الجَرَسُ الخَفِيُّ
عبد اللطيف غسري
بِدَاخِلِي مِنْ كِنايَاتِ الأنَا جَـــــرَسُ
مَعْنَى السُّكونِ بِهِ نَاءٍ وَمُلْتَبِــــــسُ
يُدَقُّ حِينَ يَصُبُّ الغَيْمُ أحْرُفَــــــــهُ
زَخَّاتِ حَشْرَجَةٍ يَهْمِي بهَا الهَـــــوَسُ
أيْنَ الوَمِيضُ وَهَذا الصَّدْرُ بَوْتَقََـــةٌ
حَمْرَاءُ مِنْ كُلِّ إحْسَاسٍ بهَا قَبـــَسُ
أيْنَ السَّبيلُ... مَسِيرُ الذاتِ هَرْوَلَــةٌ
فِي مَهْمَهِ الليْلِ لَمْ يَفْطِنْ لَهَا العَسَسُ
إنَّ المَسَافاتِ فِي دَرْبِي مُجَنَّحَــــــةٌ
يَكْبو على إِثْرِهَا البِرْذوْنُ والفـَرَسُ
شَوْطًا قَطعْتُ وَشَوْطٌ كادَ يَقْطعُنِــي
وَمُمْسِكٌ بِتلابِيبِ المَدَى النَّفَـــــــسُ
فَهَلْ أضَعْتُ بِجَيْبِ الوَقْتِ بَوْصَلَتِي
إنِّي لَأطلُبُ آثَارِي وألْتَمِـــــــــــسُ
وَما بَرِحْتُ مَكانِي قَيْدَ أُنْمُلَـــــــــــةٍ
وَما شَهِدْتُ زَمَانِي وَهْوَ يَنْتَكِـــــسُ
أنا المَشُوقُ إلى ما فاتَ مِنْ زَمَــــنٍ
أطْلالُ قَلْعَتِهِ تَهْوِي فَتَنْــــــــــدَرِسُ
هَذِي نسَائِمُهُ حَمَّلْتُهَا كُتُبِـــــــــــــي
وكُلُّ حَرْفٍ بِها فِيهِنَّ مُنْطَمِـــــــسُ
لَكِنَّمَا الجَرَسُ المَخْبُوءُ فِي جِهَــــــةٍ
مِنْ مَوْطِنِ الرُّوحِ يُغْرينِي بهِ الأنَسُ
يَهُزُّنِي كُلَّما أغْفَيْتُ عَنْ هَدَفِــــــــي
وَالكَوْنُ فَوْقَ مَرَايَا النَّفسِ يَنْعَكِـــسُ
وَلَسْتُ آنَفُ إنْ أسْرَجْتُ قافِيَتِــــــي
إلى المُنَى، حَوْلَهَا مِنْ أدْمُعِي حَرَسُ
مِنْ أنْ أنامَ على أسْمالِ خاطِــــــرَةٍ
أوْ أنْ يَكونَ طعَامِي التَّمْرُ والعَدَسُ
إذا يَضُخُّ المَدى فَوقِي غَمَائِمَـــــــهُ
مَاءُ التَّفَكُّرِ مِنْ عَيْنَيَّ يَنْبَجِـــــــــسُ
أُجَالِسُ النَّهْرَ مَفْتونًا بِجِدَّتِــــــــــــهِ
لا يَسْتَحِلُّ خُدُودَ الضِّفَّةِ الدَّنَـــــــسُ
أُلْقِي بهِ زَوْرَقِي المَشْبُوبَ عَاطِفَـــةً
لعَلَّهُ عَنْ لِقائِي لَيْسَ يَرْتَكِــــــــــسُ
لعَلَّ أشْرِعةَ الآتِي تَجُوبُ بـــــــــهِ
أعْمَاقََ رُوحِي فَيَبْلوهَا وَيَنْغَمِـــــسُ
تَمُرُّ بِي كَلِماتُ النَّهْرِ صَامِتَــــــــةً
صَوْتُ التأمُّلِ مَحْفُوفٌ بِهِ الخَرَسُ
من ديواني الشعري الثاني