العداء لمن عادى الدين , لا لمن خالف المسلمين !
[justify]مهما أكثر الباحثون وبحث المتخصصون , وصنفوا وشرحوا وتناقشوا حول أسباب الإنهيار الذى تعانى منه الحضارة اإسلامية منذ مائتى عام تقريبا ,
فلن يخرج هذا البحث عن أصل واحد وحيد يعتبر هو محور الشر كله , رغم أنه الآن للأسف الشديد آخر ما يهتم به أولو الأمر أو من يتصدون لقيادة الأمة فكريا .. بل إن بعض المتصدرين هم أنفسهم أحد أهم عناصر هذا المحور !
هذا المحور ببساطة هو الخلاف ـــ لا الإختلاف ـــ والتناحر والفرقة , ولو كان هذا السبب أو المحور الهام يعتبر شيئا خفيا مثلا أو صعبا على الإدراك لالتمسنا العذر , لكن الكارثة أنه سبب واضح سواء فى كتاب الله وسنة رسوله عليه السلام أو حتى فى دروس التاريخ الذاخرة بالأمثلة الصاعقة حول منبع الشر الكامن فى نشر العداوة والبغضاء تحت زعم محاربة أعداء الدين أو نصرة الحق ..
نصرة الحق لا تقتضي المفارقة والمخاصمة هكذا بالمطلق ,
وإلا كانت مصيبة , فالإختلاف سنة كونية المفترض لا علاقة لها بالروابط الإنسانية والأخوية بين الناس , والكره والعداء يكون لقسم واحد فقط محدد لا يجوز القياس عليه أو توسعة مداه ألا وهو من أعلن نفسه وعن نفسه صراحة أنه عدو لكل الثوابت والشرائع , وصار داعية هدم لا يتستر خلف أى ستار بحيث يكون حقده ظاهر واضح فى معاداة أصول الدين ..
ودعونا نضع ألف خط تحت كلمة ( أصول الدين ) , لأن العداوة والمحاربة والمخاصمة لا تكون لمن خالف المسلمين ووقع فى حتى فى البدع العقائدية فضلا على أمور الخلاف الفقهى , لأن هؤلاء فى مجملهم إما مجموعة من العوام المقلدون واقعون تحت تأثير سيطرة معنوية لقادة هذا البدع ويظنون فيهم الخير , وإما أنهم من أهل العلم والفضل ولكن شط بهم السبيل وغررت بهم بعض المذاهب فلم يعادوا القرآن أو السنة الصحيحة ولكن اتبعوا من زاد عليها فوقعوا فى فخ التأويل ..
إنما العداء يكون لمن استوثقنا من نيته السيئة , وأنه يعلم يقينا داخل نفسه أنه ضال مضل ويتمادى فى تصويب حراب فكره تجاه السنة المطهرة بكافة ثوابتها ,
وقد يثور سؤال كيف لنا أن نعلم أن هذا الشخص مبتدع متأول فنأخذه بالرفق , ونحافظ على العلاقة الإنسانية معه , أو أنه مبتدع خبيث النفس يرمى للهدم طمعا فى الشهرة أو المال أو حتى من باب العداء للدين وفقط ..
والجواب من أسهل ما يكون ...
فالنية المليئة بالحقد لا تبقي مكنونة فى صدر صاحبها أبدا مهما حاول كتمانها , ولابد لها من ظهور قاطع ينبئ عن نفسه , كما أن المتأول لن تجده أبدا يستهين بالنصوص أو يحقرها أو يسفه من الصحابة أو رموز التاريخ الإسلامى فأمثال هذه الأفعال تكون لصيقة فقط بمن يعادى الدين بعموم بكل تياراته ,
ولبيان الأمر بمثال ..
لو أننا وضعنا فى الميزان رجلا مثل عباس محمود العقاد رحمه الله , أستاذ الأجيال , وأحد الرموز التى نافحت ودافعت عن الإسلام وحضارته فى الدين والتاريخ والأدب , ووضعنا إلى جواره مثالا معاصرا مثل يوسف زيدان , مع الاعتذار للعقاد طبعا !
من قرأ عبقريات العقاد ومؤلفاته الفلسفية سيجد له كلاما متجاوزا بحق بعض الصحابة وأيضا له كتابات فلسفية مجّد فيها بعض رموز البدعة فى تاريخنا , وكان فى كل هذا متأولا يظن أنه على الحق , لا سيما وأنه استند فى تلك المطاعن إلى مصادر تاريخية مشوهة لم تخضعها لعلم التحقيق الحديثي ولا يعاب العقاد فى هذا نظرا لاتساع وعمق غور علم الحديث والرواية فكان طبيعيا أن يقع فى هذا الأمر فينقل الروايات المطعون فيها ظنا منه أنها صحيحة ..
يثبت حسن النية هنا أن الرجل كرس معظم عمره ومؤلفاته مدافعا عن حضارة الإسلام فى مواجهة الغرب وله مؤلفات بارزة فى هذا المجال ..
أما يوسف زيدان , فاتضحت حربه على التاريخ الإسلامى من منطلق أعمى وحاقد كشف به نفسه , لأنه لم يكتف فقط بالإفتراء منعدم المصدر بل تعدى هذا إلى تمجيد رموز البدع , والحط من قدر أبطال التاريخ باللجوء إلى الكذب المتعمد فى النقل من المصادر التاريخية مستغلا جهل الناس !
وسبق أن وضحت بمقال سابق كيف أن سوء نيته وكذه المتعمد ثابت لأنه نقل من مصادر معروفة ومحددة بطريقة ( لا تقربوا الصلاة ) رغم أن نفس المصادر بل وفى نفس الصفحات تحتوى على ما ينفي إستدلالته وينسفها نسفا
ومؤخرا فى هجومه على صلاح الدين الأيوبي , ولأجل أن يستر فضيحة تعليقه عنه ووصفه بالحقارة , لم يجد أمامه حل إلا أن يذهب لمزابل المصادر لعله يجد شيئا يشوه به الرجل , لأن سيرة صلاح الدين فى المصادر المعتمدة لا تشوبها شائبة , فماذا فعل ؟!
استغل أيضا جهل الناس وعدم تمييزهم وكتب مقالا مطولا جدا اتهم فيه صلاح الدين بتهم خرافية لا أصل لها وذكر لأقواله مصدرا واحدا فقط , وهو المقريزى , والمقريزى ايها السادة هو أحد مؤرخى الشيعة العبيديين المشهورين فى مصر أى أنه ليس مصريا بل شيعى عبيدى ينتمى للدولة التى هدمها صلاح الدين وخلص مصر منها , ولم يجرؤ أن يأتى بمصدر واحد معتمد من مصادر أهل السنة , بل إنه أهمل أهم المراجع التى أرخت لفترة صلاح الدين خصيصا مثل كتاب القاضي الفاضل سيرة صلاح الدين , وكتاب الفتح القسي فى الفتح القدسي لإبن العماد الأصبهانى فضلا على مؤرخى مصر الكبار كابن تغربردى والسيوطى وغيرهم , والكارثة الأطم أن بعض تلك المصادر كتبها مؤرخون من أئمة المسلمين المعاصرين لصلاح الدين أى أنهم شهود عيان , فترك كل هذا وذهب لكتاب المقريزى المعروف ( اتعاظ الحنفا فى أخبار الفاطميين الخلفا ) , ولست بحاجة لأن أوضح لكم كيف يروى الشيعة التاريخ
القصد ..
أن العداء هنا يكون لأمثال يوسف زيدان , أما من كان مثل العقاد فهمها عظمت أخطاؤه , فهى مغمورة فى بحور حسناته وحسن بلائه , فى منهج دفاعه عن الإسلام تاريخا وعقيدة[/justify]