عرض مشاركة واحدة
قديم 08-27-2010, 02:37 PM
المشاركة 15
حاتم الحمَد
مؤسس ومدير شبكة ومنتديات منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخت الكريمة سارة الودعاني تحية طيبة لكِ ،

وتحية رمضانية لجميع الإخوة والأخوات

الذين عقبوا على موضوعك الجميل هذا .


من وجهة نظر خاصة لا ألزم أحدا بها ،

ومن واقع تجربتي الصغيرة في علوم العربية

التي تخونني ذاكرتي كثيرا في التزام آدابها ،

أرى أن أول ما يحاسب عليه الكاتب هو :

الخطأ اللغوي ، ثم الخطأ الإملائي ، ثم الخطأ النحوي،

ثم أخيرا البلاغة ، لأن علم البلاغة ليس علم تصحيح ،

بل هو علم سمو باللغة فمن أراد أن تسمو لغته ،

فوق اللغات فعليه الإمساك بعلم البلاغة ،

لأنه علم يفرق فيه بين أنواع الكلام ،

وأقصد بأنواع الكلام هنا الكلام المفهوم ،

بعيدا عن الكلام الغير مفهوم كبعض أصوات

الحروف المجمعة على غير معنى ،

والكلام المفهوم ( وهو مانراه في عالم الكتابة

الأدبية هنا وفي أماكن كثيرة )

يتكون من درجات متفاوتة في الإفهام وفي إيصال المعنى.


فمثلا لو أردنا أن نوصل فكرة:

( تفوق سارة دراسيا)

ولانريد غير إيصال هذه الفكرة للسامع ،

فمن البلاغة أن نقول :

( تفوقت سارة في الدراسة )

علما أننا نستطيع أن نقول أيضا :

( نجحت سارة في جميع المواد بتفوق) ،

وأيضا نستطيع أن نقول :

( تفوقت سارة في مادة التاريخ والإملاء والبلاغة

والنحو والأدب والقراءة والتعبير والفقه والرياضيات ...الخ)

ولكنه أقل بلاغيا من القول الثاني .

فالعبارات الثلاث السابقة تؤدي نفس المعنى ،

ولكن من البلاغة إيصال المعنى

بأقل المفردات وهذا ما لاحظناه في العبارة الأولى ،

فهي أبلغ من العبارتين التاليتين ،

مع أن العبارات الثلاث أوصلن نفس الفكرة

التي أرادها المتكلم.



هذا باختصار علم البلاغة ، وهو في سبيل ذلك تفرع

إلى علوم مختلفة يساند بعضها بعضا للوصول

إلى الكمال الذي يبتغيه كل إنسان ،

ولكنه لن يبلغ الكمال ، وحسب الإنسان أنه حاول

وسعى وتفوق على غيره.



ولدي فلسفة أخرى في البلاغة :

فهي ترتبط بدواخل النفس وبالظروف المحيطة

وبالملكة اللغوية والدربة عليها وحال السامع

أو القارئ ، فكلها عوامل تزيد أو تنقص

من بلاغة المتكلم أو الكاتب.


لذا لن نستطيع أن نخطئ أي كاتب أو متكلم

من الناحية البلاغية ، فهذا الكاتب أو المتكلم

يستطيع أن يقول أنه أراد المعنى الذي دونه

في مفرداته الملقاة ، هذا في الأغلب الأعم ،

ولكن هناك بعض العبارات تخرج من السياق

المفهوم إلى سياق التعقيد والغرابة بسبب عوامل

عدة ليس هذا مجال ذكرها ،

وهذه العبارات التي تدخل ضمن التعقيد والغرابة

وعدم الفهم هي التي تحتاج إلى تنبيه ، لتعاد صياغتها ،

وهذا كله معدوم في علم النحو والصرف والإملاء

فهي علوم مقعدة أي تتبع قواعد واضحة لامجال

فيها للإراء إلا بالقدر الذي يتم فيه تأويل المكان

الإعرابي للفظة.


شكرا أختي العزيزة سارة على هذه المداخلة القيمة

والتي استفدنا منها كثيرا من خلال كلماتك

وكلمات الإخوة المشاركين في هذا الموضوع.


وتجاوزوا عن زللي الذي حتما هو ملازم

لمن انتسب لبني الإنسان.