عرض مشاركة واحدة
قديم 02-10-2011, 11:59 PM
المشاركة 10
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
1




في بدايتي نهايتي



المنازل تتابع ارتفاعاً وسقوطاً وتكسراً



توسع أو تنقل أو تهدم أو ترمم



أو يحتل مكانها حقل أو مصنع أو طريق



يؤول الحجر القديم إلى مبانٍ جديدة



والخشب القديم إلى نيران جديدة



والنيران القديمة إلى تراب



والتراب إلى الأرض



والتي قوامها اللحم والفراء والبراز



وعظام الإنسان والحيوان



وأعواد الذرة والأوراق



المنازل تحيا وتموت



حيث هناك زمن للبناء



وزمن للحياة والتناسل



وزمن تكسر فيه الريح الزجاج السائب



وتهز كسوة الحائط الخشبية حيث يرتع فأر الغيط



وتهز الستار الممزق المطرز بحكمة صامتة



في بدايتي نهايتي



والآن، يسقط الضوء



عبر الحقل المكشوف بعد أن تركنا الطريق المتوغل



محتجباً بالفروع مظلماً في الأصيل



حيث تضطجع على جسر بينما تمر عربة



ويستمر الطريق في الاتجاه نحو أعماق القرية



منوماً في الضباب الدافئ وحرارة الكهرباء



يمتص الضوء الحار الرطيب



لا تعكسه الأحجار الرمادية



وتنام الداليات في صمت فارغ



في انتظار البومة المبكرة



في ذلك الحقل المفتوح



إذا لم تقترب كثيراً، إذا لم تقترب كثيراً



في منتصف ليلة صيف



يمكنك أن تسمع الموسيقى



الناي الخافت والدف الصغير



وتراهم يرقصون حول النار



خليطاً من الرجال والنساء



في رقصهم يرمزون إلى الزواج



طقساً مهيباً ومريحاً



إثنان اثنان يتصلان



يتماسكان بالأيدي أو بالأذرع



يمسك أحدهما الآخر رمزاً للتوحد



يقفزون فوق النار أو يتصلون في حلقات



في وقارهم الريفي وضحكاتهم الريفية



يرفعون أقداماً ثقيلة في أحذية كئيبة



أقدام من الأرض، أقدام من الطين



ترتفع في مرح الريف



مرح أولئك الذين يرقدون تحت التراب



من قديم الأزل يغذون الذرة ويحفظون


المواعيد



ويحافظون في رقصهم على الإيقاع



مثلما كانوا يفعلون في حياتهم في فصول الحياة



في زمن الفصول والأبراج



في زمن الحليب والحصاد



في زمن تزاوج الرجل والمرأة



وزمن الحيوانات



أقدام ترتفع وتهبط



تأكل وتشرب



تتبرز وتموت



يبزغ الفجر ويوم جديد



يستعد للحرارة والصمت



ورياح الفجر بعيداً على صفحة البحر تنزلق وتتجعد



أنا هنا، أو هناك، أو في أي مكان آخر



في بدايتي




يتبع

.
.

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)