![]() |
|
بسم اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
( العلم خير من المال )
الإمام علي ٌ ( عليهِ السلام ) يقوم بعمل مقارنة بين العلم والمال ..
بعض الأمور في حياتنا بديهية ، ولكن في مقام العمل ينسى الإنسان هذه البديهيات ، فيأتي ( عليهِ السلام ) ليلفت النظر، وينبه على هذه الأمور البديهية ..
الإمام ( عليهِ السلام ) في مقدمة الكلام يقول :
( العلم خيرٌ من المال : العلم يحرسك ، وأنت تحرس المال .. المال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق .. وصنيع المال يزول بزواله ) .
( العلم خيرٌ من المال ) ..
هذه دعوى ، ونعتقد بها جميعاً .. ولكن الإمام ( عليهِ السلام ) يبرهن على ذلك ، من خلال عمل مقارنة بسيطة بين العلم والمال من ثلاث زوايا :
أولاً :
( العلم يحرسك ، وأنت تحرس المال ) ..
المال مادة صامتة ، فهو : إما نقد ، أو سكن ، أو بضاعة ..
النقد يحتاج إلى مصرف ، والعمارة تحتاج إلى صيانة ، والبضاعة تحتاج إلى مخازن ..
إذن كل مال يحتاج إلى حفظ، وحماية .. وطبيعة الإنسان الذي يحفظ شيئاً ، أنه يعيش حالة القلق دائماً : فالتاجر يخاف من احتراق بضاعته ، والإنسان يخاف من ضياع ماله ، وأصحاب الأسهم يعيشون حالة الترقب دائماً .
فإذن ، إن طبيعة المال تلازم تقريباً حالة القلق والفزع والخوف ، ومن هنا قيل :
( ما قلّ وكفى ؛ خير مما كثر وألهى ) !..
لذا ، فإن العمل الوظيفي - من بعض الجهات - خير للمؤمن الذي يحب أن يتفرغ لآخرته من العمل التجاري .. لأن التجارة قد تذهب برأس مال الإنسان الأخروي ، أما العمل الوظيفي فإن الإنسان يذهب إلى وظيفته صباحاً ، ويعود ظهراً ، وفي نهاية الشهر يستلم راتبه ، وعندما يعود إلى منزله ينسى الدائرة وما فيها ، بخلاف التاجر وهو في المنزل وفكره في : الباخرة التي شحنت البضاعة ، وفي المتجر ، وفي البورصات العالمية ؛ لذا فهو يعيش حالة القلق دائماً .
إذا كان الإنسان على مستوى الأبطال ، يعمل بقوله تعالى :
{ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ }
ونوادر البشر فقط هم من مصاديق هذه الآية ..
والقرآن الكريم عندما يذكر منزلة من المنازل ؛ معنى ذلك أنها ممكنة الوصول ، وليست قضية عرفانية معقدة صعبة جداً ..
القرآن يصف المؤمن بأنه إذا ربح ألف دينار لا يفرح ؛ لأنه يخاف أن تكون هذه الألف هي استدراج ؛ ولا يعلم هل سيصرفها كما أراد الله عز وجل ؟.. أما الذي لا يُعطى ؛ فلا حساب عليه ..
عن رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم ) :
( لا تزولا قدما عبد يوم القيامة ، حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل به ) .
ثانياً :
( المال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق ) ..
ولهذا بعض الخطباء عندما يبدأ الخطابة ، يكون علمه محدوداً ، ولكن مع كثرة الحديث والممارسة ؛ علمه يزداد بخلاف الذي ينفق من المال ؛ فإنه ينقص .
ثالثاً :
( وصنيع المال يزول بزواله ) ..
البعض عندما تكون حالتهم الاقتصادية جيدة ؛ تكون دواوينهم عامرة بالمحبين ، وكل الناس تحترمهم ولكن إذا أصيبوا بإفلاس ؛ فإن كل هذه المزايا تسلب منهم ، يقول الإمام علي ( عليهِ السلام ) :
( إذا أقبلت الدنيا على امرئ ؛ أعارته محاسن غيره .. وإذا أدبرت عنه ؛ سلبته محاسن نفسه ) ..
الإمام (عليهِ السلام ) يشير إلى هذه الحقيقة : وهي أن الأصدقاء الذين يحيطون بالإنسان وهو مقتدر ، هؤلاء يذهبون بزوال المال .. بخلاف العالم : إن صار غنياً ، أو مفلساً ، وفي كل تقلباته ؛ علمه يبقى معه .. وقمة الفوز أن هذا العلم يدخل في قبره ، بينما المال لا يدخل إلى قبره .. فعلمه الذي كان في صدره ، من موجبات القرب إلى الله
- عز وجل - في الدنيا والبرزخ والآخرة .
إن المراد بالعلم هناليس العلم الحوزوي فقط .. والذي يتعلم هذا العلم في ساعته ؛ يكتب من المتقربين إلى الله عز وجل .. وهذا الذي يتعلمه الإنسان في المجالس ، عليه أن ينقله إلى عائلته ؛ فهذه زكاة العلم .. وهذا النقل ، يرسخ المضامين في النفوس .
***************************
7
11
2010
بسم اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
( العلم خير من المال )
الإمام علي ٌ ( عليهِ السلام ) يقوم بعمل مقارنة بين العلم والمال ..
بعض الأمور في حياتنا بديهية ، ولكن في مقام العمل ينسى الإنسان هذه البديهيات ، فيأتي ( عليهِ السلام ) ليلفت النظر، وينبه على هذه الأمور البديهية ..
الإمام ( عليهِ السلام ) في مقدمة الكلام يقول :
( العلم خيرٌ من المال : العلم يحرسك ، وأنت تحرس المال .. المال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق .. وصنيع المال يزول بزواله ) .
( العلم خيرٌ من المال ) ..
هذه دعوى ، ونعتقد بها جميعاً .. ولكن الإمام ( عليهِ السلام ) يبرهن على ذلك ، من خلال عمل مقارنة بسيطة بين العلم والمال من ثلاث زوايا :
أولاً :
( العلم يحرسك ، وأنت تحرس المال ) ..
المال مادة صامتة ، فهو : إما نقد ، أو سكن ، أو بضاعة ..
النقد يحتاج إلى مصرف ، والعمارة تحتاج إلى صيانة ، والبضاعة تحتاج إلى مخازن ..
إذن كل مال يحتاج إلى حفظ، وحماية .. وطبيعة الإنسان الذي يحفظ شيئاً ، أنه يعيش حالة القلق دائماً : فالتاجر يخاف من احتراق بضاعته ، والإنسان يخاف من ضياع ماله ، وأصحاب الأسهم يعيشون حالة الترقب دائماً .
فإذن ، إن طبيعة المال تلازم تقريباً حالة القلق والفزع والخوف ، ومن هنا قيل :
( ما قلّ وكفى ؛ خير مما كثر وألهى ) !..
لذا ، فإن العمل الوظيفي - من بعض الجهات - خير للمؤمن الذي يحب أن يتفرغ لآخرته من العمل التجاري .. لأن التجارة قد تذهب برأس مال الإنسان الأخروي ، أما العمل الوظيفي فإن الإنسان يذهب إلى وظيفته صباحاً ، ويعود ظهراً ، وفي نهاية الشهر يستلم راتبه ، وعندما يعود إلى منزله ينسى الدائرة وما فيها ، بخلاف التاجر وهو في المنزل وفكره في : الباخرة التي شحنت البضاعة ، وفي المتجر ، وفي البورصات العالمية ؛ لذا فهو يعيش حالة القلق دائماً .
إذا كان الإنسان على مستوى الأبطال ، يعمل بقوله تعالى :
{ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ }
ونوادر البشر فقط هم من مصاديق هذه الآية ..
والقرآن الكريم عندما يذكر منزلة من المنازل ؛ معنى ذلك أنها ممكنة الوصول ، وليست قضية عرفانية معقدة صعبة جداً ..
القرآن يصف المؤمن بأنه إذا ربح ألف دينار لا يفرح ؛ لأنه يخاف أن تكون هذه الألف هي استدراج ؛ ولا يعلم هل سيصرفها كما أراد الله عز وجل ؟.. أما الذي لا يُعطى ؛ فلا حساب عليه ..
عن رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم ) :
( لا تزولا قدما عبد يوم القيامة ، حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل به ) .
ثانياً :
( المال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق ) ..
ولهذا بعض الخطباء عندما يبدأ الخطابة ، يكون علمه محدوداً ، ولكن مع كثرة الحديث والممارسة ؛ علمه يزداد بخلاف الذي ينفق من المال ؛ فإنه ينقص .
ثالثاً :
( وصنيع المال يزول بزواله ) ..
البعض عندما تكون حالتهم الاقتصادية جيدة ؛ تكون دواوينهم عامرة بالمحبين ، وكل الناس تحترمهم ولكن إذا أصيبوا بإفلاس ؛ فإن كل هذه المزايا تسلب منهم ، يقول الإمام علي ( عليهِ السلام ) :
( إذا أقبلت الدنيا على امرئ ؛ أعارته محاسن غيره .. وإذا أدبرت عنه ؛ سلبته محاسن نفسه ) ..
الإمام (عليهِ السلام ) يشير إلى هذه الحقيقة : وهي أن الأصدقاء الذين يحيطون بالإنسان وهو مقتدر ، هؤلاء يذهبون بزوال المال .. بخلاف العالم : إن صار غنياً ، أو مفلساً ، وفي كل تقلباته ؛ علمه يبقى معه .. وقمة الفوز أن هذا العلم يدخل في قبره ، بينما المال لا يدخل إلى قبره .. فعلمه الذي كان في صدره ، من موجبات القرب إلى الله
- عز وجل - في الدنيا والبرزخ والآخرة .
إن المراد بالعلم هناليس العلم الحوزوي فقط .. والذي يتعلم هذا العلم في ساعته ؛ يكتب من المتقربين إلى الله عز وجل .. وهذا الذي يتعلمه الإنسان في المجالس ، عليه أن ينقله إلى عائلته ؛ فهذه زكاة العلم .. وهذا النقل ، يرسخ المضامين في النفوس .
***************************
7
11
2010
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4) | |
أدوات الموضوع | |
|
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الفرق بين كلّ من "البِشْر" و"الهشاشة" و"البشاشة" : | ماجد جابر | منبر الدراسات النحوية والصرفية واللغوية | 4 | 04-11-2022 08:23 PM |
الفرق بين " الوَقـْر " بالفتح . و" الوِقْـر " بالكسر " | دكتور محمد نور ربيع العلي | منبر الحوارات الثقافية العامة | 19 | 05-15-2021 07:12 PM |
(أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ۚ) | عبدالعزيز صلاح الظاهري | منبر الحوارات الثقافية العامة | 0 | 05-26-2017 11:42 PM |
التحليل الأدبي لقصيدة"ملاكي" للأديبة "فيروز محاميد" بقلم: ماجد جابر | ماجد جابر | منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . | 2 | 09-04-2012 11:11 PM |