عرض مشاركة واحدة
قديم 11-27-2011, 04:39 AM
المشاركة 234
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
-15 الشَّواذ مِنَ النَّسب:
قال الخليل: كلُّ شَيْءٍ مِنْ ذلك أي مِنَ النَّسب عَدَلَتْه العَربُ تَرَكْتَه على مَا عَدَلَتْه عليه أي على مَا جَاءت به على غَير قياس وما جاءَ تامّاً لم تُحْدِث العَرَبُ فيه شَيئاً على القِياس.
فمِنَ المَعْدُول الذي هو غيرُ قِياس قَولُهم في هُذَيْل: هُذَلَي، وفي فُقَيم كِنانة: فُقَمِي، وفي مُلَيحِ خُزَاعَة: مُلَحِي، وفي ثقيف: ثَقَفِي، وفي زَبِيْنَة: زَباني، وفي طَيِّءٍ: ضَائِي، وفي العَالِية: عُلْوي، والبَادِية: بَدَوِي، وفي البَصْرة: بِصْرِي، وفي السَّهل: سُهْلي، وفي الدَّهر: دُهري، وفي حيٍّ مِنْ بني عَدِيّ يقال لهم: بنو عُبَيْدة: عُبَدِي فضمُّوا العَيْنَ وفَتَحوا الباءَ، كما قالُوا في بني الحُبْلَى من الأَنْصَارِ: حُبَلِي، وفي صَنْعَاءَ: صَنْعَانِي، وفي شِتاء: شَتَوي، وفي بَهْرَاء قَبِيلة مِنْ قَضاعَة: بَهْرانيّ، وفي دَسْتَوَاء: دَسْتَواني، مثل بَحْرَانِيّ، وهُمْ بَنو البَحر، والقِياس: بَحْرِيّ، وقالوا في الأفُق: أَفَقِيّ، ومن العَرب من يقول، أُفُقِي عَلى القِياس، وقالوا في حَرُوْراءَ وهو وَوْضع حَرُورِي، وفي جَلُولاَء: جَلُولِيّ، كَمَا قَالُوا في خُراسَان: خُرْسِيّ، وخُرَاسَانِنّ أكثر، وخُرَاسِيٌّ لغة.
وقال بعضهم: خَرْفِيّ، نسبة إلى الخَرِيف وحَذَفَ اليَاء، والخَرْفِيُّ في كَلامِهم أكثُر من الخَرِيفيّ.
ويقول سِيبويه: وسَمِعْنا من العَرَب من يَقُول: أَمَوِيٌّ.
ومِمَّا جَاء مَحْدُوداً أي شَاذّاً عن القَاعِدَة عن بِنائِه، مَحْذُوفَة منه إحْدى اليَاءَين ياءِ الإِضَافَة ومن الشذوذ قولُك:
في الشامِ: شَآمٍ، وفي تِهَامَةَ: تَهَامٍ، ومن كَسَر التاء قال: تِهَامِيّ، وفي اليَمنِ: يَمَانٍ. ومِنَ الشَّواذ قولُهم في النَّسب إلى الرَّيّ: رَازِيّ، وفي مَرْو: مَرْوزي، وفي دار البطيخ : دَرْبَخِيّ.
ومن الشَّاذِّ إلْحَاقُ ياءِ النَّسَب أسماءَ أبْعاضِ الجَسَدِ مَبْنيَّة على فُعال للدَّلالة على عِظَمها، كقولهم: فُلانَ أُنَافِيّ: لِعظيم الأَنْفِ، و "رؤَاسِيّ" لِعَظِيم الرَّأس، وعُضَادِيّ، لعَظيم العَضُد، وفُخَاذِيّ: لِعَظِيم الفَخِذ، وفي عَظِيم الرَّقَبَة والجُمَّةِ الشَعَر واللِّحْيَة: رَقْبانيّ، وجَمَّانِيّ، وشَعْرانيّ، ولَحيَانيّ، وهُناك الكَثِير غير ذلك من الشَّواذ.
* النَّعتُ:
-1 تَعْريفُه:
هُوَ التَّابعُ المَقْصُودُ بالاشْتِقَاق وَضْعاً أو تَأوِيلاً، والذي يُكمِّل مَتْبوعَه بدَلالَتِه على مَعنى فيه، أو فِيمَا لَهُ تَعلُّقٌ به، ويَخرجُ بالمَقْصودِ مِثل الصِّدِّيق فإنَّه كان مُشْبَقاً ثُمَّ غَلَب حَتَّى صَارَ التَّعيين به أَتَمَّ من العَلَم وقوله "وَضْعاً" نحو "مَرَرْتُ بِرَجُلٍ كَرِيمٍ" أو بَأوِيلاُ نحو: "رَأَيتُ غُلاماً ذا مَالٍ" أي صاحِبَ مَالٍ، والمُرادُ بدَلالَة على مَعْنى فيه ظَاهِرٌ في هذِهِ الأَمثِلَة، والمُرادُ بقَولِه فيما له تَعَلُّقٌ به نحو قولك: "حضَر الصَّانِعُ المَاهِرُ أبوه".
-2 أغراضه:
يُسَاقُ النَّعتُ لتَخْصِيصٍ نحو: {والصَّلاةِ الوُسْطَى} (الآية "238" من سورة البقرة "2" ) ونحو {مِنْهُ آياتٌ مُحْكَمَاتٌ} (الآية "7" من سورة آل عمران "3" ). أو "تَعْمِيمٍ" نحو "إنَّ اللَّهَ يَرزُقُ عِبادَه الصَّالِحين والطَّالِحين" أو "تفْصيلٍ" نحو "نَظَرتُ إلى رَجُلَين: عَرَبيٍ وعَجَميٍّ" أو "مَدْحٍ" نحو {الحمد للَّهِ رَبِّ العَالَمِين}. أو "ذَمٍّ" نحو {فاسْتَعِذْ باللَّهِ من الشَّيطانِ الرَّجيمِ} (الآية "98" من سورة النحل "16" ). أو "تَرَحُّم" نحو: "لَطَفَ اللَّهُ بعبادِه الضُّعَفاءِ" أو "إبْهامٍ" نحو "تَصدَّقْ بصدقةٍ قَلِيلَةٍ أو كَثيرة" أو "تَوكيد" نحو "أمْسِ الدابِرُ لن يَعودَ" و{فإذا نُفخَ في الصُّور نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} (الآية "13" من سورة الحاقة "69")، فالنَّفخة تَدل على الوَحْدَة لأَنَّ بِنَاءَها لِلمَرَّة، ووَاحِدَةً: نَعْتٌ يُفيدُ التَّوكِيد.
-3 مُوافقة النَّعْتِ المَنْعُوتَ في التنكير والتعريف:
لا بُدَّ مِن مُوَافَقةِ النَّعْت المَنْعُوت في التَّنْكِير والتَّعريف، وقد بَسَطَ سيبويه في كتابه مُوافَقَةَ النَّعْتِ مَنْعُوته، نُلَخِّصُها بما يلي، ونَبْدأ بما بدأ به، وهو نعتُ النكرة: يقُول سيبويه: ومن النَّعتِ "مَرَرْتُ برجُلٍ أيِّما رجُلٍ" فإيِّما نعتٌ للرجل في كماله، وبَذِّه غيره، كأنَّه قال: مَرَرْتُ برجُلٍ كامِلٍ.
ومنه "مَرَرْتُ بِرَجُلٍ حَسْبِكَ مِنْ رجُلٍ" فهذا نعْتٌ للرجُل بِكَمَالِه، واجْتِماع كلِّ مَعَاني الرُّجُولةِ فيه. وكَذلِكَ: كَافِيكَ مِن رجُلٍ، وهَمِّكَ مِن رَجُلٍ (هَمّك: أي حَسْبِك)، ونَاهِيكَ من رجلٍ. و "مرَرْتُ برجلٍ ما شِئْتَ مِنْ رَجلٍ" و "مرَرْتُ برجلٍ شَرْعِكَ من رَجُلٍ" (شَرْعِك: حَسْبِك أيضاً)، و "مرَرْت برَجُلٍ هَدِّكَ من رَجُلٍ" (أي بكسر الدال من هدك، ومعناه: كافيك من رجل، وفي اللسان: وانشد ابن الأعرابي: "ولي صَاحبٌ في الغار هَدِّك صَاحِباً" أي ما أجلَّه وما أنْبَلَه وما أعلمه، يصف ذئباً)، و "بامرأةٍ هَدِّكَ مِن امْرأة"، فهذا كلُّه على مَعنىً وَاحِدٍ، وما كَانَ يَجْري فيه الإعرابُ فصارَ نَعْتاً لأوَّله جَرى على أوَّلِه (جرى على أوَّلِه: أي إن النعت يتبع المنعوت باعرابه رَفعاً ونصباً وجراً لأنهما لشيء واحد).
وسَمِعْنا بعضَ العرب المَوثُوقِ بهم يَقول "مَرَرْتُ برجُلٍ هَدَّك مِنْ رَجُلٍ" (أي بفتح الدال)، و "مررتُ بامرأةٍ هَدَّتْك من امرأةٍ" فجعله فِعْلاً مَفْتُوحاً، كأَنَّه قال: فَعَل وفَعَلَتْ بمَنْزِلَةِ كفَاك وكَفَتْكَ.
ومن النَّعت أيضاً (أي من نعت النكرات): مررت برجُلٍ مِثْلِك، فَمِثْلُك نَعْتٌ على أنَّكَ قلتَ: هو رَجُلٌ كما أنَّك رَجُلٌ. ويكون نَعْتاً أيضاً على أنَّه لم يَزِد عليكَ، ولم يَنقُص عنكَ في شَيءٍ من الأُمُور، ومثلُه: مررتُ برجلٍ، مثلِك أي صُورتُه شَبِيهَةٌ بصُورتِك" وكذلك: مَرَرْتُ برجلٍ ضَرْبِك وشِبْهِكَ وكذلك نَخْوِك، يُجرَين في الإعراب مُجْرىً وَاحداً، وهُنَّ مُضَافَاتٌ إلى مَعْرِفةٍ صِفاتٌ لنكرةٍ (المعرفة لا تكون نعتاً لنكرة، أما هذه الألفاظ كلها من شرعك وهدك ومثلك ونحوك وغيرك فظاهرها أنها تعرَّعَت بالإضافة إلى الضَّمير، وحَقِيقتُها أنها لم تكتسب تعريفاً مّا لشدِّة شُيُوعها وإبهامِها)، ثم يقول: ومنه "مَرَرْتُ برجلٍ شَرٍّ مِنْك" فهو نعتٌ على أنَّه نَقَص أنْ يكونَ مِثْلَه.
ومنه: "مَرَرْتُ برجلٍ خَيرٍ مِنْكَ" فهو نَعتٌ يَفْصِلُ به بينَ مَن نَعتَّه بِغَير وبَين من أَضَفْتَها إلَيه حتى لا يكونَ مِثلَه، أو يكونَ مَرَّ باثنين. ومنه: "مَرَرتُ برَجُلٍ آخَرَ" فآخَرُ نَعْتٌ على نحو غير.
ومنه "مَرَرتُ برجلٍ حَسَنِ الوَجْهِ" نَعَتَ الرَّجلَ بحُسْنِ وَجْههِ، ولم تُجعل فيه الهاءُ التي هي إضْمَارُ الرجُلِ أي حَسَنٍ وجْهُهُ.
وقال: وممَّا يكونُ نَعْتاً للنكرةِ وهوَ مُضَافٌ إلى مَعْرِفة قول الشاعر امْرِئ القيس:
بمُنْجَرِدٍ قيدِ الأَوابِدِ لاَحَهُ * طِرادُ الهَوَادِي كُلَّ شَأْوٍ مُغَرَّبِ
ومِمَّا يكونُ مُضَافاً إلى المعرفة ويكونُ نَعْتاً للنكرة الأسماءُ التي أُخِذَتْ من الفِعْل، فأُريدَ بها معنى التنوين (وهي المشتقات كاسم الفاعل واسم المفعول والفة المشبهة فإنها إذا أُضيفت إلى ضمير فإضافتها لفظية لا تفيد تعريفاً، وبذلك يصح نعت النكرة بها، ويريد بالتنوين أن مثل "هذا رجلٌ ضاربك" لا يختلف عن قولك "هذا رجلٌ ضاربٌ إيَّاك" فالأول تخفيف للثاني).
ومن ذلك "مَرَرْتُ رِرَجُلٍ ضَارِبِكَ" فهو نعتٌ على أنه سَيَضربه، كأنَّك قلت: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ ضَارِبٍ زَيْداً ولكنْ حُذِفَ التَّنْوين من ضاربك استِخفَافاُ ، وإن أظْهَرتَ الاسمَ وأَرَدْت التَّخْفِيف، والمَعنى مَعنى التَّنوين، جَرَى مَجْراه حين كان الاسم مُضمراً، ويدلُّكَ على ذلك قولُ جرير:
ظَلِلْا بمُسْتَنِّ الحَرُور كأننا * لَدَى فَرسٍ مُستقبِلِ الريح صائِم
(قال ثعلب: هذا بيت نَصبُوهُ على أرمَاح ليَسْتَظِلوا به فطيرته الريح، والشاهد فيه نعت فرس النكرة بقوله "مستقبل الريح" ظاهره معرفة وهو بمنزلة النكرة).
كأنه قال: لدى مُسْتَقبلٍ صَائم، وقال ومنه أَيضاً قَولُ ذِي الرُّمَّة:
سَرَتْ تَخبِطُ الظلماءَ من جَانَبي قَساً * وحُبَّ بها من خابِطِ الليل زائرِ
حُبَّ بها أي احْبِبْ بها، ومِنَ النَّعتِ أيْضاً: "مَرَرْتُ برَجُلٍ إمَّا قَائِمٍ وإمّا قَاعِدٍ" أي ليسَ بمُضطَجِعٍ ، ولكنه شَكَّ في القيام والقعود، وأعْلَمَهُم أنَّه على أَحَدِهما.
ومنه أيضاً "مَرَرتُ برجلٍ لا قَائِمٍ ولا قَاعِدٍ".
ومنه "مَرَرْتُ برَجلٍ رَاكبٍ وذَاهِبٍ" أو "مررتُ برجلٍ رَاكِبٍ فَذَاهِبٍ" ومنه "مَرَرتُ برجُلٍ رَاكِبٍ ثُمَّ ذَاهِبٍ".
ومنه "مرَرتُ برجلٍ رَاكعٍ أو سَاجدٍ"، فإنَّما هي بمَنْزِلة: إمَّا وإمَّا.
ومنه "مَرَرْتُ برجُلٍ رَاكعٍ لا سَاجِدٍ".
لا: إخْراجٌ للشك، ومنه "مررتُ برجلٍ راكعٍ بل سَاجِدٍ" إمَّا غَلِطَ فاسْتَدْرَكَ أو نَسِيَ فَذَكَرَ.
ومنه "مَرَرْتُ برجُلٍ حَسَنِ الوجْهِ جَمِيلِه".
ومنه "مَرَرتُ برجُلٍ ذِي مالٍ"، ومنه "مررتُ برجلٍ رَجُلَ صدقٍ" مَنْسوبٍ إلى الصلاح، ومنه "مَرَرتُ برَجُلينِ مِثْلِك" أي كلُّ واحدٍ منهما مِثْلِك، وكل ذلك جَرٌّ.
ومنه "مَرَرتُ برجُلين غيرك" أي غيرِه في الخِصَال، أو رَجُلين آخَرين، ومنه "مررتُ برجُلَين سَوَاءٍ".
ومن النَّعت أيضاً: "مَرَرتُ برجُلٍ مثلِ رَجُلَين" وذلك في الغَنَاء، وهذا مثلُ قولِكَ: "مَرَرتُ بِبُرٍّ مِلْءِ قَدَحَين" وكذلك "مَرَرتُ بِرَجُلَين مثلِ رَجُلٍ" في الغَنَاء، كقَولِكَ "مَرَرْتُ بِبُرَّين مِلْءِ قَدَح" وتَقُول: "مَرَرتُ بِرَجُلٍ مِثْلِ رَجُلٍ" ومنه "مَرَرتُ بِرَجُلٍ صَالحٍ بل طالحٍ" و "ما مَرَرتُ بِرَجُلٍ كريمٍ بَلْ لَئِيمٍ" أَبْدلْت أي بِبَل الصفةَ الآخرةَ من الأُولَى، وأشْرَكتَ بَينَهما أي بالعطف بل في الإجراء على النعوت (أي بإتْبَاعِه بالحَركات والتذكير أو التَّأنيث والتعريف أو التنكير والإفراد أو التَّثْنية أو الجَمع) ولكنَّه يجيء على النِّسْيان أو الغَلَط أي بِبَل فَيَتَدَارَكُ كَلاَمَه، ومثلُه: "مَا مَرَرتُ بِرَجُلٍ صالحٍ ولكنْ طالحٍ" أبْدَلْتَ الآخِرَ أي النَّعت الآخر من الأول أي من النعت الأول فَجَرى مَجْراه في بَلْ. ولا يُتَدَارَكُ بـ "لكن" إلاَّ بَعْدَ النفي، وإن شِئتَ رَفَعتَ على تقدير هو في "لكن" و "بل" فقلتَ "مَا مَرَرتُ بِرَجُلٍ صالحٍ بل طالحٍ" أي هو طالِحٌ، من ذلك قَولُه عزْ وجلّ: {وَقالوا اتَّخذَ الرَّحمنُ وَلَدَاً سُبْحَانَه بَل عِبَادٌ مُكْرَمُون} (الآية "26" من سورة الأنبياء "21")، ويقول سيبويه: واعلم أنَّ "بَلْ ولاَ بَلْ، ولَكِنْ" يَشْرَكْن بين النَّعتَين فَيُجْرِيَان على المَنْعُوت كما أشْرَكتْ بَيْنَهما "الواوُ، والفَاءُ، وثُمَّ، وأوْ، ولا، وإمّا".
أمّا الاستِفْهام، فلهُ الصَّدَارَةُ فلا يَعمْل فيه ما قَبْله، تقول: "ما مَرَرتُ برجلٍ مُسْلمٍ فكيفَ راغِبٌ في الصدقة" بمنزلة: فأين راغِبٌ في الصدقة، على حَدِّ قولِ سِيبويه.
-4 مُوافَقةُ النعْتِ لِمَنْعُوته في التَّعريف:
يقول سيبويه "هذا باب مَجْرَى نعتِ المَعْرِفة عليها" ثم يقول: واعْلم أنَّ المَعرِفَة (وذكر سيبويه بأول بحثه المعارف بقوله: فالمعرفة خمسة أشياء: الأسماء التي هي أعلام خاصة، والمضاف إلى المعرفة إذا لم تُرِد معنى التنوين والألف واللام والأسماء المبهمة وهي اسم الإشارة والإضمار)، لا تُوصَفُ إلاَّ بمَعْرِفَة: كما أنَّ النَّكرة لا تُوصَفُ إلا بِنَكَرَةٍ، واعْلَم أَنَّ العَلَم الخاصّ من الأسْماء يُوصَفُ بثَلاثَة أشياء: بالمُضَافِ إلى مِثْله (أي المضاف إلى المعارف كالمضاف إلى الضمير)، وبالألِف واللاَّم، والأسماء المُبْهَمَة وهي أسماء الإشارة فأما المُضَافُ فنحو: "مَرَرتُ بزيد أَخِيكَ" والأَلِفُ واللامُ نحو: "مَرَرتُ بِزَيدٍ الطَّويلِ" وما أشْبه هذا مِنَ الإضافة والأَلِف واللاَّمِ، وأما المُبْهَمَة أي أسماءُ الإشارة فنحو "مَرَرتُ بِزَيدٍ هَذا وبعَمرٍو ذاك".
والمُضَافُ إلى المَعْرِفة يُوصَف بثلاثَةِ أشْياءَ: بمَا أُضِيفَ كإضَافَتِهِ وبالألِف واللاَّم، والأسماءِ المبهمة، وذلك "مررت بصاحبك أخِي زَيدٍ" و "مرَرتُ بِصاحبك أخِي زَيْدٍ" و "مرَرْتُ بِصَاحِبِكَ الطَّوِيل". و "مررتُ بصَاحِبك هَذَا" فأمَّا الألف واللام فتُوصَفُ بالألِف واللاَّم، وبما أُضِيفَ إلى الأَلِف واللاَّم بمَنْزِلة الألفِ واللام فَصَارَ نَعْتاً كما صار المُضَافُ إلى غَيرِ الأَلِفِ واللام صِفةً لِما لَيْسَ فيه الأَلِف واللام - وقد تقدم مثله - وذلك قولُك: "مررتُ بالجميلِ النبيلِ" و "مررتُ بالرجل ذي المال".
وأمّا المُبْهَماتُ وهي أسماءُ الإشارة - فهي ممَّا يُنعَبُ به - ونُنْعَت (وعند الزجاج والكوفيين لا يَنْعَتُ اسمُ الإشارة ولا يُنْعتُ به، والأَولى عِنْدهم جعلُه بَياناً)، فالأول نحو قوله تعالى: {بَلْ فَعَلَهُ كَبيرُهُم هذا} (الآية "63" من الأنبياء "21"} وأما الثاني فنحو قوله تعالى: {أَرَأَيْتَكَ هذا الَّذي كرَّمتَ عَلَيَّ} (الآية "62" من الإسراء "17" ).
ثم يقول سيبويه: واعْلَمْ أن صِفَاتِ المَعْرِفَة تَجْرِي مِنَ المعرفة مَجْرَى صِفاتِ النكرةِ مِنَ النكِرَة، وذلك قَولُكَ: "مَرَرْتُ بَأخَوَيْكَ الطَّويلَيْن" فلَيس في هذا إلاّ الجرُّ، كما ليسَ في قولك: "مَرَرْت برجلٍ طويلٍ" إلاّ الجَّر. ويَثول، وإذا قُلتَ "مَرَرْتُ بزيدٍ الرَّكعِ ثم السَّاجدِ" أو الرَّاكِعِ فالسَّاجِدِ، أو الراكع لا السَّاجد، أو الرَّاكِع أو السَّاجدِ، أو إمَّا الراكِعِ وإمّا السَّاجِدِ، وما أَشْبَه هذا لم يكنْ وجهُ كَلاّمِه إلاَّ الجَرَّ، كما كانَ ذلك في النكرة وقد تَقَدَّمَتْ فإن أدخلتَ "بَل ولكن" جازَ فيهما ما جاز في النكرة أي العَطْفُ على النعت أو القَطْع على أن يكونَ خَبراً لمبتدأ هو وقد مضَى الكلام في النكرة فأغنى عن إعادته في المعرفة.




هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني