عرض مشاركة واحدة
قديم 02-18-2013, 01:01 PM
المشاركة 920
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع،،

الصحراء اول ساحة شهدت ميلاد الثقافة
من هنا تأتي الصحراء "التي لم تقول كلمتها في تاريخ الآداب" كما يرى الكوني معتبراً أنها "العالم الذي كان ولا يزال مغترباً، كان أدب الصحراء غائباً أو مغيباً رغم أن الصحراء هي أول ساحة شهدت ميلاد الثقافة من خلال النبوءة".
ويعزو الكوني ذلك إلى كون "الصحراء لا تهب إلا التأمل والحرية التي تنجب التأمل، ومنذ انقسم المجتمع البشري إلى قسمين راحل ومستقر. أصبحت الصحراء منفية بطبيعتها لأنها كفت أن تكون مكاناً".
ولأن "المكان له شروط منها توفر المياه" كما يوضح الكوني مسترجعاً القول "عسير أن يهجر المكان ذلك الإنسان الذي أقام إلى جوار النهر".
ويؤكد بالتالي أن "النهر هو وتد وهو خالق الحضارة وهو حجة الحياة ولكن في الوقت ذاته هو وتد العبودية شئنا أم أبينا".
ويستطرد الكوني في شرح مفهومه للترحال "هذا الانسان لا يملك إلا أن يرحل وأن يتحرر ويمارس الحرية في كل مكان، هو في عبور وفي اللا مكان وهذا يحقق الحد الأعلى للحرية". ما يجعله "كإنسان لا يملك إلا أن يتأمل، والتأمل هو الذي أنجب النبوءة، وهو الذي أنجب السؤال الأول حول خلود الإنسان من عدمه. لذا نجد كل الديانات التوحيدية تأتي من الصحاري".
ويضيف "الصحراء كانت شرطاً للنبوءة والتنسك والتدين، لذا عندما ينتمي إنسان إلى الصحراء ليس عليه أن يطمع بأن يكون روائيا. فضلا عن كونها ملجأ لمن أراد أن يؤكد وجوده الديني والروحي". معتبراً أن "هذه هي المفارقة لأن النظريات تقول إن الرواية عمل مديني، ويستحيل أن تولد في الصحراء". ويكمل الكوني شارحاً سعيه لنفي هذه النظرية "فهذا السؤال يؤرقني منذ تلقيته على يد أساتذتي وقررت أن أنفي نظرية أن الرواية عمل بورجوازي وعمل مديني ولا رواية خارج المدينة". واتضح للكوني بالتجربة "أن هذا ليس صحيحاً. لأن الرواية موضوعها ليس الواقع بل سؤال الوجود ومعنية بالانسان حيثما حل ومعه وجد السؤال الوجودي عن علاقة الإنسان بالماوراء ووجد اللغز وطرحت حزمة الأسئلة الوجودية والدينية".
لذا يرى الأديب الليبي أن "الحافز الأساسي لأي عمل روائي هو غيبية الإنسان، وهذا الذي يعطي عمقاً لحياة الإنسان وعنوان السعادة"، فمن لا يطرح السؤال على نفسه "ليل نهار لا يمكنه أن يكون سعيداً لأنه سؤال الحقيقة" يؤكد الكوني.
من هنا يعتبر الكوني أن العمل الابداعي "عمل صوفي مئة بالمئة"،

التكنولوجيا تعطب الذاكرة
استكمل الكوني حديثه عن علاقة الإنسان بالتكنولوجيا، معبراً عن رأيه بأن "المعلومة معادية للمعرفة، ولأن الإنترنت يقدم المعلومات والإنسان يتلقى فقط، فهو بالتالي ينسى ما يتلقاه من معلومات، ما يشوه روحه ويدنسها ويخلف بصمة عار، لأن الانسان ذاكرة والذاكرة مهما كانت عبقرية فهي محدودة وهشة وقابلة للعطب ونحن لا نعمل إلى أن نساهم في عطبها كل يوم بالتكنولوجيا". وأضاف "نحن لا يعنينا ما يجري في العالم، ونتيجة لذلك نغيّب براءتنا، فنحن لا يمكن أن نغير العالم". مستدركاً حديثه بالإشارة إلى "تغريب الكتاب ككتاب، بينما في الصحراء عندنا يعامل الكتاب كتعويذة ونص ديني أي بقداسة. والتقنية تنهي دور القداسة فتنزع عن الكتاب القداسة وتستبيحه فيتحول الى معلومة لا شأن لنا بها في واقع الأمر".
ويرى أن هذا الهوس حتى بالأخبار يعطل التفكير مستشهداً بالفيلسوف هنري تورد الذي قال في القرن التاسع عشر إن "الانسان الذي يسمع الأنباء هو كمن يفتح قلبه للقمامة. فإذا كان تبادل الأنباء في ذلك الوقت هكذا كيف به اليوم والمعلومة تقتحم حياتنا في كل لحظة ونحن نساهم في فتح الأبواب لها ونشتريها أيضاً، فيتعطل التفكير".

رسالة الروائي: الإخلاص
في رده على سؤال حول دور الروائي في الثورات والتغيير توصل الكوني إلى خلاصة مفادها أن رسالة الروائي هي "أن يكتب أدبا جيداً وأن يفعل ذلك بإخلاص وأن يبتعد عن الأوهام".

معتبراً أن "ليست مهمته قلب الواقع رأساً على عقب، فالرواية ليست رسالة انقلابية بل نص ديني هدفه وغايته الأخيرة الحقيقة".

مشدداً على أن الروائي "إذا فعل ذلك ملتزماً بقوانين الرواية والإبداع يكون قد أدى رسالته. ولا بد أن تكون هناك روح رسالية شاملة لكل شيء".

وأعطى مثالاً على ذلك دور الأدباء الفرنسيين الكبار كجان جاك روسو وفولتير في التمهيد للثورة الفرنسية "فهم لم ينزلوا إلى الشارع بل كتبوا فكراً نزيهاً تضمن الانتصار لقضايا الإنسان الكبرى".
وهذا ما حدث في روسيا أيضاً كما يشير الكوني إنطلاقاً من "دوستويفسكي وتشيخوف وغيرهم ممن كانوا يؤدون واجبهم بإخلاص"، لذا فهو يرى أن استمرارية أدبهم هي الدليل في مقابل الأدب السياسي في عهد روسيا القيصرية.

انتهى،،