قديم 04-13-2012, 09:21 PM
المشاركة 411
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ظروف نشأة محمد جبريل

في عام 1938 شهدت مصر انتقال القوات البريطانية من القاهرة والاسكندرية الي القناة، واستعدت مصر لمواجهة الحرب العالمية التي بدت نذرها في الافق، وخرجت الي الشوارع مظاهرات تهتف بحياة زعيم الوفد وتتهم محمد محمود بمحاولة اغتياله، واعلن عن تأسيس الاتحاد العام لنقابات عمال المملكة المصرية، وارتفع فيضان النيل الي حد الخطر، واصدر طه حسين كتابه العلامة »مستقبل الثقافة في مصر« واذاع عدد من الفنانين والكتاب الطليعيين المصريين - متأثرين بسريالية أندريه بريتون - مانفنستو »يحيا الفن المنحط« وفي خضم هذا الغليان السياسي والاجتماعي ولد الاديب الكبير »محمد جبريل« في حي بحري بالاسكندرية وبرغم انتقاله للعمل والاقامة في القاهرة فان رائحة الاسكندرية لا تغيب ابدا عن معظم اعماله.

- واذا كان لبيئة البحر وما يتصل بها، انعكاسها في العديد من اعمالي الابداعية، فان البيئة الروحية لها انعكاسها كذلك في تلك الاعمال، مثل جوامع ابو العباس وياقوت العرش والبوصيري ونصر الدين وعبد الرحمن بن هرمز وعلي تمراز وثمة أضرحة كظمان والسيدة رقية وكشك وعشرات غيرها من جوامع اولياء الله الصالحين ومساجدهم وزواياهم واضرحتهم، وثمة الموالد وليالي الذكر والاهازيج والاسحار والتواشيح، وليالي رمضان وتياترو فوزي منيب وسرادق احمد المسيري وتلاوة القرآن عقب صلاة التراويح في سراي رأس التين، والتواشيح واحتفالات الاعياد: سوق العيد وما يشتمل عليه من المراجيح وصندوق الدنيا والاراجوز والساحر والمرأة الكهربائية، وألعاب النشان والقوة وركوب الحنطور من ميدان المنشية الي مدرسة ابراهيم الاول وتلاقي الأذان من المآذن المتقاربة والبخور والمجاذيب والمساليب، والباحثين عن البرء من العلل والمدد، بالاضافة الي المعتقدات والعادات والتقاليد التي تمثل في مجموعها موروثا يحفل بالخصوصية والتميز .

-في »رباعية بحري« يشعر الكاتب الكبير محمد جبريل أنه كتب كل ما في مخزونه الروحي ووصف طفولته وصباه متنقلا بين الجوامع الاربعة قائلا: رباعية بحري عملي روائي من اربعة اجزاء: أبو العباس، ياقوت العرش البوصيري، علي تمراز، تعرض للحياة في حي بحري منذ اواخر الحرب العالمية الثانية الي مطالع ثورة يوليو 1952 .

- والحق انني حين اراجع ابداعاتي التي وظفت - او استلهمت الموروث الشعبي اجد انها وليدة العفوية - ومحاولة التعبير عن الواقع، هذا هو ما افرزته تجربة الحياة والمشاهدة والقراءة والتعرف الي الخبرات، لم أتعمد الافادة من الموروث الشعبي بل هو الذي فرض معطياته في مجموع ماكتبت مثل روايتي القصيرة: »الصهبة« وروايتي: »بوح الاسرار«، و»زهرة الصباح« وغيرها.

-علي الرغم من نشأة الكاتب محمد جبريل يتيم الام - لقد ماتت والدته وهو دون العاشرة من عمره - الا انه يتحدث عن اثرها البالغ في تكوينه الابداعي قائلا: وعدت القارئ في سيرتي الذاتية »حكايات عن جزيرة فاروس« بأن يقتصر ما اذكره من الاعوام القليلة التي أمضتها امي في حياتنا علي بعض الصور او الومضات السريعة، رحلت امي قبل ان أبلغ العاشرة فتصورت ان ما اذكره لن يجاوز تلك الفترة الباكرة من حياتي فضلاً عن غياب الوعي بصورة كاملة او جزئية في الاعوام الاولي منها، لكن الذكريات التي كانت مطمورة مالبثت ان استردتها الكتابة وهو ما سجلته في »مد الموج« و»الحياة ثانية« و»اغنيات« في العديد من اعمالي الروائية والقصصية.

- ولعل رصيد امي هو اول ما اذكره من أيامها بيننا، أشرت اليه في العديد من لوحات السيرة الذاتية، والقصص القصيرة وفي فصول سيرتي الذاتية، قالت الجدة في شقة الطابق الرابع انها كانت تجلس بجوار امي تعودها لما انتفضت امي - فجأة - واشارت الي ما لم تتبينه العجوز وهتفت: ابعدوه من هنا! ثم سكت صوتها وجسدها امرني ابي بالنزول الي الطبيب الارمني في الطابق الاول، صعد الطبيب السلم بخطوات متباطئة وكان يقف في كل طابق، امام النافذة المطلة علي الشارع الخلفي، ربما ليأخذ انفاسه وكنت ادعوه - بيني وبين نفسي - الي الاسراع في الصعود كي ينقذ امي، أطال الطبيب تأمل الجسد الساكن، كانت العينان جاحظتين، والبطن منتفخا بصورة ملحوظة والجسد بكامله متصلبا، كأنه وضع في قالب، مال الرجل علي صدر امي وباعد بأصبعيه بين الجفنين، وضغط بقبضة يده علي البطن المنتفخة ثم هز رأسه في اسي: ماتت!




- يقول الكاتب الكبير محمد جبريل محدثا نفسه: قد تهبني هامشية من الخبرات اضعاف ما احصل عليه من شخصية اختزنت المعرفة فظلت ساكنة في داخل الذهن والوجدان دون تأثير حقيقي عليها، وعلي من يخالطونها وتعبير آخر فإن التأثير والتأثير، لا صلة لهما بمعرفة ولا ثقافة ولا مرحلة سنية وازعم انني افدت من رحلة امي القصيرة في حياتي ومن رفعة زوجتي زينب العسال الناصحة المشفقة المتدبرة ومن تمازج الطفولة والوعي في ابنتي امل لما لم تبدله الاعوام، ولعلني اذكر زواج خادمتنا »دهب« واستقلالها بحياتها لكنها ظلت علي صلتها الاسرية بنا، تزورنا وتسأل عن احوالنا - بالذات بعد ان رحلت امي - واضطر ابي - بتأثير المرض - الي لزوم البيت والاعتذار عن غالبية الاعمال التي عرضت عليه وكان مترجما! وعانينا ظروفا بالغة القسوة وصارحنا ابي - ذات يوم - ان »دهب« عرضت عليه مبلعا نجاوز به ظروفنا، وارفق ابي شكره باعتذار مؤدب فقد كان - كما قال لنا - يعرف ظروف دهب جيداً.

يتيم الام قبل سن العاشرة.



قديم 04-14-2012, 09:26 AM
المشاركة 412
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
58- صنعاء مدينة مفتوحةمحمد عبد الولياليمن





صنعاء مدينة مفتوحة

أشعلتالرواية حرائق كبيرة في فضاء الساحة الثقافية اليمنية لا لتميزها وإبداعها عندالنزر اليسير من المعترضين, وإنما لوجود بعض الفلتات اللفظية على لسان بطل الرواية (نعمان), والذي أدى إلى تلاسنات لفظية ومنازلات فكرية وعراكات مريرة امتدت إلىإشهار سيوف الحسبة والتكفير والدخول إلى دهاليز المحاكم. الرواية لوحة فنية وأدبيةلمجتمع ما قبل الثورة اليمنية, فالظلم هو الظلم في الشمال (الإمامة), والجنوب (الاستعمار). فالرواية تعبير عن الإرهاصات الأولى لقيام الثورة اليمنية (26 سبتمبرفي الشمال, 14 أكتوبر في الجنوب). فالميزة الرئيسية لأبطال الرواية الغربة, تتقاطعأنفاسهم وأرواحهم مع الواقع, وتدخل في تناقضات رهيبة للخلاص من الواقع الكئيب. فشخوص الرواية (أبطالها), (نعمان - محمد مقبل - الصنعاني - البحار (علي الصغير..), قد احترقت أناملهم بالواقع, واكتووا بنيران الظلم والعذاب, ولم يبق أمامهم من مفرسوى مواجهة الواقع بموضوعية وحذر, وإحداث انقلاب حياتي في المجتمع, لأن الظلم واحدفي اليمن وأن تعددت أطيافه, ولابد من لحظة خلاص منه. إن بطل الرواية (نعمان), عاشفي غربة ومكابدات نفسية وروحية وضياع افتقد فيها الهدف لحياته وفي أحايين كثيرة كسرالواقع أجنحة أحلامه, وظل أسيرا لحياة الغربة والانهزام حينا من الزمن حاول نسيانالواقع ومداواة جراح الغربة الروحية والنفسية, ولكن دون جدوى, فالضبابية والضياعصارت عنوانا لحياته السقيمة. وفي نهاية المطاف تستيقظ روح التمرد في نفوس أبطالالرواية, ويقتنعون من أن لا سبيل لإصلاح المجتمع إلا بمواجهة الذات, والابتعاد عنحياة الزيف ومواجهة الفساد والظلم وتغيير الواقع إلى الأفضل.



تحميل رواية ............................. صنعاء مدينة مفتوحـــــــــــة



منهنــــــــــــــــــــا


http://www.mediafire.com/?nvyewi686idfzzv

قديم 04-14-2012, 09:44 AM
المشاركة 413
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
صنعاء مدينة مفتوحة

عمل واقعي ، مكتمل النضج ، وقطعة أدبية زاخرة بالمشاعر ، جسدت بعمق ونفاد طابع الصراع الاجتماعي والسياسي في المجتمع اليمني في الحقبة الأولى من حقب النضال السياسي المنظم ضد الامامة ، كما جسدت بامتلاء شخصياتها وتنوع مصائرها ، توق الشعب اليمني عامة إلى كسر سجن الطغاة وبناء عالم أفضل ....

وقد تفنن عبد الولي في تصوير غشم السلطة الامامية وعدائها للمجتمع وعبر عن سخطه لشخص الحاكم من خلال شخصية البحار الذي يدخل قلاع الامامة الظالمة ـ بيت عامل زبيد – وقد كان البحار في السادسة عشرة انذاك ونجح في معاشرة بعض حريم البيت في انتقام اخلاقي.. قصورهم تفضح نفسها بانحلال نسائها ، لقد اخذ البحار في النهاية ما أراد ثم ولي هاربا عبر البحر منتصرا برجولته على تسلط الامامة ..

ونجد أن إحدى شخصيات رواية محمد أحمد عبد الولي "صنعاء مدينة مفتوحة" التي هاجرت في عمر الشباب إلى شرق أفريقيا تقدم تجربتها للأجيال التالية من أبناء وطنها، وتنصحهم من خلال الكلام الموجه إلى نعمان بطل الرواية بأن يواجهوا مصير بلدهم. وتقول الكلمات المعبرة عن تلك التجربة: "كنت مثلك. أحاول أهرب من واقعي. حملت السلاح وقاتلت الناس .. ناس لا أعرفهم .. ولا يعرفوني. وليس بيني وبينهم عداوة.. ولكني قتلتهم. قاتلت مع الإيطاليين. وقاتلت ضدهم. كنت أبيـع نفسي لمن يريد شـراء أداة لإطلاق الرصاص" (صنعاء مدينة مفتوحة، صفحة 38).

وتعبر الرواية عن التطلع إلى حياة المدينة عن طريق وصفها لحياة القرية القاسية واللهفة لترك تلك الحياة والعودة إلى عدن: "آه يا صديقي كم أنا مسرور .. وحزين أيضا .. مسرور لأنني سأغادر "مقبرة الموتى" هذه، وأرى مدينة الأحياء من جديد. وحزين لأنني سأغادر فتاة الجبل" (نفس الرواية، صفحة 12). ولا جدال في أن الحياة في القرى كانت شديدة القسوة. وهي تعاني من اعتماد المعيشة على الزراعة الموسمية بالأمطار في الوقت الذي قد يحدث فيه الجفاف في أي وقت. وحسبما جاء في صفحة 17 بنفس الرواية فإنه كلما تأخر هطول الأمطــار "ازداد خوف الناس عن ذي قبل وبدأ شبح المجاعة يعود إلى أذهانهم .. خاصة وأن مجاعة 1948 ما زالت ماثلة في أذهانهم .. ولم يزل الكبار يذكرون كيف كانوا يأكلون العاص وحده" (وهو خبز جاف من دقيق الدخن وقد يخلط أحيانــا بدقيق الذرة ).

كما أن هطول الأمطار يؤدى في بعض الأحيان إلى زيادة تفاقم المأساة عمقا حيث تفضي غزارتها أحيانا إلى تدمير وتخريب كل شيء: المباني والزراعة والمدرجات. وفضلا عن ذلك فإن السيول المتولدة عن الأمطار قد تجرف الحيوانات والإنسان مع التربة الطينية للأراضي وتقضي على حياة الجميع ..



أما وضع المرأة الريفية "ليست سوى خادمة .. للأرض .. للبيت .. والزوج. إنها مجــرد زهـرة تتفتح قليــلا ثم تموت .. حين ينهكها العمـل. وكذلك هي زوجتي .. كانت ناضرة .. كزهرة .. فأصبحت الآن عودا يابسا. وأصبحت .. رغم أنها لم تتجاوز الخامسة والعشرين .. عجوزا .. كأنها على أبواب قبرها" (محمد أحمد عبد الولي، صنعاء مدينة مفتوحة، صفحة 18).


صنعاء مدينة مفتوحة رواية ..محمد عبد الولي صدرت عام 1977م
صدر له أيضا /
الأرض يا سلمى مجموعة قصصية ..محمد عبد الولي 1966م
شيء اسمه الحنين .. مجموعة قصصية ..لمحمد عبد الولي 1972
يموتون غرباء ..رواية ..محمد عبد الولي عام 1971


علي السقاف جده


قديم 04-14-2012, 09:45 AM
المشاركة 414
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نبذة النيل والفرات:
"اندفعت لأنقذ ما أستطيع من بقايا أحلامي. ونسيت كل شيء حولي، الرصاص، والهمج والنار، وكنت أجري هنا وهناك ألعن كل ما قابلته. وكل من لاعني بالنهب؟ كانت صنعاء حقاً مدينة مفتوحة للغجر... للهمج وشعرت بالتعب. وشعرت أن لي بيتاً. وعائلة. وطفلة جميلة انهار مستقبلها بانهيار ما كنت أملكه من مال. وأحسست ببرودة تسري في داخلي. حين تصورت أنه قد يحدث لمنزلي ما حدث لدكاني. وكنت عندئذ بعيداً عن المنزل. فأطلقت ساقي للريح. دون أن أعبأ بمن أقابلهم".

قديم 04-14-2012, 09:48 AM
المشاركة 415
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
صنعاء مدينة مفتوحة – منازلات فكرية واحتساب
المصدر : مجلة نزوى

لقد وقعت في حرج لا أحسد عليه, عندما انقطعت بي السبل في الحصول على رواية القاص اليمني المبدع محمد عبد الولي؛صنعاء مدينة مفتوحة«, ذلك أن هذه الرواية قد أشعلت حرائق كبيرة في فضاء الساحةالثقافية اليمنية لا لتميزها وإبداعها عند النزر اليسير من المعترضين, وإنما لوجودبعض الفلتات اللفظية على لسان بطل الرواية (نعمان), والذي أدى إلى تلاسنات لفظيةومنازلات فكرية وعراكات مريرة امتدت إلى إشهار سيوف الحسبة والتكفير والدخول إلىدهاليز المحاكم. واستخدمت الرواية في مناورات سياسية, ومناكفات وتقاطعات شديدة, وحمل النص وبعض الملافظ, أكثر مما تحتمل التأويلات للنصوص الأدبية والفكرية, وكأنكاتب الرواية الذي مات في حادث درامي عام 1973م, كان يهدف من وراء الرواية الفسادلا الصلاح, واختلط الحابل بالنابل عند ثلة من المثقفين, وعجزوا عن تلمس طريقهمالسوي وسط زحام شديد وتراشقات لا معنى لها, أرهقت المتصارعين, وأبعدت فصيلا منهمعن جادة الصواب.

2- الغربة والتمرد:

لقد عاش القاص اليمني محمد عبدالولي في القسط الأكبر من حياته تعيسا , كان يجد متعته في الكتابة, فالكتابة على حدتعبير كاترين أن بوتر:-

ليست قضاء وقت فراغ جميل, هي ليست شيئا يحدث بلاألم, إنها مهنة مرهقة وجادة(1).

لقد أرهقته الحياة, وأرهقته الكتابة فيحياته, ومن وراء كتاباته تطارده التهم والرذيلة وهو تحت الثرى, يقول أرنستهمنغواي:-

إن الكتابة, هي الرذيلة الكبرى, واللذة الكبرى, لا فكاك منها سوىالموت (2) فالموت لم يرح الروائي اليمني محمد عبد الولي الراحة الأبدية, بسببالتعاجم في التأويل للنص الأدبي, ولقد قال أحد المفكرين:

لا يمكن أن تتذوقالفن, إن لم تمتلك ثقافة فنية.

فالمبدعون: ليسوا ملزمين بالإيضاح المسطح, أوالبساطة, أو العفوية المسكينة, أو بوضع الملعقة في فم القارئ (3).

إنالقراءة الحصيفة للرواية وسعة الإدراك, تجنبان القارئ الوقوع في التسطيحات وتساعدهعلى تكوين ذائقة فنية وجمالية, وعلى الغوص في أعماق الواقع, بعيدا عن البهرجاتاللفظية والفسيفسات الشكلية.

إن القاص محمد عبد الولي قاص وروائي على قدركبير من الموهبة, وصاحب قدرة عالية في عكس الواقع بلغة شعرية شفافة. ولقد تأثركثيرا باللغة والتكنيك القصصي للقاص الروسي تشيكوف, وبحنا مينا, ويوسفادريس.

فلم يكن مترعا بالرومانتيكية, بل كان واقعيا ينتمي إلى المدرسةالواقعية, وهو ليس كمن:- (يمسك ورقة وقلما ويرسم إلها وبرتقالة).

فهويمسك ورقة وقلما ليرسم واقعا حيا بتفاعلاته, وديناميكيته وبتقاطعاته وبألوانهالطيفية الحياتية, إنه كاتب متمرد على الواقع, واقع الفساد والرذيلة, والسكونوالجمود, يمسك القلم لتصوير الواقع بفن وإبداع, ويشير بسبابته إلى موطن الضعف والجبن في المجتمع, يكره العادات الرتيبة والتقوقع, وتمرده ليس موضة, أو عبارة عنعنفوان شباب, وإنما هو التمرد الواقعي والسليم, ليخلق مجتمعا أكثر إنسانيةواستقامة.

لقد أدرك عبد الولي ضرورة تغيير الواقع, والخروج عن الجمودوالرتابة, فبطل الرواية نعمان يقول:-

- أنا.. شاب مندفع لا يحب مطلقا أنتعيش بلا عجل.. بلا حركة.. بلا خفة.. وشعرت بالسأم بعد أيام من وجودي فيها (القرية)...

- الناس يا صديقي هم ناس بلادي.. بدون تفكير بدون أمل فيالمستقبل.. بدون شيء.. يأكلون القات.. مرتاحون ولا حديث لهم إلا عن (فلان).. وعن (فلانة).. أحاديث تصيبني بالغثيان كلما استمع إليها. فأهرب من الناس.. ومننفسي..(4)

فمحمد عبد الولي في رواياته وقصصه, لا يريد من الجمهور أنيتعاطفوا مع أبطاله, ولا يقصد إلى إثارة المشاعر والأحاسيس العاطفية الشكلية, يريدمنهم أن يشاركوا في الحدث, أن يتحولوا إلى عمليين, يدفعهم إلى التغيير والثورة علىالظلم والأوضاع البائسة.

لم يقع كغيره من الناشئين في شبكة التقليدوالمحاكاة. وظل يكتب على سجيته, دون التفات إلى حصيلته الثقافية.. فلقد كانتمرارة التجربة التي عاشها والصبا هي المسيطر الأول على إنتاجه...(5).

شهدتالقصة اليمنية في حياة محمد عبد الولي ازدهارا لم يسبق له مثيل. ويعود في ذلك إلىتنوع تجربته الثقافية وموهبته الفنية التي صقلها بدراسته فن القصة (6).

فشخصية القصة والرواية عند محمد عبد الولي, اتسعت رؤيتها وانتقلت منالحالة الفردية إلى ؛النموذج« أي اليمن وأيا ماكان إزاء ظروف لا تشبه المأساةالكونية التي يتعرض لها البطل القديم, بل هي ظروف إنسانية وفي متناول يدنا, وفيمقدورنا تغييرها, أو ينبغي ذلك, من هنا لم تعد القصة تثير العطف أو الإشفاق أوالإعجاب, بقدر ما تثير روح التغيير للظروف الخارجية وإنقاذ الضحايا, ولم يعدالمجهود الفردي كافيا , فلن يغير من الأمر شيئا (7).

- لا تنسوا أنتم.. أنهذه الأرض. لن تنفصل عنكم مهما هربتم. إنها جزء منكم. تطاردكم. ولا تستطيعونمنها فكاكا . أنتم يمنيون. في كل أرض.. وتحت كل سماء..

- أريد: عملاأشعر فيه بأنني إنسان كبير.. إنسان يتضامن مع الجميع. الحب.. الحب هو ماأريده.. إنني أؤمن أن بلادنا, لا يفرقها استعمار أو استبداد..

إننا لانستطيع عمل شيء لأنفسنا.. ولا أرضنا.. ولا حتى لهؤلاء العساكر.. إذا لم نخلق منجديد.. نخلق كل شيء.. الناس.. الأرض.. الوادي.. حتى أنفسنا. أننا لا نستطيع أننعيش مع الحمير في حظيرة واحدة. لا أن نعامل معاملة الحمير. يجب أن نجد لأنفسنامفهوما .. وأن نعرف حقيقتنا(8).

لقد حبك الكاتب خيوط نصه بمهارة الصانعالملم بأسرار صناعة السرد, وترك للقارئ مناسبة ملاحقة بناء النص وتتبع عوامله, وهودائم التساؤل عن سر الحكي الذي ضبط مساره, ويحدد وجهته, إذ لا يمكن تكوين فكرة عامةعن هذا النص إلا بعد الانتهاء منه.. إن كل ذلك يجعلنا أمام نص متكامل العناصروالبناء, فهو كتلة واحدة, متراصة العناصر والأجزاء, وأي إهمال لأي منها لا يمكن إلاأن يسهم في تشويش الرؤية, كما أن أي إغفال لأبسط علاقة فيه لا يتولد عنه إلا اختزالالنص, عدم النفاذ إلى جوهره, أو الكشف عن باطنه, والوقوف عند أهم ملامحه وخصائصه (9).

3- الرواية والإحتساب:

الرواية لوحة فنية وأدبية لمجتمع ما قبلالثورة اليمنية, فالظلم هو الظلم في الشمال (الإمامة), والجنوب (الاستعمار). فالرواية تعبير عن الإرهاصات الأولى لقيام الثورة اليمنية (26 سبتمبر في الشمال, 14أكتوبر في الجنوب).

فالميزة الرئيسية لأبطال الرواية الغ ربة, تتقاطعأنفاسهم وأرواحهم مع الواقع, وتدخل في تناقضات رهيبة للخلاص من الواقعالكئيب.

فشخوص الرواية (أبطالها), (نعمان - محمد مقبل - الصنعاني - البحار (علي الصغير..), قد احترقت أناملهم بالواقع, واكتووا بنيران الظلم والعذاب, ولم يبقأمامهم من مفر سوى مواجهة الواقع بموضوعية وحذر, وإحداث انقلاب حياتي في المجتمع, لأن الظلم واحد في اليمن وأن تعددت أطيافه, ولابد من لحظة خلاص منه.

إن بطلالرواية (نعمان), عاش في غ ربة ومكابدات نفسية وروحية وضياع افتقد فيها الهدفلحياته وفي أحايين كثيرة كسر الواقع أجنحة أحلامه, وظل أسيرا لحياة الغ ربةوالانهزام حينا من الزمن حاول نسيان الواقع ومداواة جراح الغ ربة الروحيةوالنفسية, ولكن دون جدوى, فالضبابية والضياع صارت عنوانا لحياتهالسقيمة:-

- يا صديقي إني تائه لا أدري ما الذي أعمله.. (10).

وفيلحظة التأمل يأتيه صوت صديقه محمد مقبل, ليحدث هزات في عقله وضميره:-

- عديا نعمان ولا تهرب. سواء كنت في عدن أو في القرية.. فأنت تمارسالمأساة.(11)

وفي نهاية المطاف تستيقظ روح التمرد في نفوس أبطال الرواية, ويقتنعون من أن لا سبيل لإصلاح المجتمع إلا بمواجهة الذات, والابتعاد عن حياة الزيفومواجهة الفساد والظلم وتغيير الواقع إلى الأفضل, وقبل قليل من تكشف الحقيقةومعرفة الهدف, تموت زوجة نعمان (هند) وطفلها لع سر في الولادة:-

- كم كانتصموتة.. لا تتحدث كثيرا ولكنها تبتسم.. ولا تتألم ولا تشكو.. كانت في المنزلوكأنها ليست موجودة.. دون صوت.. دون ضجة.. حتى عندما نخلو.. كانت هادئة دائما .

هل أنت سعيدة.. فتهز رأسها.. كلا.

هل تشكين من شيء.. فتهزرأسها.. كلا.

هل تريدين شيئا .. فتهز رأسها.. كلا (...)

لقد كانت (الدينامو) الذي يسير كل شيء فيه.. إن المنزل يشكو الألم.. وكل ركن فيه يردد.. لمسات يدها.. الحانية.. لقد كانت أما .. حتى للأحجار.(12)

فبموت ؛هند« تتملك بطل الرواية (نعمان), كآبة وهوس وتشنجات لا حدود لها, فيقع فريسة للمرضوالهذيان, ويكاد لا يصدق أنها ماتت, ولماذا ماتت?!! وكيف ماتت?!! لقد شعر بالذنبوالمأساة, لأنه أحبها دون اكتراث وبعبثية. أما في لحظة الصاعقة, الموت أنبجستمشاعر الحب الحقيقية من كل مسامات جسمه, وتحول قلبه إلى كتلة من اللهب والتشوقلهند... وتقوده الكآبة والاضطرابات والتشنجات إلى حالة من الهيستيريا والانفعالاتاللاشعورية, وتتساقط من لسانه بعصبية غير مألوفة كلمات ليست مستساغة, لقد فقدتوازنه وغابت أحاسيسه الحية إلى حالة من الهذيان مخاطبا المولى عزوجل:-

لماذا أخذت يا رب (هند) ما الذي عملته?

لماذا لا يدعنا الله (الله) نتمتع بشبابنا? (13).

لقد وقع بطل الرواية (نعمان) في حالة غيرطبيعية, وتساقطت من لسانه ألفاظ تعبر عن حالة الغيبوبة واللاوعي التي وقع فيها, وهذه فلتات تحدث وقت الشدة والغصب في غير مكان وغير زمان.. فالصوفيون مثلا فيحالة الغيبوبة واللاوعي تصدر عنهم تخيلات وتوهمات وشطحات لا يؤخذون عليها لأنهم لايقصدون التطاول على الذات الإلهية أو التعالي عليها, وإنما يدخلون في حالات منالغيبوبة والحلول والتوحد والزهد والمشاهدة, معها يصعب تكفيرهم ووصمهم بالكفروالزندقة. وقد وضعت الصوفية مبدأ التغير في الثبات باعتباره القوة السارية لتنقيةالقلب في ثلاثية المعرفة والمحبة والمشاهدة أو ثلاثية القلب والروح والسر, وطابقتبينها بالشكل الذي جعل من وحدتها (الثلاثية) أسلوب وحدة السر (أو الحقيقة). فالقلبهو المعرفة والروح هي المحبة, والسر هو المشاهدة. في تقلبه يتدرج إلى الروح, وفيارتقائه يرتقي إلى السر. أو أن تقلب القلب بين أصابع الرحمن يؤدي به إلى معرفةالوجود ومحبة كل ما فيه على أنه تجل للحق. ويكشف بدوره عن مشاهدة السر أو المعنىفي جزئياته اللامتناهية (14).

لقد وقف الإمام محمد الغزالي (1059-1111م), ضدتكفير الصوفية, وهذا هو عبد الرحمن بن خلدون (1332-1406م) في المقدمة يقولعنهم:-

الألفاظ الموهمة التي يعبرون عنها بالشطحات ويؤاخذهم بها أهل الشرع, فأعلم أن الأنصاف في شأن القوم أنهم أهل غيبة عن الحس والواردات تملكهم حتى ينطقواعنها مالا يقصدونه. وصاحب الغيبة غير المخاطب والمجبور معذور.. (15).

إنالإسلاميين مدعوون إلى عدم المسارعة في إشهار سلاح التكفير والتهويل والتفسيق ناهيكعن التحريض على العنف, وليذكروا ما نقل عن الإمام مالك إمام دار الهجرة من كراهيتهالرد على أهل البدع, حتى لا يعين ذلك على إشاعة بدعتهم. وكم من كويتب أو شويعرنكرة متروك جعل منه التشهير رمزا للعبقرية والإبداع تتسابق المطابع وأدوار الترجمةعلى نشره ويتخطفه القراء (16).

فرواية »صنعاء مدينة مفتوحة« صدرت قبل مايربو على عشرين سنة ومن الصعب على القارئ أن يجد اليوم نسخة في المكتبة أو الأسواق, ود رست في الجامعات, وم ثلت في مسلسل إذاعي, وقراء الرواية نزر يسير من المثقفين, لم تلفت انتباههم الفلتات اللفظية, بل كانوا يركزون على مضمون العملالروائي:-

إن الرواية تبدو نقدا اجتماعيا للواقع, من خلال تصوير مأساته, وتبدو محاولة لإعادة ترتيب الماضي, ومحاكمته, وتبدو تبريرا للحاضر معا . إنهاتبدو كل الأشياء, وتبدو ضباب الأشياء من خلال الدموع والمآسي, وتبدو لاشيء غيرغيبوبة واهية تحملنا إلى أول الطريق كي نموت مرتين. أو نزهر من خلال الموت ورداءحمراء هي الحياة. لذا كان الموت ليس دلالة اجتماعية وسياسية فحسب, ولكن قضيةوجودية ونفسية أيضا , هذا ما يختاره المؤلف منذ لحظة الولادة (17).

وقبلسنوات جرى تكفير العدد العديد من المثقفين اليمنيين والعرب في اليمن, ولقد وقفالمفكر الإسلامي أمين هويدي مندهشا للتحشيد والتثوير والمغالاة في التصنيف, ففيصنعاء:-

جرت محاكمة علنية في مساجد صنعاء وشوارعها للشاعر نزار قباني. كانتتهمته أنه (يسخط) الذات الإلهية, ويستخفف في أشعاره بسبحانه وتعالى.. لقد قلت لمنأعرف في (مقايل) صنعاء, أن المساس بالعقائد أو بالغيب مفسدة ما في ذلك شك, لكنانشغال كل الناس بهذه القضية مفسدة أكبر. إذ أزعجني حقا كثرة ما سمعت من تصنيفاتتضع البعض في دائرة الكفار, والبعض الآخر في دائرة الفاسقين, بينما يضم آخرين إلىقائمة المرتدين.

وقلت إذا انشغلت الأمة بمثل هذه الأمور, فمن ذا الذي يبنيويعمر ويصحح, خصوصا في بلد كاليمن هو أحوج ما يكون إلى كل عقل ويد, وكل لحظةوساعة, ليختصر الزمن وينتشل الناس من التخلف الذي يعانون منه? (18).

إن فضاءالحياة الثقافية يحتاج إلى مزيد من الانفتاح الواعي والمثاقفة وإلى روح التسامحوالإخاء, واحترام الرأي والرأي الآخر, ولقد قال الإمام محمد بن إدريس الشافعي:- رأيي عندي صواب يحتمل الخطأ, ورأي غيري عندي خطأ يحتمل الصواب.

فالحريةضرورية في حياتنا ولا نستطيع أن نتنفس بدونها: فحرية التفكير والكلام والكتابةدعامة لكل حكم صالح. وحرمان المواطنين من هذه الحريات بحجة أنهم قد يسيئوااستعمالها, أمر لا يقل سخافة وحماقة من منعهم من استخدام الشموع تخوفا من الحرائق (19).

ويتراءى لي, إن نشر »الثقافية« لرواية القاص محمد عبد الولي »صنعاءمدينة مفتوحة«, كان بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس عند نزر من الناس, والذينيضيقون ذرعا بآراء الآخرين. فثمة أناس من هذا الفصيل قد ج بلوا على فرض اللونالواحد وعلى الغلبة في أوضاع غير عادية, ويريدون إعادة سابق مجدها, في أوضاع عصيةالرجوع إلى زمن فارط. ونحن نعيش في كنف الحاضر, من الصعوبة بمكان إدعاءالديمقراطية والحرية الفكرية للذات دون الآخرين:-

إن عقلا متنورا ويمارسالاستبداد هي معادلة لا يقبلها المنطق والواقع. والإنسان الذي يقرر اعتقال عقلغيره يكون في الوقت ذاته قد قرر اعتقال عقله ومن يريد الديموقراطية, ويكون منسجمامع ذاته, عليه أن يريدها للآخرين. أما من يريد الديموقراطية لنفسه ومصلحته فقط, وحجبها عن الآخرين ومصالحهم, فهو كمن يتزوج من جثة لا إنسان. والفرق بين ممارسةالديموقراطية وممارسة الاستبداد هو الفرق بين ممارسة الحب وممارسةالعنف(20).

إن أقوم سبيل لتسوية الإعوجاجات والهفوات إن وجدت, هو النقدالهادف ومقارعة الحجة بالحجة والرأي بالرأي, وعدم تسفيه الآخرين, وإثارة النعراتوتحشيد الناس لصب الزيت على النار, وإشعال حرائق لسنا بحاجة إليها. إن ما نحتاجههو أن نغرس في القلوب حب الآخرين واحترام أفكارهم واتجاهاتهم الفكرية والإبداعيةحتى في حالة الاختلاف معهم.

إننا نحتاج إلى تفتيق العقول وتنوير النفوس, وأننجعل هذه القلوب والنفوس عامرة بالحب والإيمان فلا يمكن أن تتطور الأنظمة والعلوموالفنون والبشر دون الحرية, فهي المدماك الذي يشكل قاعدة للتطور والازدهاروالنماء.

ولا يجب استخدام القوة والعنف في كتم أنفاس الآخرين, لإن ذلك يعدتشويها لروح المدنية: فالناس متساوون: في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقلوالوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء (21).

إننا في زمننحتاج فيه إلى مزيد من العلم والثقافة وسعة الصدر وانفتاح العقل, إننا لازلنا نتلمسطريقنا صوب الديموقراطية, وعليه لابد أن نتعلم فن الاختلاف, وفن الاتفاق, لابد أننتعلم النقد الهادف ونتقبل نقد الآخرين وقناعاتهم.

فلقد سقطت كل الأصناموالهياكل التي ادعت امتلاك الحقيقة لوحدها, وألحقت أضرارا فادحة بالثقافة والحريةوالانفتاح.

لقد مضى زمن محاكم التفتيش عندما كان المفكرون والمتنورونيصلبون, وتقطع رؤوسهم وأناملهم وألسنتهم وتفتش قلوبهم وضمائرهم.

إننا معالثقافة المنفتحة والعصرية مع ثقافة النقد ضد ثقافة الكبت والإلغاء والاحتواء: إننامع التنوير: وحرية تبادل الأفكار والآراء هي أثمن حق من حقوق الإنسان لذلك يحق لكلمواطن أن يتكلم ويكتب ويطبع بحرية على أن يكون مسؤولا عن إساءة هذاالحق...(22).

إن كل العقلاء والطيبين يسعون باتجاه توطيد مدماك الديموقراطيةفي المجتمع, وحتى يتوطد هذا المدماك سيحدث هرج ومرج, وقد يتخالط أحيانا الصلاحبالطلاح, إلا أنه لابد من دفع ثمن لنمو شجرة الديموقراطية والحرية: فينبغي ألا نكفربالديموقراطية ذاتها, فالأم التي ترغب في مولود يخرج من رحمها محكوم عليها أن تتحملغثيان الوحم, وضربات الجنين وتقلباته, وأيضا كل ما يلزم من الحيطة والحمية, ثم مايتلو ذلك كله من عسر في الوضع, وأحيانا ولربما هذه حالنا, ما قد يتطلبه ذلك منعملية قيصرية. إذا فالديموقراطية في مجتمعاتنا العربية ليست قضية سهلة, ليستانتقالا من مرحلة إلى مرحلة, بل هي ميلاد جديد, وبالتأكيدعسير.(23)

وأخيرا »أما الزبد فيذهب جفاء, وأما ما ينفع الناس فيمكث فيالأرض«.(24)

سمير عبدالرحمن الشميري كاتب واكاديمي من اليمن

قديم 04-14-2012, 09:48 AM
المشاركة 416
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
محمد عبد الولي

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

ولد محمد عبد الولي في 12 نوفمبر 1939م بمدينة دبرهان الأثيوبية عن أب يمني وأم أثيوبية، وكان والده من المهاجرين الذين انضموا إلى حركة الأحرار اليمنيين.
  • أمضى طفولته في أثيوبيا، حيث درس في مدرسة الجالية اليمنية بأديس أبابا من ثم عاد من غربته سنة 1946م.
  • سافر للدراسة في الأزهر يمصر سنة 1955م، وشارك في تأسيس أول رابطة للطلبة اليمنيين التي انعقد مؤتمرها التأسيسي سنة 1956م.
  • طرد مع 24 طالبا من مصر سنة 1959م، بتهمة الانتماء إلى الشيوعية، وسافر بعدها إلى موسكو ودرس في معهد غوركي للآداب الشهير لمدة عامين، من ثم عاد إلى أرض الوطن بعد الثورة في شمال الوطن في سنة 1962م.
  • انضم للسلك الدبلوماسي قائماً بأعمال سفارات الجمهورية العربية اليمنية في موسكو وغيرها من البلدان إلى أن تفرغ لافتتاح داراً للنشر بتعز.
  • سجن بعدها لمدة عام سنة 1968م، وأعيد إلى سجن القلعة مكبلاً بالقيود مرة أخرى سنة 1972م.
  • له عدة أعمال طبعت منها مجموعته الأولى سنة 1966م ومجموعته الثانية سنة 1972م. وترجمت بعض أعماله إلى الفرنسية والروسية والألمانية والإنكليزية.
  • أشهر روايته "يموتون غرباء" مسلسلة في صحيفة "الشرارة" عام 1971م ومن ثم طبعت في بيروت في دار العودة عام 1973م. وله رواية أخرى هي "صنعاء مدينة مفتوحة"، وقد تعرضت الأخيرة لحملة تكفير عام 2000م.
  • مات محترقاً في طائرة عام 1973م.
رغم مأسويتها الفادحة، تبدو الصورة كاريكاتورية بذات الدرجة، وإلا كيف يمكن وصف هذا: محمد عبد الولي يظل صباح 30 إبريل 1973م على مقعده في الطائرة الأنتينوف روسية الصنع التي أعدت لـ "التحليق" به ورفاقه في رحلة خاصة – قيل لهم يومها– أنها "تعريف لهم على معالم البلد". وقبل الإقلاع بلحظات تقتحم الطائرة كلمات، معلومات أو أياً كانت التسمية لتطرق آذاناً معينة طالبة من أصحابها مغادرة الطائرة، وبيمنا كان ذوو الآذان المحظوظة يغادرون بطن الطائرة استمرت آذان 42 ديبلوماسياً ومثقفاً بينها أُذنا أبرز قاص وروائي يمني، على المقاعد المخصصة لها. وباللجوء إلى المخيلة قليلاً: يمر الأشطل وباذيب مثلاً بآذانهما المحظوظات من جوار محمد عبد الولي الذي يلتفت إليهما ناصحاً بأن أعظم لحظات الإنسان هي في التعرف على معالم بلده. هذا مجرد تخيل، وما ليس تخيلاً أن الروائي ذي الأذنين السيئتي الحظ تعرف على معالم بلده، بالمعنى الأعمق. أقلعت الطائرة من مطار عدن في رحلة خاصة جداً أخذت صفتها هذه، لحظتئذ، من خصوصية شخصياتها وهدفها الذي قيل أنه تعريف الأخيرة على معالم البلد، إلا أن الخصوصية أتت بعد ذلك من صوب آخر تماماً، تفجير الطائرة إن لم يكن تحديداً اغتيال أبرز القاصين والروائيين اليمنيين. كان محمد عبد الولي خرج لتوه من سجن تعز الذي دخله بسبب انتماءاته اليسارية ليغادر مطار المدينة التي سجنته إلى عدن بتصريح من القاضي عبد الرحمن الإيرياني رئيس اليمن الشمالي حينذاك، ولقد طار إلى معقل اليسار في الجزيرة العربية ظاناً أن حياة مديدة وآهلة انفرشت أمامه للتو، لكن الطائرة الأنتينوف قالت شيئاً آخر حاسماً و... أليماً. وصل محمد عبد الولي عدن بالتزامن ووصول عديد دبلوماسيين جنوبيين استدعتهم قيادة الحزب الاشتراكي الحاكم وقتذاك من الخارج بدعوى التشاور. ولما كان هؤلاء الدبلوماسيون قد صنفوا منحرفين عن خط الحزب وانتهازيين يمنيين ظلت كلمة للتشاور سبباً عاطل النية ، ففي وقت كان مثل تصنيف يعني الخيانة العظمى ، لم تكن الخطوة التالية له لتحيد عن التصفية الجسدية . ومثلما عاد الانتهازيون اليمنيون إلى عدن معتقدين أن المسألة لن تتعدى كلمة للتشاور التي حملها قرار استدعائهم الرسمي، صعدوا طائرة الانتينوف في رحلة ظنوها فعلاً للتعرف على معالم البلد. أقلعت الطائرة من مطار عدن وهبطت سالمة في مطار شبوة حيث جرى – على الأرجح – تلغيمها ولم يمر طويل وقت على استئنافها الرحلة نحو حضرموت حتى انفجرت في الجو. وسوى أشلاء محمد عبد الولي ورفاقه كانت أِشلاء آخرين ستتساقط محترقة على تراب الجنوب ولم يتم ثنيهم عن الرحلة وإخراجهم من بطن الطائرة، قبل إقلاعها، في مطار عدن، ويقال أن أبرز المسئولين أمن الدولة آنذاك أمروا بإخراج بعض الشخصيات التي لم تصنف، انتهازية يمنية، من الطائرة. وفيما كانت هذه الشخصيات أبرزها عبد الله الأِشطل وعلي باذيب، سفير اليمن الجنوبي حينها في الأمم المتحدة وألمانيا على التوالي، تغادر الأنتينوف قبل إقلاعها، ظل الانتهازي اليمني محمد عبد الولي على مقعده في انتظار معالم البلد التي سيتعرف عليها عن كثب .. ولكن بأشلائه. وإذا ما تعرف صاحب يموتون غرباء على معالم بلده في الشمال سجيناً فإنه تعرف على معالم بلده في الجنوب قتيلاً. ولد محمد عبد الولي في 12 نوفمبر 1939م بمدينة دبرهان الأثيوبية عن أب يمني وأم أثيوبية وربما كان هذا ما حداه تكريس غالب أعماله لهجرات اليمنيين وحياتهم في أثيوبيا جاعلاً من أوضاع المولدين، إن لم تكن معاناتهم في اليمن وأثيوبيا ، ثمة أساسية في كتابته. ولمحمد عبد الولي ثلاث بنات وأبن واحد، أيوب وبلقيس من زوجته الراحلة مشلي، فيما أنجب من زوجته السويدية الراحلة أيضاًَ سارة وفاطمة وهو درس في مدرسة الجالية اليمنية بأديس أبابا، ومن ثم في القاهرة، قبل أن يطرد من مصر في يونيه 1959م بتهمة الانتماء لليسار، وأنهى دراسته في معهد غوركي للآداب بموسكو، ليعود بعد ثورة 26/9/1962م إلى اليمن، حيث شغل عدداً من المناصب الحكومية متبوعة بمناصب دبلوماسية خارج البلد. وإذ رحل عن حياة قصيرة لم تتعد الـ 34 عاماً على مثل نحو لمثل حادث تفجير إرهابي لم يكن غريباً عن مضمار الأحداث اليمنية، فإنما تأكيداً صدفويا على المدى الذي وصله تشابك مصير محمد عبد الولي مع مصائر شخصياته المروية، هنا لم تكن المأساة مستعدة لأقل من أن تترك أشد بصماتها رسوخاً وسفوراً على مصير الفنان ومنحوتاته الروائية. والحال لم يأت تكفير محمد عبد الولي عام 2000، وبعد اغتياله بربع قرن إليه التنكيل المستمر بتراثه الروائي، إلا من ذات الباب الذي أتى منه سجنه، واغتياله تعريفه على معالم البلد، ولئن بدا هذا ديدن اليمن المحارب للإبداع فإنما أيضاً بالموازاة وكونه بلداً ضد الاختلاف والتعدد الذين مثلهما محمد عبد الولي على أشمل ما يكون ذاك ابتداءً من ولادته لأم غير يمنية مروراً برحلاته زيجاته وحكاياته. .......................

قديم 04-14-2012, 01:24 PM
المشاركة 417
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


محمد عبد الولي ..سيرة موجعة وكتابة مغلفة بالحنين (القصة الكاملة )

إعداد/ سامي الشاطبي

بين يدي سيرة رجل:

هذه المرة ..عليك ان لا تنتبه ..لأني اكتشفت الطريق الذي مر منه قبلك.. في ذلك الطريق الموحش ثمة مخاطر اجتاحت خط حياته حتى ان بعضها كادت تعصف به لولا مجابهته إياها بقوة وصبر وعزيمة اكبر مما كنت أتصور أو يتصور شخص طيب وقوي مثلك ..في المقابل لم يخلو الطريق من الأفراح والأتراح في خلطة نهائية مخرجاتها شخص انتج الكثير على المستوى الادبي ما يجدر بنا تتبعه وعلى ارض الواقع وبالمشاهدة والمعايشة .
انه القاص والروائي الأديب الأستاذ محمد عبد الولي الذي شغلت كتاباته السردية الساحة اليمنية في حياته ومماته ومازالت صداها حتى اللحظة تتسع وتتمدد محليا وعربيا وعالميا في رسالة واضحة لم تكتف حمامة واحدة بارسالها كما في حياته بل كن حمامات حفظن محتوى الرسالة ورحن يطوين السماء ينشرنها من جيل حمامي إلى اخر من دون تعب او كلل وكأنه واجب وطني مقدس.
لقد كتب الكثير عن نتاج الأستاذ عبد الولي كاتب يموتون غرباء وشيء اسمه الحنين وصنعاء مدينة مفتوحة وعدة اعمال أخرى لكن قراءتي لنتاج هذا الأديب والتي قابلتها زيارتي للحي الذي ولد فيه في ارض المهجر اثيوبيا والمدرسة التي درس فيها في أديس أبابا والحي الذي تلقى في مدرسته تعليمه الثانوي في القاهرة والأماكن التي ارتادها وزارها هنا في اليمن فتحت لي الباب لانهل من هذه المعايشات والمشاهدات والقراءات ما شكل صورة أوضح عن سيرة هذا المبدع الموجعة وكتاباته المغلفة بالالم في خلاصة لا يسعني امامها سوى استئذانكم للبدء:-

في البدء كانت اثيوبيا:

(اليمن لقد نسيتها انني انتظر الموت فقط ..لن يعرفني احد هناك اذا عدت..لا احد بقي معي هناك ..لن أعود ..قد يعود ابنائي يوما ما اذا ما عرفوا ان اباهم كان غريبا..وقد لا يعودون ..قد يظلون مثلي غرباء )
مقتطف من رواية كتبها لعبد الولي كتبها قبيل اغتياله عام 1987م فمن هو عبد الولي ولماذا تلك الجملة المريرة بالذات عن وطن المهجر وعن وطنه ولماذا لم يوثق لقصه حياته في المهجر ..كثيرا ما قذفت بي هذه التسأولات في دوامة من من الحيرة الكبيرة ..كلما نهضت صباحا على صوت المطر في اديس ابابا
لم يلاحظ الزملاء لهفي ذلك إلى ان حملتني اقدامي إلى منطقة سدس كيلو والتي عاش فيها عبد الولي زهرة شبابه قبل ان يعود إلى ارض الوطن.
ففي زيارة خاطفة لي لأثيوبيا قبل عدة أشهر كان موعدي الأول مع محمد عبد الولي بالتحديد في حي سدس كيلو ويعني حي ستة كيلو والذي ولد فيه عام 1940م
اختلست ساعات من الزملاء وذهبت اليه وحيدا في موعد سري اذ لا يجب ان يعرف احد بهذا اللقاء التاريخي
كنت سعيدا ..غنيت للكون والمدن التي هاجر اليها اليمانيون وبكيت لوطن لا يملك متسعا من الحلم ليستوعب ابناءه
امام السفارة اليمنية ثمة طريق فرعي واسع نسبيا .. حي سدس كيلو يبدأ من هذا الطريق ..خطوت ..لا احمل ما يوثق اسطري غير صدقي ..هناك في الطرف الاخر للحي وجدته صبي يدرس في مدرسة الجالية اليمنية الإثيوبية الواقعة في حي ماركاتو القريب من سدس كيلو جالسا امام مجموعة أشجار تزيين منزل اسرته في بلد عبارة عن غابة رائعة مسترخيا يذاكر
عدت بذاكرتي الى الوراء قليلا في مراجعة سريعة لحياة اسرته ..محمد عبد الولي احد اعمده الابداع السردي في بلادنا وهو من مواليد اديس ابابا العاصمة الاثيوبية من اب يمني وام اثيوبية فقد تغرب والده من اليمن وهو من قرية تسمى حارات في ( حيفان) مدينة تعز وذلك هربا من جور الامام في الشطر الشمالي سابقا واستبداد الاستعمار الانجليزي في الشطر الجنوبي سابقا ..
لقد ظن احمد عبد الولي العبسي بان فراره الى عدن سيكون الملاذ الامن له من مطاردة الامامة له لكونه ممن ينتمي الى حركة الاحرار الداعية الى الانقلاب على الحكم الامامي لم يجد امام احمد عبد الولي خيارا سوى الهجرة من الوطن وعن طريقة هجرته المؤلمة والموجعة في ان معا قال الاستاذ خليل الاصبحي :- بواسطة بعض التجار اليمنيين الذي كان لهم علاقة ببعض البحارة وأصحاب السفن الشراعية ومن على دكة الشيخ سعيد وعلى متن زعيمه شراعية كما كانت تسمى هاجر الى بلد مجهول ومن ميناء عصب انتقل الى العاصمة الأثيوبية اديس ابابا
عدت الى لحظتي ..تأملت محمد عبد الولي مليا ..اخ لكم هي اثار الهجرة كارثية ..تعرفت عليه ..ومن قصة ابو ريبة وجهت له عددا من الاسئلة فكانت الإجابات كالتالي:-
سـ:- شخصية أبو ريبة ذلك الرسام المقيم في ارض المهجر أثيوبيا كان قد دعاك في قصة أبو ريبة إلى العودة إلى اليمن ..ما الحوار الذي دار بينكما؟
- تعرف ان بلادك.. هناك.. جميلة ..كلها جبال وأشجار وشمس ووديان ...ايش عرفك ...ما كنت في اليمن
- لا
- ايش عرفك ..اسمع لازم تروح اليمن ..ايش تسوي هنا ..ايش معك هنا في بلاد الناس ؟
- لم اجبه.. انني اعرف ان بلاد والدي بعيدة..
سـ: برأيك لماذا يهاجر اليمنيين بهذه الارقام الماهولة ؟
- كل اليمنيين ليش يهاجروا ..هم خوافين ..ما قدروا يجلسوا في بلادهم وهربوا منها خلوها للملاعين ..آه أنت ما تعرف بدأو بالهجرة من ألف سنة يمكن أكثر ..قالوا سد مأرب تهدم ومن هدمه فأر صغير ..شوف كذابين ..هم هدموا السد بفسادهم ..ما قدروا يبنوا سدود ثانية ..هربوا
سـ:- خوف وهرب ..لكن المهاجر كالغريب وما يعانيه المهاجر من غربة وما يواجهه من محن كبير ولا يقاس بما يعانيه في وطنه ..اليس الوطن ارحم من ارض المهجر؟
- في اليمن الواحد في بلاده اما هنا نحن في بلاد الناس تعرف الواحد غريب عيب يتفرجوا علينا ويقولوا شوف هذا اليمني يمشي حافي ولا ثيابه مقطعة.. لكن ايش نسوي؟
سـ: أبو ريبة ..ذلك المهاجر اليمني أين انتهى مصيره ؟
- بعد خمس سنوات غادرت اديس ابابا إلى عدن وفي ضجيج مقهى من مقاهي الشيخ عثمان وانا جالس احتسي قدحا من الشاي لمحته مقبلا ..صرخت ..ابوريبة ابوريبة ..التفت ألي وقبل ان اتمكن من القيام لمعانقته كان قد ترك المقهى وولى خارجا ..جريت وراءه الا انه غاب في الزحام ..كان في ملابس ممزقة وقدمين حافيتين وفي وجهه اثار بؤس .

العودة الاولى:
عاد محمد عبد الولي في العام 1946م حينها كان عمره ست سنوات عاد إلى الوطن الام لكن هذه العودة لم تنتهي باستقراره في الوطن الام بصورة وشكل نهائيين اذ بدت وكأنها زيارة أولى لأخرى ستدوم ..اذ بعد عام عاد إلى أثيوبيا ومع عودته عدت الى زملائي في الفندق المطل على العاصمة اديس ابابا في عودة بدت وكأنها زيارة عابرة سأعود بعيدها الى عبد الولي .. لا ادري ما الذي جعلني اعتقد بان الخوف من ان يلقى كل مهاجر مصير ابو ريبة هو السبب الرئيس لما قلبني رأسا على عقب ..

في مدرسة الجالية اليمنية:
أنشئت مدرسة الجالية اليمنية الاثيوبية في العام 1948م على ايدي التجار اليمنيين وتخرج منها الالاف من الطلبة اليمنيين وغير اليمنيين ..وقد بلغت طاقة المدرسة الاستيعابية حوالي الف ومائتين طالبة وطالبة منهم ثلاث مئة في الصفوف الثانوية وتخضع المدرسة لأشراف وزارة التربية والتعليم اليمنية
والجالية تعتبر اهم مؤسسة يمنية في المهجر اذ استطاعت ترسيخ جذور تاريخية في عمق الشارع الاثيوبي فهذه الجالية التي تأسست خلال فترة التواجد الكبير للمغتربين اليمنيين والذي قدر عددهم آنذاك بنصف مليون انشئت بهدف ربط المواطن اليمني بوطنه وضمان حصول ابناءه على التعليم وحمايته من أي اخطار قد تعترضه ولها عدد من التكوينات القاعدية والقيادية ..امانة الجالية ..وهي امانة منتخبة .يقوم اعضاء الجالية ويتكونون من المهاجرين اليمنيين كل أربعة سنوات بانتخابها ومن فروعها مدرسة الجالية اليمنية الاثيوبية التي التحق عبد الولي للدراسة فيها في العام 1949..م ..خطوت باتجاه المدرسة ..تجاوزت حارس المدرسة بهدوء ..لم يلتقت نحوي كأنه كان على علم باني على موعد مع رائد القصة اليمنية ..كان الوقت في راحته والطلبة منشغلين اما بالاكل او اللعب ..هناك في احدى زوايا ساحة المدرسة وجدته ..جالسا ..مستغرقا في الكتابة اذ كان من ابرز واوائل طلاب المدرسة ومصدر فخر للمدرسة حتى انه لم يكن يمر عام الا وكرمته المدرسة
قالت والدته عنه :-
كان ..ذكي في دراسته وكان من اوائل الطلبة في المدرسة على مستوى الجالية العربية كلها وكانت الجالية اليمنية تفاخر به وتقوم بتكريمه سنويا كما كان سريع البديهه واسع الخيال نشيط في القراءة والكتابة وتدوين الاحداث في اوقاتها

إلى القاهرة:
عندما انتهى من المرجلة الاعدادية في المدرسة اليمنية سافر إلى القاهرة في رحلة بدأت دراسية بدرجة اولى والتحق بمدرسة المعادي النموذجية الثانوية في حي المعادي اتذكر باني وبعد (50) عاما من التحاق عبد الولي بالمعادي زرت القاهرة ومررت بحي المعادي وهو احد الاحياء المفصلية في العاصمة واني تذكرت ان هذه الارض التي قال الله عنها (وادخلوا مصر امنيين ) احتضنت واحدا من اهم رجالات السرد في بلادنا بل واثرت مخيلته ورفعت من درجة ذائقته الادبية اذ مكنته من أم معظم المحافل الأدبية وحضور العديد من الندوات وتكوين صداقات عديدة مع اغلب الادباء والفنانين المصريين
لكن ،،،
لكن ضرورات العلم كانت فوق كل قرار فقد حسمت ضرورة مواصلته العلم واكمال دراسته في موسكو مسألة انقطاع تواصله الأدبي بالقاهرة

البيت الاحمر:

أمام شخصية متنقلة ورثت التنقل عن أباها كعبد الولي ..من اليمن إلى أثيوبيا ومرة أخرى إلى اليمن ومن ثم إلى القاهرة ومن ثم إلى موسكو خلال (23) عاما فقط سيبدو العالم صغيرا حتما ففي موسكو والتي انتهى عبد الولي من إكمال دراسته التي بدأها في أثيوبيا وتدرجت في القاهرة وانتهت في روسيا وتحديدا في معهد جوركي للاداب يلاحظ وبقوة ان روسيا التي أنجبت كبار الأدباء في العالم لم تترك أثرا حقيقيا في إثراء نتاج عبد الولي بل على العكس بدا تأثره بالكاتب الروسي جوركي بارزا وهائلا لدرجة ان قصته وكانت جميلة لم تختلف في شكلها وإطارها عن قصة العمال لجوركي

قديم 04-14-2012, 01:25 PM
المشاركة 418
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عبد الولي متأثرا ام مقتبسا ام:

وفي محاولة رهيبة لنفي تهمة الاقتباس لدى عبد الولي تدخل الأستاذ محمد عبد الله في كتابه (الشعر القصة المسرح) مدافعا عنه بقوله
(أوضح ..ان محمد عبد الولي يصل في اختياره لهذه القصة إلى مرتبة جوركي فكلاهما يعالج نفس القصة وان كنت اعتقد ان قصة وكانت جميلة لا يمكن ان يكتبها الا من كان قد عاش حياة عبد الولي ومعروف ان جوركي اديب عالمي والربط بينهما لا يدعونا لاغفال الفوارق الموضوعية بين فنيهما واحب ان انوه ان قصة جوركي في واقعها وقضاياها تختلف كل الاختلاف عن قصة وكانت جميلة والتي تصور واقعا يعرفه كل الناس في اليمن ..كل ما هنالك ان محمد عبد الولي بفكره الثاقب استطاع ان ينقل الينا اكبر قضية شغلت اليمن في تاريخه الحديث مع الاختلاف الواضح بين اسلوب وطابع ومضمون القصتين)
افتقاد المستقبل:

الاستاذ محمد صالح حيدرة علل هذه النقطة من زاوية اخرى :- بدا محمد عبد الولي متأثراً بأدب جوركي وتشيخوف اللذان يمثلان المذهب الواقعي فقد كرَّس أدبه على أساس هذا المبدأ الإنساني عبر النظرة الواقعية للحياة ، وللواقع للضرورة.. غير أن منهج محمد عبد الولي اقتصر على تصوير الأشياء بما يعني التحريض ضدها.. وهو نقده للواقع ، وتعريته وافتقاده للميزة الأخرى وهي التبشير بالمستقبل لا يعني أنه لا يفقه ما يريده ، لأنَّ نقد شيء تعني ضمناً أن هذا الرفض ينطلق من رؤيا للبديل)



العودة الى الوطن:

في العام 1954م عاد الى ارض الوطن حيث عمل في البداية في مديرا عاما للطيران اليمني في تلك الفترة تزوج من قريته الاعبوس حيفان وانجب منها بكرته بلقيس وايوب ..فيما بعد تقلد منصب مدير عام مكتب رئاسة الجمهورية ومن ثم قائما باعمال السفارة في موسكو وبرلين ومقديشو وخلال تلك الفترة تزوج من امرأة سويدية وانجب منها ابنتيه سارة وفاطمة
وقد كتب عددا من الاعمال الروائية والقصصية وطيلة هذه المدة لم يسلم عبد الولي من المؤامرات والمطارة والسجن والتي فصلها بكل بشاعتها في قصص مثل عمنا صالح وريحانه وذئب محلة
وفي العام 1968..م تعرض للسجن للقعلة في سجن انطلقت اليه في زيارة منفردة ..لم يكن معي احد سوى قلبي الدامي لما وصل اليه حال هذا المبدع ..كان جالسا ينظر باتجاه فتحة خلفها مسمار ..كان قد انتهى لتوه من كتابة قصة ريحانه والتي اجابت على الكثير من اسئلتي

حب خلف القضبان:

سـ:- تعرضت للسجن عام 1968م ..كيف تصف السجن؟
- الزنزانة صغيرة اثنا عشر قدما في ثمانية اقدام التراب تجمع كبحيرات صغيرة في انحاء الغرفة وكل يوم ترسل صنعاء إلى الزنزانة المزيد من هذا الحبات الناعمة من ترابها.. لو كان يوجد ماء معي في الغرفة لحولتها إلى حديقة زهور ..زهور هنا في القلعة زهور يا رب ما ابعد الصورة.
الزنزانة فارغة سوى من مسمار مغروس في الجدار استطعت استخراجه بعد جهد الباب موصد طوال الوقت لا يفتح الا عندما يرد الرسم الازعاج .
سـ:- وماذا ايضا؟
على جدران الزنزانة اسماء لمساجين سبقوني اليها صالح علي الشيخ الذاري مطهر اسماء غريبة وعجيبة تحت كل اسم عبارة لا تتغير ..أنا مظلوم يارب خارجني واظلم من ظلمني..لم اكتب اسمي هناك.. تذكرت بيتا من الشعر كتبته تحت الأسماء وبعد ان حورت في البيت :
دخلنا إلى السجن صغر الوجوه كما تدخل الطير أقفاصها
سـ:- كيف بدت لك صنعاء من خلف القضبان ..؟
- يا الهي كم تبدو صنعاء جميلة من هنا ..المسمار يعمل جهده والفتحة بين اللوحين تكبر وصنعاء تبدو من خلالها اكبر فاكبر ..المستشفى..المدرسة وخلفهما العرضي ومقبرة خزيمة وجزء من السور الجنوبي ..منازل صنعاء تبدو من هنا وكأنها منظر غواصة ..البيوت بيضاء وسوداء ..على مدى امتار من سور القلعة ..سقف بيت كبير ..السقف كبير وواسع.
..مع التاسعة ماتت الشوارع ..عيبان يبدو مسودا بغضب ولكن الانوار لاتزال تخفق فوق صنعاء ..مع العاشرة كان الحي المجاور للقلعة قد نام ولكن بعض الانوار في وسط المدينة لا تزال تقاوم صلاة ..صلاة
الفجر يرسل تباشيره من خلف جبل نقم هادئا ولطيفا ..السماء صافية تماما والشعاع القادم من بعيد يطارد الظلام بخفة والظلام يهرب من على عيبان ..السماء تبدو واضحة وبيضاء مع لو ن خفيف وازرق ولكن اللون القادم من وراء نقم بدأ يتحول إلى لون برتقالي فاتح سينتقل الان من هناك إلى عيبان ..الظلام يبتعد عن عيبان بعيدا نحو الرحبة والسماء تزرق قليلا ولون برتقالي فاتح يتراقص فوق الجبل والهضاب النائمة في احضان عيبان واضحة ..بيوت بيضاء ورمادية وتبدو قرية حدة اكثر جمالا الان حتى لون الاشجار تبدو الان خضراء بوضوح..الضوء يتراقص الان من فوق نقم قويا وفتيا وأشعته تنعكس بسرعة على قمم عيبان وفوق منازل القرى هناك ولكن الظل لا يزال يخيم على المدينة وتحت اقدام عيبان ..لا تزال سحابة صغيرة من الندى ترتبط بالارض بقوة وكذلك بعض الحقول بجوار المطار اما الرحبة فلا زال الظلام يقاوم بيأس المدينة تكبر وتكبر تحت اضواء الصباح ..سيارات قليلة تمرق هنا وهناك ولكن الناس لايزالون في البيوت ..
سـ:- ولياليك خلف القضبان ؟
- المساء حزين هنا ..
- سـ:- اليوم الاول في السجن كيف تصفه ؟
مر اليوم الاول وأنا أحملق بفرح صبياني إلى العالم الذي اكتشفته من خلال الفتحة السرية جبل عيبان يشمخ هناك أمامي ..متحديا الزمن والغبار والناس ..طائرة صغيرة تهبط وترتفع من المطار الجنوبي ..أحملق فيها وهي تذهب بعيدا خلف عيبان
سـ:- ما بك غصت في صمت عميق ؟
- تعبت عيناي
سـ:- من ماذا ؟
- شعرت بتعب
سـ:- لا بأس عليك ..اشرت إلى بيت كبير وواسع يقع على بعد امتار من القلعة في قصة ريحانة..خضت تجربة مكانا سقف هذا البيت لا يمكنني سوى وصفها بالحب من طرف واين لحبيب يقبع خلف الزنزانه وحبيبه خارج الزنزانة كلاهما لا يعرف عن الاخر ما يرقى الى علاقة الحب ؟
- هناك فوق سقف دار قريب انها تتفتح مع شعورها بالحرارة واستقبال رائع للضوء وهناك على مقربة من اصص الريحان كانت تقف عدد كبير من الريحان لكنه ريحان بشري حملقت بقوة ..سروالها يغطي الجزء الاسفل وفوقها ثوب قصير اسود.. على رأسها غطاء صغير يضم شعرها الذي تمرد على الغطاء واصبح يرقص مع النسمات الندية برشاقة وكأنها تدربت على ريجيم معين تسير بخفة من أصيص إلى اخر وتفرغ من وعاء معها قطرات من الماء ..اذا تأتي هي ايضا مع الفجر ..لم اراها طوال النهار ولكنها تأتي.. دقائق بالنسبة لي كانت دهرا ..التفت نحو أصص الريحان ..بدت لي عينان سوداوان ..هكذا خلتها من بعيد واسعتان لولا الخنة لرأيت وجهها ..حتى مع الفجر لا تبعد ذلك الشيء الكريه الذي يغطي أجمل ما فيها ..نصف وجهها أنامل يديها رقيقان وهي تتجول من مكان إلى اخر تسقي ريحانها ..أسميتها رأسا ريحانه ..انهت عملها وقفت تنظر إلى الريحان بفرح فيما كانت هناك ابتسامة ما تحت الخنة سارت فوق السقف ورقص قلبي مع خطواتها الناعمة مع الفجر ..كانت قريبة جدا مني حتى كدت المسها ولكنها غابت من باب السقف إلى اعماق المنزل
سـ:- تجربة مريرة ان يحب انسان انسانة وهو نزيل سجن ..هل يمكنني الحصول على مزيد من التفاصيل ؟
- بدت كفجر جديد ..ثوب ملون وسروال اخضر بشعرها الأسود الطويل لا يزال متمردا على المصر ..يداها هذه المرة كانت عاريتين حتى المرفق بيضاوتين كزبدة الفجر ..عيناها شعاع الفجر كله ..كان ضوء الصباح يملا ء وكانت هي مصدر ذلك الضوء الهادئ ..تنقلت من اصيص إلى اخر نجفة ملاك ..نظرت مرتين إلى الوراء سقفها ..اشارت باناملها تحية لانسان لم اره ..ربما لامرأة اخرى مثلها فوق سقف اخر هناك ..عادت إلى اصص الريحان وانا اكاد اطير من فوق جدار السقف نحوها ..قطفت ريحانا واستنشقته بفرحه الصباح ..كادت اخشاب النافذة ان ترمي وجهي وأنا أحملق وكنت أتنفس مع ندى الصباح ونسماته رائحة الريحان القادمة من جارتي التي لا تعرفني
سـ:- ما زلت مدهوشا لهذه العلاقة ..انت خلف القضبان وهي خارجه لا تربطكما سوى نافذة صغيرة ووقت محدد للضوء قبل صلاة الفجر ..كيف تصف هذه العلاقة الغرائبية ؟
- علاقة قديمة استمرت تربطني بها مع الصباح بل وقبل الفجر.. كنت انظر إلى الفجر وانتظرها ..كلاهما اصبح لي غذاء
لم يعد الرسم يطرقون الباب أو ينادون للصلاة فقد كنت اقوم صباحا دون أي طلب منهم بل بدأت أزعجهم طالبا الوضوء قبل الوقت المحدد حتى اتفرغ للقاء حبيبتي ريحانه وكل يوم كانت تبدو بثوب جديد ..مرة سقط غطاء الرأس فتطاير الشعر فوق وجهها فرحا بحرية ولم تعد إلى اسره ظل يتراقص حول وجهها وهي فرحة وكل صباح تقطف قليلا من الريحان وتقبل وترسل يديها نحو السماء في صلاة غامضة
سـ:- ما بك صمت ..ملامح الحزن تبدت على سحنتك ..هل تسببت في مضايقتك ؟
- كنت مستمرا في احترام مواعيد الفجر ..ولكنها اخلفت كل المواعيد ولم تعد. .
يارب .. لماذا ذهبت ؟ ماذا حدث لها هل ماتت؟ لا يمكن ان يموت من كان مثلها ربما تزوجت ..فكرت كثيرا ..ولكني استبعدت ذلك لان الزواج مثل الجنازة هنا في صنعاء ينشدون لها طوال الليل باغاني دينية حزينة ولم اكن سمعت ذلك من ذلك المنزل ..لا بد انها سافرت ..اذا لماذا لم تترك من يعتني بريحانها ؟
سـ:- .............................؟
- لقد ذهبت فجاءه ..هذا هو السبب الوحيد
سـ:- ما الذي يحزنك ؟
- النغم الحزين لاصوات الاطفال
سـ:- حقيقة انا مرتبك امام أديب بحجم عبد الولي .. لدي اسئلة كثيرة لكنني سأترك لك الورقة لوضع السؤال الذي تريده والاجابة عليه؟
- لماذا يدفن الناس هنا مع الفجر ؟
- لم اجد جوابا ..

يموتون غرباء:
تحكي رواية يموتون غرباء وهي اول رواية كتبها عبد الولي قصة مشوقة ومحزنة في ان معا عن حياة المهاجرين اليمنيين في اثيوبيا
..بطل الرواية عبده سعيد الذي يطمح بالعودة الى منطقته في اليمن بعد عقود من الهجرة وجمع المال في اثيوبيا من اجل ان يقال عنه انه اغنى احد..
تعتري النشوة عبده عندما يتخيل منظر اهل منطقته وهم يروونه يرفل في النعيم ..يتصاعد طموح عبده سعيد وفي اثناء ذلك تحترق الأوراق في دكانه ويموت عبده سعيد غريبا في اثيوبيا ..
ان الرواية ادانت بشيء من الحزن المغلف عبده سعيد الذي يمثل الانسان اليمني المهاجر بانه أي عبده هذا المهاجر لم يترك شيئا طيبا في حياته ولم يقدم لوطنه شيء على الاطلاق سوى امرأة ملقى وحيدة ولعدة سنوات في منطقته حتى ان مماته كان مفزعا وكارثيا الى هذا الحد

قال فارس الاخ من الام لعبد الولي :

لقد كان صاحب حس مرهف وكان عاطفيا كثيرا ولكنه قوي الارادة ولاننا من المهاجرين اليمنيين وامنا اثيوبية فقد عانينا الامرين سوى في المهجر او الوطن.

صنعاء مدينة مفتوحة:
في روايته صنعاء مدينة مفتوحة تفنن عبد الولي في تصوير غشم السلطة الامامية وعدائها للمجتمع وعبر عن سخطه لشخص الحاكم من خلال شخصية البحار الذي يدخل قلاع الامامة الظالمة ـ بيت عامل زبيد – وقد كان البحار في السادسة عشرة انذاك ونجح في معاشرة بعض حريم البيت في انتقام اخلاقي.. قصورهم تفضح نفسها بانحلال نسائها ، لقد اخذ البحار في النهاية ما اراد ثم ولي هاربا عبر البحر منتصرا برجولته على تسلط الامامة

تجسيد طابع الصراع:

كتب احد النقاد :-
حسبنا أن نقول ان صنعاء مدينة مفتوحة عمل واقعي ، مكتمل النضج ، وقطعة أدبية زاخرة بالمشاعر ، جسدت بعمق ونفاد طابع الصراع الاجتماعي والسياسي في المجتمع اليمني في الحقبة الأولى من حقب النضال السياسي المنظم ضد الامامة ، كما جسدت بامتلاء شخصياتها وتنوع مصائرها ، توق الشعب اليمني عامة إلى كسر سجن الطغاة وبناء عالم أفضل
ببلوجرافيا بإصدارات محمد عبد الولي:
صنعاء مدينة مفتوحة رواية ..محمد عبد الولي صدرت عام 1977م
ة الأرض يا سلمى مجموعة قصصية ..محمد عبد الولي 1966م
شيء اسمه الحنين .. مجموعة قصصية ..لمحمد عبد الولي 1972
يموتون غرباء ..رواية ..محمد عبد الولي عام 1971ط1 و1971ط 2

شهــــــــــــــــــادات:

وضع الاسس الحديثة لفن القصة


عبد العزيز المقالح
محمد عبد الولي هو رائد القصة الحديثة في اليمن ولم تكن صفة الرائد التي تلحق باسمه دائما اعتباطية أو من باب إضفاء الألقاب على من لا يستحقها وانما كانت تقريرا عن حقيقة يعترف بها الجميع فقد كان محمد عبد الولي القاص الأول ورائد هذا الفن دون منازع فهو الذي وضع الأسس الحديثة في هذه البلاد لكتابة قصة ذات افق جديد في اسلوب القص وفي التقاط معطيات الواقع من خلال رؤية فنية ولغوية توحي أكثر مما تخبر وتتعامل مع الرمز من أرقى مستوياته.

أدخل تقنيات جديدة

هشام سعيد شمسان

تحولات تقنية ، وفنية بدأت تأخذ طريقها فيما بعد إلى هذه الكتابات ، وكأنها تبشر بالحداثة الجديدة ، بدخول تقنيات سردية حديثة إليها نحو : الاستفادة من البصريات السينمائية كما في قصة طفي لصي لمحمد عبد الولي .
بريق القصة

سلام عبود

وكانت الرواية اليمنية ، التي بدأت برواية سعيد لمحمد على لقمان عام 1939 ، قد استقرت في رحلتها البطيئة والعسيرة عند محطة هامة اسمها محمد احمد عبد الولي ، في روايتيه القصيرتين : يموتون غرباء 1970 و صنعاء مدينة مفتوحة 1977 ، ولم يزد عدد الروايات اليمنية ، وهي في الغالب قصص طويلة ، على عشر ، حتى عام صدور الرهينة .
ورغم اهمية روايتي محمد عبد الوالي تاريخيا ، إلا أنهما لم تتهيأ لهما من الأسباب ما يمكننا أن نسمّيهما فنا روائيا مكتمل النضج ، فقد ظل بريق القصة القصيرة أشد سطوعا في ابداع عبد الولي وأكثر اكتمالا .
دراسات في القصة

شكل الناقد والاديب الألماني جونتر اورت واحدة من حلقات وصل القصة اليمنية الى القارئ الالماني وقد لعب دورا بارزا في مجال الترجمة ودراسة العديد من النصوص السردية وفي كتابه
دراسات في القصة اليمنية والصادر عن اتحاد الادباء يلاحظ القارئ مدى عظم تركيزه على أدب عبد الولي باعتباره ...
لقد كشف جونتر الكثير من الرموز الغائبة في نتاج عبد الولي السردي ما اكسب كتابه حضورا لجمهور اكتشف من خلال سطور الكتاب نصوصا ابداعية كتبها معلم في فترة تعتبر من اشد وافقر واجهل فترات اليمن
جونتر اورت

يعتبر الناقد والاديب الالماني اورت ابرز من تناول نتاج محمد عبد الولي على المستوى وهو اديب وناقد ومترجم ومشتغل نشط في المجال الثقافي ولد عام 1963 في أنسباخ/ ألمانيا ودرس الماجستير في جامعة إرلانغن وتلقى دراسات إضافية في دمشق والقاهرة ولايبزيغ وفي اليمن وقد حصل على الدكتوراه 1996 من جامعة برلين بموجبها تولى تدريس العلوم الترجمة واللغة الألمانية في جامعة صنعاء عام 2000 وقد صدر كتابه الخامس بالعربية دراسات في القصة القصيرة اليمنية عن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين عام 2004

قرار الوداع :
تعرض للكثير من الدسائس وحيكت حوله الكثير من المؤامرات ودخل السجن مرتين الأولى في القلعة والثانية في سجن رداع الرهيب وعذابات أخرى اضطرت عبد الولي إلى اتخاذ قراره بالهجرة ..بوداع الوطن في هجرة سابعة بدأها مع اسرته المهاجرة وكأن الوطن الذي عشقه حد الثمالة كافئه بالقيود والزنازين ولم يعد بحاجة الى امثاله من الوطنيين
واقتربت ساعة وداع الوطن تسبقها زيارة اخيرة يقوم بها للمناطق الجنوبية قبل الوداع
وما ان انتهى من زيارة المناطق الجنوبية دنت ساعة وداعه لوطن اهداه الورد فردها شوكا ..اهداه علمه وكل ما تعلمه في اثيوبيا والقاهرة وموسكو فرد له بالنكران والطرد
وشرعت نفاثة الطائرة تدور بانتظار صعود شخصيات دبلوماسية مشهورة على متنها
لكن ،،،

هل ودع عبد الولي وطنه ؟
هل غادر ومات غريبا ..؟ كما مات ابطال روايته يموتون غرباء
نعم ..لقد ودع وطنه ..ولكن ليس من خارجه ..ليس من خارجه

بدايات ..موت..غريبة

ومن بعد عبد الولي بدأت اسرته التي عانت المرار من الهجرة تنتقل الى رحمة الله في مشهد لم يكشف سوى عن اسرة ماتت غريبة بكل معنى الكلمة
لقد دهم الفشل الكلوي الابنه البكر لعبد الولي الدكتورة بلقيس محمد عبد الولي لتموت غريبة في أحدى مستشفيات القاهرة ، وكان من نتائج هذه النهاية المحزنة ان تموت غريبة كما ابطال رواية يموتون غرباء
يقول الاستاذ علي سالم المعقبي في شهادته:

لقد كانت صيدلية بلقيس أول صيدلية في تعز تفتتحها وتديرها امرأة .
ولقد أتيح لي بفضل تولي الصديق عبد القوي أحمد حسن ، الإدارة المباشرة للصيدلية ، التعرف عن كثب على شخصية بلقيس المناضلة الإنسانية ...والسلوك فقد شهدت حالات عديدة لمعالجة فقراء وصرف علاج لهم بالمجان قام به الظرافي وزوجته بلقيس ، وهو أمر مشهود ومعروف عنهما في تعز ، فكثيرا ما كان يأتي إلى عيادة الظرافي معوزون من غير منطقة في تعز ، فيقوم بمعاينتهم مجانا ثم تتولى بلقيس صرف العلاج مجانا لهم في وقت تحول فيه الأطباء إلى جزارين للجيوب وتحولت العيادات إلى مقاصل .
كانت د . بلقيس السميعة الذواقة ، الشغفة بأغاني ماجدة الرومي ، روزا لوكسمبورج ، الإنسانية الوعي ، العبسية المولد ، امتيازا أنثويا للمرأة اليمنية المناضلة بصمت ، المهمومة بأوجاع الناس الغلابا ومشاكلهم ، ثمة مناضلات لا ينظرن سوى إلى المنصب وكرسي الوزارة أو البرلمان ولا يسمعن سوى أخبار دعم المنظمات المانحة .. وثمة مناضلات مستغرقات في مشاهدة وملامسة أوجاع أهل الكدح ، وتسمع أناتهم لمداواتها ، وليس لأجل المزاودة بها .
النهاية
في صبيحة يوم 30/4/ من العام 1973م بالتحديد عندما بدأت نفاثة الطائرة تدور ..تقدم بخطوات هادئة باتجاه المطار حاملا حقيبته التي ذكر انها كانت تحتوي على مسودات لقصص ورواية كان قد أخذها معه لمراجعتها وتصحيحها لكن ،،،لكن الأقدار لم تسعف كاتبنا لأكثر من ساعات اذ ما ان سمع دوي انفجار الطائرة في الجو انتهت الطائرة وبها ركابها إلى مصير مجهول ساعات وانكشف مصير الطائرة في مشهد محزن لم يسع اديب بحجم الدكتور عبد العزيز المقالح في شهادته عن القول
(ذلك هو محمد عبد الولي الفنان الانسان الذي رحل عن اربعة وثلاثين عاما أي في قمة العطاء وفي حادث طائرة ما يزال ملف سقوطها الغامض مفتوحا ولم يقفل بعد ).

قديم 04-14-2012, 02:46 PM
المشاركة 419
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ظروف نشأة محمد عبد الولي

- تحكي رواية يموتون غرباء وهي اول رواية كتبها عبد الولي قصة مشوقة ومحزنة في ان معا عن حياة المهاجرين اليمنيين في اثيوبيا
..بطل الرواية عبده سعيد الذي يطمح بالعودة الى منطقته في اليمن بعد عقود من الهجرة وجمع المال في اثيوبيا من اجل ان يقال عنه انه اغنى احد..
تعتري النشوة عبده عندما يتخيل منظر اهل منطقته وهم يروونه يرفل في النعيم ..يتصاعد طموح عبده سعيد وفي اثناء ذلك تحترق الأوراق في دكانه ويموت عبده سعيد غريبا في اثيوبيا ..

- يقول " لاننا من المهاجرين اليمنيين وامنا اثيوبية فقد عانينا الامرين سوى في المهجر او الوطن. ".

- عرض للكثير من الدسائس وحيكت حوله الكثير من المؤامرات ودخل السجن مرتين الأولى في القلعة والثانية في سجن رداع الرهيب وعذابات أخرى اضطرت عبد الولي إلى اتخاذ قراره بالهجرة ..بوداع الوطن في هجرة سابعة بدأها مع اسرته المهاجرة وكأن الوطن الذي عشقه حد الثمالة كافئه بالقيود والزنازين ولم يعد بحاجة الى امثاله من الوطنيين

- ولا يخفى على المهتمين تأثر الأديب بالاتجاه الواقعي ونلمس ذلك من خلال نتاجه الأدبي، يكشف لنا الكثير وذلك بفضحه للواقع البائس للشعب اليمني سواءً في المدينة أو القرية الأكثر بؤساً.كما انه قدم أيضاً في الكثير من أعماله الأدبية صورة المرأة اليمنية والتركيز على معاناتها في المجتمع اليمني والتي يعتبرها بمختلف منازلها (امرأة فاضلة)
- عاش قصة حياة كبيرة رغم عمره القصير.. المهاجر في طفولته، الغريب داخل الوطن..

- عانى الكثير من سجن وتعذيب ومات شهيداً للمؤامرة ومات أيضاً شهيداُ للنسيان.
- من مقدمة للراحل الأستاذ عمر الجاوي لرواية يموتون غرباء:"حياة عبد الولي مجموعة كبيرة من القصص..".



قديم 04-14-2012, 11:41 PM
المشاركة 420
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يبدو ان هناك اجماع بأن "مرارة التجربة التي عاشها في الطفولة والصبا هي المسيطر الأول على كل إنتاجه". و وهو حتما عاش حياة ازمة وهو يتيم اجتماعي وهناك احتمالية ان يكون يتيم الاب اذا كان قد اعتمد في روايته " يموتون غرباء" على شيء من سيرته الشخصية وهو الامر المحتمل حيث يموت البطل في دكانه التي تتعرض للحرق فيموت حلمه بالعودة الى وطنه اليمن.

يتيم اجتماعي.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 23 ( الأعضاء 0 والزوار 23)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 08:52 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.