الموضوع: ديك الجن
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-24-2021, 01:59 AM
المشاركة 8
زينب عبدالله
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: ديك الجن
حتى لاتذهب بعيداً… هذا اسم إنسان!!
على رأي الأستاذ حمام.. ( نجيب الريحاني) في فيلم " غزل البنات"
( اسمه كده، ديك الجن.. فيها إيه دي؟!…
وهو أيضا شاعر مشهور، كان يعيش في مدينة حمص السورية،ديك، رضينا على مضض، إذ من الصعب تصور إنسان على هيئة ديك، وبخاصة إذا كان منتفشا بالزهو والغرور، لكن أن يكون هذا الديك من الجن فهذا ما لا يمكن تصوره!!
أنا أعتقد أنه لم يكن وهو طفل… لا ديك ولا جن، ولا فروج جن، ولا حتى كتكوت الجن، كان طفلاً بريئاً مثل كل أطفال العالم الثالث!
لكن الأول، تحول، لما كبر ظهرت عليه ملامح الشراسة، ومخايل " العرامة" وكما يحدث في مباريات الملاكمة العالمية، لعب على اللقب، وفاز به بالضربة القاضية، وأصبح لقبه: ديك الجن!!
لهذا الديك العفاريتي، حكاية طريفة تتعدد فيها أقوال الرواة، لكنها جميعاً تنتهي إلى غاية واحدة.
كانت له جارية، يذوب في هواها، أو كان له غلام يهوى الجارية،فأثار روح الانتقام في الشاعر، وسواء كان الشاعر ديك الجن يهوى الجارية، وأنه لشدة غيرته عليها قتلها..
أو كان يهوى الغلام، فقتله، أو كان يغار على الجارية الجميلة من الغلام المحظوظ، فقتلهما، المهم أن القتل عشقاً حصل.
وأن الشاعر القاتل" وياله من شاعر" حرق جثة القتيل، وصنع من ترابها كأساً، يحتسي فيه الخمر ، ويبكي حبه المحترق بنار الغيرة والشك:
أبيات ديك الجن في حبيبته المقتولة تفتح ملف سيكولوجية جنون العشق، وتدعو المفكرين لبحث الحالة، يقول عن هذه المحبوبة:
يا طلعة طلع الحمام عليها
يا طَلْعَةً طَلَعَ الحِمَامُ عَلَيها

وجَنَى لَها ثَمَرَ الرَّدَى بِيَدَيْها

رَوّيْتُ مِنْ دَمِها الثّرى ولَطَالَما

رَوَّى الهَوَى شَفَتَيَّ مِنْ شَفَتيْها

قَدْ باتَ سَيْفي في مَجَالِ وِشَاحِها

ومَدَامِعِي تَجْرِي على خَدَّيْها

فَوَحَقِّ نَعْلَيْها وما وَطِىءَ الحَصَى

شَيءٌ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْ نَعْلَيْها

ما كانَ قَتْليِها لأَنِّي لَمْ أَكُنْ

أَبكي إذا سَقَطَ الذُّبَابُ عَلَيْها

لكنْ ضَنَنْتُ على العيونِ بِحُسْنِها

وأَنِفْتُ مِنْ نَظَرِ الحَسُود إِليها

ذات قراءة لأستاذ اللغة العربية سليمان الشطي حيث التفت إلى محنة ديك الجن في قتله محبوبته، فمنحه قصة قصيرة جميلة، في ختام مجموعته القصصية " أنا الآخر" أما ما كتبه عن ديك الجن فجاء بعنوان " خناجر نادمة" فقد وضع الدكتور الشطي يده على العصب الموجع، وهو أن الشاعر ندم على فعلته والدليل هو أنه صنع من رماد الاحتراق كأساً، وبذلك أثبت أن صاحبته هي جليسته في الشراب حية، ومحترقة.
الطريف أن هذا الشاعر" الفظيع" قبل أن يحمل لقبه المخيف" ديك الجن"
كان اسمه عبد السلام فتأمل المساحة الشاسعة بين السلام والجنون، وبين العشق والقتل، وبين الحب والندم.
فيا دكتورنا الشطي، ماذا يجدي أن تندم الخناجر؟
هل فقدت صلاحيتها للقتل، أم تنازلت عن استعدادها للذبح؟
يقال والله أعلم، أن بدوياً وجد ذئباً صغيراً فحمله إلى بيته، ورباه مع كلابه، يظن أن نشأته بين الكلاب والغنم تجعله مستأنساً، وهكذا كان، لكن الذئب حين كبر تحركت غريزة الافتراس فيه، فافترس شاة وهرب إلى الصحراء، حين عاد البدوي وشاهد.. تعجب وقال: ماذا جرى؟ كيف عرف أن أباه ذئب؟!
حسب ما قرأت هنا وهناك فإن ديك الجن الحمصي هو أشهر شاعر مجرم!
إنه عطيل العصر العباسي دفعته الغيرة إلى قتل زوجته الجارية النصرانية التي أسلمت وتزوجته وقال في قتلها شعراً ومع ذلك هناك من يبرئ ساحة{ عبد السلام بن رغبان} ديك الجن الحمصي ويراه غير مذنب وأن الجريمة لم تقع!
فما القصة وأين الحقيقة يا ترى دكتورة ياسمين؟
كثير من النقاد الغربيين والعرب مارسوا الشك والتشكيك في الدراسة الأدبية.
وفي تراثنا العربي نقرأ ومضات من الشك في بعض أمهات مصادرنا مثل الأغاني للأصفهاني وطبقات فحول الشعراء لمحمد بن سلام الجمحي.
وكل ملم بأبجدية النقد العربي الحديث دون شك يعرف أن أعظم شكاك في نقدنا الأدبي الحديث هو الدكتور طه حسين،حتى أن لاقى منهجه في الشك المنهجي عداءً مريرا نتيجة المغالاة الشكية التي اعتمدها.
وهناك من يكتب داعيا إلى تبرئة ديك الجن الحمصي من دم زوجته وجاريته (ورد) وأن الجريمة أصلا لم تقع.