قديم 09-25-2010, 04:01 AM
المشاركة 481
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وقد أجمع فقهاء الإسلام من عهد الصحابة إلي عصر الأئمة المجتهدين وبإجماع الأمة علي أن القصاص فرض فيما دون النفس ومكتوب إذا أمكن، بدليل النص عليه في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، لأن ما دون النفس(الأطراف) يجب المحافظة عليه والقصاص يحافظ عليه، والقصاص يجب في كل الأطراف وليس في الأطراف المذكورة صراحة في الآية(45) السالفة، بدليل قوله تعالي(وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ).
وقد أخذ بعض القانونيين علي القصاص فيما دون النفس بعض الانتقادات هي:
1 – يؤدي الأخذ به إلي كثرة المشوهين في المجتمع، مما يعيق العمل وينقص من القدرة البشرية في المجتمع.
2 – أنه ليس عقابا بل انتقاما، وغاية القوانين الإصلاح وليس الانتقام.
3 – لا يندر المساواة في قطع الأطراف، حيث يمكن قطع اليد القوية باليد الضعيفة.
هذه الانتقادات غير صحيحة بل هي مغرضة لما يأتي:
1 - أن القصاص في الأطراف لا يكثر المشوهين في المجتمع بل العكس هو الذي يحدث، لأن الإنسان إذا عرف أنه إذا أقدم علي قطع يد أخر فأن يده ستقطع، فأنه لن يقدم علي هذا الفعل، مما يتحقق معه منع الجريمة وليس زيادتها كما يدعي هؤلاء.
2- أن القصاص في الأطراف ليس انتقاما لأن الانتقام ليس فيه مساواة بين الجريمة والعقوبة بل مساواة حقيقية بينهما كما أن الانتقام يكون من المجني عليه وليس من ولي الأمر(الحاكم أو من ينوب عنه)، والقصاص يقوم به ولي الأمر وليس المجني عليه.
3 – مناط الحماية في القصاص فيما دون النفس أي في الأطراف والجروح هي سلامة الأعضاء وليس التساوي في القوي الطبيعة، أي قوتها، فقد تكون يد ضعيفة في نظر الناس ولكنها في نظر صاحبها قوية تؤدي دورها في حياته كاملة كما هو الحال مع الأقوياء الأصحاء، لأن أساس القصاص المساواة في الأنفس البشرية لأن الناس متساوية أمام التشريع الإسلامي.
وعلي ذلك لا يجب ولا يصح أن يكون هناك تفاوت بين الناس في القصاص، وقد أكد ذلك قول الرسول صلي الله عليه وسلم(المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم) فالمساواة في القصاص تكون في الأنفس والأعضاء والدماء، فلا تفرقة بين الناس في الأوصاف سواء كانت أوصافا ذاتية فلا فرق بين لون ولون[24] فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم(كلكم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربي علي أعجمي ولا أبيض علي أسود إلا بالتقوى والعمل الصالح) وقال أيضا (الناس سواسية كأسنان المشط).


~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 04:01 AM
المشاركة 482
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يلاحظ عند القصاص في الأطراف تحقيق المماثلة وعدم الاعتداء أو النقص في أمور ثلاثة هي:
1 – التقابل بين الأعضاء فالأعضاء المتقابلة تقطع، فاليد اليمني باليد اليمني والصحيحة بالصحيحة فلا تقطع الصحيحة بالمريضة وهكذا.
2 – الأ تؤدي المقابلة إلي زيادة أو نقص، بمعني أن يكون التماثل ممكنا لا يزيد عن الجريمة، فإن كان التماثل غير ممكن فلا يوجد القصاص، التماثل في الوصف والتماثل في فقد المنافع.
3 – أن تكون المنفعة التي فقدت تقابل المنفعة التي تزول بالقصاص.
4 - لا يقام القصاص إلا بعد أن يشفي المجني عليه، فإن شفي وعاد لهيئته ولم يحدث نقصان فليس فيه قصاص، فإن كان هناك نقصان أقيم القصاص بحسب ما قطع.
خامساً- القصاص في غير القتل والقطع والجروح
يُشرع القصاص في اللطمة والضربة والسبة وغير ذلك بشرط المساواة، ويشترط في القصاص في اللطمة والضربة ألا تقع في العين، أو في أي عضو من الممكن أن يتلف نتيجة هذه الضربة.
القصاص في السب: ويشترط في القصاص في السب ألا يكون السب بما هو محرم، فليس للإنسان أن يلعن من لعن أباه، ولا أن يسب من سب أمه وهكذا، وليس له أن يكذب على من يكذب عليه، ولا أن يُكَفِّر من كفَّره.
القصاص في إتلاف المال: فمن أتلف مال غيره، كأن هدم له داره أو غير ذلك، يقتص منه بأن يهدم داره وهكذا، وقال بعض الفقهاء: إن هذا القصاص غير جائز، وإن على المعتدى أن يدفع مثل ما أفسده أو قيمته.


~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 04:02 AM
المشاركة 483
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
القصاص يكون في العدوان المقصود(العمد)، فالقصاص جزاء الاعتداء، ولا يتحقق العدوان المقصود في القصاص إلا بهذه الأمور الأربعة:
1 – أن يكون المتهم ممن يتحمل مسئولية أفعاله، أي يجب أن يكون كامل الأهلية، وليس مصاب بعاهة أو آفة في عقلة، وأن يكون حر الإرادة وليس مكره لأن الإكراه يفسد الإرادة.
2 – ألا يكون الفعل بحق، كأن يكون القتل دفاعا عن النفس أو المال أو العرض، أو يكون المال المسروق ملك السارق، أن يكون للفاعل حق فيما أقدم عليه قررته الشريعة الإسلامية وحمته من العدوان عليه، أو يكون فيه شبهة الحق، وشبهة الحق تثبت في أربعة أحوال: شبهة الملك وشبهة الجزئية وشبة الزوجية وشبهة رضا المجني عليه بالجريمة.
3 – وجود علاقة السببية بين الفعل والنتيجة، وتتحقق السببية بثلاثة أمور هم:
( أ ) فعل ترتب عليه جريمة.
(ب) وجود صلة بين الفعل والنتيجة الإجرامية.
(ج) قصد أحداث النتيجة الإجرامية التي حدثت.
4 – أن يتحقق القصد الذي أدي إلي وقوع الجريمة، ويكون ذلك بتعمد أحداثها وقصدها وإرادة حرة مختارة وعلم بالنهي عنها، ففي القتل تزهق الروح أي بالموت.


~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 04:02 AM
المشاركة 484
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سادساً - موانع القصاص في القتل
توجد موانع للقصاص في القتل وهي علي تعددها مختلف فيها بين الأئمة المجتهدين، وتتمثل هذه الموانع فيما يأتي:
1 – أن يكون القتيل جزءا من القاتل: يري ذلك كل من أبي حنيفة والشافعي وأحمد، ويكون القتيل جزءا من القاتل إذا كان ولده، فلا يقتص من الأب بالقتل لقول الرسول صلي الله عليه وسلم( لا يقاد الوالد بولده) وقوله (أنت مالك لأبيك) والحديث الأول صريح في منع القصاص أما الثاني ففيه شبهة تدرأ القصاص وطبقا لقاعدة(درء الحدود بالشبهات) الثابتة في الشريعة الإسلامية، أما الولد فيقتص منه في والده فإذا قتل ولد والده يقتل، حكم الأم كالأب[25]، ويخالف الإمام مالك الفقهاء الثلاثة ويقول بالقصاص هنا كلما انتفت الشبهات[26].
2 – عدم التكافؤ بين المجني عليه والجاني: يشترط مالك والشافعي وأحمد أن يكون المجني عليه مكافئا للجاني، فإذا لم يكن كذلك أمتنع القصاص، ويشترط التكافؤ في المجني عليه لا في الجاني، ويعتبر المجني عليه مكافئا للجاني إذا تساويا في الحرية والإسلام، فلا عبرة بعد ذلك فيما بينهما من فروق أخري، فلا يشترط التساوي في كمال الذات ولا سلامة الأعضاء ولا يشترط التساوي في الشرف والفضائل[27] ولكن أبا حنيفة يخالفهم في ذلك ويري القصاص بين الأحرار والعبيد[28].
3 – الأمر بالقتل: يفرق الفقهاء بين الأمر بالقتل والإكراه، ويأخذون بمنع القصاص في القتل في حالة الإكراه، واختلفوا في حالة الأمر بالقتل، حيث يري مالك والشافعي وأحمد القصاص في الآمر لأنه هو المتسبب في القتل وأن كان المأمور هو الذي قتل ولكنه هنا بمثابة آلة القتل وليس القاتل، ولا يري أبو حنيفة القصاص من الآمر لأنه تسبب في القتل ولم يباشره[29].
4 – الإكراه على القتل: الإكراه يفسد الإرادة، حيث يري مالك وأحمد والرأي الصحيح عند الشافعية القصاص علي المكره والمكره لأن الحامل المكره تسبب في القتل، ولأن المباشر المكره قتل المجني عليه ظلما [30]، ولكن عند أبي حنيفة ومحمد أن القصاص يجب علي الحامل دون المباشر لقوله صلي الله عليه وسلم ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما أستكرهوا عليه)[31].
5 - أن تكون الأداة التي استعملت في القتل مما يقتل به غالبًا: ويدخل في ذلك الإغراق في الماء والخنق والحبس والإلقاء من شاهق والإحراق بالنار، والقتل بالسم، فقد وضعت يهودية السم لرسول (في شاة، فأكل منها لقمة ثم لفظها، وأكل معه بشر بن البراء، فعفا عنها النبي ولم يعاقبها، فلما مات بشر بن البراء قتلها به[32].
ولا يقتل القاتل إلا بعد أن يؤخذ رأى أهل القتيل فيه، فإن طلبوا قتله قتل وكان القتل كفارة له، وإن عفوا عنه عفي عنه. وأخذت منه الدية وهى تقدر بحوالى (4250) جرامًا من الذهب تقريبًا، وعليه الكفارة وهى عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فعليه صوم شهرين متتابعين، قال تعالى((يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فأتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدي بعد ذلك فله عذاب أليم))[33].

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 04:03 AM
المشاركة 485
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سابعاً - ما يثبت به القصاص وشروطه
يثبت القصاص باعتراف القاتل، أو بشهادة رجلين يعرف عنهما الصلاح والتقوى وعدم الكذب؛ يشهدان أنهما قد رأيا أو شاهدا القاتل وهو يقتل، ولا تصح شهادة المرأة في القصاص، فلا يشهد على القتل رجل وامرأة أو رجل وامرأتان، وإنما لا بد من أن يكون الشاهدان رجلين، وهذا رأى جمهور الفقهاء، لكن يرى بعض الفقهاء أنه يصح الأخذ بشهادة المرأة في القصاص، فإن ثبت القتل بالشهادة وجب حد القصاص على القاتل، فإن عفا عنه أولياء القتيل أو بعضهم؛ لا يقام عليه الحد، وعليه دفع الدية.
بناء علي ذلك لا يثبت القصاص في القتل إلا بتوافر الشروط التالية:
لا يثبت الحق لأولياء المقتول في القصاص من القاتل إلاّ إذا تمّت الشروط التالية:
الأول: أن يكون القتل بنحو العمد.
الثاني: التساوي في الحرية و العبودية، فيقتل الحر بالحر و العبد بالعبد و لا يقتل الحر بالعبد، بل يغرم قيمته يوم قتله مع تعزيره بالضرب الشديد.
الثالث: التساوي في الدين، فلا يقتل المسلم بالكافر ـ و إن لزم تعزيره فيما إذا لم‏يكن القتل جائزاً ـ بل يغرم ديته لو كان ذمياً.
الرابع: أن لا يكون القاتل أباً للمقتول، فلا يقتل الأب بقتله لابنه، بل يعزر و يلزم بالدية.
الخامس: أن يكون القاتل بالغاً عاقلاً وإلاّ فلا يقتل و تلزم العاقلة بالدية.
السادس: أن يكون المقتول محقون الدم، فلا قصاص في القتل السائغ، كقتل سابِّ النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد الأئمة عليهم ‏السلام أو قتل المهاجم دفاعاً و ما شاكل ذلك.

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 04:03 AM
المشاركة 486
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ثامناً - كيفية تنفيذ القصاص
يقتل القاتل بالطريقة التي قتل بها عند بعض الفقهاء؛ لقوله تعالى {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به}[34] وقال بعض الفقهاء: بل يكون القصاص بالسيف.
ما لا يقام فيه قصاص وتحل الدية محله: تتمثل هذه الحالات في الآتي:
1- قطع عضو أحد الناس خطأ دون تعمد.
2- الجروح التي يستحيل فيها التماثل.
3- الجروح التي تقع بالرأس والوجه؛ وهى ما يسمى بـ (الشجاج) إلا إذا كشف الجرح عن العظم فعندئذ يقام القصاص.
4- اللسان وكسر العظم، فلا قصاص فيهما لأنه لا يمكن الاستيفاء أو التماثل بغير ظلم.

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 04:03 AM
المشاركة 487
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تاسعاً - من يُنفِّذ القصاص
القصاص لا يحق لأحد إقامته إلا الحاكم أو من ينوب عنه. فلا يحل لولى القتيل أن يقتل القاتل حتى لا تنتشر الفوضى.
وقد ورد في القرطبي(اِتَّفَقَ أَئِمَّة الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوز لِأَحَدٍ أَنْ يَقْتَصّ مِنْ أَحَد حَقّه دُون السُّلْطَان , وَلَيْسَ لِلنَّاسِ أَنْ يَقْتَصّ بَعْضهمْ مِنْ بَعْض , وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِسُلْطَانٍ أَوْ مَنْ نَصَّبَهُ السُّلْطَان لِذَلِكَ, وَلِهَذَا جَعَلَ اللَّه السُّلْطَان لِيَقْبِض أَيْدِي النَّاس بَعْضهمْ عَنْ بَعْض .
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ عَلَى السُّلْطَان أَنْ يَقْتَصّ مِنْ نَفْسه إِنْ تَعَدَّى عَلَى أَحَد مِنْ رَعِيَّته , إِذْ هُوَ وَاحِد مِنْهُمْ , وَإِنَّمَا لَهُ مَزِيَّة النَّظَر لَهُمْ كَالْوَصِيِّ وَالْوَكِيل , وَذَلِكَ لَا يَمْنَع الْقِصَاص , وَلَيْسَ بَيْنهمْ وَبَيْن الْعَامَّة فَرْق فِي أَحْكَام اللَّه عَزَّ وَجَلَّ , لِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْره : " كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاص فِي الْقَتْلَى " , وَثَبَتَ عَنْ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ شَكَا إِلَيْهِ أَنَّ عَامِلًا قَطَعَ يَده : لَئِنْ كُنْت صَادِقًا لَأ ُقيدَنك مِنْهُ , وَرَوَى النَّسَائِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ : بَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِم شَيْئًا إِذْ أَكَبَّ عَلَيْهِ رَجُل , فَطَعَنَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُرْجُونٍ كَانَ مَعَهُ , فَصَاحَ الرَّجُل , فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَعَالَ فَاسْتَقِدْ ) قَالَ : بَلْ عَفَوْت يَا رَسُول اللَّه , وَرَوَى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَنْ أَبِي فِرَاس قَالَ : خَطَبَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقَالَ : أَلَا مَنْ ظَلَمَهُ أَمِيره فَلْيَرْفَعْ ذَلِكَ إِلَيَّ أُقِيدهُ مِنْهُ , فَقَامَ عَمْرو بْن الْعَاص فَقَالَ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ , لَئِنْ أَدَّبَ رَجُل مِنَّا رَجُلًا مِنْ أَهْل رَعِيَّته لَتَقُصَّنهُ مِنْهُ ؟ قَالَ : كَيْف لَا أَقُصّهُ مِنْهُ وَقَدْ رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُصّ مِنْ نَفْسه , وَلَفْظ أَبِي دَاوُد السِّجِسْتَانِيّ عَنْهُ قَالَ : خَطَبَنَا عُمَر بْن الْخَطَّاب فَقَالَ : إِنِّي لَمْ أَبْعَث عُمَّالِي لِيَضْرِبُوا أَبْشَاركُمْ وَلَا لِيَأْخُذُوا أَمْوَالكُمْ , فَمَنْ فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ فَلْيَرْفَعْهُ إِلَيَّ أَقُصّهُ مِنْهُ , وَذَكَرَ الْحَدِيث بِمَعْنَاهُ) .

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 04:04 AM
المشاركة 488
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عاشراً - استيفاء القصاص
يشترط لاستيفاء القصاص في ثلاثة شروط هي:
1- أن يكون المستحق له عاقلا بالغًا.
2- أن يتفق أولياء المقتول جميعًا على استيفاء القصاص، فإذا رفض أحدهم سقط القصاص.
3- ألا يتعدى القصاص الجاني إلى غيره، فلا يقتص من حامل حتى تضع حملها، وترضعه إن لم تجد مرضعًا.
أحد عشر - الأسباب العامة لامتناع القصاص
توجد عدة أسباب لو توافر سبب منها امتنع الأخذ بالقصاص وهذه الأسباب منها ما سبق شرحه هي[35]:
1 – إذا كان القتيل جزءا من القاتل، وسبق بيان ذلك في القصاص في النفس.
2 – انعدام التكافؤ بين الجاني والمجني عليه، ينظر إلي التكافؤ من ناحية المجني عليه وحده دون الجاني.
3 – أن يكون الفعل الموجب للقصاص حدث خطأ أو شبه عمد.
4 – أن يكون الفعل الموجب للقصاص تسببا.
5 – أن يكون الفعل الموجب للقصاص وقع في دار الحرب وهذا رأ ى الحنفية وحدهم دون باقي الأئمة.
6 – عدم أمكان الاستيفاء.
إذا توافر أي سبب من الأسباب السالفة يمتنع تنفيذ القصاص، ولكن لا تبرأ ذمة الجاني ويطلق سراحه دون عقاب، فهذه الأسباب ليست أسباب إباحة أي تجعل الفعل إذا التحقت به مباحا، ولكن تظل ذمة الجاني مشغولة بالدية لا تبرأ إلا بدفها أما للمجني عليه فيما دون النفس أو لورثة القتيل في النفس.

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 04:04 AM
المشاركة 489
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أثنا عشر – القصاص في القانون الدولي
بعد أن انتهينا من تبيان القصاص في القانون الجنائي الإسلامي، في محيط الدول أي داخل الدول علي مواطنيها، يمكننا تناول القصاص علي الصعيد الدولي، أي هل يمكن إعمال القصاص بين الدول، كما يطبق بين الأشخاص الطبيعية نتناول هنا إمكانية ذلك من عدمه.
الثابت والمستقر عليه في القانون الدولي العام أن أشخاصه هي الدول علي الإجماع والمنظمات الدولية علي اختلاف بين الفقهاء في القانون الدولي، ولكن غالبية الفقه الدولي يعتبر المنظمات الدولية من أشخاص القانون الدولي العام، كما أن غالبية الفقه الدولي حتى تاريخه لا تقر باعتبار الأشخاص الطبيعيين من أشخاص القانون الدولي العام.
من المستقر عليه في نظرية القانون أن كل قانون هو الذي يحدد أشخاصه المخاطبين بأحكامه، والقانون الدولي قد أختار وحدد كما بينا سلفا، كما أن كل قانون يضع قواعده وأحكامه بصورة تتناسب مع أشخاصه، فقواعد وأحكام القانون الدولي العام تناسب الدول والمنظمات الدولية.
ترتيبا علي ما سبق، يبدو منذ الوهلة الأولي استحالة تطبيق القصاص في القانون الدولي العام علي أشخاصه الدول والمنظمات الدولية، ولكن بنظرة متأنية فاحصة، تبدو المسألة في دائرة الممكن وليس في إطار المستحيل، خاصة وأن قواعد المسئولية الدولية في القانون الدولي في تطور مستمر[36] كما أن القانون الدولي ذاته في توسع وتطور مستمر من حيث الفروع، فقد شملت فروعه مجالات كثيرة، وأصبح الآن فرع من فروعه يطلق عليه القانون الجنائي الدولي أو القانون الدولي الجنائي.
وطبقا لطبيعة القانون الدولي العام فأنه يتعذر تطبيق القصاص في النفي بين الدول إلا في حالات نادرة، خاصة في حكام الدول التي تشن حروبا غير عادلة، ولكن يمكن محاكمتهم كما حدث في محاكمات نورمبرج بعد الحرب العالمية الثانية ويقتص منهم، وتصل العقوبة إلي القتل، وقد أقر ذلك النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي دخل حيز التنفيذ في الأول من يوليو 2002م[37]، فقد نص هذا النظام علي جرائم في المادة (5)وأقرت المادة(25) من هذا النظام اختصاص المحكمة بمحاكمة الأشخاص الطبيعيين الذين يرتكبون الجرائم الدولية المنصوص عليها في المادة الخامسة من النظام.
وبالنظر إلي طبيعة القانون الدولي العام قواعد وأحكام وأشخاص وآليات، قد يتعذر الحكم بالإعدام علي الشخص مرتكب الفعل الموجب للقصاص، لذلك تبقي الدية، وهي ما أخذت به أحكام المسئولية في القانون الدولي المعاصر، تحت مسمي( التعويض المادي)، ويعد هذا التعويض من قبيل الدية، إلا أن الأمر يجب إلا يقتصر في كافة الحالات علي التعويض إلا في حالة استحالة تنفيذ القصاص بالقتل, حتى لا يفلت الجناة من العقاب، خاصة وأن أفعالهم عادة ما يترتب عليها أضرار جسام تطول العديد من الناس، وليكون ذلك رادعا لهم ولغيرهم، كما يتم شفاء غيظ المجني عليهم وهم هنا كثير.

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-25-2010, 04:05 AM
المشاركة 490
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
في القانون الدولي العام بعد تطور قواعد وأحكام المسئولية الدولية ونشأة فرع القانون الدولي الجنائي بقواعده وأحكامه فضلا عن انتشار القضاء الجنائي الدولي والقضاء الدولي بعد أنشاء المحكمة الدائمة للعدل الدولي في عهد عصبة الأمم عام1919م، ثم محكمة العدل الدولية في ميثاق الأمم المتحدة عام 1945م، وأخيرا المحكمة الجنائية الدولية عام 2002م، وإنشاء العديد من المحاكم الخاصة ثم محكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية 1945م ومحاكم نورمبرج ومحاكم مجرمي يوغوسلافيا ورورندا.
وأن نظام المسئولية الدولية في القانون الدولي العام وأن كان لم يأخذ بالقصاص كمصطلح إلا أنه أخذ به كمضمون في التعويض عن الأفعال التي تشكل جرائم دولية في القانون الدولي العام.
وفي النهاية يمكننا القول أن القانون الدولي قد أخذ بنظام القصاص مضمونا بالحكم بالتعويض سواء علي الأشخاص الطبيعيين الذين يرتكبون الجرائم الدولية، أو علي الدول كأشخاص دولية، وكذلك علي المنظمات الدولية، فقد تحكم المحكمة الجنائية الدولية أو محكمة العدل الدولية علي دولة أو منظمة دولية كشخص من أشخاص القانون الدولي بالتعويض عما ارتكبا من أفعال تشكل جرائم دولية سببت ضررا لأحدي الدول أو المنظمات الدولية أو للأشخاص الطبيعيين مواطني الدولة المعتدي عليها.
خاتمة
في صفحات ليست بالقليلة، ولا بالكثيرة، بينا فلسفة التشريع الجنائي الإسلامي، وركزنا بحثنا هذا علي أساس من أسس التشريع الجنائي الإسلامي وهو (القصاص) فقد بيناه من ألفه إلي يائه، من التعريف والأنواع والمضمون والأحكام والحكمة منه والشروط والموانع، فقد بينا مدي الإعجاز التشريعي في الآية الكريمة( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ).
وانتهينا إلي أن أوجه الإعجاز فيها متعددة فهي تحفظ الحياة وتمنع الجريمة وتبعث في المجتمع الأمن والأمان والطمأنينة، وتجعل الحياة هادئة مستقرة، وفندنا حجج المبطلين الذين لا يريدون أن يتحاكموا إلي الطواغيت دون شرع الله سبحانه وتعالي، ورددنا شبهات ودحضنا مفتريات تثار ضد التشريع الجنائي الإسلامي.
ولم يقتصر الأمر علي القانون الجنائي الوطني، بل تطرقنا إلي القصاص في القانون الدولي العام، وانتهينا إلي وجوده في القانون الدولي العام بعد تطور قواعد وأحكام المسئولية الدولية ونشأة فرع القانون الدولي الجنائي بقواعده وأحكامه فضلا عن انتشار القضاء الجنائي الدولي والقضاء الدولي بعد أنشاء المحكمة الدولية للعدل الدولي في عهد عصبة الأمم ثم محكمة العدل الدولية في ميثاق الأمم المتحدة وأخيرا المحكمة الجنائية الدولية عام 2002م، وإنشاء العديد من المحاكم الخاصة ثم محكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية محاكم نورمبرج ومحاكم مجرمي يوغوسلافيا ورورندا.
وكان مما وصلنا إليه في نهاية الدراسة وجوب الأخذ بتشريع الله سبحانه وتعالي علي كافة الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية، خاصة التشريع الجنائي الإسلامي حتى يسود الأمن والأمان ويستقر الأمن والسلم الدوليين.
الدكتور
السيد مصطفي أحمد أبو الخير
d_alsaid@yahoo.com
0129946225 مصر
[1] - سورة الرعد الآية(6)
1- راجع في ذلك، مجموعة كتيبات الأستاذ/ مصطفي فوزي غزال، أفول شمس الحضارة الغربية، دار السلام للطباعة والنشر، القاهرة، 1988م.
2 - الإمام محمد أبو زهرة، الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي، الجزء الأول، الجريمة، دار الفكر العربي، القاهرة، 1998م، ص7/9..
[4] - حجة الإسلام الغزالي، المستصفي الجزء الأول، ص287/288. نقلا عن الأمام محمد أبو زهرة، المرجع السابق، 30.
[5] - القاضي الشهيد عبد القادر عودة، الإسلام وأوضاعنا القانونية، دار المختار الإسلامي، ص:21/25.
[6] - القاضي الشهيد عبد القادر عودة، المرجع السابق، ص: 36/37.
[7] - القاضي الشهيد/ عبد القادر عودة، التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالشريعة الإسلامية، الجزء الأول، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة السابعة، 1986م، ص: 12/17.
[8] - الإمام محمد أبو زهرة، الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي الجزء الثاني (العقوبة)، دار الفكر العربي، القاهرة، 1998م، ص: 14/17.
[9] - الإمام محمد أبو زهرة، الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي، الجزء الثاني، العقوبة، المرجع السابق، ص: 252.
[10] - سورة الكهف الآية:64.
[11] - عبد الرحمن الجزيري، كتاب الفقه علي المذاهب الأربعة، تحقيق وتعليق وتخريج ودراسة أحمد فريد المزيدي ومحمد فؤاد رشاد، الجزء الخامس، الحدود، كتاب القصاص المكتبة التوفيقية، القاهرة، بدون تاريخ، ص:231.
[12] - القاضي الشهيد عبد القادر عودة، التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي، الجزء الأول، المرجع السابق، ص:663.
[13] - الأمام محمد أبو زهرة، المرجع السابق، ص:252.
[14] - سورة البقرة الآية: 178/179.
- سورة المائدة الآية: 32.[15]
[16] - سورة المائدة الآية: 45.
- سورة النساء الآية 92. [17]
1 – سورة الإسراء الآية:33.
[19] - رواه البخاري في كتاب الديات(6878)، ورواه مسلم في كتاب القسامة(1676)، وأبو داود في كتاب الحدود(4353) باب الحكم فيمن ارتد(4/124) والترمذي في كتاب الديات(1402) باب ما جاء لا يحل دم امرئ مسلم إلا بأحدي ثلاث(4/19)، والنسائي في كتاب تحريم الدم باب الصلب(7/102)، وابن ماجه في الحدود(2534) باب لا يحل دم مسلم إلا بثلاث(2/847) وأحمد في مسنده(1/382)والبيهقي في السنن الكبرى(8/284، 213).
[20] - رواه أحمد والأربعة وحسنه الترمذي وهو من رواية والنسائي بزيادة (مَن خصي عبده خصيناه) وصحح الحاكم هذه الزيادة.
- متفق عليه وعلي لفظه. [21]
- متفق عليه واللفظ للبخاري. [22]
4 - أنظر الإجماع لابن المنذر، ص:71، والمجموع للنووي(20/267/266)والمغني لابن قدامه(7/635/636)، وبداية المجتهد(2/297/298).
- الإمام محمد أبو زهرة، الجزء الثاني العقوبة، 264/295. [24]
1 - بدائل الصنائع، ص:235، المهذب، الجزء الثاني، ص:186، والمغني، الجزء التاسع، ص:359 وما بعدها.
2- الشرح الكبير للدرير، الجزء الرابع، ص:215، المدونة، الجزء السادس، ص:106/108.
3- مواهب الجليل، الجزء السادس، ص:236، المهذب، الجزء الثاني، ص: 186، المغني لأبن قدامه، الجزء التاسع، ص:348.
4 - بدائع الصنائع، الجزء السابع، ص:235.
1 - الشرح الكبير للدرير، الجزء التاسع، ص:342، والجزء الرابع، ص:218، والمهذب الجزء الثاني، ص:189،
2 - الشرح الكبير للدرير، الجزء الرابع، ص:216، المغني، الجزء التاسع، ص:331، المهذب، الجزء الثاني، ص:189.
- بدائع الصنائع، الجزء الثاني، ص:180.[31]
- متفق عليه.[32]
- سورة البقرة الآية: 178
- سورة النحل الآية:126.[34]
1 - القاضي الشهيد عبد القادر عودة، التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالشريعة الإسلامية، الجزء الثاني، المرجع السابق، ص:213/219.
1- الدكتور/ السيد مصطفي أحمد أبو الخير، المبادئ العامة في القانون الدولي المعاصر، دار إيتراك للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 2005، فصل المسئولية الدولية ص: 91/139.
2 - الدكتور/ السيد مصطفي أحمد أبو الخير، النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، دار ايتراك للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 2005م، ص:20و ص: 55.

~ ويبقى الأمل ...

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ~
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الإعجاز فى القرآن سرالختم ميرغنى منبر الحوارات الثقافية العامة 6 07-07-2019 11:10 AM
الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ماجد جابر منبر الحوارات الثقافية العامة 11 06-10-2012 07:51 PM
( 2 ) الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ~ أمل محمد منبر الحوارات الثقافية العامة 60 11-05-2011 09:16 AM
الإعجاز العلمى .. والعجز العلمانى محمد جاد الزغبي منبر الحوارات الثقافية العامة 18 10-30-2010 12:21 PM

الساعة الآن 01:59 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.