عرض مشاركة واحدة
قديم 02-10-2012, 11:25 PM
المشاركة 3
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وكان أن بدأت الحرب المستعرة .. التى تدرجت من التوافق المبدئي إلى الإختلاف البسيط ثم إلى العناد المتبادل ثم انتقلت إلى العداوة والقطيعة الكاملة
بدأت بمناوشات لطيفة للغاية بين الجيش والثوار والإعلام المستقل , ولم تتخذ المواجهات طبيعة التضاد وإنما اتخذت وجه التكامل فيما قبل تجربة الإستفتاء المشئومة ..
وكانت فترة ما قبل الإستفتاء شاهدة على العلاقات الوثيقة بين قيادات المجلس وفصائل الثورة وشبابها الذين التقاهم المجلس بصفة منتظمة تقريبا واستمع لهم وكان من ضمن هؤلاء بالطبع مندوبين عن حركتى كفاية و6 ابريل , بل إن هؤلاء كانوا أبرز الحاضرين وأكثر من دعاهم المجلس للقائه .. قبل أن ينقلب عليهم ..
والتقي كذلك العديد من القوى السياسية وزعم أنه يناقشهم ويشركهم فى قراراته ثم فجأة بدت سياسة الإنفراد تتضح جلية عند صدور القرارات فعليا ..
وهنا اتضحت صورة أخرى من تأثير الطبيعة العسكرية على المعالجة السياسية للمجلس فى الفترة الإنتقالية , ألا وهى التعامل مع القوى السياسية ومطالب الثورة بأن يمنحهم حق الكلام كما يريدون أما سلطة اتخاذ القرار فى النهاية فتعود له وحده , وهو ما أثار استغراب المجتمع السياسي بالطبع
وكانت أول البروفات فى مسرحية الإستفتاء الشهيرة التى كانت من بنات أفكار ممدوح شاهين , وكان من المصائب والطوام أن المشير طنطاوى وبقية أفراد المجلس يقدسون التخصص للغاية فيما بينهم ويتناسونه تماما إذا تعاملوا مع بقية المفكرين وأساتذة الجامعات والناشطين السياسيين وإعلام الثورة , وهى طبيعة العسكريين أنهم لا يثقون إلا فى أنفسهم حتى لو تعلق الأمر بشأن مدنى وسياسي لا علاقة لهم به عمليا ..
بمعنى أن أى شأن قانونى أو دستورى كان يحال تلقائيا إلى ممدوح شاهين وحده باعتباره مسئول الشئون القانونية فى المجلس , وهذا مفهوم وطبيعى
لكن الكارثة أن تكون سلطة القرار فى يده وحده , وسلطة الصياغة فى يده وحده , واختيار القرار المناسب يكون حصرا بين مقترحات ممدوح شاهين وحده بغض النظر عن آلاف الإشارات والإستشارات التى تقدم بها أكبر خبراء القانون فى مصر والعالم العربي وكانت كلها متاحة فى الإعلام وتحت أمر المجلس , فأزاحها جانبا واكتفي بممدوح شاهين الذى سنثبت للقارئ الكريم أنه لا يفقه شيئا فى القانون الدستورى أصلا ..
وهو ذلك الفرع من القانون الذى كانت تحتاجه الفترة الإنتقالية , واللواء شاهين تخصصه فى غير ذلك وليس معنى أنه حاصل على شهادة حقوقية أن خبرته تتعدى إلى كافة فروع القانون فهذا لا يتأتى لشخص واحد قط وطالما أن تخصص اللواء شاهين فى هذا الفرع ليس متوفرا ــ كما هو واضح من استشاراته ـــ فكان ينبغي على المجلس الإستعانة بفطاحل هذا المجال كالدكتور حسام عيسي والدكتور فتحى فكرى ــ وهو بالمناسبة صاحب كتاب ودراسة عميقة للغاية فى نقد دستور 71 درسناها على يديه فى جامعة القاهرة ــ فضلا على أنه وزير فى حكومة الجنزورى ,
وحتى عندما لجأ المجلس إلى الإستعانة بخبراء من خارجه اختار المفكرين والقانونيين المؤيدين لرغباته والذين أعطوه الشكل القانونى والصياغة الدستورية لتلك الرغبات
ورفض المجلس ــ بناء على آراء شاهين ــ كافة المقترحات الخاصة بإصدار دستور بديل للدستور الساقط أصلا , وكانت حجته عدم توافر المدة الكافية قبل الإنتخابات لإعداد الدستور , فلما احتج خبراء القانون أن هناك نسخة دستور عام 54 التى أصدرتها لجنة من عيون خبراء القانون فى تلك الفترة برياسة قطب القانون المدنى عبد الرازق باشا السنهورى وهو الدستور الأكمل والأمثل الذى رفضه عبد الناصر لما فيه من تقليص لصلاحيات الرئيس وإعلاء لدولة الديمقراطية النيابية , لم يبرر المجلس مع الخبراء وتجاهل آراءهم وأصر على أن يستفتى الشعب على بعض مواد الدستور الذى أعلن هو نفسه سقوطه وإيقافه ..

ولكى يتفهم القارئ أن قصة الإستفتاء كانت قصة لا داعى لها فضلا على أنها أفرزت نتائج سلبية خطيرة وكانت تتميز بانعدام الخبرة فى مجال القانون الدستورى سنشرحها بشكل مبسط
فالدساتير لا يصنعها أهل القانون , بل هم من يصوغونها كتابة فقط , بطريق التعبير عن المجتمع الذى يعتبر هو واضع الدستور ..
ولهذا فإن كل دستور فى العالم له ديباجة تبدأ باسم الشعب باعتباره واضع الدستور كما هو الحال فى الدستور الفرنسي والأمريكى
ولهذا ـ ومع تقديرنا للّواء شاهين مساعد الوزير ـ فإن الأطروحات الدستورية التى يتبناها المجلس العسكري منذ توليه تنبئ عن اضطراب شديد بعمق الفقه الدستورى مما يحتاج معه إلى استشارات كبار فقهاء القانون الدستورى فى مصر ,
خاصة وأنهم لم يقصروا , فتحدث الدكتور فتحى فكرى والدكتور حسام عيسي , وتحدث مستشارو مجلس الدولة وخبراء الفتوى والتشريع به , لكن دون أن توضع أقوالهم موضع التنفيذ رغم أنهم أهل الإختصاص
ومن التناقضات التى وقع فيها المجلس العسكري
تجربة التعديلات الدستورية التى خرج فيها الإستفتاء بـ ( نعم ) ,
وإذا بالمجلس العسكري يتخذ من الإجراءات ما يتناسب مع نتيجة ( لا ) !
وقد كان هذا أول الجهل بأول مبادئ القانون ..
فنعم للتعديلات الدستورية كان معناها ببساطة إعادة الدستور القديم مع التعديلات المطروحة , وهو ما لم يحدث وإذا بالمجلس يصدر إعلانا دستوريا يقضي بانتهاء الدستور القديم الذى تم تجميده مرحليا , ويبدأ العمل بالإعلان الدستورى المؤقت لحين وضع الدستور الجديد كما لو أن نتيجة الإستفتاء جاءت برفض التعديلات !
ولم يقم المجلس بتفسير تصرفه حتى اليوم ولا قام بشرح خطوة التعديلات التى أحيت الدستور القديم قانونا وتدخل المجلس لإماتته فعليا ؟!
ليس هذا فقط ..
بل أضاف المجلس العسكري ــ هكذا من عندياته ــ عددا من المواد ضمها للإعلان الدستورى دون أن تكون ضمن المواد التى تم الإستفتاء عليها .. فبأى وجه قانونى تمت إضافتها .. الله أعلم

وبالمثل ..
طرح المجلس العسكري تصورا للمجالس النيابية القادمة يحافظ على نسبة 50% عمال وفلاحين فى مجلس الشعب , فضلا على الإبقاء على مجلس الشورى ,
وكلا الأمرين هما من صلب بقايا نظام يوليو وتم اختراع الأمرين لفرض سيطرة الفرد على القرار والتكريس للدكتاتورية , لأن نسبة العمال والفلاحين فى مجلس منوط به التشريع ورقابة أعمال الحكومة معناه أن أعضاء البرلمان لديهم المؤهل الكاف لمناقشة أعتى الأمور السياسية التخصصية مثل مناقشة الموازنة والرقابة المالية ومناقشة مشروعات القوانين واقتراحها , وإقرار السياسة العامة للدولة بالتعاون مع الحكومة
فكيف يمكن أن نتصور قدرة البرلمان على ذلك وهو يضم بين أعضائه أكثر من خمسين فى المائة من الأميين ! ومن منعدمى القدرة الثقافية !!
وهو شرط لبرلمان لا يمكن أن تجده فى أى دولة فى العالم
وقد كان مفهوما من النظام السابق حرصه على الحفاظ على تلك النسبة حتى يتسنى له السيطرة عليهم وتوجيههم كيفما يحلو له , ورأينا هذا واضحا فى فضائح موازنات بطرس غالى وعجز الأعضاء عن فهمها , وفى تفويض الأعضاء للرئيس بصفقات السلاح عبر ثلاثين عاما فضلا على استمرار مد العمل بقانون الطوارئ
لكن ما الداعى لهذا الآن , والمفروض أننا فى الطريق إلى نظام ديمقراطى متكامل ؟!
لا سيما وأن المجلس العسكري يريد إحالة أمر الدستور الجديد للبرلمان القادم , فهل نغامر بوضع الدستور المنتظر ـ وهو ثمرة الثورة ـ بين أيدى برلمان لا يعرف بوعه من كرسوعه ؟!
إلا إذا كان مطلوبا ومتعمدا أن يظل معظم أعضاء المجلس التشريعي على نفس شاكلة البرلمان القديم مجرد أشكال للختم على القرارات الهامة والسرية فى الدولة

وأما مسألة مجلس الشورى ..
فقد أفاض فى شرحها فقهاء القانون الدستورى مثل الدكتور فتحى فكرى [1] وشرح الغاية التى من أجلها سن السادات هذا المجلس عام 1971 م , حيث قام السادات بابتكار هذا المجلس ـ بنفس نسبة العمال والفلاحين رغم زعمه أنه مجلس للعلم والإستشارة ! ـ من أجل غاية واحدة وهى أن يحل مجلس الشورى محل ( الإتحاد الإشتراكى ) فى ملكية الصحف القومية , وذلك بعد أن تم إلغاء الإتحاد الإشتراكى والنظام الإشتراكى كله فى أيام السادات ,
ولا يوجد لهذا المجلس أى وظيفة فعلية من أى نوع ولا يملك ولاية تشريعية أو حتى استشارية ملزمة لا للحكومة ولا للبرلمان , وذلك لأن مصر لا تأخذ أصلا بنظام المجلسين المتبع فى بريطانيا والولايات المتحدة , حيث تتوزع الإختصاصات التشريعية والرقابية على مجلسين مختلفين يمثلان معا البرلمان الشعبي
فمجلس الشورى المصري لا موقع ولا محل له من الإعراب , وقد طرحه السادات ـ كما سبق القول ـ لغاية وحيدة وهى مواجهة مأزق عدم وجود هيئة تمثل المالك بالنسبة للصحف القومية التى صادرتها حكومة الثورة ,
ولما كان لا يستطيع أن يجعل الصحف القومية تابعة للحكومة ـ شكلا ـ فقد ابتكر هذا المجلس لهذا الغرض وتحول المجلس منذ إنشائه إلى مكافأة يعطيها النظام لرجاله المخلصين عبر تعيين نصف أعضائه من رئيس الجمهورية !!
فلماذا نصر على بقائه رغم ما يتكلفه من ميزانية الدولة بلا أدنى طائل ويعتبر مركزا لتجميع مراكز القوة ورعاية الفساد عبر حصانة أعضائه التى ليس لها أدنى مبرر تشريعي ,
لهذا لابد من الإستماع لخبراء القانون الدستورى لا سيما إذا أجمعوا على أمر محدد , وقد أجمعوا على ضرورة وضع دستور جديد كخطوة سابقة على الإنتخابات التشريعية , فضلا على تعديل نظام الإنتخاب بما يتناسب مع النظام الديمقراطى , وإلغاء مجلس الفاسدين المسمى بمجلس الشورى ووضع الشروط الملزمة والكافية لمن يرشح نفسه عضوا بالبرلمان حتى يستطيع أداء وظيفته على الوجه الأكمل ,
وهكذا تكلفت إنتخابات الشورى مليار جنيه وفى ظل غياب شبه تام من الناخبين وبلا أى داعى حقيقي إلا العناد !

ولم تقتصر النتائج السلبية على المجال القانونى وحده , بل تعدتها إلى ما هو أفدح ..
أفرز الإستفتاء نتيجة خطيرة للغاية وهى تفرد الإعلام المغرض بمقدرات الناس وتفجير قضية طائفية فى موضع ليس له أى مكان من الإعراب ! , فى نفس الوقت الذى يفتقد فيه المجلس العسكري لأى وسيلة إعلامية حقيقية تدافع عن سياسته وتتبناها بالإيضاح للشعب ,
لا سيما وأن الصحف القومية والإعلام الرسمى الذى ورثه من النظام السابق لا يساوى مقدار خردلة من القيمة بين الناس لافتقاده أدنى قدر من المصداقية واتباعه سياسة ( عاش الملك .. مات الملك )
وهو ما أدى بكل صاحب بوق أن يتفرد بوعى الجماهير وتفجرت الصراعات الإعلامية مدوية لهذا السبب
ففجأة أصبحت التعديلات الدستورية ـ دون أدنى سند من الواقع ـ عبارة عن صراع طائفي على المادة الثانية من الدستور والقاضية بأن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسي للتشريع !
ولست أدرى أين هو من تحدث عن تعديل هذه المادة أو حذفها ! وكل التعديلات المقترحة كانت تخص مواد دستورية تنظيمية لا علاقة لها إطلاقا بالمبادئ الدستورية الواردة فى الباب الأول من الدستور والتى تعتبر تعبيرا عن حالة المجتمع وغير وارد إطلاقا تعديلها أو المساس بها سواء فى الدستور القديم أو الدستور الجديد ..
وحتى يستوعب القارئ مدى تفاهة مضمون الصراع الذى دار فى أن التصويت بنعم يعنى الإنحياز للإسلام والتصويت بلا يعنى العكس ..
ينبغي لنا أن نفهم أولا ما هو الدستور ومم يتكون , ولماذا تعتبر المادة الثانية مبدأ دستوريا غير قابل للمساس به وإلا اختل الدستور فى مضمونه ..
فالدستور فى أى دولة فى العالم هو أبو القوانين , ولا يتكون من مواد قانونية تفصيلية كتلك الموجودة فى القوانين العادية بأكواد مرقمة مثل قانون العقوبات أو القانون المدنى , بل يتكون من شقين ..
الشق الأول وهو المبادئ التى تعبر عن المجتمع .. وهى مبادئ شارحة لثقافة المجتمع وتوجهاته وتاريخه وطببعته
والشق الثانى وهو الشأن التنظيمى للنظام الحاكم لتلك البلد والذى وقع عليه اختيار الجمهور سواء كان برلمانيا أو جمهوريا ..

وبالنسبة للشق الأول ..
فهو يحتوى ـ كما سبق القول ـ المبادئ العامة التى تصف حالة المجتمع الذى يوضع له الدستور , ولهذا فهى عبارة عن مبادئ واقعية غير قابلة للتغيير ولا تخضع للتعديل , لأنها وببساطة تصف طبيعة المجتمع الذى يوضع له الدستور ,
وتحتل هذه المبادئ الأبواب الأولى من الدستور ..
وكمثال للإيضاح ..
فإن المادة الثانية مثلا فى الدستور المصري هى توصيف لطبيعة دين الأغلبية فى القطر المصري وهو دين
الإسلام فمن الطبيعى أن تكون الشريعة الإسلامية هى المصدر الأصلي الذى تنبع منه سائر القوانين مع عدم الإخلال بالأقليات , وأى مساس بها يعنى ببساطة أن الدستور غير مطابق لواقع حال هذا المجتمع ومن ثم يعتبر دستورا معيبا .,
بالضبط كما لو كنا بصدد إعداد كتاب عن أحوال مصر أو أى قطر فنحن نضع فى هذا الكتاب ما تعبر عنه الأغلبية ونصفه بغض النظر عن رأينا فيه , فإذا جاء كاتب أوربي مثلا وأعد كتابا عن مصر وقال فيه أن مصر دولة إسلامية فهو هنا لا يضع رأيا بل ينقل واقعا وإذا دس وجهة نظره هنا وقال خلاف ذلك لكان كتابه وقوله وهما فى وهم وخيال فى خيال !!
نخلص من هذا الأمر إلى أن المادة الثانية أو أى مادة من مواد المبادئ الدستورية غير قابلة للنقاش أو الطرح إلا إذا تغيرت أحوال المجتمع نفسه !
فعلام إذا كان الصراع من الأساس ؟!

هذا بخلاف أن الإستفتاء تكلف حوالى 132 مليون جنيه من ميزانية الدولة التى يعلن المجلس العسكري نفسه كل دقيقة أنها تمر بأزمة مالية فادحة !
فكان أن استجاب المجلس العسكري لعبقرية اللواء شاهين التى جعلتنا نشترى فتنة طائفية معبأة وجاهزة بحوالى 132 مليون جنيه دون أن يستفيد الوطن منها شيئا !!

وليت أن الأمر اقتصر على هذا ,
فالمجلس العسكري كان ولا زال دائما متذبذب القرار والإدارة , وعانى فشلا ذريعا على كافة المستويات فى إدارة البلاد , ومن غريب الأمور أنه كان يعلق شماعة فشله على الثورة والثوار وكأن بعض المظاهرات فى ميدان التحرير هى التى جعلت الحالة الأمنية متردية وهى التى منعت الداخلية من أن تؤدى دورها ــ رغم التدليل الذى تعامل به معها المجلس العسكري ـــ وكأن الثورة هى التى منعت المجلس العسكري من الإستعانة بالخبراء للنهوض بالإقتصاد رغم أن تحت يديه أكبر ميزانية فى تاريخ مصر .. وهلم جرا ..
والخبراء من جميع المجالات لم يقصروا وكان يمكن للمجلس العسكري أن يقود مصر إلى أعلى مستوياتها فى تلك الفترة القصيرة نظرا لأن الميزانية تحت يديه خلت من البنود التى كان نظام مبارك ينهب بها البلاد عبر الأجور الفلكية الفاحشة وأموال الصناديق الخاصة التى زادت عن 160 ألف صندوق خارج حسابات الميزانية الرسمية والمشروعات الوهمية ومجاملة رجال الأعمال على حساب المصلحة العامة , وغيرها
لكنه لم يفعل ..
بل إنه عجز عن اتخاذ قرار مفصلي وهو خفض الحد الأقصي من الأجور وظلت الأجور المليونية لرجال النظام قائمة كما هى دون أى مبرر , واحتفظ للدولة بحالة من الجمود الهائل على غرار أيام مبارك , هذا فضلا عن تقاعسه فى مصادرة الأراضي والأموال التى تحت يديه فى داخل مصر والتى نهبها رجال النظام السابق , بل بلغت المهازل أن جمال مبارك نفسه كان يتمتع بالحرية فى ذمته المالية طيلة الشهور الماضية حتى صدر قرار المنع مؤخرا !
فضلا على تقاعسه غير المبرر فى ملف استعادة الأموال المنهوبة التى جفت حلوق الخبراء وهم يقدمون الحلول اللازمة لاستقدامها ولكنه تغاضي عن ذلك وسمح لرجال النظام بستر معظم تلك الأموال رغم استعداد الدول الغربية المعلن عن إمكانية إعادة تلك الأموال التى تم تجميدها لصالح مصر وتكاسلت الحكومة عن استعادتها !
بخلاف الملف الأهم وهو الملف الأمنى الذى يحار فيه اللبيب ويعجز عن تفسيره كل الناس لأنه لا يوجد أدنى مبرر يسمح للمجلس العسكري أن يدلل وزارة الداخلية ويسمح لها بالإستهتار فى الملف الأمنى بهذا الشكل المكشوف والمفضوح كأنه يقود خطة عقاب المصريين على القيام بالثورة ..
ثم كان أخيرا ملف القصاص من قتلة الشهداء الذى شهد تراخيا رهيبا سواء فى التحريات اللازمة عن القضايا والتى تركها المجلس العسكري للشرطة نفسها التى جاملت ضباطها بالطبع فجاءت التحريات منقوصة ومشوهة , أو حتى فى تحقيقات النيابة العامة التى سمحت للمتهمين من الضباط بأن يظلوا بحريتهم دون أى حبس احتياطى وتركتهم ليقتلوا سيل الأدلة ضدهم وهم يمارسون عملهم الخدمى فى جهاز الشرطة وهذا معناه ببساطة أن أى قضية ذهبت للمحكمة بخصوص قتل الشهداء مآلها البراءة نتيجة للعبث فى الأدلة !
كل هذا الفشل فى كل تلك الملفات لم يعترف به المجلس العسكري رغم السلطات الرهيبة التى يتمتع بها فى الدولة والتى وضعت تحت يديه سلطة مجلس الشعب وسلطة رئيس الجمهورية معا بخلاف وجود أجهزة الأمن المدنية والعسكرية تحت يده والتى تتيح له السيطرة على كافة الأوضاع لكنه لم يفعل !


الهوامش :
[1]ـ القانون الدستورى ـ د. فتحى فكرى ـ مكتبة النهضة العربية ـ مقرر الدراسات العليا للقانون العام بجامعة القاهرة عام 2001