عرض مشاركة واحدة
قديم 09-25-2010, 07:05 PM
المشاركة 18
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وصبر معه أصحابه أجلَّ الصبر، وجاهدوا أحسن الجهاد، فوقفوا مواقف تشيب لها الرؤوس، فضحوا بأموالهم وأنفسهم، وقدَّموا الغالي والرخيص في سبيل الله، ولقوا الألاقي في مرضاته، فنُكِّل بهم من أعدائهم، فمنهم من قتل ومنهم من جرح، ومنهم من قطعت أعضاؤه ومزقت أطرافه، وأكلوا من الجوع ورق الشجر، وسحب بعضهم على الرمضاء، وحبس البعض، هذا وهم صامدون، مجاهدون، يستعذبون من أجل دينهم العذاب ويستسهلون الصعاب، ويتجرعون الغصص .
فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه ينفق ماله كله في سبيل الله، ويهب عمره كله لمرضاة الله، فهو المصلي الصائم المنفق المجاهد المضياف الجواد البار الصادق الذاكر العابد القانت الأواب، حتى أنه ليُدعى من أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة لكثرة فضائله وإحسانه، وهو رفيق الرسول صلى الله عليه وسلم في الهجرة، وصاحبه في الغار، ما تخلف عن غزوة ولا تأخر عن معركة، بل هو السبَّاق الأول إلى الإسلام، والهجرة والجهاد، والبر التقوى، وما استحق كلمة الصديق ولا تاج القبول ولا وسام البر إلا بعد جهاد عظيم وخلق مستقيم وفضل عميم.
وهذا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلغ الغاية في الزهد والورع مع ما سبق له من المقامات الجليلة في الإيمان والتضحية والهجرة والجهاد، والإنفاق مع خشية لربه، ومراقبة لمولاه، وعدل في رعيته، وضبط لشؤون المسلمين وإتقان لعمله في الخلافة مع الصدِّيق في السرِّ والعلن، والإنصاف في الغضب والرضى، مع ما كان عليه من الفقه في الدين والاجتهاد في معرفة الوحي، واستنباط الحكم من النصوص .
وهذا عثمان بن عفان ذو النورين رضي الله عنه الذي سارع إلى الاستجابة لله ولرسوله فأسلم قديماً، ولزم الرسول صلى الله عليه وسلم مع العسر واليسر، فصدق مع الله في جهاده وهجرته وإنفاقه ، فجهز جيش العسرة، واشترى بئر رومة، وأوقفها على المسلمين، ومهر في القرآن وجوَّده حتى كان يتهجد به أكثر الليل ، مع الحياء من الله والسعي في مرضاته، مع صدق اللهجة وكرم النفس، وطهر الضمير وحمد السيرة.
وهذا علي بن أبي طالب أمير المؤمنين أبو الحسن رضي الله عنه كان سيد الشجعان، ورائد الفرسان حضر المعارك، وجالد بسيفه، وقتل الأقران، فكان ميمون النقيبة، مبارك السيرة، طيب السريرة، مع ما كان عليه من علم غزير وفهم ثاقب، وفصاحة مشرقة وشجاعة متناهية، وزهد عظيم وإقدام وتضحية وهمة ومضاء، وعزيمة وإباء، حتى استحق هذه المنزلة بجدارة، وتأهل للمجد بحق.

~ ويبقى الأمل ...