سؤال ٌ شغل العلماء والفلاسفة والمتكلمين ردحا ً من الزمن , ولا يزال يشغلهم , حاولوا كشف اللثام عنه , لكنهم
وقفوا دون تحقيق مبتغاهم لأن هذا السؤال تعلَّق بإدراك حقيقة اختص بها الله سبحانه وتعالى , ألا وهي الروح
( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ) . وقد افترق الناس في فهم قضية
الروح طوائف عدّة فمنهم من خاض بلا دليل , ومنهم من خاض دون فهم الدليل , وكلاهما نأى عن جادة الصواب
ومنهم من وقف عند ميزان الشرع .
البررخ : قال تعالى : ( وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) . فالبرزخ هنا ما بين
الدنيا والآخرة , وأصله الحاجز بين شيئين .
قيل : الأرواح متفاوتة في مستقرّها في البرزخ أعظم تفاوت :
فمنها : أرواح ٌ في أعلى علييّن في الملأ الأعلى , وهي أرواح الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم , وهم متفاوتون
في منازلهم كما رآهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء .
ومنها : أرواح في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت , وهي أرواح بعض الشهداء لا جميعهم
بل من الشهداء من تُحبس روحه عن دخول الجنّة لِدّيْن ٍ عليه أو غيره , كما في ( المسند ) , أن رجلا ً جاء إلى
النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله مالي إن قُتلت ُ في سبيل الله ؟ قال : ( الجنة ) فلمّا ولّى قال :
( إلّا الدَيْن , سارّني به جبريل آنفا ً ) .
ومنهم : من يكون محبوسا ً على باب الجنة , كما في حديث الذي كان عليه ديْن , قال صلى الله عليه وسلم :
( رأيت ُ صاحبكم محبوسا ً على باب الجنّة ) .
ومنهم : من يكون محبوسا ً في قبره , كحديث صاحب الشَّملة التي غلَّها ثم َّ استشهد , فقال الناس : هنيئا ً له الجنة
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده , إن الشَّملة التي غلَّها لتشتعل عليه نارا ً في قبره ) .
... يتبع 