قديم 02-20-2012, 12:56 PM
المشاركة 271
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
منذر القباني
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

منذر القباني من مواليد مدينة الرياض عام 1970
طبيب وروائي سعودي أبرز اعماله رواية حكومة الظل التي صدرت عام 2006 عن مركز الراية ثم أعيد طباعتها عام 2007 عن الدار العربية للعلوم.
تعد رواية حكومة الظل من انجح الروايات العربية التي صدرت في السنوات الأخيرة وقد لاقت صدا كبيرا في ما بين المنتديات والمدونات كما أن الصحافة تناقلتها كظاهرة روائية سعودية جديدة مختلفة عن باقي الروايات السعودية التي شهدتها الطفرة الروائية الأخيرة.
  • في عام ٢٠٠7 تصدرت رواية حكومة الظل قائمة الروايات العربية الأكثر مبيعا حسب موقع النيل والفرات
  • كما صدر للمؤلف في عام ٢٠٠٨ رواية عودة الغائب وتصدرت هي الأخرى قائمة الكتب العربية الأكثر مبيعا في أول أسبوع من صدورها.
==
مواليد مدينة الرياض سنة ١٩٧٠</SPAN>
حصل على شهادة الباكلريوس في الطب من جامعة الملك سعود بالرياض سنة ١٩٩٤
حصل على البورد الكندي في الجراحة العامة من جامعة تورنتو سنة ٢٠٠١
حصل على شهادة التخصص الدقيق في مجال جراحة الكبد و البنكرياس و القناة الصفراوية من جامعة برتش كولومبيا في فانكوفر سنة ٢٠٠٣
ألقى مجموعة من المحاضرات الصحية و الثقافية في مختلف مدن العالم
لديه مجموعة من الأوراق العلمية المنشورة في العديد من المجلات الطبية المحكمة
نشر مجموعة من المقالات الثقافية في الصحف المحلية

لديهمن الأعمال المطبوعة:
رواية حكومة الظل سنة ٢٠٠٦
رواية عودة الغائب سنة ٢٠٠٨

للمراسلة:


http://web.mac.com/alkabbani/Site/Welcome.html

قديم 02-20-2012, 01:06 PM
المشاركة 272
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
منذر قباني: أحمل مؤسساتنا الثقافية سبب حالة العزلة
عبدالله السمطي


gmt 16:00:00 2009 الجمعة 3 يوليو



مازالت روايته الأولى "حكومة الظل" الأكثر رواجا
منذر قباني: أحمل مؤسساتنا الثقافية سبب حالة العزلة التي يشعر بها جيل كامل من الأدباء السعوديين.
* نجاح روايتي الأولى حكومة الظل لعب فيه القارئ عبر الإنترنت دورا كبيرا،
* من المؤسف أن يكون أعضاء الغرف التجارية في السعودية منتخبين، ولا يحدث ذلك في الأندية الأدبية.
* الرهان الحقيقي يجب أن يكون على الرواية التي تحترم عقل القارئ الواعي
عبدالله السمطي من الرياض: يجزم الروائي السعودي منذر قباني بوجود طفرة روائية في السعودية، وعلى الرغم من ذلك فإن هناك ضعفا في الحالة النقدية والثقافية في رأيه ، ويشخص قباني هذا الضعف بوجود بعض النقاد و المثقفين "يهاجمون الإنتاج الثقافي من دون إبداء أسباب منطقية و علمية قائمة على تحليل منهجي". أصدر الروائي منذر قباني روايتين، هما:" حكومة الظل" 2006 و" عودة الغائب" 2008 وقد حققتا نسبة مقروئية عالية بين القراء وطبعتا غير مرة، مع ذلك لم تلفت الروايتان أنظار النقاد السعوديين، بل كتب عنه عدد من النقاد العرب، وهو في حديثه لإيلاف يكشف أسباب هذا التجاهل النقدي ويعزوه إلى "الأهواء الشخصية" و"عدم القراءة". قباني المولود بالرياض في العام 1970 والذي يعمل بالأساس طبيبا جراحا، يشكل صورة للجيل الروائي الجديد الذي يكتب بدقة كتابة مختلفة على مستوى الأسلوب الروائي وعلى مستوى النسق الدلالي يؤكد على أن هناك شعورا عاما لدى عدد كبير من الأدباء وخاصة الشباب بالعزلة عن المؤسسات الثقافية وبعدم الشعور بالتضامن من قبل الأجيال السابقة من الأدباء والنقاد. في هذا الحوار تطرق قباني إلى توصيف حالة الرواية السعودية، وموقف المؤسسة الأدبية من المبدع السعودي وغيرها من القضايا الأدبية، وهذا نص الحوار:
* حققت روايتاك:"حكومة الظل" و"عودة الغائب" نسبة مقروئية عالية بالمقارنة بالروايات السعودية التي واكبتها في الصدور، فما مدى استجابة النقاد لهما؟
- لا شك أن رواية حكومة الظل إستطاعت أن تحقق نجاحا كبيرا منذ صدورها في عام ٢٠٠٦ ولا يزال الإقبال عليها كبيرا إلى اليوم بعد مرور ثلاث سنوات، حتى أنها كانت من أكثر الكتب مبيعا في معرض الكتاب الدولي الأخير بالرياض، و كذلك الحال بالنسبة لرواية عودة الغائب التي صدرت في عام ٢٠٠٨. بل أن بفضل من الله لم يكن هذا النجاح على المستوى المحلي فقط، بل تجاوزه إلى كثير من الأقطار العربية، ولكن بالرغم من هذا ستجد أن من تناول هاتين الروايتين، إما بالتحليل أو عن طريق الكتابة الإنطباعية، هم في الغالب من غير النقاد السعوديين. لا أعتقد بأن هذا الأمر من قبيل المصادفة، أو أنها مسألة تخصني أنا وحدي دونا عن غيري، بل أراه إنعكاسا لضعف الحالة الثقافية في المشهد المحلي بشكل عام بالرغم من الطفرة الروائية التي نشهدها اليوم في السعودية. بل أنه من المؤسف أنك تجد بعض النقاد والمثقفين يهاجمون الإنتاج الثقافي من دون إبداء أسباب منطقية وعلمية قائمة على تحليل منهجي لتلك الأعمال، حتى أنه منذ فترة قريبة صرح أحد هؤلاء النقاد، تعليقا على عدم وصول أية رواية سعودية للقائمة القصيرة أو الطويلة لجائزة بوكر العربية، بأن الرواية السعودية لا تصلح للنشر وغير مؤهلة للترشيح!! لا شك أن مثل هذه التصريحات هي أقرب للأهواء الشخصية منها للرأي النقدي التحليلي، و صدقني عندما أقول لك بأني لن أكون مندهشا إن لم يكن يعلم صاحب ذلك التصريح ما هي الروايات السعودية التي رشحت للجائزة ناهيك عن قراءته لتلك الأعمال.
ولكن بالرغم من هذا فهناك من النقاد والكتاب من تناول أعمالي بالنقد والتحليل من أمثال عبود عطية و عبدالحفيظ الشمري ، و محمد العشري و سلطان الزعابي و غيرهم كثير. كما أن ما يكتبه القراء عبر المنتديات الثقافية لا يقل أهمية عندي حيث أن تلك الكتابات تشكل مقياسا حيا لمدى تجاوب القارئ مع الكاتب، وأنا شخصيا أستفيد كثيرا منها. ولله الحمد فقد حظيت أعمالي على قدر كبير من التغطية عبر الإنترنت، حتي أني لا أبالغ إن قلت بأن نجاح روايتي الأولى حكومة الظل لعب فيه القارئ عبر الإنترنت دور كبير، حتى أنه بعد صدور الرواية بأشهر قليلة كانت تأتيني رسائل من عدد كبير من أشخاص لا أعرفهم من كافة الأقطار العربية تستفسر عن كيفية الحصول على العمل الذي قرأوا عنه عبر الإنترنت.

* لأنك آت من مجال علمي طبي .. كيف هي علاقتك بعالم الأدباء السعوديين هل تشعر بالعزلة أم بالغربة أم بالتضامن؟
تربطني علاقة جيدة مع عدد من الأدباء و المثقفين السعوديين، و لكن لا أخفيك القول بأن هناك شعورا عاما لدى عدد كبير من الأدباء و خاصة الشباب بالعزلة عن مؤسساتنا الثقافية وبعدم الشعور بالتضامن من قبل الأجيال السابقة من الأدباء و النقاد. مع الأسف النوادي الأدبية لا تقوم بدورها كما يجب، وهذا أمر غير مستغرب من أعضاء مجالس إدارة معينين وغير منتخبين، حيث أنهم يدركون بأن بقائهم في مناصبهم هو رهن علاقتهم الجيدة مع المسؤول الذي عينهم و ليس مع المثقفين والأدباء الذين هم من المفترض المعنيين في المقام الأول من قبل النوادي الأدبية. ومن المؤسف حقا أن يكون أعضاء مجالس الغرف التجارية في السعودية منتخبين، في حين أن الحال ليس كذلك بالنسبة للنوادي الأدبية التي من المفترض أنها تمثل النخبة الثقافية للبلاد، والتي تقود حركة التنوير والتطوير والإصلاح. لذلك أنا أحمل مؤسساتنا الثقافية سبب حالة العزلة وعدم التضامن التي يشعر بها جيل كامل من الأدباء السعوديين.
ومن المفارقات العجيبة أنه في السنوات الثلاث الأخيرة أتتني دعوات لأقامة أمسيات ثقافية حول أعمالي من خارج بلادي أكثر مما أتاني من داخلها. وهذا أمر مؤسف حقا، فهل يعقل على سبيل المثال وليس الحصر بأن أتلقى دعوة من قبل أدباء من الإمارات ولا أتلقى ولو مرة واحدة دعوة من النادي الأدبي بالشرقية التي هي أقرب إلي!
وفي المقابل أنظر إلى مدى الحفاوة التي يتلقاها الأديب في دولة مجاورة مثل مصر عندما يبرز له عمل و يحقق نجاحا ما. ألا تتفق معي بأن هناك فرقا كبيرا؟

* في رأيك هل قطعت الرواية السعودية شوطا باتجاه الأعلى أم أنها مازالت تراوح مكانها الاجتماعي المضموني الإيروتيكي أحيانا؟
لا شك أنه في السنوات الأخيرة الرواية السعودية تطورت بشكل جيد و ملموس خارج المضمون الإجتماعي والفضائحي. فهناك أعمال لمؤلفين مثل عبد الوهاب آل مرعي، وسيف الإسلام آل سعود، وعبد الواحد الأنصاري وغيرهم تحاول شق بحار جديدة في الرواية المحلية، و لكن مع الأسف الإعلام لا يسلط الضوء الكافي لمثل هذه الأعمال الجادة، بل كل ما يعنيه الرواية الفضائحية، ولذلك يبدو للقارئ خارج مشهدنا الثقافي وكأن كل ما ينشر من روايات سعودية لا تعدو الرواية الإروتيكية الإجتماعية علي حد تعبيرك. وهذا مثال آخر على ضعف المناخ النقدي والثقافي في المشهد المحلي الذي لا يبرز مثل تلك المحاولات الجادة والجيدة لمؤلفين يستحقون عناية وإهتمام أكثر بكثير مما يتلقونه اليوم.

* من المفارقات الحادثة أن هناك من أصدر رواية واحدة وبدأ يملأ الدنيا ويشغل الناس ، هل هي سطوة الإعلام والنشر أم تشوق الناس لهذا العالم البولوفوني الجديد في الساحة السعودية؟
لا شك أن للإعلام دورا كبيرا في رواج أي عمل روائي، و بعض الروائيين يتعمدون مصادمة فئة من فئات المجتمع و خاصة الفئة المحافظة على أمل أن تستقطب تلك الفئة أقلامها للتنبيه من ذلك العمل فيكون الأثر عكسيا و يقبل القراء علي ذلك العمل من باب الفضول. وهناك أمثلة كثيرة لمثل تلك الروايات التي نالت شهرة ورواج بفضل مثل تلك الضجة المفتعلة، ولكن سرعان ما يخفت بريق تلك الأعمال، و في الغالب هي لا تترك أثرا إيجابيا في نفس القارئ.
أنا شخصيا أؤمن بأن العمل الجيد كفيل بأن يفرض نفسه على الإعلام و هو قادر على صنع الرواج من خلال القارئ الواعي. و هذا ما حدث بالفعل مع رواية حكومة الظل ومن ثم مع رواية عودة الغائب. رواية حكومة الظل عندما صدرت في ٢٠٠٦ لم يهتم بها الإعلام في بادئ الأمر. لم يحم حولها أي ضجة إعلامية مثلما حدث مع روايات أخري صدرت في ذات الفترة. و لكن مع ذلك بدأت مع مرور الوقت تحتل قائمة الكتب الأكثر مبيعا، وكان الرواج قائما على ما تداوله القراء عبر منتديات ومدونات الإنترنت. و بعد أن نفذت الطبعة الأولى بدأ الإعلام يلتفت إلى الرواية ويتساءل عن مؤلفها. اليوم و بعد ثلاثة أعوام لا تزال رواية حكومة الظل هي من أكثر الروايات رواجا في العالم العربي، في حين أن كثيرا من الروايات التي صدرت في ذات العام و نالت ضجة إعلامية مفتعلة، لا يذكرها أحد اليوم. لذلك أنا دائما ما أقول بأن الرهان الحقيقي يجب أن يكون على الرواية التي تحترم عقل القارئ الواعي، والتي تقدم له أسلوبا جديدا وماتعا ممزوجا بفكر و ثقافة، بحيث تجعل علاقة القارئ لا تنتهي معها حتى بعد أن يطوي آخر صفحاتها.
* ما الجديد السردي عند منذر قباني؟
أحضر حاليا لرواية جديدة، أصدقك القول، لا أدري متى ستكون جاهزة للطباعة، لأني لا أزال في المراحل الأولى من العمل. ولكن أعدك وأعد القراء بأنه إن شاء الله ستتوافر المزيد من الأخبار حول عملي الجديد عبر موقعي في الفيسبوك

قديم 02-20-2012, 01:43 PM
المشاركة 273
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأديب الدكتور منذر قباني لـ "الاقتصادية":

بعض النقاد أصبحوا مسؤولي "علاقات عامة" لدى بعض الروائيات!

- حوار: هيثم السيد - 11/11/1428هـ
رغم صدورها ضمن العام الأكثر انهمارا روائيا إلا أن "حكومة الظل" نجحت في تكوين شخصية مستقلة جعلت البعض يصنفها كنسق روائي له سماته الفنية الخاصة, وربما هذا ما جعل الجمهور يصوت لها بالثقة حتى قبل تقديمها عبر المنبر الإعلامي.

ورغم تفاوت الرؤى الانطباعية والنقدية التي استقبلت القباني وعمله الأول "حكومة الظل" والتي تراوحت بين الرفض التام والاتهام بالتبعية والتقليد للرواية الشهيرة "شفرة دافنشي" للروائي الأمريكي دان براون، إلى الإعجاب المخلص واعتبار العمل نقلة نوعية نحو تجديد الرواية السعودية والعربية، إلا أن القباني يكشف عن ثقة ذاتية متناهية في مشواره الأدبي واستعداده لطرح رواية جديدة في الأشهر القادمة كشف عنها في هذا الحوار، ورؤى القراء وطريقة استقبالهم لعمله الأول وتفاعله مع هذا الاستقبال.
الإطلالة الأدبية الأولى كانت مشجعة بما يكفي لاستضافة الدكتور منذر قباني في حوار صريح تناول فيه روايته والمشهد الأدبي والثقافي داخليا وعربيا, كما انتقد كبار النقاد في المملكة, معتبرا إياهم أنهم لم يواكبوا تطور الحركة السردية المحلية.

مشروعك الروائي الأول "حكومة الظل" قام على استعارات زمنية وحوارات درامية ذات تفاصيل خيالية, في حين صنفها البعض كرواية بوليسية, هل تعمدت "حكومة الظل" أن تكون بهذه التعددية على مستوى التحزب التصنيفي إن صح التعبير؟

أجيب عن سؤالك بنعم، تعمدت أن أجعل من "حكومة الظل" رواية متعددة التصنيف بحيث لا يمكن أن تعتبرها بالرواية البوليسية التقليدية أو التاريخية أو حتى الخيالية. وبهذا رغبت في أن أخرج من الدائرة التقليدية للرواية والمزج بين الأصناف المختلفة من أجل صنع مذاق خاص ومتميز؛ وستلاحظ أنه من خلال متابعة ما كتب عن "حكومة الظل"، ستجد أن هناك من أعجب بالجانب التشويقي في حين أن شخصا آخر أعجبته الزاوية التاريخية في حين أن شخصا ثالثا استوقفه الجانب التأملي الإسلامي, وهكذا.

بالنظر إلى الرواية وكونها تشكلت عبر قراءات متعددة وبعيداً عن زخم المشهد السردي الذي اكتظت شوارعه أخيرا بظاهرة الاختناق الروائي, ما الإضافة النوعية التي تقترحها "حكومة الظل" لهذا المشهد في نظرك؟

رواية "حكومة الظل" أتت إلى الساحة الروائية العربية بنمط جديد ومختلف عما هو سائد من خلال مزجها بين التشويق والفكر وغموض التاريخ وإسقاطه على الحاضر. مضمون الرواية كان مختلفا كما كان أسلوبها البسيط ذو الإيقاع السريع. هذا بجانب أن الرواية نجحت عبر إثارة التفكير وليس عبر إثارة الغرائز.

هل يمكن القول إن السمة التاريخية في عملك الروائي تجاوزت العامل الفني لتمثل كذلك منظرا يمكن من خلاله قراءة الواقع المعاصر والإسقاط عليه؟

السمة التاريخية للعمل كانت جزءا من طابعه الفني. وبالأخص الأسلوب الذي استخدمته في التنقلات السريعة بين الماضي والحاضر، واستخدام الحقائق التاريخية ومزجها مع الأحداث الخيالية في العمل؛ ومع هذا أنا كما أشرت جعلت من العنصر التاريخي في الرواية مرآة تعكس الواقع أو على أقل تقدير, مرشدا لفهم الحاضر من خلال ترابط الأحداث بين الجد والحفيد، وكأن ما كان يفعله الأول في الماضي يفسر للقارئ من خلال أحداث الرواية الألغاز التي تصادف الثاني في الحاضر. وهذا الأسلوب الذي استخدمته نابع من إيماني بأن مفتاح فهم الحاضر يكمن في فهم الإنسان للتاريخ، ولكن طبعا أنا أتحدث عن التاريخ الحقيقي وليس ذلك المشوه الذي يصنعه الغالبون.
على ماذا كنت تراهن للوصول للمتلقي في ظل غياب التقييم الفني لما يقدم من ناحية وما يمكن اعتباره غيابا لعناصر الجذب التقليدية في روايتك من ناحية أخرى؟

راهنت على القارئ الذكي الذي يبحث عن عمل جاد وماتع، خال من الإسفاف، وغير تقليدي. والحمد لله لقد صادفت رواية "حكومة الظل" نجاحا كبيرا غير متوقع وأصبح القراء هم من يروجون للعمل ثم أتى بعد ذلك دور الصحافة التي أسهمت هي الأخرى في تعريف الرواية. بالنسبة للنقاد، فباستثناء عدد بسيط منهم كعبد الحفيظ الشمري وعبد الواحد الأنصاري، كان أغلبهم في سبات عظيم، ليس فقط تجاه روايتي ولكن بشكل عام تجاه الأعمال السردية المحلية. والكل يتساءل: أين رموز النقد السعودي كعبد الله الغذامي ومعجب الزهراني وسعد البازعي؟ كان من المفترض أن يكونوا هم على رأس حركة نقدية جديدة تواكب الزخم السردي الحديث، ولكن على ما يبدو تركوا المجال لغيرهم لأسباب يجهلها الكثيرون.

قضت الرواية العربية أكثر من نصف قرن وهي تمارس فعل التجريب في الأسلوب التقني وفي المضمون, متى سيمكننا الحديث عن رواية عربيّة حديثة مظهرا وجوهرا؟

جزء من المشكلة هي غياب الحركة النقدية القوية التي كانت موجودة في الساحة منذ عدة عقود. هناك أعمال روائية تظهر في الساحة حديثة المظهر والجوهر ولكن المشكلة أنها لا تأخذ نصيبها من التقييم، وكما هو معلوم، فلا يمكن للكاتب أن يتطور إن لم يجد من يقيم أعماله ليظهر ما فيها من جوانب القوة والضعف. مع الأسف الحاصل اليوم في الساحة الثقافية أن بعض النقاد أصبحوا أشبه بمسؤولي علاقات عامة لدى بعض الروائيات. فتجد أحد النقاد مثلا لا يعترف في الساحة الأدبية إلا بروائية واحدة، على الرغم من كونها في رأي العديد من الكتاب متوسطة الموهبة. كيف يمكن لنا في ظل هذا أن نتوقع نشوء رواية عربية حديثة المظهر والجوهر؟ هذا من جانب، من جانب آخر هناك مشكلة كبيرة في عملية النشر. العديد من المبدعين الشباب لا يستطيعون نشر أعمالهم لأن الكثير من دور النشر ليست على استعداد على أن تغامر وتنشر لكاتب مجهول ما يضطر ذلك المؤلف الشاب إما لأن ينشر على حسابه الخاص إن كانت لديه المقدرة المادية، وأغلبهم لا يملكون، وإما أن يترك مؤلفَه في أدراج مكتبه إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

عرفت الآونة الأخيرة تداخلا واضحا بين الأجناس الأدبية ما برر الحديث عن الكتابة "عبر نوعية" كما يصفها الدكتور إدوارد خراط. هل ترى أن عودة الكتابة الأدبية إلى تمايزها النوعي أصبح يمثل ضرورة لمواجهة حالة فقر أدبي محتملة؟

تداخل أجناس الأدب أو الفنون, أو الكتابة عبر النوعية كما وصفها إدوارد الخراط، أسهم بشكل كبير في إثراء الساحة الأدبية وأخرجها من الرتابة، في اعتقادي. وهذا يدخل ضمن نطاق التجريب المطلوب من أجل تطوير العمل السردي. خذ على سبيل المثال رواية "ذاكرة الجسد" لأحلام مستغانمي، فهي مزيج بين الشعر والسرد ولاقت نجاحا كبيرا في العالم العربي ووزع منها مئات الآلاف من النسخ؛ "حكومة الظل" أيضا مزجت بين الرواية والسينما كما وصف بعض الكتاب، ولاقت نجاحا كبيرا. مسألة وجود فقر أدبي في اعتقادي لا علاقة له بالكتابة عبر النوعية أو بعودة الكتابة الأدبية إلى تمايزها. أنا شخصيا أرى أن هذا وذاك مطلوب من أجل إثراء الساحة.

بناء على قراءاتك في الأدب الغربي. هل تعتقد وجود فارق شاسع بين فعل السرد كما وُجد عند الغرب وفعل "يُحكى أنّ.." كما وُجد في مدوّنتنا التراثيّة. إلى أيّ مدى يصحّ مثل هذا القول؟

من المعلوم أن العرب كانوا سباقين عن الغرب في الأعمال السردية منذ مئات السنين كما هو الحال في الكثير من الحقول المعرفية، ولكن مع الأسف تأخرنا نحن حضاريا وهذا ترك أثره في كل شيء بما فيها الفنون السردية. فمثلا نحن من أوائل من كتب في الخيال الصرف من خلال قصص ألف ليلة وليلة، وهذا العمل من المعلوم أنه ترك تأثيرا كبيرا عند الغرب بعد ترجمته وتأثر بها كبار الأدباء من أمثال بورخيس وباولو كويلو؛ القصة الأساسية في رواية الخيميائي, على سبيل المثال, مأخوذة من إحدى قصص ألف ليلة وليلة. وفي مجال الرمزية السياسية كان كتاب كليلة ودمنة سباقا لمزرعة الحيوان التي كتبها جورج أورويل. المشكلة تكمن في أننا لم نتطور بعد ذلك كثيرا في حين أن الغرب جاء من خلفنا وسبقنا وطور من أدواته. نحن أخيرا في القرن الماضي بدأنا رحلة الإفاقة من غيبوبتنا، وأتمنى أن تستمر هذه الرحلة وألا نصادف بانتكاسة ترجعنا إلى حالة الغيبوبة من جديد.

لنتناول ثنائية الأدب والطب التي يجمعها الدكتور الروائي منذر قباني والتي اجتمعت في نماذج عدة عبر التاريخ الثقافي بدءا من تشيكوف وليس انتهاء بإبراهيم ناجي, هل يمكن أن تعكس إحدى الشخصيتين طابعها على الأخرى أم أن لكل منهما خصوصيته الإنسانية المحضة؟

لا تنس أن منذر قباني الروائي هو ذاته منذر قباني الطبيب، وبطبيعة الحال كل جانب يترك تأثيره في الآخر. ثم إن مهنة الطب تكاد تكون هي المهنة الوحيدة التي ترى فيها الإنسان في لحظة ضعفه ولحظة عافيته؛ في لحظة حزنه ولحظة فرحه، بل نحن نرى الإنسان منذ أن يولد إلى أن يموت مرورا بجميع أطوار حياته بحلوها ومرها. كل هذا يعطي زخما كبيرا للأديب لكي يكتب متكئا على ما صادفه من مختلف الشخصيات والمواقف. ولذلك، كما ذكرت أنت، ظاهرة الطبيب الأديب ليست بالجديدة بل هي قديمة منذ أنطوان تشيكوف وأرثر كونان دويل، ومرورا بإبراهيم ناجي ويوسف إدريس ونجيب الكيلاني ومصطفى محمود وعلاء الأسواني وغيرهم سواء في الأدب الغربي أو العربي.
لكن الأمر الآخر الذي أريد التنويه إليه، الذي مع الأسف قلما يدرس في كليات الطب، هو أهمية أن يكون الطبيب مثقفا. نحن مع الأسف نغفل هذا الجانب في تعليمنا الطبي مع أنه في غاية من الأهمية، لأن الطبيب المثقف هو الأقدر على التواصل مع مرضاه، ومهنة الطب كما تعلم هي مهنة قائمة في الأساس عل تواصل الطبيب مع المريض.
أما بالنسبة للجانب الأدبي على وجه التحديد، فهو يضيف بعدا أكثر إنسانية للطبيب ويجعله أكثر تفهما لحال المريض في نظري. من الأمور التي يشتكي منها الكثير من المرضى اليوم هو شعورهم بعدم اهتمام الطبيب بهم، وبمعاملته لهم، في المستشفيات الحكومية، وكأنهم عبء يجب التخلص منه؛ وفي المستشفيات الخاصة وكأنهم سلعة يجب الاستفادة منها إلى أبعد حد. الطبيب عندما يكون إنسانا قبل أن يكون مجرد موظف أو رجل أعمال، يتفادى في نظري مثل هذه الأخطاء مع مرضاه.

كلمة أخيرة تحب توجيهها عبر "الاقتصادية".

أود أن أشكر جميع القراء الذين قرأوا وأعجبوا بـ "حكومة الظل"، والذين يعود إليهم الفضل بعد الله في إنجاح عملي الأول بهذا الشكل. وموعدنا المقبل, إن شاء الله, سيكون مع رواية "عودة الغائب" التي أتوقع لها أن تصدر في خلال أشهر قليلة, وكلي أمل أن تنال إعجاب القراء.

11/27/07

قديم 02-20-2012, 11:47 PM
المشاركة 274
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كيف هي طفولة الدكتور منذر؟

لقد اتصلت بالدكتور منذر لاسأله ان كان قد عاش يتيم او انه اختبر احداثا مهمة في طفولته ، فاخبرني مشكورا بأنه ليس يتيم ولم يكن في طفولته شيء خارج عن المألوف.


عدت وسألت الدكتور منذر برسالة بريد الكتروني عن سر الابداع لديه إذا؟ فرد مشكورا بما يلي :


"لعل في التالي تجد الإفادة:

بالرغم من أن لدي خمس أشقاء إلا أن أصغرهم يكبرني بعشرة أعوام. جميعهم أكملوا دراستهم الجامعية في الخارج و بذلك كانت فترة الصبا و المراهقة فترة فيها الكثير من الوحدة و الغربة. أقول غربة لأني في تلك الفترة كنت أعيش خارج بلدي السعودية في المغرب حيث كان والدي سفيرا هناك. كنت في تلك الحقبة من حياتي من سن العاشرة إلى الثامنة عشر بعيدا عن أشقائي و كذلك عن أقربائي من هم في مثل عمري. أذكر أني في تلك الفترة وجدتني أقترب من الكتب التي كانت من حولي أتصفحها و أقضي معها الكثير من الوقت فأصبح العقاد و طه حسين و نجيب محفوظ و توفيق الحكيم هم أشقائي و إن لم تلدهم أمي، و أصدقائي و إن لم ألتق بهم. إقتربت منهم من خلال أفكارهم فوجدت نفسي أرغب بأن أكون معهم في عالم الفكر و الأدب، أحلق حيث يحلقون.
عندما كنت صغيرا كان الخيال هو ملجئي من الوحدة، و عندما كبرت ترجمت ذلك الخيال إلى أعمالي الأدبية.".

د. منذر قباني.

Tue 21/02/2012 03:51 PM

قديم 02-20-2012, 11:48 PM
المشاركة 275
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
36- قنديل أم هاشم يحيي حقي مصر

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

قنديل أم هاشم رواية للكاتب الروائي يحيي حقي (1905 - 1992) تم إنتاجها سينمائياً في 4 نوفمبر1968م بسيناريو لصبري موسي وإخراج كمال عطية وبطولة شكري سرحان.

احداث القصة

تدور أحداث قصة "قندیل أم ھاشم" للكاتب الكبیر الذي یعد من رواد الحداثھ في العصر الحدیث یحیى حقى حول عائلة الشیخ رجب التي ھاجرت من الریف إلى القاھرة بالتحدید في حارة المضیأه بالسیدة زینب. إستقر رب الأسرة ھناك وفتح متجرا وتوسعت تجارتھ وكان لھ ثلاثة أولاد، عمل الابن الأكبر بالمتجر بمجرد إنھائھ دراستھ في الكتاب ودرس إبنھ الأوسط في الأزھر فأخفق ثم رجع إلى الریف وأصبح مأذونا ھناك أما الابن الأصغر إسماعیل فقد تفوق في دراستھ تفوق ا ملحوظا مما جعل أسرتھ تھتم بتعلیمھ وتضع علیھ آمال بارزه وبعد إنھائھ حفظ القران في الكتاب دفع بھ أبوه إلى المدارس الأمیریة وتفوق فیھا تفوقا ملحوظا ومن ھنا وضعت علیھ الأسرة آمال كبیره فقد إھتم بھ الجمیع ونودي بسى إسماعیل رغم صغر سنھ وإھتم الجمیع بھ بالاخص فاطمة النبویة بنت عمھ. استمر تفوق إسماعیل في المدرسة عام بعد عام وبالطبع تأثرت شخصیتھ تأثرا بارزا بالحي الذي نشأ فیھ فأبرز ما یمیز ھذا المكان ھو وجود مسجد السیدة زینب وما یحیط بھ من شحاذین وبائعي الفول الحراتي والمسواك وغیرھا، على الجانب الآخر لم یخل الحي على الرغم من قدسیتھ من خمارة آنست وبعض المقاھي التي یضع الناس بھا ھمومھم عند ھبوط اللیل ،وفي فترة المراھقة أصبح صدیقا للشیخ دردیري الذي كان مسؤلا عن زیت أم ھاشم أو قندیل أم ھاشم الذي یقال أنھ فیھ شفاء لكل الأمراض المستعصیھ. واقتربت سنة البكالوری ا وخاب امل الاسره في اسماعیل حیث لم یكن من المتفوقین في ھذا العام وانما جاء في ذیل الناجحین ولم یعد بمقدوره الا الالتحاق بمدرسة المعلمین، لم یغمض للشیخ رجب جفن حتى اشار علیھ أحد الاصدقاء بان یسافر اسماعیل "لبلاد بره" لیدرس الطب ھناك وبالفعل ملأت الفكره رأس الشیخ رجب وھم بعمل الاجراءات للسفر وبالفعل سافر اسماعیل إلى انجلتر ا لدراسة الطب ولم یكن لاسماعیل في ظل انفتاح أوروبا في أسلوب التفكیر غیر ان ینخرط معھم ویعایشھم ویصبح منھم فنسى ھناك دینھ وتقالیده فلم یجد ھناك من یحتضنھ الا مارى زمیلتھ في الدراسھ التي احتضنتھ وساعدتھ في حیاتھ ھناك، فقد وجدت فیھ مارى براءه لم تجدھا في أحد من الغربیین لعل ھذا ما جعلھا تنجذب الیھ ھذا الانجذاب فقد كانت مارى عكس اسماعیل فاذا ما فكر اسماعیل في تنظیم مستقبلھ ووضع خطھ لھ تضحك مارى وتقول ان الحیاه لیست ثابتھ فلا بد من التجدد...... ورجع الدكتور اسماعیل إلى القاھره عن طریق الاسكندریھ ولم یشأ ان یخبر اھلھ حتى لا یكلفھم معانا ومشقة السفر إلى الاسكندریھ ووصل اسماعیل إلى السیده زینب غیر حاملا ایة ھدایا لاھلھ ولكن أي ھدایاي كانت تصلح لابیھ وامھ من أوروبا وصل اسماعیل ناقما على من یراه من شحاذین وغیرھم على الرغم من انھم ھم ھم الذین تركھم ھو عند رحیلھ، طرق اسماعیل باب البیت فقالت فاطمھ میییییییین بلھجھ مصریھ فقال ھو انا اسماعیل یا فاطمھ افتحى الباب فسیطرت حالھ من الغبطھ والسرور حتى كادت امھ یغشى علیھا من شدة الفرح فانعقد لسانھ واخذت تقبل فیھ وتعانقھ. التفت الاسره حول اسماعیل فرحین بعودتھ إلى بیتھ مره أخرى الذي أصبح یكاد یكون خالیا من الآثاث الذي بیع لدفع مصاریف دراستھ وقبل أن ینام اسماعیل في ھذه اللیلھ سمع امھ تقول لفاطمھ تعالى اقطر لك في عینیك قبل أن تنامى فقام اسماعیل وسالھا ماذا تقطر لھا فقالت انھ زیت قندیل ام ھاشم الذي یحضره الینا صدیقك الشیخ دردیرى ففك اسماعیل عصابة عینھا فوجد الرمد یلتھمھا وتزداد حالتھا سوءا بالماده الكاویھ فقام صارخا فیھم ووقف كالمجنون ثم انطلف إلى الباب واخذ عصاة ابیھ وذھب إلى قبر ام ھاشم وضرب القندیل بالعصاه فسقط وما ان رآه الناس حتى انھالو علیھ بالضرب حتى كادوا یقتلوه لولا ان انقذه الشخ دردیرى الذي تعرف علیھ. ظل اسماعیل في الفراش عدة أسابیع لا یكلم أحد ولا یطلب شيء حتى اتخذ قراره بالنھوض والعمل على علاج فاطمة واخذ یحضرالأدویھ ویقطر لھا ویساعدھا ولكن لا شيء یحدث أي نتیجة على الرغم من اتفاق أصدقائھ جمیعا على فعالیة الدواء وساءت حالة فاطمة أكثر على یدیھ حتى استیقظت في یوم وھى لا ترى. شعر اسماعیل بالاحباط وترك البیت وأقام بأحد البنسیونات ومرت الایام وجاء رمضان علیھ ولم یأت في ذھنھ ان یصوم حتى جاءت لیلة القدر وتذكر ھو الایام الخوالى والروحانیھ التي یكون فیھا الناس فأیقن منذ تلك اللحظھ اسماعیل انھ لا بد من الایمان بجانب الطب والعلم فأخذ من الشیخ دردیرى زجاجة من زیت ام ھاشم فملأھا بالدواء و ذھب بھا إلى فاطمھ واخذ یداویھا فشفیت ومن ھنا ایقن ان العلم لا یكتمل الا بالایمان وفتح اسماعیل عیاده بحى البغالھ في عیاده تصلح لاى شىء الا استقبال مرضى العیون ونجح اسماعیل في كثیر من العملیات وفى شفاء مرضاه وتزوج من فاطمھ وانجبا خمسا من البنین وستا من البنات وھكذا یتذكره اھل السیده زینب بالخیر إلى الآن.....

قديم 02-20-2012, 11:54 PM
المشاركة 276
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قنديل ام هاشم
صدرت قصة «قنديل أم هاشم» للأديب المصري الكبير يحيي حقي (1905 / 1992م) (1) في الأربعينيات من القرن الماضي؛ بيد أنّ الأعمال الأدبية الجيدة لا تخضع للتقادم ولا تشيخ بتوالي السنوات. ولا نعتبر أنفسنا مبالغين أو مهوِّلين حين نضعها في مركز متقدم ضمن قائمة تضم أفضل القصص والروايات الصادرة في القرن الماضي.
ويمكن تصنيف هذه القصة الطويلة (2) ضمن تيار قصصي ذي إطار موضوعي يعبر عن الصراع الحضاريّ، أو بمعنى أصح يعبر عن أزمة التفاعل مع الحضارة الغربية والموقف المذبذب منها. ويهدف هذا النوع من القصص والروايات إلى" الحفاظ على الذات العربيّة في خضم الموجة الغربية العاتية على الوطن العربي في العصر الحديث" (3).
تدور أحداث القصة حول الشاب إسماعيل الذي استوطن أبــوه التاجر الحاج رجب حي السيدة زينب، وكان يتمنى أن يكون ابنه طبيبـًا شهيرًا، لكن ابنه الذي كان دائم التفوق في سنوات الدراسة لم يوفّق في الحصول على مجموع كبير يؤهله لدخول كلية الطب التي تمنى أبوه أن يلتحق بها، وضحى الأب بقوت العائلة ليرسله إلى أوربا لكي يدرس الطب هناك.
ويرحل الابن إلى أوربا ليعيش هناك سبع سنوات، ويمهر في الطب لدرجة ينال بها إعجاب أساتذته جدًا، ويجري الكثير من العمليات الصعبة بنجاح. ويتعرف على الفتاة الجميلة: (ماري) التي تعرِّفه بمباهج الحضارة الأوربيّة، ولذاتها المحرمة عليه في بلاده، ويكتشف أن هناك عالمًا غريبًا عن عالمه الشرقي، وتتغير نظرته إلى الحياة، وتتأثر معتقداته الدينية، فبعد أن كان يؤمن بالله إيمانًا عميقًا أصبح مؤمنًا بالعلم فقط. ولم تعد الآخرة تشغله قدر انشغاله بالطبيعة والحياة، وما تقع عليه الحواس.
ويعود الابن ليكتشف أن مجتمعه غارقٌ في الجهل والخرافة، يكره هذا الشعب بتخلفه وقذارته، ويكره رضاه واستسلامه للعادات والتقاليد المتخلفة، ويغضب كثيرًا ؛ لأن الجهل والخرافة قد امتد ليطول ابنة عمه : فاطمة النبويّة التي تضع لها أمه قطرات من زيت البترول المأخوذ من قنديل أم هاشم في عينيها معتقدة أنه قادر على شفائها، وعندها يثور الشاب، ويحاول تحطيم قنديل أم هاشم، ويصطدم بالجماهير التي تضربه ضربًا عنيفًا كاد يفقده حياته.
وعلى جانب آخر يفشل في علاج ابنة عمه من المرض، بل ويسبب لها العمى التام ؛ رغم أنه عالج حالات أصعب منها في أوربا!
ويقرر الشاب اعتزال المجتمع، ويعيش فترة في تأملاته وأفكاره، ثم يقوده التفكير إلى طبيعة الشعب المصري الخالدة التي لا تتغير رغم مرور الكثير من الغزاة عليه، ويعود إليه إيمانه، ويتزايد إعجابه بهذا الشعب.
وبعد فترة يتظاهر هذا الشاب بالاندماج مع الخرافات التي يؤمن بها أهله، ويطلب كمية من الزيت يستخدمه في علاج فاطمة، وينجح بالفعل في علاجها، ثم يتزوج منها، ويعيشا سويـًا حياة سعيدة.
ويفتتح عيادة طبيّة يخصصها لعلاج الفقراء والبسطاء، ولا يتقاضى منهم أجرًا كبيرًا، ويكتسب حب الناس شيئًا فشيئًا، وبعد عمر مديد يموت، ويتذكره أهل الحي بالخير، ويستغفرون له، ويعلم راوي القصة (ابن أخي البطل إسماعيل) أن هذا الاستغفار بسبب العلاقات النسائية الكثيرة التي عرفها أهل الحي عن العم إسماعيل، والتي أجبرتهم طيبته ورقته على التغاضي عنها (4).
وقد لا يوافقنا دعاة (الفن للفن) أو (الفن الخالص) حين نبحث داخل كل قصة عن مغزى أخلاقي تقف من وراءه رؤية فكرية ما، فالعمل الأدبي – من خلال وجهة نظر هذه المدرسة – قطعة فنية لا ينبغي لنا أن نرهق أنفسنا في البحث عن مغزاها وما تعنيه، ويكفي أن يحقق قدرًا من الجمال الأدبي والمتعة. بينما يغالي دعاة النقد الاشتراكي (الماركسي) في البحث عن القيم الأخلاقية والنفعية التي يستطيع العمل الأدبي – من خلالها – أن يفيد المجتمع؛ وإلا فهو – من وجهة نظرهم – عمل ساقط وغير مُجْدٍ.
ونحب أن نقف موقفًا وسيطًا بين هذين الاتجاهين. فنقول: إن القصة لا بد أن تكون ذات رؤية فكرية واضحة، تتبلور في موضوع هادف ومغزى مقبول. بينما لا يجب أن تكون هذه الرؤية الفكرية سطحية ومباشرة في تعبيرها عن هذا المغزى؛ فتكشف عن مغزاها في سفور وجلاء. إنها – إذ ذاك – تكون أقرب ما تكون إلى الدروس الأخلاقية التعليمية. وهي عندئذٍ تكون قصة ساقطة، لا يشفع لها نبل مغزاها الفكريّ، ولا تنتفع بسمو مقاصدها الأخلاقية.
إن العمل القصصي الناجح يستطيع أن يوازن باقتدار بين رؤيته الفكرية وتعبيره الفني؛ بحيث لا يطغى أيٌ منهما على الآخر، وبحيث تنساب القيم الخُلُقيّة والمبادئ التي تحملها الرؤية الفكرية إلى المتلقي بشكل غير مباشر، ويتفهمها من وراء سديم فني راقٍ. وهو ما تنجح فيه قصة قنديل أم هاشم إلى حد كبير للغاية.
وقد لا يجوز أن نبحث في الرؤية الفكرية للقصة عن هدف وحيد، أو مغزى فردي مطلق. لا مانع من وجود قضية محورية، ولكن لا يمنع وجود هذه القضية المحورية من إثارة بعض القضايا الفرعية التي تتعلق بها.
والقضية المحورية في قنديل أم هاشم هو: الصراع بين الأصالة والمعاصرة؛ بين القيم الشرقية العتيقة بتبعاتها الثقيلة؛ والحضارة الأوربية المُبهرة بما تتضمنه من كرامة الإنسان وحريته؛ فضلاً عمّا تحمله من تقدم علمي لا مثيل له. وفي ركاب هذه القضية المحورية لا بأس من إثارة بعض القضايا الفرعية المتعلقة بما يعانيه الشرق من جهل وتخلف.
ويمكن اعتبار هذه الرواية رواية رمزية؛ لأن" السمة المميزة لقصة الحدث الرمزي أنها قصة تكتب أساسًا من أجل تقديم موضوع ما تقديمًا دراميًا" (5)، ولذا يسبك الكاتب موضوعه وفكرته قي إطار درامي قصصي رمزي من خلال الشخصيات التي تعبر كل منها عن جانب يرمز إلى جانب محدد من جوانب الفكرة الدلالية. ولذا يمكن أن نعتبر قنديل أم هاشم رمزًا للعادات والتقاليد الموروثة المتأصلة، أو رمزًا للثبات والتحجر أمام الموروث دون أدنى محاولة للتطور؛ ولذا يصف الكاتب القنديل بأنه أبدي ومتعالٍ على كل صراع، يقول يحيي حقي:" كل نور يفيد اصطدامًا بين ظلام يجثم، وضوء يدافع، إلا هذا القنديل بغير صراع" (6) . ويمكن أن ننظر – أيضًا – إلى شخصية رئيسية تشارك إسماعيل في بطولة القصة هي: شخصية: فاطمة النبويّة بشيء من الرمزية التي تعلو بها لتجعلها نموذجًا لمصر كلها. وفاطمة النبويّة هي ابنة عم إسماعيل التي انتظرته في غربته، وتطلعت إليه بكل حب، وصممت على أن يكون هو الذي ينقذها مما تعانيه من عمى. إنها مصر التي تتطلع إلى أولادها المثقفين لكي ينقذوها من عمى البصيرة، ومن الوقوع فريسة للجهل والتخلف. فشخصية إسماعيل" في علاقته الفاترة بابنة عمه ( فاطمة النبويّة ) ما يكفي ليرمز لمدى احتضانه لمشكلات وطنه" (7) . وقد كان الكاتب موفقًا جدًا عندما جعل فاطمة على قدر ضئيل من الجمال، فهي ليست فاتنة ولا ساحرة ولا جذابة، ومع ذلك سيحبها إسماعيل ويتعلق بها في النهاية، وهذه بالفعل رؤيتنا لوطننا، إننا لا نراه أجمل بلاد الدنيا، بل هناك الكثير من البلاد التي تفوقه علمًا وحضارةً وجمالاً؛ ومع ذلك نتعلق به، ولا نتخلى عنه، وحين عاد إسماعيل إلى إيمانه بالوطن، وتعايش مع عاداته وتقاليده كان شفاء فاطمة، وهذه رؤية فنية رمزية لتقدم الوطن وإصلاحه،" لقد آمنت فاطمة بإسماعيل بعد أن خَاطَبَهَا بلغتها فاستجابت له، وكان الشفاء، وهو ما لم يتحقق حين راح يسفِّه كل ما يخالفه من معتقدات" (8) .
ومن هذا المنطلق يمكن رؤية إصلاح إسماعيل لأحوال فاطمة هي إصلاحه الشباب المثقف لوطنه، وكل تقدم اجتماعي يحققه لها هو تقدم اجتماعي يحققه لوطنه.
وكثيرًا ما نرى في هذه القصة نقدًا مباشرًا للمجتمع الشرقي على لسان البطل إسماعيل؛ لكن ما بعينينا هو الصورة الرمزية غير المباشرة؛ حين يجعلنا الكاتب نصل إلى هذا النقد من تلقاء أنفسنا دون تدخل منه، فيكون العمل الروائي أدنى إلى الموضوعية. ومن ذلك نقد الازدواجية في الشخصية الشرقية، والتذبذب بين الإيمان المطلق من ناحية، والرغبة في التحرر من ناحية أخرى، ويمكن التمثيل لذلك بـ درديري خادم ضريح أم هاشم ، فهو من ناحية يجب أن يكون – تبعًا لموقعه الديني – مثالا للطهر والنقاء، ومع ذلك فهو من ناحية أخرى يعيش في حياة السكر والعربدة والحشيش والملذات؛ ولذا" لا تظهر عليه آثار النعمة، فجلبابه القذر هو هـو، وعمامته الغبراء هي هـي، ماذا يفعل بنقوده؟... إنه يحرقها في الحشيش... والحقيقة إنه مزواج، لا يمر العام إلا ويبني ببكر جديدة.." (9) .
وقد يجوز لنا أن نفهم أن هذا الأمر هو ازدواجية في التفكير، واعتبار المسألة الإيمانية في سلوكنا الشرقي مجرد غطاء شكليّ غير مدعوم بالعمل البناء والخلق القويم. كما يجوز أن يكون هذا السلوك غير الأخلاقي رمزًا للرغبة الدفينة في التحرر من القيود التراثية رغم خضوعنا لها!
وهذا السلوك الذي تنتقده القصة نراه – أيضـًا – في فتاة شعبية تستوقف إسماعيل وتثير تأملاته؛" مزججة الحواجب، مكحلة العينين، شدت ملاءتها لتبرز عجيزتها.. وتحجبت ببرقع يكشف عن وجهها" (10) ، وهو يرمز بالتبرج وإبراز المفاتن من ناحية إلى: الرغبة في التحرر، ويرمز بهذا النوع من الحجاب من ناحية أخرى إلى التعبير عن شكلية الإيمان، أو الانسياق نحو التراث الذي يمثله الحجاب بنوع من التقليد لا القناعة، فالحجاب رمز ديني تأخذ المرأة به انخراطًا في تيار اجتماعي عام لا تقوى على الوقوف ضده؛ لكنها – من ناحية أخرى – تتمرد على هذا التراث بطريقتها الخاصة؛ حين لا تجعل هذا الحجاب عائقًا يحول دون إبراز مفاتنها؛ أو بالأحرى يعوق تحررها.
ومن العناصر التي تنطوي عليها الرؤية الفكرية للصراع الحضاري بين الشرق والغرب فكرة ( الكراهية المتبادلة ). ويعبر الكاتب فنيًا عن هذا الجانب – بشكل موضوعي بحت – لتبدو هذه الرؤية مطروحة من خلال الشخصيات نفسها؛ ومن خلال الشخصيات الثانوية على الأصح؛ فهي" تعمل بشكل أكثر إثارة، حيث يأخذون دور المنازلين، أو المنافسين للشخصيات الرئيسية، فيتفاعلون معها، أو يصطدمون بها" (11) . ولنأخذ على سبيل المثال شخصية الأب (والد إسماعيل). لقد كانت شخصية الأب مهيأة منذ البداية لرفض القيم الغربية بقضها وقضيضها، فالأب رمز للأصالة والانتماء إلى الجذور. وهو حين ألحق ابنه بجامعة أوربية كان مضطرًا، ورأى أن هذا الأمر" إحسان من كافر لا مفر من قبوله" (12) لا مناص – إذن – من الصدام بين الأب وإسماعيل (وهو رمز للصدام بين القديم الأصيل والحديث الوافد من الغرب)، ولذلك لا يقبل الأب اتهام إسماعيل للمصريين بالتخلف، ولا يُسلم بانتقاده لزيت المصباح، ونراه يقول:" هل هذا هو كل ما تعلمته في بلاد بره؟ كل ما كسبناه أن تعود إلينا كافرًا" (13) .
وعلى الجانب الآخر نرى الأستاذ الأوربي الذي تلقى إسماعيل على يديه طبه يقول لتلميذه الشرقيّ العربيّ المسلم:" إن بلادك في حاجة إليك، فهي بلد العميان " (14) . إن العبارة تكاد تفصح عن كون العمى – من وجهة النظر الغربية – هو عمى البصيرة، الذي قاد الشرق إلى ما هو فيه من تخلف.
وإذا كانت" الغاية الأساسية من إبداع الشخصيّات الروائية هي أن تمكننا من فهم البشر ومعايشتهم" (15) فإن هذا الأمر قد لا يكون على هذا النحو تمامًا في قصة (قنديل أم هاشم) ؛ لأنها قصة رمزية، وبالتالي لن تعبر عن مضمونها بشكل مباشر، ولكن من خلال الرموز، أو الإيحاء غير المباشر، ولهذا لا تكون الشخصيات مجرد شخصيات نمطية مطابقة للواقع تمامًا؛ أو شخصيات تؤدي حدثًا اجتماعيًا معينًا دون دلالة؛ وإنما هي رموز لأفكار معينة ومقصودة يعبر عنها الكاتب بشكل غير مباشر. فإذا كانت الرؤية الفكرية لهذه القصة تقوم على إبراز الصراع بين الشرق والغرب فإن الكاتب حين يرى في الجانب الغربي ألوانًا من التقدم الحضاري لا يفوته أن يرصد الجانب الآخر؛ أو الوجه الثاني من العملة؛ وهو افتقاد الجانب الروحي والإنساني؛ ويعبر عن ذلك كله من خلال الشخصيات الثانوية أيضًا.
وتنعكس هذه الجوانب السلبية في الحضارة الأوربية من خلال شخصيتي: (ماري) البريطانية زميلته في الدراسة، و (مدام إفتالي) الإيطالية التي أقام في فندقها الصغير عقب صدامه مع مجتمعه، وفشله في علاج فاطمة النبوية، وانفراده بعيدًا عنهم ليعيد التفكير في واقعه المأزوم. وتشترك المرأتان في كونهما أجنبيتان، ومن ثم يجوز اعتبارهما رمزًا للحضارة الأوربية. وكل ما فيهما من مساوئ يمكن اعتبارها من عيوب الحضارة الأوربيّة.
أما ماري فقد فتحت عيني إسماعيل على عالم لم يكن يعرفه من قبل، لقد" وهبته نفسها، كانت هي التي فضّت براءته العذراء، أخرجته من الوخم والخمول إلى النشاط والوثوق، فتحت له آفاقًا يجهلها من الجمال، في الفن، في الجمال، في الموسيقى، في الطبيعة، بل في الروح الإنسانية العامة" (16) . لكن هذه الفتاة المتحررة تنتقد سلوك إسماعيل الشرقي البريء في عطفه على الفقراء والمحتاجين قائلةً:" أنت لست المسيح ابن مريم، من طلب أخلاق الملائكة غلبته أخلاق البهائم.. إن هذه العواطف الشرقيّة مرذولة مكروهة.." (17)
إن ماري هي" أوربا مختصرة في امرأة، استجمعت كل خصالها، وعلاقتها بإسماعيل، وعلاقته بها فيها الكفاية للكشف عن موقفه من الحضارة الأوربيّة" (18) . والحق أن المرأة الأوربيّة - بشكل عام - " هي أسرع وأقصر وسيلة للتعبير عن معنى الحريّة الشخصية التي يفتقر إليها البطل العربي" (19). وذلك لما يمكن أن نراه فيها من التحرر والفكاك من القيود، على عكس المرأة الشرقية التي تمتلئ حياتها بقائمة طويلة جدًا من القيود والمحرمات. ويمكن اعتبار الخلاص من القيود والتحرر والإباحية التي نجدها في ماري بعضًا من العيوب التي تمثلها الحضارة الغربيّة.
أما مدام إفتالي فهي:" تضع في كشف الحساب تحية الصباح، أو تستقضيه خطواتها إذا قامت وفتحت له الباب، حاسبته مرة على قطعة سكر استزادها في إفطاره، يحس بابتسامتها أصابع تفتش جيوبه. أهداها بعض الفطائر والسجائر فأخذتها نهمة متلهفة، وفي الصباح سألته ألا يطيل السهر في غرفته حرصا على الكهرباء" (20).
إنها صورة أخرى من صور الأنانية والجشع والطمع. لقد كان الكاتب موفقًا جدًا عندما جعل بطل الرواية يسكن عند (مدام إفتالي) التي تتصف بهذه الصفات عندما كان يمر بمرحلة القلق والبحث عن يقين وحل لمشكلته، لأن هذه سلوكيات هذه السيدة الأجنبيّة دفعته إلى إعادة تقييم موقفه من الحضارة الأوربية.
وأخيرًا نقول: إن التحمس الشديد للرؤية الفكرية قد يوقع الكاتب في بعض أوجه القصور، فيكون التعبير الفني على غير المستوى. خذ على سبيل المثال: تحول إسماعيل من الرفض المطلق للقيم الشرقية إلى الإيمان بها، أو المصالحة معها؛ كيف تم هذا التحوّل؟ لقد مرّ البطل بفترة عصيبة من الصراع النفسي، اعتزل فيها مقيمًا عند مدام إفتالي، ثم كان له في إحدى المناسبات الدينية أن" دار بعينه في الميدان.. وابتدأ يبتسم لبعض النكات.. ما يظن أن هناك شعبًا كالمصريين حافظ على طبعه وميزته رغم تقلب الحوادث وتغير الحاكمين، (ابن البلد) يمر أمامه كأنه خارج من صفحات الجبرتي،... اطمأنت نفس إسماعيل، وأحس أنه واقف على أرض صلبة" (21) . ولو أن البطل تعرض لمأزق شديد أو مَرض مثلاً، أو تجربة شخصية عنيفة أثرت فيه، وأعادته إلى الإيمان بالله وحب تراثه ووطنه بما هو عليه من عادت وتقاليد لكان الأمر أكثر واقعية. بيد أن هذا التحول المُباغت المُفْتَعَل كان ثمرة من ثمرات غلبة الرؤية الفكرية الذهنية على التعبير الفني.
ومن هذا القبيل – أيضًا – اختيار الراوي الذي يقص علينا قصة إسماعيل، فالراوي في هذه القصة هو: ابن أخي إسماعيل، وهو – بالطبع – يحكي لنا تجربة عمه لأنه عايشها وسمع بها من محيطه الاجتماعي. غير أن العلاقات النسائية المتعلقة بعَمِّه – خاصة في أوربا – هي بالأحرى من الأسرار التي لا يصح أن يُطْلَعَ عليها. وكذا بعض الخواطر التي تدور في عقل إسماعيل مما يعرضه الكاتب. إننا نشعر – في أغلب الأحيان – أن الكاتب ينسى الراوي ويتحدث هو عن إسماعيل حديث الراوي العليم العارف الملِّم بكل التفاصيل، ولا ضير في هذا الأمر – فكثير من الأعمال القصصية تنهج هذا النهج – غير أن الكاتب وقد اختار منذ البداية أن يكون الراوي شخصًا من محيط عائلة إسماعيل أن يلتزم بما تقتضيه هذه التقنية السردية من عدم خروج السرد عن دائرة المعرفة المتعلقة بالراوي السارد.
ثمة نقطة أخيرة نود الإلمام بها تتعلق بنهاية القصة. قال الكاتب (أو الراوي) عن إسماعيل: إن الناس قد أحبته جدًا، وبعد موته كانوا يطلبون له المغفرة، وعرف الراوي أن طلب المغفرة لعمه إسماعيل كان بسبب اشتهاره في الحي بحبه الشديد للنساء، ورغم أن الكاتب لم يشر إلى تورط إسماعيل في علاقات نسائية غير مشروعة إلا أن القارئ الحصيف يفهم ذلك بوضوح، يقول الراوي:" إلى الآن يذكره أهل السيدة بالخير، ثم يسألون الله له المغفرة. مم؟ لم يُفض لي أحد بشيء وذلك من فرط إعزازهم له. غير أني فهمت من اللحظات والابتسامات أن عمي ظل عمره يحب النساء، كأن حبه لهن مظهر من تفانيه وحبه للناس جميعًا... رحمه الله...." (22) . وهذه الخاتمة التي اختارها المؤلف كافيةُ تمامًا لهدم احترام القارئ لشخصية البطل – خاصة في مجتمعنا الشرقي الإسلامي – فنحن – الشرقيين والمسلمين – مهما أحببنا إنسانًا واحترمناه يسقط من احترامنا حين نعلم أن له علاقات نسائية.
غير أن الكاتب – في الأرجح – ربما يكون قاصدًا الرمز بتلك العلاقات النسائية التي تتطلب سؤال الله المغفرة لصاحبها إلى (التحرر من القيود على المستوى الشخصي بعيدًا عن الطابع الجماعي العام الذي فشل البطل في تحقيقه)، خاصة وأنه قد سبق للكاتب أن جعل حياته مع فتيات أوربا رمزًا لذلك التحرر من القيود الذي لم يجده في بلاده!!
ومع ذلك يمكن القول بأن هذا الجانب – في العلاقات غير الشرعيّة مع النساء – غير مقبول في حياتنا الشرقية، ومن ثمّ لا يتعاطف القارئ معه كثيرًا، حتى وإن استخدمه المؤلف على سبيل الرمز والإيحاء لا غير.

قديم 02-21-2012, 08:53 PM
المشاركة 277
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يحيى حقي

(7 يناير1905 - 9 ديسمبر1992) كاتب وروائي مصري. ولد يحيى حقي في أسرة ميسورة الحال في القاهرة وقد حصل على تعليم جيد حتى انخرط في المحاماة حيث درس في معهد الحقوق بالقاهرة وكان تخرجه منه في عام 1925. ويعتبر يحيى حقي علامة بارزة في الأدبوالسينما وهو من كبار الأدباء المصريين بجانب نجيب محفوظويوسف ادريس.
قضى يحيى حقي عمره كله في الخدمة المدنية ولم يكن له مصدر رزق سوى الكتابة يسد بها رمقه.ابتسم له الحظ حينما تسلم منصب مستشار في دار الكتب والوثائق القومية.
و أما في مجاله الأدبي فقد نشر اربعة مجموعات من القصص القصيرة. ومن أشهر روايته "قنديل أم هاشم". كتب العديد من المقالات والقصص القيرة الأخرى, وكما عمل محررا لمجلة أدبية وهي المجلة من عام 1961 إلى عام 1971 وقد منعت المجلة عن النشر في مصر.

مولده وعائلته

في بيت صغير متواضع،"من بيوت وزارة الأوقاف المصرية ب"درب الميضة" ـ الميضأة ـ وراء "المقام الزينبي" في حي السيدة زينببالقاهرة؛ ولد "يحي حقي" في يوم السبت الموافق 7 يناير سنة 1905 م، لأسرة تركية مسلمة متوسطة الحال؛غنية بثقافتها ومعارفها، هاجرت من (الأناضول) وأقامت حقبة في شبه جزيرة "المورة"، وقد نزح أحد أبناء هذه العائلة إلى مصر ـ في أوائل القرن التاسع عشر، قادما من اليونان، ـ هو " إبراهيم حقي " (توفي سنة 1890) وكانت خالته السيدة حفيظة المورالية (خازندارة) بقصور الخديوي إسماعيل ؛ فتمكنت من تعيين قريبها الوافد في خدمة الحكومة، فاشتغل زمناً في دمياط ثم تدرج في الوظائف حتى أصبح مديراً لمصلحة في بندر المحمودية بالبحيرة ؛ ثم وكيلاً لمدرية البحيرة ؛ هذا الرجل هو جد يحيى حقي. وقد كون "إبراهيم حقي" أسرة تركية المعدن تنصهر في بوتقة البيئة المصرية؛ فأنجب ثلاثة أبناء هم على الترتيب:محمد (والد يحيى حقي)، ومحمود طاهر حقي (ولد في دمياط سنة 1884م ،وتوفي في يناير 1965م، وهو الأديب المعروف)، وأخيراً كامل حقي (توفي في 2 من مايو سنة 1972 م).
وكان محمد إبراهيم حقي ـ والد يحيى ـ من بين أفراد تلك العائلة، الذين جروا على أعراف أبناء جلدتهم حيث حرص على الزواج من سيدة تركية الأصل تجيد القراءة والكتابة في زمن تفشت فيه الأمية بين نساء جيلها عامة، هذه الفتاة تدعى (سيدة هانم حسين) تنتمي إلى أب تركي وأم ألبانية، وقد التقت أسرتا "سيدة هانم " ومحمد حقي في بندر المحمودية بالبحيرة ،وزفت "سيدة" إلى "محمد" الموظف بنظارة الأوقاف ؛ وكان لمحمد ميل شديد للآداب والفنون يوافق ميل زوجه للتفقه في الدين وقراءة السير والمغازي؛ وقد أنجب محمد حقي عدداً كبيراً من الأبناء ؛هم على الترتيب :إبراهيم، إسماعيل، يحيى، زكريا، موسى، فاطمة، حمزة، مريم...،
وقد توفي حمزة ومريم وهما طفلان، كما توفي عدد آخر من الأطفال قبل أن يبلغوا من العمر شهوراً. كان والد يحيى حقي يقتني العديد من المجلات السيارة في مطلع هذا القرن ؛ أما والدته فكانت متعلمة لها حزم وبصر، وتصرف في الأمور ؛ فكانت تدير المنزل وتدبر شئونه ؛ ويبدو أن محمد إبراهيم حقي شأنه شأن كل رجال الأُسَرِ في ذلك الوقت يترك لزوجته تحمل مسئولية تربية أبنائها ـ خاصة إذا كانت ربة الأسرة لها قسط من التعليم ـ وقد كانت أم يحيى حقي ضليعة في تربية أبنائها ومراعاة مصالحهم وسد احتياجاتهم، وظلت حريصة على إلحاقهم بأعلى مستويات التعليم.
كان عمه محمود طاهر حقي:الأديب المعروف، صاحب مجلة "الجريدة الأسبوعية ". أما الأخ الأكبر ليحيى فهو الأستاذ "إبراهيم حقي" كان يعمل في الخاصة الملكية ثم انتقل بعد ذلك للعمل في إحدى الشركات التجارية الكبرى (فيلبس) وكان له ولع بالكتابة حيث إنه شارك في مطلع حياته بالكتابة في مجلة (السفور). ثاني اخوته الدكتور (إسماعيل حقي)، قضى زمناً في التدريس في المعاهد المصرية ثم أحيل إلى المعاش وسافر إلى الرياض ليعمل بجامعة الملك سعود، أما أخوه الذي يصغره وهو الرابع في الترتيب فهو " زكريا حقي " الذي درس الطب وعمل مديراً بإحدى مصالح وزارة الصحة، ثم الأستاذ "موسى حقي " الذي تخرج في كلية التجارة، ثم حصل على درجة (الماجستير) في السينما وكان يشغل وظيفة كبيرة بإحدى المؤسسات السينمائية ؛ أما فاطمة وزوجها الأستاذ "سيد شكري" فكانا قارئين نهمين للأدب. هذه هي عائلة يحيى حقي التي ولد بين أحضانها وتربى فوق مهاد أفكارها.
تعليمه

تلقى يحيى حقي تعليمه الأوليَّ في كُتَّاب "السيدة زينب"، وبعد أن انتقلت الأسرة من "السيدة زينب" لتعيش في "حي الخليفة"، التحق سنة 1912 بمدرسة "والدة عباس باشا الأول" الابتدائية بحي "الصليبية" بالقاهرة، وهذه المدرسة تتبع نفس الوقف الذي كان يتبعه (سبيل أم عباس) القائم حتى اليوم بحي "الصليبية"، وهي مدرسة مجانية للفقراء والعامة، وهذه المدرسة هي التي تعلم فيها مصطفى كامل باشا. قضى "يحيى حقي" فيها خمس سنوات غاية في التعاسة، خاصة بعد رسوبه في السنة الأولى إثر ما لقي من مدرسيه من رهبة وفزع ؛ لكنه استطاع ـ بعد صدمة التخلف عن أقرانه ـ أن يقهر إحساسه بالخوف وأن يجتهد محاولاً استرضاء والدته التي تكد وتكدح جاهدة للوصول بهم إلى بر السلامة، وفي عام 1917 حصل على الشهادة الابتدائية، فالتحق بالمدرسة السيوفية، ثم المدرسة الإلهامية الثانوية بنباقادان، وقد مكث بها سنتين حتى نال شهادة الكفاءة، ثم التحق عام 1920م بالمدرسة "السعيدية" ـ وكان يسكن حينئذ مع أسرته في شارع محمد على ـ عاماً واحداً، انتقل بعده إلى المدرسة "الخديوية" التي حصل منها على شهادة (البكالوريا)، ولما كان ترتيبه الأربعين من بين الخمسين الأوائل على مجموع المتقدمين في القطر كله، فقد التحق في أكتوبر 1921م بمدرسة الحقوق السلطانية العليا في جامعة فؤاد الأول، وكانت وقتئذٍ لا تقبل سوى المتفوقين، وتدقق في اختيارهم. وقد رافقه فيها أقران وزملاء مثل: توفيق الحكيم، وحلمي بهجت بدوي، والدكتور عبد الحكيم الرفاعي ؛ وقد حصل منها على درجة (الليسانس) في الحقوق عام 1925، وجاء ترتيبه الرابع عشر، وكان يتمنى أن يكون بين أولئك الذين سترسلهم مدرسة الحقوق في بعثات إلى جامعات أوروبا ؛ لإعدادهم لشغل مناصب الأساتذة تدعيماً لحركة تمصير مدرسة الحقوق العليا، وإحلال الأساتذة المصريين محل الأساتذة الأجانب، إلا أنه رسب في الكشف الطبي وخرج من دائرة المرشحين الأصليين إلى مرتبة المرشح الاحتياطي.
وإنني أشك في هذه الرواية التي كتبها الأستاذ "مجدي حسنين" بمجلة "الشاهد" في مقدمته لحوار أجراه مع يحيى حقي؛ فقد كان لدى يحيى حقي الطموح لذلك قبل أداء الامتحانات، لا بعده ؛ إذ أنه لم يوفق للتفوق في بعض المواد؛ فتأخر بترتيبه إلى المرتبة الرابعة عشرة. وأياً كان الأمر فقد كانت مدرسة الحقوق نهاية المطاف الرسمي للتعلُّم عند يحيى حقي، التعلّمُ المعتمد بشهادات رسمية، ليبدأ مراحل جديدة من التثقيف العلمي والمعرفي الذاتيين.
عمله

كا ببعثة إعداد خريجين لشغل منصب أساتذة بدلاً من الأجانب؛لكن "الكشف الطبي" حال دون بقاء هذا الأمل ؛ أو " أن الدور لم يأت عليه " مطلقاً ؛ فنـزل من مرتبة المرشح الأصلي إلى مرتبة الاحتياطي؛ لتصبح مدرسة الحقوق ـ كما قلت ـ هي نهاية المطاف الرسمي للتعلّم عنده.
لم يكن هناك بد من أن يقف في طابور طالبي الوظائف مثله في ذلك مثل جميع أفراد أسرته الذين لم يجرؤ أحد منهم على العمل في المهن الحرة ؛ فأصبح أمله أن يعينه ترتيبه المتقدم للحصول على وظيفة في قلم قضايا الحكومة، ولما أن كانت وظائف النيابة المختلفة حكراً على أولاد الذوات، وعلى من يجيد الحديث باللغة الفرنسية؛ اضطر ـ لذلك ـ أن يقدم طلباً للنيابة الأهلية ؛ فعمل بها فترة تحت التمرين؛ دون أن يكون راضياً عن عمله، وقد اختار العمل بمكتب نيابة " الخليفة " ومقرها شارع نور الظلام ـ (وذلك في مبنى المحكمة الشرعية) ـ لقربه من مسكنه، وبهذه الوظيفة بدأ يحيى حقي حياته العملية، وأصدق وصف لها هو " صبي وكيل النيابة" ـ على حد تعبيره ـ ما لبث أن ترك بعد مدة وجيزة هذه الوظيفة التي تجعل منه تابعاً، ولا تعطيه الحق في تحمل المسئولية؛ ليعمل بعدها بالمحاماة تلك المهنة التي تحتاج إلى معارف ومعاملات مع الناس، الأمر الذي لا يتوفر له أو لعائلته، والقاهرة بلد كبير يحتاج فيها المحامي الناشئ إلى شيء من ذلك؛ ولما تحقق له الفشل الذي توقعه سافر إلى الإسكندرية ليعمل في أول الأمر عند الأستاذ زكي عريبي، المحامي اليهودي المشهور وقتذاك (وقد أسلم هذا الرجل بعد ذلك)، بمرتب شهري قدره ستة جنيهات، لم يقبض منها شيئاً ثم انتقل إلى مكتب محام مصري بمرتب قدره ثمانية جنيهات شهرياً، وسرعان ما هجر الإسكندرية إلى مديرية البحيرة ليعمل فيها بمرتب شهري قدره اثنا عشر جنيهاً، وقد سمح له هذا العمل بالتنقل بين مراكز مدينة البحيرة، وكثيراً ما تعرض للخداع من قبل الوسطاء الذين يعملون بين المحامين والمتقاضين، هذا الأمر جعله يفقد الإحساس بالأمن والاستقرار، كما أغرقه في الشعور بالخوف من المستقبل، فلم يلبث في عمله بالمحاماة أكثر من ثمانية أشهر ؛ لأن القلق على مستقبله بدأ يساور أهله؛ فبدؤوا يبحثون له عن عمل بالوساطات والشفاعات حتى وجدوا له وظيفة معاون إدارة في منفلوط بالصعيد الأوسط؛ وبعد وفاة والده عام 1926، لم يجد بُداً من الخضوع لأوامر العائلة وقبول تلك الوظيفة ؛ التي تسلم عمله بها في الأول من يناير عام 1927.
كانت الوظيفة الجديدة أقل كرامة من وظيفة النيابة ؛ فلم يقبل المنصب إلا صاغراً مستسلماً. وقد عانى فيه مشقة كبرى وامتحن فيه امتحاناً عسيراً وعرف الغم والهم والحسرة والألم. ولكنه ـ من جهة أخرى غنم من تلك الوظيفة مغانم كثيرة لا تحصى ؛ بالنسبة لمستقبله ككاتب.
عاش يحيى حقي في الصعيد، عامين كان يتطلع خلالهما للخلاص من تلك الحياة القاسية، حتى أتاه بالمصادفة المحضة ـ كما يقول ـ إذ قرأ إعلانا من وزارة الخارجية عن مسابقة لأمناء المحفوظات في (القنصليات)، و(المفوضيات)؛ فحرص على التقدم إلى تلك المسابقة التي نجح فيها، فعين أمينا لمحفوظات القنصلية المصرية في جدة، عام 1929 ثم نقل منها إلى استنبول عام 1930م، حيث عمل في القنصلية المصرية هناك، حتى عام 1934؛ بعدها نقل إلى القنصلية المصرية في روما، التي ظل بها حتى إعلان الحرب العالمية الثانية في سبتمبر عام 1939م؛ إذ عاد بعد ذلك إلى القاهرة في الشهر نفسه، ليعين سكرتيراً ثالثاً في الإدارة الاقتصادية بوزارة الخارجية المصرية، وقد مكث بالوزارة عشر سنوات رقي خلالها حتى درجة سكرتير أول حيث شغل منصب مدير مكتب وزير الخارجية، وقد ظل يشغله حتى عام 1949م ؛ وتحول بعد ذلك إلى السلك السياسي إذ عمل سكرتيراً أول للسفارة المصرية في باريس، ثم مستشاراً في سفارة مصر بأنقرة من عام 1951 إلى عام 1952، فوزيراً مفوضاً في ليبيا عام 1953.
أُقِيلَ من العمل الديبلوماسي عام 1954 عندما تزوج (في 22/9/1953م) من أجنبية، وعاد إلى مصر ليستقر فيها ؛ فعين مديراً عاماً لمصلحة التجارة الداخلية بوزارة التجارة ؛ ثم أنشئت مصلحة الفنون سنة 1955 فكان "أول وآخر مدير لها، إذ ألغيت سنة 1958 "، فنقل مستشاراً لدار الكتب، وبعد أقل من سنة واحدة أي عام 1959 قدم استقالته من العمل الحكومي، لكنه ما لبث أن عاد في أبريل عام 1962 رئيساً لتحرير مجلة " المجلة " التي ظل يتولى مسئوليتها حتى ديسمبر سنة 1970، وبعدها بقليل أعلن اعتزاله الكتابة والحياة الثقافية.
حياته الاجتماعية

عاش يحيى حقي حياته محايداً ؛ مكشوف الطوية ؛ "من تعرف عليه ولو في كهولته، فكأنما عرفه منذ كان طفلاً في المهد ؛ إذ بقي معه ـ حتى نهاية حياته ـ شيء من طفولته، وقليل من صباه، وأَثَارَةً من شبابه، وهذا في جملته يدل على أنه كاتب عظيم ".
صفاته الجسمية

كان يحيى حقي قصير القامة، " لايزيد طوله عن المتر " إلا (بِلُكَّمِيَّة) ـ على حد تعبيره ـ له وجه طفل سمح، وردي اللون؛ ورأس كبير، زحفت جبهته حتى منتصفه، وفم لا تفارقه البسمة الخجول الغامضة، الودود المتوددة، في عينيه بريق حاد يجعلهما كعيني صقر، يشع منهما ذكاء فريد نصفه دهاء ونصفه حياء، ونفاذ بريقهما لا يكاد يتخلله سوى رعشة الخجل، ينكفئ بين العينين أنف ليس صغيراً، ترتاح على جانبيه وفوق كرسيي خديه، عدستا (منظار) كجناحي فراشة، تزيد مسحة الذكاء إشعاعاً وانطلاقاً، ذلك (المنظار) الذي اعتاد عليه منذ وقت مبكر جداً من طفولته، مثله في ذلك مثل كل أفراد عائلته؛ في يده اليمنى يمسك عصاً معقوفة من الأعلى، قد يغطي مقبضها أحيانا بمنديل من قماش أبيض، كما يغطي رأسه بـ (بيريه).
تربيته وشخصيته

كان زملاء يحيى حقي يتندرون عليه بدعوى أنه مؤدب أكثر مما يجب، وأنه يستخدم كلمة (أفندم) التركية، في كل كبيرة وصغيرة؛ وكانت هذه الكلمة رمز الأدب وحسن التربية عند الطبقة الوسطى وما فوقها، هذا الخلق لم يكتسبه يحيى حقي من صحبته للديبلوماسيين ؛ لكن ذلك كان غرس أمه، التي هي منبع ذلك الخلق ؛ أدبته فأحسنت تأديبه، وعلمته ـ كما قال ـ كيف يجب أن يجلس ويتكلم، وكانت تقيد عليه وعلى إخوته الخمسة كل زلة لسان ينبو بها القصد ـ وإن كانت بريئة ـ فتنبههم إليها إذا انفض الجمع، و"انتهت طفولته، ومضى صباه وسارت حياته كسلسلة من حديد في قوانين صارمة لا يستطيع أن يتعداها". إن البيت الذي نشأ فيه يحيى حقي لم يعرف الفروق الطبقية أو الجنسية، في وقت كان الأتراك يتميزون فيه ويتصفون بالكبر والاستعلاء، ويحار المرء في كنه هذا الأمر؛ هل هو مكتسب بالفقر، أو هو طبع أصيل ؟ ؛ " وسواء أكان الأمر هذا أم ذاك ؛ فإنه هو الذي نشأ عليه ذلك الطفل الغريب"، الذي عاش حياته كلها في ظل ألفة اجتماعية جعلته قريباً من كل قلب ؛ تخلل تلك الألفة بارقات من الضجر الاجتماعي الذي كان يعتوره أحياناً، وقد رصدته بعض المصادر بينما غفل عنه الكثيرون من دارسيه ورفقائه.
الائتلاف الاجتماعي

منذ عرف يحيى حقي الطريق إلى الشارع وإلى المدرسة، أصبحت "الصداقة" هي عصب حياته، وأهم عناصرها على الإطلاق... وبدءاً بأيام مدرسة (أم عباس)، ظل يحتفظ ببعضها حتى نهاية حياته... وقد شكلت صداقته ـ طوال حياته ـ ثلاثة تجمعات رئيسة ؛ لكل واحدة منها اهتماماتها الخاصة
أولاً: جمعية الأخلاق الفاضلة

أولى التشكيلات الاجتماعية التي انخرط يحيى حقي فيها هي: "جمعية الأخلاق الفاضلة" في المدرسة الإلزامية، هذه الجمعية مهمتها أن تحمي الأخلاق وتحافظ عليها وعلى القيم الاجتماعية، والالتزام بها... ؛ ولكن ما أعظم خيبة الأمل عندما اكتشف يحيى حقي أن أعضاء تلك الجمعية أنفسهم هم الذين لا يحمون خلقاً، ولا يحافظون عليه أو يلتزمون به، فتركهم ليعيش الأخلاق الفاضلة في حياته، سجية وطبعا، دون أن ينضوي بها تحت شعار براق لا يحميه من يشرعه في وجوه الآخرين.
ثانياً : جماعة الحقوقيين

في مدرسة الحقوق انغمس يحيى حقي في دراسة القانون، وزامل وصادق والتقى ـ فيها ـ بنخبة من العباقرة الذين عرفتهم مصر بعدئذ، وكانت الجماعة التي انضم إليها ؛ جماعة من المجدين المجتهدين، أخذ أفرادها الدرس أخذ حياة ومنهج، كان منهم المرحوم حلمي بهجت بدوي، وعبد الحكيم الرفاعي، وسامي مازن ؛ كان اجتماعهم حلبة ساخنة للمناقشة ؛ يزكي أوارها نخبة من الأساتذة العظماء مثل عبد الحميد أبو هيف، ونجيب الهلالي، وأحمد أمين... وغيرهم.
في اجتماعه مع هؤلاء، لم يكن للأدب نصيب وافر من المدارسة أو المناقشة، فلم تكن جماعتهم تناقش إلا القانون ،ولا تهتم بشيء قدر اهتمامها بما يدور في إطاره من ثقافات ومعارف، وكان القانون وثقافته ـ وقتئذ ـ يشغل يحيى حقي؛ فدخل في سباق رهيب، كان وطيسه يشتد كلما مضت السنوات واقترب موعد التخرج؛ لكنه في تلك الأيام استطاع أن يتلمس من خلال معطياتها الدوافع الأولى للكتابة في حياته.

قديم 02-21-2012, 08:54 PM
المشاركة 278
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ...يحيى حقي

ثالثاً: جماعة الأدباء

انخرط يحيى حقي في جماعة موازية لجماعة الحقوقيين الذين لم يهتموا إلا بالقانون، هذه الجماعة هي "جماعة الأدباء"، يجتمعون بمقهى "الفن" الشهير في عماد الدين، أمام مسرح رمسيس ـ (مسرح الريحاني الآن) ـ وعن طريق شقيقه إبراهيم حقي التقى بزملاء الشباب الواعد، وعلى مقهى "الفن"، كان أقرب الأصدقاء إلى نفسه المهندس محمود طاهر لاشين (1894 ـ 1954م)، والدكتور حسين فوزي (1900 ـ 1988) إلى جانب أنواع وأنواع من الفنانين والكتاب الذين التقى بهم يحيى حقي في مقهى "الفن".
هذه ثلاثة أنواع من التجمعات التي انتمى إليها يحيى حقي ؛ لكل تجمع منها أهدافه وتوجهاته ورؤاه وطموحاته الخاصة، وكل هذه الطموحات والتوجهات كانت تجتمع في شخصية يحيى حقي ؛ الذي لم يكن يألف ـ على الرغم من تسامحه الفياض ـ غير أصدقائه المقربين، بل كانت تنتابه أحياناً حالة نفسية في تعامله مع المجتمع من حوله، لنا أن نسميها "ضجراً اجتماعياً"، وقد رصدت بعض المصادر هذه الحالة النفسية الصعبة، التي كانت تنتابه لكنها لم تلفت الانتباه إليها بعد ؛ فهو كثيراً ما كان يبدو "غريب الأطوار ".
الضجر الاجتماعي

هذا النوع من القلق لم يكن وليد نبع واحد، بل كان مصباً لتيارات مختلفة؛ نشأت عن جذور راسخة في أغوار يحيى حقي بعضها نتيجة مباشرة للتربية، وبعضها وليد "الحاجات الإنسانية". ويمكننا توزيع مظاهر هذا الشعور إلى نقاط من أهمها:
[ 1 ] فرط خجله

فالخجل من أكثر المكتسبات التربوية حضورا في شخصية يحيى حقي، وقد وجدت في كلام للدكتور على شلش ما يشير إلى ذلك، في معرض حديثه عن يحيى حقي، بعد أن التقى به في إحدى الندوات التي نظمتها رابطة الأدب الحديث لمناقشة كتاب " فجر القصة المصرية" ؛ فيصفه قائلا : "راح ينظر إلى الحاضرين في وداعة ـ تارة ـ ثم ينظر تارة أخرى إلى الأرض ويده اليسرى تقبض على عصاه القصيرة في قلق ظاهر، وكأنما يقول في نفسه : ماذا جنيت حتى يتفرج علي الناس هكذا ؟".
[ 2 ] النـزعة التركية

عاش يحيى حقي صراعا باطنيا عنيفا بين انتماء الأصل إلى الأتراك وانتماء الفرع إلى المصريين، ذلك الانتماء البديل المفروض عليه، وقد صدر هذا الصراع عن حاجته الإنسانية إلى الارتباط بالجذور، وتحديد هوية صريحة غير مزدوجة ؛ إضافة إلى حاجته إلى "انتماء " ؛ فهذه الحاجات تعارضت بين بعضها البعض ؛ فحاجته إلى الانتماء دفعته للذوبان في المجتمع المصري، الذي ولد ونشأ وتربى وعاش تحت ظلته وفي أحضانه ؛ بينما كانت حاجته إلى الارتباط بالجذور وتحديد هويته: عوامل مناهضة لمصريته، فكانت تطرق عليه بشدة من الداخل، ودفعته للنظر إلى المجتمع المصري نظرة مصلح، نافذة ناقدة، ليتحول من نقد الذات إلى جلدها كمحاولة لتعويض ما افتقده بسبب هذا الانتماء المفروض عليه لمصر، من انفصام ارتباطه بجذوره، ومن هذا المنظور وقف يحيى حقي في تشكيل شعوره عند نقطتين مهمتين هما في الحقيقة وجها العملة ؛ فتارة يعلي من قدر الأتراك، وتارة أخرى يذم المصريين؛ فهو عندما يتحدث عن " محمد علي "، العصامي الذي وطد عرشه في مصر، يمتدحه لأنه " ظل مخلصاً لفن وطنه "، ويحمد له إخلاصه لهذا الوطن وتواصله معه " فلم تفصمه عنه الحروب المتتالية، ولا نية التوطن في بلد غريب يباين عادات وطنه الأصلي " ؛ فالفرق بين مصر وتركيا قائم في وجدان يحيى حقي الذي يتطلع للالتحام وترك ذلك الانتماء البديل المفروض عليه بحكم المولد والنشأة، وقد أسبغ هذا الاحساس على شخصياته وحركها بوازع من رغباته الدفينة ؛ بعد أن أضاف إليها آراءه في المصريين؛ فشخصية (سرنديل هانم) " تعالت على المصريين وأقامت من نفسها دليلاً ناطقاً حياً، على عدم صلاحية المصريين للحياة..! والمصريون ـ عفا الله عنهم ـ لا يحبون من أحد أن يذكرهم بخطئهم، لذلك انقطعت الصلة بينها وبين جيرانها … وبرهنت بذلك على أن التركية والمصرية لا تأتلفان..! ".
وقد ينطق ـ في مواضع أخرى ـ المصريين بذم أنفسهم أو يشير إلى ذلك ؛ فهذا متطوع لفض اشتباك نشب في الطريق " يحاول ـ بعد خطبة قصيرة في ذم خلق المصريين ـ أن يرفع العربة قليلاً " ؛ كما أن بطله " إسماعيل " في (قنديل أم هاشم) لا يرى في المصريين سوى جنس سمج ثرثار، أقرع أرمد، عارٍ حافٍ، بوله دم وبرازه ديدان، يتلقى الصفعة بابتسامة ذليلة تطفح على وجهه... فمصر والمصريون عاشوا في الذل قرونا طويلة فتذاوقوه واستعذبوه.. ومصر نفسها ما هي إلا قطعة (مبرطشة) من الطين، أسنت في الصحراء، تطن عليها أسراب من الذباب والبعوض، ويغوص فيها ـ إلى قوائمه ـ قطيع من جاموس نحيل".
فلا يخفى ما في هذا التوجه الفكري والنفسي من مشاعر احباط، ثم عدائية ودونية ينظر من خلالهما إلى بلد لها تاريخها الضارب بجذوره في أعماق التاريخ، فكانت منارة يُهْتدي بها علماً وحكمة وسياسة وفناً، في الماضي والحاضر، في آونة لم تكن فيها تركيا، أو كانت ترسف في أغلال ظلمات القرون الوسطى، واكتفى يحيى حقي بالنظر إليها في عصر الضعف والانحلال، وحقبة الانكسار، عندما كانت مكبلة بقيود الاستعمار ؛ فلم تكن نظرته إليها إلا نظرة اعتقاد لا مجرد معايشة ونقد ذات، كما يدعي، بل هي محاولة "جلد الآخر" تلميحاً وتصريحاً في آن واحد.
رد على النزعة التركية عند يحيى حقي بقلم / صلاح معاطي لم يظهر ذلك الصراع الباطني مطلقا عند يحيى حقي لا في كتاباته فلم يكن انتماء الأصل للأتراك وانتماء الفرع للمصرين كما أشار الكاتب.. فليس يحيى حقي الذي يشغله هذا التناقض المحدود فقد كان انتماؤه مصريا خالصا أصلا، وفرعا ولو أنني أرى أن جنسية الأديب وانتماءه لا يعيبانه ككاتب فكلنا عشق تشيكوف وترجنيف وتولستوي وبراندللو وجوجول وهوجو وغيرهم وغيرهم دون النظر إلى بلدانهم وانتماءاتهم حتى من كانت لهم جذور غير مصرية مثل علي أحمد باكثير حتى الجبرتي مؤرخ الحملة الفرنسية له جذور حبشية ومع ذلك نقل بكل أمانة وصدق الأحداث بمصرية صميمة ولكن بالنسبة ليحيى حقي فالأمر يختلف فقد كان مصريا خالصا مصري المولد والمنشأ والممات ولم يكن يعرف من التركية سوى كلمات قليلة تلك التي كان ينهر بها مثل أدب سيس، خرسيس، سكتر برة. وقد تعلمها على كبر..
كما كان يقول لو عصرتموني في معصرة قصب فلن تجدوا بداخلي نقطة تركية واحدة وكان يقول أيضا لو قسمتم أي زلطة في مصر ستجدون فيها يحيى حقي.. لقد ذاب يحيى حقي في المجتمع المصري الذي وجد فيه وصار فكره وانتماؤه وعقله موجها إليه فهو عندما ينقد فهو ينقد للأصلح.. أما صراعه الأزلي فكان ذلك الصراع الذي أصاب كل من خرج من مصر ليصطدم بالحضارة الغربية وكان هناك صراع آخر خفي هو صراع الإنسان بين مثله وغرائزه.. أما ما جاء على لسان إسماعيل في قنديل أم هاشم من وصف المصريين أنه جنس سمج ثرثار، أقرع أرمد، عارٍ حافٍ، بوله دم وبرازه ديدان ،... إلخ.. فقد جاء على لسان بطل الرواية الذي كان في لحظة ما خصما للكاتب يحيى حقي فهو بهذه الصورة يرسم وجها آخر لشخصية إسماعيل الذي أصبح يرى المصريين على هذه الصورة وليس يحيى حقي..
المصادر
  • صفحات من تاريخ مصر – يحيى حقي
  • قنديل أم هاشم – يحيى حقي
  • وصية صاحب القنديل.. صلاح معاطي
  • من يحيى حقي إلى ابنته نهى – نهى حقي
[ 3 ] العواطف الطارئة

إلى جانب ما تتسم به شخصية يحيى حقي من خجل ونزوع نحو الانتماء التركي، كانت عواطفه الطارئة تتحكم فيه أشد التحكم، ويتضح ذلك جلياً لمن يجلس إليه ؛ فيذكر الاستاذ أحمد عباس صالح أنه :"كثيراً ما يقبل عليك بشغف شديد وينطلق في حديث طويل.. طويل، ثم فجأة تتغير ملامح وجهه دون سبب ظاهر، ويقطع هذا كله وينصرف عنك"؛ فهو كثيراً ما كان يشعر بالمرارة والانكسار المباغتين ؛ فيشعر مجالسيه بها ؛ فيذكر " أحمد عباس " ـ في هذا الصدد ـ أنه التقى بصحافي (يوغسلافي) ترجم بعض قصص يحيى حقي ونشرها في (يوغوسلافيا)، فأحدثت ضجة ودهشة هناك، وإعجاباً كبيراً لما لهذه الأعمال من مستوى فني راق، وهذا الصحافي (اليوغسلافي) كان يريد مقابلة حقي ؛ لكن " الأستاذ صالح " لم يوفق في جمع الصحافي الأجنبي بالكاتب الكبير، يذكر أحمد عباس صالح أنه حينما أبلغ يحيى حقي الخبر ؛ ابتسم ابتسامة مشرقة، ثم عاد فتجهم وجهه ؛ وهذا التعبير الذي كان يطفر على وجه يحيى حقي رغماً عنه، هو وليد شعور دفين بأنه لم يظفر بالشهرة اللائقة، لأنه كان لا يجيد أسلوب الدعاية عن نفسه، ويعلم ــ في الوقت ذاته ــ أنه لا يجيد ذلك ؛ كما كانت ليحيى حقي لحظات خاصة يعيشها، ويجد لذته الغريبة فيها، إذ يشعر نفسه خلالها بالظلم الاجتماعي والانكسار النفسي.
كما رصد الأستاذ أحمد عباس صالح طائفة من الأمثلة والمواقف التي تدعم رؤيته هذه ؛ لكن الذي نريد التأكيد عليه أن الأستاذ "أحمد عباس" هو الوحيد الذي لاحظ على يحيى حقي هذه الملاحظة، وصرح بها، هذا إذا أخذنا كلام الدكتور "على شلش" على أنه مجرد وصف عفوي قشري، لرجل يجلس في حياء التواضع على منصة الرفعة والتكريم. وقد حاولت الاهتمام بهذه النقطة لتأكيدها عنده أو نفيها عنه ؛ فإذا بي أجدها حالة مسيطرة عليه، تنتابه غالباً ؛ يقول الروائي "صالح مرسي" عنه :"عذبني كما لم يعذبني أحد من كتابنا ؛ أَمَضَّني وجعلني أسهر الليل بحثاً عنه، ثمة شيء غامض فيه، ومستور بكثافة الكتمان والصمت، ألقاه في شوق، وأفترق عنه بثورة، ويلقاني بعتاب ويتركني دائماً بغضب".
ويذكر الأستاذ "صالح مرسي" أنه حينما شرع في كتابة مقالته عن حياة يحيى حقي ؛ تلك التي نشرت بمجلة الهلال، لم يجد من يحيى حقي سوى الضجر من تلك اللقاءات، بل إنه في الجلسة الرابعة تحديداً نهض من مكانه أثناء الحديث وسار إلى الباب وفتحه قائلاً : "كفى.. تعال في وقت آخر..!!"
هذا جانب " الفعل " Action، وهناك جانب آخر يجعل الصورة أكثر وضوحاً وجلاءً هو جانب "رد الفعل Reaction"، نلتمسه في موقف، من مواقف أصدقائه المقربين، ضده ؛ فربما كان تلاشي طبيعته السمحة حينما يخشوشن في معاملة أصدقائه ؛ تصيبهم بصدمة عنيفة غير متوقعة، فمثلاً ظلت علاقته بصديقه "محمود محمد شاكر" (1909 ـ 1997)، قرابة ثلاثة وخمسين عاماً ؛ لكنه حينما كان الأستاذ "صلاح معاطي" يعد مادة كتابه "وصية صاحب القنديل" ـ الذي يتحدث فيه يحيى حقي عن أصدقائه ثم يتحدث هؤلاء الأصدقاء عنه وعن ذكرياتهم معه ـ كشف النقاب عن أبعاد خفية في علاقة يحيى حقي بأصدقائه المقربين ؛ إذ أن الأستاذ " معاطي" عندما بدأ في استكمال دائرة الكتاب، بجمع أحاديث هؤلاء الأصدقاء عن يحيى حقي ؛ وكانت الشخصية الثانية التي تحدث عنها يحيى حقي هي شخصية الأستاذ محمود محمد شاكر ؛ فحاول "معاطي" الاتصال به مرات عديدة ؛ " لكنه اعتذر عن الحديث حول يحيى حقي ؛ بدعوى أنه مريض، وأنه لا يريد أن يتحدث عن أصدقائه الذين يحبهم" ؛ وهكذا تخلص الأستاذ محمود محمد شاكر ـ بشكل مدهش ومثير للشك ـ من الحديث عن يحيى حقي ؛ لكن الأستاذ "فؤاد دوارة" وجه الأستاذ صلاح معاطي إلى بابين يستطيع أن يصل من أحدهما إلى محمود شاكر ؛ أولهما السيدة "عايدة الشريف" ؛ التي تحمست للفكرة وحاولت جهدها مع الأستاذ محمود شاكر ؛ لكن دون جدوى، فلم يبق أمام "معاطي" سوى الباب الثاني، وهو "فهر"، ابن الأستاذ محمود شاكر ؛ لكنه هو الآخر لم يستطع إقناع والده، وذهبت محاولاته كلها أدراج الرياح؛ يقول الأستاذ صلاح معاطي : "لم أسترح إلى عدم مشاركة الأستاذ محمود شاكر في الحديث عن يحيى، وقررت أن أحاول ثانية فذهبت للقائه في المجمع اللغوي ـ مستعيناً بالأستاذ "إبراهيم الترزي"ـ وانتظرت حتى خرج "محمود شاكر" من جلسة المجمع معتمداً على عصاته؛ فعرضتُ عليه الأمر، وقبل أن أكمل كلامي فوجئت به يحتد قائلاً : " يحيى حقي..ليس لي علاقة به، ولا أعرف عنه شيئاً"
هل يتخيل امرؤ أن يصدر هذا الكلام عن رجل ربطته علاقة صداقة غير تقليدية بيحيى حقي، دامت نحو ثلاثة وخمسين عاماً، إلا إذا كانت هناك خلافات في الرأي وتباين في الأمزجة تفاقمت آثارهما لحد وصل بهما لحد إنكار الصديق لصديقه ؟. لقد كتب الأستاذ محمود محمد شاكر ـ قبل جملته التي قالها لصلاح معاطى ـ مقالة في الأهرام ـ عقب وفاة يحيى حقي ـ عنوانها "يحيى حقي:صديق الحياة الذي افتقدته"، تحمل إرهاصات ذلك التصريح الذي صدر عن الأستاذ محمود شاكر رغما عنه، في ثورته، فمما جاء في هذه المقالة حديثه حول علاقته بيحيى حقي يقول فيها: "كانت علاقتي بيحيى حقي مزيجاً من صلات العمل العلمي والأدبي، وخلافات في الرأي ووجهات النظر، مع تباين واضح في الأمزجة والطباع، وتبادل لمحات الفكر وجوانب المعرفة".
ويبقى السؤال: ترى هل وصلت بهما خلافات الرأي وتفرق وجهات النظر وتباين الأمزجة والطباع، لحد ينكر فيه الصديق صديقه ؟ أنا لا أحاول التشكيك في طبيعة يحيى حقي ولا في طبيعة الأستاذ شاكر، أو وفاء الأخير ؛ لكني أرصد فقط ـ ههنا ـ صوراً لحالة الضجر الاجتماعي التي كان يمر بها يحيى حقي، وأثر تلك الحالة في علاقته ببعض أصدقائه المقربين وانعكاسها عليهم.
شخصيته (الديبلوماسية)

ظل يحيى حقي موظفاً جل حياته ؛ لكن وظيفته كانت في السلك (الديبلوماسي)، فأبعدته عن جمود العمل الحكومي، كما أبعدته عن الخضوع المباشر لسلطان الإدارة في مصر، وأفسحت له فرصة التنقل بين العواصم ومدارس الثقافة والفن المختلفة، وأن يستمتع بالفراغ الذي توفره مثل هذه الوظائف لأصحابها، فتلك الوظائف لا يجد شاغلوها ـ في لأغلب الأعم ـ ما يشغلهم، فلما عاد إلى مصر عاد ظل محتفظاً بطابعه، طابع التنقل الحر بين التداعيات المختلفة، والاسترسال مع السليقة..، وعندما انقطع للأدب والكتابة، خلع عنه البقية الضحلة من مظهر الرسمية فأصبح "الأديب الخالص، المخلص للأدب، من منبت الشعر إلى أخمص القدم.. الأديب الفنان حتى أطراف الأصابع؛ وزاحم أكبر أدبائنا المتحررين من قيود المجتمع، الذين استعبدتهم (الرتابة) وأزلتهم الألقاب والصلات التقليدية بين الحاكم الذي لا تهدأ له نفس ولا يسكت عنه غضب، حتي يصبح الناس جميعاً أرقاماً في عملية حسابية أو مسامير في آلة بخارية".
إن يحيى حقي عقد معاهدة مع السلطة، فلا هو من طراز عبد الله النديم، الذي لا تطيب له نفس، ولا يهدأ له لسان إلا إذا أصلى السلطان شواظاً من نار فنه، وحرض عليه الأمة، وفضح سوءاته ؛ ولا هو من طراز "بيرم التونسي"، الذي يمكن أن ينفجر ضد السلطان في لحظة غضب، ينسى معها النتائج والعواقب، ثم يهيم على وجهه ؛ لكن يحيى حقي التزم من جانبه ألا يؤرق سلطة ولا يخيفها، ولا يستعصي عليها، وأن يمنح السلطان كل الظاهر بلا نفاق ولا ملق، مع احتفاظه بكل الباطن ؛ فهو لا ينفك يسخر من متناقضات الحاكمين وادعاءاتهم المكشوفة والمستورة، والتماسهم الرأي الحسن بالأسلوب الرديء، ورغبتهم في العطاء مع المن، والإقبال مع التهديد المستمر بالإدبار.. وسخريته ـ مع ذلك ـ هادئة خالية من الحرارة، بريئة من العنف.
[عدل] زواجه

تقلب يحيى حقي في وظائف كثيرة، كل واحدة منهما ارتبطت بمجتمع مغاير، لما كان يعيشه من قبل، حتى استقر به المقام في القاهرة سنة 1939م عندما عمل مديرا لمكتب وزير الخارجية، بعد مدة طويلة من العمل في السلك (الديبلوماسي)، تشبع خلالها بكل أعراف السلك السياسي، خاصة في نظرته إلى من تشاركه الحياة؛ كان حينئذ يعيش عزباً وحيداً، قد بلغ السابعة والثلاثين من عمره.
كان (الديبلوماسيون) ـ قبل ذلك ـ لا يتزوجون سوى أجنبيات، حتى "صدور قانون يمنع السياسيين من الزواج بأجنبيات؛ فاضطر بعضهم للتحايل على القانون، وبعضهم تزوج من مصريات الأب أمهاتهن أجنبيات، يجدن لغات أجنبية تتيح لهن مشاركة أزواجهن في الحفلات والتجمعات الرسمية ؛ فإذا أراد الرجل (الديبلوماسي) أن يتزوج فعليه أن يبحث عن الفتاة التي تتوافر فيها هذه الصفات، لكن بعض (الديبلوماسيين) كان يبحث فقط عن المال، ومن ناحية أخرى كانت تلك العائلات تعتز اعتزازاً شديداً بأن بناتهم سيتزوجن من (ديبلوماسيين).."
في عام 1942م، قرر يحيى حقي الزواج، فلم يجد في أسرته من تناسبه ؛ لأن شروطه لم تتوفر في واحدة منهن، فجعل يشيع ذلك في مكتبه بالإدارة الاقتصادية بوزارة الخارجية المصرية، فجاءه زميل له أنبأه بأنه عثر له على فتاة من منطقة "المعادي"، اسمها "نبيلة"، وهي ابنة الأستاذ عبد اللطيف سعودي المحامي النسابة، عضو مجلس النواب بالفيوم، الذي درس الحقوق في سن متأخرة، فكافح حتى نال إجازة علمية من (مونبيلييه) بفرنسا، والتقى يحيى حقي بالفتاة، كانت مرحة ذات بسمة دائمة يبدو عليها سمت الطيبة والوداعة، لها منظر بهي جميل..، وتمت مراسم الخطبة فالزواج، وتزوج يحيى حقي من "نبيلة" التي كان يختلط في عروقها الدم المصري الفلاحي بالدم العربي الإنجليزي، وسكن بمنـزله في حجرتين عاليتين ؛ ثلاثة أشهر فقط عاشتها معه "نبيلة"، قبل أن يدهمها المرض، على غير انتظار، مرض غريب متوحش مؤلم راح يسحب النور من عينها اليسرى يوماً بعد يوم ثم بدأ المرض يزحف إلى اليمنى، وفي أحشائها تكبر "نهى" التي ما إن خرجت إلى الدنيا، عام 1944 ؛ حتى أحست أمها بارتفاع في درجة الحرارة تبين بعدها أنها مصابة بمرض "التهاب العضلة القلبية" الذي لا علاج له، ـ وقتئذ ـ إلا (البنسلين) الذي كان يصرف من الجيش البريطاني، وبصعوبة بالغة، استطاع يحيى حقي أن يحصل على كميات منه بفضل عمله في وزارة الخارجية ؛ لكن دون جدوى، فلم يمض على وضع وليدتها "نهى" سوى شهر واحد، حتى توفيت السيدة "نبيلة"، تاركة زوجها مع وليدتها إلى وحدته الأولى من جديد ؛ وقد رثاها بمقال مؤثر نشرته مجلة"الثقافة" وقتذاك، عنوانه: "الموت.. إلى نبيلة" ؛ فقد كانت وفاة زوجته ـ بعد عشرة أشهر من زواجهما ـ صدمة كبيرة له ؛ عنيفة وقاسية، لكنه احتمل، وظل وفياً لذكراها لعشر سنوات كاملة حتى عام 1954، حيث تزوج للمرة الثانية من الفنانة التشكيلية الفرنسية(جان ميري جيهو)، التي تعرف عليها من تردده على المراسم والمتاحف مع صديقه (ميشيل ماصيا) معلم اللغة الفرنسية، الذي دعاه إلى التعرف ببعض أصدقائه، فكانت من بينهم السيدة (جان) ابنة مقاطعة (بريتانيا) الفرنسية، وبعد عامين من التعارف والصداقة بينهما نقل يحيى حقي من باريس إلى أنقرة التي ظل بها مدة عامين كاملين، شبت إبانهما الثورة المصرية عام 1952؛ وبعد قيامها بعامين تبوأ مكانة رفيعة في السلك (الديبلوماسي) المصري ؛ حيث عين وزيراً مفوضاً في ليبيا، التي عاش فيها عاماً عصيباً بين اضطراب السياسة الديبلوماسية المصرية ؛ وبين رغبته الملحة في العودة إلى السيدة "جان" والزواج منها ؛ الأمر الذي يحول دونه وضعه كديبلوماسي ؛ لكنه في عام 1954 قرر ترك عمله السياسي، وتوجه إلى فرنسا ليرتبط بالسيدة "جان ميري جيهو" ؛ وظلا معاً يدبان إلى مرحلة الشيخوخة حتي وافته المنية عام 1992.
الجوائز التي حصل عليها

حصل يحيى حقي في يناير عام 1969 على جائزة الدولة التقديرية في الآداب، وهي أرفع الجوائز التي تقدمها الحكومة المصرية للعلماء والمفكرين والأدباء المصريين ؛ تقديراً لما بذله يحيى حقي من دور ثقافي عام، منذ بدأ يكتب، ولكونه واحداً ممن أسهموا مساهمةً واضحةً في حركة الفكر والآداب والثقافة في مصر، بدءاً من الربع الأول من القرن العشرين.
كما منحته الحكومة الفرنسية عام 1983 م، وسام الفارس من الطبقة الأولى، ومنحته جامعة المنيا عام 1983 الدكتوراه الفخرية؛ اعترافا من الجامعة بريادته وقيمته الفنية الكبيرة.
ثم كان يحيى حقي واحداً ممن حصلوا على جائزة الملك فيصل العالمية ـ فرع الأدب العربي ـ لكونه رائداً من رواد القصة العربية الحديثة، عام 1990م.
وفاته

في ضحى يوم الأربعاء، التاسع من ديسمبر، عام 1992 م توفي يحيى حقي في القاهرة، عن عمر يناهز سبعة وثمانين عاماً؛ بعد أن أعقب تراثاً كبيراً من الفكر والأدب؛ إبداعا ونقداً.
سينمائيات يحيى حقي

قطع يحيى حقي في علاقته بالسينما شوطاً بعيداً، وتنوعت اتجاهات تلك العلاقة وأوجهها، فهو أولاً متفرج من داخل صالة السينما، وقد ظل حريصاً على تلك العادة حتى نهاية حياته، كما أنه ناقد متابع للأفلام المعروضة في دور السينما وله بعض الآراء المهمة المقدرة التي تمتلك إلى جانب الذوق الشخصي خبرة ذاتية كبيرة اكتسبها من جولاتها في المعاقل السينمائية الكبرى في أوروبا، ثم توجت السينما المصرية عام 1968 علاقتها بيحيى حقي بالالتفات إلى أعماله الأدبية والاستقاء منها، فأنتجت أربعة من الأعمال السينمائية المميزة التي رسخت في وجدان المشاهدين ومن أبرزها (البوسطجي)، ثم (قنديل أم هاشم)، وهما أهم ما أنتجت السينما المصرية بعامة، وقد سبقهما من أعمال يحيى حقي فيلم (إفلاس خاطبة)، ووليهما فيلم (امرأة ورجل).
أعماله

قديم 02-21-2012, 08:57 PM
المشاركة 279
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
احداث بارزه في طفولة يحيى حقي:

واضح ان هناك ثلاث عوامل ربما تكون اثرت كثيرا في شخصية يحيى حقي وهي اولا موت اثنان من اخوته وهو صغير وثانيا قصر قامتة وثالثا مزاجتية التي هي مؤشر ربما على حالة نفسية اقرب الى الكآبة بغض النظر عن السبب.

مأزوم.

قديم 02-22-2012, 10:06 PM
المشاركة 280
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


37- العودة الي المنفي أبو المعاطي أبو النجا مصر


عن الرواية وكاتبها :

- تحتل روايتنا المركز السابع والثلاثين في القائمة التي أصدرها اتحاد الكتاب العرب لأفضل مائة رواية عربية عن القرن المنصرم ، والرواية تخليد لذكرى سيرة ابن مصر المجاهد عبد الله النديم .

- أبو المعاطي أبو النجا من أبرز الأدباء العرب الذين يكتبون القصة النفسية ويعبرون بدقة عن المشاعر الداخلية للإنسان وتحمل أعماله الإبداعية سواء القصصية او الروائية تجارب حافلة بكل ما هو إنساني فهو يرصد الواقع بمفرداته الحسية ويتوغل في التفصيلات الدقيقة للشخصية الإنسانية ولم يقع أسير الواقع الحرفي ولم يهرب إلى عالم الفانتازيا بتهاويله الخرافية لذا نجح في نسج خيوط تجربته الإبداعية فوصفه النقاد بأنه أبرع أديب عربي كتب القصة النفسية.
صدرت للأديب ابو المعاطي ابو النجا ثماني مجموعات قصصية منها (فتاة المدينة، ابتسامة غامضة، الناس والحب، مهمة غير عادية، الجميع يربحون الجائرة), وأصدر روايتين هما (العودة الى المنفى، ضد مجهول), واصدر كتاباً نقدياً واحداً بعنوان (طرق متعددة لمدينة واحدة).


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 18 ( الأعضاء 0 والزوار 18)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 08:49 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.