الموضوع: كشكول منابر
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-25-2020, 08:01 PM
المشاركة 2451
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مليون رد - كشكول منابر

( كن منصفا سيدي القارئ)
بقلم: عامرالعيص
********************************
الإنصاف تعريفاً هو:أن يتم إعطاء الشخص لغيره الحق من نفسه وهذا يكون مثل الذي تحب ان تأخذه منه إذا كنت مكانه ويكون هذا بالأفعال والأقوال.
ولكن :
عين الرضاء عن كل عيب كليلة
وعين السخط تبدي المساويا
فنحن إذا رضينا لم نر عيباً وإذا غضبنا لم نجد حسنة وأكاد اقول لك:لاتصدق عاشقاً يصف محبوبته فهو دون قوله ولا تصدق خصماً يحدثك عن دناءة خصمه فهو حتما فوق مايقول والحق هذا باخواتها لا تصدق حديث أم عن مواصفات ولدها!!
ويفسر هذا قول الاول:( حبك الشي يصم ويعمي) ويعني هذا إن كثير من أحكامنا تجاه الاخرين غير صحيحة وباطلة وتفتقد لأبسط أبجديات الإنصاف فلا نتمسك بها ولا نكيل الناس والأوطان والشعوب والقبائل والاسر حسب حبنا وبغضنا وقربهم وبعدهم فهناك أعداء شرفاء وهناك أحباب أنذال سواء أردنا أم لم نرد فهي حقيقة.
وهذا يحتم علينا ان نكون منصفين بعض الشي ونراجع أحكامنا تجاه الآخرين وألا نقبل قول أحد في احد لأن غالباً كل واحد يحكي مشاعره عن الشي وليس الحقيقة ..
وهذا ظاهره تسكن دهاليز النفس البشرية من قديم الزمن حيث يتاثر الانسان في حكمة ببغضه وحبه اكثر من الحقيقة والقرائن حوله.
المتنبي شاعر العربية الذي لايشق له غبار في ميدان الشعر ولكنه في الانصاف كان مفلس لايقتدى به ولا يوخذ بكلامه ولا يبنى حكم مجرد على أقواله فهو عندما قصد كافور الاخشيدي حاكم مصر حينها يرجو أن يوليه ولاية ويطمع في ذلك عنده كان حكمة عليه كما يلي:
ومن مثل كافور إذا الخيل أحجمت
وكان قليلا من يقول لها أقدمى
شديد ثبات الطرف والنقع واصـــل
إلى لهــوات الفـــــارس المتلثم
فلو لم تكن فى مصر ماسرت نحوه
بقلب المشــــوق المستهام المتيم
رضيت بما ترضى لـــــى محبة
وقدت إليك النفس قود المـسلم
لما لم ينال مايريد بطل الحب وذهب العجب وتغيرت الاحكام عن ابوالطيب وغدا الممدوح مذموم وذلك الملك الذي قصده من اخر الارض اكتشف إنه عبد مخصي اسود اللون لايستحق إلا ان يصف باقبح الاوصاف وكأن لم يعد كافور كافور والحقيقة لم يتغير شي قبل قدوم المتنبي لمصر وخروجه منها غير إن المتنبي رضاء فقال مدحا تهتز له الملائكة وغضب فقال هجا ترتعد له الشياطين.
والحقيقة غائبة في الحالين وكافور ليس الاول وليس الاخر واسمع بعض كذب المتنبي بعد الغضب يصف كافورا وقد سمعت اكاذيب الرضاء:
جوعان يأكل من زادي ويمسكني *** لكي يقال عظيم القدر مقصود
من علم الأسود المخصي مكرمة *** أقومه البيض أم آباؤه الصيد
أم أذنه في يد النخاس دامية *** أم قدره وهو بالفلسين مردود
أولى اللئام كويفير بمعذرة *** في كل لؤم وبعض العذر تفنيد
وذاك أن الفحول البيض عاجزة *** عن الجميل فكيف الخصية السود.
اكاد اصفق انبهاراً يا ابا الطيب وقسماً إنك في الشعر أمهر من" ميسي"في كرة القدم ولكن إعجابي لايجعلني ان ألغي عقلي وأقبل أحكامك على عباد الله .
وهكذا نحن نمارس هذا العادة البغيضة نثرا لا شعراً والمتنبي يمدح ويذم حبا وبغضاً على السنتنا صباح مساء حتى اضحى الانصاف امراً مستغرباً وشاذاً في حياتنا فإن غضبنا كان الفحش وهتك الاعراض وإن رضينا الهش والرش والحقيقة غائبه في الحالين متى سوف نكون صادقين مع الآخرين كما نحن مع انفسنا !!
متى سوف اسمع عن" كنة "او خالة زوج منصفة تقر إن لابنتها المطلقة بعض الذنب في الطلاق وإن ذلك الزوج ليس شيطان اليوم بعد إن كان ملاك الامس وإن من الممكن ان تخطّئ ابنتها مثلها مثل ابن الناس ؟؟
متى سوف نقتنع إن اولاد الجيران أطفال مثل اطفالنا وإن ضربوا طفلك اليوم فلايعني إنهم قردة وخنازير وإنما هم اطفال لو تمكن من احدهم طفلك لفعلها فلماذا نحاسب أولاد الاخرين على الأخطاء محاسبة الكبار؟ وإذا أخطأ أولادنا فهم معذرون لأنهم مازالوا صغارا متى تتناصفون؟
متى سوف نترك عادة توزيع الاقدار على حسب مشاعرنا فإذا اصاب من نكره بمصيبة فتلك عقوبة يستحقها وإذا اصاب من نحب بمثلها فذاك ابتلاء لأن الله يحبه.
عامرالعيص