. الموقع الجغرافي
يقع بركان كراكاتوا في مضيق سوندا بين جزيرتي جاوة وسومطرة في إندونيسيا، ضمن مقاطعة لامبونج. يتكون من مجموعة جزر بركانية، أبرزها لانج، فيرلاتن، دانان، وبيبو آتان، وهي بقايا انفجارات سابقة شكلت كالديرا ضخمة.

. التكوين الجيولوجي
كراكاتوا هو بركان طبقي، يتكون من طبقات من الحمم البركانية والرماد والصخور البركانية. يقع عند تقاطع الصفائح التكتونية الأوراسية والهندية الأسترالية، في منطقة تُعرف بـ"حزام النار"، وهي من أكثر المناطق نشاطًا زلزاليًا وبركانيًا في العالم. يتميز هذا النوع من البراكين بوجود حمم لزجة غنية بالأنديسايت والداسيت، مما يؤدي إلى انفجارات عنيفة نتيجة تراكم الضغط الغازي.

3. التاريخ البركاني

أ. قبل الانفجار الكبير
تشير السجلات إلى ثورات بركانية سابقة في أعوام:
- 416 م: ذُكر في مخطوطة "باراراتون" الجاوية.
- 535 م: يُعتقد أنه تسبب في تغيرات مناخية عالمية.
- 1681 م: رُصدت نشاطات بركانية من قبل ملاحين هولنديين.
- 1880 م: ثوران بسيط أدى إلى الاعتقاد بأن البركان قد خمد.

ب. الانفجار الكارثي عام 1883
في 26-27 أغسطس 1883، وقع أحد أعنف الانفجارات البركانية في التاريخ الحديث:
- دمر ثلثي جزيرة كراكاتوا.
- تسبب في موجات تسونامي بارتفاع 30 مترًا، قتلت أكثر من 36,000 شخص.
- سُمع صوت الانفجار على بعد 4800 كم، وسُجلت موجاته الصدمية على أجهزة البارومتر حول العالم.
- انتشر الرماد البركاني في الغلاف الجوي، مما أدى إلى انخفاض درجات الحرارة عالميًا وحدوث غروب شمس أحمر اللون لعدة أشهر.

4. شهادات شهود العيان
- سكان جاكرتا (باتافيا آنذاك) على بعد 160 كم من البركان، أفادوا بسماع انفجارات مدوية وسقوط رماد كثيف على المدينة.
- طواقم السفن القريبة أبلغت عن سقوط قطع من الخفاف الساخن يصل قطرها إلى 10 سم على أسطح السفن، مما أجبرهم على إرساء السفن بالسلاسل بسبب اضطراب المد والجزر.
- الكابتن الهولندي فيرزينار، الذي نزل إلى الجزيرة قبل الانفجار، وصف طبقة رماد بسمك نصف متر تغطي الأرض، وتدمير كامل للنباتات، ولم يتبقَ سوى جذوع الأشجار المحترقة.
- شهود في جزيرة رودريغز قرب موريشيوس، على بعد 4800 كم، سمعوا صوت الانفجار، مما جعله أقوى صوت مسجل في تاريخ البشرية.
- سكان المناطق المحيطة بالجزيرة أفادوا بأنهم أصيبوا بالصمم الفوري من شدة الانفجار، حتى على بعد 65 كم من مركز البركان.

5. ولادة "طفل كراكاتوا" – Anak Krakatau
في عام 1927، ظهرت جزيرة جديدة من كالديرا الانفجار، وسُميت "أنك كراكاتوا". استمرت في النشاط البركاني، وكان لها انفجارات ملحوظة في:
- 2018: انهيار جزئي للفوهة أدى إلى تسونامي جديد أودى بحياة أكثر من 400 شخص.
- 2022–2025: ثورات متكررة، بعضها نفث رمادًا بارتفاع 3 كم، مما استدعى رفع مستوى التحذير.

6. التأثير البيئي والمناخي
أدى انفجار 1883 إلى:
- تغيرات مناخية عالمية، حيث انخفضت درجات الحرارة بمعدل 1.2 درجة مئوية.
- تأثيرات على الزراعة بسبب قلة ضوء الشمس.
- غروب شمس أحمر في أوروبا وأمريكا الشمالية، ألهم العديد من الفنانين والكتاب.

7. التأثير الثقافي والعلمي
ألهم كراكاتوا العديد من الأعمال الأدبية والسينمائية، مثل:
- فيلم "Krakatoa: East of Java" عام 1969.
- كتاب "Krakatoa: The Day the World Exploded" للمؤلف Simon Winchester.

يُدرس في الجيولوجيا والمناخ كنموذج لتأثير البراكين على البيئة العالمية، ويُستخدم كموقع مراقبة مستمر من قبل السلطات الإندونيسية لتفادي الكوارث المستقبلية.

8. السلامة والمراقبة الحديثة
تُراقب "أنك كراكاتوا" باستخدام:
- أجهزة قياس الزلازل.
- طائرات بدون طيار.
- صور الأقمار الصناعية.

يُصنف البركان ضمن المستوى الثالث من الخطر، ويُمنع الاقتراب منه في فترات النشاط.