الموضوع: بترا...
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
18

المشاهدات
6142
 
ريما ريماوي
من آل منابر ثقافية

ريما ريماوي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
801

+التقييم
0.17

تاريخ التسجيل
Sep 2011

الاقامة
الأردن.

رقم العضوية
10476
08-21-2015, 09:03 PM
المشاركة 1
08-21-2015, 09:03 PM
المشاركة 1
افتراضي بترا...
بترا... (قصة قصيرة)


غذذت السير في السيق وهو شق صخريّ طويل غير معبّد، تحفّه من الجانبين صخور ورديّة ويؤدي إلى مدينة البتراء الوردية
المنحوتة بالصخر، أزعجني الغبار المثار من سنابك الخيل، وعجيج عجلات عربات السيّاح أثناء عبورها قربي.

توقّف قربي حصان يمتطيه فارس فوجئت به "أحمد" ابن البتراء رفيقي أيّام الجامعة، والّذي لم أره منذ فترة طويلة
بعد تخرّجه، وكنّا قد انفصلنا إثر خلاف نشب بيننا نتيجة سوء تفاهم، وقبل أن نجد الفرصة للبوح بحقيقة مشاعرنا تجاه بعضنا
بعضا، كان وسيما كما عهدته.

صامتا لوّح بيده أن تعالي، دون تفكير توجّهت نحوه ومددت له يدي، فرفعني بسهولة وأردفني خلفه، طوّقتُ خصره والتحم جسدانا،
حرارة جسده تكاد تشعل لهيب جسدي المثلّج دهورا. ضاع الإحساس بالوقت، والحصان يسير خببا في السيق إلى أن انتهى بغتة،
على سّاحة شمسّيّة مبهرة، في واجهتها تقوم خزنة فرعون المنحوتة في الصخر، ضخمة ومدهشة، أهمّ معالم مدينة البتراء الأثريّة.

ترجّلنا في السّاحة، خاطبني أحمد بلهجة آمرة مشيرا إلى الجبال المحيطة: تعالي، وشرع في الصعود، قلت معترضة:
- لكنّني أعاني من رهاب المرتفعات.
- لا تخافي، سأساعدك، مادّا لي يده.


اختار جبلا عاليا لتسلّقه، عند القمّة اختلّ توازني، لكنّه برشاقة أمسك يدي، ثمّ فوجئت به يعود وينفض يده يريد التملّص
منها، حاولت يائسة التشبّث متوسّلة إليه ألّا يفلتني، ردّ ببرود:
- هاهم أولاء زوجتي وأولادي قادمين ولا أرغب أن أفسّر لهم عنك، هم أحبّائي الآن أمّا انت فلقد نسيتك من زمان.

بدأ وجهه بالتغضّن وتغيّرت ملامحه لتغزوه التجاعيد، بدا لي في صورته الحقيقيّة متأثّرا بعامل الزمن. وتمكّن من
تخليص يده من يدي المتعرّقة فسقطتُ في هوّة سحيقة بلا قرار.


فتحت عينيّ فوجدت نفسي على سرير المستشفى، اقترب منّي وجه حبيب، بدأ يجفّف عرقي المتصبّب ويحسب لي
أنفاسي، قبّلني على جبيني قبلة أودعها حنانه وخاطبني بلطف:
- حمدا لله على سلامتك. أصابتك غيبوبة سكّر أفزعتنا وخشينا ألّا تستيقظي بعدها نهائيّا. لا تستسلمي وقاومي،
أنا والأولاد نحتاجك.


أنين ناي
يبث الحنين لأصله
غصن مورّق صغير.