في ليلةٍ سمِعتُ في سكونِها صدى أنينْ
أحسستُ في دخيلتي بغصَّةِ الشَّجا الحزينْ
تخنقني ، وآهةٍ تُفشي بما في خافقي
من حرقةٍ ومن أسى يأسٍ دفينْ
من ثورةٍ ومن تمرُّدٍ ومن رفضٍ كمينْ
أحسستُ أنَّ العالمَ المحكومَ بالإعدامِ
كالطفلِ في أنيابِ ذئبٍ جائعٍ
أو في لظى جمرِ السَّعيرْ ...
العالمُ المشنوقُ بالحبلِ الذي
في غفلةِ الأقدارِ في مجرى الدهورْ
بخنجرِ التضليلِ والإرهابِ والغدرِ اللعينْ
ومديةٍ مصنوعةٍ من الخداعِ والرياءِ والفجورْ
كانتْ ولا تزالُ تسفحُ المنى
وتذبحُ الآمالَ والأحلامَ في القلب الغفورْ
في زنزانةِ الجهلِ الكفورْ
في إثرها التجمعاتُ والشعوبْ
تولدتْ عصابةٌ من الذئابِ الضاريةْ
من الوحوشِ والأفاعي الساريةْ
عصابةٌ مهووسةٌ بالظلمِ والطغيانِ والشّرِّ الذميمْ
تنفثُ معْ لهاثِها المسعورِ أنفاسَ الرجيمْ
فتفسدُ الأرواحَ بالعداءِ والحقدِ اللئيمْ
تلوِّثُ العقولَ بالخُرافةِ الخرقاءِ والفكرِ السقيمْ
وكانت الشعوبُ في جهالةٍ من أمرها
مسوقةً بمنطقِ التسليمِ والرِضى العقيمْ
تقتاتُ من سرابِ أوهامٍ تمنِّيها بلذَّاتِ النعيمْ ......
مسكينةٌ تلك الشعوبُ الساهيةْ
تجترُّ أوجاعَ الشقا مسحوقةً وراضيةْ
عن حقِّها المسلوبِ تبدو في سباتٍ غافيةْ
وفي لظى النيرانِ تُشوى ثمَّ تخشى الهاويةْ ...
أليست الحياةُ في ظروفِ عيشٍ ضاريةْ
فلتنتفضْ شعوبُنا المقهورةُ المعانيةْ
لتستعيدَ حقَّها وتستردَّ العافيةْ
وتبتني فردوسَها المأمولَ بيتاً للجميعْ
لا سيدٌ يطغى ولا عبدٌ وضيعْ
الكلُّ يحيا في ظلالِ عدلِها مكتفياً وآمناً
الذِّئبُ والضرغامُ والظَّبيُ الوديعْ .