عرض مشاركة واحدة
قديم 08-30-2017, 03:59 PM
المشاركة 6
زهرة الروسان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
حريق
عاد جود من عمله ليجد الطعام محضرا، جلس الى المائدة ليتناول الطعام مع أسرته فقد افتقد الجلوس بينهم منذ أشهر بسبب انشغاله الشديد...اجتمعت العائلة وبدأوا بتناول الطعام وتبادل أطراف الحديث:
-شهد: جود ماذا حدث معك في قضية لسيدة التي قتلت نفسها؟
-جود: ساعدتني القصة التي قصصتها في حل القضية... فقد كان ظني في محله؛ اصطنع الرجل الانفعال لأنه هو من قتل زوجته... أو جعلها تقتل نفسها إذا صح التعبير.
-فداء: هل هذه القضية التي أرقتك... كيف جعلها تقتل نفسها؟
-جود: حين بحثت حول حياة الأسرة، وجدت أنهم فقدوا الشعور بالسعادة بعد رحيل طفلهم... مما أثار فضولي حول أسباب وفاته. علمت أنه مرض مرضا قضى عليه، فراجعت الطبيب الذي عالجه... الذي أخبرني أنه أصيب بفيروس سبب له حمى شديدة لم يحتملها جسده الصغير... الفيروس أصابه بسبب تناوله لطعام حضرته أمه دون أن تتأكد من نظافة الأوعية التي استعملتها.
-الخالة: مسكينة؛ مؤكد أنها لم تسامح نفسها.
-جود: تماما... ولا حتى زوجها. بعد وفاة الطفل اصيبت الزوجة بحالة أشبه بالوسواس القهري للنظافة، فصارت تنظف الوعاء عشرات المرات قبل استعماله... لا تسمح لزوجها بالدخول للمنزل بحذائه... تعقم الارضيات مرارا و تكرارا... لا تدع أي بكتيريا تدخل منزلها. وهاذا ما استغله الزوج... فحقده عليها وغضبه من اهمالها السابق ولد في اعماقه رغبة للانتقام... فقد ذاقا مرارة الانتظار حتى رزقا بطفلهما و في مخيلته شعر انها لا تهتم... في ذاك اليوم عاد الى المنزل وقت الغداء ودخل المنزل وهو ينتعل حذائه...غضبت زوجته وتركت الأطباق دون أن تسكب فيها طعاما وراحت تنظف الارض من اثر حذاء الزوج الذي استغل فرصة خروجها من المطبخ و لوث الملح بالسم وأضاف كمية من الماء الى الوعاء الرئيسي لينخفض فيه طعم الملح... تناول طبقه معها بعد أن عادت وراقبها حتى وضعت ملحا في طعامها و انهته حتى آخره... هو لم يدرك أن اهتمامها بالنظافة كان أثر فقد الطفل.
-الخالة : يا ألله... كيف للحقد أن يعمي القلوب عن الحقيقة.
-فداء: أمي سأغسل الأطباق هلا ناولتني وعائك.
-جود: لقد حللنا اليوم قضية... تكشفت بسبب غفلة المجرم.
-شهد: حدثني؛ أحتاج لأحداث جديدة لقصتي.
-الخالة: ستصابين بجنون الإثارة إن لم تكفي عن الاستماع لقصص أخيك.
-شهد: لا بأس، تحدث هيا.
-جود: هوني عليك...هل سمعت عن الحريق الذي حدث صباح اليوم؟
-شهد: قرأت عنه في مواقع التواصل لكني لم أنظر التفاصيل... هل كان هذا سبب استدعائهم لك في العمل اليوم؟
-جود: أجل... لقد قام رجل بإحراق المنزل أثناء وجود طفليه في الداخل.
-الأم: يا الله. جود أرجوك لا ينقصنا ألم... لا تحدثنا عن قصص حزينة كهذه.
-شهد: على العكس، حين تشعرين بالألم من قصص كهذه؛ تشعرين بعمق الحب لأبنائك أكثر وتقل احتمالية تسببك أنت بالأذى لهم.
-الأم: سأذهب الى غرفتي... أتمنى أن يتعمق حبك لأبنائك حين يرزقك الله بهم.
-جود: شهد، لا تضغطي على مشاعر والدتي لهذا الحد... هي لم تنسى طفلها الراحل بعد.
-شهد: كما تريد. لكن حياتي لا شيء بلا اشعال النيران في زوايا منزلنا ليزداد دفئا، فالصيف ليس كل يوم، وبرد الشتاء لا يحتمل... جود لا تنسى نحن في الشتاء.
-اصبحت مخيفة يا شهد... المهم، دعك من كل هذا ولنتابع القصة. حين هرعنا لإنقاذ الأطفال ساعدنا بعض الرجال من الحي و الأحياء المجاورة وصلت الأم مندفعة لتطمئن على صغارها وهي تولول وتلوم نفسها على تركهم... وعند الاستجواب قالت أنها تركت زوجها معم وخرجت الى السوق.
-وماذا عن الزوج؟ وما سبب الحريق؟
-سبب الحريق هو سقوط شعلة من بخور على سجادة الغرفة التي كان يلعب بها الصغار تلك السجادة كان الوالد قد سكب بعض الوقود عليها في صباح ذلك اليوم وهو يملأ عبوة الاحتياط... أكدت الزوجة أنها أبعدت البخور عن أيدي الأطفال قبل خروجها.
-وماذا عن الزوج؟
-هذا هو المثير... حين وصل الزوج الى المنزل، انهار باكيا ولم يستجب لأي سؤال، وفجأة انهال أحد الرجال الذين ساعدونا في الانقاذ عليه بالضرب حتى فقد وعيه دون أن نتمكن من التفرقة بينهما... عندها قبضنا على الرجل وحققنا معه... حين حدثنا بما لديه وعن سبب فعلته، تمنيت لو أني أفعل ما فعل.
-لهذا الحد! ماذا قال؟
-لقد شاهد الحريق من شرفة منزله ونزل ليساعد... عندها لاحظ رجلا يراقب الحريق من سطح أحد البنايات، ظنه أحد ساكنيها ولا يريد التدخل. لكنه صدم حين دخل ذلك الرجل المنزل المحترق وكان هو رب هذا المنزل.
-كيف له أن يفعل ذلك بأسرته!
-حين استفاق رب المنزل، اعترف بفعلته وقد بدا عليه اليأس... لقد أخبره طبيبه أنه مصاب بالعقم؛ فظن أنه قد خدع وأن الأطفال ليسوا من صلبه فقرر الانتقام من زوجته و قتل الأطفال... لكن وبعد أن أشعل الحريق و جلس يشاهد الحريق... ظن نفسه سيشعر بنشوة الانتصار، لكنه شعر بحرق القلب على الأطفال الذي رباهم. بعد الحادث تحدثت الى طبيبه للتأكد من السبب، لقد كان محقا لكن ليس تماما؛ فقد غفل الطبيب عن إخباره بسبب العقم ظنا منه أنه يعلم... فقد تعرض لحادث منذ شهور وكان هذا هو السبب... حين علم بذلك فقد وعيه وبقي على حاله لساعات... لحسن الحظ نجا الأطفال بحروق طفيفة. جاءت الزوجة ومعها الأطفال إليه بعد أن استفاق، وطلبوا من الشرطة تخفيف التهم عله يخرج منها بلا ضرر كما خرجوا جميعا بلا ضرر.
-ثم ماذا حدث؟
-سيحاكم لكن لا أعرف ما سيحل به... الأهم أنه راح يرجو زوجته لتسامحه لأنه أساء الظن بها... وهي سامحته.