غاليتي عسلين :
لم أتوقع أن كتابة رسالةِ لكِ سيكونُ أمراً صعباً ;
فدمعي يُخفي كلَ حرفٍ أكتبهُ على الورقة
ورغبةٌ تجتاحني بشدة في تمزيق أوراقي الثبوتية التي تنكرُ بأني ابنةُ ثراك ِ .
حزينةٌ أنا ,, وحزني يمتدُ امتداد البحار ,
أبكيكِ يا " عسلين " الجنة لعل َ دمعي يفيضُ نهراً أركبهُ فأكونَ غديراً يروي ظمأكِ منذ ُ ثلاثة وستين عاماً .
أقسمتُ يوماً أن أعودَ لكِ ,, وأن أضحي بكلِ ما أملك لأجلكِ ,,
وها هي الأيامُ تمرُ وما زالت الغربة تحتضنني ,, طالَ الغـياب فلا تعتبي ! ِ
أخبريني : ما حالكِ ؟ كيفَ ثراكِ ؟
أما زالت الأشجارُ و الأعشابُ تنمو على أرضك ؟
هل تزوركِ الطيورُ مغردةً كلَ صباح,, أم هُجِّرك الزرعُ و الطيرُ مثلما هـُجِّرْنا منكِ ؟!!
أشتاقكِ يا حلوة , أشتاقُ لضمة دفءٍ حارة ,
و لصورٍ بالأبيض و الأسود لكِ أكون معكِ فيها ,, ولهويةٍ اسمكِ فيها .
كم حلمتُ بكِ !
بتلالكِ الخضراء , وشقائقُِ النعمان في كلِ أرجائك ,, برائحة الطوابين تتخللُ هواءكِ ,
وشجرُ اللوزِ يُزهِرُ ثلجاً يكونُ سراجَ ظلامك ,,
أخ !!
وكم حلمتُ بأني معـمارية أبني ما هُدِمَ من بنائك ,, وأعيدُ ما سُرِقَ من جمالك !
فكم أخبرتني جدتي عن جمالك ِ!
حدثتني عنكِ كثيراَ , قالت بأنكِ قيامها وقعدتها و أنكِ مقلتها
ولم تنسَ أن تقولَ لي بأنها قد نسيتْ إطفاءَ القناديل ِ ولم تُكْمِلِ الخُبْزَ على الطابونِ ,
وما زالَ جدي يتذكرُ آخرَ شتلةِ زيتونٍ زرعها على أرضك,
تُرى أهناكَ من يقطفُ ثمارها, أم أمستْ رماداً من نيرانِ الاحتلال ؟
إن طابَ لكِ السؤالُ عني يا حلوة فأنا بأفضلِ حال ,
رام الله منحتني سماءً وهوية وشهدتْ ميلادي, أرضعتني من حنانِها ,
و زرعتُ فيها شقاوتي , وبكائي , وضحكاتي, و ألصِقَ نعتُ اللاجئة على صدري.
أخافُ أن تكرهيني إن أحببتها وكلُ الحب ِ لكِ ,,
لم تشهدي ميلادي ولم ترتوي من ضحكاتي وبكائي
ولكن يا قريتي :
سأعودُ لكِ وإن صعدت ْ الروحُ إلى خالِقها ,,
ولكِ مني وعدٌ بأن تشهدي موتي وعزائي
فوصيتي للأهل ِ والأحفادِ أن لا يحضنُ جثماني إلا ثراكِ ,
و عذركِ إن طالَ غيابي !
مع فائض حبي
ابنة ثراكِ : مرام عيّاد آل عسلين
أيوجدُ ساعي بريدِ يحملُ إذن عبورِ للأراضي المحتلة يوصل ُ رسالتي إلى حبيبتي عسلين ..؟؟!!