منبر البوح الهادئلما تبوح به النفس من مكنونات مشاعرها.
أهلا وسهلا بك إلى منتديات منابر ثقافية.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.
كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
يا طيفَ الأحبةِ في خيالي،
كم يضجُّ القلبُ شوقًا في الليالي،
أهيمُ بنجمةٍ، وأسألُ القَمرَ:
متى يأذنُ الغيابُ بالزوالِ؟
تؤرجحني الذكرى على وترِ الحنين،
فأغدو طفلًا يركضُ صوبَ الحنين،
أبحثُ عن دفءِ صدرٍ طالَ افتقادي له،
وعن يدٍ كانت تمسحُ وجعي بلا أنين.
هناك... حيثُ العيونُ تبتسمُ قبلَ الشفاه،
وحيثُ الحديثُ صمتٌ... لكنه أقربُ للنجاة،
أحنُّ إلى موطنٍ ليسَ في الأرضِ... بل في الوجدان،
إلى لحظةٍ تمحو الغربةَ، وتغسلُ القلبَ من الأشجان.
فيا نسيمَ المساء، إن مررتَ بهم،
أخبرهم أنني ما زلتُ أحلمُ كلَّ فجرٍ بهم،
وأن العودةَ وإن طالت، قدرٌ لا مفرَّ منه،
فالقلوبُ إن اشتاقت، دلتها الأيامُ على طريقِ السكن.
يا صاحِ، اسمع لنداء الحكمة إذا تجلّت، وتأمّل في مَصارع من استكبر وتجبّر، فما سقط جبارٌ إلا بعد عُلوٍ غرّه، ولا طغى طاغٍ إلا وسُلِبَ ملكه حين توهّم أن الدهر خادمه.
أين من قال: "أنا ربكم الأعلى"؟ خرّ صريعاً في البحر، لا مَن أنقذه، ولا مَن عنه دافع.
أين من تجبّر في الأرض، يُحكِّم السيف في رقاب الضعفاء؟ باتت قصورهم أطلالاً، وعروشهم غباراً، ونُقِشت أسماؤهم في سجلّات الهالكين.
والمظلوم؟
والله ما خاب من رفع يديه إلى السماء يشكو بثّه وحزنه، وما ضاع دمعٌ سُكِبَ في ظلمة القهر، بل جُمِعَ عند الحقّ وادّخر، حتى إذا شاء العزيز المنتقم، جاءه النصر على قدر، لا يُبطئ إذا حان، ولا يخطئ حين يُقَدَّر.
الحياةُ دارُ ابتلاء، تكسِر ثم تجبُر، تُدهِش ثم تُعلِّم، تُسقِطُك لترفعك، وتريك في الناس صنفين: من صَبر فظفر، ومن بغى فاندحر.
والحوادث؟
هي المِحكّ، هي التي تَعرِض الوجوه على مرآة الصدق، فتُميّز بين الطيّب والخبيث، وبين من زُيِّن له غروره، ومن صقلته نيران المحن فصار كالذهب، لا يزيده اللهب إلا لمعانًا.
فلا تحزن إن تهاويتَ يومًا، فإن السقوط لا يُهين إلا من قبِل الهوان، وكم من عثرة كانت بداية مجد، وكم من جَلدٍ على الابتلاء ختم بنصرٍ لا يخطر على بال.
تأمّل، واذكر:
كم من جبارٍ طغى، فصار حديث العابرين، وكم من مظلومٍ بكى، فصار علَماً في جبين المنتصرين.
بارقةُ الأملِ يا صاحِ، لا تغيبُ عن سماءِ الصابرين، وإن حجبتها غيومُ الهموم حيناً، فإنها لا تموت، بل تختبئُ لتعود أبهى وأقوى.
فاسمع:
إذا ضاقت بك السُبل، وتكالبت عليك الخطوب، فاذكر أن الفجر لا يولد إلا بعد أظلم ساعات الليل، وأن الجَمر لا يُنضِج الذهب إلا إذا اشتدّت ناره.
ولك في يوسفَ مثلٌ، رُميَ في الجُبّ، وبِيعَ بثمنٍ بخس، وسُجِن مظلوماً… ثم خرج عزيزاً، يُؤتمن على خزائن الأرض.
ولك في موسى نَجاة، شُقَّ له البحرُ، وهو المُلاحق، لأنه قال: "كلا إن معي ربي سيهدين."
ولك في الحبيبِ محمد ﷺ صبرٌ، أوذي، وهُجِّر، وقُوتِل… ثم عاد إلى مكةَ فاتحًا، رحيمًا، عزيزًا لا كبر فيه.
فيا أيها المنكسر،
لا تظن أن جُرحك عبث، ولا أن دمعك ضياع…
ربما تُهيَّأ الآن لرفعةٍ لا تَخطرُ لك على بال، ولعلّك تُصقل لتكون من أولي العزم، ممن تصنعهم الشدائد لا الراحة.
وقل لنفسك إذا ادلهمّت:
إنّ الذي كتب الحزن، هو نفسه الذي وعد بالفرج، وإن الذي أمهلك في البلاء، يدّخر لك نصرًا لا يخيب.
فابسم، وإن ثقل الفؤاد،
فما أضيقَ العيش لولا فسحةُ الأمل…
وما أقربَ الفرج لمن عَلِم أن الله لا يُخيب من رجاه.