الموضوع: ذاكرة الفؤاد
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
8

المشاهدات
4720
 
محمود عباس مسعود
أديب وباحـث ومترجــم

محمود عباس مسعود is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
59

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Sep 2011

الاقامة

رقم العضوية
10426
09-22-2011, 02:35 PM
المشاركة 1
09-22-2011, 02:35 PM
المشاركة 1
افتراضي ذاكرة الفؤاد
ذاكرة الفؤاد

لا أدري لماذا اخترت اليوم هذا العنوان مع أنني لم أفكر بما سأكتبه..

إذ غالباً ما أنتقي العنوان بعد الإنتهاء من كتابة الموضوع.

ربما الرغبة في الاسترواح من التنقل الحثيث عبر التضاريس والأخاديد

والتحول السريع والمتلاحق بين محطات ونقاط متباينة المسافات والأبعاد.

وبين هذا وذاك تحنّ النفس وتشتاق للابتعاد قليلا ولو بالفكر

عن واقع دائم الحضور.. دائم الملازمة للفكر والحواس.

ذاكرة الفؤاد.. وما عسى أن تكون هذه الذاكرة؟

وكيف تختلف عن الذاكرة التي تختزن الصور والأحداث على مر السنين والأيام؟

ذاكرة الفؤاد لا تعرف النسيان..

هي دائمة اليقظة وجناحاها دائما التحليق في سماء الحنين الصامت

حيث عطور المحبة دائمة التضوع وشعلة الأشواق الزرقاء أبدية الاتقاد.

ذاكرة الفؤاد صامتة لكنها تتحدث من ثغور الورد..

مبتهجة لكنها تبدو منعكسة في الشفق البعيد الحزين.

تستذكر لحظة الرحيل.. وتهمس أنشودة الوداع

وتلوح بمناديل الشوق البيضاء إشارة إلى الذكرى الأبدية

التي تعصى على النسيان.

ذاكرة الفؤاد تقتات بأقباس من نور حي..

منبثقة من وراء حدود الكون..

من أثير الحب النقي.

هي أقوى من تراكمات الزمن

وأكثر ثباتاً من أحداث الحياة المتلاحقة

تلك الأحداث التي مهما تكاثفت وتألبت

لا تقوى على حجب رؤيتها أو تغبير صفحة مرآتها الدائمة الصفاء.

ذاكرة الفؤاد ذات الأفق اللامتناهي

المطرز بحروف فضية وذهبية تروي حكايات الماضي

بصمت أبلغ من النطق وهمس رخيم أرق من النسيم

وأعذب وقعاً من ترانيم الروح في الأودية الصامتة.

ذاكرة الفؤاد دائمة النبض..

دائمة التلذذ باستعادة أطياف الأحبة المتماوجة في سماء الروح..

أجواؤها هادئة، حيث لا عواصف تثور ولا رياح تهب

سوى نسائم الشوق التي تعزي القلب وتريحه من أعباء الهموم.

هناك في أرجاء تلك الذاكرة القدسية

تشرق شموس

وتغرد طيور

وتتهادى عطور

وتتلامح أطياف

وتبزغ معانٍ.

هناك تبصر النفس لهباً شفافاً

يطلق شرارات مضيئة مع أفراح صامتة

تشوبها مشحات من حزن رقيق تستعذبه النفس

لاحتوائه على جرعة من عزاء فيه راحة من عناء.

هناك وسط غابات الصمت العميق

تزحف طوابير الذكرى

وتمر قوافل الأحداث في رحلة طويلة

نحو الامتداد اللانهائي.

ذاكرة الفؤاد قوة مشبعة بإكسير الحياة..

تفرد جناحيها فوق الأصقاع البعيدة..

تتحدث بلسان الروح وتطل منافذها على أنوار الأبدية.

ذاكرة الفؤاد نبضة حية من قلب الله

ثقافتها رحمة

ركيزتها محبة

تراثها تسامح

غايتها خطوة في الاتجاه الصحيح.

مروجها مزدهرة بانطباعات حية..

ووردها يفوح منها أبداً شذا الإخلاص..

وعلى أغصانها ترقص وتشدو طيور الوفاء

وتبني أعشاشها.

وفي أفقها تتوارد الخواطر الخفية المرئية

منبثقة من صميم القلب.. وعائدة إليه..

تلك هي ذاكرة الفؤاد.

محمود عباس مسعود
(من وحي المهجر)


غاية الحياة معرفة الذات
http://www.swaidayoga.com/

الحوار الذي أجراه معي الشاعر الجزائري الأستاذ ياسين عرعار على الرابط التالي

http://www.saddana.com/forum/showthread.php?t=10887