أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.
كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
تحيّاتي ( كلُّ ما يرُوعُكَ منه جَمالٌ أو كَثْرَة فهو رائع ) أسجل إعجابي الشديد بهذا النسيج الذي يذوب رقةً وأناقة . بوركتِ أستاذتنا رمز الروعة في كلِّ ما تختارين أستاذة ناريمان الشريف، رمز العطاء أديبتنا السامقة تقبلي ؛ تحيّاتي وتقديري.
كل ريح تهبّ بين ريحين، فهي نكباء كل ريح لا تحرك شجراً ولا تعفي أثراً، فهي نسيم كل عظم مستدير أجوف، فهو قصب كل عظم عريض، فهو لوح كل جلد مدبوغ، فهو سبت كل صانع عند العرب، فهو إسكاف كل عامل بالحديد، فهو قين كل ما ارتفع من الأرض، فهو نجد كل أرض لا تنبت شيئاً، فهي مرت كل شيء فيه اعوجاج وانعراج كالأضلاع والإكاف والقتب والسرج والأودية فهو حنو، بكسر الحاء وفتحها كل شيء سددت به شيئاً، فهو سداد، وذلك مثل سداد القارورة، وسداد الثغر، وسداد الخلة كل مال نفيس عند العرب فهو غرة: فالفرس غرة مال الرجل، والعبد غرة ماله، والنجيب غرة ماله، والأمة الفارهة من غرر المال كل ما أظل الإنسان فوق رأسه من سحاب أو ضباب أو ظل، فهو غياب كل قطعة من الأرض على حيالها من المنابت والمزارع وغيرها، فهي قراح كل ما يروعك منه جمال أو كثرة، فهو رائع كل شيء استجدته فأعجبك، فهو طرفة كل ما حليت به امرأة أو سيفاً، فهو حلي كل شيء خف محمله، فهو خف كل متاع من مال صامت أو ناطق، فهو علاقة كا إناء يجعل فيه الشراب، فهو ناجود كل ما يستلذه الإنسان من صوت حسن طيب، فهو سماع كل صائت مطرب الصوت فهو غرد ومغرد كل ما أهلك الإنسان، فهو غول كل دخان يسطع من ماء حار، فهو بخار وكذلك من الندى كل شيء تجاوز قدره، فهو فاحش كل ضرب من الشيء، وكل صنف من الثمار والنبات وغيرها، فهو نوع كل شهر في صميم الحر فهو شهر ناجر. قال ذو الرمة من الطويل:
صرى آجن يزوي له المرء وجهه ... إذا ذاقه الظمآن في شهر ناجر.
وكان الثعالبي واعية كثير الحفظ فعرف بحافظ نيسابور وأوتي حظا من البيان بزَّ فيه أقرانه فلقب بجاحظ زمانه وعاش بنيسابور حجَّة فيما يروي ثقة فيما يحدِّث مكينا في علمه ضليعا في فنه فقصد إليه القاصدون يضربون إليه آباط الإبل بعد أن سار ذكره في الآفاق سير المثل
ونحن نقتطف هنا جُمَلا نعته بها أعلام الأدب وأصحاب التواليف السائرة
قال ابن بسام :
كان في وقته راعي تلعات العلم وجامع أشتات النثر والنظم رأس المؤلفين في زمانه والمصنفين بحكم أقرانه طلعت دواوينه في المشارق والمغارب طلوع النجم في الغياهب وتآليفه أشهر مواضع وأبهر مطالع وأكثر من أن يستوفيها حدٌّ أو وصف أو يوفي حقوقها نظم أو رصف
وقال الباخرزي :
هو جاحظ نيسابور وزبدة الأحقاب والدهور لم تر العيون مثله ولا أنكرت الأعيان فضله وكيف ينكر وهو المزن يحمد بكل لسان وكيف يستر وهو الشمس لا تخفى بكل مكان
وقال الصفدي :
كان يلقب بجاحظ زمانه وتصانيفه الأدبية كثيرة إلى الغاية
وقال ابن الأنباري في نزهة الألبا :
وأما أبو منصور عبد الملك بن محمد بن اسماعيل الثعالبي فإنه كان أديبا فاضلا فصيحا بليغا
وقال الحصري في كتابه زهر الآداب :
وأبو منصور هذا يعيش إلى وقتنا هذا وهو فريد دهره وقريع عصره ونسيج وحده وله مصنفات في العلم والأدب نشهد له بأعلى الرتب
وفيه يقول أبو الفتح علي بن محمد البستي :
قلبي رهَينٌ بنسابور عند أخٍ ... ما مثله حين تَستَقري البلاد أخُ
له صحائف أخلاق مهذبةٍ ... من الحِجا والعلا والظرف تُنتَسَخُ
وقال ابن قلاقِس يُطري كتابه ' يتيمة الدهر ' أشعارا منها :
كُتْبُ القَر يضِ لآلي ... نُظِمَتْ على جِيدِ الوجودْ
فَضلُ اليتيمة بينها ... فضل اليتيمة في العقودْ
ومنها :
أبيات أشعار اليتيمة ... أبيات أفكار قديمةْ
ماتوا وعاشت بعدهم ... فلذاك سميت اليتيمةْ
وكتب أبو يعقوب صاحب كتاب البلاغة واللغة يقرظ كتاب ' سحر البلاغة ' للثعالبي :
سَحَرتَ الناس في تأليف ' سحرك ' ... فجاء قلادةً في جيد دهركْ
وكم لك من معانٍ في معان ... شواهد عند ما تعلو بقدركْ
وُقِيتَ نوائب الدنيا جميعاً ... فأنت اليوم حافظ أهل عصركْ
ورثاه الحاكم أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد النيسابوري فقال :
كان أبو منصور الثعلبي ... أبرع في الآداب من ثعلبِ
ليت الردى قدَّمني قبله ... لكنه أروغ من ثعلبِ
يطعن من شاء من الناس بال ... موت [ بالموت ] كطعن الرمح بالثعلبِ
هذه طائفة من القول تدلك على مكانة الثعالبي عند المتقدمين نجتزئ بها ونقف عندها . ثم لعل في هذه الطُّرفة التي جرت بينه وبين سهل بن المرزبان ما يعطيك صورة عن الثعالبي شاعرا :
قال الثعالبي : قال لي سهل بن المرزبان يوما : إن من الشعراء من شَلْشَل ومنهم من سَلْسَل ومنهم من قَلْقَل ومنهم من بَلْبَل { يريد بمن شلشل : الأعشى في قوله :
وقد أروح إلى الحانوت يتبعني ... شاوٍ مِشَلٌ شَلولٌ شُلْشُلٌ شَوِلُ
وبمن سلسل : مسلم بن الوليد
وبمن قلقل : المتنبي في قوله :
فقَلْقَلْتُ بالهمِّ الذي قَلْقَل الحَشا ... قَلاقل عيسٍ كلهن قَلاقِلُ }
فقال الثعالبي : إني أخاف أن أكون رابع الشعراء { أراد قول الشاعر :
الشعراء فاعلمنَّ أربعة ... فشاعر يجري ولا يُجرى معه
وشاعر من حقه أن ترفعه ... وشاعر من حقه أن تسمعه
وشاعر من حقه أن تصفعه }
ثم إني قلت بعد ذلك بحين :
وإذا البلابل أفصحت بلغاتها ... فانفِ البلابل باحتساء بَلابِلِ
فكان بهذا رابع فحول ثلاثة لهم القدم الثابتة في الشعر نعني الأعشى ومسلم بن الوليد والمتنبي :
وما دمنا قد عرضنا للثعالبي الشاعر فما أولانا أن نذكر جملا مختارة من شعره قال رحمه الله وكتب بها إلى الأمير أبي الفضل الميكالي :
لك في المفاخر معجزات جمَّة ... أبدا لغيرك في الورى لم تُجمَعِ
بحران بحر في البلاغة شابه ... شعر الوليد وحسن لفظ الأصمعي
وتَرَسُّل الصابي يزين عُلوَّه ... خط بن مقلة ذو المقام الأرفعِ
كالنور أو كالسحر أو كالبدر أو ... كالوشي في برد عليه موشَّعِ
وإذا تَفَتَقَ نورُ شِعرك ناضِراً ... فالحسن بين مصرَّعٍ ومُرَصَعِ
أرجلت أفراس الكلام ورُضتَ أف ... راس [ أفراس ] البديع وأنت أمجد مبدعِ
ونقشت في مغنى الزمان بدائعاً ... تُزري بآثار الربيع المُمرعِ
ومنها يصف فرسا أهداه إليه :
يا واهب الطَّرفِ الجواد كأنَّما ... قد أنعلوه بالرِّياح الأربعِ
لا شيء أسرع منه إلا خاطري ... في وصف نائلك اللطيف الموقِعِ
ولو أني أنصفت في إكرامه ... لجلال مُهديه الكريم الألمعي
أقضمته حب الفؤاد لحبِّه ... وجعلت وربطه سواد الأدمعِ
وخلعت ثم قطعت غير مضيِّعٍ ... برد الشباب لجُلِّهِ والبُرقُعِ
ومن غزلياته الرقيقة :
سقطت لحين في الفراش لزمته ... أضم إلى قلبي جناح مَهيضِ
وما مرض بي غير حبّي وإنما ... أُدَلِّسُ منكم عاشقا بمريضِ
وقال الباخرزي : أنشدني والدي قال أنشدني - يريد الثعالبي - لنفسه :
عَرَكَتْنِي الأيام عرك الأديم ... وتجاوزن بي مدى التقويمِ
وَغَضضن اللحاظ منِّيَ إلا ... عن هلال يرنو بمقلة ريمِ
لحظهُ سُقْمُ كل قلبٍ صحيح ... ثَغرُهُ بُرء كل جسم سقيمِ
وله أيضا فيما يتصل بالخَمريات :
هذه ليلة لها بهجة الطَّا ... ووس حسنا والليل لون الغُدافِ
رقد الدهر فانتبهنا وسارقْ ... ناه [ وسارقناه ] حظا من السُّرور الشافي
بمُدامٍ صافٍ وخِلٍّ مُصافٍ ... وحبيبٍ وافٍ وسَعدٍ موافي
وكتب إلى أبي نصر سهل بن المرزبان يحاجيه :
حاجيت شمس العلم في ذا العصر ... نديم مولانا الأمير نصر
ما حاجة لأهل كلِّ مِصر ... في كل دارٍ وبكل قُطر
ليست ترى إلا بُعيدَ العصر
فكتب إليه جوابه :
يا بحر آداب بغير جَزْرِ ... وحظه في العلم غير نَزرِ
حزَرتُ ما قلت وكان حَزري ... أن الذي عنيت دُهنُ البَزْرِ
يَعصُرُهُ ذو قوة وأزرِ
انقضب قوى من قاوية الانقضاب : الانقطاع أي انقطع الفرخ من البيضة أي خرج منها كما يقال : برئت قابية من قوب
يضرب عند انقضاء عند الأمر والفراغ منه ، ويقال : انقضبت قابية من قوبها فالقابية : البيضة ، والقوب : الفرخ ، قال الكميت يصف النساء وزهدهن في ذوى الشيب :
لهن من المشيب ومن علاه ... من الأمثال قابية وقوب
أي إذا رأين الشيب فارقن صاحبه ولم يعدن إليه
وأما اشتقاق قوى، فقال أبو الهيثم : لا يعرف قاو وقوى مصغرا ولا مكبرا بمعنى الفرخ اسما له ، وقال بعضهم : أصله من قوى الحبل ؛ لأنه إذا انقطعت قوة من قواه لا يمكن اتصالها .
قلت : يمكن أن يحمل هذا على قولهم : قويت الدار إذا خلت من أهلها، مثل : أقوت لغتان مشهورتان فهى قاوية ومقوية فيقال : قويت البيضة إذا خلت من الفرخ، وقوى الفرخ إذا خرج وخلا منها ، فالبيضة قاوية : أي خالية والفرخ قاو : أي خال من البيض، وقوى : تصغير قاو على مذهب الاسم ؛لأن كل فاعل إذا كان اسم علم فتصغيره على فعيل، كما قالوا لصالح إذا كان اسما صليح ، ولعامر عمير، ولخالد خليد، طلبا للخفة، وإذا كان نعتا صويلح وعويمر وخويلد، وقيل : القوى غير موجود في الشعر والكلام إلا في هذا المثل والله أعلم .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحيّاتي للأستاذة القديرة نا ريمان الشريف وللجمع المبارك ، واسمحوا لي بالخروج قليلا من كنز إلى كنز ، من كنز النثر العربي ، إلى كنز الشعر العربي ، وإلى قصيدة الطغرائي التي تحمل الكثير من الحِكم : حب السلامة يثني همّ صاحبه........عن المعالي ويغري المرء بالكسل
فإن جنحت إليه فاتخذ نفقاً.......في الأرض أو سلّماً في الجو فاعتزلِ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحيّاتي للأستاذة القديرة نا ريمان الشريف وللجمع المبارك ، واسمحوا لي بالخروج قليلا من كنز إلى كنز ، من كنز النثر العربي ، إلى كنز الشعر العربي ، وإلى قصيدة الطغرائي التي تحمل الكثير من الحِكم : حب السلامة يثني همّ صاحبه........عن المعالي ويغري المرء بالكسل
فإن جنحت إليه فاتخذ نفقاً.......في الأرض أو سلّماً في الجو فاعتزلِ