عرض مشاركة واحدة
قديم 09-07-2013, 09:16 AM
المشاركة 40
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
و يقول الحلاج أيضاً مخاطباً ربه فيما يسميه المتصوفة الحب الإلهي:
آأنت أم أنا هذا في إلهين؟=حاشاي حاشاي مِن إثبـات أثـنَـيْـن ِ
هــويةٌ لـك في لايئتي ابَــداً =كـلّي على الكلّ تلبيسٌ بـِوَجْـهـَيْـن ِ
فـَأَيْنَ ذاتك عنّي حيث كنت أرى = فـقد تـفرد ذاتـي حيت لا أيــني
.

قلت: والحلاج هو أول من صرَّح بسر الصوفية و هم يقولون أنه استحق القتل لا لكفره بل لخيانته
،ففي الأبيات أعلاه نجد أن الحلاج شرح وحدة الوجود (اخلق عين الحق) أي ان الله هو هذا الكون و الكون خيال
فهو ينفي عن نفسه أن يقول بالاثنينية أي ان هناك خالق و مخلوق فهو يقول هل أنت يا رب إله و أنا كذلك إله(آأنت أم أنا هذا في إلهين؟)
ثم يتبرأ من هذا القول الذي يوحي بفصل الله عن خلقه( حاشاي حاشاي مِن إثبـات أثـنَـيْـن ِ)
فحقيقة الله توجد حيث أفنى أنا ذاته و ذاتي حيث لا أشعر بأين ذاتي لبقائي فيه تعالى الله عن هذا الكفر المحض الشنيع.
و قد جاء به في صورة أكثر تصريحاً في قوله:


أنا من أهوى ومن أهوى أنا

نحن روحان حللنا بدنا


فإذا أبصرتني أبصرته

وإذا أبصرته أبصرتنا


أي أنا الحبيب(الله) و الحبيب أنا فنحن روحان مزجتا حتى صارتا شيئاً واحد
اً
فما تراه مني فهو هو في تجليه و إذا أبصرت الله فذاك أنا.
ثم صار على هذا المنوال من جاء بعده كابن عربي في قوله:
و أحمده و يحمدني= و أعبده وز يعبدني

فهل انقرضت هذه الزندقة؟

لا، فهذا شاعر صوفي جريء فلسفي و جودي كما يسمي نفسه ،يقول: ( أنا الأحدُ)
ثم يؤكد هذه الحقيقة الصوفية: (أنا في كلِّ شيء كلِّ شيء)
و من طوامه في مسألة الفناء:
فَـفَـتَحْتُ عَـيْـنِيَ لِـلْـوُجودِ فَـلَـمْ أَجِـدْ
بَـيْـني وبـيـنَ الـحُـسْنِ بـابـاً مـوصَـدا

.


وَتَـرَكْـتُ قَـلْـبِيَ كَـيْ يَـشِفَّ فـأرْتَقي

مِــنّــي إلَــيْــهِ مُــجَــرّداً .. مُـتَـجَـرِّدا

.


حَــتّــى تَـخَـلّـلَني هَـــواهُ .. كـأنَّـمـا

مِـنْ كُـثْرِ ما اسْتَغْرَقْتُ فيهِ .. تَجَسَّدا


فالشاعر يقول لم يعد بينه و بين الله حجاب فالجمال و الحسن من إشارات الصوفية لله

فتداخل الخلق و الحق كما تدخل نسائم الهواء جوف الإنسان فتأخذ شكل المدخول و تتجسم بجسم الظرف الحاوي،
هكذا يتحدث الصوفي الجديد بلسان لا يبعد كثيرا عن لسان سلفه القديم.
وفي قادم الأيام سنتحدث عن الشعر الصوفي في مباحث منفصلة إن شاء الله تعالى.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا