حامد لا يعرف أصول الكلام و هو طفل عانت معه أسرته الصغيرة في أمر تعليمه الكلام بليونة و همس ، كان كلما أراد الحديث أو طلباً من طلباته يصيح بصوت مرتفع بسبب أو بغير سبب ...
أخذه والده في يوم من الأيام إلى طبيب مختص في تطبيب الأنف و الأذن و الحنجرة حين راوده الشك في إمكانية ضعف سمع حامد ، فحص الطبيب حامداً بكل دقة و عناية ثم أثبت لوالده أن نتيجة الفحص تؤكد أن قوة السمع عند حامد سليمة مائة بالمائة كما أن أنفه يخلو تماماً من أية زوائد تعرقل صوته و أن حباله الصوتية و حنجرته تتمتع بكل سلامة ....
ما العمل إذن ؟ و حامد لازال يصرخ بأعلى صوته إلى أن يرج أركان البيت كلها بصوته المرتفع ؟
أمام حيرة الأم و الأب خطرت ببال جد حامد فكرة نفذها لتوها ...
إشترى جد حامد ببغاء فصيحاً ، و ظل و بات يلقنه بعض الجمل التي ستساعد حامداً فيما بعد للتخلص من عيبه الوحيد و ذلك دون علم أي أحد ، و الجمل كانت مثل :
ـ " حامد يصرخ و يرفع على أمه و أبيه صوته دون سبب "
ـ " الصياح و الصراخ بأعلى الصوت من دون سبب من قلة الأدب "
ـ " حامد أنت تصيب آذاننا بالصمم "
ـ " حامد أنت تزعجنا كلما صرخت "
و بعد أن حفظ الببغاء الدرس جيداً ، ذهب الجد إلى بيت ابنه ـ والد حامد ـ و أهدى الببغاء إلى صبيهم الصغير الحبيب و العزيز على جده حامد ، ثم أوصاه بحسن رعايته و العناية به جيداً ... و نصحه أن يقدم له في كل مرة الماء و القليل من الفاكهة و أوراق الخس و نبهه ألا يطعمه البقدونس لأنه مضر لكل الببغاوات ...
مرت على هدية الجد عشرة أيام ... و عاود الجد زيارة بيت ابنه و بعد استفساره عن أمر حامد سمع منه بالفعل ما يرضيه و يسره حيث قال والد حامد لأبيه :
ـ " أبي أتعلم أن حامداً لم يعد يصرخ كما قبل ؟ إنه أصبح عاقلاً و يتكلم بصوت منخفض عما سبق ... على ما أظن يا أبي أن سخرية أصدقاءه منه حينما يسمعون الببغاء الذي أهديته إياه يؤنبه و يعظه بتعابير لا ندري من أين أتى بها و لا كيف تجرأ عليها "
في هذا الوقت نطق الببغاء معقباً على كلام والد حامد :
ـ " حامد صديقي ، حامد ظريف ، حامد مهذب ، حامد لا يصيح ، أنا أحب حامد "