قديم 07-19-2013, 04:41 AM
المشاركة 41
صفاء الأحمد
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كل عام وأنتم بخير
أهل المنابر
أستاذة صفاء شويات
تهنئة من أعماقي على نجاح فكرتك التي عملت عليها
بدأب وإصرار كي ترى النور وتكون جديدة بفحوها و
ومحتواها .. جريئة بالقدر الذي تخاف الفشل فيه, فقد
لاقت أوسع طرق النجاح ..
تابعي و نحن معك .. أديبتنا الراقية

الأستاذ القدير محمد فتحي المقداد ..
كل عام وأنت بألف خير .. وشكرا لك من الأعماق .. أنت وكل آل منابر ممن ساهموا في إنجاح هذا العمل ..

لولا إبداعاتكم لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه ..

مودتي نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



أدرتُ ظهري للشفق ، وسرت بخطٍ موازٍ للنور ،
و كأنّ المغيب لا يعنيني !!


قديم 07-19-2013, 10:17 PM
المشاركة 42
صفاء الأحمد
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
لن يفوتني أن أرحب بـ زوار المعرض المتواجدين الآن وقد تجاوزوا الـ 100 نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



أدرتُ ظهري للشفق ، وسرت بخطٍ موازٍ للنور ،
و كأنّ المغيب لا يعنيني !!


قديم 07-20-2013, 02:24 AM
المشاركة 43
محمد غالمي
كاتب وقاص مغربي
  • غير موجود
افتراضي
الأخت صفاء.. سعي محمود مشكور، مادامت الغاية نشر المعرفة بين محبيها والجادين في ركبها..
تحياتي لك
محمد غالمي

قديم 07-20-2013, 03:15 AM
المشاركة 44
صفاء الأحمد
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأخت صفاء.. سعي محمود مشكور، مادامت الغاية نشر المعرفة بين محبيها والجادين في ركبها..
تحياتي لك
محمد غالمي

شكرا جزيلا لكَ أستاذ محمد نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

و ألف تحية لقلبك من أعماقي ..

مودتي .



أدرتُ ظهري للشفق ، وسرت بخطٍ موازٍ للنور ،
و كأنّ المغيب لا يعنيني !!


قديم 07-29-2013, 02:16 PM
المشاركة 45
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كنت قد توقعت ربما كمعظم الزملاء عدم تحقق هذا الحلم بناء على تجارب سابقة ونظرا للمجهود المطلوب واتصور انه ما كان له ان ينجح لولا هذا الجهد الهائل الذي وضعته صفاء في المشروع.
جهد طيب ورائع بحق.

ولاستثمار هذا النجاح بمزيد من النجاح عندي اقتراح ارجو ان تتباه الاستاذة صفاء ضمن القسم الفرعي وهو الاعلان عن مسابقة لافضل قصة قصيرة يكون بطلها يتيم، وبحيث يتم فتح باب المشاركة لكل كتاب منابر واي راغب في المشاركة شرط المشاركة في منبار كعضو ومنحهم 3 اشهر لتقديم انتاجهم اعتبارا من تاريخ اطلاق المسابقة. بالنسبة للجوائز تكون عبارة عند درع من خشب الزيتون مكتوبىعليه اسمةالفئز ويتم نشر القصص الفائزة الثلاثة الاولى بشكل مميز.
وربما نرتب لمسابقة اخرى لاحقا لافضل رواية يكون بطلها يتيم.

قديم 07-30-2013, 03:26 AM
المشاركة 46
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

صحوة في طي الخراب / محمد غالمي .

وبعد شدة وعنت سكنت الأجواء وهمد الكون من صلصله الرجوم الناسفة، ودوي الرعود المزمجرة المنسابة من مؤخرات الطائرات وفوهات الدبابات. كانا بدورهما يدبان في خطى متثاقلة، خائري القوة كسائح غريب زاغ عن سربه، فانتهى إلى مفازة نفد فيها القوت وغاض في جوفها الماء. انقلب المكان إلى شبه لوحة ليس في رحابها سوى الموت يركن للراحة بعدما ظل يخبط كالعشواء.. بدا ركام العمارات المنهكة في هيئة أشباح مزعجة.. ثمة بقايا من جذوع النخيل المفحمة، وهنا وهناك تناثرت هياكل سيارات ودبابات بعد أن قضت حرقا.. ونصب القائد الفولاذي يهوي وتتلاشى أوصاله. جابا الشارع في حذر إلى عمارة تداعى شقها، ودخل الثاني في حالة احتضار.. آثرا أن يربضا عند قدمها خلودا لقسط من راحة، ريثما يخف جسماهما المرهقان من فرط سعي مجهد، فرضته ديمومة جائرة.. وضعا سلاحهما جانبا واندمج كل منهما في أسر عالمه الخاص.. ما خطر للسيد كارمن على بال أن يجد نفسه يوما منفصلا كرها عن الأحضان الدافئة في مونتريال، مقودا قسرا إلى جنة الموت المسكرة في الأدغال.. مرميا بالمظلة في طي هذه الربوع الموحشة.. آه ما ذنبك ليقوض الجبابرة أحلامك ويسوقوا حمامتك إلى مذبح العار؟ يا ليوم الفراق ذلك!.. أمه العليلة وأخته اليافعة الوحيدة، دون غيرهما، من استأثرتا بكامل خاطره واستبد طيفهما بهواجسه وسائر جوارحه. استعاد بعض وعيه، فاستوقف زميله الذي راح يدخن في شراهة ويشكو من حين لآخر فراغ بطنه، وجعل يسائله في همس ساخر بعد أن أطلق في الهواء زفرة تحكي عن ألم دفين:

ـ كيف تلفي نفسك في هذا الربع الخالي يا نطالي؟!.. افتح عينيك عن آخرهما وتمل في ما حولك.. أليست هذه هي الجنة التي بها وعدنا؟!!..(وألفت انتباهه لعويل صبية وطلق مدافع).. اسمع ـ إن أسعفك سمعك الذاوي ـ لزغاريد النساء ونشيد الصغار!! وأرهف السمع لدعاء الشيوخ يمجدون خطوة النصر والظفر يا نطالي!! انظر إلى الصبايا كيف جللت فرحة نزولنا صفائح وجوههن الوهاجة؟!.. وكيف عانقننا بباقات الفل والياسمين!! اسمع لهتافهن.. يا مرحى، يا مرحى بالفجر يبسط غلالته الشفافة..!! ويا هلا بنسائم الهواء تتدفق فتملأ الرئات الجافة..!! أجل يا نطالي، في عيونهم توق إلى حقائبنا الممتلئة عن آخرها بالحرية!.. إن الحقائب المحمولة على ظهور الدواب الحديدية لمقطع مغر من سامفونية الطيور الجارحة .. آه ، ما أقصى أفئدة الذوات المشحونة بالصوان والجرانيت يا زميلي!.. يا لسخرية الأقدار! ضحك على الذقون في واضحة النهار.. خرج نطالي عن صمته، بعد أن دعك ثمالة السيجارة بمقدمة حدائه العسكري ونطق بلهجة متراخية.. أشعر بألم في بطني يا كارمن.. أحسست بجوع فظيع ينهش أمعائي. اختزلت نظرات كارمن كل معاني الخزي والرثاء، وظل على هذه الحال يتفرس في وجه وشحته البشاعة والبلادة، في جمجمة محشوة بالأماني الخادعة. لم يأبه نطالي لهذه الأشعة الحارقة المنسابة من عيني زميله، واستطرد كمن أفاق بعد إغفاء.. يؤلمني أن أراك متضجرا ممعنا في الشكوى إلى منتهى الحدود يا كارمن! هلا عدت إلى صوابك، وطردت عنك ذيول اليأس التي أجهزت على نفسك، حتى تبدت لك الجنة ربعا خاليا ومفازة موحشة؟ تشبث بحبل الأماني يا صاحبي.. غدا أو بعد غد يهدأ الوضع، وينبلج الفجر مشعا الربع الخالي بأنواره ونسائمه الندية.. وما أدراك ـ أنت الذي جئت من أقاصي الأرض برتبة كابرال ـ بأن تعود غدا برتبة أرقى فينظر إليك بإعجاب وإكبار، ويردد الناس والمعارف: عاد اليوتنان كارمن من المعركة غانما!.. فما رأيك، أو لازلت غاضبا؟

ـ فيم يجدي الغضب؟.. لو كان الغضب قادرا على أن يمنحني جناحين لما ترددت في التحليق عاليا..

وعاد نطالي إلى سالف أحلامه السرابية مغريا رفيقه بجنة من وهم، من دون أن يذري بأنه موجود الآن في مكان افترع كبرياؤه، وزمن احترق ربيعه:.. البس رداء التفاؤل واستيقن بأنك ستحلق غدا على متن الطائرة وتجوب الشوارع بالسيارة الفارهة.. البنزين تحت قدميك وبنات دجلة ونسائم الفرات طوع يمينك!!

لم يزد كارمن عن قوله متذمرا: .. يا من زاغ عن دائرة الوعي وارتمى في أحضان المجاهل المريبة.. يا مغرورا بلسان من ينظر إلى واقع الناس بعيون رمداء!

ولهج نطالي: .. يا حبيبي كارمن، خفف من جنوح لسانك..احذر أن تجاهر بهذا الكلام حتى لا تتعرض لضربة شمسية تباغتك بها عيون الصقور التي لا تنام... آي! آي..!

ـ ما ذا أصابك، نطالي؟

ـ الجوع.. الجوع..

ـ انصرف إلى واحدة من هذه الدور المشرعة الأبواب عسى أن تعثر على ضالتك..

ـ هل يسعفني الحظ فأضع يدي على أرنب حية مذعورة عالقة بين الأنقاض؟

ـ وما حاجتك لأرنب حية مذعورة؟

وتمادى نطالي يهدر بما تمليه عليه نواياه الملوثة، مصطنعا أنات متقطعة، مادا في ذات الوقت أنامله أسفل بطنه تعبث في حركات شاذة.. جوع آخر خبيث حارق! لا يرحم يا كارمن..آي.. آي..

فطن كارمن للنوايا الشريرة واكتفى بأن نبس: ـ جرب حظك.. أما أنا فقد أنهكني الإرهاق وأرغب في أن أخلد لنوم عميق.. سألج باب هذه العمارة عسى أن أجد مضجعا آمنا ولو بين أنقاضها..

وانساب نطالي كالكلب الجائع هائما في دنيا الظلام، بينما سعى كارمن في تخطي الحجارة والأتربة.. تمكن بعد لأي من تجاوز الأنقاض، فألفى نفسه على أبواب غرفة لم يطلها النسف والتدمير. تقدم نحو الباب المشرع في خطى وئيدة حذرا كمن يمشي على سطح غرفة مهترئ.. مد عنقه ذات اليمين وذات الشمال خيفة وتوجسا.. أثاره سرير راكن في الوجهة المقابلة.. اشرأب بعنقه مندهشا وتبث بصره على جسد ممدد لا يبدو منه غير الوجه يحفه شعر بني ناعم. مد قدمه اليمنى إلى الأمام معتمدا بيده على لوحة الباب المائلة، فتداعى فجأة جزء من السقف ليجد كارمن نفسه عالقا بين العمد الخشبية كفأر وقع في المصيدة. وعلى الرغم من الألم الذي يكابده ، فقد شعر في هذا الخضم بوحشة مرعبة، انقبضت أنفاسه ولم يعد قادرا على تشخيص دوره في مسرحية عبثية تندر بالويل والثبور.. طاوعته نفسه أن يصيح طلبا للغوث بيد أن لسانه المنعقد خذله.. ومن يسمعه حتى ولو أفلح في تمرير رسالته؟ ندى السامرائي دخلت في غيبوبة حادة منذ تسرب إلى أذنيها دوي النار الذي قصف البيت ووارى الأحبة تحت الثرى في غير ميعاد. وتلاشت إغماءتها وأمست في وضع من أبصر بعد عمى.. واستوت على حافة السرير تنظر إليه في صمت وعيناها المنزعجتان تشعان دهشا واستغرابا.. وفكت عقدة لسان كارمن وخفت وطأة آلامه، وكأن هذا الوجه الصبوح قد شفى بنوره الوهاج كلوم نفسه وندوب جسمه، ومنحه بعض الأنس والدعة.. حرر يده من تحت لوحة خشبية عتيدة وجعل يلوح ناحيتها ويهتف في ما يشبه الهمس:

ـ هبي يا طفلة، مدي لي يديك وأسعفيني ما استطعت إلى ذلك سبيلا..

قامت من على السرير فخطت نحوه منزعجة في صمت مريب، وتفرست في وجهه فنبست قبل أن تمد إليه يدها: ـ من تكون أيها الأشقر الغريب؟ ما الذي جاء بك إلى دارنا؟

ـ فكي قيودي أولا قبل أن يذوب جسمي وينطفئ مصباح حياتي..
ظ
وخلصته بعد لأي من عقاله، فنهض وشد براحتها فانقادت له وشرعا في اجتياز امتحان الأنقاض ولسان حاله يردد.. لن نتخلى عن بعضنا لن أتركك لقمة سائغة للعقبان الهائمة في حمى الغير.. أربأ بنفسي أن أسخر عقابا، أو كلبا صيادا يعزز حفلة قنص دنيئة في حمى الغير..

وسألته ندى ببراءتها المألوفة: ـ إلى أين يا هذا؟ ألا تهاب اللصوص وصعاليك الليل؟ إنهم كالفطر منتشرون في كل مكان..

ـ لا تخافي شيئا صغيرتي.. سوف أحاربهم سرا وعلانية.. خلعت العباءة تحت سياط الضمير

ـ كيف تكون محاربا بلا سلاح؟

ـ سلاحي مدفون في خبايا نفسي.. لن يشق على عقاب مثلي اختراق بني عمومتي! لن أتوانى في تكسير مناقيرهم ومخالبهم..

وفي اندهاش نبست في همس متسائلة:

ـ أ أنت عقاب يا هذا؟ ـ أبدا صغيرتي.. خلعت العباءة تحت سياط الضمير. وجازا منعطفا مفضيا إلى الشارع الطويل.. ما يزال ممسكا بساعدها يواصلان السير إلى.......


تحية صادقة لأستاذنا الكبير محمد غالمي

حقيقة أن تشارك قامة سامقة من طينة الأستاذ محمد غالمي في المعرض فهو تكريم وتشريف بالغ الأثر للأخت صفاء الشويات و كذا لكل المشاركين في المعرض بإبداعاتهم ونصوصهم سواء حظيت بالعرض أو تنتظر فرصتها للظهور ، هي أيضا إعلاء لهذا المنبر الشريف و إكبار لمجهوداته للرقي بمبدعيه و إنتاجاتهم الأدبية . أستاذي الفاضل تقبل تقديري .

من العنوان صنع لنا أستاذنا الحياة من الموت ، صحوة ضمير و استفاقته في لحظة جموح الدمار و انتشار الخراب و طغيان الثأر والجشع .
كارمن نموذج إنساني لمن غرر به و وتم حشره في لعبة قذرة ما إن تجلت خيوطها حتى انتفض وجدانه و استرجع ذاكرته ، وموضع نفسه في الحدث ليجد نفسه رهينة كيد و خداع جرفته خيوطه المنسوجة بدقة مستغلة سذاجة الشباب والجهل بألعاب الكبار .
كارمن هو تلك الروح الإنسانية التي تسائل صناع الموت والغزاة و أهل الطغيان ، وتعري تلك الذرائع الواهية التي يبررون بها عدوانهم ، روح محبة للسلام و الأمن ، هل يحتاج إلى تدمير المباني و حرق الزرع والنسل و و تشريد الأسر لكي يحضر الدواء لأمه العليلة و يؤمن حياة كريمة لاخته اليافعة و لنفسه . هذه المفارقة ليست عادلة حسب ميزان إنسانيته ، صدمه واقع الحرب المخالف لتلك الوعود الجوفاء ، استقبال بالورود واحتفالات بمقدم الحرية ، ليجد صدورا عارية تستقبل الرصاص بفخر و تموت من أجل الوطن ، وجد من يفتدي عرضه بنفسه و ماله و حياته ، وجد أناسا تملؤهم العزة صنعوا ويصنعون الحضارة الإنسانية ، وجد واقعا مخالفا لما شحن به ذهنه من لقطات هليودية ، وجد ثقافة و عمارة و تاريخا و إنسانية ، عندها قرر الاصطفاف إلى جانب المظلوم محاولا إحياء إنسانيته المفقودة .

نطالي نموذج لانسان تملكه جنون القوة ، إنسان مستعد لمحق كل المبادئ من أجل ثقافة عدوانية (مادية) مفادها أن الغاية تبرر الوسيلة ، إنسان يفكر في الترقية على حساب آهات الضعفاء ، و الإغتناء على حساب قوت الفقراء آدمي في صورة وحش فتاك ، مستعد لتصديق الوهم على حساب المنطق ، كل همه شهوة بطن وفرج و جنون عظمة وقوة . إنسان دجنته الدعاية فأضحى عبدا لمقولاتها ، إنسان عطل الفكر و التدبر و القراءة السليمة للواقع . إنسان فقد إنسانيته .

النص يحيي تلك الآمال الجميلة ، أنه يوما تعود فيه الإنسانية إلى رشدها وتقفز على تلك الحواجز الوهمية التي صنعتها قلوب مريضة مهووسة بالاستبداد والعدوان و تصدح دعايتها بالعدل والتسامح والحرية نفاقا .
النص يفتح نافذة في الجرح العربي الذي يزداد عمقا يوما بعد يوم .
النص قوي في أفكاره ولغته و حبكته ونهايته المفتوحة .

شكرا لك سيدي .





قديم 08-01-2013, 01:35 AM
المشاركة 47
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حنظله / محمد فتحي المقداد .



الطفل حنظله.. حافي القدمين .. ثيابه رثة.. ترك المدرسة من شدة الفقر, والده لم يستطع أن يفي باحتياجاته من قلم الرصاص والدفتر. دروب العمل معطلة.. والبطالة متفشية, الفقر أصبح موضة أكثرية العرب.
كان حنظله نموذجاً حيّاً ومباشراً لأطفال العرب خصوصاً, وأطفال العالم الثالث عموماً .. لا يشربون كأس الحليب الصباحي كل يوم. ولا يجدون بيضة مسلوقة.. يسمعون عن حليب النيدو.. ولا يرون إلاّ علبته الأنيقة الصفراء في الاستخدامات المنزلية.. بينما يشربون على فترات متباعدة حليب أكياس الوكالة.
مُذْ وعيتُ على هذه الدنيا كانوا يحكون لي عن حنظله, كبرتُ, وبقي هو طفلاً رغم أننا نجايله, سرحنا في متاهات الدنيا, وبقي مرابطاً مكانه, وهو مرابط على ثغرة يخشى أن يخترقها العدو.
تطمئن نفسي ويرتاح قلبي, كلما أراه في مكانه متسمراً في موقعه, رابضاً لا يعبأ بما يجري خلفه, عيناه للأمام, ووجهه للأمام, وصدره للأمام, لا يتطلع للوراء كي لا تضعف عزيمته من حال أمته , تعلّم و ركّز أن تكون رؤيته للمستقبل, وأقسم أنه لن ولن يلتفت للخلف أبداً.
ملامح وجهه مجهولة للجميع, يكذب من يَقول أنه يعرف قسماته, أبوه ناجي العلي الذي يعرفه فقط, وأمه التي أنجبته.
وفي السنوات الأخيرة ومع تطوّر عمليات استنساخ الأجنة وأطفال الأنابيب, فقد قاموا بنسخ أجنة شبيهة بحنظله, لكنها يبدو أنها شكل بلا مضمون, مسخ بلا روح. وقد فاتني أن أستوقف أحدهم عندما مرّ ممسكاً بيد والدته في السوق في محلات الألعاب الإلكترونية, وآخر يركب عربة يدفعها والده بيد, ويمسك بالأخرى ذراع زوجته وهما يتمشيان على الكورنيش والنسيم العليل عند المساء.
وفي محل ألبسة الأطفال رأيت أحد هذه النّسخْ, والدته تشتري له طقماً من الجينز وهو يتفلت من يدها محاولاً العبث بمحتويات المحل, وشدّني الفضول لوسامته الأنيقة, و نسيتُ ما كنت قد جئت من أجله, تابعت ذلك الطفل الأشقر, كأن الشمس قد عبثت بشعره فصبغته بلونها الذهبي, و البحر قد وهب عينيه زرقتهما, حتى انتهوا من شراء الملابس وخرجوا لمطعم الوجبات السريعة "ماكدونالد" وجلس قبالة والدته على الطاولة الملونة, وراح يلتهم الوجبة التي يحبها, بعد أن وضعتها النادلة أمامه.
وما إن مشيت قليلاً في السوق, مررتُ برجلٍ على عجلة من أمره, ويطوّقُ عنقه بالكوفية الفلسطينية, ويمسك طفلاً ما استطعت أن أتبين وجهه, ولكن شكله من الخلف أنبأني أنه حنظله, وكاد قلبي ينخلع وراءه,وأنا أصرخ عليه أن يتركه, إنه ابن ناجي العلي, وكأن صيحاتي كانت في وادٍ سحيق الهوّة, لا أسمع إلا نفسي ورجع الصدى يرّن في أذنيّ, أخيراً أيقنت أنه ليس ابن ناجي, لأنه يركض والفرح والسرور بادٍ عليه, رغم المسافة التي تفصلني عنه في زحمة المتسوقين, يركض بجانب والده الذي يسابق الزمن بخطاه الواسعة ليلحق بموعد مدينة الألعاب.
ناديت بأعلى صوتي... حنظله .. يا حنظله.. وقد خشيت أن يكون هو الذي ببالي, لم يطل الأمر حتى أنجدتني ذاكرتي ونهرتني, وأكدت لي أنه ليس هو..
قالت لي: " إنه هناك لا يزال محتجباً بوجهه عن الجميع, محتجاً على الوضع العربي, ولن يدير وجهه للخلف لأن فلسطين لم تتحرر, وبغداد سقطت, والربيع العربي لم يطل به المقام, حتى تحوّل لخريف دائم , حفظ الطفل وصية أبيه, وبقى مرابطاً على شفير الهمّ العربي المتطاول من طبنجة, والمستطيل حتى رأس الخيمة ".
عُدتُ لرشدي..
انفرجت أساريري..
انشرح صدري. بأعلى صوتي.. ناديت :
راجعين يا بلادي .. راجعين ....


تحية وبعد

قامة أخرى من قامات المنابر أبت إلا أن تحتفي بهذا المعرض الرائع برائعة من روائعها ، أجدني هذه المرة مرتبكا في ردي ، هل أصفق لناجي العلي الخالد في ابنه البار المراقب لكل نكبات أوطاننا المتلاحقة حتى لكأنه أصابته الدهشة فمرة نرى وجهه مصفرا شاحبا من شدة الملمات ، وثارة نراه يرفع راية التحدي معلنا انتفاضته ومشاركته في بعث الآمال في النفوس المكروبة المكلومة ، و أحيانا نراه ببراءة طفولة يداعب ألعابه رغما عن هؤلاء الذين يريدونه فقط طفلا مفجوعا زاهدا عن الحياة ، مرة نراه يصدح حب الأوطان مؤمنا بغد تشرق فيه الحرية و تتعالى فيه الأمجاد . أم أنحني لأستاذنا الكبير فتحي المقداد وأنضم معه في رحلة بحثه عن هذا الصبي الذي قهر الطغاة و انتقموا منه باغتيال والده ظنا منهم أن وفاته ستجعل الفتى يستسلم و يعزف مع العازفين أناشيد الهزيمة والانبطاح والتطبيع مع الأعداء واحتضان التخلف ، و تمجيد الانكسارات .
أستاذي الفاضل أعدت ونفخت الروح في ناجي و آزرت فلذة كبده في نضاله المستمر لغد أفضل و هو ينشر رسالة الحرية و رسائل الحب و رسائل الصمود في وجه كل الجبابرة الذين لم ولن يجدوا يوما طريقة لإسكاته ومحاصرته و النيل منه ، لأنه صوت الحق و صوت العزة وصوت الضمير الحي ، الذي لن يموت في الأمة رغم كل الآلام والجراح التي تتناسل فيها .

تقديري لكم و تحيتي لهذا العمل الشامخ .





قديم 08-01-2013, 02:35 AM
المشاركة 48
محمد غالمي
كاتب وقاص مغربي
  • غير موجود
افتراضي


تحية صادقة لأستاذنا الكبير محمد غالمي

حقيقة أن تشارك قامة سامقة من طينة الأستاذ محمد غالمي في المعرض فهو تكريم وتشريف بالغ الأثر للأخت صفاء الشويات و كذا لكل المشاركين في المعرض بإبداعاتهم ونصوصهم سواء حظيت بالعرض أو تنتظر فرصتها للظهور ، هي أيضا إعلاء لهذا المنبر الشريف و إكبار لمجهوداته للرقي بمبدعيه و إنتاجاتهم الأدبية . أستاذي الفاضل تقبل تقديري .

من العنوان صنع لنا أستاذنا الحياة من الموت ، صحوة ضمير و استفاقته في لحظة جموح الدمار و انتشار الخراب و طغيان الثأر والجشع .
كارمن نموذج إنساني لمن غرر به و وتم حشره في لعبة قذرة ما إن تجلت خيوطها حتى انتفض وجدانه و استرجع ذاكرته ، وموضع نفسه في الحدث ليجد نفسه رهينة كيد و خداع جرفته خيوطه المنسوجة بدقة مستغلة سذاجة الشباب والجهل بألعاب الكبار .
كارمن هو تلك الروح الإنسانية التي تسائل صناع الموت والغزاة و أهل الطغيان ، وتعري تلك الذرائع الواهية التي يبررون بها عدوانهم ، روح محبة للسلام و الأمن ، هل يحتاج إلى تدمير المباني و حرق الزرع والنسل و و تشريد الأسر لكي يحضر الدواء لأمه العليلة و يؤمن حياة كريمة لاخته اليافعة و لنفسه . هذه المفارقة ليست عادلة حسب ميزان إنسانيته ، صدمه واقع الحرب المخالف لتلك الوعود الجوفاء ، استقبال بالورود واحتفالات بمقدم الحرية ، ليجد صدورا عارية تستقبل الرصاص بفخر و تموت من أجل الوطن ، وجد من يفتدي عرضه بنفسه و ماله و حياته ، وجد أناسا تملؤهم العزة صنعوا ويصنعون الحضارة الإنسانية ، وجد واقعا مخالفا لما شحن به ذهنه من لقطات هليودية ، وجد ثقافة و عمارة و تاريخا و إنسانية ، عندها قرر الاصطفاف إلى جانب المظلوم محاولا إحياء إنسانيته المفقودة .

نطالي نموذج لانسان تملكه جنون القوة ، إنسان مستعد لمحق كل المبادئ من أجل ثقافة عدوانية (مادية) مفادها أن الغاية تبرر الوسيلة ، إنسان يفكر في الترقية على حساب آهات الضعفاء ، و الإغتناء على حساب قوت الفقراء آدمي في صورة وحش فتاك ، مستعد لتصديق الوهم على حساب المنطق ، كل همه شهوة بطن وفرج و جنون عظمة وقوة . إنسان دجنته الدعاية فأضحى عبدا لمقولاتها ، إنسان عطل الفكر و التدبر و القراءة السليمة للواقع . إنسان فقد إنسانيته .

النص يحيي تلك الآمال الجميلة ، أنه يوما تعود فيه الإنسانية إلى رشدها وتقفز على تلك الحواجز الوهمية التي صنعتها قلوب مريضة مهووسة بالاستبداد والعدوان و تصدح دعايتها بالعدل والتسامح والحرية نفاقا .
النص يفتح نافذة في الجرح العربي الذي يزداد عمقا يوما بعد يوم .
النص قوي في أفكاره ولغته و حبكته ونهايته المفتوحة .

شكرا لك سيدي .




الأخ العزيز ياسر: تحية صادقة من صميم الأعماق ورمضان كريم أعاده الله بالصحة والطمأنينة والعيش الرغيد عليك وآلك، وجميع أقطاب منابر ثقافية، وعلى رأسهم الفاضلة صفاء على ما بذلته من الجهد في سبيل الرقي بهذا المنبر الأثير..
الأخ الكريم.. عادة لا يتحدث الكاتب عن مشروعه الإبداعي حتى يترك المجال للقارئ العادي والمتميز ليرصد الوقائع ويتتبع سيرورة الأحداث مستنبطا ما يمكن استنباطه. والحق فقد كنت فعلا متميزا بما وضعته من المقاربات وما جلوت عنه من أبعاد دلالية، فإليك والأخت صفاء أجدد اعتزازي وتقديري وكامل محبتي..
محمد غالمي

قديم 08-01-2013, 04:25 AM
المشاركة 49
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
و بعد تأخير بسبب انشغالي الكبير خصصت قسما رئيسيا في المجلة لمعرض قصة منابر ثقافية
و اعتذر لأن هناك لدي مشكلة في لوحة التنسيق فجاءت النصوص غير ملونة او مرفقة بصور مناسبة و ساتلافى هذا العطل قريبا بحول الله ثم بمساعدة الادمن
هذا القسم لكم
و أتمنى ان ينال رضاكم

http://www.mnaabr.com/articles-actio...cles-id-13.htm
أختكم ريم بدر الدين

قديم 08-15-2013, 09:59 PM
المشاركة 50
صفاء الأحمد
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
و بعد تأخير بسبب انشغالي الكبير خصصت قسما رئيسيا في المجلة لمعرض قصة منابر ثقافية
و اعتذر لأن هناك لدي مشكلة في لوحة التنسيق فجاءت النصوص غير ملونة او مرفقة بصور مناسبة و ساتلافى هذا العطل قريبا بحول الله ثم بمساعدة الادمن
هذا القسم لكم
و أتمنى ان ينال رضاكم

http://www.mnaabr.com/articles-actio...cles-id-13.htm
أختكم ريم بدر الدين

شكرا جزيلا لكِ أستاذتنا القديرة ريم بدر الدين على هذا المجهود الرائع
دمتِ مشعلا يضيء سماء منابر نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

مودتي .



أدرتُ ظهري للشفق ، وسرت بخطٍ موازٍ للنور ،
و كأنّ المغيب لا يعنيني !!



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الموسم الأول لـ / معرض منابر ثقافية للقصة للعام 2013 ..~
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إعلان : معرض القصة الأول للعام 2013 .. صفاء الأحمد منبر القصص والروايات والمسرح . 7 07-07-2013 03:20 PM
إعلان هام : ( افتتاح معرض القصة الأول في منابر ثقافية للعام 2013 ) ..~ صفاء الأحمد منبر القصص والروايات والمسرح . 17 07-07-2013 12:58 AM

الساعة الآن 10:49 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.