والتيقن بأن المال مال الله،آتاه الله إياه،فهو مؤتمن عليه،ومستخلف فيه،فهو عبد لله ينفذ أوامر سيده فيما أعطاه،والله يجزيه الأجر الكبير على ذلك.
قال تعالى: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} (7) سورة الحديد
يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بِالإِيْمَانِ بِهِ،وَبِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ r،عَلَى الوَجْهِ الأَكْمَلِ،وَيَحثُّهُمْ عَلَى الإِنْفَاقِ فِي أَوْجُهِ الطَّاعَاتِ،مِنَ المَالِ الذِي أَعْطَاهُمْ إِيَّاهُ،وَجَعَلَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ عَلَى سَبِيلِ الأَمَانَةِ أَوِ الإِعَارَةِ،لأَنَّ هَذَا المَالَ كَانَ مِنْ قَبْلُ،فِي أَيدِي أُنَاسٍ آخَرِينَ،فَصَارَ إِلَيْهِمْ،ثُمَّ يَمُوتُونَ هُمْ وَيَتْركُونَهُ فَيَخْلُفُهُمْ فِيهِ غَيْرُهُمْ .وَيُرَغِّبُ اللهُ تَعَالَى العِبَادَ فِي الإِنْفَاقِ فِي أَوْجُهِ الطَّاعَاتِ،فَيَقُولُ لَهُمْ:إِنَّ الذِينَ آمِنُوا وَأَنْفَقُوا فِي أَوْجُهِ الخَيْرِ وَالبِرِّ سَيَجْزِيهِمْ رَبُّهُمْ جَزَاءً حَسَناً،وَسَيُؤْتِيهِمْ أَجْراً كَبِيراً .
وقال سبحانه: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (33) سورة النــور
أي: من ابتغى وطلب منكم الكتابة،وأن يشتري نفسه،من عبيد وإماء،فأجيبوه إلى ما طلب،وكاتبوه،{ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ } أي: في الطالبين للكتابة { خَيْرًا } أي: قدرة على التكسب،وصلاحا في دينه،لأن في الكتابة تحصيل المصلحتين،مصلحة العتق والحرية،ومصلحة العوض الذي يبذله في فداء نفسه. وربما جد واجتهد،وأدرك لسيده في مدة الكتابة من المال ما لا يحصل في رقه،فلا يكون ضرر على السيد في كتابته،مع حصول عظيم المنفعة للعبد،فلذلك أمر الله بالكتابة على هذا الوجه أمر إيجاب،كما هو الظاهر،أو أمر استحباب على القول الآخر،وأمر بمعاونتهم على كتابتهم،لكونهم محتاجين لذلك،بسبب أنهم لا مال لهم،فقال: { وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } يدخل في ذلك أمر سيده الذي كاتبه،أن يعطيه من كتابته أو يسقط عنه منها،وأمر الناس بمعونتهم.
ولهذا جعل الله للمكاتبين قسطا من الزكاة،ورغب في إعطائه بقوله: { مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } أي: فكما أن المال مال الله،وإنما الذي بأيديكم عطية من الله لكم ومحض منه،فأحسنوا لعباد الله،كما أحسن الله إليكم.
ومفهوم الآية الكريمة،أن العبد إذا لم يطلب الكتابة،لا يؤمر سيده أن يبتدئ بكتابته،وأنه إذا لم يعلم منه خيرا،بأن علم منه عكسه،إما أنه يعلم أنه لا كسب له،فيكون بسبب ذلك كلا على الناس،ضائعا،وإما أن يخاف إذا أعتق،وصار في حرية نفسه،أن يتمكن من الفساد،فهذا لا يؤمر بكتابته،بل ينهى عن ذلك لما فيه من المحذور المذكور.
ثم قال تعالى: { وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ } أي: إماءكم { عَلَى الْبِغَاءِ } أي: أن تكون زانية { إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا } لأنه لا يتصور إكراهها إلا بهذه الحال،وأما إذا لم ترد تحصنا فإنها تكون بغيا،يجب على سيدها منعها من ذلك،وإنما هذا نهى لما كانوا يستعملونه في الجاهلية،من كون السيد يجبر أمته على البغاء،ليأخذ منها أجرة ذلك،ولهذا قال: { لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } فلا يليق بكم أن تكون إماؤكم خيرا منكم،وأعف عن الزنا،وأنتم تفعلون بهن ذلك،لأجل عرض الحياة،متاع قليل يعرض ثم يزول.
فكسبكم النزاهة،والنظافة،والمروءة -بقطع النظر عن ثواب الآخرة وعقابها- أفضل من كسبكم العرض القليل،الذي يكسبكم الرذالة والخسة.