جانجشار بونسوم : الجبل المُحرّم في سلسلة جبال الهيمالايا
الهيملايا
- مع تقدم الحضارة البشرية والتكنولوجيا لدينا , أصبح العالم إلى حد ما أصغر وأصغر .. ولقد سبرنا أغوار كوكبنا واستكشفناه واحتلناه لدرجة أنه يبدو وكأنه لا يحوي مكاناً لم تمسه البشرية .. ولكن بسبب أعماق البحار , وأراضي القطبين المتجمدة , ودهاليز بعض الغابات الغير مستكشفة فإن هناك شعورا بإن هناك ما هو مخفي عنا , ما هو غير مقنع لنا , ما يدفعنا إلى محاولة إيضاح أي شيء يكتنفه الغموض في تلك الأماكن النائية في العالم ..
ومع ذلك , حتى في هذا الوقت الذي توغلت فيه البشرية في كل مكان في عالمنا , لا تزال هناك بعض الأماكن في العالم والتي بقيت في الغالب دون أن يمسها الإنسان .. دون أن يهزم غموضها على مر السنين .. ويكمن أحد تلك الأماكن في البُعد البارد لجبال الهيمالايا ..
في ذلك المكان حيث الرياح القاسية والمريرة التي لا ترحم .. تلوح في الأفق قمم جبلية غير مستكشفة تقريباً .. غارقة في بحار الأساطير والسحر تُعرف باسم Gangkhar Puensum - وهي منطقة جبلية تقع في بوتان بالقرب من الحدود مع الصين .
وقد يبدو من الغريب حقاً أنه على الرغم من أن البشرية قد وصلت إلى أكثر 20 قمة إرتفاعاً في العالم بحلول عام 1975 إلا إن جبل Gangkhar Puensum لم يمسه أحد أو يصل إلى قمته حتى الآن، وهو على ارتفاع 7570 مترًا (24.836 قدمًا) .
كان جانجخار بونسوم ومازال عبارة عن لغز دائم , قدّم العديد من التحديات لهؤلاء الذين قادهم حماسهم وحبهم للمغامرة لكي يتسلقوه .
عندما تم قياس ارتفاع الجبل لأول مرة في عام 1922 , كانت خرائط المنطقة غير دقيقة بشكل صادم , ولسنوات ظهرت خرائط مختلفة للجبل أدت إلى وضع ارتفاعات متباينة له بل وضعته في أماكن مختلفة تماما لمرات عديدة , كان من الصعب على الناس تحديد موقع Gankhar Puensum ناهيك عن تسلقه ، ولم تتمكن بعض الرحلات الأولى إلى الجبل من العثور عليه على الإطلاق, بالإضافة إلى ذلك ، كانت هناك نزاعات حتى يومنا هذا حول البلد الذي يقع فيه الجبل ، حيث تطالب بوتان بكامله , بينما تدعي الصين أن حدودها تخترق نصفه الشمالي .
حتى عام 1983 ، لم يكن مسموحًا بالتسلق في بوتان لأن البلاد سعت إلى الحفاظ على الحالة البدائية والأهمية الروحية لقممها المقدسة, كما أن الأساطير المحلية أعطت أيضاً سببًا إضافيًا لإغلاق الجبال ، حيث قيل إنها موطناً للعديد من أرواح الأجداد التي ظهرت في الأساطير والثقافة المحلية .
ولكن عندما فتحت بوتان أبوابها أخيرًا لتسلق الجبال كمسعى تجاري لغرض السياحة ، قام العديد من متسلقي الجبال بوضع الأنظار على الفور على جانجشار بوينسوم - أعلى جبل في البلاد - فبالتالي كان هذا الجبل صاحب المكانة الأكبر في انتظار أولئك الذين يعشقون المغامرة .
وفي السنوات التالية تم تنظيم حوالي 4 بعثات في محاولة للوصول إلى قمة جانجخار بونسوم وهو هدف ظل حتى النهاية بعيد المنال , فلم تنجح أياً من البعثات في إنجاز هذا الأمر , إما بسبب عدم كفاية التجهيز للرحلات , أو مواجهة تضاريس غير سالكة بشكل مفاجيء , أو حتى تغيرات الطقس الغريبة .. كما لو كان الجبل نفسه لا يريد لأحد تسلقه !
كان اعتقاد السكان المحليين دائماً في أن الأرواح القديمة التي تسكن الجبل هي التي أبعدت المتسلقين عن هدفهم ومنعتهم من تسلق الجبل المقدس , فعادت جميع تلك الرحلات بُخفيّ حنين تجر أذيال الفشل في كل مرة , وأصبج غزو قمة Gangkhar Puensum بعيد المنال مسعىً أسطوريًا تقريبًا بين المتسلقين في مجتمع تسلق الجبال., فلم يكن لديهم الفرصة أبداً .