عرض مشاركة واحدة
قديم 08-20-2022, 09:57 PM
المشاركة 13
موسى المحمود
كاتب فلسطيني مميز

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: إلى جدّتي النّديّة (أمُّ أسعد)
هل تذكرين ذلك المنحدر؟ كنّا نصعده صباحًا تمسكين يدي خوفًا على حفيدك وطمعًا في الاستناد عليه إن انزلقت إحدى قدميك أثناء الصعود الطويل.

كان باستطاعتي سماع زفير أنفاسك واستشعار تسارع نبضات قلبك الضّعيف، وكان من السّهل عليّ أن ألحظ تساقط قطرات العرق من جبينك على الأسفلت الملتهب عندما ينتهي بها المطاف عند رأس أنفك النّحيل.

وعند وصولنا معًا بعد عناءٍ طويل، كان احتفالنا بالوصول لا يتمّ إلا بشتيمةٍ تطلقينها تعنيفًا لتلك الحياة، وما أن نبدأ بالمشي الأفقيّ، حتّى تكافئنا الطّبيعة الرّحيمة بنسمة هواءٍ تشعرنا ببعض الرّضى الذي لم نكُ نملك غيره آنذاك، تلك الطّبيعة التي جمعت بين حرّ آب ونسمات هوائه العليل.

وبعد قضاء حاجياتنا، تبدأ عندي رحلة البحث عن حجّة لاقناعك بأنني أعرف طريق العودة، وكأيّ صبيّ شقيّ مولع بالمغامرات الغامضة تحاولين لجمي بعبارات عاطفية تصيب قلبي بمزيدٍ من الحبّ فيتخدّر الجموح فيّ وأستكينُ مستسلمًا لكفّ يدك طائعًا لمسار عودتك.

كنت دائمًا أطيعك في جميع المسارات، ولم يفتني طريقٌ واحدٌ سلكته قدميك دون أن أكون المرافق اللصيق رغم تهوّري بعض الأحيان، لكنّك في رحلتك الأخيرة حين غادرتِ إلى فلسطين عائدةً مع من عادوا لم تطلبي منّي أن أرافقك، ولم تمسكي بيدي لأكون سندك، كلّ ما فعلته هو أنّك بكيتِ، وبكيتُ أنا كثيرًا.

#فلسطين

#رواية_أم_أسعد

موسى المحمود