قديم 04-22-2012, 02:34 PM
المشاركة 11
م. يحيى خان
روائي سعـودي
  • غير موجود
افتراضي
معلومات شائقة من أديبة رائعة ..
يحيى

قديم 04-22-2012, 09:14 PM
المشاركة 12
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
س 4- هل لك أن تحدثينا عن الدراسةالجامعية؟ متى التحقتِ بالجامعة ومتى تخرجتِ وما هو مجال التخصص؟

لدراستي ألف حكاية ..
كنت قد خرجت للتو من صدمة الزواج الأول ولم يكن عمري آنذاك سوى ست عشرة سنة .. وكانت الدراسة بالنسبة لي حياة .. فما أن أكملت الثانوية العامة بنجاح في الفرع العلمي عام 1977م حتى هب والدي يرحمه الله للسعي لي في الجامعات الفلسطينية المتوافرة في ذلك الحين لألتحق بإحداها .. بغية تعويضي شيئاً من مفقوداتي التي ضاعت مني في فترة قاسية قضيتها وأنا لا زلت في الطفولة ..
وفعلاً بدأ بقامته المحنية ووجهه الباش يسافر معي من مدينة لأخرى ليجد لي فرصة .. خاصة أن معدلي لم يكن كافياً للدخول في الجامعات .. وأكاد لا أنسى إيماءات وجهه ونحن نقابل الموظف الخاص بطلبات القبول في أي جامعة وهو يقول : المعذرة .. فالمعدل لا يكفي لدخول الجامعة .. شعرت بأن والدي يكاد يتفجر غيظاً وكأنه يقول لي : أنا السبب أعذريني يا صغيرتي .. حتى أحسست من نظراته الحانية أنه يريد أن يبكي .. ولا يستطيع ..
وأخيراً اضطررت للسفر للأردن للبحث هناك عن فرص أخرى .. فتقدمت لوزارة التربية والتعليم بالأردن
وحصلت على منحة إلى جامعة القاهرة - رياضة بدنية - واجتزت الامتحان العملي المبدئي .. وكان الوعد أن يكون الرد بعد أسبوع .. خلال تلك الفترة .. كنت قد قابلت قريبة لنا عائدة من ليبيا وتعرفت علي لأول مرة .. وأعجبت بي أيما إعجاب وعادت تحمل معها صورتي إلى عمي الذي يسكن ليبيا مرفقة بحكاية مرّة .. بعد فترة زادت عن شهر .. تلقى والدي رسالة من أخيه الأكبر يطلب فيه يدي لأحد أبنائه يطلب منه فيها أن أدرس في أي كلية ليتم الزواج ..
وفعلاً وافق الوالد ولكنه اشترط موافقتي أولاً .. هذا ما اضطرني أن أعود أنا ووالدي نبحث من جديد عن مكان أدرس فيه .. وأخيراً كان في معهد النجاح الوطني نابلس - تخصص رياضيات -
لا زلت أذكر والدي حتى اللحظة عندما استأجر لي بيتاً للسكن بالقرب من الجامعة .. كيف وضع رأسه على الوسادة ونام على السرير يختبره هل هو مريحاً لرأسي أم لا .. وغادرني وهو مطمئن القلب ..
قضيت سنتين من عمري في نابلس الأبية في حضن جبلي ( جرزيم وعيبال ) الشامخين .. فكان لي في نابلس ذكريات جميلة .. فقيل لي .. ها هنا كانت تسكن الشاعرة فدوى طوقان ..
وذلك تمثال ( قدري طوقان ) وهنا استشهد فلان .. وهناك ألقى الجنود القبض على فلان ... وهكذا .. عشت في نابلس سنتين كانتا من أجمل أيام العمر .. وأكثر ذكرياتي الجميلة فيها .. صديقتي - التي كانت قد فقدت والدتها وهي تلدها .. وعاشت عند زوجة أبيها فكنا معاً أختين أو أكثر ..
أما الأيام الجامعية فكانت فترة كلها تجارب .. حيث أن المعهد والجامعة كانا في مبنى واحد .. فكان لي زملاء دراسة من مختلف الأعمار معظمهم أسرى قضوا سنين طوال داخل السجون .. وهذا ما زاد التصاقي وحبي للأسرى للقرب من معاناتهم وهم يحدثوننا عن التعذيب في السجون الاسرائيلية وكيف كانت تُنتزع الاعترافات من أفواههم تحت الضغط والتعذيب ...
كنت نشيطة في مجلس الطلبة .. حيث كنت واحدة من أعضاء اللجنة الثقافية .. وكثيراً ما كنت أشارك في ( المنبر الحر ) بمقالات ولقطات مكتوبة وغيرها )
أكملت الدراسة عام 79 م وعدت إلى الخليل أستعد للذهاب إلى ليبيا لاستكمال مراسيم فرح جديد ...

..... يتبع

قديم 04-22-2012, 09:31 PM
المشاركة 13
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
اطلالة أخرى مميزة لإحدى مبدعاتنا
الجميلة المربية ناريمان الشريف
سعيدة أن أراك عن قرب
أتابع بشغف
تحيتي لك
إطلالتك هي الأجمل غاليتي ريم
أشكرك على الحضور .. وسعيدة بأن تكوني ولكنني آسف لأنك بين سطور أكثرها ألم


تحية ... ناريمان

قديم 04-22-2012, 10:24 PM
المشاركة 14
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
س 5- ما الحالة الاجتماعية (الوضع العائلي) الحالي؟ إن كنتِ متزوجة (حاليا) متى حصل الزواج ولا بد ان يكون الثاني بناء على ما قلتِ؟ ما اسم الزوج وما مجال تخصصه وهل يعمل وما مجال عمله؟ عدد الأبناء والبنات طبعا؟
-هل وقعت أي حوادث صادمة بعد سن الحادي والعشرين؟


من جديد .. أشكرك أخي أيوب على متابعتك ..
وإليك :
سافرت إلى الأردن برفقة أمي فقط .. فلم يكن قد سمح لأبي بمغادرة فلسطين لأسباب أمنية .. وكنت لأول مرة أتعرف على زوجي الجديد .. وبالطبع لا مفر من الرفض بأي حال من الأحوال لأكثر من سبب ..
أولها أنه ابن عمي .. وثانيها لأنه مستعد للزواج بكل ما يستعد به العريس في عاداتنا .. ثالثها لأنه جاء من بلد بعيد لاتمام مراسيم الزواج ..
وحضر هو الآخر مفرداً دونما مرافقين .. فكان أحد أعمامي وكيله .. والآخر وكيلي .. وتم الزواج وسافرت إلى ليبيا ..
غربة أخرى تضاف إلى غربتي العتيقة .. زادت هذه الغربة بشاعة كون حملي صعب مرير .. قضيت تسعة أشهر أتنقل بين مشافي العاصمة الليبية طرابلس الغرب ...
وكانت نصيحة أحد الأطباء بعودتي فوراً إلى الأهل خوفاً من أن أموت من الغربة ..
فعدتُ إلى الأردن أولاً متجهة إلى فلسطين .. ولكنني ولدت أولى بناتي في إربد إحدى المدن الأردنية ..
وعمرها الآن يقترب من اثنين وثلاثين عاماً ..
بعدها سافرت إلى العراق وسكنت في العاصمة بغداد .. مكثت فيها حوالي سنة أو أكثر بقليل .. وهناك حملت بولدي الثاني ( شادي ) وكالمعتاد كان لا بد لي من أن أزور معظم مستشفيات بغداد .. لأن حملي صعب .. كان ذلك عام اثنين وثمانين حينما كانت الحرب مشتعلة بين العراق وإيران .. وحدث في ذات ليلة أن ضُرب المفاعل النووي العراقي حينما كنت أرقد في أحد المشافي بينما قطعت الكهرباء وفقدت كل وسائل الاتصالات في بغداد لمدة ربع ساعة كانت عندها طائرات ( اف -16) قد دمرت المفاعل بالكامل .. ولم تطل إقامتي بالعراق حيث عدت إلى الأردن من جديد .. أقدم طلباً في الملحقية الثقافية السعودية بالأردن من أجل إيجاد فرصة عمل أخرى في بلد آخر غير العراق .. ذلك أن صحتي ابتدأت تتردى ووزني بدأ بالتراجع وأنا في أشهري الأخيرة للحمل .. وتمت الولادة أيضاً في إربد بالأردن .
عشت فترة أخرى بالأردن إلى أن وافقت الملحقية على طلبي فذهبت أنا وزوجي وابنتي وابني إلى السعودية للعمل في الرئاسة العامة لتعليم النبات .. مكثت أربعة عشر سنة متواصلة
أنجبت خلال تلك الفترة توأمين ( بلال وهلال ) .. وآخر أولادي ( باسل ) وهو الآن في الثانوية العامة
عدت بعدها إلى فلسطين عام 1995 م .. وتقدمت بطلب إلى وزارة التربية والتعليم فعينت معلمة في مدارس فلسطين ولا زلت حتى الآن على رأس عملي ..

أما الحوادث الصادمة .. فكل ما في حياتي كان حوادث صادمة ومخيفة ..
فمتاعبي الصحية من جانب .. والحرب العراقية الايرانية أثناء إقامتي في العراق .. وضرب المفاعل النووي هناك ..
كذلك غزو الكويت حيث كنت أثناءها في السعودية ..
تزامن كل هذا مع الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي بدأت تشتعل في فلسطين عام 87 .. كنت نعايشها عبر وسائل الاعلام المختلفة .. والتي خلالها تم اعتقال أحد إخواني والاعتداء بالضرب على كثير من أقاربي صغاراً وكباراً نساء ورجالاً .. علماً بأنني كنت أزور أهلي في فلسطين سنوياً أنا وأولادي فقط للإطمئنان عليهم .. حيث لم يكن يسمح لزوجي بدخول فلسطين
وقبل أن أغادرالسعودية بثلاث سنوات سُمح لوالدي بمغادرة فلسطين فجاء إلى مكة لأداء العمرة .. عندها فقط وبعد أكثر من خمس عشرة سنة تعرّف على زوجي لأول مرة ..
عاد بعدها إلى فلسطين ومرض مرضاً ثقيلاً توفي بعدها ولم أره .. رحمة الله عليه ..
من الأحداث الصادمة القاتلة أيضاً .. وفاة ولدي ( هلال ) وعمري آنذاك أربعة وعشرين عاماً ... وأنا أقاسي الغربة وحدي لا أخ ولا أخت ..
وأذكر أنني حملت ولدي وقد أصيب بالحمى الشديدة وهو يلفظ الروح وذهبت به إلى المستشفى برفقة زوجي إلا أن الطبيب .. عندما فحصه .. نظر إلي وقال : مات .. ماذا تريدونني أن أفعل له .. ؟ أنتم تحضرون طفلاً ميتاً .. هل سأنفخ فيه الروح ؟
حملت ولدي وعدت إلى البيت وتركني زوجي وغادر ليحضر المغسّل .. وفي البيت ضممته إلى صدري وأنا أركض من غرفة لأخرى وأسأل الله تعالى أن يعيد إليه الروح ...!! ظللت على تلك الحالة لأكثر من ساعة حتى شارفت على أن أفقد عقلي .. إلى أن دقت علي الباب جارة لي وصفعتني على وجهي فأعادت إلي صوابي .. استسلمت عندها لأمر الله وأدركت أنه مات .. مات ولن تعود إليه الروح أبداً
يا لها من ذكريات مؤلمة !!!
ولما ينتهي الألم بعد .. فحياتي قائمة فواجع .. سلسلة آلام لا تنتهي !!


...... يتبع

قديم 04-22-2012, 10:27 PM
المشاركة 15
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
معلومات شائقة من أديبة رائعة ..
يحيى
سلام الله عليك أخي م. يحيى خان
أشكرك على الحضور والمتابعة
فهذا يسرني
بارك الله فيك ومرحباً بك هنا



أزكى تحية ... ناريمان

قديم 04-23-2012, 10:46 AM
المشاركة 16
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
"ولما ينتهي الألم بعد .. فحياتي قائمة فواجع .. سلسلة آلام لا تنتهي !!".

- هذا ما كنت اخشاه لكنني لم اكن اتصور الم بهذا الحجم.

وارجو ان لا اكون قد تسببت لك بألم مضاف من خلال دفعك للحديث عن ما كَمُنَ في الذاكرة ومحته نعمة النسيان.

لكنك بهذا الحديث تظهرين شجاعة وجلد منقطعي النظير.

اشكرك على هذا البوح الذي ينغرس في وجدان المتلقي ويحفر فيه عميقا...فيعيد ترتيب تركيبة خلاياه واولوياته ربما !.


قديم 04-23-2012, 10:36 PM
المشاركة 17
أميرة الشمري
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الغالية ناريمان
متابعة لما تكتبيه بشغف

"الشمس أجمل في بلادي من سواها
والظلام
حتى الظلام هناك أجمل
فهو يحتضن العراق"

السياب
قديم 04-24-2012, 10:52 PM
المشاركة 18
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
الغالية ناريمان
متابعة لما تكتبيه بشغف
أميرتي ..
بعد السلام عليك .. أشكرك على المتابعة
وسعادتي تكبر بوجودك ..
بانتظار أسئلتك ومداخلاتك



تحية ... ناريمان

قديم 04-24-2012, 10:55 PM
المشاركة 19
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
"ولما ينتهي الألم بعد .. فحياتي قائمة فواجع .. سلسلة آلام لا تنتهي !!".

- هذا ما كنت اخشاه لكنني لم اكن اتصور الم بهذا الحجم.

وارجو ان لا اكون قد تسببت لك بألم مضاف من خلال دفعك للحديث عن ما كَمُنَ في الذاكرة ومحته نعمة النسيان.

لكنك بهذا الحديث تظهرين شجاعة وجلد منقطعي النظير.

اشكرك على هذا البوح الذي ينغرس في وجدان المتلقي ويحفر فيه عميقا...فيعيد ترتيب تركيبة خلاياه واولوياته ربما !.

أخي أيوب ..
سلام الله عليك ... لا شك أن استرجاع الذكريات المؤلمة يحتاج إلى طاقة ..
ونبشها مرة أخرى بعد أن كادت أن تنخمد .. أشبه بالنفخ في الرماد
سأواصل .. بإذن الله ..
ولكن الخوف على القارئ من أن يملني من كثرة الألم ..



تحية ... ناريمان

قديم 04-24-2012, 11:25 PM
المشاركة 20
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

س 5- ما الحالة الاجتماعية (الوضع العائلي) الحالي؟ إن كنتِ متزوجة (حاليا) متى حصل الزواج ولا بد ان يكون الثاني بناء على ما قلتِ؟ ما اسم الزوج وما مجال تخصصه وهل يعمل وما مجال عمله؟ عدد الأبناء والبنات طبعا؟
-هل وقعت أي حوادث صادمة بعد سن الحادي والعشرين؟


لا زلت هنا .. عند سطر من سطور حياتي أبى إلا أن ينزف ألماً
ففي كل يوم .. كان في حياتي شيء جديد .. يحمل في طيه شيئاً من وجع ..
توقفت عندما توفي ولدي بين يدي وكان عمره سبعة أشهر .. وعلى الرغم من صغر سنه إلا أنه يبقى مهجة القلب .. ويبدو أن الأم عندما تفقد أحد أبنائها تحس بأنه الأوحد في حياتها .. وتنسى أن الله أبقى لها آخرين .. لذلك ظلت هذه الفكرة عالقة في ذهني سنة كاملة ...
فعندما خرج المشيعون من المنزل ذاهبين به إلى المقبرة .. تركوا خلفهم ملابسه التي كان يرتديها ..
احتضنت ملابسه .. وأخذت أشمها عميقاً فقد كان له رائحة خاصة .. لذلك لم أغسلها بل تركتها تجف واحتفظت بها في حقيبة وأخفيتها عن العيون بعد أن أغلقتها بإحكام .. وبعد سنة بأكملها .. فتحت الحقيبة بعد أن كنت خلالها قد بدأت أتناسى ما حدث .. عادت الذكرى تتسلسل في الذاكرة ورائحة ملابسه خرجت من الحقيبة بمجرد فتحها .. ربما تكون هذه الحادثة من أكثر الحوادث التي تركت فيّ جرحاً غائراً .. وشيئاً فشيئاً بدأت أنسى مع مجيء آلام أكثر عمقاً ..
حادثة أخرى ربما لا تكون ذات علاقة كبيرة بي عندما توفي أخو زوجي وعمره سبعة وعشرين عاماً ..فقد كان يكمل دراسته الجامعية في الخارج وتعرض لحادث سير أدى إلى وفاته على الفور .. كان المشهد مؤلماً وهو يعود إلى أمه محمولاً في صندوق !!!
عندها فقط أدركت أن مصابي أخف وأهون من مصاب أمه ..
لم تمض إلا بضع سنوات بعدها بدأت أحداث الانتفاضة المباركة في فلسطين تشتعل .. وتحمل الأنباء الكثير من المآسي والعذابات عن شعب فلسطين الأعزل .. منها اعتقال أخي وتعذيبه في السجن .. وكانت تصلني الأخبار بالتفصيل عما يحدث في فلسطين ليس فقط ما تتناقله وسائل الاعلام التي انشغلت بهذا الحدث .. بل عن طريق رسائل الأهل المفعمة بالشوق والألم ...
فانتظرت الاجازة بفارغ الصبر وصرت أعد الأيام بالساعات لزيارة الأهل والاطمئنان على أحوالهم .. خاصة أن أخي لا زال يقبع في سجنه حتى بعد وصولي بصعوبة شديدة عبر الحدود ..
كنت أشتعل شوقاً لرؤية فلسطين الحبيبة .. وما آلت إليه من دمار .. ولما وصلت .. سمعت حكايات تقشعر لها الأبدان عما جرى ويجري .. فكتبت حينها .. موضوعاً بعنوان :
( عشقت أن أُظلم ) وهذا نصه :


في 15\8\1991م
كانت لي زيارة إلى الأهل المسجونين في فلسطين
ولم تطلْ زيارتي .. ولم يتسنّ لي أن أتذوق طعم الظلم الذي يتعاطونه صبح مساء ..
فكتبت هذه الكلمات بعنوان ( عشقت أن أظلم )


لو رثى دمعي ببعدكم تمثالاً أصمّ
أجدب لا يعي
لكان قد صحا من سكونه ولا عجبا
صحت ليلة بالفجر أدركني
ألا تسمع صرختي ؟
فقهقه الليلُ مني ساخراً طربا
قلتُ للفجر ِألا تقترب ؟؟
فتبطـّأ الزمنُ في مشيه أدبا


حـطـّ الشوق بجناحيه على قلبي بعد لحظات من فراقكم أحبتي
وبعد أشهر تالية .. سمعت الأخبار .. رأيت الصور على صفحات الجرائد ..
قرأت الاشعار .. فعشقت أن أظلم

مشيت أدلف مثقلة ..يشـدّني شوق اليكم
ورياح الغربة تردّني للخلف في وقت صارت غربتي مرضاً مزمناً
لكن الشوق غلبها وتغلـّب عليها ..
فخرجت من بلد النبي محمد صلى عليه الله وسلم
ودعته قائلة : عذراً سيدي !
الى أرض إسرائك تـوّاقة
الى تراب بلدي عشـّاقة
على شهداء فلسطين العين رقراقة

جئت أستنشيء الأخبار.. جئت بائعاً جوّالا أستقصي احتمالات
الوجع .. جئت أبيعـُكم كلاما ملموماً أعوص ..
وبقيـّة من هدايا وخاتماً ذهبياً أخفيته تحت لساني هدية لأمي
خوفاً من الجمارك وذل الو ِقفة بباب اللـئام
كل هذا لألمح في عيون أمي نظرة حنان افتقدتها منذ سنة
أو يزيد ..
أعود بعدها لأعلـّم الناس كيف يكون الحنان
ولألمحَ بسمة في عيون أختي الصغيرة ..
لأتقاسم واياهم اللقمة
فماذا رأيت ؟
رأيت أمي قد تقـرّحت عيناها بكاء على أخي السجين
رأيت صغيرتي قد نسيت كيف تبتسم !!
رأيت ابنة الجيران .. صبيـّة قد جنـّت ..
تلبس فستان فرحها الأبيض وتقف على شرفة منزلها ترقص تنتظر عريسها الذي استشهد ليلة عرسه
فـدُفن ودفن عقلها معه !
رأيت الوجـد يتدلـّى من عيونهم
رأيت حنينهم يصافح مودتي الحمقاء وأنا أرشوهم ببعض الهدايا الرخيصة لألمح في عيونهم الابتسام
رأيت أسطح المنازل قد عقدت قـِرانها على أعلام البلاد
رأيت الأحزان ملونة .. أكثرها سواد
رأيت الأهل ينزفون
بأم عيني .. رأيت الشجر يبكي .. الحجر يبكي ..
الصخرة المشرفة والتي من عادتها أن تزغرد
رأيتها تبكي من الوجع
كل شيء هناك يتهالك من الشقاء ..
والكل ينتظر ويعـدّ الأيـام بالثواني علها تأتي ساعة الفرج

حينها ..خربشت على الجدران ..
- كبقية الشعارات التي تكتب - وكتبت بقلمي :
إلى طفل خشنت يـداه وما شاب
إلى طفل تعـلم درسا أبدا وما تاب
إلى صبيـّة جـُنـّتْ
إلى أم ثكلى .. إلى الصخرالى الشجر الى التراب
الى كل شيء هناك ..
أحبتي كل الاحترام

أفلتُ بعدها راجعة الى حيث كنت ...أبحث عن لقمة عيش
فرضتها علي الحياة وضروراتها ..قهرتني بها الهوية والانتماء
عدت الى بلد سيدي محمد.. وأحسست بأنني أكثر منهم ظلماً
لأني هنا في غربتي ..ولست هناك!!


... يتبع

 

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: من فمك نكتب سيرتك: لقاء مع المبدعة ناريمان الشريف
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من فمك نكتب سيرتك: لقاء صحفي مع المبدعة ريم بدر الدين ايوب صابر المقهى 43 11-05-2017 12:04 PM
من فمك نكتب سيرتك: لقاء مع المبدعة فاطمة الموسوي ايوب صابر المقهى 5 10-31-2014 10:27 AM
من فمك نكتب سيرتك: لقاء مع المبدعة هوزان البدر ايوب صابر المقهى 27 11-11-2012 11:29 AM
من فمك نكتب سيرتك: لقاء مع المبدعة اميرة الشمري ايوب صابر المقهى 19 06-26-2012 08:43 AM
من فمك نكتب سيرتك: لقاء مع المبدعة امل الحربي ايوب صابر المقهى 14 06-15-2012 01:35 PM

الساعة الآن 02:51 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.