عرض مشاركة واحدة
قديم 11-23-2011, 04:07 PM
المشاركة 66
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
المجوس
الجزء الاولى
في هذا العمل الملحمي ندخل عالمًا يأسرنا من الوهلة الأولى بغرابته وفرادته وجدّته, عالمًا تتقاطع فيه الأساطير الموروثة وتعاليم الأسلاف بتأملات الحكماء والشيوخ والعرّافين وأشواق الباحثي عن الله والحرية وصبوات الطامعين بإمتلاك الذهب والسلطة.
لكن عالم الصحراء أوسع من أن يقتصر على الإنسان, فهو يمتد ليشمل عناصر الطبيعة الصحراوية القاسية وكائناتها الخفيّة وحيواناتها ونباتاتها. ففي هذا العالم حيث تطرف الطبيعة وقسوتها تندفع الأشياء والكائنات والأحداث والبشر حتى النهايات القصوى لتكتشف عن مضامينها وابعادها وحدودها, إذا لامجال هنا للتسويات والمساومات والمهادنات. فلا توسط بين الله والذهب, بين تطلب الحقيقة وشهوة السلطة, بين نبالة الروح وهوة التملك طالما أن المجوسي ((ليس من عبد الله في الحر ولكن من أشرك في حبه الذهب).
مامن وجه واحد للمجوسي هنا إذا يتجلى في العديد من الشخصيات اللاهثة خلف الثروة والمال والسلطة والنفوذ, فالمجوسي قد يكون حاكمًا (السلطان أورغ) أو صوفيًا مزيفًا (شيخ الطريقة القادرية) أو تاجرًا (الحاج البكاي) أو عرّافًا (العجوز تيميط) أو باحثًا عن الانتقام (القاضي الشنقيطي) أو ..., بل لعل في كل إنسان يكمن مجوسي يتحين غفلة من العقل والروح ليطل برأسه ويتلبسه.

الجزء الثاني
تتمحور رواية ((المجوس)) حول محاولة استعادة الجنة المفقودة أو بالأحرى إقامة المدينة الأرضية (مدينة السعادة) المعادلة للفردوس الضائع, لكن الخطيئة التي اخرجت الجد الأكبر للبشر (مندام) من الفردوس إلى عالم الشقاء الأرضي ماتزال تلاحق نسله.
فإذا كان خروج مندام وشقاؤه في العالم نتيجة لاستيلاء فتنة وإغواء المرأة على عقله وقلبه وجسده, فإن نسله مسكون بفتنة وإغواء الذهب كما بغواية السلطة وجبروت القوة.
من هنا إخفاق المحاولات المتكررة للإنسان في بناء المدينة الأرضية, ومن هنا المصير الفاجع المأساوي الذي أحاق بمدينة الذهب ((تمكبتو)) ومثيلتها ((واو)) التي حلم السلطان "أناي" بتشييدها في نقطة تقاطع طرق القوافل في الصحراء الكبرى.
وإذ تعيد رواية ((المجوس)) طرح الأسئلة الخالدة عن معنى الوجود والمغامرة الإنسانية والمصير والسلطة والحضارة والجنس والموت مستخدمة عالم الطوارق - المعقد والغني رغم بساطة حياتهم - بمثابة مادة قصصية وتخييلية, فإن لها الحق - وهذا ما سيكتشفه القارئ - في أن تمثل في موقع الصدارة من الأدب الروائي العربي المعاصر