عرض مشاركة واحدة
قديم 07-18-2016, 02:05 PM
المشاركة 11
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
شخصيّا أنا أحترم الحماس الذي يبديه البعض ، و هو في عمقه إرادة إيجابية تتطلع إلى المستقبل المشرق ، و تنم عن تفاعل مع الحدث و قراءته بروح تفاؤلية وهذا لا يفسد للود قضية ، لكن قراءة الحدث بمعزل عن سياقه هو خطأ منهجي ايضا ، فأردغان الذي كان يريد أن يلعب لعبته خارج حصونه لم ينجح في هذا و هذا فشل ذريع ، فهو رغم نجاحه الباهر اقتصاديا رغم تحفظي الشديد على أسباب هذا النجاح و لو اردنا قراءته بكيفية عميقة لوجدنا أن سره يفوق بكثير سياسات أردغان نفسه ، بل نتاج مرحلة ، و نتاج نضال كبير لبناء مؤسسات الدولة التركية ساهم فيه حتى الانقلابيون الأوائل كما الحكومات الأخرى ، لكن لتغير الظروف كانت تركيا الدولة الأكثر استعدادا لاستغلال طفرة النظام العالمي الجديد و افلاس الصناعة الغربية و عدم قدرتها على المنافسة بسبب المد الصيني والهندي و هجرة رؤوس الأموال ، فالقارئ الحقيقي للنقلات الاقتصادية لابد أن يقرأ الأسباب الحقيقية و لا ينجر إلى البضاعة الاخبارية المستهلكة ، فحتى نمور آسيا هم ثمرة ظرف معين تم استغلاله من طرف تلك الشعوب وسياسييها ، أردغان فشل فشلا ذريعا في أغلب مواقفه التي تنم عن عدم نضج سياسي ، و اضطر في كثير من الأحيان إلى التراجع عن مواقفه ، و كانت المؤسسة العسكرية التركية هي من تتدخل في كل مرّة لمحو التأثير السّلبي لانفعالاته على الدولة التركية ، و كان يرى مؤسسته العسكرية كخصم وجبت تصفيته منذ انخراطه في السّياسة ، و كانت هذه المؤسسة هي التي توازن بين طموحه الجارف الغير المسؤول و مستقبل الدولة التركية ، رغم ذلك في كلّ مناسبة يتعقل فيها العسكر يضيف أردغان نقطة لصالح ديكتاتوريته ، وهذا ماجعل المؤسسة العسكرية تتدخل لإيقاف هذا الطموح المبالغ فيه وهذا الدور الذي يريد الرجل أن يلعبه دون أن تمتلك الدولة التركية مقومات إنجازه ، فتخيل رجلا يعلن الحرب على روسيا ، هذا لم تفعله حتى أمريكا في عز انهيار السفيات في الثمانينيات و الاضطرابات التي هزّت المعسكر الاشتراكي في التسعينيات ، فأين العقل الرّاجح .