عرض مشاركة واحدة
قديم 02-09-2011, 11:38 PM
المشاركة 2
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
في هذه اللحظات دخل كليرك أسقف الكنيسة بخطوات متباعدة ثم وقف معلناً بداية الصلاة، وإذ ذاك انطلقت الأجراس في عزف شجي غمر أرجاء البلدة المقفرة، وما فتئ أن اندس رأس السيدة دورينال بين طيات شالها الفضفاض، مما جعلها تغيب عن نظر جوليان الذي كان يجتهد في مراقبتها ومع ذلك تعّرف عليها، لم يتردد لحظة، فأخرج مسدسه وصوّبه بطريقة إلى نحو السيدة وضغط على الزناد فانطلق العيار الناري مدوياً، تنحنح جوليان عن مكانه ببضع سنتيمترات ثم ما فتئ أن أطلق عياراً ثانياً فسقطت السيدة دورينال على الأرض غارقة في دماءها.





تسمّر جوليان في مكانه للحظات من دون حراك كأن أحد جاء وعصّب عينيه ولما استرجع وعيه وجد الدنيا واقفة على كف عفريت، سكن الذعر أرجاء المبنى وبعثر الحضور بشكل مهول، هرب الجميع إلى الخارج بما فيهم أسقف الكنيسة الذي أعلن عن انتهاء القدّاس في اضطراب، كل ذلك حدث وجوليان يراقب مرور اللحظات الفوضوية في ذهول مميت، تعالى عويل النسوة وصراخ الأطفال، حتى أن امراة اندفعت هاربة بجلدها وما أن كادت تصل باب الخروج حتى تعثرت بأحد المقاعد المقلوبة فتهاوت ساقطة على الأرض كجذع شجرة، لم يكن هناك حظ للتعبير عن الألم، وفي الحين تم إلقاء القبض على جوليان وأول ما تم حجزه مسدسه الذي همّ باستعماله مرة أخرى لولا تفطن أحد رجال الشرطة الذي تصدى له ومنعه.



سيق جوليان إلى السجن مباشرة، وألقي به في زنزانة مقيد اليدين وأقفل عليه بابها بمخرطتين ليجد نفسه وحيداً في النهاية. سيبقى كذلك محبوساً لأيام في انتظار محاكمته، "انتهى إيماني عن آخره" غمغم جوليان بهذه الكلمات بينما عيناه معلقتان في السماء. "أجل .. بعد خمسة عشر يوماً بالضبط ستعالجني المقصلة بشفرتها، كم هو مؤلم ذلك".




كل مشاريعه وأمور خطط لها راحت هباءً منثورا، لم يكن يدري مصيره هكذا، تحسس رأسه وهو يطالع المكان بعينان ذابلتين وفي قلبه أمنية أن يجد من يؤازره في محنته، وبعض لحظات من التفكير، انقلب على جنب وراح يغط في نوم عميق.






قصة مأخوذة من رواية
"الأحمر والأسود" - الجزء (2) - صفحة 35







ترجمة: محمد عاطف بريكي
شاعر وناقد ـ الجزائر







هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)