الموضوع: أدب السجون
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-28-2010, 09:48 PM
المشاركة 3
عبير جلال الدين
كاتبـة مصـرية
  • غير موجود
افتراضي
وكان من بين الشعراء الأندلسيين الذين سجنوا .. عدد لا بأس به من كبار شعراء الأندلس وأدبائها ...

من أمثال :

يحيى بن الحكم الغزال.. وابن شهيد .. وابن زيدون .. والمعتمد بن عباد ..

وابن حزم الأندلسي .. ولسان الدين بن الخطيب ..

وقد تمتع بعض هؤلاء وغيرهم في سجونهم .. ببعض إمتيازات ..

ومنها مزية اتاحة ادوات الكتابة لهم .. مما ساعد في حفظ كثير مما نظموا في سجنهم...

وقد حفظت لنا دواوين هؤلاء الشعراء .. وكتب التراث .. العديد من القصائد والمقطوعات الشعرية ..

التي قالها الشعراء السجناء في تجربتهم.. وكان جزء كبير منها في غاية الرقة..

لأن التجربة كانت قاسية ومرة.. فانطلقت أشعارهم صادقة في التعبير ..

ودارت أغلب اشعار السجن .. حول محور رئيس ... هو وصف المأساة التي نزلت بالسجين .. وأثرها عليه..

يقول أبو الاصبغ عيسى بن الحسن :



[GASIDA="type=1 font="bold large Arial, Helvetica, sans-serif""]ليت شعري كيف البلاد وكيف ال = أنس والوحش والسما والماء[/GASIDA]
[GASIDA="type=1 font="bold large Arial, Helvetica, sans-serif""]

طال عهدي عن كل ذلك وليلي = ونهاري في مقلتي ســواء

ليس حظي من البسيطة = الا قــدر قبــر صبيحــة او مســاء
[/GASIDA]




وتفرع هذا الموضوع الرئيسي الى عدة موضوعات فرعية صغرى ... شكلت في مجموعها ..

أغراض شعر السجن في الاندلس مثل :

الاستعطاف ووصف مكان السجن والسجناء ووصف القيد والحديث عن الأمل والذكريات ..

والحنين للأهل والأحباب .. وتقلب السجن بين الأمل واليأس ... ثم الحكمة وخلاصة التجربة التي خرج بها السجين ..

ليفيد منها الآخرون .. أو ليحذر الشامتين .. بمصيره من مصير مماثل .. قد يلاقونه...

وتعد عاطفة الحزن العميق جراء هذا المصاب المحرك وراء أشعار السجن ...

لذلك اكتست الألفاظ والمعاني غلالة الدموع والبكاء، ...

يقول ابن حزم :


[GASIDA="type=1 font="bold large Arial, Helvetica, sans-serif""]مسهد القلب في خديه ادمعه = قد طالما شرقت بالوجد أضلعه[/GASIDA]
[GASIDA="type=1 font="bold large Arial, Helvetica, sans-serif""]

يأوي إلى زفرات لو يباشرها = قاسي الحديد فواقا ذاب أجمعه

يشكو الى القيد ما يلقاه من ألم = فبالانين لدى شكواه يرجعه

يا هاجعا والرزايا لا تؤرقه = قل كيف يهجع من في الكبل مهجعه
[/GASIDA]





ورنا الشعراء السجناء الى الطيور الحرة في سمائها فاسكنوها اشعارهم..

رمزا للحرية التي يتشوقون اليها.. وسلت نفوسهم بصحبتها ..

لحاجتهم الشديدة الى رفيق يشاطرهم وحشة السجن وغربته،...

وليخفف وطأة القيود التي يعانون ذلها وعذابها..

يقول المعتمد يشكو قيده :


[GASIDA="type=1 font="bold large Arial, Helvetica, sans-serif""]قيدي أما تعلمني مسلما = أبيت أن تشفق او ترحمــا[/GASIDA]
[GASIDA="type=1 font="bold large Arial, Helvetica, sans-serif""]

دمي شراب لك واللحم قد =أكلته لا تهشــم الأعظمـــا
[/GASIDA]




وعاد بعضهم أدراجه الى جعبة ذكريات الماضي الجميل .. ينهل منها ما يعينه في بلواه..

خاصة ذكريات الحب والهيام لدى الشعراء .. الذين كانت لهم زوجات .. تملأن حياتهم ..

فكانت المرأة السكن والسلوى في ضيق السجن وغربته ..


يقول ابن زيدون متذكرا :


[GASIDA="type=1 font="bold large Arial, Helvetica, sans-serif""]ما جال بعدك لحظي في سنا القمر =إلا ذكــرتك ذكــر العيــن بالأثـــر[/GASIDA]


ويقول أبو الحسن بن نزار :


[GASIDA="type=1 font="bold large Arial, Helvetica, sans-serif""]لقد بلغ الشوق فوق الذي = حسبت ، فهل للتلاقي سبيل[/GASIDA]
[GASIDA="type=1 font="bold large Arial, Helvetica, sans-serif""]

فلو أنني مت من شوقكم =غرمــا لمــا كــان قليـــل
[/GASIDA]



وخرج بعض الشعراء من تجربتهم تلك ان الزمان يومان:

يوم لك ويوم عليك،.. وان سهم القضاء لا راد له..

يقول عبد الملك بن إدريس الجزيري :


[GASIDA="type=1 font="bold large Arial, Helvetica, sans-serif""]من لم يذق طعم بؤساه وشدتها = لم يدر لذة نعماه ولا وجــدا[/GASIDA]
[GASIDA="type=1 font="bold large Arial, Helvetica, sans-serif""]

لا بد للقدر المقدور من أمد = يلقــاك علـى حتــم وإن بعـــدا
[/GASIDA]




ويستسلم هاشم بن عبد العزيز لقضاء الله في الشدة التي وقعت عليه ..

ويقول:


[GASIDA="type=1 font="bold large Arial, Helvetica, sans-serif""]سأرضى بحكم الله فيما ينوبني = وما من قضاء الله للمرء مهرب[/GASIDA]
[GASIDA="type=1 font="bold large Arial, Helvetica, sans-serif""]
[/GASIDA]



وهكذا كان لتلك التجربة الإنسانية القاسية ..

آثرها في أن ينظم بعض من الشعر الأندلسي في غرض وصف تجربة السجن ..

أثرها على الشعراء الذين ذاقوا مرارتها ...

،،