أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.
كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
لا يعرف متى اكتشف في نفسه هذه الخاصية التي أسعدته في البدء ولكنها الآن جعلت حياته جحيماً، فقد بغضه الناس بسببها. جلس يفكر فيها، عصر جبهته بيده المعروقة، لم تخذله وأسعفَته ببعض المشاهد التي بدأ يجترها في وسط تلافيف دماغه. وقف خيال "أم الحسن" وهي تلقي عليه تحية الصباح، هم بالرد، وجد نفسه يقول: (تبقى لك يومان فقط)، لا يدري لم قال ما قال، بعد ذهابها اراد أن يحكي ما حدث لبعض الاصدقاء ولكن اشياء لا يذكرها الآن منعته ولم يتذكر الا بعد يومين عندما اتاه من يخبره بوفاة أم الحسن و حينها ـرغم حزنه عليهاـ عشب الفرح بداخله كان ندياً، وأيقن أنه امتلك سراً يجعله سعيداً؛ لكن هيهات!. ها هو الآن يجلس في خيمة العزاء و الناس حوله يثرثرون ويرشفون الشاي وبعض الضحكات التي بدأها أحدهم بحياء تناسلت، أما هو فقد تلبسته تلك الحال، ينقل نظراته بينهم ويعرف ما تبقى من أيام لكل واحد منهم، تلك المرأة تبقى لها ثلاث، وذلك الشاب الذي ابتدر القهقهات اسبوع، وذلك الشيخ بعد شهر سيرحل من هذه الدنيا، هكذا سرح ويده تصافح وعقله يحصي، إنشغل بصبي يحمل إبريقاً ليصب له الماء، رفع بصره نحوه، ليته لم يفعل، فقد التصقت عيناه بوجه الطفل وعلم انه سيموت الآن فاشتبك الضحك والبكاء بداخله لما رأي البسمة على وجه الطفل، وطفرت دمعة منه لما صاح الطفل بزميله أن ينتظره دقائق ليتغديا معاً ولم يستطيع صبراً أو تحملاً فوقف يصيح في القوم أن هذا الطفل سيموت الآن. أمرت آذان الحضور عيونهم بالإلتفات والتعلق به، وظن بعضهم أن مساً قد أصابه ولم ينـزع الأعين من جسده إلا صرخة الطفل الذي سقط تلك اللحظة جثة هامدة. طارت أفئدة واتسعت حدقات وزاد اللغط وارتفعت همهمات تطاولت من بينها حوقلات وتعوذات، هنا أحس للمرة الاولى بالحياء وخطورة سره والمشاكل التي سيجلبها له، لما رأى الرجال ينفرون منه, والأصدقاء يتحاشونه. توقفت الذاكرة واغمض عينيه وتشكلت تعاسته أمامه؛ لا يلقاه رجل أو امرأة ألا وأشاح بوجهه عنه، والأطفال يرونه فيركضون خائفين حتى ضاقت الدنيا عليه. دخل غرفته، قبل أن يخلع ملابسه تعلقت عينه بالمرأة المهجورة، حدثته نفسه أن ينفض عنها الغبار، شاهد نفسه على سطحها ورأى فمه ينفتح ويقول: إستعد إنتهت أيامك، هنا أحس بسعادة غامرة واستلقى على السرير متخيلاً أن الناس بعده سيسعدون.
محمر خير عبد الله
21 يونيو 2005م