عرض مشاركة واحدة
قديم 04-22-2012, 02:12 PM
المشاركة 453
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
عـــــودة الحــــــاكم

بقلم مجيد طوبيا

كان الحاكم بأمر الله من أعجب الشخصيات في التاريخ‏,‏ وكان صبيا عندما توفي والده‏,‏ فانتقل من اللعب مع الصبيان إلي عرش مصر والدولة الفاطمية.
وقد احتار المؤرخون والمبدعون في شخصية الخليفة الجديد‏,‏ فذكر ابن تغري بردي في تأريخه ان خلافته كانت متضادة‏,‏ بين شجاعة واقدام‏,‏ شح وسخاء‏,‏ محبة للعلم وانتقام من الفقهاء‏,‏ ميل إلي الصلاح وقتل الصلحاء‏,‏ أقام يلبس الصوف سبع سنين وامتنع عن دخول الحمام‏,‏ وأقام سنين يجلس في الشمس‏,‏ ثم عن له أن يجلس في الظلام‏,‏ قتل من العلماء والكتاب والأماثل ما لا يحصي‏.‏ .................................................. ................‏

أمر بقتل الكلاب وبيع الفقاع ثم نهي عنه والفقاع شراب من الشعير له فقاقيع مثل البيرة‏,‏ ورفع المكوس عن البلاد‏,‏ ونهي عن النجوم وكان ينظر فيها ويخدم زحل وطالعه المريخ‏,‏ ولهذا كان يسفك الدماء‏!.‏

وبني أكمل جامع القاهرة الذي يعرف باسمه الآن وجامع راشدة بمدينة نصر بين الفسطاط ودير الطين أي دار السلام الآن ومساجد كثيرة‏,‏ ونقل إليها المصاحف المفضضة والستور الحريرية وقناديل الذهب والفضة‏,‏ ومنع صلاة التراويح عشر سنين ثم أباحها‏,‏ ومنع بيع العنب وأراق خمسة آلاف جرة عسل في البحر النيل خوفا من عمل النبيذ فيها‏,‏ وأسلم خلق من أهل الذمة خوفا منه‏128.‏

-*‏ الأمير العبد‏:‏
‏-*‏ أمر سنة‏395‏ هـ بإنشاء دار العلم أو دار الحكمة لتكون أداة للدعاية لمذهبه ...............إلي جوار الأزهر‏,‏ وعين فيها الفقهاء والقراء والأطباء والعلماء‏,‏ وأباح الاطلاع علي الكتب ونسخها لمن يشاء‏..‏ وكان مكان هذه الدار حارة برجوان الذي قتله الحاكم‏,‏ وكانت دار العلم بجوار داره‏,‏ وفي جزء من مكان دار برجوان فيما بعد كان سكن المقريزي المؤرخ الكبير‏129‏

يقول ابن إياس‏:‏
كان القائم بتدبير أمور القاهرة الأمير برجوان العبد السلافي‏..‏ وكان الحاكم معه كالمحجور عليه‏,‏ فما طاق الحاكم ذلك وأرسل إليه من قتله في الحمام‏,‏ واحتاط علي موجوده فوجد له أضعاف ما وجد للأمير جوهر القائد‏,‏ فمن جملة ذلك‏:‏ من الذهب مائتا ألف ألف دينار مائتا مليون‏..‏ ومن الفضة الدراهم خمسون أردبا‏,‏ ومن القماش مائتان وستون بقجة‏,‏ وألف قميص حرير سكندري‏,‏ وإثنا عشر صندوق جواهر وفصوص‏..‏ حتي قيل كان ينقل من حارة برجوان إلي قصر الزمرد قصر الحاكم في كل يوم دفعتين علي مائتي جمل‏,‏ غير الدواب والبهائم والعبيد والجواري‏!.‏

فلما قتل برجوان صفا الجو الحاكم‏,‏ وصار يفعل أشياء لا تقع إلا من المجانين‏..‏ فأفرد لليهود حارة زويلة وأسكنهم بها‏,‏ وأمرهم ألا يخالطوا المسلمين في حاراتهم‏..‏ وكان في وقت سابق قد أمرهم أن يدخلوا كلهم في الإسلام‏,‏ فخافوا منه وأسلموا‏,‏ ثم أذن لهم بالعودة إلي دينهم‏,‏ ثم أمر بهدم كنائسهم ثم أمر بإعادتها إلي ما كانت عليه أولا‏!!.‏

ويذكر المؤرخ الاتابكي أن الحاكم قتل عددا كبيرا من كبراء دولته‏,‏ ومنع الملوخية‏,‏ ونهي عن السمك وقتل من باع‏...‏ وأمر بقتل جميع الكلاب‏..‏ وأذن للنصاري الذين أكرههم علي الإسلام في الرجوع إلي ديانتهم‏,‏ وفي عام‏404‏ هجرية منع النساء من الخروج إلي الطريق ومنع عمل الخفاف الأحذية لهم‏,‏ وقتل بسبب ذلك عدة نسوة‏,‏ ولم يزلن ممنوعات سبع سنين وسبعة أشهر حتي مات‏..‏ كما أمر بهم كنيسة القيامة‏..‏ ثم عاد وأمر بعد مدة ببناء ما كان أمر بهدمه من الكنائس‏..‏ وكان يفعل الشيء ثم ينقضه‏.‏

كان سلوك الحاكم يتحسن من حين لآخر‏,‏ وعلي فترات متقطعة‏,‏ ثم يعود لسيرته‏..‏ خطر له أن يقوم بوظيفة المحتسب‏,‏ والمحتسب هو مراقب الأسواق فكان يلبس صوفا أبيض‏,‏ ويركب علي حمار أشهب يسمي القمر‏,‏ ويطوف الأسواق ومعه عبد أسود طويل عريض يمشي في ركابه يقال له مسعود‏,‏ فإن وجدا أحدا غش في بضاعته أمر ذلك العبد مسعود أن يفعل به الفاحشة العظمي‏.‏

هذا ما ذكره المؤرخ ابن إياس‏..‏ ثم يقول‏:‏وفي سنة‏387‏ هجرية شرقت البلاد بسبب قلة مياه النيل فوقع الغلاء بمصر‏,‏ واستغاث الناس بالحاكم‏,‏ فقال‏:‏ إذا كان الغد أتوجه إلي جامع راشدة وأعود‏,‏ فإن وجدت في طريقي مكانا خاليا من الغلة ضربت عنق التاجر صاحب هذا المكان علي بابه‏..‏ وخاف تجار السوق السوداء وأظهروا الغلال بالسعر الذي حدده الحاكم‏,‏ وقد كانت له جولات كثيرة مع التجار‏,‏ وكان يتحسس علي مخابئهم ليلا ويأمر العساكر بمداهمتهم نهارا‏.‏

والحديث يطول عن الحاكم بأمر الله‏..‏