الموضوع: التهويدة
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-29-2017, 03:32 PM
المشاركة 7
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
على الرغم انني دائما ما اجد صعوبة في سبر اغوار قصص الاستاذ مبارك الحمود دعونا نحاول تقديم قراءة معمقة لهذه القصة :

عنوان القصة هو " التهويدة " والتهويدة هي اغنية هامسة تغنيها الام عادة للطفل الرضيع حتى تساعده على النوم . ولا شك ان هذه الكلمة الوحيدة التي اختارها القاص كعنوان لقصته تضع المتلقي في جو النص المفترض الذي اختاره الاستاذ مبارك ليقص علينا احداث قصته وهو زمن الطفولة ولو ان السرد جاء على شكل ذكريات وهو حتما عنوان جذاب يدفع القاص ليندفع للتعرف على احداث القصة.
وعلى عكس المتوقع وبدلا ان يتحدث الاستاذ مبارك عن التهويدة نجده يفجر اول قنبلة من قنابله البديعية التي تعطي نصوصه نكهة خاصة وتجعل اسلوبه مميزا ومؤثرا. فنجده يتحدث عن الرحيل وهنا يشبه انقطاع استماع بطل النص الى تلك الاغنية الهامسة بفراشة ربيع رحلت. ومن خلال حديثه عن رحيل الفراشة وانه لم يعد يتذكر كما جاء في عتبة النص نعرف انه يتحدث عن رحيل ام الشخصية الرئيسية في النص. وفي نفس الوقت يخيل للمتلقي ان القاص يصف احداث كابوس لا بد انه شاهده في منامه. خاصة انه يتحدث عن الاستيقاظ ولكن يبدو ان ذلك الاسيقاظ هو جزء من الحلم الكابوس لان المشهد الذي يصفه القاص ويقول انه استيقظ عليه لا يوجد الا في الأحلام فكيف يكون الصباح ازرق والسماء زجاجية وعملاق النسمات يقف الى جانبه دون ان يكون ذلك جزء من حلم او كابوس مخيف؟! وما هذه الطريق المخيفة التي يسلكها بطل النص مع ذلك العملاق والذي تقف على جانبه هيالم ومخلوقات تارسير ؟ وأين نجد جبال مقلوبه سوى في الحلم او عالم على شاكلة عالم الس في بلاد العجائب؟ وما هذه النافذة العجيبة التي كانت تقبع على قضبان السكة, فيفتحها العملاق.. لتطل على سماء؟
ومن تلك النافذه سمع بطل النص تهويدة امه من جديد تلك التي كانت قد رحلت مثل فراشة . ويصف حاله في ذلك الموقف بقوله " شعرت ببرودة تهب منها.. وسمعت تهويدة أمي تنبعث هامسة, بصوتها الهادىء, مشبعة برائحة أعشاب ندية, وحينها استيقظت ولم أعد أتذكر.. لم أعد أتذكر.. صدقا لم أعد أتذكر.."

وهذه كناية عن ان بطل النص يعتقد بان امه في السماء وربما في الجنة من خلال حديثه عن رائحة العشب الندية .
اذا لا شك ان الاستاذ مبارك ابدع في هذا النص بعبقرية نادرة ليست غريبه عليه فهو عودنا في كل قصصه ان يرسم لوحات سحرية لا توجد الا في خيال جامح. وقد احسن باختيار العنوان. وشدنا بقوة الى النص حينما تحدث في عتبته انه لم يعد يتذكر. ثم تحدث عن الرحيل بصورة رمزية غامضة فلم نعرف ان كان يقصد الرحيل الفعلي وانه اختار بطل النص ليكون طفلا يتيما ام انه يتحدث عن كابوس ....

يتبع