قديم 05-19-2012, 03:23 PM
المشاركة 611
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
Ihsan Abdel Quddous (Arabic: إحسان عبد القدوس‎, Iḥsān ‘Abd al-Quddoūs) (January 1, 1919 – January 11, 1990) was an Egyptian writer, novelist, and journalist and editor in the Al Akhbar and Al-Ahram newspapers. He is known to have written many novels that have been adapted in films.



Early life and education

Abdel Quddous was born to a Muslim family of Turkish-Egyptian ancestry. His favorite hobby as a child was reading. At the age of eleven, he started writing short stories and classical poems.[1] His father, Mohamed Abdel Quddous, an Egyptian theatre and film actor, motivated him to pursue a career in law. Ihsan graduated from law school in 1942 and worked as a lawyer. He was, at the beginning of his career, a trainee for the law firm of Edward Qussairi, a famous Egyptian lawyer.[1] He was also an editor in Rose al Youssef, a weekly magazine that his mother Fatima al Youssef (aka Rosa al Youssef) had founded.

قديم 05-19-2012, 04:37 PM
المشاركة 612
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يبدو ان هناك اختلاف حتى في تاريخ ميلاده وهناك ما يشير الى انه لم يعش طفولة طبيعية وكان بعيدا عن الوالدين في تلك المرحلة الحساسة من تكوين الشخصية. لا نعرف متى مات والديه لكن هناك ما يشير الى انه عاش يتيم اجتماعي .

يتيم اجتماعي.

قديم 05-19-2012, 04:49 PM
المشاركة 613
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ابرز حدث في حياة كل واحد من الروائيين اصحاب افضل الروايات العربية من رقم 71- 80

71- عبد الخالق الركابي العراق....مأزوم.
72- ثروت أباظة مصر ........مجهول الطفولة
73- الطاهر وطار الجزائر......يتيم اجتماعي
74- محمد زفزاف المغرب ....يتيم اجتماعي
75- رشيد بوجدرة الجزائر........يتيم
76-احمد ولد عبد القادرموريتانيا.....مجهول الطفولة
77- موفق خضرالعراق........مجهول الطفولة.
78-قمر كيلاني سوريا.........مأزومة.
79-فوزية رشيد البحرين......مجهولة الطفولة.
80- احسان عبد القدوس مصر.....يتيم اجتماعي.






قديم 05-19-2012, 04:56 PM
المشاركة 614
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
رواية -81- رموز عصرية" لخضير عبد الامير العراق


ضاء الخالدي
دع..
من بين افضل مئة رواية عربية خلال القرن العشرين، نجد ست روايات عراقية هي "الرجع البعيد" لفؤاد التكرلي و "الوشم" لعبد الرحمن مجيد الربيعي و "النخلة والجيران" لغائب طعمة فرمان و "سابع ايام الخلق" لعبد الخالق الركابي و "الاغتيال والغضب" لموفق خضر و "رموز عصرية" لخضير عبد الامير ( ترتيب الاسماء حسب التسلسل )، والملاحظ ان جميع هذه الروايات يستطيع القارئ ان يتواصل معها، وينشد الى عوالمها دون ان يصيبه الملل، ولا خلاف على القيمة الجمالية التي تحمله كل رواية من تلك الروايات، وبعضها دخلت منطقة التجريب كروايتي " الوشم" و "سابع ايام الخلق" دون ان تضع المتلقى في متاهات. بل كانت تمد يدها له، لتبحر معه في رحلة ارادها الكاتب ان تكون جديدة.
قد نملك بعض الاسئلة على هذا الاختيار، ولكنه يشي بحقيقة لا يمكن تجاهلها ان القصة والرواية العراقيتين وكأنهما تتعمدان الابتعاد عن الجمهور، من خلال اساليب تكون فيها الشخصية بلا ملامح، شبحية، غارقة باساليب تنشد بالدرجة الاولى ايصال ثقافة الروائي الينا، وتوقه الى اجتراح طريقة روي جديدة تسجل باسمه.
القناع الذي يتخفى به هؤلاء الكتاب هو اختلاف الذائقة ومستويات التلقي، بالتالي فهم غير معنيين بالقاريء الكسول، ويودون متلقيا يشاركهم في صنع الدلالة، ومؤهلا للانتقال معهم في رحلة الى قاع النص لا ستخراج " الدرر" . هذه المساحة لا تخضع الى ملامح واضحة وهذا يعني وجود امكانية ان يتخفى الكثيرون ممن لا يستطيعون ان يكتبوا رواية كلاسيكية، ونتحدث هنا من باب كوننا قراء مقتنعين بان مفردة قصة او رواية، تعنى متعة وتشويقا وثقافة...
لهذا فان اول خطوة ان يقرأ النص بالكامل، وبعدها نطلق الاسئلة لذواتنا. نرى حجم التاثير الذي احدثه النص فينا. يمكن ان نقول ان الروائي او القاص قد فشلا في اقناعنا بما قدماه لنا على شكل كتاب. او نقول العكس، وهذه القضية هي التواصل الذي نتوق اليه. لا ان يرمى الكتاب بعد قراءة صفحات قليلة منه، وليس كل الروايات " يوليسيس " حتى يمكننا ان نبرر بعض الشطحات الابداعية التي تنظر الى هم قصي لا يصله الكثيرون منا كقراء وكسرديين.



ضياء الخالدي
روائي من العراق

قديم 05-19-2012, 10:40 PM
المشاركة 615
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ملاحق جريدة المدى اليومية » الأخبار » الملاحق » عراقيون
النزعة التدميرية في قصص جليل القيسي
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة بتاريخ : الأربعاء 09-05-2012 09:46 مساء

ياسين النصير
كاتب وناقد عراقي
الوجه الآخر من قصص الستينيات هو المهم في هذه الدراسة، وإذا كان لا بد من العرض المبسط الذي قدمناه، فالأمر بالنسبة لأفضل نماذجها القصصية وقفة أكثر مسؤولية. لا يصح مطلقا نعت قصة الستينيات كلها بالتجريبية. وان اعتمدتها كجزء من سعيها لاكتشاف قارتها الخاصة. لقد وعي عدد غير قليل من القصاصين الأهمية لفن القصة في استيعاب أفكار المرحلة،

لكن من خلال المواقع التي تتصل بأفضل إنجازات القصة الخمسينية أولا، وبما وصل إليه الفن القصصي في العالم العربي ثانيا. ومرة أخري أجد نفسي مدفوعا إلي تأكيد النزعة التدميرية ــ البنائية لدي القصاصين وهم يترجمون سيكولوجية المرحلة في أعمال فنية إلا أن الطريقة التي سلكها القصاصون هنا مختلفة كثيرا عن تلك التي اعتمدها الخمسينيون. فالسيكولوجية العامة لمجتمع المرحلة توضح أن: الرفض ــ اللا انتماء ــ الفردية ــ الذاتوية ــ الانكفاء ــ العزلة ــ الميل إلي السكني في أماكن مغلقة ــ الابتعاد عما هو جماعي ــ السعي إلي الاستغراق في الأحلام ــ والعودة إلي الشعر من خلال استنهاض المكنون النفسي، هي المؤثرات العامة لحياة مجتمع تلك الفترة.وتحت ظل هذه النفسية المرتبكة جري فرز حقيقي لجنسية الكتاب، فمعظمهم من الشباب، ومن الفئة البرجوازية الصغيرة، ومن الذين مروا بتجارب سياسية محبطة، ومن الذين يقرءون العبث والوجودية واللا معقول والماركسية والفوضوية وثورات العالم الثالث، وعلي ضوء هذه المعطيات العامة نستطيع أن نؤشر نقطتين مهمتين:أولاهما: أن فن القصة ابتعد عن المواقع الاجتماعية ذات النزعة الشعبية العامة، علي العكس ما كانت عليه قصة الخمسينيات، وأبدلتها بأماكن متعددة، بعضها لا هوية واضحة لها، وبعضها الآخر مختص بقطاع اجتماعي معزول، كائن في الأماكن القصية، ومحاط بأسرار المجتمع، وسكنتها من أولئك الذين تخثر الحزن علي ملامحهم وسلوكهم وتصرفاتهم ومن داخل هذه الأمكنة المغلقة السوداء، المعزولة، أطل القاص علي المجتمع. وكانت المرأة هي الجنس الغالب لمثل هؤلاء السكنة، أما الرجال، فكانوا أما غائبين أو في مهمات، وحضورهم لا يتم إلا في حالة استدعاء روحي ــ مادي تمثل في الرغبة الجنسية أو في إيصال ما أنقطع من زمن. لقد جري اختيار مقصود لنوع الأبطال وأمكنة سكناها وطريقة تفكيرها وأسلوب حياتها اليومية. ويمكن الإشارة هنا إلي جملة قصاصين أكدوا هذا المنحي في قصصهم: محمد خضير في اختيار الأماكن المعزولة عن أضواء المدن وهتاف الشوارع، موسي كريدي في سعيه لفهم خصائص مدينة النجف وأمكنتها وبعض نسوتها، أحمد خلف في تتبعه لامرأة الحاجة المفرغة، وكان بها جواباً لآفاق روحية بعيدة. جليل القيسي في اهتمامه برصد الحالات المستوفزة بفعل الحرب أو الجنس. غازي العبادي في ولعه المتزايد في تتبع أبن الريف وهو يواجه العنت والاضطهاد.. عبد الإله عبد الرزاق في ميله إلي عزلة أبطاله خارج أسوار المدن. محمود جنداري في تأكيده الروح المتأججة بحالتها اليومية، جمعة اللامي، في المغزي السياسي المباشر لأناس القاع الأسفل وهم يتحولون باستمرار، وفاضل العزاوي في استقصاء الوعي الاجتماعي المتجدد. ولأول وهلة تجد أن أمكنة باهتمامات، وشخصيات بمواقف، وأحداث بموضوعات اعم. هي ما يميز هؤلاء القصاصين الذين ناءوا بفنهم في أخر الأمر من تلك المواقع الظليلة إلي المواقع الحاسمة والشديدة الصراع في المجتمع.وثانيهما: أن الكاتب القصصي في هذه الفترة قد وضع فواصل واضحة إلي حد ما بين القصة القصيرة والقصة القصيرة الطويلة، وبينهما وبين فن الرواية الذي بدأ يتضح علي يد القاص غائب طعمه فرمان، كما برزت الأقصوصة وتداخلت مع الجميع مخلفات القصة الريبورتاج التي توارثها الكتاب من الأربعينيات.وعموما تجد أن فرزا حقيقيا وواضحا لأصناف النوع الأدبي فالقصة القصيرة المتكاملة والتي يكتبها عدد غير قليل من القصاصين قد اعتمدت منهج القصة الخمسينية الناضجة مع تطوير واضح لقواعدها، وإشباع متميز لأجزائها. وبفهم وبوعي نقدي لأحداثها وموضوعاتها ولطريقة كتابتها ولاهتمامات شخصياتها. كما أن القصة القصيرة الطويلة، قد أوضحت هي الأخري، فمالت من حيث موضوعها إلي إشراك عدد أكبر من الشخصيات في حدث واحد، وإلي التوسع في الإدراك النفسي والاجتماعي لكل ما يحيط بها، لكنها لم تتناول مصائر اجتماعية واسعة ولا حقبة تاريخية مشخصة ولا قطاعا اجتماعيا شعبيا محددا، ولا شخصيات نمطية مألوفة كما تفعل الرواية غالبا، ويتميز عبد الرحمن الربيعي في مثل هذا المعزل بين الأنواع.وبتوضيح خصائص هذا النوع للقصة أمكن فرز أعمال قصصية يمكن تسميتها بالقصة القصيرة الطويلة: (المسافة) ليوسف الصائغ و(كانت الطائرات تحلق عاليا) لفاضل العزاوي، (رجل الأسوار الستة) لعبد الإله عبد الرزاق، (تلك الشمس كنت أحبها) لعبد الستار ناصر،ط مملكة الجد والوشم (لعبد الرحمن مجيد الربيعي)، (رموز عصرية) لخضير عبد الأمير، في حين أن حاجة أخرى قد نشأت إلي الأقصوصة أو كما سميتها لاحقا (القصة القصيرة جدا) وكان أبرز كتابها خالد حبيب الراوي ومن ثم أحمد خلف حتي استقرت في آخر المطاف علي يد كاتب أجاد وتفرد بها هو إبراهيم أحمد. وحصيلة هذا الشكل أتت بفائدة علي القاص في الانتباه إلي تلك اللحظات المكثفة من الحياة، والتي غالبا ما تشبه البقع السوداء في الفضاء الخارجي. أما جذور هذا اللون فيمتد إلي ريبورتاجات ذنون ايوب في مجموعة (برج بابل) في الأربعينيات. وإلي فن التقطيع الذي لجأ أليه الكتاب في الستينيات عندما بداوا يوزعون قصصهم إلي مقاطع وأرقام، وأفضل من عمل ذلك هو غازي العبادي ثم توسع علي يد آخرين، إضافة إلي أن هذه الفترة شهدت ترجمة قصص ساروت: انفعالات فكانت نموذجا لهذا النوع القصصي أما القصة القصيرة الفنية، فقد تكاملت أبعادها كما أسلفنا، وأصبحت مكتملة النوع، ويمكن القول أن محمد خضير، موسي كريدي، جليل القيسي، أحمد خلف، محمود جنداري، غازي العبادي، خضير عبد الأمير، جمعه اللامي، عبد الرحمن مجيد الربيعي، فهد الأسدي، عبد الإله عبد الرزاق، فاضل العزاوي، عبد الستار ناصر، أفضل من كتبها في تلك المرحلة.وتندمج النقطتان في إيضاح معني مهم، نؤكده هنا قبل الدخول في التفاصيل، وهو أن القصة الستينية لم تقترب من الشعب كما كان شأن القصة الخمسينية، إلا أنها أنهضت قيم الشعب وجعلتها مرئية مقروءة بوعي أكثر. هذه النقلة الفكرية أبعدتها أولا عن أساليب الفن الشعبي وقربتها ثانيا من مستلزمات القصة الحديثة، وقد أفرد بعض الكتاب لأسلوب الفن الشعبي طريقة جمعت بين المقامة والقصة، وكان من حصيلتها نتاجات فنية لها طعم الفن الشعبي والقصة الحديثة، وأبرز من كتب فيها متأخرا الأستاذ مدني صالح والقاص أنور الغساني الذي نشر عدة مقامات بإطار قصص أسماها المقامات الكركوكلية. ( نشرها في جريدة الفكر الجديد الأسبوعية).ويعكس ابتعاد القصة عن الفن الشعبي وحيله، وعن هموم الشعب اليومية المباشرة قضية فكرية أخري: هي أن القصة تحاكي منهجا سياسيا يؤكد في مجمله علي رؤية مستقبلية أكثر مما هي سلفية، ويأتي وضعها هذا من خلال موضوعاتها التي التصقت بالهم السياسي في جانب وبالمكنون النفسي للإنسان العراقي في جانب آخر، وكانت في كلا الجانبين تضع مؤشرات للنهوض علي أنقاض ما ينهار من قيم ومفاهيم. بمعني آخر أن قصة الستينيات كانت تترجم الانهيار اليومي لأشكال الواقع القديمة، إلا أن خطأها أو ضعفها يأتي في أن رؤيتها المستقبلية كانت مضببة عاكسة بذلك الوضع الفكري والاجتماعي للانتلجستيا العراقية في مرحلة من أصعب المراحل وأشدها تناقضا.وتحت هذا الفهم نحاول فيما يلي إيضاح المميزات التي اختصت بها أفضل نماذج القصة الستينية علي المستويين الفكري والفني وصولا إلي تحديد ما يسمي بقالب خاص لفن القصة القصيرة في العراقــ أولي هذه المميزات تعميم ما هو مأساوي في الحياة الشعبية وجعله علي لسان الكثيرين من الناس، لقد طرحت مفهوم الاغتراب الجماعي من الوضع السياسي القائم يوم ذاك، فدللت من خلال العديد من النماذج علي ابتعاد الانتلجستيا عن السياسة لا كرها بها، وإنما يأسا مما آلت أليه. لقد استوعب الفن القصصي تلك النغمة الحزينة، خاصة وأن أبطال القصص نماذج ممرورة بتجربتها، مشبعة بفشلها، وها هي بعد أن استوت علي قدميها أعطت لقدرتها الذاتية البسيطة: إمكانية جماعة متماسكة. وأفضل نماذج هذا النوع من القصص قصة (الوشم) لعبد الرحمن مجيد الربيعي، حيث يتلمس القارئ تلك النغمة الحزينة المشربة بالانهزام وهي تطرح ذلك بطريقة البوح أو الكلام بصوت مرتفع، وهي مركب من مركبات شخصية البرجوازي الصغير الذي يضيق نفسا لدي أول مجابهة، في حين أنه كان يمني نفسه يوما بالارتفاع علي حقيقة الواقع بما يمتلكه من تصورات ثقافية مزركشة عن تناقضات الواقع. أن ميزة الوشم الأساسية ليس فيما طرحته من تبرير بل في ذلك الجانب الذي لم يتجرأ الحديث عنه، وهو الضعف التاريخي الذي يمتلكه المثقف إزاء الأحداث العصيبة، والنقد الذي لاقته هذه الرواية أهمل هذا الجانب، بل جعله مؤولا في ذهنية الناقد والكاتب الذي يترجم علي الورق.المأساة التي تطرحها مثل هذه الكتابات هي مأساة طائر التم، الذي عند موته فقط يفكر بصوته الحزين.والنظرة الجمالية لمثل هذه الكتابات هي اكتفاؤها بتصوير ما هو كائن ومؤول، فجاءت صرخات الكائن منكفئة إلي الداخل أو محاصرة بأشخاص وحالات لا شرط موضوعي لوجودها، لإيمانها بأن التغيير لمثل هذا (القدر) لا يأتي إلا من الخارج، ولما كان الخارج محاصرا ومشددا عليه سقط البطل في وهم الذاتية والمثالية. لقد كانت المرحلة أحوج ما تكون إلي كاتب ينهض بأنكساراتها بروح موضوعية وعلمية ليرسم ليس ما هو كائن، بل ما سيكون عليه الأمر لاحقا. مثل هذا الكاتب ــ البطل أيضا ــ قد خرج من تحت عباءة القصة القصيرة الفني وليس من القصة القصيرة الطويلة، والعلة في ذلك هو ميل كتاب هذا اللون من القصص الطويلة إلي تركيز عدة شرائح وعدة أحداث وعدة شخصيات في بطل واحد، في حين أن القصة القصيرة تفتح نوافذها علي كل هذا التعدد دون أن تدمغ أيا منها بهوية الآخر. فالشخصيات المكثفة أو المركزة لا تستطيع أن تقدم طريقة ناضجة لإيضاح العلاقات والقوانين العامة للمرحلة، خاصة في طرحها فنيا. إلا أن التعميم المأساوي قد أتي من تناول الشخصيات الثانوية في المجتمع ونشرها علي أفق الواقع ومن ثم تشرب الناس، كل الناس بالحالة العامة لهم. والثانويين في تلك الفترة هم حطب نار المجتمع، العمال ــ الفلاحون ــ الجنود ــ النساء القرويات، وكل الذين يطلق عليهم بالعامة، وهم كما يقول لوكاتش علي لسان بلزاك (أن المجتمع الفرنسي يجب أن يكون المؤرخ، عليّ أن أكون أنا سكرتيره) (11) لا كما تدل عليه (الوشم) التي تسرد حالة الكاتب بأثواب المثقف ذي النزعة البرجوازية في تفسير الواقع وأدلجته. الثانويون هنا ليسوا كمثلهم في الخمسينيات، أنهم هنا عينيات أكثر تمثيلا لواقع الشعب، من أولئك المختارين اختيارا خاصا. فهم الجنود المحاربون والعمال ابتداءً من ثورة العشرين وحتى حزيران (يونيو) 1967.
أما النسوة فهن أولئك العجائز المنتظرات الموعود والأرامل اللائي فقدن أزواجهن، والشابات اللواتي ينتظرن ابن الثمانية عشر عاما حتي ينهي خدمته، أو رحلته إلي دول الخليج. أما الصبيات فقد بقين منتظرات حقائب الآباء الميتين ولعب الأمهات المصنوعة من الخرق والطين.. هؤلاء الثانويون هو وجه قصة الستينيات. خاصة تلك التي ارتفعت بمعني الحدث إلي مصاف الشعر، وبمفهوم الشخصية إلي معني التجريد. وبقدرة الأسلوب علي تطويع ما يفدنا من تجارب جديدة. وقد ساعدها في ذلك كله أنها التفتت إلي الموروث الروحي للشعب وهو يتشكل عبر معاناتها اليومية، هذه الخاصية هي ابنة الستينيات، فقد طوع محمد خضير فنه كي يستوعب فيه الخلجات الروحية لامرأة القاع الأسفل وهي تنمو وسطها وتطرح همومها. الموروث الروحي اكتشف أيضا بقاعا قصية من المجتمع وأزاح الستار عن قارة كاملة من الهموم والأفكار والموضوعات، ما كانت تجد طريقها إلي فن القصة وهو ينطلق إلي قياس الظاهر المتغير من شكليات الحياة، أن اكتشاف القصة الستينية لعمقها الجديد، ركز فنها وقوي حدثها، وأكسب شخصيتها انتماءا حقيقيا للمجتمع. وقد شخص النقد العراقي هذه النقطة حتي عد أن قصصا قليلة أدرجنا بعضها في كتابنا (قصص عراقية معاصرة) مازالت لحد اليوم مثالا لاستلهام الحياة الشعبية لفن القصة. ــ أما ثاني هذه المميزات فهو: تطويع الحس الفلكلوري للعامة وجعله تراثا ثقافيا ينأي بنفسه عن تلك الظلال المعتمة من النفس. والنقلة هنا ليست في اكتشاف الفلكلور وإنما في تحويل طريقة السرد من تتبع حياة إنسان شعبي كما يفعل عبد الملك نوري بعد أن يضع علي لسانه استحضارات واعية إلي تتبع النفس لحياة الشعب الدفينة وهي تظهر من خلال تحويل طرق السرد من العياني المباشر إلى الجوهر الذي تشترك فيه عدة قطاعات أو ما يسمي بالوعي الجمعي الذي وفره لنا حديثا علم النفس. وقصص المجموعات «المملكة السوداء ــ منزل العرائس ــ الحصار..» أمثلة علي ذلك..ان الكتاب المناوئين للحرب وللاستلاب وللقهر وللاستغلال، كانوا» منجذبين» كما يشخص لوكاش لمثل هذا الوضع ــ انجذابا أقوي من عامة الناس، خاصة أولئك الذين عن طريق حياتهم اليومية والمألوفة يرسمون مصيرهم العام دون وعي مسبق يمثل هذا المصير، وهنا يتجرد الكاتب من سلاح ثبت فشله تاريخيا وهو الكتابة عن النماذج الممثلة للطبقات المؤثرة في مسيرة المجتمع واستبداله بسلاح جديد هو اختبار النمط الشائع من الناس والأكثر حضورا للكتابة من خلال ما يحياه عن التاريخ العام للمجتمع والسلاح الأخير هو ابن الستينيات.هنا ينهض ما أسميناه بالتعميم المأساوي ليصبح أسلوبا لفن القصة، وطريقة اكتشفها القاص الستيني، امتد تأثيرها إلي كل أجزاء الفن القصصي، وسنحاول فيما يلي من الصفحات إيضاح مثل هذا التأثير.
لقد فتحت الخمسينيات النافذة الأوسع علي الطرق الفنية المختلفة وإذا كنا مبهورين بما قدمه عبد الملك نوري من فن جديد، فأن ما تعلمه القصاصون الستينيون يفوق كل من سبقهم. لقد تمكنوا من فن الترابط، والوصف، وتطوير الجملة النثرية، والاستفادة الواعية من الشعر والمسرح وجعلوا كما سنري بعد قليل من كل هذه العناصر هوية قومية لقالب فني محلي للقصة القصيرة وقد أشبعت أجزاؤه بمناخ مأساوي، هو في حقيقة الأمر القاع الشعبي للفن.يندر أن تجد قاصا ستينيا استخدم تيار الوعي استخداما متكاملا وسبب ذلك يعود لقصر التجربة وضحالة الإطلاع، واستخدام المصطلح دون وعي كامل بأبعاده. إلا أن الميزة المحلية الخاصة بهذا اللون من السرد القصصي قد أكسبته ظاهرة جديدة ليس لأن تيار الوعي يرتبط بنوع معين من الأفكار أو الصور أو اللغة، بل لما يمتلكه من حرية أطلقت عنان الخيال. إلا أن القصة العراقية جعلت من تيار الوعي ترابطا بين فواصل مأساوية، يتشرب بها الحزن ويوطد أجزاءها ذلك الهاجس الفردي المأساوي لحياة ونعتقد أن هذه الميزة جزء من قالب محلي لفن القصة العراقية، أتي نتيجة انتباه القصاصين إلي نوع جديد من الحياة والشخصيات والأحداث التي عاشوها تجربة وملاحظة وقراءة.والقصص التي تؤكد رأينا هذا، هي تلك التي يسعي القاص فيها عن طريق تيار الوعي إلي: الكشف عن العمق النفسي للشخصية وعن الشمول الاجتماعي للحدث، وعموما نجد رصدا لحالات الشخصية الممسوسة قد سيطر علي معظم نتاج الستينيات، ويقينا أن ما نعنيه بالشخصية الممسوسة هنا ليست المريضة حسب مفهوم علم النفس الفرويدي، بل هي الشخصية، المشبعة بمناخ مجتمعها، والممثلة لقطاع كبير من الناس قد يتجاوز الحدود الطبقية المتعارف عليها في التقسيم الاجتماعي ــ الاقتصادي للمجتمع.أما كيف تمكن القصاصون من التقاط هذه الشخصيات المشبعة ومن ثم وضعوا علي لسانها (حالة) اجتماعية متميزة أفرزت فنا محليا خاصا؟ فهو ما نحاول إيضاح بعضه في المقتبسات الآتية، تاركين اكتمال الفكرة إلي قراءة النتاج المتميز للستينيين جميعهم. ولأن همنا ليس تقديم أنواع من التكنيك لأن ذلك يرتبط بتحليل نقدي للشكل الفني أولا ــ وإنما همنا في الأساس إبراز السمة النوعية لطريقة كاتبنا المحلي في استخدام المأساوي كأرضية لقالبه الفني، ولنر ذلك في ما يلي من النماذج المتجزئة:(أخيرا تغادرين هذه المستوطنات الطموحية إلي الخلاء المتفجر بالضوء.. أغنيات رقيقة نداءات بالإسراع.. وجوه مطلة لبشر ممسوخين، ووجوه ثيران ونسور وتماسيح، مجدولة بالثعابين السود، مشعة بهالات زرقاء باهتة، وكأنهم يرتدون شموسا أو نيازك مذنبة. حين تقترب منهم، تمتد أيديهم الطويلة المشعرة، والملساء كاسطوانات رخامية، تقذفك بالأزهار والأحجار الزاهية وبالتماثيل الصغيرة المتجسمة في كتل الشذرات المضيئة.. جميعهم هناك: العائلة البشرية، العائلة المقدسة، الأمهات والآباء الأخوة، مولدتك، المربيات السوداوات والمرضعات الطارئات ــ الأمهات الثانويات ــ والرفيقات.. نتتشلين وتوضعين في المهد المزين بالخرز الملون وبالتمائم، بين أغطية ناعمة ووسائد لينة. هاهي ذي الحاشية تحيط بالمهد: الباعة المتجولون، مشترو الحديد العتيق، خياطو الفرفوري، الندافون، الفوالون وسحرة الحياة، متسولو ليلة الجمعة، الأغراب وعابر السبيل و( السادة)، السود مرقصو الغلمان ومتبنوهم، اللصوص والحراس الليليون.. ناحية أخري، تقف في طرف المهد المرفوضات، الناديات، والمطربات محييات الأعراس الحفافات، الدلالات، القابلات، الحاجمات، الغازلات الزائرات القريبات كالأشباح ذوات، المهمات العسيرة السرية التي لها علاقة بشرف العائلة وبالأمراض وبصعوبات ليلة الدخلة والخبيرات بالمداخل التناسلية الأنثوية..) (قصة الاسماك لمحمد خضير).
يطلق علي مثل هذا المشهد الاحتفالي عادة (عين الكاميرا) أو (المشهد المضاعف) وهي أسماء توحي بإمكان اجتماع مجموعة صور في نقطة زمنية واحدة هي لحظة نزول الفتاة بالحلم وبالواقع إلي الالتحام الشامل بمكونات الطبيعة، أي لحظة المصاهرة مع الذات. ويتبع القاص أسلوبا فريدا في تجسيد هذه اللحظة، يعتمد علي خيال أسطوري سحري ــ فطري في تكوين مشاعر جمالية وفكرية في تلك اللحظة. واعتماده هنا تكمله للحس الفطري الذي تشعر به الفتاة العذراء ساعة التحامها بذاتها كجنس وكطبيعة. وهذه خصيصة محلية اكتشفها قاصنا العراقي بعد أن اكتشف نوعا من الشخصيات المعزولة عن الأماكن المضيئة والشوارع ونسكن غرفا مظلمة، وأماكن قصية، علي حواف المدن أو الأنهار.. مثل هذه الشخصيات ــ الأنثوية ــ قد حملت في تركيبها الفسيولوجي والنفسي والاجتماعي خصيصة محلية قد لا نجد مثيلا لها إلا في الأماكن القصية من العالم حيث يسيطر السحر والتقاليد والأعراف علي مجمل النشاط الاجتماعي. وقد تبدو مثل هذه الشخصيات غريبة أو مفتعلة، في حين أن تجسيدها لوجودها الروحي والمادي هو تجسيد للنوع البشري الموضوع ضمن ظروف اجتماعية واقتصادية معينة وبالتالي هي امتداد شرعي لكل النساء العوانس والباكرات، للأمهات وللعشيقات، ولكل من تجد لها في تيار الزمن تكثيفا لحالة أعم وإذا ما مددنا حسنا الفلكلوري نجدها وريثة لكل نساء ألف ليلة وليلة، ولكل قصص الجن والسحرة وزوار العتبات المقدسة. لقد ارتفع الفن القصصي بمثل هذا النوع من النساء من رصد لعواطفها اليومية المباشرة، إلي تجسيد لجوهرها ككائن اجتماعي انفصل بك تركيبه عن مكونات الطبيعة الاخرى ولذلك عندما تعود بنفسها إلي حالة جنسية ــ لا تجد ذاتها معزولة عن كل المكونات الطبيعية وغير الطبيعية التي تشترك معها بالحالة ذاتها. القاص هنا يبحث عن الشيء المشترك في كل جوانب الطبيعية. ونعود ذاتها. القاص هنا يبحث عن الشيء المشترك في كل جوانب الطبيعية.
ونعود إلى التكنيك مرة أخري، لنجد أن القاص (قد مزج بين الحياة الداخلية للشخصية مع الحياة الخارجية في وقت واحد) ولكن بطريقة ذهنية منضبطة، ولهذا نجده مكثرا من الفوارز والنقاط والتعليقات ولعل سبب ذلك يعود إلي أن القاص هنا راو لما يحدث ولذلك ليس ثمت علاقة من المنلوج الداخلي للشخصية، فالشخصية شبه غائبة في التحامها الكوني الأسر. فتولي القاص رواية ما يحدث لها مضيفا أليها كل معلوماته عن مثل هذا النوع من الشخصيات، وهذا ما نجده في إكثار المتشابهات من النساء وإلي رصف الحالات المتشابهة التي تعمق الفعل وتؤكده، والمعلومات الثرة هنا إضافة فنية لخصوصية القصة العراقية. إلا أن النقطة الأساس، في كل ما ذهبنا أليه، هي أن القصة تؤكد المعلومات التي أردف بها حال الشخصية وفي المتشابهات، وفي المناخ العام،حتي أن الألوان ــ لا الضياء الطبيعي الخارجي ــ هي التي كانت تحدد حواف الأشياء والموجودات، هذا الجو المظلم الكابوسي، الموشي بعزاء جماعي رسم لنا صورة واضحة لامرأة القاع الأسفل وهي تمارس وجودها اليومي من خلال استحضار القاص لنوعها المتميز الذي يمثل في أعمق معانيه نمطا من النساء أختص بمرحلة اجتماعية ماضية، أو منهارة، وقد أنعكس هذا الانهيار في قلة الأفعال وكثرة الأسماء. وهي دلالة أسلوبية عميقة.

قديم 05-19-2012, 10:49 PM
المشاركة 616
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الرواية هي الضحية الكبرى للنقد؟
روائيون عراقيون يتحدثون لـ«الشرق الأوسط» عن جناية النقد الأدبي على الفن الروائي

* عبد الأمير: كلما تعددت الثقافات كان النقاد أمام انحياز خاص

* عالية طالب: ليس على الناقد إلا الإشارة لبواطن الإبداع
* الشبيب: معظم الدراسات النقدية في ذهنها النموذج التقليدي للكتابة
* جواد: النقد الرديء قد يسهم في زيادة بيع الروايات بغداد: «الشرق الأوسط» ربما يبدو مصطلح النقد الروائي مثيراً للالتباس، فهو قد يوحي بأن المشكلات التي نعنيها، إنما هي مشكلات نقدية، وهو من جهة أخرى يومئ إلى أن الرواية كجنس أدبي لها مشكلاتها، حين يتعرض النقد لها بالدراسة والتقويم. ولكن الحديث عن مشكلات النقد الروائي ينطوي على تساؤل آخر وهو: هل أن هذه المشكلات تتعلق بالناقد الروائي والعملية النقدية التي يمارسها، ام أن هذه المشكلات نابعة من طبيعة الفن ذاتها؟ مجموعة من الروائيين والمشتغلين بالنقد الروائي في العراق يجيبون على هذا التساؤل:
يقول القاص والروائي خضير عبد الأمير: لكل رواية مشكلاتها، فالرواية عالم صغير له مكوناته، ومسبباته حتى يتحول هذا العالم إلى سعة تستوعب حركة الواقع، وربما الماضي والحاضر. وكل هذه السعة تحتوي على رموز واضحة وخفية، فهي أما أن تكون حكاية للمتعة الخاصة، أو حكاية تخدم ذاتها، وترمز إلى وضع الآخر. وفي جميع الأحوال هي ذات أشكال متعددة في بنائها الفني المتصور.
من هنا يمكننا أن نتعرف إلى مشكلات الرواية في مجالين: الأول يهدف إلى عرض صورة من صور الحياة ذات انسيابية مهما تعددت مشكلات الشخوص داخل تلك الصورة.
والثاني متعلق بالنقد الذاتي لحركة الواقع وتصرف الآخر.
والناقد عندما يبدأ بالقراءة، يكون حذراً من لعبة الانسياق مع تيار الأحداث وتراكمها، فهو يؤكد على قيمة العقل أو ما هو معقول، ولا يريد أن ينساق وراء رموز الرواية، رغم معرفته واطلاعه، ولكنه ينطلق من فهم خاص جداً، وكلما تعددت الثقافات، كان النقاد أمام انحياز خاص، يصفونه بمعقولية خاصة أيضاً.
ومثل هذا الأمر يكون من خصوصية الناقد ومن نتاجات ثقافته و(توهمه) بالمعرفة أحياناً. وحينما يكتب قد يترك الرواية، ذلك العمل الفني، ويكتب لذات ثقافته الخاصة، وينطلق منها واجداً في أحداثها، أي الرواية (عصا) يهش بها على أحداث روايات أخرى، وقد لا يلتفت الناقد إلى مشكلات الرواية ذاتها، تلك التي يواجهها الروائي، والتي تملي عليه أفق كتابة خاصة، وتصرف كتابي خاص له صنعة مرتبطة بالأحداث، وله شخص أو شخوص متعددة تنهل وجدها أو كرهها من منابع الفكرة، التي تبدأ عادة مسطحة، ثم تتصاعد مع كثرة الأحداث المتشعبة الأخرى. من هنا تتولد لدى الروائي مشكلات معينة منها:
عملية التغيير في بناء الرواية من شكل إلى اخر، ومن نهاية إلى اخرى ، ومن استيعاب لحدث معين إلى اخر. ومنها أيضا مشكلة حوارات شخوصها، أو حوارات مقتضبة مصاحبة لتلك المشكلات المنبثـقة من ذلك التسطيح، لتتصاعد عمودياً وافقياً أو تنعكس إلى الاسفل، ومنها ايضاً اللغة، ذلك التعبير عن كل تلك الأحداث.
فللرواية لغتها الفنية دائماً وان تحولت تلك اللغة إلى أشكال اخرى، منها ايضاً دخول منهج الاسلوب والاسلوبية وكيفية تناول الكاتب لاسلوب كتابته. فهل اللغة ذاتها ام أن اسلوب الرواية الذي هو اسلوب الكاتب، يمكن اعتباره (ملكته) الخاصة التي حصل عليها من التبحّر في (امهات) كتب الفن والادب والشعر والمسرح، بما فيها القصة والرواية؟ وهكذا يتكون كل شي وفق شي كبير وجميل وله صفة محددة بهذا الفن الاصعب. تلك المهمات وغيرها، تواجه الكاتب الناقد عند ممارسته لعملية الكتابة، وقد يصادف غيرها، ولكن بالاساس رؤية الناقد تختلف عن رؤية الكاتب، حتى تكاد أن تصيبه بالدهشة.
اغتراب النقد الروائي أما القاصة والروائية عالية طالب فهي ترى أن الرواية باستغراقها الشامل في تكوينات جزئية وفرعية واساسية، تبدو اكثر تقبلاً لمداخلات النقد وكشوفاته المضيئة و(المظلمة) على حد سواء. وقد يشعر الناقد بتحقيق انتصارات خاصة، حين يضع مبضعه على نقطة الشروع او «الاقتناص» وقد يكون محقاً بأدلة لا تقبل المجادلة. ولكن هل يستوي الخطأ، إذا كان هناك خطأ ما، مع الفعل الإبداعي الشامل؟ وهل يبدو ذلك التواجد الضئيل بمطباته ذا مشروعية في الطعن والتناول المتقصد، ام أن على الناقد أن يتساءل، ولأكثر من مرة، عن قصديات الروائي المنظورة وغير المنظورة، قبل أن يشرع أسلحته في مواجهة قد تبدو صامتة لدى الطرف الآخر؟
لقد قرأنا تحليلات نقدية لعديد من النقاد حول روايات قرأناها. لكننا لم نكن نتصور حجم الاغتراب الذي ولدته لدينا تلك الكتابات النقدية، حتى لتبدو ذات الرواية وكأنها ليست التي قرأنا، او انها رواية اخرى لا نعرفها.
هذا الاغتراب الذي أوحى لنا به النقد، ليس الروائي هو المسؤول عنه، بل الناقد الذي تشابكت لديه قناعات ذهنية وتحليلية خاصة، فأسقطها على العمل الادبي، من غير أن ينتظر ليشاهد آثار صوره الجانبية على رواية اعاد خلقها من جديد ـ سلباً أو ايجاباً.
ليس على الناقد الا الاشارة لبواطن الابداع وتمكين القارئ من الانتباه إليها، والتأكيد على مقاطعها من دون التأثير على العمل وسحب القارئ إلى مديات أخرى.
الرواية والموضوعة الفلسفية الروائي الدكتور طه حامد الشبيب يتحدث عن علاقة النقد برواياته بقوله:
الرواية كجنس ابداعي لها خصوصية فنية نابعة من الرؤيا الشاملة التي تنطوي عليها، ذلك أن الرواية فن يعالج موضوعة فلسفية كبرى، على هذا الاساس هنالك صعوبات حقيقية تواجه الناقد، فسبر اغوار معالجة فنية لموضوعة فلسفية ليس بالامر الهين، لاسيما اذا اتبع الروائي، وينبغي له أن يتبع، «المفهوم القائل بان الموضوعة تشترط التقنية».
هنا يبرز الاشكال امام الناقد غير المستعد لمواجهة معالجة من هذا النوع. وإذا تحدثت عن تجربة النقد مع اعمالي، فان من العسير علي أن اضرب مثلا بدراسة نقدية معينة، استوفت هذه النقطة، أي أن معظم الدراسات جاءت وفي ذهنها النموذج التقليدي للكتابة الروائية، ربما لاحساس البعض بصعوبة الاحتمال، أن لم اقل عدمه، في ظهور تقنية جديدة في الكتابة الروائية، يمكن أن تنبثق في العراق. الكل مذعن لمفهوم «التقنيات الجديدة تأتي من خارج الوطن العربي». أقول ربما كان هذا السبب في عدم ايلاء النقد العراقي اعمالي اهتماماً مضاعفاً للوصول إلى استنتاجات محددة بخصوص التقنية التي ازعمها.
ضحية النقد الكبرى على هذه الاتهمات يرد الناقد الدكتور عبد الستار جواد، فيقول عن علاقة النقد بالرواية: «في عام 1983 أتيح لي أن اقضي في صحيفة الغارديان البريطانية عدة اسابيع، بحكم التلمذة، والرغبة في الاستفادة من تجربة الصحافي والكاتب «بل ويب» الذي أمضى في تحرير الصفحة الادبية ربع قرن او ما يزيد على ذلك. وكنت بالطبع أشعر بأن الرواية «اكثر من غيرها من الانواع الادبية الأخرى هي ضحية النقد الكبرى، لاسيما النقد الصحافي منه، الذي ينشر في صفحات الجرائد والمجلات.
وكثيراً ما كانت تثار في الاوساط الثقافية والادبية شكاوى كتاب الرواية من ناقديهم ومراجعي رواياتهم في الصحافة الادبية. ولعل الطريف في ذلك أن محرري الصفحات الادبية يشكون هم ايضاً من النقد الروائي الذي يثير لهم مشكلات عدة ازاء جمهور القراء.
وربما كان كتاب الروايات الجدد اكثر شعوراً بالحيف من غيرهم، ذلك أن النقاد يلاحقون الاسماء الكبيرة، ويتابعون نتاجهم الروائي، إذ قلما تجد رواية لكاتب جديد نصيبها من النقد والمتابعة، بينما تحظى روايات لاسماء كبيرة بالاهتمام الواسع من لدن الصحافة ووسائل الاعلام.
ولكننا مع هذا يجب أن لا نبالغ في خطورة النقد هذا على الرواية كجنس ادبي ابداعي، فمثل هذا النقد قد يقضي على عروض مسرحية او سينمائية او فنية، ويؤثر في «شباك التذاكر»، في حين أن النقد الرديء احياناً قد يسهم من حيث لا يريد في زيادة بيع الروايات واقبال القراء عليها. وتشير الارقام إلى أن المساحة النقدية المخصصة للرواية هي 71 في المائة، بينما تحتل كتب السيرة 3 في المائة.
مع كل هذا فإننا نرى أن مشكلة النقد الروائي الحقيقية تكمن في سوء الفهم الحاصل لدى النقاد الذين يتصدون لاصدار احكام نقدية على الروايات، وسوء الفهم هذا قد يؤدي إلى اطلاق احكام نقدية خاطئة.. فاذا كان اختلاف وجهات نظر القراء مسألة مشروعة، فان اساءة فهم الرواية ليست كذلك.
والواقع أن طبيعة الرواية نفسها قد اسهمت بشكل او اخر في ابراز مشكلات الرواية، وتعدد اسبابها. فالرواية تتطلب من الناقد متابعة جادة لأدق تفاصيل الحبكة وتطور الشخوص ونمو الاحداث. وهي لذلك تتطلب مهارة فائقة وذاكرة حادة إلى جانب الحاسة الفنية التي تمكن الناقد من التقاط الخيوط الأساسية التي تنظم الفعل الروائي، إضافة الى أن الكاتب الروائي يكتب بطريقة تختلف تماماً عن طريقة الناقد، فالأول يفكر في خلق الشخصيات، بينما يسعى الثاني لتفحصها كي يقدم مادته النقدية من خلال الموضوع الذي يطرحه.

قديم 05-19-2012, 10:56 PM
المشاركة 617
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
للاسف لا يوجد سيرة ذاتية لهذا الكاتب الفذ على الشبكة العنكبوتية.

مجهول الطفولة.

قديم 05-19-2012, 11:24 PM
المشاركة 618
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
82- ونصيبي من الافق عبد القادر بن الشيخ تونس

تمظهرات الخطاب السردي العربي بين توثيق الذاكرة وآليات اشتغال المنجز
قراءة في كتاب"الرواية العربية والفنون السمعية البصرية" للدكتور حسن لشكر

استهلال

نروم في هذه القراءة العاشقة لكتاب الدكتور حسن لشكر" الرواية العربية و الفنون السمعية البصرية"، الصادر عن سلسلة كتاب المجلة العربية 169 ، الرياض 1431 ه، إلى إعادة تفكيك العلاقة الفنية ـ الجمالية بين السرد العربي ومختلف أنماط الفنون السمعية البصرية، التي استثمرت كاشتغال تقني أو خطابي ينزع نحو رصد أهم التحولات التي عرفتها بنيات الرواية العربية.
إن السرد العربي، وهو ينفتح طوعا على هذه الفنون، يشكل بذلك هامش حركيته خارج المألوف والمتعارف عليه، وليس ما يمكنه أن يجعله ينط داخل أنفاق مغلقة ومتكلسة، بحيث إن اهتمامه بهذا الرصيد من التعبير الفني المتنوع والمتجدد، يحفزه على المضي في بناء منجز سردي مأهول بنضج التخييل الذاتي والغيري، وململم لشظايا الحكي المنفلت من أنساغ الذاكرة، والمتلبس بأقنعة سطحية الواقع و المجتمع والتاريخ والذات، لذلك فمن الضروري أن تخرج الكتابة السردية عن هذا الصوغ التنميطي والمنمذج للشكل، و تباشر هدمها ونسفها لجاهزية المعمار الروائي ويقينية ومطلقية رؤيته، سارحة بكل بذخ تحررها في سماوات الاستعارة والمجاز، ومختلف المحسنات اللفظية والمعنوية، قصد إعادة تشكيل الكتابة الروائية وفق بلاغة سردية جديدة واستثنائية، ومخصبة لرحم خطابها التحديثي الضاج بالعنفوان والجدة، وبهذا تكون محاولة الوقوف على أطروحات المؤلف وأسئلته غير قارة وثابتة، وإنما مستقرئة لها حسب مظاهر تفاعلها ، ومدى مجاوزتها لاستشكال "التكنيك" الحكائي الغارق في الكلاسيكية دون استساغة ومضات التأسيس والتأصيل الأولى، أوالتفكير في التطوير والتجديد والتحديث.
هذا الجنس الأدبي الذي نتحدث عنه هنا هو ابن المدينة بامتياز، كما هو شأن السينما والتشكيل و المسرح، وإذا كانت النظرة المدينية قد أرغمت التجربة الإبداعية السردية، على المثول أمام مرايا غير متجاورة، فإنها منحت الرواية بالخصوص مساحة من الحرية، امتدت من المكان إلى الزمن، أي أنها أولت اهتمامها الكلي وشغبها للممارسة الكتابية الحكائية عبر أبعاد تلفظية دالة وأنساق خطابية تشخيصية حاملة لمعان متعددة، دون المساس بالشكل أو المضمون، بل مستلهمة بعض التمظهرات الفنية ـ الجمالية التي تؤطر الفنون السمعية البصرية، وتشكل ألوان وأطياف تعبيرها.
الرواية العربية: من النصية السردية إلى معنى الخطاب
لاشك أن السرد مهما تعددت أشكال صياغته وأنساقه وتداوليته، وانخرطت ضمن دائرة المحكي الشفهي والمكتوب والبصري، فإنه يخضع بالضرورة إلى انتعاش مدونته الحكائية وتزويدها بروافد التجربة الروائية المتعددة، بحيث إن " أنواع السرد في العالم لا حصر لها، وهي قبل كل شيء تنوع كبير في الأجناس، وهي ذاتها تتوزع إلى مواد متباينة، كما لو أن كل مادة هي مادة صالحة لكي يضمنها الإنسان سروده، فالسرد يمكن أن تحتمله اللغة المنطوقة شفوية كانت أم مكتوبة، والصورة ثابتة كانت أم متحركة، والإيماء(Le geste) مثلما يمكن أن يحتمله خليط منظم من كل هذه المواد، والسرد حاضر في الأسطورة، وفي الحكاية الخرافية((Légende، وفي الحكابة على لسان الحيوانات، وفي الخرافة، وفي الأقصوصة، والملحمة، والتاريخ، والمأساة، والدراما، والملهاة، والبانطوميم، واللوحة المرسومة(ولنفكر هنا بالقديسة أرسول دوكارباشيو)، وفي النقش على الزجاج، وفي السينما، والكومكس، والخبر الصحفي التافه، وفي المحادثة"1 . بهذا أطر المنظور البارتي البنية السردية، وربطها بالتنوع والاختلاف في إطار فهم وتفسير البنى الخطابية ضمن التحليل البنيوي للحكاية.
إن السرد هنا يمكنه أن يستفيد من آليات وأدوات الفنون الأخرى، كما هو أيضا غير قابل لأن يبقى رهين المثل الأعلى، أي لصيقا بالنماذج الرائعة التي خلفها لنا تاريخ الإبداع الكوني، " وفضلا عن ذلك فإن السرد بأشكاله اللانهائية تقريبا، حاضر في كل الأزمنة، وفي كل الأمكنة، وفي كل المجتمعات، فهو يبدأ مع تاريخ البشرية ذاته، ولا يوجد أي شعب بدون سرد، فلكل الطبقات ولكل الجماعات البشرية سرودها، وهذه السرود تكون في غالب الأحيان مستساغة بشكل جماعي من قبل أناس ذوي ثقافات مختلفة إن لم تكن متعارضة"2 ، وبما أن النص السردي هو دليلنا في هذه القراءة لكتاب "الرواية العربية والفنون السمعية البصرية" لصاحبه الدكتور حسن لشكر، فإنه بجعلنا ننفتح على أسئلة مغايرة تصب في المنجز المشترك بين المبدعين، من روائيين ورسامين وسينمائيين ومسرحيين ونحاتين وموسيقيين وتشكيليين وغيرهم، لهذا نرى أن مفهوم النصية السردية، ليس نصا يقتصر على بنية لغوية تتكون من شبكة من العلامات والرموز التي لها دلالاتها ومقصدياتها، بل نريد أن يكون هذا التوصيف دالا على نسق أسلوبي يتجاوز مفهوم النصية اللسنية الأفقي إلى مفهوم النصية السردية التحاقلي، أي أنه يبتغي النظر في سميأة خطاب النص التأويلية أكثر من وصفيته المنمذجة، بحيث إن مجرد التفكير في المنجز الروائي العربي هو بالأساس وعي بالاشتغال البلاغي المتعدد، لذلك لا يمكن قراءة الرواية باعتبارها لغة مكتوبة ترتبط بحكي تتابعي أو متقطع، بل " إن تصورا للبلاغة من هذا القبيل يتضمن أمرين: أولهما ضرورة وجود علم عام للنص يكون صالحا، لا لدراسة النصوص الأدبية وحدها، بل لدراسة غيرها من النصوص على اختلافها، وثانيها الفكرة المتضمنة في أن كل نص هو بشكل ما " بلاغة"، أي أنه يمتلك وظيفة تأثيرية، وبهذا الاعتبار فالبلاغة تمثل منهجا للفهم النصي مرجعه التأثير. وعندما نفكر حسب المفاهيم البلاغية فإننا ننظر، مبدئيا، إلى النص من زاوية نظر المستمع/ القارئ، ونجعله تابعا لمقصدية الأثر"3 ، فهل يمكن التعامل مع السردياتLa narratologie باعتبارها نمطا من المحكيات الواحدية هكذا، تتوفر على فيض من اللغات التخاطبية، أم أنها مظاهر للقول المتعدد و المفتوح على أجناس وفنون تتقاطع في ما بينها؟ لقد حسم التصور عند السيميائيين، خاصة عندما تم الاشتغال على مكونات النص اللغوية، وما تشمله من خطابات تتناسل فيها الدلالات والرموز بكثافة، و" إذا كانت سلسلة التأويلات غير نهائية كما وضح ذلك بيرسPeirce ، فإن عالم الخطاب يتدخل لتحديد شكل الموسوعة، وليس النص إلا الإستراتيجية التي تؤلف عالم هذه التأويلات ـ إن لم تكن مشروعة فهي قابلة لذلك على الأقل كل قرار للاستعمال الحر للنص يتفق وقرار تحديد عالم الخطاب، فحركية عمل الإشارة Sémiosis غير المحدودة لا تمنع تلك التأويلات بل تشجعها، ولكن يجب أن نعرف ماذا نريد: إما أن نعود عمل الإشارة على دلالة معينة أو نؤول النص"4، بهذا تكون النصية السردية من حيث تشكلها وانبناؤها قصة، أما الخطاب من خلال مسعاه التأويلي، فهو لغة مسرودة بوصفها نسقا من العلامات والرموز، وليست غير نظام مؤسس على الإختلالات والخرق، بحيث إن الرواية العربية، وهي تستند إلى بعض الآليات الفنية ـ الجمالية والتقنية، فإنها تستجيب إلى نزعة التجريب الروائي، التي ما فتئت تستثمر أدوات مستحدثة تلغي المسافة بين الأساليب التعبيرية السمعية البصرية، إذ نلاحظ أن الروائي لم يعد يقتصر على مبدإ الكتاية السردية التتابعية في الزمان والمكان، بل استبدلها بالعدولL écart والتناوبAlternance والتضمينEnchaissement و مختلف مقتضيات السرد الأخرى، من إعادة خلق الخلفيات، كاستعمال التراث والتاريخ والأسطورة وما شابه ذلك.

الرواية العربية والفنون السمعية البصرية: من الوصف إلى الاستقراء

يؤكد الناقد الدكتور حسن لشكر في مقدمة كتابه أنه اهتم بمظاهر التفاعل بين السرد العربي ومختلف أنماط الفنون السمعية البصرية، موضحا طريقة التناول والاستعمال والاستثمار، حيث يقول" وقد حاولنا في هذه الدراسة التطرق إلى هذا الموضوع المهمش على مستوى البحث والدراسة انطلاقا من المنجز النصي، أي أن العمل ذو طابع تطبيقي يعتمد الوصف و الاستقراء النصي المباشر"5، وبذلك قسم محاور كتابه إلى أربعة فصول، هي:
ـ السينما.
ـ البناء الموسيقي.
ـ الرسم والفنون التشكيلية.
ـ المسرح.
إن هذا التقسيم الذي ارتآه الباحث، ساهم في تطويع الأدوات التحليلية لكي تخدم التوجه النقدي، وهو ما يمكن رصده من خلال ملامسة تراكم المنجز الروائي العربي عامة والمغربي على الخصوص، فمثلا في الفصل الأول، يستهل دراسته بتوثيق مجمل الروايات العربية وغيرها، التي وظفت تقنيات السينما واشتغلت عليها كلغة فنية وجمالية، بدءا بآثار على الرمال ليوسف السباعي، ثم دعاء الكروان لطه حسين، ورد قلب ليوسف السباعي، وبداية ونهاية و اللص والكلاب لنجيب محفوظ، وتحريك القلب لعبده جبير، والحرب في بر مصر ليوسف القعيد، وثلاثة وجوه لبغداد لغالب هلسا، والحب في المنفى لبهاء طاهر، وذات لصنع الله إبراهيم، والغربة واليتيم وأوراق سيرة إدريس الذهنية لعبد الله العروي، واللاز للطاهر وطار، و نصيبي من الأفق لعبد القادر بن الشيخ، والخماسين لغالب هلسا، وحارس المدينة وتحول الأمواج البرية لإبراهيم نصر الله، ويا بنات إسكندرية ورامة والتنين لإدوار الخراط، ووليمة لأعشاب البحر لحيدر حيدر، وكانت السماء زرقاء لفهد إسماعيل، وأصوات الليل لمحمد البساطي، وألف ليلة وليلتان لهاني الراهب، وحشيش ليوسف فاضل، والطوق والأسورة ليحيى الطاهرعبد الله، وعرس الزين للطيب صالح، و الضوء الهارب لمحمد برادة ، وخطوط الطول خطوط العرض والوشم لعبد الرحمان مجيد الربيعي، والنزول إلى البحر لجميل عطية إبراهيم، ووردية لإبراهيم أصلان، وشرف و اللجنة وبيروت ييروت لصنع الله إبراهيم.
أما في الفصل الثاني الذي خصه للبناء الموسيقي، فقد استهله بتقديم استحضر فيه تجربة كل من هرمان هسه من خلال روايته لعبة الكريات الزجاجية، و أندريه جيد الذي ألف كتابا هو قوت الأرض يشبر فيه إلى تعاطيه للموسيقى، ثم انتقل إلى عرض نماذج من الرواية العربية التي حاورت الفن الموسيقي، واستلهمت بناءه المركب من سيمفونيات وسوناتات وغيرهما.
في هذا الفصل حاول الباحث أن يقوم بعملبة إحصائية لمجمل السرود العربية التي وظفت الموسيقى، ومنحتها مساحة داخل فضائها الدرامي، لذلك نلاحظ وقوفه على تجارب روائية من مثل: عصفور من الشرق لتوفيق الحكيم، وقالت ضحى وقصة بالأمس حلمت بك والحب في المنفى لبهاء طاهر، وتحريك القلب لعبده جبير، والبحث عن وليد مسعود لجبرا إبراهيم جبرا، وعودة الطائر إلى البحر والصمت والمطر والرحيل بين السهم والوتر لحليم بركات، وبيروت بيروت وشرف لصنع الله إبراهيم، و نصيبي من الأفق لعبد القادر بن الشيخ، ويقين العطش ورامة والتنين والزمن الآخر لإدوار الخراط، والضوء الهارب لمحمد برادة، ووردية ليل لإبراهيم أصلان، وعصافير النيل لسمير اليوسف، وموسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح، والتجليات والخطط والزويل للغيطاني، وخطوط الطول خطوط العرض للربيعي، واللاز للطاهر وطار.
وفي الفصل الثالث " الرسم والفنون التشكيلية"، بستعيد الناقد مجموعة من مظاهر الحوار التي وشجت بين السرد وعناصر الرسم أو التشكيل، مصغيا بذلك إلى الأعمال التي وثقت لهذا التكون، من مثل تجربة عبد الرحمان مجيد الربيعي في جميع رواياته كالأنهار، وفي قصصه كمثل النساء، إضافة إلى إطلالة الباحث في بداية الفصل على تجارب غربية، مثل تجربة فكتور هوجو، وميشال بوتور وجان كوكتو وليوناردو فانشي و بيكاسو، مع استحضار أسماء لأعلام في الرسم والفنون التشكيلية، أمثال: كليمت، ورامبراندت، و سيزان، وبراك، وموني، وماتيس، وجياكوميتين وديبوفيه، وهوكيزاي. هذه المحاولات التي أطرت العلاقة بين السرد والرسم أو التشكيل، يمكن اعتبارها عنصرا أساسيا، حرر الكتابة الروائية من أسار الكلاسيكية المنمذجة والخاضعة إلى الثبات والتقعيد.
لقد استعان الباحث في هذا الفصل بعدة نماذج، منها: يابنات إسكندرية وحريق الأخيلة ورامة والتنين والزمن الآخر ورقرقة الأحلام الملحية وإسكندريتي وترابها زعفران لإدوار الخراط، ويوميات سراب عفان والغرف الأخرى وشارع الأميرات لجبرا إبراهيم جبرا، ومدينة براقش لأحمد المديني، والضوء الهرب لمحمد برادة، ونجمة أغسطس و اللجنة وذات وبيرت بيروت وأمريكانلي لصنع الله إبراهيم، والحب في المنفى لبهاء طاهر، وتجارب سالم حميش و صلاح الدين بوجاه وجمال الغيطاني وإميل حبيبي، وتجربة سليم بركات في الأختام والسديم.
وفي الفصل الأخير المعنون ب " المسرح "، يدبجه بتقديم يربط فيه بين الرواية والمسرحية، بحيث يبدأ بعرض تجربة توفيق الحكيم من خلال عمله بنك القلق، الذي منحه نحث اصطلاح المسراوية، أي الجمع بين المسرح والرواية، وهو ما شهدته هذه المرحلة، حين تداخل الفن الدرامي والروائي في ما بينهما إلى درجة لم يعد فيها استسهال التمييز بين الجنس والآخر، وهكذا بدأت المحاولات السردية تنفتح على التقنيات المسرحية، كالسد لمحمود المسعدي، والنجوم تحاكم القمر لحنا مينه، يحدث في مصر الآن ليوسف القعيد، وتحرك القلب لعبده جبير، ويوميات سراب عفان لجبرا إبراهيم جبرا، ونصيبي من الأفق لعبد الفادر بن الشيخ، وملف الحادثة 67 لإسماعيل فهد إسماعيل، وشرف لصنع الله إبراهيم، وبراري الحمى لإبراهيم نصر الله، والجبل الصغير لإلياس خوري، وشجر الخلاطة للميلودي شغموم، ولكع بن لكع لإميل حبيبي، وقالت ضحى وقصة محاورة جبل من مجموعة أنا الملك جئت لبهاء طاهر، وبحيرة المساء ومالك الحزين لإبراهيم أصلان، ولعبة النسيان لمحمد برادة، وبعض أعمال عبد الرحمان مجيد الربيعي، مثل نص بعد الخريف الوارد في مجموعة الخيول، ونصي الممثلون و ترنيمة المحبين في مجموعة صولة في ميدان قاحل، والخماسين لغالب هلسا.
إن هذا التوصيف الذي قام به الناقد، وهو يدرس تنوع الخطاب السردي العربي، جعله من مرتكزات الكتابة الروائية الجديدة في بداية تكونها وتشكلها، بحيث إن الهدف من هذا الكم الهائل من النصوص التي اشتغل كتابها على آليات وتقنيات فنية وجمالية، هو بالأساس يخضع إلى التوجه الذي بات من الضروري يلتجئ إليه الروائي في بحثه عن أساليب جديدة وتكنيك مستحدث، " لقد مس التجديد كل عناصر المعمار الروائي وسجلات الكلام وطبيعة ووظيفة الكتابة. فقد أصبح النص الروائي خبرة جمالية ونسقا فنيا وإبداعيا ذا نكهة خاصة، ولكنه ـ مع ذلك ـ لم يضع قطيعة مع مرجعياته الواقعية وأبعاده التاريخية. فهو يعمل على إعادة إنتاج التاريخ والواقع وينميهما في قالب روائي متفرد عبر شبكة من العلاقات الدلالية والبنائية. بحيث نجد أنفسنا ـ في الغالب ـ أمام نسبج روائي لصيق بالواقع يعيد صياغته في بناء تخييلي خاص"6 ، وبالتالي فإن الرهان في الكتاب يتجاوز هذا التراكم، وذلك من محاولة توصيفه إلى إعادة كتابته استقرائيا، إذ أن الجانب المرتبط بالاشتغال على التقنيات السينمائية، نجده يهم بالدرجة الأولى التمثلات البصرية، التي استطاعت أن تحول المنتوج السردي إلى لغة انزياحية، تستند إلى أدوات بلاغية تهدم العلاقة الكلاسية بين النص والواقع، ثم تبنيه من جديد على أساس خلق نوع من التفاعل بين النتاج والآليات التقنية المعبرة عن دلالات معينة، وفي هذا الصدد، يقول الباحث:" ... لجأ الروائيون إلى استعارة بعض التقنيات السينمائية كالمونتاج واللقطات المكبرة والمصغرة والمتوسطة، والانتقال السريع من مشهد إلى آخر..."7 ، لمنح الكتابة الروائية مساحة من التدفق المعجمي والدلالي والتداولي، وهو ما نجده أبضا في اعتماد السرد لبناء الموسيقي، بحيث لم يعد النص بنية خطية مكتوبة على الورق فقط، بل أصبح جماعا من النغمات اللحنية المكونة لسيمفونية تتناغم فيها الأصوات والأفعال والوضعيات والحالات، وهو ما يبعد الرواية عن الابتذال وعدم الاستساغة الفنية، ففي بعض السرود نلاحظ ثرثرة عقيمة تستدعي شروحات خاصة بالموسيقى، وهي غير ذات قيمة تذكر أو وظيفية، أما بالنسبة للرسم والفنون التشكيلية، فالرواية انسجمت مع ضرورة الاهتمام بالصورة، وهو ما حفزها على إعادة قراءة الخطاب البصري وموروثاته، وهكذا تم التركيز على الحواس والألوان والكتل والأحجام والمنظور والضوء والخطوط والظلال والأبعاد والإطار والإلصاق، والبحث في المواد المستعملة وغيرها، لذا باتت الرواية عند البعض بمثابة لوحة فنية أو منحوتة تنضح بجمالية أخاذة.
وفي قراءته للعلاقة التي جمعت بين الرواية والمسرح، تمكن من بسط وجهة نظر، تتمثل في الربط بين الكتابة الروائية والمسرحية، أو بين صيغ الوعي الروائي وصيغ المنجز المسرحي الذي هو مستمد من عناصر تمسرحية قابلة للمسرحة، لأن الرواية قد تتم مسرحتها بواسطة ما يمكن أن يحصل لها في المدونات الأولى، وهذا عمل تشترك فيه مع طرائق الإعداد القبلية، أي عندما ينظر في المحاولات الدرامية المشكلة من العمل الدراماتورجي، خاصة عندما يتم الانتقال من المدونات القبلية الأولى إلى الختامية، وهكذا تستثمر الرواية الحوار والأقنعة والتقطيع المشهدي والحركات والأصوات والعلامات، وذلك من خلال تنظيم فضائي يعتمد سينوغرافيا تتآلف فيها الإرشادات المسرحية لتحقق بذلك تناغمها في هندسة النص الروائي.
هذا الاشتغال على التقنيات المسرحية التي لها خصوصياتها الفنية والجمالية، يخلق أسلبة جديدة تراهن على منح الخطاب الروائي متسعا ممكنا للتعبير عن التجربة الانسانية ومتطلبات حاجات العصرالضرورية، إذ يفترض أن تستوعب الكتابة الروائية كافة التقنيات الدرامية، باعتبارها آليات تنجز دلالات استعارية ومجازية غير قابلة للنمذجة والأحادية، وبهذا ف" إن دلالات النص تمتح دراميتها من داخل المقام التلفظي ومن أبعاده وجذوره السينوغرافية التي تلعب دورا وظيفيا في تفعيل الأحداث"8، بحيث لا تقتصر على اللغة السردية المنتهية في لحظة القراءة، بل تتجاوزها إلى لحظات شفهية ومكتوبة إيقونيا ، وذلك من أجل تفعيل ميكانيزم الفرجة الذي تتعدد في تلقياته القراءات والتأويلات.
إن الرواية العربية، حين تستثمر عناصر المسرح، تنزاح عن قوالبها الكلاسية والرومانتيكية، وتتبنى بذلك أشكالا حداثية تساعدها على خلق لغة إبداعية متطورة وحركية غير ثابتة أو محنطة، ومن بين أهم الطروحات التي عرضها الكاتب بخصوص التو ضيف المسرحي والاشتغال على تقنياته ضمن المنجز الروائي، نقف على بعضها ، وهي على الشكل التالي:
ـ اهتمام المتلقي بالمشاهد والاستمتاع بها، إلى درجة أنها تصبح طيعة وفق قانون الانتقال من التأسيس والتأصيل إلى التطوير والتجديد بتفعيل التعليقات و الحوار وتوظيف ما يمكن تسميته بالنصوص الموازية التي تسعى إلى استثمار عناصر القوة ضمن الفضاء الدرامي و السينوغرافي والمشهدي في المسرح وتوليفه حسب تقطعات الكتابة الروائية وامتداداتها الحكائية، نموذج رواية يحدث في مصر الآن ليوسف القعيد.
ـ تقليص المكتوب على حساب منح العين الدور الوظيفي في التصوير والضبط الفضائيين، لهذا فالرواية يمكنها أن تستعد لقبول التوليف الدرامي، خاصة أنها تنطلق من آليات المسرحة كالإضاءة والمؤثثات الركحية، وبهذا فهي منفتحة على عناصر خارجية مكملة للملفوظ الروائي، مثلا الأصوات والأضواء وفضاء البيت والشخوص والإشارات الجسدية وتبئير الحوار ضمن نسق الكثافة السردية، نموذج تحريك القلب لعبده جبير.
ـ استثمار مكون الحوار كآلية تعبيرية من طرف الشخوص، ودفعه إلى رسم معالم الأدوار والمسرحة والأحداث، نموذج يوميات سراب عفان لجبرا إبراهيم جبرا.
ـ وضع الكتابة الروائية مقابل الكتابة المسرحية التي تعتمد التقطيع المشهدي، إذ تخرجه من انسيابيته السردية وتجرفه نحو الحركية السريعة، التي تلتزم باللعب المسرحي من خلال إعادة إنتاج العوالم المتخيلة دراميا، والمتحققة سيميولوجيا وسينوغرافيا، نموذج ونصيبي من الأفق للعبد القادر بن الشيخ.
ـ اعتماد التداعي والتذكر والحوار، بحيث يمكن للتجربة أن تنفتح على الكتابة المفتوحة على خصوصية الروائي والمسرحي إضافة إلى تقنية كتابة السيناريو الفاصلة بين المنطوق والبصري، وبما أن هذه الرواية اشتغلت على القضية الفلسطينية، فإنها لم تجعلها مقحمة وزائدة، بل وظفتها كمضمون ساهم في إرساء بناء النص الدرامي وتقوية نفسه ودعم إيقاعه، نموذج ملف الحادثة 67 لإسماعيل فهد إسماعيل.
ـ يضع الكاتب استنتاجا عاما في النهاية يقدم من خلاله العلاقة التي جمعت بين الرواية والمسرح على مستوى الكتابة والتفاعل، يركز فيه على العناصر، هي: الحوار المسرحي، و المونولوج، والمشهد، والملابس والديكوروالإنارة، والتوجيهات الركحية، والبناء أو التركيب المسرحي.

خاتمة

إن الوعي بالكتابة الروائية وهي تنفتح على السمعي ـ البصري، كامن بالدرجة الأولى في مدى قدرة المبدع الروائي على تحمل مشاق البحث في أحراش المتون السردية الحديثة، بمختلف مشاربها وطرائقها التداولية، وطبيعة أساليبها المنتهجة والمبتكرة، لذلك فكتاب الأستاذ الدكتورحسن لشكر يمكن اعتباره مدونة نقدية تنزع نحو إعطاء الرواية العربية مكانتها الخاصة، وذلك بفضل محصلات المغامرات وارتياد الآفاق الرحبة والمجهولة لاكتشاف مكامن القوة والضعف في الوعي السردي الحديث والاشتغال على المتخيل المتعدد، وبما أن هذا الخطاب لم يتم الإلماح إليه ضمن المؤلف، فقد ورد في البداية، يقول الكاتب:" إنه خطاب متعدد الأبعاد والأنساق يستخدم وسائط تشخيصية متعددة لبناء المتخيل، كما يشغل عدة أنماط معرفية مستوحاة من علوم ومعارف وفنون مختلفة( علم نفس، الخطاب الإيديولوجي، تاريخ، سياسة، أسطورة..)لإثراء العالم الدلالي وتخصيب فعل القراءة"9. هذا المؤشر يدفعنا إلى إعادة التفكير في التناول النقدي للسرد الحديث، وذلك من زوايا مغايرة تحرص كل الحرص على تمايزه وتفرده واختلافه.

قديم 05-20-2012, 04:16 PM
المشاركة 619
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
(أسئلة الأدب التونسي)
هادي دانيال والبحث عن أجوبة شافية «2»
عبد الرحمن مجيد الربيعي



شكلت الحوارات السبعة التي أدرجها المؤلف تحت عنوان (مبدعون ونقاد) المحور الأول الذي نجد فيه عنصري التنوع والاختلاف، مثل العروسي المطوي وعلي اللواتي أو عبدالقادر بن الشيخ ومحمد لطفي اليوسفي أو عمر بن سالم ومصطفى الكيلاني إضافة إلى الأب جان فونتان.
آنذاك في أوائل الثمانينيات عندما وفد الكاتب إلى تونس كان القسم الكبير من هذه الأسماء حاضراً لذا ذهب إليها وحاورها (العروسي المطوي، علي اللواتي، عبدالقادر بن الشيخ وعمر بن سالم) ومعهم الأب جان فونتان، ثم أضاف إليهما الاسمين الأفتى محمد لطفي اليوسفي ومصطفى الكيلاني، وبذا تكون هذه الحوارات أقرب إلى الشهادات، لا سيما وأن الكاتب وقبل أن يحمل أسئلة إلى أي اسم من الأسماء التي حاورها قرأ نتاجها ثم دوّن أسئلته، وأعتقد أن الحوار بعد قراءة هو المطلوب حتى لا يكون الحوار من طرف واحد فقط، عليه المحاوَر - بفتح الواو - ويتقبله المحاوِر - بكسر الواو - على علاته. كما أن المؤلف ولحكم عمله الطويل في الصحافة وجدناه يبحث عن الأجوبة المثيرة (حوار المطوي) تحت عنوان: (أؤمن بالجن) مثلاً. وهذا الحوار طويل وفيه معلومات مهمة عن الرجل وأفكاره، وكذا الأمر مع (علي اللواتي) الأديب المتعدد والذي عرف في البداية شاعراً ومترجماً، ثم ناقداً تشكيلياً قبل أن تعرف أعماله في الدراما التلفزيونية التي شكلت نقلة مهمة في الدراما التونسية، أو أعماله الغنائية (بالدارجة التونسية الشفافة) والجانب المهم في هذا الحوار ما كشفه عن خلفيات اتهامه لأدونيس حول ترجمته لسان جون بيرس، وكان مقاله في هذا الشأن تحت عنوان مثير: (إعدام خطاب شعري: أو جناية أدونيس على سان جون بيرس) لكنه وفي جوابه عن الأمر رفض أن يزج باسمه في الحملة المضادة لأدونيس في المشرق العربي بشكل خاص. ثم يستدرك ويقول: (وفي اعتراضي على أدونيس لم أفترض أو أستنتج شيئا ما خارج المقارنة بين نص الترجمة والأصل الفرنسي، ولم أخلص إلى أي حكم عام على شعر أدونيس وآرائه). وجاء الحوار مع عمر بن سالم أحد آباء السرد التونسي الذي يقيم بين فرنسا وتونس حالياً معمقاً وثرياً يشكل مدخلا لمعرفة هذا الكاتب الذي أنجز مدونة متعددة في الرواية والقصة القصيرة والمسرحية، ولعل جوابه الأخير الحامل لكثير من الخيبة يشكل مفارقة كبيرة عندما يقول: (ثمة أصدقاء يعرفونك وتعاشرهم طيلة عشر سنوات وتفاجأ أنهم لم يقرأوا لك شيئا خاصة أنهم من الوسط الإبداعي، وأنك أهديت لهم كل ما طبعته من كتبك، هذا يبعث في النفس شعوراً مراً).
ويذهب في حوار تالٍ إلى الأستاذ الجامعي عبدالقادر بن الشيخ الذي كتب رواية واحدة شدت الاهتمام وتحولت إلى فيلم سينمائي هي: (ونصيبي من الأفق)، أو كما يصفها المؤلف في بداية هذا الحوار (رواية واحدة كانت كافية لاعتباره من أبرز الروائيين التونسيين المعاصرين. ورواية طرحت إشكالات عديدة على صعيد البنية الروائية شكلاً ولغة وأسلوباً ومضموناً)، وهذه الرواية كانت المسوغ للحوار والمحور الأساسي له. ونلاحظ أيضاً أن الخلفية الصحفية للمؤلف جعلته يختار لهذا الحوار العنوان التالي: (عبدالقادر بن الشيخ: أفكر بالفرنسية وأكتب بالعربية) حيث يعترف الرجل للسائل قائلاً: (سأقول لك، أتحدث الآن إليك، وأنا أفكر باللغة الفرنسية، وأجد صعوبة كما ترى وتلاحظ في نقل أفكاري إليك لأني أترجمها فورياً إلى العربية عن الفرنسية في ذهني قبل أن ينقلها لساني).
ثم هناك حواران مع الأستاذين الجامعيين والباحثين المعروفين محمد لطفي اليوسفي ومصطفى الكيلاني. وكان الحوار مع الأول منطلقاً في كتابه (في بنية الشعر العربي المعاصر) ولما كان السائل - المؤلف شاعراً جاءت أسئلته في العمق وهي أقرب إلى كونها نقاشاً منها إلى أسئلة.
أما الحوار مع الكيلاني فعنوانه أيضاً يحمل الإثارة عندما يقول: (لا أعدّ محمود المسعدي روائياً)، ويبدأ المؤلف حواره بمعلومة مهمة هو أنه لم يلتق بالكيلاني ويصبح صديقاً له إلا في بغداد بعد حرب الخليج 1991م حيث شاركا معاً في مهرجان المربد الشعري، لكن المؤلف قرأ للكيلاني عدداً من أعماله قبل هذا. ونجد أن إيمان المؤلف بإبداع الكيلاني دفعه لأن يعهد إليه بكتابة التقديم الوافي لأعماله الشعرية التي نشرها في مجلد واحد بتونس (دار صامد - صفاقس). والكيلاني -وهو الجامعي- يرى في الحوار هذا بأن الكارثة الحقيقية في نقدنا الأدبي العربي اليوم أننا أمام كم هائل من النصوص والتجارب الإبداعية. إلا أن مؤسساتنا البحثية من جامعية وغيرها وجحفل أساتذتنا وباحثينا تبدو عاجزة عن استقراء هذا المتراكم وتوصيفه وترتيبه، والنفاذ إلى سحر أسراره لإثبات فاعلية هذه الأمة التي هي أمة حقاً رغم الادعاء السائد بأنها غير قادرة على شيء.
إن عدد شعرائنا وروائيينا ورسامينا ومسرحيينا وسينمائيينا وعلمائنا في شتى الحقول يؤكد على أنها أمة عظيمة رغم تخلفها السياسي والاجتماعي.
ثم كان الحوار الأخير مع الأب جان فونتان الذي يقدمه المؤلف بقوله (قد تحبه أو لا تحبه هذا شأنك. لكنك لن تكون موضوعياً أو عادلاً إن أنكرت فضله على الأدب التونسي كمؤرخ وموثق في الأقل. بل إنه كان في فترة سابقة أحد أبرز مفاتيح خزانة الأدب التونسي لمن يريد أن يطلع ويبحث ويتعرف وينهل).
ولكن للأب فونتان آراءه وقراءاته وعنايته بأسماء دون غيرها. وهو ومن خلال حياديته خرج بأحكام معينة لا يملك المطلع عليها إلا احترامها.
ثم يأتي بعد هذه الحوارات السبعة الموضوع القديم - الجديد (تونسياً) وهو (حركة الطليعة الأدبية التونسية) وهل هي (جنحة على الأدب العربي أم جناح له؟) -كما ورد في العنوان- وقد أنجز المؤلف هذا الموضوع كاستبيان أجاب عليه كل من الشاعر والباحث الطاهر الهمامي والناقد أحمد الحاذق العرف والشاعر محمد مصمولي والكاتب فتحي اللواتي.
وبدا لنا أن الجواب الوافي جاء من (الطاهر الهمامي) ربما لكونه قد تعمق في الموضوع أكثر من غيره بعد أن أعد رسالة جامعية (ما يوازي الماجستير في المشرق) ومما قاله في جوابه (إن حركة بحجم - الطليعة- لم يكن في مقدور أياً كان من ساسة اليمين أو اليساء اصطناعها مثلما تصطنع -الحركات- اليوم على يد طبقة تستطيع تمويل مصانع ومختبرات ومراكز برمتها لفبركة وتلميع نجوم الفن والرياضة والسياسة. وصنع المدارس والنظريات الفكرية والجمالية تم إغراق العالم بها مثلما البضائع والرساميل وأنماط العيش. تشابكت عدة عوامل ذاتية وموضوعية لإفراز حركة الطليعة).
ويصل الهمامي إلى القول بأن(الهاجس الذي كان يستبد بالكثير من أصواتها بقطع النظر عن مدى تأثير المؤثرات المذكورة والبصمات التي خلفتها هو هاجس نشدان الفرادة عن طريق الخصوصية القطرية).
ويواصل الهمامي الحديث الدقيق هذا بقول: (وسيقترن تفرق شمل الحركة وتلاشيها بعوامل من بينها سقوط التنظيرات الإقليمية في صفوف اليسار بعد التصحيح الخطي الذي شهده حوالي عام 1974م حيث عاد الاعتبار للمسألة القومية تحت ضغط الصراع الدائر تونسياً وعربياً مع الامبريالية والصهيونية وعملائهما).
أما الناقد أحمد حاذق العرف فيرى أن تقييم حركة الطليعة (لا يخلو من الأحادية بل من التجني) ويرجع هذا إلى (ما شهدته في مجرى تطورها التاريخي من الخرافات دون التوقف عند إنجازاتها). ثم يصل إلى القول بأن حركة الطليعة (تبقى حلقة مضيئة في تاريخ الأدب التونسي الحديث) ذاكراً الأسماء التي (خرجت من معطفها) - على حد تعبيره- وهي: (عزالدين المدني، سمير العيادي، محمود التونسي، الطاهر الهمامي، الحبيب زنّاد وفضيلة الشابي).
أما محور الكتابة النسائية بتونس (حقيقة أم وهم؟) فقد جاءت الأجوبة لتؤكد أنه (حقيقة) بدليل هذا الحضور المميز للكاتبة التونسية منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى اليوم.
كتاب الشاعر هادي دانيال هذا تميزه حيويته وكم الاستفزاز المقترن بالتوثيق، ومساءلة ما مضى نشداناً لإضاءة الآتي.
- صدر الكتاب من منشورات نقوش عربية - تونس 2008 عدد الصفحات 152 صفحة من القطع الكبير.

قديم 05-20-2012, 04:19 PM
المشاركة 620
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
للاسف المعلومات المتوفرة حول هذا الكتاب الفذ ضئيلة وعليه سنعتبره

مجهول الطفولة.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 39 ( الأعضاء 0 والزوار 39)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 03:10 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.