عرض مشاركة واحدة
قديم 07-12-2013, 10:06 PM
المشاركة 2
أسرار أحمد
( سارة )
  • غير موجود
افتراضي واجهة المعرض ..~
بقلم أسرار أحمد،إشراف آية أحمد

الحورية و الأسماك
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
إلى عالم المحيطات ، تلك التي طالما نسجت حولها أروع القصص و الحكايات… هناك ...
حيث سرت فوقها سفن البحَّارة و التجَّار، وكانت وما زالت جسراً يصل بين الدول و القارات... سنبحر ، و لكن لنزور أعماقها ، ونرى العجائب و الآيات مع أسماك جميلات، تتمايل ما بين الحشائش بألوانها المختلفة الزاهية، على أنوار الدرر الجميلة المتربِّعة داخل الأصداف
و المحار .
فما بين هذه الآيات نسير رويداً ...رويداً ...رويداً … لنصل إلى قصر كأنَّما نزل من عالم الأحلام
أووووو....إنَّه قصر الحورية الحسناء ، حبيبة الأسماك و آخذة الدرّر من أفواه الأصداف .



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
ترى كيف كانت حوريتنا الحسناء تأخذ الدرر من أفواه الأصداف ؟ هيَّا نذهب إلى الأسماك لنستمع إلى أروع الحكايات؟

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

قالت السمكة الصفراء الحكيمة التي اعتادت أن تجمع شقائق البحر و أنجمه لتسمعهم كلّ يوم حكاية من حكاياتها الجميلة الممتعة
- كانت الأسماك في كل يوم و بعد الانتهاء من الغداء تخرج للعب والمرح، فتتسابق فيما بينها، وتشاركهم الحورية الحسناء مرحهم ، و لكنَّ ذيل حوريتنا الحسناء كان دائماً سبَّاقاً في الميدان ، فتصل الأولى في كل مرّة وتأخذ الدرر من أفواه الأصداف، تاركةً الأسماك في حسرتها لعدم قدرتها على الفوز ولو مرة واحدة ....
وذات يوم، وبعد خروج الأسماك للسباق، لم تكن الحورية الحسناء بينهم، فوقف أصدقاؤها ينتظرون قدومها بقلق، فهم يحبّونها ولا يشعرون اتجاهها بالغيرة والحسد رغم أنها المتفوقة عليهم دائما... لكنّ غيابها طال...
يوماً و يومين ، أسبوعاً و أسبوعين ، شهراً و شهرين ،
وهنا ساد القلق وقرّروا أن يفعلوا شيئا...

ثم استقرّ رأيُهم على الذهاب إلى القصر والاطمئنان عليها هناك...
انطلقت الأسماك باتِّجاه القصر بألوانها المتنوعة والشَّوق للحورية الغائبة يملأ قلوبهم .
و عند الوصول لم يصدقوا أعينهم حين رأوا أنفسهم أمام باب القصر ، ولمَّا سمح لهم الحارس بالدخول ، اندفعوا نحو القصر ليروا مالم
يروه في أحلامهم ، لكنَّهم أصيبوا بالوجل عندما أهلت الحورية الحسناء بوجهها الحزين و الكل مشدود إليها لمرآها العابس التعيس

حاول الجميع معرفة سرّ هذا العبوس المفاجئ، لكنّ الحورية الحسناء لاذت بالصمت وأبت أن تفصح عن أسباب هذا الحزن الشَّديد
وأمام إصرارها على الصمت، لجأ القرش وأصدقاؤه إلى حيلة علّها تزيح الحزن عن الحورية وتنفعهم في استنطاقها...
صكَّت القرش أسنانها لتعزف لحناً جميلا، وراح الأصدقاء يغنّون على وقع هذا اللحن أغنية تزيح الحزن عن وجه الحورية المهمومة
كنا جميعا في المنى
نلهو ببحر في هناء
غابت طويلا وردنا
بالله ماهذا الجفاء


عندما أنهوا شدوهم، رفعت الحورية رأسها فبدا وجهها يشعّ بياضه سحرا كأنه حبَّات الثَّلج، وعيناها بالحور تَزيَّنَ طرفهما لكأنَّهما نزلتا من رياض الجنان ، و بدأت تتكلم بلسانها لتفصح عمَّا طوته في قلبها فقالت:
بينما كنت أتنقل في أرجاء المحيطات، نزلتُ عند كوخ قديم لأستريح بعض الوقت و غلبتني عيناي فنمت ، و إذا بي أستيقظ على صوت حورية من أجمل خلق الله تقطّر الرحمة من عينيها، كانت توقظني و تدعوني لأتناول معها طعام الغداء ، كان .بيتها متواضعا لكنني شعرت أنه مليء بالأسرار، ثمَّ دعتني لأصعد معها إلى العلية، فصعدت، و ذهلت أمام مكتبة تربّعت على أغصان الأشجار وقد تنوّعت بما لذَّ و طاب من أصناف العلوم و الآداب و الفنون ، فيها الاكتشافات و الاختراعات و المؤلفات و المصنَّفات و الألواح و الرسومات . و كانت إلى جانب العلية غرفة صغيرة تحيك فيها الحورية الملابس التي تبيعها و من ناتج بيعها يقتات جسمها وكذا عقلها من خلال الكتب التي تشتريها لتغني مكتبتها بنفائس المؤلفات و درر العلوم و الفنون .
سكتت الحورية فجأة وكأنما تسترجع ذكريات جميلة مرّت بها، تجلّى ذلك في الابتسامة التي صحبت كلامها وهي تواصل قائلة :
لقد كان لطعامها الذي دعتني إليه نكهة مختلفة لم أذقها في حياتي رغم بساطته، شعرت بأنَّه ألذ و أطيب من الموائد الفاخرة التي تُقدم إليّ كل يوم في قصري الفخم هذا .
ثم سكتت ثانية وتنهدت وهي تقول
عندها فقط أحسست بتفاهتي ... أمضي وقتي كلَّ يوم باللعب و السباق ، أنا التي تيَّسرت لي كل أسباب الحياة ، و غيري يفني أيامه في الجدِّ و العلم و العمل .
كوخٌ صغيرٌ أثمر علماً و فناً و أدباً و قصر كبير ضاعت فيه أيامي هباء منثورا.
وانفجرت بالبكاء...
فصاح القرش:
- لا تبكي يا حوريتنا الجميلة ، سنبني من اليوم كوخا فاخرا إلى جانب قصرك العظيم ، ندعو إليه الحورية العالمة و نجعلها تحمل إليه مكتبتها الزاخرة بالعلوم و الآداب، ثم نطلب منها أن تعلّمنا في كل يوم درساً في الحياة أو علماً أو فنَّاً أو أدباً ، و نجعل سباقنا حول أكبر كمّ من العلوم نحرزه، و الجائزة تكون دررا ناصعة من أفواه الأصداف يحوز عليها المتفوق دون عناء السباق في الميدان .
هلّلت جميع الأسماك للفكرة بما في ذلك الحورية الحسناء التي راحت تعمل بتفان على بناء الكوخ الذي أنفقت عليه أموالا طائلة لتظهره في أجمل صورة تليق بالحورية العالمة ومكتبتها الثمينة بالعلوم ، فجعلت بلاطه من الذهب و الفضَّة و جدرانه مزركشة بأجمل الألوان
و على جدرانه جذوع الأشجار مصطفة تستعد لتحمل في جعبتها نفائس الكتب و المؤلفات لتغدو مكتبة الحورية الحسناء .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
انطلقت الأسماك في سباقها المعتاد بصحبة الحورية،إلَّا أنَّ وجهتها هذه المرَّة كانت إلى كوخ الحورية العالمة ، و عند الوصول تعالت أصواتهم بالغناء :
أسماكٌ في البحر الواسع
قد جاءت للكوخ الرائع
ترجوا النُّور الأعلى النَّاصع
نور العلم الأبهى السَّاطع

فتحت العالمة النَّافذة تتأمل جموع الأسماك الوافدة إليها بالغناء والترحيب من الأعلى ، فنزلت إليهم ودعتهم للدخول و الجلوس في قاعة الانتظار ريثما تعدّ لهم الحساء اللذيذ الذي سحر الحورية الحسناء بطعمه المشهيّ.
لمّا أنهوا حساءهم، راحوا يعرضون عليها رغبتهم في اصطحابها إلى الكوخ الفخم الجديد الذي بُني من أجلها، إجلالا لمقامها كعالمة ورغبة في انتهالهم للعلم الذي حباها الله به.
شعرت الحورية العالمة بامتنانها أمام هذا العرض الجميل الذي كشف عن طيبة هؤلاء الأصدقاء، غير أنها كانت متعلقة بكوخها الذي بنته بيديها وأودعته أجمل ذكرياتها، فوافقت على عرضهم لكن بشرط، وهو أن تزورهم في كوخهم الفخم مرّة في الأسبوع، ويزرونها في كوخها المتواضع في الأسبوع الذي يليه، ويجعلون الزيارة لانتهال العلم منها ومن مكتبتها الثرية، أما أن تترك كوخها إلى الأبد فهذا أمر مستحيل..
ثم أرشدتهم إلى نفائس الكتب كي يقتنوها ويملؤوا بها مكتبة الكوخ الفخم.
أصبحت السمكات و الحورية طالبات علم ينهلن من شتَّى المعارف و العلوم ، وبعدها يعدن للتسابق في الميدان للترويح عن النفس بعد عناء الدراسة والمطالعة .
ومنذ ذلك الحين لم تعد الحورية الحسناء وحدها من يحظى بالدرر من أفواه الأصداف و إنَّما صار يزاحمها من حصّل أعلى الدرجات في العلم.
و في الميدان أضحى ذيل الحورية العالمة سبَّاقاً على الدَّوام .


.

انتهت الحكاية
[/COLOR]