خواطر من نور - منتديات منابر ثقافية



رد: خواطر من نور

بسم الله الرحمن الرحيم

"وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ ۖ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46) قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ ۖ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ۖ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىٰ أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49) وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (50)"

سورة مريم

"عُزلة المؤمن العائد وواقعُ المعاملات اليومية"

إنَّ من عرف طريق الحق، واستوعب كتاب الله وفهم آياته ومقاصدها، أصابته عزلة شعورية لا إرادية تتمثل في الإقبال الحماسيّ على الصّلاح ولذّة الشّعور بالتفوّق الفكريّ لما أراد الله في القرآن الكريم، وتتمثل العزلة أيضاً في الخوف من العودة إلى الجاهلية، والقصد بالجاهلية هنا هو الجهل الفكريّ والتطبيقيّ للقرآن الكريم، ولا تعني الجاهلية هنا الكفر ولا الردّة لاننا نتعامل مع مجتمع مسلم لا مع كفار ومشركي قريش.

من هنا يجب أن يدرك العائد الى النّور الإلهيّ، أنه أمام تحديات عدّة منها الثبات في وجه الفتن التي يزينها الشيطان، والثبات في وجه العادات والموروثات الجاهلية، والتصدي الفكري المستنير -بالتي هي احسن -لرفض المجتمع المحيط فكرة العودة والخروج من موروثه القديم إلى قديمه الجديد وهو تعاليم الاسلام وهديه.

القصد أنه لا يصح للعائد أن يتّهم من دونه فكراً وفهماً وايماناً بالكفر والرّدة وإنّما يكتفي بالدعوة والدعاء والعزلة والاستعداد التّام والتّغيير الجذري المبني على علم القرآن وما صح من سنة النبي صل الله عليه وسلّم.

وعليه أن يدرك أنّ الحياة اليومية بحسناتها وسيئاتها ومعاملاتها لن تتوقف بعودته من الجاهلية ولن تعطيه الحق في تجاهلها بالجملة. إنّما لا بدّ للعابد العائد أن يتعامل مع كل ما حوله في ضوء فهمه السّليم الصحيح الوسطيّ للقرآن والسنة النبويّة الصحيحه. فما استطاع تغييره باللين والدعوة كان به، وما صعب عليه تغييره فلا يملك إلا الحذر منه دون محاولة تعديله فيكسره.

ومن هنا تبدأ رحلة الاصلاح وتبدأ رحلة البعث في امّة الاسلام، واقول بعث وليس تكوين، لأنّ مجتمعنا هذا مجتمع مسلم لكنّه غارق في جاهليّة معاصرةٍ بسبب بعده عن القرآن وقِصَرَ فهمه العمليّ الصحيح لمقاصد الشريعة الاسلامية.

من حقّك أن تعتقد وتفكّر وتدعو من تشاء ومن حق الجميع أن يعبّروا عن آرائهم ومقاصدهم من غير ضرر ولا ضرار. فإن نكثوا العهد وجب الدّفاع بالقول والعمل.

والحمد لله رب العالمين

#خواطر_من_نور

02-01-2023, 10:22 AM

المشاركة 3

موسى المحمود

كاتب فلسطيني مميز



رد: خواطر من نور

بسم الله الرحمن الرحيم

"كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)"

سورة آل عمران

لا يمكن للإسلام أن يعتبر مجرّد عقيدة سماوية فحسب، وإنّما لا بدّ له أن يتمثّل في مجتمعٍ يؤمن به ويطبّق منهجه وتعاليمه كي يتم التمكين له في الأرض.

العالم لا يعترف بمنهج الفرد الواحد مهما كان معتقده ومهما حاول لا بد أن يسقط ما دام وحده بلا مجتمعٍ يشدّ من عضده ويؤازره ويذكّره ويصوّب سلوكياته.

تماماً كأن ننظر إلى قانون ما، مثال : قانون يمنع رمي القمامة في الطريق. هذا القانون يبدو جيداً، صالحاً، محبباً للغالبية بحكم فطرتهم السليمة السويّة ولكن النفس أمّارة بالسوء وضعيفة أمام أهوائها وشيطانها. فبدون تطبيق حقيقي لهذا القانون ستصبح شوارعنا على الحال الذي نراه اليوم، فما هو الحل... ؟ القانون موجود ولكن! هنا يأتي دور المجتمع أو المشرّع في تطبيق القانون وضمان سيادته على الجميع بعدالة ونزاهة.

اليوم تجد الاسلام في القرآن والسنة الصحيحة، ولكن لا تلمسه في حياتنا اليومية ولا في تعاملاتنا ï»·ننا لم نطبّق القانون القرآني ولو طبّقته فئة منّا فهذا لن يصلح سائر المجتمع، بل قد يهدد الصالح بالخراب .. ويقوّي شوكة الفاسد ..

تطبيق الإسلام بكامل تعاليمه وقوانينه وشرائعه هو الضّمان الوحيد لنعيش الإسلام الحقيقيّ في مجتمعٍ متمكّنٍ يحرس القانون ويقدّسه.

والحمد لله رب العالمين.

#خواطر_من_نور

02-01-2023, 10:58 AM

المشاركة 4

موسى المحمود

كاتب فلسطيني مميز



رد: خواطر من نور

بسم الله الرحمن الرحيم

"وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ ۚ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا ۚ وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235)"

سورة البقرة

لقد خلق الله البشر وجعل فيهم أفئدةً وهو بها عليم، ويعلم الله أنّ هذه الأفئدة تحبّ وتعشق وتشتاق وتحنّ، ويعلم الله تعالى مدى عظمة مشاعر الحبّ ولولا ذلك لما خصّه بآيةٍ كريمةٍ في كتابه الحكيم.

ولكنّ الله جلّ في علاه يدعونا إلى تزكية نفوسنا من درن المعاصي وشرور الشّيطان، فالحبّ مباحٌ ما لم يخرج عن حدود الشريعة والفطرة السليمة، والحبّ مباحٌ ما لم نؤذِ به أنفسنا ومن نحبّ، والحبّ مباحٌ ما لم نصرّح به قبل الزّواج فيكون معصيةً نُحاسَبُ عليها.

ولمّا كان سبب وجود الخلق هو عمارة الأرض وعبادة ربّ الأرض والسماء، فلا يتمّ أمر الحبّ إلا بالخطبةِ الصريحة الواضحة المبيّة وبالزّواج المُشهر الزكيّ النقيّ. فأمّا ما ابتدع بعض أبناء الأمّة وما استوردناه من بلاد الغرب فهو ليس إلا طريق يقود إلى الشّهوة ثمّ إلى المعصية ثمّ إلى انهيار المجتمع وتفكّك روابطه.

ولقد أمرنا الله تعالى أن نحترم هذا الحبّ بأن ننأى به عن كلّ ما قد يشوّه جماله، فإن كان لا بدّ من الحديث مع من نحبّ لأسباب تتعلّق بالمعاملات اليومية المفروضة علينا، فيكون الحديث مما كان معروفًا من القول ونكون بهذا قد عرفنا حدودنا والتزمنا تعاليم ديننا وحافظنا على من نحبّ.

عرفت فالزم ..

والحمد لله ربّ العالمين

#خواطر_من_نور

02-03-2023, 07:01 AM

المشاركة 5

موسى المحمود

كاتب فلسطيني مميز



رد: خواطر من نور

بسم الله الرحمن الرحيم

وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ فَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَٰوَيۡلَتَنَا مَالِ هَٰذَا ٱلۡكِتَٰبِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةً إِلَّآ أَحۡصَىٰهَاۚ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرٗاۗ وَلَا يَظۡلِمُ رَبُّكَ أَحَدٗا (49)

الكهف [49-49]

سبحان الله، بينما نحن نتجنّب الوقوع في الكبائر من المعاصي، تأتتي هذه الآية الكريمة لتذكرنا بأنّ كلّ الأعمال صغيرها وكبيرها مدوّنة وسوف تعرض علينا يوم الحساب.

صغيرةً أم كبيرةً كانت ذنوبنا فسوف نُحاسب عليها، قد تكون أعمالًا لم نلقِ لها بالًا مثل الغيبة مثلًا أو إلقاء القمامة في الطريق، أو شتم أحدهم أثناء قيادة السيارة، أو كذبة "بيضاء" أو نظرة عابرة إلى ما حرّم الله، أو كلمة في نصّ كتبناه أو خطابٍ ألقيناه!!!

يا الله كم شعرت بالخوف وأنا أتفكّر هذه الآية وبكيت عندما أدركت معناها ومقاصدها فندمت على كل عمل حسبته تافهًا ولكنه ومع ذلك مدوّنٌ في دفتر حسابي!!!

اللهمّ ردّنا إليك ردًا جميلًا

والحمد لله ربّ العالمين

#خواطر_من_نور

02-05-2023, 03:46 PM

المشاركة 6

موسى المحمود

كاتب فلسطيني مميز



رد: خواطر من نور

بسم الله الرحمن الرحيم

وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ۖ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ (132)

سورة طــه

كان لا بد لي أن أعي هذه الآية جيدًا ولكنّني كنت من الغافلين، فكنت أتلو القرآن وأمرّ بها ولا تكاد تصيب من قلبي إلا القليل مع كثيرٍ من الغموض، فكيف أأمر أهلي بالصّلاة ثمّ أصطبر عليها وما علاقة الاصطبار بالدّعوة إلا ما يكابده الدّعاة من الصدّ والاستغراب ! لماذا ربط الله تعالى دعوة الأهل إلى الصّلاة بالأمر ! وقد كان قادرًا سبحانه على القول مثلا: وادعُ أهلك للصلاة .. ولكنّه حدّد الفعل أمرًا .. فجاء التفصيل ما بعد الأمر .. وهذا من جمال وبلاغة القرآن العظيم.

وقد أمر الله تعالى بأن نأمر أهلنا بالصلاة، قم صلّي .. قومي فصلّي .. قوموا إلى صلاتكم يا أهلي، يا أهل البيت الغافلين .. قوموا إلى صلاتكم .. يا عبدة التلفاز والمسلسلات والأفلام .. يا عبدة الّلهو واللعب ومواقع التواصل الاجتماعي .. قوموا إلى صلاتكم، يا من تؤثرون دفء الفراش على أجر الصلاة .. قوموا .. قوموا قبل أن يأتي يوم لا تقومون فيه إلا إلى حسابكم .. اللهمّ سلّم سلّم ..

والاصطبار على الصّلاة يكون بمدافعة اللهو والشّهوات واللذات التي تقف حائلًا بينك وبين وصلاةٍ كتبها الله رحمة بالعباد، فالصلاة ليست مجرد نسك عبادة مفروضة ليعذبنا الله بها وإنّما هي جسرٌ ممتدّ بين العبد وربّه، فاسأل الله فيها ما شئت .. إنّها وسيلة التواصل مع الدّيوان الملكي الرّباني .. بلا حاجب ...!

لا يريد الله منك رزقًا، بل هو يرزقك، فلا تربط تأخرك عن الصلاة بالعمل والتجارة والأعمال وضيق الوقت، إنك تصنع الوقت صناعة لتهتم بأمور دنياك .. فهلّا صنعت للصلاة 20 دقيقة يوميًا ..؟! وإلا .. فأذن بحربٍ من الله ورسوله .. فلا بركة في رزق .. ولا عمر .. ولا صحة .. ولا أبناء ... ولا زوجة ولا زوج .. بل هي حياةٌ ضنكى !!!

عَرَفْتَ فالْزَمْ ..
والحمد لله ربّ العالمين

#خواطر_من_نور

02-11-2023, 05:38 PM

المشاركة 7

موسى المحمود

كاتب فلسطيني مميز



رد: خواطر من نور

بسم الله الرحمن الرحيم

"قَالَ ٱجۡعَلۡنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلۡأَرۡضِۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٞ (55)"

يوسف [55-55]

إن كان عندك علم فلا تتردد في أن تعرض خدماتك وتستغل مهاراتك لكي تصل إلى أهدافك، لا تنتظر أن يكتشف النّاس هذه المهارات التي منّ الله عليك بها.

إنّ من رحمة الله بعباده دفعهم ببعض، فالتّفوّق يحتاج إلى براهين، وخير برهان عليه هو العمل الذي يظهر نتائجه ويوضّح عظمته وأهميّته للبشرية. فادفع بنفسك في بحور المنافسة ولا تركن إلى نفسك تنتظر فرصةً قد تأتي وقد لا تأتي أبدًا.

والحمد لله ربّ العالمين