هذا النداء على لسان الشهيد محمد بوعزيزي إلى كل مواطن عربي يريد الحياة ولا يعرف كيف يستردها من الطغاة.
نداء عاجل
د. طاهر عبد المجيد
تريدُ الحيــاة ككـــلِّ البشـــرْ؟
فمالكَ تخشى ركوبَ الخطـرْ؟
وفيكَ من العــزمِ مــا لا يلينُ
وقد لانَ في راحتيكَ الحجــرْ
وكنتَ قديماً إذا مـــا عَزمــتَ
تطايرَ مـــن مُقلتيكَ الشـــررْ
وحطَّتْ على كتفيكَ الأمانــي
كطيرٍ هوى من عناءِ السَّفـرْ
وما سِرتَ يوماً إلى مستحيلٍ
فعــدتَ بلا مـوعــــدٍ منتظــرْ
يتيحُ لــه فرصــــةً للتَّســاؤلِ
مــاذا سيعطــي ومــاذا يـــذرْ
فَسِرْ في اللَّهيب إلى ما تريدُ
وكبِّــر إذا ما اللهيب استعــرْ
سيغدو سلامــاً وبــرداً عليك
وفي النَّار يُجْلى نفيسُ الدُّررْ
فإن كان لا بدَّ مـنْ أن تموتَ
فَمتْ واقفاً مثل كـلِّ الشَّجـــرْ
وهيِّئْ لموتـكَ معنــــىً جديداً
يعيــدكَ حيــــاً سنينــاً أُخــــرْ
ستخلدُ حتمــاً هنـــا أو هناكَ
وفي الحالتين ستجني الثَّمـرْ
أنا تونســـيٌّ أَردتُ الحيـــــاة
وحين احترقتُ استجاب القدَرْ
وسرتُ أمام رفاقــي ســراجاً
أُذيبُ الظَّـــلامَ كنـــورِ القمــرْ
وأُبدي لهم ما ادَّعته الليالـي
وأَخفتهُ في دربهم من حُفــرْ
وعمَّا قليـــل ســأغدو بخـاراً
وأهطــلُ من غيمــةٍ كالمطـرْ
وأُنبِتُ حيث ســأسقط خبـــزاً
شهيــاً وحريـــــة تُعتَصـــــرْ
وها أنتَ في كلِّ يومٍ تمـــوتُ
مراراً ومازلتَ تخشى الضَّررْ
وتأْبى المرور على أيِّ دربٍ
جديــدٍ يُشيـــر إلى مـن عَبـَرْ
فحطِّم برأســــكَ هــذا سجـوناً
من الخوف عشَّشَ فيها الضَّجرْ
ففي كل ضربةِ رأسٍ صــداعٌ
وصــدعٌ سيعبرُ منـــه الخَبـرْ
ويأتيك من كل صـوبٍ شهيـدٌ
لِيََعْقِد مـــن أجلهـــا مُؤتمـــرْ
ويُعلــنَ أنَّ الحيـــاة انتصـــارٌ
على الموتِ بالموتِ لا بالحذرْ
خُلِقْـــتَ كـــآدمَ حـــراً كريمــاً
ولا بــــدَّ للحـــــرِّ أن يُخْتَبـــرْ
ولا بـــدَّ للظُّلـــمِ أن ينحنــــي
أخيـــراً لِيَحصُـــدَ ما قــد بَذَرْ
فكـــم من طغاةٍ أردوا الخلودَ
وماتوا ولــم يتركــوا من أَثَرْ
تريد الحيـــاة؟ فكـــن مستعداً
لتعطــي وتأخـــذ منهـا العبـرْ
د. طاهر عبد المجيد